روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس 5 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس 5 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الخامس

رواية غمرة عشقك البارت الخامس

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الخامسة

خرجت زينب من الغرفة وهي تعدل الوشاح فوق رأسها قائلة بعجلة…
“انا نزله اشتري شوية حاجات من السوق ياسمر.. عايزة حآجه اجبهالك وانا جايه……”
ردت سمر عليها وهي تهم بتنضيف البيت….
“آآه هاتيلي مشبك……. نفسي فيه اوي يازوزو….”
هتفت زينب على الفور بحنان….
“عينيا ياضنايا اجبلك…… وجيب للواد احمد هريسة بسوداني عشان بيحبها…….”
توسعت ابتسامة سمر وهي تشاكسها بشقاوة….
“ماشي دلعينا كده يازوزه…. وانا هظبطلك البيت ودخل اغسلك هرم المواعين اللي جوا….”
قالت والدتها برجاء….
“ااه ونبي ياسمر و ينوبك صواب كمان لو نشرتي الغسيل لحسان يكمكم…”
ابتسمت لامها وهي تقول بتفهم…
“حاضر بس متغبيش…. الطبيخ عليكي…..”
اومات لها والدتها بالموافقة وهي تفتح باب
الشقة للخروج…..
“ماشي…… مش هتاخر…..”
بعد خروج امها فتحت النوافذ والشُرفة حتى يتسلل ضوء الشمس والهواء للشقة……
نظرت سمر لشقه التي تحتاج لمجهود جبار حتى تعود نظيفة لامعة مريحة للبصر….. فهي لا تفضل المكوث في مكان غير مرتب تعشق النظافة
والامكان المرتبة……
اول شيء فعلته هو ثني وشاح ولفه حول شعرها بطريقة شعبية اصيلة ، تدلى نصف شعرها المموج الطويل من الخلف والنصف الاول اختفى تحت الوشاح الأخضر….. كانت ترتدي فستان اخضر مطبع عليه ورود صغيرة حمراء يصل لبعض الركبة …. وبرغم من بساطة شكله ألا ان جسدها الانثوي الملتف كجمال عرضات الازياء الفاتنات اعطى
له قيمة
وكأنه افضل صيحات الموضة !….
بدات بتنضيف المنزل بهمه ونشاط وكانها تخرج كل الطاقات السلبيه بداخلها في هذا العمل الشاق…
ازالت الاتربة من هنا..امسكت المكنسة وبدأت بتحريكها في الشقه باكملها ثم كومة الغبار ولمت اياه……مسحت الأرضية لتصبح لامعه…ازالت الغبار من على الاثاث البسيط…..فرشت الشقة
ورتبت الغرف……..وغسلت الاواني….و
بعد ان غسلت وجهها الاحمر بعد حرب ضارية مع الغبار انتهى البيت واصبح بحالة جيدة…منظره
الآن يشرح القلب ويهون تعب ظهرها…..
مسكت اعواد البخور ذات رائحة المسك وبدأت بتوزيعه على الغرف والصالون لتفوح تلك الرائحة الطيبة الدافئة التي تعشقها عشقاً ، مهم داعب انفها افضل واغلى العطور سيظل البخور وعطورة الجميلة الأفضل بنسبه لها منذ الصغر……
تنهدت بابتسامة راحه وهي تشعر ان بقى شيءٍ واحد فقط وتنتهي من تلك الاعمال الشقه…. الغسيل الذي
لا ينتهي….. قد غلب الاواني في تلك النقطة…….
تنهدت وهي تدخل للشرفة البسيطة وبين يداها سلة الغسيل وضعتها وهي تزفر بتعب لثقل حجمها….
وضعت يداها عند ظهرها من الأسفل وارجعت جسدها للخلف وهي تتاوه للحظه بتعب….
تنحنح صوت رجولي خشن حاد كي تنتبه….. رفعت عينيها على نافذة ابراهيم الذي يقف في نافذة ينفث سجارته كالعادة بها…… عقدت حاجبيها وهي تراه يشير له باصابعه بغطرسة وتحكم ان تعدل وقفتها المعوجه تلك……..
عدلت وقفتها على مضض وهي تتجاهله لتنشر الغسيل…..
ابتسم إبراهيم باعجاب يلمع في عينيه وهو
يراقبها تنشر بهدوء و وجه صلب يحكي عن
شراسة انثى أصبح يعشقها اكثر من
صاحبتها…..

 

 

 

 

راقبها بكثف وهو يخرج دخان سجارته ليقول بمداعبة بعد مدة من التطلع عليها…..
“افرد وشك ياشبح…. احنا لسه على الصبح….”
لم ترد عليه وكبحت ابتسامتها الخائنة بصعوبة….. للعلم هو الوحيد القادر على اخرج اجمل واصدق ابتسامه لديها……. لم تعرف وجودها إلا بعد
رؤيته…..
حاول إبراهيم استفزازها حتى ترد عليه….
“بس اي الجنينة اللي انتَ لبسها دي…….. ياخضر عبرنا…….”
عبس وجهها ولم ترد عليه هل يسخر من الثوب انه المفضل لديها منذ سن المراهقة……
برمت شفتيها وهي تغمغم بحنق…..
“طب والله مانا رده….”
سمعت صوت ابراهيم يقصف بجدية شديدة
“اي اللي ماشي على شعرك ده ياسمر…..”
رفعت راسها إليه واتسعت عينيها وهي تضع يدها على راسها وتحسسها بفزع..
“فين يابراهيم…..”
توسعت ابتسامته الماكرة وهو يقول بفخر….
“أخيراً سمعنا صوت الشبح…..”
فغرت شفتيها وهي تسأله بغضب…
“انتَ بتشتغلني يابراهيم…..”
غمز لها بكلماته المداعبة الجميلة….
“انا اقدر برضو….. احنا بنلفته الانتباه مش اكتر….”
نظرت سمر في الشرف المجاورة والمغلقة كذلك…
“احنا في البلكونه……”
“آآه واخد بالي…..”
اجابها ببرود فهو لم يعجبه تحذيرها إليه……
فهو اخبرها بكل صراحة منذ ايام قليلة انها تخصه…..والخطوة القادمة بعد تلك الجملة هي الجواز….فلما كل هذا الخوف الجالي عليها….
أسبلت عينيها واكملت ما تفعله وهي تساله
بهدوء وعيناها على الغسيل الذي بين يداها….
“روحت الشغل……”
بعد ان اختفت الإبتسامة على محياه عادت مرة اخرى بصورة أعمق وهو يرى اول سؤال مهتم
منها…… سيتذكر تلك اللحظه مهما عاش
معها…..وحتى ان لم تكن نصيبه…. سيظل ممتن
لهذا الغسيل المبلل فهو جلب له كل شيءٍ جميل
رؤيتها……… وسؤالها المهتم !…..
“أجازه النهاردة….. تعبان شوية….”
رفعت سمر عينيها وقالت بلهفة
“سلمتك…..فيك إيه ”
لم تغيب ابتسامته وهو يراقب تلك اللهفة الحنونة في عينيها السوداء الجذابة وصوتها الناعم الانثوي……رد عليها بنبرة هادئة مطمئنه…
“ضهري وجعني شويه……”
اسبلت جفنيها… ولو عليها لفعلت له مساج بزيت الدافئ كان سيريح ظهره ويسحب من العظام الرطوبة كما علمتها جدتها في الماضي…..لكن الأمر غير مسموح ربما لو اصبحت زوجته لفعلتها من قبل ان يطلب حتى!…. فالمسكين يعمل كالآلة لا يستريح الا قليلاً…ودوما خارج المنزل بسبب عمله…..وقيادته كذلك لشاحنة كبيرة لساعات طويلة أيضاً أمرا مرهق
لعقله وجسده كذلك ….
ردت بعدها باقتراح حاني….
“انا عندي مرهم كويس اوي لوجع العضم…استنى هجبهولك….كنت بحط منه من فترة….”
لم يهتم الا باخر جمله وهو يسألها باهتمام وقد اوقفها عن الإبتعاد..
“ليه بتحطي منه……أيه اللي وجعك….”
ابتسمت سمر ببساطة واجابته…
“يعني رجلي بتشد عليه شويه من كتر الوقفه في شغل…….”
قال لها بسطوة خشنة….
“بكره هتقعدي منه خالص…..”
اهتزت ملامحها بتردد وهي تنظر له وكانها تكتشف ما خلف الجمله… مع العلم انها علي يقين بسببها الأساسي الم يقل لها انها اصبحت تخصه !… انتهت الدهشة بعد ان صك ملكيته بكلمة صريحة تعني لها وله الكثير……
اختفت سمر لتجلب له الدهان الطبي….. احضرته
بعد لحظتين وقالت بهدوء….
“خد يابراهيم…..”
“استني ياسمر…. قوليلي اسمه وخلاص….”
لم تهتم بكلامه وقد القت إياه بقوة عليه امسكه
في لحظه قبل ان يقع في الأسفل…..
“انتي مجنونة مش لسه بتكلم أنا…….”
ردت ببساطة…..
“خلاص بقه….. ادهن منه ورجعه…..”
أومأ لها ببساطة وهو يلقي إياه خلفه على الفراش….
بعد مدة من النظرات المتبدله والكلمات البسيطة
قد انهت سمر سلة الغسيل ولم يتبقى منها الا القليل
ومن الغباء مسكت قطعه عشوائيه من الملابس وكانت على وشك…..
سالها ابراهيم بتسلية بعد ان لمح قطعة الملابس…
“بتاعك دا ياشبح…..”
نظرت للقطعه بفتور لتتسع عينيها بدهشة وهي تخفي قطعة الملابس الداخيلة خلف ظهرها
وصاحت من تحت اسنانها بصوتٍ خافض
ووجنتين مشتعلتان …..
“اتلم وبص قدامك…وبعدين انت مركز معايا ليه…..”
ازدادت بسمة التسلية على محياه وقال….
“بقلنا ساعه بنتكلم وجيتي في الحته المهمه وعيزاني ابص قدامي……”
لفظت اسمه وهي تتكأ على شفتها السفلى…
“إبراهيم…..”
نظر لها بعينيه العميقتين ولم تفارقه الابتسامة الجذابة التي باتت محببة لعينيها منذ فترة ثم
قال بلطف….
“خلاص بس ادخلي انشري جوا….حاجاتك
دي ممنوع تتنشر في البلكونه…..”
صاحت بوجنتين تتورد احمرار صارخ….
“يالهووووي عليك…… انا دخله…..” حملت سلة الغسيل ودخلت بسرعة وقلبها يعصف بشدة…
الموقف بشع…. الموقف محرج….. لماذ تنتهي تلك الوقفة الصباحية الجميلة باحراجها بهذا الشكل
كيف ستقابله في الأمس في منزله……
زفرت بقوة وهي تقول بحنق من نفسها….
“اوف عليا…… كان لازم يعني اسرح وانا بتنيل
أنشر….”
……………………………………………………………
في اليوم الثاني وقفت امام باب شقة (راضي)
قبل ان تطرق الباب بدات بهندمة ملابسها
كانت ترتدي بنطال جينز سماوي اللون يعتليه
كنزة صيفية بنصف كم ، تنقسم لنصفين
السماوي والابيض….كان شعرها المموج
الطويل مرفوع على شكل ذيل فرس بشريط
طويل من اللون الأبيض تتأرجح اطراف الشريط
مع شعرها الاسود……وجهها كامل الجمال…وزينة
عينيها السوداوين بكحل زاد سحرهم وابراز كثافة وطول اهداب عينيها……اما شفتيها الامعه باللون الوردي كانتى شبيهةِ بثمرتين من الفاكهة الناضجة !….
اخذت نفساً عميقٍ وبتردد واضح داخلها وبارز عكسه بثقة وجمود على ملامحها الجميلة الـ…..شرسة…
فتح الباب بعد ان اطرقت عليه….فتحت لها شابة جميلة قصيرة القامة بها بعض الملامح من والدت ابراهيم حتى الابتسامة تشبهها كثيراً….
تنحنحت سمر وهي تقول بحرج….
“ام ابراهيم موجوده……”
اومات لها الشابة ولم تغيب الابتسامة عنها وهي تسالها بلطف….
“انتي سمر مش كده…..”
اومات سمر براسها بدون ان ترد…..هتفت الشابة بحماس مبالغ فيه وبدات الثرثرة وهي تعانقها..
“أخيراً جيتي دا انا وماما مبطلناش كلام عنك…بقولك إيه…انا عيزاكي تقريلي الفنجان
و رباب كمان……ولا اقولك تفردي شعرنا الاول…ماما بتقول انك كوافيره شاطره….هو صحيح انتي عندك كام سنة…… وشغال فين…..وسكنتي في شارعنا امتى…..اصل انا اول مرة أشوفك.. ”
ضحكت سمر وهي تهز رأسها بحيرة وغرابة من امر نساء هذا البيت ثرثرة واسئلة فضولية تاتي دفعه واحده…..جينات الأم ورثتها الابنة ترى الاخت
الثانية نفس الطبع……
قالت سمر بحيرة للشابة…
“هو المفروض ارد على انهُ سؤال فيهم….”
اعتذرت الشابة وعرفتها بنفسها بهدوء وتبرير لحماسها الزائد…..
“معلش خدتك كده على غفله…..بس كنت متحمسة اشوفك…..انا رحمة اخت ابراهيم هي ماما محكتلكيش عني……. ام ابراهيم الصغير….”
عانقتها سمر بلطف وهي تبارك لها…
“لا مامتك حكتلي عنك…الف مبروك يتربى في حضنك وفي خير باباه…..”

