روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الحادي عشر 11 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الحادي عشر 11 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء الحادي عشر

رواية كسرة وضمة وسكون البارت الحادي عشر

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة الحادية عشر

نظر أشهد بشيء زلزل كيانه لاسمهما وتلك الرسمة البسيطة التي جعلته لأول مرة تقع عينيه على ذلك التشوه ويبتسم من عمق قلبه .. !
ونظر اليها وهنا فقط بدأ يعترف لنفسه بشيء .. أنه يحب، والأخطر، أن تلك الفتاة البسيطة جدًا … جعلته يدرك حقيقة أنه لم يحب من قبل، وأنه لأول مرة بعمره يحب … امتلأت عينيه بعاطفة عنيفة وجذبها لصدره بلهفة وجنون ..
ليضمها بكل ما في قلبه، ثم دفن وجهه بكتفها بابتسامة مطمئنة وتنفس بعمق بعد ذلك .. كأنه أخيرًا أنهى طريقا طويلًا مليء بالشوك والألم وعاد للديار.
ابتعدت رقة عنه وقد أصبح وجهها متصبغا بالحمرة والحياء، واستدارت لتتهرب من عينيه التي وكأنها تعانقها مع كل نظرة، فأدارها أشهد مرة أخرى وقربها لصدره من جديد وهو يقول مبتسما بسعادة حقيقية:
_ أول مرة من زمان أوي أحس أني مطمن ومبسوط كده ..
ورفع وجهها لتنظر لعينيه الملتمعة بعاطفة شديدة حتى قبّل جبينها مرةً أخرى برقة متناهية وهمس وهو ينظر لعينيها عن قرب :
_ عنيكي كلها أمان .. كل نظرة بتقولي أطمن أنا جانبك .. من أول مرة شوفتك وفي شيء بينا غريب، شيء حلو .. كأننا اتقابلنا قبل كده .. أو كأننا افترقنا سنين ورجعنا .. محستش يومها أنك غريبة أبدًا .. من أول مرة أتقابلنا .. كأني قابلت نفسي على الطريق!.
ارتعشت جفونها إثر دموع السعادة وقالت مبتسمة :
_ مش سمعتني مرة وأنا بقول أني هحبك بطريقتي .. ومش هرتاح غير لما أبقى حتة منك لدرجة أنك لما تحب تطمن وتهدى تسيب الدنيا كلها وتجيلي … شكل أمنيتي بدأت تتحقق!.
ابتسم لعلمها أنه سمع حديثها بالصدفة، ثم تطلع أشهد بوجهها في محبة شديدة وقال:
_ لما دي البداية يبقى اللي جاي إيه ؟! .. أنتي مش قد جنوني !.
وانتبهت رقة للمكر الذي غزا عينيه فابتعدت عنه وقالت بابتسامة مرتبكة :
_ ما يصحش نفضل لوحدنا ونسيبهم.
واسرعت نحو جاكيته وقالت وهي تعود له وتساعده في أرتداءه:
_ البس الجاكت بتاعك احسن حد يدخل ويفهمنا غلط ..
اتسعت ابتسامة أشهد وقال وهو يطيع أمرها ويرتدي معطف بدلته الأنيقة ويرتب هندامه :
_ محدش يقدر يدخل مكتبي من غير أستئذان ..
وجذبها مرة أخرى لتقف أمامه وهمس بخبث وابتسامة متلاعبة :
_ بس أنتي هيكون ليكي أستثناء .. وصحيح نسيت أقولك ..
سألته رقة وهي تحاول تخليص معصمها من قبضته بابتسامة :
_ نسيت تقول إيه ؟
تطلع بها أشهد من أخمص قدميها حتى أعلى رأسها بنظرة سريعة، ثم قال والمكر يلتمع بعينيه :
_ أنتي قمر النهاردة، تجنني .. يا عروسة البحر ..
ارتبكت رقة بحياءً شديد واحمر خديها وهي ترتجف، وحينما افلتت معصمها من يده اسرعت راكضة خارج المكتب وحررت ابتسامتها المليئة بالسعادة ..