 

 

 

 

نظرة لها رحمة نظره شاملة وقالت باعجاب….
“الله يبارك فيكي… عقبال فرحك…..بس حقيقي انتي طلعتي احلى بكتير من وصف ماما……”
ردت سمر عليها بابتسامة مجاملة…
“انتي بس اللي عينك حلوة……ومبسوطه اني اتعرفت عليكي…..”
“بتكلمي مين على الباب كل ده يارحمة….”
صاحت رحمة لامها وهي تغلق الباب بعد دخول سمر…
“دي سمر ياماما…..”ثم قالت لسمر بهدوء….
“ادخلي ياسمر……..اتفضلي…..”
دخلت سمر الصالون فوجدت والدت إبراهيم (نوال)
جالسه على الارض تقوم هي وسيده اخرى بتعبئة
(السبوع) في اكياس صغيرة مزينة….
هتفت نوال بمودة….
“سمر تعالي ياحبيبتي عامله إيه……”
سلمت عليها سمر بنفس المودة ولمحت بطرف عينيها نظرة السيدة الأخرى الغير مريحة..وكان هناك شيء
سيئا فعلته لها ……
اشارت نوال الى السيدة ببشاشة وجه…
“دي ام حبيبة سلفتي…..”
“اهلا وسهلا…..”مدت سمر يدها للسيدة ببساطه فبادلتها الأخرى السلام على مضض……
خرجت من المطبخ حبيبة وهي تصيح….
“انا حطيت صواني الفراخ في الفرن يامرات عمي…”
ابتسمت لها نوال باعجاب وامتنان….
“تسلم ايدك ياحبيبة….شوفي انا بقالي اد ايه بطبخ بس معرفش اعمل الفراخ بطعامه والحلاوة دي… نفس حبيبة في الاكل حلو اوي ياصفاء…..” نظرت
لوالدت حبيبة التي بادلتها الاعجاب وهي تقول
بتباهي مقصود امام سمر ….
“امال يام ابراهيم……. هتطلع عويله لمين…… اذا كان امها ولا مرات عمها ولا بنات عمها الاكل بيطلع من ايديهم ولا اجدعها شيف……”
اومات لها نوال بطيبة…
“نضافة وجمال وتعليم…. وست بيت شاطره…. ربنا يهديك يابراهيم يابني…..” صاحت باخر جملة بحنق من ابنها وعناده…
عبس وجه حبيبة بانزعاج ونظرت نحو سمر التي كانت تتابعها بصمت وكانها تدرس كل انشأ بجسدها النحيف……
لاحظت نوال نظرات سمر فقالت بنبرة عادية….
“دي حبيبة ياسمر اللي حكتلك عنها…… بقولك ياسمر عيزاكي تظبطيها مع البنات عايزاها تطلع قمر اربعتاشر النهاردة…….. يمكن يغير رأيه……”
انعقد حاجب حبيبة وسمر كذلك وظلت النظرات بينهم متبدله برفض التام…. لكن لكلاً منهن وجهة نظر تختلف عن الأخرى……
اومات سمر بنبرة عادية….
“حاضر….. مين هتبدأ فيهم…..”
صاحت نوال باعتراض…
“جرالك اي ياسمر لسه بدريه… انتي مستعجله ولا إيه مش قولتلك هتحضري معانا السبوع…. صحيح امك مجتش ليه…..”
قالت سمر باعتذار طفيف….
“هتيجي على بليل ان شاء الله… ومعلشي انا عندي مشوار كمان ساعة ومش هقدر احضر السبوع… على العموم الف مبروك يتربى في عزكم يارحمة اتفضلي…… ” مدت يدها المحملة بعلبة هدايا مغلفة باناقة الى رحمة….. اخذتها رحمة منها وهي
تقول بلطف…
“شكراً ياسمر….. بس لي تعبه نفسك….”
بادلتها سمر الإبتسامة وقالت ببساطة…
“لا تعب ولا حاجة…. دي حاجة بسيطه للنونه
يارب تعجبه…” ضحكت بخفه فبادلتها
الاخرى الضحكة قائلة….
“لا متقلقيش ابراهيم قنوع زي خاله…..”
تنحنحت سمر بهدوء وهي ترى نظرات والدت حبيبة تزيد خطورة…… وللأسف علمت سببها بكل تأكيد.. السيدة تظن انها دخلت لهنا فقط لخطف زوج ابنتها المستقبلي….
هل حقاً سرقته من ابنة عمه ؟….
عقدت حاجبيها وهي تفكر ملياً في الامر… لماذا لا تنسحب فهي على البر معه لم يحدث اي ارتباط رسمي…… وهل تقدر وهو ينمي مشاعرها
بكلامه المفعم بالامتلاك لذيذ…..ونظراته الحنونه
ومزاحه الظريف……انها قد احبت هذا الوضع
المستجد عليها…… أحبت البطولة لكن حتى
البطولة بثمن !….
مسكت هاتفها واخبرت نوال بحرج مصطنع….
“ثواني هرد على التلفون ده……”
اشارت لها نوال على أحد الغرف وهي تقول…
“ادخلي ياحبيبتي اتكلمي في اي اوضه منهم..مفيش حد في البيت الا احنا….ادخلي متكسفيش…..”
هزت سمر راسها بتجاوب ودخلت اول غرفة
قابلتها…….
لكزتها صفاء بحنق….
“اي اللي بتعمليه دا يام ابراهيم….احنا من امته ياختي واحنا بندخل حد غريب بينا…..”
ردت عليها نوال باستغراب.
“غريب مين بس يام حبيبة…دا سبوع ولازم نعزم الحبايب والجيران…….”
ردت الاخرى بلؤم وهي تنظر للمكان الذي اختفت
فيه سمر …
“عارفه ياحبيبتي….. بس دي جايه بدري تعمل إيه…”
صاحت نوال بضيق…..
“جرالك اي يام حبيبة البُنيه جايه تساعد البنات
في البس والمكياج…….كوافيرة وشاطره ودي شغلتها……وهيطلعوا التلات بنات من تحت ايديها عرايس بعون الله……وخصوصاً البت بنتك انا
عايزه ابراهيم ياخد باله منها النهاردة…….”
هتفت صفاء بتبرم وعتاب….
“جرالك اي يام ابراهيم…كلامك دي بيحسسني
ان احنا اللي بنجري ورا ابنك وبنتي بعد الشر
يعني بيرا…. ”
لوحت نوال بيداها بنفي وهي تبث حبها لحبيبة بصدق…..
“فشر دي ست البنات….دا معزتها من معزت رحمة ورباب والله…..بس انتي عارفه ابراهيم ودماغه…
رافض موضوع الجواز ده خالص…واحنا عايزين
نلين دماغه شويه من ناحيتها…”
برمت صفاء شفتيها باستهجان…
“نلين دماغه من ناحيتها……. طيب….”
لم تقدر حبيبة على سماع المزيد منهن خرجت
لشرفة الشقة وهي تبكي بحرقة مكتومة….تتزوج
ابراهيم ابن عمها الذي بمثابة الاخ الاكبر لها…تتزوج
من كان يحملها على ذراعه ويجلب لها الحلوى…
تتزوج من كان يحملها في الخامسة من عمرها
ليغسل لها يديها الملطخة بالرمال وتعود اخر اليوم مستكانه باحضانه كطفلة في احضان اخيها، ممن
تتزوج من اخيها هل يعقل؟…..قلبها وضعه
بمكانة الاخ الأكبر فكيف ينقله لتلك المكانة
الحساسة لمجرد انه القريب والانسب لها……
ليس الانسب قط…..لن توافق ولن يوافق ابراهيم فهي تعرف جيداً مشاعره نحوها……
إبراهيم يستحق أمرأه قادرة على اسعاده
والتجواب معه بكل شيء…هي ليست تلك
المرأه ولا تحمل اي مواصفات النُضج بعد
ياليت والدتها تفهم انها لم تُنضج بعد لا
جسداً ولا عقلاً…ياليت والدتها تعلم انها
بحاجة لاكمال دراستها والعمل وتحقيق الذات قبل الزواج والاطفال…….ولكن هل ستتفهم امها تلك التراهات فهي اتت من زمن كل تفكيره ستر
المرأه قبل العشرين !…..
فتح احمد النافذة وهو يصيح في الأسفل لكرم
الواقف بانتظاره اسفل المبنى…..
“يخربيت زنك جاي…..”
هتف كرم بحنق وهو يرفع عيناه عليه في الاعلى…
“تصدق انك عيل تنح… كل ده بتلبس…. قسماً بالله كداب…… وكل طلوعه تأخرنا…..”
صاح احمد باستفزاز….
“كمل رغي وقفت ليه….. رغيك ده اللي معطلني اترزع على ماجيلك…..”
رد كرم بكبت…..
“انجز ياحمد البنـ….الشباب هيقبلونه عند المترو…”
حك احمد بشعره وهو يسأله بخبث…
“اي النظام…..”
رد عليه كرم بتمويه….
“فاخر من الآخر……”
رد احمد بسرعة عليه بخبث…
“اذا كان كده نحط رشه من البرفان الغالي….”
رفع احمد عيناه فوجد حبيبة تنظر له بنفور ويبدو على عيناها الذيتونية الاحمرار اثار البكاء…..
تفقدها بقلق وحرك شفتيه بدون صوت في سؤال واضح…
“مالك؟…”
ردت بصوتٍ حانق خافض كذلك…