تنفس أشهد بابتسامة واسعة وهو يرتب هندامه ويتأكد من مظهره، ثم خرج من المكتب ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
حاولت شهد أن تخفف من دموع مشيرة ولكنها فشلت في ذلك، ودخلت رقة الغرفة بعد نقرة خفيفة على الباب .. ثم جلست أمام مشيرة وربتت على يدها بابتسامة هادئة وقالت :
_ متزعليش يا ماما .. حقك عليا.
تعجبت شهد من شقيقتها، فهي لم تخطئ حتى تعتذر ! .. بينما طالعتها مشيرة بصمت وعينيها غارقة بالدموع، فطمئنتها رقة وقالت :
_ محبش أشوف دموعك خصوصا في يوم زي ده .. وأطمني أشهد مش زعلان.
ولحظات ودخل أشهد الغرفة وعل وجهه أبتسامة غارقة بالبهجة ولمعة عين يعانفها التفائل والأمل .. ادركت مشيرة ذلك منذ النظرة الاولى له .. فجلس أشهد بجانب أمه وقال بابتسامة :
_ مش هنتصالح بقا ولا إيه ؟!
دهشت مشيرة من تحول أبنها بتلك الدرجة، فهو لم يكن ذلك الشخص الذي يبادر بالصلح خصيصا إذا لم يكن على خطأ !! .. نظرت له للتأكد مما قاله، فـ ربت أشهد على كتفها برفق وقال :
_ النهاردة مافيش أي مجال للزعل ما بينا .. أنا مبسوط وعايزك تشاركيني فرحتي ..
تسحبت ابتسامة حائرة على وجه مشيرة وغمزتها رقة ببهجة، وبعدها اخذ أشهد والدته بضمة حنون واجهشت مشيرة بالبكاء وهي تعتذر له .. فتقبل أشهد أسفها برحابة صدر وقال :
_ صدقيني مش زعلان أبدًا .. بالعكس، أنا أول مرة في حياتي أفرح كده.
ضمته مشيرة بقوة وهي تبك وتدعو له، وراقبتهم شهد بابتسامة
مطمئنة واستئذنت قائلة :
_ أنا هستناكم تحت مع أم بسنت .. بعد أذنكم.
وخرجت من الغرفة ولا زالت الابتسامة على وجهها، بينما لاحظت شهد أن نرمين تركض بالممر وكأنها كانت تتنصت عليهم !!
فأوقفتها شهد وقالت :
_ أنتي بتجري كده ليه ؟!
وقفت نرمين ثم استدارت وشزرت بنظرة حاقدة لشهد ثم صاحت فيها :
_ أنتي بتكلميني أنا يا بتاعة أنتي ؟!
تنهفست شهد بنفاد صبر وتمتمت :
_ صبرني يارب ..
وأضافت بابتسامة مستفزة :
_ آه يا حبيبتي بكلم سيادتك ! .. أصلك بمجرد ما خرجت لقيتك بعدتي وبتجري بشكل غريب .. قلقت عليكي فسألتك !
لوت نرمين زاوية شفتيها باحتقار وقالت :
_ وأنتي مين بقا عشان تسأليني ولا فاكرة أنكم خلاص بقيتوا أنتي وأختك صحاب البيت ده ؟! … معذورين ! .. ما انتوا مغفلين ومش فاهمين حاجة !.
ضيقت شهد عينيها بشك وسألتها بعصبية :
_ تقصدي إيه ؟!
ضحكت نرمين بسخرية وتركتها ثم اسرعت من أمامها واختفت! .. وظلت شهد متسمرة مكانها والجملة تتردد داخل رأسها محاولة بكل قوتها تفسيرها !.
ولحظات من التيهة مرت عليها حتى انتبهت شهد لحازم الذي يهتف بها بدهشة ولم تنتبه لظهوره من تيهتها وقال بغيظ:
_ يا بت ما تفوقي احسن السعك قلم يفوقك !.
نظرت له شهد تستوعب وجوده أمامها، ثم ردت بتوتر :
_ في إيه ؟! .. بتتكلم كده ليه ؟!
سخر حازم حينما أجاب :
_ انتي مش شايفة نفسك واقفة متخشبة أزاي وتايهة ؟! … ياريتني سيبتك واستغليت الموقف.
وضحك ضحكة مستفزة أغاظتها، فهتفت به قائلة بعصبية :
_ لم لسانك عشان أنا لساني طول مترو الأنفاق.
رد حازم بنفس سخريته وقال :
_ مش مع أبو الحزم يا هندسة .. أنا سايبك تتلامضي بمزاجي، بس يوم ما هتنرفز هنسى أنتي مين وهحبسك …
قالت شهد بضحكة ساخرة :
_شوف شوف !! .. تحبسني !! .. لأ خوفت وهقع من طولي !
ضيق حازم عينيه بمكر وقال بابتسامة خبيثة :
_ يخربيت الغباء! .. هحبسك بس مش في التخشيبة .. يا بت ما تصحي للكلام! أومال ايه اللي مصبرني على لسانك الزفر ده !… غير يعني شوية اعتبارات أسرية وصلة قرابة اترمت على حياتي فجأة !.
احمر وجه شهد من الغيظ والعصبية وكادت أن ترد عليه حتى قاطعها وقال بنظرة تهديد :
_ الواد الملزق اللي شوفته النهاردة ده لو شميت خبر أنه كلمك تاني هحبسه بجد .. ولو مش مصدقة جربي. .. ومعلش يعني لو كنت اتنرفزت عليكي .. أحمدي ربنا أني مسكت أعصابي .. أنني أغار يخربيتك!.
ارتبكت شهد وأخفت ابتسامتها بأعجوبة، وقالت مدافعة عن نفسها :
_ أنا أول مرة أشوفه أصلًا .. وبعدين أنا ما ليش اختلاط بحد في الجامعة عشان تكلمني كده !… وبعدين أنت مالك اصلًا ! مهتم كده ليه باللي بكلمه واللي ما بكلمهوش؟!.
رد حازم بابتسامة وثقة وهو يأكل قطعة حلوى من الطبق الذي بيده :
_ عشان أنتي أخت مرات أخويا .. يعني في مقام المخطوبين كده !
وضحك ضحكة مستفزة وغادر من أمامها وهو يبتلع الحلوى بنهم
حررت شهد ابتسامتها وتحركت لتنزل للطابق الأرضي، واقنعت نفسها بلحظات قليلة أن ما قالته نرمين لم يكن سوى حقد وكراهية وكيد لتعكر فرحتهم !.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبقصر نيهال ..
جلس رجل في العقد الخامس من عمره يدعى ” عاصم” بمكتب شقيقه الأكبر فاروق .. بينما المحامي ونهال وكريم الأبن الوحيد لشقيقه الراحل فاروق يجلسون أمامه ..
وقد اشتعل وجه نهال بالغيظ والحقد والكراهية لزوجها الذي توفي منذ أيام قليلة وصاحت بهم جميعا :
_ فاروق مقاليش أنه عمل توكيل بكل أملاكه لأي حد من أخواته ؟! .. أزاي ده حصل ؟! اكيد في حاجة مش مضبوطة!
رد عاصم وقال بجدية وتحذير صريح لها :
_ أحفظي لسانك لو سمحتي .. أنا مش محتاج ولاكنت مستني وفاة أخويا عشان أورثه ! .. كريم أبنه اللي قاعد قدامك ده أكتر واحد عارف أني مش بقبل قرش حرام على ولادي .. لكن دي كانت رغبة أخويا من سنة فاتت وكنت رافض والمحامي موجود ويشهد ! .. لكن فاروق أصر لأنه واثق فيا وواثق أني هنفذ شروط الوصية بحذافيرها ..
رد كريم بغيظ وقال :
_ كمل يا عمي .. أبويا كان ايه شروطه عشان استلم ورثي ! ..