 

 

 

 

“ملكش دعوة….”
زفر احمد بقلة صبر وهو يكلمها باللغة الاشارة المُبسطه……رافع اصابع على شكل هاتف ومشير
بيده الأخرى…..
(كلميني….. عايز اعرف مالك….)
اعتدلت في وقفتها وهي تهم بالذهاب…لكنها بعد خطوتين توقفت واستدارت إليه فوجدته ينظر لها بعتاب وقلق حقيقي في عيناه…..ونفس الاشارة
فعلها….
(كلميني…….عايز اعرف مالك….)
هزت رأسها بامتناع وبدون اي نفور او حنق منه….
وامام عيناها الزيتونيه رمقها بنظرة معاتب وكان
ما بينهم اكبر من مجرد لقاءات مشحونة بالمشاكل
وكانهم اصدقاء منذ زمن…وعلى الصديق ان لا
يخفي عن صديقة ما يزعجه….كذلك اخبرتها
نظراته واهتمامه بها….
ابتعد عن النافذة باستسلام بعد تلك النظرة المفعمة بعدة بدايات ، اولها مشاعر على وشك البلوغ
معهم !..
__________________________________
وجدت نفسها بداخل غرفة بطراز رجولي باحت
ورائحة عطره المميزة تفوح منها بقوة….
ابتسمت تلقائيا وهي تتفقدها ملياً…..
غرفة شاسعة ، بشكلاً بسيط لا تختلف عن دفء
المنزل وبساطة أثاثة ، بها سرير كبير وخزانة
ملابس ، بساط ازرق …..ونافذة تدخل الهواء
والشمس إليها…….تلك النافذة اجمل ما بالغرفة
لسبب هو وهي يعلمان به جيداً !….
توسعت الإبتسامة وهي تشعر ان كل يوم يمر عليها يزيد الانجذاب نحوه….ويرفرف قلبها شوقاً
لرؤيته…….
اقتربت من النافذة ونظرت من خلالها للحظات ثم
وجدت علبة السجائر الخاصه به موضوعه على
حافة سور النافذة….. مسكتها وهي تتاملها باستهجان فهي اكثر الأشياء حالياً التي لا تعجبها به…. شرب السجائر…..
فتح الباب فطل منه إبراهيم…
استدارت سمر بفزع حقيقي وكانت بين يداها علبة السجائر…..
رفع ابراهيم حاجبيه بدهشة عليها فهو لم يتوقع وجودها هنا و….. بغرفته… يالها من اجمل صدفة…
برزت الابتسامة على شفتيه وهو يغلق الباب…
فصاحت سمر بقلق….
“اي….. اي ياجدع انتَ بتعمل إيه…..”
لم يغيب المكر عن ملامحه وهو يسألها بخشونة وعيناه على مابين يديها….
“اي اللي في ايدك دا ياشبح…..انتَ بتشرب سجاير ولا إيه….”
“انا…لا طبعاً….دي بتاعتك….خد….” القتها عليه
بقوة وكانها بلوى…..التقطها ابراهيم في لحظه
وهو يسألها…
“لقيتيها فين دي…كُنت بدور عليها….”
برمت شفتيها باستنكار….
“كانت عند الشباك…..عن اذنك…..”
“استني ياسمر……راحه فين….”مسك معصمها قبل
ان تتجاوزه….نظرت له سمر والى يداه القابض
عليها بامتلاك خلق بينهم بشجار !…..
“ابراهيم….مينفعش كده احنا……”
تركها سريعاً وهو يزفر بكبت حقيقي….فمن مجرد لمسه عابره يجد نفسه يود المتابعة بطريقة أخرى….
نظر لها كلياًّ ثم قال بضيق…..
“انتي ازاي طلعتي بالبنطلون دا كده من البيت….”
“ماله….يعني….”سالته باستغراب…..
“ضيق…..إيه مش واخده بالك انه ضيق…..”
ضيقت عينيها وهي تنظر له بصدمة واتهام….
“وانت خدت بالك ازاي……انت طلعت منهم؟ ”
رفع إبراهيم احد حاجبيه بدهشة وهو يقول…
“منهم مين؟….انا لمحته بصدف….”
جحظت عينيها بحدة اليه وبنظرة قوية تنم على انه متهم بقضية تحرش او اغتصاب أيهما أقرب؟..
وكانها امسكته بالجرم المشهود كما يقال…
رد بجدية يخفي بها حرجه من تلك النظرات
الحادة المتهمة…..
“بلاش البصات دي ومتغيريش الموضوع…
البنطلون ضيق….”
ردت بعناد عليه بدون ان يرف جفنيها…
“لا مش ضيق…كويس ….”
أخبرها ابراهيم بمقت وسطوة ….
“سمر انا مبحبش الطريقة دي في البس….”
زفرت فجأه بضيق وهي تقول بوجوم….
“بدانا التحكمات…..”
زاد العبوس على وجهه وهو ينظر لها….
“اكلمي عدل ياسمر…..وبلاش تنفخي تاني وانتي بتكلميني…….مفهوم……”
ردت عليه بانزعاج وهي ترحل…
“لا مش مفهوم…..على فكرة انا مبحبش تحكمات الرجالة….”
سحبها بقوة من اخر اطرف اصابعها لتكن في لحظه على صدره….رفع فكها بيده بقوة وقال بعينين مشتعلتين بالغضب نحوها……
“الراجل الوحيد اللي هيتحكم فيكي هو انا…والرجاله اللي على الأرض تنسي وجودهم من الأساس..قولتلك انك تخصيني…..والكلمة ديه معناها كبير اوي عندي………”
ردت بضراوة امام عيناه المشتعلة….
“انا مش هتشكل على ايدك يابراهيم….انا واحده حُره وهفضل طول عمري كده….ومفيش راجل هيتحكم فيا…. حتى لو كان……. جوزي…”
اتكأ على خصرها وهو يقول بامتلاك…..
“هتتشكلي زي مانا عايز ياسمر……ولو عيزانا نكمل هترضي باي وضع……..”
حدجت به بعينيها السوداء بغضب وردت عليه
بنبرة انثويه محتده….
“ولو مش عايزه يابراهيم…..”
“تبقي حُره……..زي مانتي قولتي……”حرر خصرها فجأه فاهتزت قدميها للحظات وكانت على وشك الوقوع ولكنها تمسكت باخر لحظة…..نظرت له بصدمة وكأنها اول صفعه منه…..
اولها ظهره وظل يطلع على النافذة وبدأ باشعل سجارته وهو يقول بخشونة….
“انا بحب الست اللي تسمع كلامي….اللي تاخد وتدي معايا في الكلام يمكن تقنعني وتكون شايفه حاجه
انا مش شايفها……مش اللي متعرفش غير كلمة
لا……انا مش بشكلك على مزاجي ياسمر….انا عايزك تعرفيني اكتر…..تعرفي فيا الوحش قبل الحلو….
عشان تعرفي تعيشي معايا بعد كده……..انا عايز اتجوزك والجواز مفهوش هزار…..انا بختار واحده تشيل اسمي….وتكون ام لاولادي……وعيش معاها
طول عمري ولم اموت…… اموت في
حضنها…..”
لم يسمع إلا صوت الباب يغلق…استدار بسرعة فوجد الغرفة فارغة……