تنهد عاصم بضيق ثم شرح الأمر قائلا :
_ كل أملاك فاروق دلوقتي تقريبًا باسمي .. بس مش زي ما أنتم فاهمين .. انتوا الاتنين نصيبكم محفوظ لو وافقتوا على الشروط … بمعنى أوضح
الشغل هيفضل زي ما هو ، ومدام نهال هتفضل ماسكة الشركات تمام مافيش أي حاجة هتتغير .. الشرط اللي فاروق حطه أني ما ارجعش لكل حد نصيبه من الورث غير بعد مدة معينة لازم تنتهي … يعني كريم هيستلم ورثه بعد ٦ سنين، وشرط يكون اتجوز واستقر كمان .. ولو حسيت بتلاعب في مسألة جوازه هعتبر أنه أخل ببنود الوصية ومالوش عندي ورث.
اعترض كريم بعصبية وقال :
_ أبويا حتى بعد موته عايز يمشيني على مزاجه !!
احتد عاصم وقال محذرا :
_ احفظ لسانك يا كريم .. !، أبوك كل اللي يهمه مصلحتك وأنك مضيعش تعب سنين في لحظة زي عادتك !.
تدخلت نهال وسألته بعصبية :
_ طب وبالنسبالي أنا إيه شرطه ؟
نظر عاصم لها بضيق رغم أنه يرى أن تلك المرأة تستحق ما يحدث لها وقال بصرامة :
_ حقك هيرجعلك كامل باسمك رسمي بعد ٢٠ سنة .. بشرط أن في خلال ال ٢٠ سنة دي ما تكونيش اتجوزتي نهائي .. ولكن هتفضلي المسؤولة عن الشركات بنفس مرتبك ومنصبك مافيش أي حاجة هتتغير .. لكن في حالة جوازك سواء رسمي أو عرفي كل ده هيتحول باسم كريم بلا راجعة حتى لو اتطلقتي بعد كده .. ده غير أن هينسحب منك منصبك في الشركة وماينفعش ترجعيها تاني حتى لو كموظفة ..
هبت نهال واقفة وقد اسودت عينيها من الغضب وهتفت بشراسة :
_الكلام ده تخاريف ومايلزمنيش .. أنا ليا ورثي في أملاك جوزي وهاخده غصب عن أي حد .. ولو مخدتوش بالتراضي هاخده بالمحاكم !.
رد عليها عاصم ببساطة وقال :
_ يبقى مش هتكسبي حاجة .. لأن كل شيء مكتوب باسمي من سنة فاتت، يعني فاروق كان واقف على رجليه وبكامل قواه العقلية وهو بيكتبلي كل أملاكه .. الوصية دي ما بينا .. أنما الرسمي واللي محدش يقدر يثبت عكسه أن كل شيء دلوقتي ملكي لوحدي بيع وشرا .. ولأن فاروق واثق فيا وعارف أني هنفذ وصيته ومستحيل أطمع في جنيه من فلوسه سلمني كل أملاكه وأمني عليها .. وبعدين أنتي خسرانة ايه .. هتفضلي في فيلتك والشركة زي ما أنتي محدش هيقدر ياخد منك حاجة !
صاحت نهال بعنف وغضب شديد وهي تبك :
_ خسرانة ايه ؟! … خسرانة ٢٠ سنة هضيعهم من عمري لو وافقت وحرمت نفسي أفرح وأعيش وافتح صفحة جديدة مع الدنيا ! .. ولو رفضت هكون خسرت ٧ سنين عشتهم في عذاب مع راجل أكبر من أبويا ! … فاروق حتى وهو بيموت كان أناني ومفكرش غير نفسه .. ظلمني وحرمني من حقي وضيعلي عمري على مافيش ! .. أنا مش مسمحاه وعمري ما هسامحه أبدًا!.
وقالت نهال ذلك وغادرت من المكان بخطوات سريعة غاضبة، فتنهد عاصم بضيق شديد وقال :
_ أنا مكنتش موافق اصلًا على الوصية دي وحاولت بكل الطرق اخليه يتراجع لكنه موافقش! .. هو كده فعلًا ظلمها وبيقيدها وبيضيع عمرها ! ..
رد المحامي بحزم :
_ لو مش موافق تكون مسؤول عن الوصية دي فأحب افكر حضرتك أن فاروق بيه في حضورك قال أنك لو انسحبت هتولى أنا المهمة دي بدالك ..
نظر عاصم للمحامي بغيظ وشعر نحوه بالتلاعب والطمع .. فقال بحدة :
_ للأسف مش قدامي حل غير أني أوافق ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وقف أشهد بسيارته أمام منزل الفتاتان بالمنطقة الشعبية ..
ولحظات بسيطة وخرجت شهد ومعها جارتها وزوجها من المقعد الخلفي للسيارة .. وأنتظر اشهد لحظات أخرى حتى ابتعدوا ونظر لرقة الجالسة بجانبه بالمقعد الأمامي ورفع أصابعها لشفتيه بقبلة ناعمة وهو ينظر بابتسامة لخاتم الزواج الذي يعانق أصبعها وقال :
_ هنتقابل بكرا .. هاخدك ونتعشا برا ..
ابتسمت رقة بسعادة وقالت وهي تنظر له بحياء:
_ أن شاء الله …
ظلت يدها بيده وهو ناظرا لها بابتسامة دافئة كأنه يرفض أن تبتعد عنه .. فقالت رقة وهي تنظر حولها بحرج :
_ أنا هنزل بقا عشان الناس بدأت تاخد بالها مننا ..
تمسك أشهد بيدها غير مكترثا للجميع .. وبصعوبة حتى سحبت رقة يدها منه ونزلت سريعا .. ولوحت مودعة قبل أن تختفي داخل المبنى .. ظلت عينيه عليها بنظرة عاشقة ثم تنهد بعمق وحرك سيارته مبتعدًا ..
وبشقة الطابق الثاني بالمبنى القديم ..
دخلت شهد غرفة شقيقتها رقة لتروي لها ما سمعته ويقلقها، لكنها فوجئت برقة وهي تدور حول نفسها بسعادة شديدة وتدندن مقطوعة شاعرية ولا زالت ترتدي فستانها ! .. ارتسمت ابتسامة على وجه شهد وقالت لها بمرح :
_ أبقي ادعي لأختك بقا .. ما هو أنا سبب الصدفة العسولة دي.
وقفت رقة وهي تتنفس بسرعة عالية، ثم جلست لتستريح على فراشها .. وقالت وهي تضم وسادة صغيرة بنظرة يغمرها السعادة :
_ ده أنا لو بحلم مش هيبقى الحلم بالجمال ده يا شهد .. ده أنا اتهيألي اني فرحانة أكتر من فرحة سندريلا لما الأمير دور عليها ولقاها وأتجوزها .. أشهد أمير .. أمير بجد، النهاردة عشت معاه يوم ولا في الأحلام.
جلست قبالتها شهد وترددت في أخبارها بما قالته نرمين، فأضافت رقة سريعا بسعادة وقالت :
_ والله يا شهد لو شوفتينا النهاردة كنتي تقولي ده الأتنين دول بقالهم عشرين سنة بيحبوا بعض .. وصحيح بصي اداني ايه ؟
أخرجت رقة من حقيبتها هاتف “i phone” إصدار حديث وقالت بضحكة :
_ صمم يديني تليفونه عشان تليفوني أتكسر .. عشان يعرف يكلمني .. أستني هحط فيه الخط بقا عشان لو أتصل بيا.
أوقفتها شهد وقالت :
_ سيبك من التليفون دلوقتي وقوليلي .. أنتي عملتي ايه مع والدته بعد ما سيبتك ومشيت ؟
أجابت رقة بابتسامة واسعة :
_ اتكلمنا عادي ..والله حسيت أنها ست طيبة أوي .. هي بس عشان ما تعرفنيش ، لكن النهاردة حسيت أني بدأت أكسبها .. مش أنا قولتلك كده ؟
ربتت شهد على يدها بابتسامة مطمئنة وقالت :
_ أنتي محدش يعرفك ومايحبكيش يا حبيبتي .. ربنا يتمملك فرحتك على خير .. وأوعي يشغلك كلام العقربتين بنات خالته ..