اغمض عيناه بقوة….لماذا القلب يعشق المعاناة ولماذا هي دوّن الجميع، اختارها قلبه وانجذب لها بكل ما فيه……
سيعاني مع تلك المرأه فهو عرف عنها الكثير….وأول
واهم شيء هي رجل عائلتها بعد والدها لسنوات
وسنوات ، فطبيعي تكون بهذا العناد وشراسة
التي لا تأبى الخضوع لاية رجل على وجه الأرض !….
_____________________________________
نظرت رحمة لنفسها في المرآة بانبهار سافر وهي تقول…..
“بجد ايدك تتلف بحرير ياسمر…. انا مبقتش
عارفه نفسي….” ضحكت بسعادة قوية….
لاحت ابتسامة خبيثة على شفتي رباب شقيقتها وهي تقول بغيرة…..
“بقولك اي ياسمر انا عيزاكي تطلعيني احلى من رحمة… اتوصي بيه انا خالة الواد…..”
هتفت رحمة بحنق احمق وهي تحرض سمر….
“آآه ياسوسه….اوعي ياسمر تنفذي كلامها…اعمللها اوحش حاجة…..”
نظرت سمر لرباب وضحكت بقوة عليهن…. فالاثنين
(ناقر ونقير) كما يقال لا يتوقفون عن العناد والحماقة معاً…… وبرغم ذلك ترى في علاقتهن الدفئ والسند
رباب بها بعض الاشياء من ابراهيم كطولها الفارع
ولون بشرتها الخمرية وتتميز بملامح حادة انثويه
أيضاً وجذابة….. عكس رحمة فهي ذات ملامح رقيقة وأيضاً قصيرة القامة قريبة الشبه من والدتها اكثر
ردت سمر بعدها بجدية….
“لازم التسريحه والميكب يكونوا مختلفين عشان يليقوا عليها اكتر……”
جلست رباب وبدات سمر بكوي شعرها ورفعه في تسريحة انيقة ثم بعض اللمسات الرقيقة على
وجهها لتكتمل هيئتها بزي أنيق……
دخلت حبيبة الغرفة وهي تزفر بتشنج وكانها اجبرت على الدخول للتزين……
سالتها رحمة وهي تحمل طفلها (ابراهيم) على
ذراعها….
“مالك ياحبيبة… فيكي إيه…..”
هزت حبيبة راسها وهي تجلس على حافة الفراش….
“مفيش حاجه يارحمة…. انتم خلصتوا…”
ردت عليها رباب …
“آآه خلصنا…. يلا عشان تلبسي وسمر تعملك المكيب والشعر…..”
قالت بنبرة على وشك الانفجار….
“ماشي انا هروح اغير……عندنا وجيه….” خرجت حبيبة من الغرفة، فنظرت رباب الى شقيقتها
وسالتها باهتمام…
“هي مالها حبيبة يارحمة….هو انتي زعلتيها في حاجة؟…..”
هدهدت رحمة الصغير بين يداها ثم قالت بنفي…
“والله ولا جيت جمبها يارباب…..يمكن امها ضيقتها بكلام ولا حاجة مانتي عارفاها…..”
“خدي ونبي ياسمر… شيلي ابراهيم على ما
سخنله الرضعه…..” مدت رحمة اليها الصغير فاخذته برفق وهي تسمي الله……
نظرت رباب في المرآة سريعاً وهي تقول
بسرعة…

 

 

 

“خديني معاكي يارحمة اشوف امك عملت ايه في المطبخ…….”
بقت سمر في الغرفة بمفردها مع هذا الصغير الذي بحجم الريشه… كم هو جميل… وصغير… صغير
جداً…. وبريئ وناعم لدرجة تشعرها انها حالياً
تخرج قلوب صغيرة من عينيها تاثراً بكل هذا
اللُطف والبرائه الغير منتهية……
طرقات على الباب اوقفت هذا التواصل الجميل رفعت عينيها وهي تتنحنح بعذوبة…
“اتفضل…..”
فُتح وظهر إبراهيم وتطلع عليها وهو يسالها بهدوء متحفظ…
“هي فين رحمة….”
“راحت تحضر الرضعه لإبراهيم…….” نظرت للصغير
دخل واغلق الباب بهدوء….. ثم بدون كلمة اقترب منها واخذ الصغير منها، قبله ووضعه على الفراش
في اقل من لحظه وجدت ظهرها يستند على أقرب حائط برفق بفعل يداه الحريصه على إلا تؤذيها
حاصرها بكلتا يداه بدون ان يلمسها بل ظلت مستنده
يداه على الحائط خلفها….
نظرت له بدهشة وبدا قلبها يعصف داخل صدرها بقوة….. سمعته يقول بنبرة خافته لكن خطرة…
“الزفت ده متغيرش ليه لحد دلوقتي…..”
نظرت للبنطال ثم عادت عينيها الباردة عليه
وهي تقول بتشنج…..
“انت عايز ايه…. مش قولت اللي عندك…..”
سالها بشراسة ذكورية تلك المرة…
“آآه قولت اللي عندي… انتي بقه اي اللي عندك….”
رمقها بنظرة خطرة وكانه يتوعد ان وضعت نهاية لم تبدأ بعد……
كانت تريد الصراخ بوجهه انها لن تخضع له ولا لاومره وتسلطه عليها خصوصا ان ليس هناك اي رابط رسمي بينهم…. لكن لسانها وجم في لحظة وظلت حرب النظرات قائمة بينهم….. ولم تقدر
إلا على سؤال واحد….
“انتَ عايز إيه مني بظبط يابراهيم…..”
قال بنبرة خافته بها امتلاك خطير يثير مشاعر
غريبة بداخلها اشياء لم يحركها رجل سواه…..
“عايزك…….عايز اتجوزك ياسمر…… عايزك حلالي… ومراتي……. وام ولادي…… عايزك…..”
اغمضت عينيها لمجرد ثانية ثم فتحت جفنيها ونظرت إليه بتشتت…..
“انا معرفكش كويس… ومش معقول هنتجوز كده علطول…… وبعدين امك عايزاك تتجوز بنت عمك…”
رد بنبرة جافة….
“امي تقول اللي هي عيزاه…. وانا في الاخر هختار اللي انا عايزه…..وانا عايزك……”تعمق بجمال عينيها
وهو يراها تتأثر بكلماته…وبرغم من جمود ملامحها
إلا ان عينيها كالكتاب المفتوح له…..
تابع إبراهيم بجدية
” بنسبه بقه لموضوع معرفكش وجواز علطول… فاحنا هنعمل فترة خطوبة ست شهور مش اكتر
اكون ظبط الشقه اللي فوق وفرشتها…..”
عقدة سمر الامر وهي تقول بتشؤم.
“معتقدش ان امك هترضى بيا يابراهيم….”
“وليه لا…..”
بللت شفتيها امام عيناه المشتعلة وهي تقول بشجن….
“يعني…….. انت عارف دماغها…. وانا لم قعدت معاها فهمت هي عيزالك إيه….فبلاش تـ”
رد بأمر ناهيا النقاش….
“متشغليش بالك بامي…… امي ست طيبة واكيد مش هتقف في جوازتنا عشان كلام فارغ ملوش لازمه…”
قالت سمر بتردد وعيناها عليه…
“افرض عنداها حق… افرض مقدرناش نتفاهم مع بعض…..”

قالت سمر بتردد وعيناها عليه…
“افرض عنداها حق… افرض مقدرناش نتفاهم مع بعض…..”
رد بصعوبة وصدره يلهث بغضب من كلماتها
السامة……
“فترة الخطوبة اتعملت عشان كده… ولو مفيش نصيب بينا…. عمرنا ما هنكمل حتى لو انا وانتي عايزين……… قولتي إيه…..”
دفعته في صدره وهي تقول بنبرة حازمة جافة…
“لم افكر الأول….. هرد عليك… ابعد بقه انت خدت على كده ولا إيه…. اخر مره تمسكني او تلمسني…”
ابتعد عنها واعطاها مساحة وهو يقول بمشاكسة بسيطة….
“ماشي ياشبح…. بس لم تبقي حلالي مش عايز اسمع غير حاضر ياسي إبراهيم……”
التوت شفتيها بامتعاض وهي تقول….
“سي إبراهيم…. انتَ بتحلم…. اخرك معايا هيما وده لما ابقى رايقه بس……”
ابتسم على تدللها لاسمه وقد عاد لوجهه الحياة من مشاكستها الجميلة إليه…… فقال بعبث وهو
يتاملها بعمق….
“هتقوليلي إيه وانتي رايقه….”
ردت ببراءة….
“هيما……..إيه وحش… ”
تنهد بثقل حقيقي وهو يحدج بعينيها اكثر قائلاً…
“وحش؟….انا هدعي من دلوقتي لحد مانتجوز… انك تفضلي رايقه علطول…..”
ابتسمت بنعومة وهي تحاول تغيير الموضوع…
“قولي صحيح…… ضهرك خف… المرهم حلو مش
كده…..”
رد بنفي وهو يجلس على حافة الفراش…
“لا….. مدهنتش منه….”
“طب ليه….”
رفع عينيه عليها بوقاحة….
“مين هيدهنلي……”
اسبلت جفنيها بخجل والتزمت الصمت….
غمغم إبراهيم بتأثر مصطنع وصل لسمعها..
“امته الواحد يتجوز…….. عشان مراته وهي رايقه تقول ياهيما…… ولم ضهره يوجعه تدهنله هي المرهم بايديها……صحيح اي رايك ياشبح في مشروع الجواز ده؟….. ”
ابتسمت بخفة وهي تقول بعدم اقتناع…
“حلو بس لو الواحد قدر الست اللي معاه وشالها
في عنيه…..”
رد عليها ابراهيم بصوتٍ أجش ودللها بكلماته
وعيناه تتعمق بعينيها السوداء الامعة…..
“انتي متتشليش في العين ياسمر…. انتي مكانك في القلب وبس……” تنحنح بخشونة وهو يتابع…
“وبعدين الست لو كويسه مع جوزها ومدلعاه
ومش مخلياه نقصه حاجة… هو كمان هيشلها في عينه وهيفرشلها قلبه ورد……”
“انتَ شايف كده….”
اوما لها وهو ينظر لها باهتمام منتظر المزيد منها…
وبالفعل تكلمت وهي تقول بشك…
“بكره نشوف…….. ياهيما…..”
ابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه ثم رفع يده و
و ودعها ليخرج من الغرفة بهدوء كما دخل
على غير هدى ……
دخلت حبيبة بعد نصف ساعة وهي ترتدي فستان
عسلي اللون يصل لقبل كاحلها بقليل كاشف
جزء بسيط من ساقيها البيضاء الرفيعة الجميلة….وأيضاً كاشف عن نصف ذراعيها…..
قالت حبيبة باعتذار….
“معلش ياسمر اتاخرت عليكي….”
ابتسمت سمر اليها برفق برغم من التوتر الذي
تشعر به معها بسبب……ارتباطها بابراهيم
الوشيك !…..هل ستحطم قلب تلك الصغيرة ام
ان الامر لا يعنيها كابن عمها…..
“مفيش تاخير ولا حاجة…..تعالي يابيبه….”
تقدمت حبيبة بهدوء وجلست على المقعد امام
طاولة الزينة…..
بدأت سمر بالعمل بصمت وبين الحين والاخر تنظر
لوجه حبيبة عبر المرآة.. والذي يزيد عبوساً وحزناً مع مرور كل ثانية…..
سالتها سمر برفق….
“مالك ياحبيبة…. في حاجة مضايقكي….”
هزت راسها وهي تقول بنفي….
“لا أبداً…. مفيش حاجة….”
حاولت سمر تبديد هذا الحزن بثرثرة النساء…
فقالت بعد دقيقتين من الصمت…..
“على فكرة شعرك حلو اوي… انا بحب لون الشعر البني…. بذات الدرجه الفاتحة دي جميلة أوي…
زي شعرك كده….”
ابتسمت لها حبيبة بمجاملة ولم تشاركها الحديث.. فحاولت سمر مرة اخرى معاها بدون يأس….
“تفتكري لو صبغت شعري بالون البني هيبقا احلى…”
هتفت حبيبة بانكار وهي تنظر لها بالمرآة….

 

 

 