ابتسمت رقة بثقة واكدت :
_ ما تقلقيش .. أنا عارفة ومتوقعة أنهم مش هيسيبوني في حالي .. بس أنا بمشي زي المثل اللي بيقول ” أمشي عدل يحتار عدوك فيك ” … خليهم يعملوا اللي عايزينه أنا أصلا متجاهلاهم … وأشهد حذرني منهم كمان ..
أطمئنت شهد لما قالته شقيقتها وتأكدت أن ما قالته نرمين لم يكن سوى كيد وكراهية.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبعد منتصف الليل عادت نهال لقصرها وهي منتفخة العينان من البكاء والغضب.. وكادت أن تخطو أول خطوة على الدرج الرخامي حتى أوقفها صوت كريم وهو يخرج من مكتب والده قائلًا بحدة :
_ حمد الله على السلامة !! … بقا في واحدة جوزها ما بقالهوش كام يوم ميت وترجع وش الفجر ؟!
استدارت نهال واستجمعت قوتها وهدوء أعصابها وهي تجيب عليه وتقول :
_ كويس أنك لسه صاحي … عندي كلام مهم عايزة أقوله.
تعجب كريم وقال :
_ دلوقتي ؟!
ابتسمت نهال ابتسامة مليئة بالمرارة وأجابت :
_ آه دلوقتي يا كريم … خلاص مش هضيع من عمري لحظة تاني ببلاش ..
وأشارت له للمكتب وهي تتوجه نحوه وقالت :
_ تعالى نقعد ونتكلم بهدوء ..
(وفي المكتب …)
جلست نهال وقبالتها كريم منتظرا ذلك الأمر الهام .. فابتسمت نهال بمكر وقالت :
_ أنا عارفة أنك بتتمنى أني أرفض الوصية واسيب كل حاجة وأشوف حياتي … وأنا هحققلك الأمنية دي بس تساعدني ..
دهش كريم من تصريحها وسأل :
_ مش فاهم ؟!
شرحت نهال وقالت :
_ أنت عارف زي ما الكل عارف أني لسه بحب أشهد شاهين وبجري وراه … ومن الآخر كده أنا مش هكون على ذمة راجل تاني غير أشهد .. يعني لو أتجوزته هتكون دي الحالة الوحيدة اللي ممكن أرفض فيها وصية ابوك وانسحب واسيبلك كل حاجة .. أنما لو ما أتجوزتهوش هتخسر كتير أوي .. لأني مش هتجوز وهشاركك في كل حاجة … أنا عرضت عليك فرصة العمر وأنت أختار براحتك ..
نهضت نهال لتغادر فأوقفها كريم وقال بنظرة خبيثة :
_ والمطلوب مني إيه ؟
ابتسمت نهال بغرور وقالت :
_ أحنا هنضرب عصفورين بحجر واحد … أنا هاخد أشهد، وأنت تتجوز البت اللي عرفها دي والجرايد بتتكلم عنهم .. ومنها تكون نفذت شرط الوصية وحلال عليك الجمل بما حمل .. أصل يعني ورث ابوك هيشغلني في إيه لما أتجوز أشهد شاهين اللي هو أغنى من أبوك أصلًا ؟!
ضيق كريم عينيه بصدمة وقال :
_ أتجوز مين دي بقت مراته ؟ . .. ده كتب كتابهم كان امبارح!!
ضحكت نهال بسخرية وقالت :
_ لسه قدامنا وقت قبل الفرح… أنا برتب كذا خطة في دماغي ومحتاجة واحد زيك معايا ..
انكمشت تعابير كريم وقالت بغيظ :
_ قصدك ايه بواحد زيي ؟!