“لا طبعاً شعرك كده جميل جداً…..حقيقي ياسمر اوعي تغيري لونه او تقصيه… بجد جميل جداً
ماشاء آلله……”
ضيقت سمر عينيها وهي تفكر بجدية زائفة…
“بجد ياحبيبة…. طب اصبغه احمر….طيب….”
فلتة ضحكة مفاجئه من حبيبة وهي تقول….
“يالهووي….احمر هتبقي مسخره…..دا اكتر لون
صبغه رخم…….”
“طب ليه.؟….”
ضحكت حبيبة وهي تخبرها….
“بحسه بتاع الرقصين…..”
حكت سمر في شعرها وهي تقول بحرج مصطنع…
“اي ده هو انا مفضوح اوي كده …”
توسعت اعين حبيبة وقد اندمجت سريعاً معاها…..
“اي ده انتي بتعرفي ترقصي……”
هتفت سمر بغرور ….
“اوووه…….جيتي للخبره كلها يابنتي…..”
سالتها حبيبة بعدم تصديق…..
“بتكلمي بجد……”
ردت سمر عليها بمزاح وهي تكوي لها شعرها…..
“آآه انا بتاعت الهبل ده بس متقوليش لحد….”
نظرت لها حبيبة عبر المرآة وهي تقول….
“هبل إيه…دي رحمة بنت عمي نفسها تتعلم الرقص عشان ترقص لجوزها……”
فغرت سمر شفتيها بذهول…
“هاااا…..رحمه ازاي تكلم معاكي في حاجات زي دي….”
اندمجت حبيبة اكثر في الحديث واخبرتها…
“مكانتش بتكلم معايا دي كانت بتكلم مع رباب
وانا سمعتهم بصدفة……لو عرفت انك بتعرفي ترقصي مش هتسيبك غير لم تعلميها…….بس انا عايزه افهم ياسمر هو لازم الواحده تتعلم الرقص قبل الجواز…….”
ضيقت سمر عينيها وهي تجيبها بتفكير….
“مممم مش شرط…..يعني مثلاً….اي ده.. اي دا
بجد انتي بتوقعيني بكلام…..اتعدلي عشان
اخلصلك شعرك….انتي لسه صغيرة على الكلام ده… ”
ضحكت حبيبة وظلت تثرثر معها باشياء عديدة وقد
تناست حزنها وحنقها من احاديث امها في السابق…. وظلت تثرثر وتضحك حتى اختفى القلق لفترة مؤقته……
وضعت لها سمر دبوس شعر مزين باللؤللؤ الامع بعد ان فردت شعرها وزاد طوله الضعف بعد الكوي….
ابتسمت سمر بفخر وهي تتفقد حبيبة بزينة وجهها
الناعمة…وجمال زيتونتان عينيها بعد ان زينا بكحل وفوق جفنيها بعض الالون الرقيقه….وشعرها قد اطلقته خلف ظهرها كستار بني حريري ناعم الملمس……
نظرت حبيبة الى هيئتها في المرآة بسعادة وعدم تصديق وظلت تتامل نفسها للحظات قبل ان تنهض وهي تقول لسمر…..
“الله ياسمر…دا حلو اوي تسلم ايدك…… بجد حلو اوي…….الميكب هادي جداً وفي نفس الوقت حلو.
وعامل تغيير…… ”
ردت عليها سمر بمحبة….
“انتي اللي حلوه وملامحك هادية… يابيبة….”
بلعت حبيبة ريقها واسبلت عينيها… وقد لاح في عقلها صورة احمد وصوته وهو يناديها بنفس
الطريقة الدافئه الهادئه……ولكن تدليل اسمها
على لسانه يفعل زوبعة غريبة التفسير
بداخلها…….
رفعت حبيبة عينيها على سمر فوجدتها تبتسم لها
بلطف بادلتها الإبتسامة وهي تحاول اخراجه
من رأسها امام شقيقته الكبرى على الأقل…..
فتحت صفاء والدت حبيبة الباب وهي تسمي
الله بفرحة أم وكانها رأت ابنتها بفستان الزفاف….
“بسم الله ماشاء الله…… ست البنات ياحبيبتي… زي القمر…..” عانقتها والدتها بحنان وعاطفة الامومة تشتعل بعينيها…. صغيرتها نضجت واصبحت شابة جميلة ارتوت وتوردت بين احضانها…..
دخلت عليهن نوال وبناتها الإثنين ونفس التصريح الجميلة على هيئة حبيبة…. فالأول مرة تضع حبيبة
مساحيق تجميلية وتكوي شعرها بهذا الشكل… أصبحت اكبر من عمرها بعدة أعوام….. وبرغم ذلك قالت رحمة بصراحة….
“حبيبة طلعه زي القمر…. بس حقيقي هي احلى واجمل من غير ميكب…….”
اومات لها سمر وهي تقول بتاكيد تلقائي…
“فعلاً حبيبة من غير ميكب احلى……بس هي كده قمر برضو….. ”
نظرت صفاء لسمر بحنق ثم قالت بقلة ذوق…
“آلله اكبر…. ربنا يحفظك يابنتي… انا هروح اجيب البخور…….عشان ارقيكي من العين الغريبة…. ”
نظرت رباب ورحمة لعضهن بحرج….
عبس وجه سمر بضيق.. واحمرة وجنتيها
حرج وغضب… ربتت عليها نوال بحرج اكبر منها….
“حقك عليا ياسمر يابنتي متزعليش…… ام حبيبة متقصدقش……”
تقدمت حبيبة أيضاً منها وقالت باعتذار رقيق مبررا فعلت أمها…..
“اوعي تزعلي ياسمر ماما متقصدقيش…هي متعوده على موضوع البخور ده …”
ابتسمت سمر ببساطة وهي تقول بهدوء…..
“حصل خير مفيش حاجة…. انا لازم امشي دلوقتي… عشان ورايا مشوار مهم…..”
قالت نوال بنبرة حازمة….
“تمشي وانتي زعلانه… والله ما يحصل… وبعدين احنا متفقين انك هتحضري معانا السبوع….”
“لا مش هينفع ياطنط انا ورايا مشوار مهم…. وبعدين ماما هتجيلك وتحضر السبوع معاكي وتبارك
لرحمة كمان……”
هتفت نوال بعتاب…
“مش هينفع ياسمر هتزعليني منك وآلله….”
“معلشي ياطنط اعذريني…… انا بجد متاخرة…..”
حملت سمر حقيبتها سريعاً وهي تسلم على رحمة ورباب بعناق سريع وكذلك فعلت مع حبيبة وحين
اتت عند نوال سلمت عليها وهي تقول بمحبة….
“اشوفك المرة الجايه عندنا بقه… عشان اعملك القهوة بايدي ونقرا الفنجان….. هستناكي ياحبيبة انتي ورباب ورحمة….”
ردى الثلاثة بصوتٍ واحد….
“ان شاء آلله….”
خرجت سريعاً من الغرفة وقابلت في وجهها ام حبيبة لم تعيرها اهتمام بل اسبلت عينيها الحبيسة
بدموع وخرجت سريعاً…..
فتحت باب الشقة وخرجت منه… وهبطت على السلالم بسرعة وفي لحظه بسيطة اصطدمت
راسها بصدره الرحب فمسك كتفيها بين يداه يسندها قبل ان تقع وهو يسألها بقلق….
“سمر……..مالك….”
حاولت تجاوزه من على ادراج السلم وهي
تقول باقتضاب…..
“مفيش يابراهيم…..عن اذنك…..”
منعها بقوة وهو يسالها بقلق بعد ان راى دموعها
تنهمر على وجنتيها…..
“استني بس….مين زعلك…حد قالك حاجة فوق ….”
دفعته بقوة وهي تقول بتشنج….
“سبني بقه يابراهيم لو سمحت…..”
وبالفعل تركها تذهب……ثم رفع عينيه على باب شقته بتوعد لمن ازعجها وجعلها تبكي بهذا الشكل…كان
اول مرة يرى دموعها وياليته لم يراهم فهم إشعالا صدره بنيران هائجة ، كبركان ثائر على وشك الانفجار….
لأول مرة يشعر انها تعني له اكثر مما ظن ، وكانها تغلغلت بداخله وصنعت مكان باسمها غير قابل للتغير !…….
…………………………………………………………..
دخل إبراهيم على امه المطبخ وكانت رحمة
ورباب يطهوا اخر الاصناف التي ستقدم غذاء للضيوف قبل البدء بمراسم السبوع المعروفة……
بدون اي مقدمات سأل امه بنبرة مكبوته….
“هي سمر خرجت ليه كده بسرعة……شكلها مضايقه…”
تبادلا الجميع النظرات باستغراب من سؤال ابراهيم واهتمامه بابنة الجارة الجديدة…..
لم يتفوهن شقيقتيه بسؤالٍ يطوف بعقولهن ، فملامحه المحتدة والمشتدة بقوة قاتمة يتسلل على اثارها الرعب الى قلوبهن تمنع تحرك الالسنة ولو حتى بالاجابة عليه…..
تحدثت امه بصرامة وهي القادرة على الوقوف امامه ولم تخشى هيئته الخشنة المخيفة التي لا تلبسه إلا حينما يصل لذروة غضبه من امر يعنيه بقوة …….
“مضايقه مني انا يابراهيم…….بتسأل ليه….”
خفت نبرته احتراما لأمه وبرغم ذلك لم تتبدد ملامحه المحتدة…..
“ضايقتيها بأيه ياحاجه…….هي عملت إيه سمر…..”
رفعت نوال حاجبيها بدهشة…
“اي حكايتك مع سمر….انتَ مهتم ليه بالبت دي يابراهيم…………..”
رد عليها بجدية واقعيه وكانه امر منتهي…
“عشان هتجوزها……..انا هتجوز سمر…..”
توسعت اعين الجميع وتبادلا شقيقتيه النظرات بصدمة وكان الامر بنسبة لهم مفاجأه بكل ما
تحمله الكلمة من معنى ولجمت الألسنة امام
المشهد القادم من والدتهم…….
حدجت والدته به بدهشة وهي تتفوه بذهول…
“كده من نفسك يابن راضي….إيه ملكش اهل تشور عليهم……..وبعدين سمر دي متنفعكش….دي لا شبهنا ولا زينا وانت هتجوز بنت عمك…..احنا متفقين….”
رد بنبرة حازمة وبتصميم اكبر….
“انا متفقتش على حاجة يا حاجه…….حبيبة زي اختي الصغيرة زيها زي بناتك عندي…وسمر تلزمني
عجباني وهتجوزها……وانا هكلم الحاج راضي بعد
ما اليله بتاعتكم دي تخلص…….”
ضربت نوال فخذيها بكلتا يديها بصدمة وهي متوسعت الأعين تسأله بصرخة حسرة…
“هتجوزها وانا مش موافقة يابراهيم…..دي اخرتها يابن بطني……”
خفت نبرته وهو يقول بخشونة…
“مين قال كده….انا هتجوزها….. وبرضاكي ياحاجه……”
لوحت بيداها وهي تزمجر بحزن حاد….
“وانا مش موافقة…..انت مش هترتاح معاها اسمع كلامي يابراهيم……”
نظر إبراهيم اليها بقوة وقال بأمر منتهي….
“انا ممكن اسمع كلامك في كل حاجة إلا في موضوع الجواز …….”
“اشمعنا…..”
صاح بعصبية عنوة عنه…..
“عشان دي حياتي….انا اللي هعيش فيها مش
انتي…… انتي كُنتي عايزاني اتجوز وانا اهوه

 

 

 

 