ضحكت نهال مرة أخرى وقالت :
_ ما تفهمش غلط .. أقصد محتاجة شاب وسيم وغني وأقدر أثق فيه .. عشان يقدر يعلق البت دي ويخطفها من أشهد .. أنت لو عملت كده هتكون ضربت عصافير كتير أوي بحجر واحد .. ما تنساش أن أبوك كان بيكره أشهد اصلا .. أعتبر نفسك بتنتقم منه ..
فكر كريم للحظات قليلة ثم قال دون تردد :
_ موافق ..
ابتسمت نهال بنظرة انتصار وقالت :
_خلال أيام بسيطة هقولك هنعمل ايه وهتبتدي منين .. بس اللي عايزاه منك تعرفلي كل حاجة عن البت دي، أنا عرفت عنوانها وشوية حاجات عنها ، بس محتاجة أعرف أكتر ..
وافق كريم واقتنع بما قالته …
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
استيقظت رقة في الصباح وهي تتثاءب وتفرد ذراعيها بكسل، ثم ابتسمت وهي تتنهد وتأخذ الهاتف الذي أهداه لها اشهد مؤقتا وتفاجئت عندما وجدت رسالة من رقمه… بها كلمات صباحية جميلة وختم الرسالة كاتبًا:
( هنتقابل النهاردة بإذن الله.. هخلص شغلي وأعدي عليكي عشان نتعشا برا في مكان هادي .. وحشتيني)
اتسعت ابتسامتها وهي تقرأ الرسالة، فأرسلت له رسالة منها على تطبيق ” الواتساب”
( هستناك … تجيلي بالسلامة يا حبيبي)
وكتمت ضحكتها وهي تتخيل ردة فعله من كلمتها الأخيرة .. وانتظرت دقائق كثيرة ولم تتلقى رد!!
بينما هو كان بأجتماع هام بهذا الصباح.. ومر وقت طويل وهو يتحدث مع بعض المهندسين بأمور ضرورية في أحد المشاريع الهامة.. وعندما جلس ليستريح مسك أشهد هاتفه وهو يتحدث مع الآخرين..
وتوقف فجأة عندما وقعت عينيه على كلمات الرسالة وتسحبت ابتسامة ماكرة لشفتيه وشرد بعض الشيء… فحمحم أحد الرجال ليستعيد أشد تركيزه..
بينما أشهد قال وهو ينظر للهاتف:
_ الاجتماع أنتهى..
سأل احد المهندسين وقال:
_ بس لسه كلامنا ما خلصش يا باشمهندس؟!
مرر أشهد يده على شعره بابتسامة وهو ينظر للهاتف ويهمس:
_ فعلًا.. ده فيه كتير لسه هيتقال .. هو أنا قولت حاجة! …
رد المهندس الآخر وقال:
_ طب يبقى الاجتماع أنتهى ليه؟!
انتبه أشهد لمن حوله وعاد لجديته قائلًا:
_ معايا تليفون مهم .. نكمل الاجتماع بعد ساعة كده.
دهش الجميع وبدأوا يغادرون المكتب، وعندما أصبح أشهد بمفرده حاول الاتصال بها مرارًا.. فدخلت رقة بموجة من الضحك للدقائق.
وارسلت له رسالة نصية وكتبت فيها:
( مش هرد .. عشان لما اقابلك أكون وحشتك)
ضيق أشهد عينيه بمكر ثم ابتسم بتسلية وكتب لها ب رد وقال:
( وأنا مش هتصل تاني .. يا مكارة!)
ردت عليه رقة بملصقات كوميدية جعلته يضحك بالفعل وكتب لها قائلًا:
( ليدي بروح طفلة.. وده اللي مجنني فيكي!)
ظلت الابتسامة مرسومة على شفتيها حتى ارسل لها رسالة ماكرة جعلتها تلقي الهاتف وهي تخفي وجهها بيديها في حياء وابتسامة خجولة..
ونهضت رقة تتجول بأرجاء المنزل والابتسامة الواسعة مرسومة على شفتيها .. حتى انتبهت بعد اكثر من ساعة لنقر على باب الشقة..