بنفذلك طلبك……عايزه أي تاني…وبعدين سمر
عيبها إيه…. شوفتي إيه منها وحش مخليكي
رفضه جوازي منها بشكل ده…..”
اسبلت نوال جفنيها ولم ترد عليه وصدرها يعلو ويهبوط بوتيرة مرتفعة مقررة بعد هذا النقاش
المشحون برفض ، و زاد حنقها من تحدي
ابنها لها ، لأول مرة يكن بصف أمرأه، والغريب
انه لم يراها إلا مرتين……
خرج ابراهيم من المطبخ وهو يشعر ان إذا
زاد النقاش عن حده ستقع أمه أمامه في
لحظة انفعال حادة منها …..
خرج من المطبخ فقابل حبيبة في وجهه والتي
نظرت له بامتنان حقيقي لم يعرف سببه بعد
ثم وجدها تطبق ورقة بيده وهي تقول بتردد
“دا رقم سمر…… انا خدته منها قبل ما تنزل
وسجلته عندي……يعني أكيد محتاجه …..”
اخذ منها الورقة بهدوء وقال بصعوبة…
“شكرا…… ياحبيبة….”
هتفت حبيبة بحرج زائد….
“ياريت متقولهاش اني اديتك الرقم… عشان متضايقش مني……”
أومأ لها بصمت و وجهه الحجري لا يحمل اي ذرة
حياة…….. خرج وصفع الباب خلفه فانتحبت
والدته بقوة وظلا شقيقتيه بجوارها يطيبون
خاطرها……بعد ان كسره اعز أولادها…..
نزل إبراهيم على سلالم البيت وهو يكتب رقمها على هاتفه….ثم رفع الهاتف واجرى اتصال بها لم ترد
الا بعد ثلاث رنات واول شيءٍ سمعه صوتها
الشاجن …….
“الو……….مين…..”
سألها بخشونة وهو يقف امام البيت ونظرة عيناه حادة كالسهام السامة…
“انتي فين ياسمر…..”
ترددت قليلاً قبل ان تقول بشجن….
“إبراهيم……انا قعده على السطح اللي فوق شقتنا….انت عايز ايه…..وجبت رقمي منين….”
قاطعها بتصميم….
“مش وقته الكلام ده انا جيلك…..”
قالت بامتناع وضيق واضح بنبرة صوتها…..
“بلاش يابراهيم…..انا مخنوقه و…..”
للمرة الثانية قاطعها بامر حازم…
“استنيني ومتنزليش دلوقتي…..انا جيلك….”اغلق الهاتف بعد تلك الجملة……
_____________________________________
بعد ان إنتهى المشوار سار مع صديقة لداخل الحي الماكث به……
كان يتطلع عليه كرم بين الحين والاخر بغرابة وشك من أمره فهو شارد منذ ان خرجوا معا ولم يتحدث كثيراً مع الفتاة التي كانت ترافقة في تلك الخروجة…وهذا ما زاد حيرة كرم منه فأحمد بطبعه ثرثار وفكاهي ويعشق المزاح خصوصاً مع
الفتيات يستعرض تلك المهارة بجدارة ….. وتلك الخروجات لا تتكرر كثيراً فلماذا كان وجِماً طوال الوقت ولم هذا العبوس وشرود المفاجئ به…..
لم يقدر كرم على الصمت اكثر من ذلك فصاح بحنق من رفيقه…..
“انتَ اي حكايتك بظبط ياجدع انتَ…..ساكت كده وقالب وشك من ساعة ما خرجنا……اي ياجدع هي البنات ما عجبتكش ولا إيه….ولا الخروجه مش على
هواك…. مالك مبتردش ليه.. ”
زفر احمد بوجوم وهو يقول ببرود….
“مفيش حاجه ياكرم…….انا بس مخنوق شويه….”
“طب من إيه….”
نظر امامه وهو يسير ليقول بحيرة من أمره…
“مش عارف…..”
عقد كرم حاجبيه بحيرة…..
“انا مش فاهمك…..”
نظر له احمد والتوت شفتيه في ابتسامه ساخرة..
“يعني انا اللي فاهم….”عادت عينيه للطريق…
ساله كرم بشك…
“تكونش مضايق عشان يوسف و زعله منك….”
رد احمد ببساطة وهو يبتسم لتلك الصداقة الغريبة
الذي تجمعه بيوسف…فهو وكرم متشابهين جداً
في الكثير من الاشياء لذلك كرم الاقرب اليه من
يوسف، لكن يوسف بنسبه له هو
النقيض ، النقيض الأجدع على الإطلاق….فبرغم الاختلاف الكبير بينهم ألا ان صداقتهم تشكل شيءٍ مقدس يجعلهم متمسكين بها مهما زاد الخلاف وزاد الخصام يعودون للسابق بمنتهى الصفاء وكان شيءٍ لم يكن !……اليست تلك اجمل معاني الصداقة !……
يوسف أخذ مكانه لم يصل اليها كرم برغم من انحيازة الأكبر لكرم ….
“مش اول مرة انا ويوسف نتخانق…..احنا طول عمرنا
بنتخانق في حارة ونتصالح في زقاق…يعني كده كدا بنطلع نطلع وننزل على مفيش….”
هز راسه كرم بتفهم وهو يساله من جديد…
“طب طالما الموضوع كده إيه اللي مضايقاك بقه….”
“ولا حاجة ياكرم……”رفع عينيه فوجدها تظهر امامه
بهيئةٍ جميلة رقيقة….لكن تحبس الانفاس بفستانها
الرقيق الكاشف عن جزء بسيط من ساقيها والمنحوت على خصرها النحيف بارز جمال
ملكة الثلج ذات البشرة الحليبية كالقشدة
الشهية……
غمغم أحمد بكبت لعين….
“الله يخربيتك…..وبيوت اليوم اللي سكنت فيه
في شارعكم……”
اكمل تفقدها بزينة وجهها الرقيقة وكحلة زيتونية عينيها الساحرة وشعرها… آه من ستار بني ناعم
استرسل بجمال لاخر ظهرها……
وكانت تسير بالحي بهدوء وانفها مرفوع للاعلى
كانت كنغمة نشاز وضعت في مكان غير ملائم
لها…..
رفعت حبيبة عينيها فوجدته يسير امامها وينظر لها نظرة شاملة بها لامعه غريبة…..
تمتمت بغضب…..آخر شيء كانت تريد رؤيته
وجهه…..حضورة يسبب اضطربات غريبة بداخلها لا تعرف لها تفسير……..
لم يقف أحمد بل اكمل سيره وهي أيضاً تابعت السير وحين مرت بجواره….تغلغل لانفها عطرة وكان مميز
وقوي على الأنف يتغلغل بداخلك بقوة مستحبه……
تنهدت بثقل بعد ان ابتعدت عنه أخيراً….نظرت للورقة التي بين يداها والذي بها بعض المستلزمات
الخاصة بسبوع التي ستشتريها من عند العطار…..
تمتمت حبيبة بداخلها وهي تسير….
“انا مش عارفة اي الحظ ده…يعني مشوار زفت ومتعب…..وقابل اخر واحد ممكن اتمنى اقابله في
دنيا……. اوف……..الصبر يارب…..”
………………………………………………………..
صعد على سلالم المبنى….. ووصل للسطح الشاسع
الفارغ المحاط بأكمله بسور قصير……
تفقد المكان وهو يبحث عنها… فوجدها تجلس في احد الأركان في الظل، كانت جالسة على ورقة
كرتون كبيرة تريح ظهرها على الحائط وتضم
ساقيها لصدرها بشرود وهي ناظرة لنقطة بعيدة….
وشعرها الأسود المموج يرفرف حول وجهها بعد
ان حلت العقدة بتمرد… ليداعب وجهها وعيناها السودوان ضي الشمس ورياح العابرة فتكتمل
أجمل لوحة لأجذب أمرأه وقع أسير عينيها
وشراسة طلتها…..
تقدم منها وجلس بجوارها واسند ظهره مثلها على الحائط وثنى احد ساقيه امامه وسند معصمه
عليها….وظل ينظر معها لهذا الجو الخرافي
الهادئ والعصافير تغرد من مكان عالٍ……
بعد صمت طال بينهم…لم تقدر سمر على رفع عينيها وسؤاله عن اي شيء…..لمجرد انها تشعر بالحرج من بكاءها الأحمق أمامه…..
لماذا غادرت سريعاً….لماذا لم تتحمل حديث المرأة
الغليظ ونظراتها الفظه…. لم تكن حساسه بهذا الشكل….ولكن عنوة عنها وجدت رصيدها في صبر نفذ….فخرجت في لحظه واستغلت فكرة انها انهت العمل التي اتت لأجله…..لم تكن عليها المتابعة اكثر فهي في نهاية غريبة بينهم !…….
أدار ابراهيم راسه إليها وظل يتامل جانب وجهها
الفاتن الحزين كذلك…… زفر بعد لحظات وقد سأم
من لعبة الصمت تلك فسألها بهدوء….
“ممكن اعرف مالك……وكُنتي نزله معيطه ليه….”
لم تتحرك عضلة من ملامحها الجامدة وعينيها ظلت مثبته على اللا شيء…..ردت أخيراً بامتناع….
“انا مش عايزه اتكلم…..”
جز على أسنانه وهو ينظر لها بغضب ولفظ
بنفاذ صبر……
“سمر……. بصيلي وانا بكلمك…..”
تطاول مرة اخرى عليها ورفع يده ليدير وجهها
عنوة عنها إليه……
توسعت اعين سمر بغضب هائل وهي تضرب يده الممسكه بفكها وهي تصرخ بغضب…
“قولتلك بطل تلمسني….”
قبض على يدها التي رفعتها عليه ، قبض عليها بين كف يده الكبير فتاوهت بقوة…… لفظ ابراهيم بتوعد ونبرته كانت بها لمحة من المزاح…..

 

 

 

 

“ايدك دي تفضل جمبك لو خايفه عليها من الكسر….”
رفعت يدها الأخرى بنفس الغضب الشرس فقبض إبراهيم عليها بين كفه الآخر… فلم تجد الى
جبهته لتخبطها بقوة ولكنه منعها في اخر
لحظة حينما اتكأ على كلتا يداها وشل حركاتها
فجعلها رغما عنها تميل عليه وتستند على جبهته
وهي تئن بوجع………
“سبني يابراهيم…….آآه… دا مش هزار… ”
رد ابراهيم بخشونة بعد ان ابعدها عنه وتركها
فبعد ان تمازجت انفاسها الساخنة الناعمة مع
انفاسه شعر انه على حافة اول خطيئه مع
صاحبة العيون السوداء…..
“مين قالك اني بهزر… ايدك جمبك… واتكلمي بالسانك…….”
رفعت حاجبيها باستنكار وهي تدلك يداها بحنق….
“قول الكلام ده لنفسك….. ايدك مترفعهاش تاني
عليا……”
رد عليها وهو يتفقدها ملياً….
“ماشي ياشبح زي ماتحب….. بس لم اجي اكلمك تبصيلي وتردي عليا عشان كده مينفعش…….”
لم ترد عليه بل ظلت تدلك يداها الإثنين ببعضهم بحنق أكبر….. قال ابراهيم بسخرية ظريفة….
“انشف ياشبح كده…… دا انا اول مرة اهزر
معاك حتى…….” ضحك باستخفاف
التوت شفتي سمر وهي تقول باستهجان….
“هزار؟….انا مش واحد صاحبك على فكرة… انا واحده ست…..”
رد ابراهيم بصوتٍ أجش وهو يرد عليها بمحبة…
“احلى ست……. اي اللي مزعلك بقه ياست البنات…”
“ولا حاجة……”
نادها بحزم
“سمر…….”
ردت بتنهيدة سأم من اصراره….
“مفيش حاجة يابراهيم….. كلام ستات عادي يعني….”
رد إبراهيم بسطوة تروقها بقوة….
“انا مليش دعوة بكلام الستات… انا ليا دعوة بيكي انتي……. انتي اللي تخصيني وعايز اعرف مالك…”
“قولتلك مفيش حاجة عادي….”
“يعني مش هتقولي….”
هزت راسها باصرار…..
“لا مش هقول….”
لكزها ابراهيم بذراعه في كتفها فتحرك جسدها
من مكانه على آثرها فقال إبراهيم بخشونة وامر…..
“طب افردي وشك ده…. مش عايز اشوفك مكشرة تاني…..”
عدلت سمر جلستها التي اهتزت بسبب
دفعته البسيطة….فقالت بدهشة….
“يابني براحه كُنت هتوقعني….”
رفع ابراهيم شفتيه بعدم رضا وهو يقول
باستنكار……
“هوقعك؟؟… دا انتَ شبح خرع بصحيح…..”
“بلاش كلمة شبح دي… مش حلوة على فكرة..”
رفع ابراهيم حاجبه بدهشة وتفقدها اكثر
فوجد عينيها تلمع بشقاوة فرد عليها بيقين…
“كدابة ياست البنات….”
ضحكت سمر بخفة جميلة وهي تهز راسها باستياء…
سمعت خشخشت كياس… فنظرت اليه فوجدته يضع على ساقيها كيس بها العديد من انواع الشوكلاتة وبعض الحلوى الآخر…….
رفعت حاجبيها باستغراب وهي تنظر له.. فوجدته يقول بحيرة به لمحة من الحرج….
“بتصيلي كده ليه…… ملقتش غيرهم قدامي… انا
لحد دلوقتي معرفش انتي بتحبي إيه…..”
ضحكت بقوة وهي تهز راسها من ملامحه المرتابة وكانه طفل احضر هدية لأمه وقدمها لها وهو
يخشى ان لا تكون غير ملائمة……
ابتسم ابراهيم على ضحكتها العالية المفعمة بالانوثة الشقية…… سألها بعد برهة بشك….
“بتضحكي على إيه يامجنونة……”
هزت راسها وهي تفتح اول قطعة شوكلاتة مغلفة
قسمتها واعطته نصفها فقال بامتناع….
“لا مش عايز انا جيبها ليـ…..” وضعت نصف القطعة في فمه وهي تغمز له بمشاكسة…..
“هتاكل معايا منهم……… بما انك قعد معايا… لو
مش عايز انزل……”
رد بجدية وامر غير قابل للتبديل….
“أنزل؟… مانا لو نزلت هنزلك معايا على شقتك علطول…..مش هتقعدي في المكان ده لوحدك… ”
ردت سمر بدلال وهي تمضغ الشوكولاته
الذائبة بنعومة بفمها……
“بس انا مش هنزل دلوقتي….”
ابتسم إبراهيم وهو يتنهد بعمق ويكبح كل
رغباته المجنونة وهو بجوارها بمكان واحد……
بدون أحد….. الصبر…… الصبر فالحلال اجمل
بمراحل مما تظن…… رد بعد فترة بشرود
وعيناه على السماء الصافية…..
“وانا هفضل قعد معاكي…… لحد ما تنزلي…..”
ابتسمت وهي تفتح قطعة شوكولاته اخرى وتعطي نصفها له وتلك المرة اخذها منها بدون إمتناع
فمذاقها بجوار الجميلة الحسناء أطعم والذ
تبادلا الاحاديث وظلا معاً حتى اختفت الشمس
لكن لم يختفي الحديث و المزاح والألفة الجميلة
بينهم…..
نهضت سمر وهي تنفض ملابسها بعشوئية
قائلة بسرعة….
“احنا اتاخرنا اوي يابراهيم…… انا نزله….”
اوقفها ابراهيم قبل ان ترحل وهو يقول بجدية….
“استني ياسمر مني مكالمة ….. عشان تبلغي امك وخالك بزيارتي ليهم انا والحاج ان شاء آلله….”
اومات له سمر وهي تقول بنبرة حاسمة….
“عرف اهلك الأول يابراهيم ولو امك وفقت عليا…. انا كمان موافقة…… بس على فترة الخطوبة…. لحد
ما عرفك اكتر……”
نظر لها نظرة مبهمة قبل ان يهز راسه بتفهم
قائلاً برفق…
“ماشي…….انزلي يلا…….. على مهلك وانتي نزله…. ”
ودعته بأجمل ابتسامة وبنظرة جميلة من عينيها قبل ان تستدير وترحل هابطه على السلالم بخفة….
نظر ابراهيم الى بنطالها الجينز السماوي من
الخلف فعقد حاجبيه سريعاً وتغيرت ملامحه مابين غضب لانتشاء وهو يتابع اختفائها ثم بلع ريقه بصعوبة وهو يلعنها بغضب مكبوت……
…………………………………………………………….
خرجت حنين من المصنع بعد إنتهى يوم العمل
ككل يوم…..رفعت عينيها فانتبهت لوجود
(خالد العربي)كان يستند على سيارته امام مبنى المصنع…… ويبدو انه بانتظار أحدهم…..
توترت ملامحها واشاحت عينيها بارتباك وهي تراه يعتدل في وقفته وينظر لها وكانها هي سبب
هذا الانتظار الطويل….
أطرقت حنين برأسها وهي تتمسك بذراع حقيبتها الجلدية البسيطه تمسك ينم على الخوف من ما
بداخلها……لكن الحقيقي هي تخفي توترها بتلك القبضة الضعيفة…
سارت حنين بجوار السيارة للوصول لحافلة تنقلها
لمنزلها…..
ولكنها بعد خطوتين من المرور بجوار سيارته وجدته
ينادي عليها بلطف…..
“انسه حنين…….”
توقفت حنين بتوتر وهي تقول بصوتٍ مرتاب….
“في حاجه ياستاذ……”
عرفها بنفسه بهدوء…
“انا خالد العربي…..اكيد عرفاني….”
ليس السؤال للتعريف او ليذكرها بنفسه….بل انه يذكرها ببوابل الهدايا التي نزلت عليها منذ ايام من خلاله هو ، وقبلت بها كالمتسولين…..
حان وقت رد الهدية ياحنين؟؟….
ردت بانف مرفوع وكانه تحارب لتكن غير تلك المرأة المهزومه بداخلها…..
“ايوا…. افتكرت…. حضرتك بعت هدايا مع رجلتك…
للأسف ياستاذ الهدايا دي مش مقبولة…. وانا رفضتها لكن اللي معينه ده سبني ومشي وانا بكلامه وكاني مش موجودة….. حاجاتك موجوده في البيت تقدر تستلمها في اي وقت زي ما تحب…..”
تحشرج صوتها باخر جملة فالحقيقة ان تلك الهدايا استعملت بكل وجهة حق ولم تترك شيء إلا واستعملته سوى ملابس او طعام او حتى ادوية
امها ، قد استعملتها وبدات والدتها تتحسن قليلاً
وتخف الاهات عن السابق…..
هز خالد رأسه وقال بجدية….
“انسي موضوع الهدايا ده ياحنين…. دي حاجات بسيطه…….. انا عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم….
” موضوع إيه….. ”
نظر خالد حوله وهو يقول لها بفتور….
“اكيد مش هنتكلم هنا…. تعالي نقعد في حته
هاديه ونتكلم…..”
نظرت حنين حولها بتردد فوجدت في ركن قريب بعض الفتيات يقفون على شكل دائرة مفتوحة يتابعونا باعينهما المتربصة ما يحدث
بغيرة وحقد وكره نحوها……
قالت حنين بتردد وامتناع…

 

 

 

 

“مش هينفع ياستاذ خالد انا…..”
حاول معها بكل الطرق….
“مش هاخد من وقتك كتير ياحنين… تعالي معايا هنتكلم في مكان عام متقلقيش…..”
لم تجد القدرة على الرفض تنهدت وهي تهز كتفيها باستسلام….. ثم سارت حول السيارة الفارهة لتدخل بها وكانت اول مرة تستقل سيارة بهذا الشكل وتلك
الاناقة المنمقة……فهي لم تراهم إلا في التلفاز….
انطلق خالد بسيارة وخلفه سيارة أخرى تراقبه منذ أشهر…..رفع سائقها الهاتف على اذنه وهو يقول بخشونة……
“زي ما توقعت يا عز بيه……..خالد باشا استنى البت قدام المصنع وخدها وطلع بيها بالعربية….مش عارف رايحين فين….بس انا وراهم بالعربية متقلقش….”
تحدث عز الدين من تحت اسنانه بضراوة
وتوعد…..
“عينك عليهم يانزار…..مش عايزهم يغيبة عن عينك………وعايزك بعد ماتخلص تجبلي قرار البت
دي عايز اعرف كل حاجة عنها…كل حاجه عنها سمعني….. ”
رد حارسه الخاص بعملية……
“اومرك ياباشا……قريب اوي هيوصلك الملف بتاعها….. “….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!