فاعتقدت أن شقيقتها شهد قد عادت مبكرا من الجامعة، ولكنها شهقت عندما وجدت شوقي يقف بمظهر مخيف وينظر لها بنظرة معذبة مليئة بالانتقام، فصرخت رقة وهي تندفع للخلف بمحاولة ابتعاد وهروب من هذا المجرم.
ولكنه أغلق الباب واستدار ناظرا لها بغضب قائلًا:
_ كنت فكراني مش راجع تاني ولا كنتي فاكرة إنك خلصتي مني؟ .. لا مش بالسهولة دي يا ست البنات .. ده أنا خارج المرادي وناوي نبل الشربات ونتلم بقا في بيت واحد!!
أشارت له رقة بتحذير وهي تبك وترتجف من الخوف وتسير للخلف مبتعدة عنه:
_ أخرج من هنا قبل ما اصوت والم الناس عليك.
ضحك شوقي ضحكة ساخرة ثم قال بغضب:
_ مين اللي هيجي عشان يخرجني؟! .. ده أنا شوقي أبو حتة ولا نسيتي يا حلويات؟!.. يعني كبير المنطقة دي وهفضل كبيرها.. ولو مش مصدقة صوتي ونشوف مين اللي هينجدك مني!.
التصق ظهرها بالحائط في رعب، وعندما اقترب منها شوقي بنظرات انتقامية عنيفة وهو يمسح فمه من قطرات المشروب المُسكر، نهضت رقة سريعا ووقفت أمام النافذة وقالت له باكية بتهديد:
_ لو قربت مني هرمي نفسي من الشباك .. ابعد عني احسنلك وإلا هوديك في داهية.
لم يبالي شوقي بتهديدها وسار متوجها نحوها وهو يقول بدموع تملا عينيه:
_ بقا هو عشان غني في كام يوم لف دماغك وضحك عليكي.. وأنا اللي بقالي سنين بتمنالك الرضا ترضي عمرك ما فكرتي فيا ولو لحظة واحدة! … بس لأ يا ست البنات.. مش شوقي اللي يضحك عليه من حتة بت زيك!
صرخت رقة مع كل خطوة يخطوها نحوها، حتى نظرت للشارع بهلع من النافذة وقررت الخلاص قبل أن يمس هذا المجرم القذر شرفها وكرامتها وينتقم منها .. وقبل أن تدفع نفسها من الطابق الثاني بخطوة واحدة اندفع باب الشقة الخشبي مشقوقا بواسطة عدد من رجال الشرطة .. واندفع حازم على رأسهم متوجها نحو ذلك المجرم بشراسة، وظل يركله ويلقنه الضربات المتتالية بعنف ويلفظه بأبشع الشتائم حتى أصبح شوقي ممددًا على الأرض وتسيل الد **ماء من كامل جسده وفاقدًا للوعي تمامًا.
وصرخت أم بسنت وهي ترى رقة تسقط مغشيًا عليها بعدما أنزلها أحد رجال الشرطة من على النافذة وإنقاذها في اللحظة الأخيرة!!
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وفي الاجتماع..
كان أشهد مبتسما شاردا وسارحا للبعيد والجميع حوله يتحدثون في مهام العمل..
وتلقى فجأة مكالمة من رقم شقيقه حازم، وعندما تكررت المكالمة لم يجيب أشهد وقد قرر أن يهاتفه بعد الاجتماع مباشرةً..
فنفد صبر حازم وأرسل له رسالة شملت ما حدث لرقة في الساعة الفائتة وإرسالها للمشفى فاقدة الوعي من حالة الذعر التي تعرضت لها … انتفض أشهد بذهول من مقعده وعينيه تتسعان على آخرهما من الصدمة والغليان وأصبحت عينيه مسودة كالجحيم وهو يقرأ مضمون الرسالة … ثم ولدهشة الجميع عندما وجدوه يركض خارجا وتاركًا كل شيء خلفه …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى