روايات

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سيلا وليد

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سيلا وليد

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الجزء الرابع والعشرون

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني البارت الرابع والعشرون

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الحلقة الرابعة والعشرون

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
لو كان لي أن أكون شيئا لكِ
لكنتُ نبضا وعافية لا تفارق قلبك ابدا
وما احببتكِ إلا أن تكوني لي الحياة
فدمتي لي شيئا جميلا لا ينتهي
بيجاد_ريان_المنشاوي
❈-❈-❈
كان ينظر للمصعد وهو يهبط ودموع عيناه تنذرف بغزارة.. اختلج صدره ضربات عنيفة تصدر من قلبه الذي يدق بشدة خوفا عليها… رفع بصره لوالده يستنجده بعيناه.. ورغم حزن ريان البادي عليه إلا أنه رفض بشدة.. جذبه من مرفقيه متجها لوالدته… اسرعت نغم ودموع عيناها كالشلال.. لا تعلم أتبكي على ولدها أم على غزل ام على تلك الرقيقة التي انهكها المرض.. ضمه ريان يربت على كتفه يحاول تهدئته.. ولكن كيف لقلب العاشق أن يهدأ ونيران عشقه تنذف دما على محبوبته
إتجه بيجاد لغزل التي تجلس شاردة كأنها جسد بلا روح فكيف لها تخطي مايدور بعقلها من وساوس تؤدي بها للجيحم
جلس على عقبيه ممسكا بكفيها حتى انتبهت له.. رفع كفيها مقبله
– لو سمحتِ إنتِ الوحيدة اللي تقدري توقفي العملية دي.. انزلي وقوليلهم خلاص مش عايزين العملية.. غنى هتموت ياطنط وحضرتك عارفة
انسدلت دموعها بغزارة تنظر للجميع بتيه
ثم أردفت بلسان ثقيل محاولة الحديث
– أنا قولت لجواد العملية هتكون خطرة لكن هو أصر إنها تعملها… مستحملش آلامها.. وأنا كمان اتمنيت أكون مكانها ولا أشوفها تتألم كدا.. رفعت يديها المرتعشة على وجنتي بيجاد وتحدثت بقلب ام وزوجة مفطور
– بيجاد أنا حاسة روحي بتتسحب مني.. عارف يعني إيه لما يكون بنتي وجوزي جوا بين الحيا والموت وأنا عاجزة
شهقت شهقات ببكاء مرتفعة تضع يديها على فمها تكتمها وأكملت وهي توزع نظراتها بين صهيب ومليكة وحازم
– اللي جوا دا مش جوزي بس… دا ابويا وابني وجوزي وحبيبي.. وكل حاجة.. مع إني طلبت منه اجيب ولاد كتير عشان يبقى لنا عزوة كبيرة و محسش باليتم تاني والوحدة لو خسرت حد..
نهضت ببطئ وتوقفت بينهم وأردفت بصوتا مؤلم
– اصلكوا محستوش يعني ايه انك تبقى وحيد في الدنيا دي.. أنا حياتي اتمثلت في جواد وبس.. حتى بعد ماجبت ولاد وبنات هيفضل هو عزوتي الأكبر.. ماهو أول واحد شفتهه عيوني.. وأول كلمة من بنوتة تتعلم الكلام قالتله بابا.. واول اسم لساني نطقه كان اسمه.. شهقات مرتفعة ببكاء من ابنتها رُبى.. ضمها جاسر لأحضانه وهو يبكي
رفعت رأسها من أحضان ابنها ونظرت إليه
– ابوك دا مش مجرد راجل في حياتي.. ابدا ياحبيبي.. لا هو الحياة بنفسها.. يعني لو مفيش جواد يبقى مفيش غزل.. ودلوقتي هو حياته يمكن اخطر من حياة غنى.. يعني أنا مش عارفة ازعل على بنتي نور عيني ولا ازعل على جوزي اللي هو حياتي
قبّل جاسر يديها وأردف بصوتا باكي
– إن شاء الله حبيبتي هيرجعلنا بالسلامة هو وغنى.. تراجعت للخلف تهز رأسها برفض.. ثم اتجهت سريعا ووقفت بين حازم وصهيب
– انتوا عارفين إن قلبه تعبان وضغطه بيعلى ورغم كدا وافقتوا أنه يعمل العملية.. ليه محدش قالي قبل كدا
وصل سيف للتو عندما وصله الخبر… ينظر بين الوجوه.. اتجه لصهيب وتسائل
– فين جواد ياصهيب؟
أطبق صهيب على جفنيه بألم ولم يجبه
أمسكه يهزه بعنف وأردف بصياح
– أنا مش قولتلك متخلهوش يغامر بحياته.. خليت أخوك يروح للموت ياصهيب
كأن الارض تميد بها وتنسحب من تحت أقدامها مع صياح سيف بهذه الكلمات.. جلست بمكانها على الأرضية وتحدثت بهذيان
– هونت عليك ياجواد.. غزل هانت عليك، لدرجادي مش فارقة معاك.. خبيت عليا عشان عارفني مش هوافق لكدا.. بس نسيت إنك بتعرض حياة بنتك للخطر قبلها
خطى بهدوء إلى أن وصل وجلس أمامها
امسك صهيب كفيها وأردف بهدوء
– جواد عمل تحاليل يازوزو.. وكشف عند كذا دكتور وسأل استشارين كتير يعني مستحيل يغامر بحياة بنته.. وبعدين العملية مش خطرة ولا حاجة
صرخت به وضربت على قلبها
– طمن دا ياصهيب وقوله يصدق كلامك.. طمنه وقوله ان مكنش هيموت من شهر.. طمنه وصدق كلامك إن جواد ممكن قلبه مايستحملش العملية..
نظرت حولها بتيه ورفعت يديها كالمجنونة
– طيب ليه ياجواد تعمل كدا.. العملية كانت سهلة على ولادك.. قولتلي بلاش جاسر عشان لسة خارج من إصابة قولت ولا حاجة عندك ياسين واوس وربى.. ويضحك عليا ويهومني بتحاليل أوس وهو اللي هيعملها..
اتجه سيف وجلس بجوار صهيب امامها
– والله لما قالي رفضت ياغزل وحاولت معاه، إنتِ تايهة عن جواد ودماغه الناشفة.. ورغم كدا قولت ممكن صهيب يقدر عليه
رفعت نظرها لصهيب وهزت رأسها
– كنت عرّفني ياصهيب كنت قدرت عليه ومنعته
حاول التماسك رغم خوفه الشديد وتحدث قائلا:
– جواد مش عيل ياغزل عشان نقوله اعمل إيه ومتعملش إيه..
عمو جواد لو شايف واحد في المية خطر على حياة غِنى مستحيل يدخل عمليات معاها ياطنط متخافيش.. هو أكيد عارف ومتأكد انه مستحيل يصبها أذى.. طمني نفسك… قالها بيجاد وهو ينظر للبعيد
ثم ابتسم بحزن يمسح دمعة عالقة بين أهدابه
– هو عرف يضحك عليا ومخلنيش أسافر بيها الايام اللي فاتت وقالي مش هنعمل العملية دلوقتي.. عشان جاسر مصاب..
ابتسم بسخرية واكمل بتأكيد
– وقالي أوس مش متناسق جيناته مع غنى.. وانا الأهبل اللي صدقته وسمعت كلامه وماسفرتش واتفاجئ امبارح انه واهمها إنها هتخف بعد العملية وخلاها تضغط عليا.. اتجه بنظره لوالده
– وبعتلي بابا يقنعني بكدا.. وأنا الأهبل اللي صدقته.. رفع يديه ينظر إليها
– بإيدي دي سلمتها للموت.. بإيدي دي ممكن معرفش اشوفها تاني.. صرخ وصرخ إلى أن انهار كليا.. ضمه ريان الصامت ولا يعلم ماذا يفعل وهو الذي يعلم تخطيط جواد من البداية
❈-❈-❈
بخطى متعثرة اندفعت متجهة حيث وجوده تركض بخطوات بلا هدي علها توصل إليه قبل دخوله تلك الغرفة التي تكرهها… حاول صهيب إيقافها ولكنها دفعته بقوة متحركة سريعا… تحرك بيجاد خلفها هو يعلم بمدى قدرتها على ثأثيرها على جواد.. وصلت أمام الغرفة وارتدت ملابس الوقاية سريعا متجهة للطبيب المسؤل عن العملية التي كانت دائمة التواصل معه.. توقفت عندما وجدت جواد يقف يتحدث معه.. بينما بيجاد الذي منع من الدخول ولكنه توقف ينظر من خلال الزجاج عما سوف تفعله غزل… يبحث بعينيه عن زوجته الحبيبة.. اتت الممرضة لمنعه من الوقوف بذلك المكان المعقم بالكامل
– ” لو سمحت ممنوع الوقوف هنا وممنوع الدخول الدور دا.. دا خاص بالمرضى وانت كدا بتعرض حياتهم للخطر اكتر ماهي متعرضة.. لو سمحت ممكن تمشي”
نظر إليها يستجديه بعينه المتورمة من كثرة بكائه لحظات معدودة ثم أردف بشفتين مرتجفتين
– “ممكن أطلب منك طلب ولو عايزة الدنيا كلها هجبهالك”
نظرت الممرضة إليه بتيه وأردفت
– لو بإيدي حاجة صدقني مش هتأخر.. لقطت عيناه زوجته الحبيبة عندما كانت توضع على ذلك الجهاز اللعين وذلك الفراش البارد الذي يشبه مكان الموتى.. انزلقت دمعة غائرة من شدة حزنه ثم أشار بيديه على زوجته ونظر للممرضة
– “ادخلي لعندها وقوليلها بيجاد بيحبك اد الدنيا ومن عليها من بشر بيحبك اد الكون اللي ربنا خلقه بما فيه.. انسدلت دموعه كالشلال وهو ينظر لأبتسامتها لوالدتها ووالدها ثم أكمل مسترسلا
– قوليلها متخليش بوعدك مع جوزك مستنيكي برة ولو خليتِ بوعدك هيموت بعدك”
بكت الممرضة على حديثه ونظراته المصوبة إليها.. لا تعلم كيف رفعت كفيها تربت على ذراعيه
– هقولها حاضر وإن شاءلله تقوملك بالسلامة.. بس لازم تمشي من هنا لو سمحت والله هقولها
هز رأسه بالموافقة وتحدث
– طيب هستناكي عايز اشوفها قبل ماامشي ادخليلها دلوقتي
نظرت حولها تبحث عن أي طبيب حتى لا يعاقبها ودلفت بهدوء في تلك الأثناء وصلت غزل لجواد الذي كان يتواصل مع الطبيب.. وقفت بجواره وتشابكت يديها بيديه اتجه ببصره إليها مستغرب وجودها
– ايه اللي جابك ياغزل؟ ”
ابتسمت له ورجعت بنظرها للطبيب وتحدثت
– هل يمكنني الحضور لتلك العملية حتى أستفاد من خبرة أستاذي دكتور كارتاوس..
تبسم كارتاوس لها وأردف مؤكد
– بالتأكيد تلميذتي النجيبة
هزت رأسها وابتسمت متجهة بنظرها لجواد الذي ضيق عيناه عندما علم زوجته تراوده بالعناد.. تحرك الطبيب وهو يشير لجواد على الاشاعة X ray امامه متوجها له مدى السيطرة على المرض من خلال نقل العظم النخاعي.. وأن الأمور إلى هذا الحد بالجيد ولكنها ليست بالجيد جدا..
قبضت غزل على كفي جواد وهي تستمع لحديث الطبيب ويقطر قلبها ألما.. رفع الطبيب نظره لغزل وتحدث
– كما تحدثت مع د. غزل قبل ذلك واخطرتها
أن تلك العملية سهل ممتنع.. لا تكاد بالصعوبة ولا بالسهولة.. بسبب تسبب جزء أكبر من دما خبيثا..
أغمضت عيناها ألما لأنها تعلم كل ذلك.. ورغم ذلك اردف جواد بيقين من ربه
– هتعملها وإن شاءلله خير.. عندي يقين بربي إن العملية هتنجح
هزت رأسها رافضة وهي تضغط على كفيه
– جواد الموضوع مش سهل
أمال برأسه مردفا
– “من إمتى وإيمانك ضعيف ياغزل.. اعقلها وتوكل حبيبتي.. ماهو مش هنفضل نقول مستحيل إنها تنجح مكنتش الشعوب خاطرت بالتنكولوجيا.. سبيها على ربنا. الفلاح بيرمي البذور في الأرض وبيقول يارب ارزقني.. الأم بتودع إبنها وهو رايح يحارب وتقوله ترجع بالسلامة.. الدكتور بيدخل يعمل العملية للمريض وهو مش متأكد إنه هينجح ولا لا.. بلاش نقعد نستنى النجاح يجي لحد عندنا.. لازم نجازف واللي ربنا كاتبه
– وياترى المجازف دي اهم من حياتك.. اتجه بنظره لبنته ورجع لزوجته وأردف بقلب أب
– ولو طلبت حياتي مش هتأخر بس دا ميمنعش إنك تكوني متفائلة حبيبتي وخلي عندك يقين بالله انه كله قدر ومكتوب
وصلت الممرضة إلى غنى.. ابتسمت لها ثم أردفت بهدوء
-” الف سلامة على الجميل ”
هزت رأسها وابتسمت وردت عليها
– شكرا.. ذهبت بنظرها لوالدها ووالدتها الذين يقفون مع الطبيب.. تتمنى أن تغلق عيناها على نظرة من عينيه.. أغمضت عيناها بألما عندما احست بوخز بصدرها لا تعلم ماهيته
رفعت الممرضة ثيابها أمامها وهي تهمس لها
– جوزك بيقولك بيحبك أد الدنيا كلها.. ثم ابتسمت لا الصراحة قال أد الكون وماعليه
رفعت نظرها سريعا للنافذة تنظر إليه بإبتسامتها الذي وصلت إليه لتخترق روحه النازفة.. تمنى أن يصل إليها ويعانقها حد الموت… ورغم ماشعر به ابتسم لها ودمع عينيه يحجب رؤيته كاملة عنها
ظل يناظرها ويحادثها بعينيه
” كيف لا أحبك .. فأنا أحبك حتى لو كنتِ وجعا ولو كنتِ نار ولو كنتِ موتاً… فأنا أحبك بل أعشقك يامن ملكتي كياني”
وضع يدهِ على زجاج النافذة وتمنى أن يخترقه ويجتازه حتى يصل إليها
ولكن ليت الأماني بالتمني..
نظرت إليه وحدثته بعيناها
-كيف أتوقف عن حبك وأنا في عينيك اجد ملاذي وحياتي”
مؤلم حبيبي أن تتصنع الراحة وأنت من الوجع تنهار.. عذراً حبيبي فلقد أوجعت قلبك المسكين.. ليت لي قدرة على ابتعادك
فلقد فقدت رغبة الابتعاد حتى لو بعض لحظات.. كيف لقلبي يحيا دونك وأنت من جعلت له نبضا.. فلو أردت موته لكنت ابتعد منذ عرفت مصيري منذ ذاك المرض اللعين
عذرا حبيبي فليس بيدي شيئا حتى أفعله لتخفيف آلالامك.. فكيف لي التخفيف عنك وأنت المخفف لعلاجي
أتعلم إنني اشتقت لك بحجم المسافات التي بين السماء والأرض منذ أن تركتك
أغمضت عيناها وهي تودعه بنظراتها العاشقة.. وتاهت بذلك المخدر الذي سرى بوريدها… تحرك بيجاد مغادر مكانه متجهها لحي القلوب الذي لا يغفل سنة ولا نوم.. اتجه للرحمن الرحيم.. اتجه للذي أقرب بعبده من الأم بولدها.. دلف للمسجد يدعو ربه بكل جوارحه.. اتجه ينظف خطاياه من الذنوب.. اتجه يبكي متوسلا للحي القيوم.. وكيف لعبده الذي يلجأ إليه يرده مخيب الآمال.. اتجه ثم توضئ وقام يسجد لربه ويدعوه بقلبه بيقين
اللهمّ لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك إنّك على كلّ شيءٍ قدير، ربّي قد مسّ زوجتي الضرّ وأنت أرحم الرّاحمين”.
“اللهم إني وضعت زوجتي في ودائعك يا الله وودائعك لا تضيع أبدًا اللهم اشفِ زوجتي شفاءً لا يغادر سقمًا
بكى بدموع تلين الحجر.. دموع تغسل قلبه من ذنوبه ثم دعى من بين بكائه
اللهم اشفِ زوجتي شفاءً ليس بعده سقمٌ أبدًا، اللهم خذ بيدها، اللهم احرسها بعينك التي لا تنام، واكفها بركنك الذي لا يرام واحفظها بعزك الذي لا يُضام، واكلأها في الليل وفي النهار، وارحمها بقدرتك عليها أنت ثقتها ورجائها يا كاشف الهم، يا مُفرج الكرب يا مُجيب دعوة المُضطرين”.
انتهى من دعائه جلس يمسك بمصحفا يقرأ بعض الآيات التي تشعره بالراحه… حتى تطيب على قلبه
« ربي أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا”
ثم فتح سورة البقرة… اتجه ريان يجلس بجواره يربت على ظهره
– كنت عارف مهما تغلط بس أكيد مش هتنسى تربيتي.. نظر بعيناه الباكية
“مفيش حد مننا كامل يابابا.. ربنا عفوا غفورا.. أنا بشر والبشر خطاء بس ياترى ربنا بيعاقبني على أفعالي بيها.. امسك كف والده
” بابا أول مرة أخاف أخسر حاجة.. لو حد سألني قبل كدا فيه حاجه تفرق معاك كنت هقوله لا.. مكنتش أعرف إنها هتكون نقطة ضعفي.. أدعيلها يابابا لو بتحب أبنك حقيقي ادعلها يمكن ربنا يتقبل منك ”
ضمه ريان لأحضانه
” بدعيلها حبيبي إن شاءلله نتجاوز المحنة
❈-❈-❈
عند جواد وغزل
سحبها جواد متجها بها لركن بالغرفة
” ناوية على إيه يازوزو؟ ”
عقدت ذراعيها أمام صدرها وأردفت
– ناوية اكون جنب بنتي وجوزي ياحضرة اللوا اللي اتلاعب بيا
ابتسم بحب يضمها لصدره
– خايف عليكي ياقلبي إحنا اتكلمنا في الموضوع دا يازوزو.. وبعدين هنرجع نتكلم تاني.. هو إنتِ عيلة اوي كدا
مدت يديها تمسك كفيه وتضعه على قلبها
– جواد.. دا مش هيستحمل حبيبي، لو سمحت ياجواد بلاش تغامر بحياتك وخلي حد من الولاد”قاطعها عندما وضع يدهِ على شفتيها
– مستحيل أقعد برة ياغزل وولادي الأتنين بين أيد ربنا وأكون مرتاح.. بلاش اعرض الأتنين للخطر كفاية علينا غنى.. جذب رأسها وقبّلها
-“العملية هتتعمل يازوزو وغنى هتقوم بالسلامة خليكي واثقة من كدا”
هزت رأسها تمسح دموعها براحتيها
– هكون معاكوا جوا ومتخافش مش هعمل حاجة بس لازم اكون مرتاحة انتوا قدام عنيا.. عارفة العملية سهلة ومش محتاجة الخوف دا كله.. بس برضو.. بكت
ضمها لأحضانه واردف
– “العملية تافهة على الدكتورة غزل اللي بتعيط زي الأطفال”
نظر لعيناها وأكمل
– انا قرأت في بعض الأحيان مابيحتاجوش تخدير.. معرفش ليه عامل الدنيا جهنم ياغزل… ممكن تهدي.. العملية بسيطة مش محتاجة الحزن دا كله
نادت الممرضة على جواد حتى يجهز
رفع ذقنها وأردف
– ” دعواتك يانور عيوني” قالها وتحرك
ظل الحال لمدة شهر.. بعدة مرات تقوم بها غنى وجواد لنقل النخاع الذي عبارة عن تغيير الدم الفاسد بآخر حتى تمت العملية بنجاح
ظلت غنى فترة تتلقى العلاج بعد العملية وهي محجوزة بمكان بعيدا عن الكل… لم يرونها إلا من خلال نافذة الزجاج.. حتى اتم علاجها بالكامل
في اليوم المقرر لخروجها
جلس جواد مع صهيب، حازم وسيف
– محتاج منكم خدمة أو ممكن يكون طلب
صمت الجميع ثم رفع جواد نظره لسيف أولاً
– هتنزل الفيوم وتدبح مواشي كتير وتوزعها على البلد كلها وتحط مبلغ كويس للجوامع والجمعيات اللي هناك..
أومأ برأسه موافقا… اتجه ببصره لحازم
– دار الأيتام ياحازم.. سمعت عن دار في الجيزة مفيش فيها خدمات والدار دي لست عجوزة اشتريها منها لو رضيت وقولها هنخليها بأسمها وخدها اعدها ترتيبها من اول وجديد.. عايز الدار دي تسّمع في مصر كلها
ابتسم له حازم وأردف
– اعتبره حصل.. ومش بس كدا هشتري الأراضي اللي جنبها كلها وأوسعها ماهو ماينفعش تاخد الثواب كله ياحضرة اللوا
ضحك جواد وربت على ساقيه
– دايما بتبصلي ياله حتى في الخير
اتجه بنظره لصهيب الصامت
صهيب إنت هتروح كل مكان ماهو علاج للأورام وتحاول يكون فيه مكان بالمجان لو أضطريت تدفع فلوسي كلها وفلوس ولادي مش مهم المهم الناس تعرف تتعالج من المرض اللعين دا.. المهم نحاول نخفف من آلالام الناس.. عندك مستشفيات كتيرة محتاجة دعم.. ووزع أي حاجة على الفقرا والمساكين وخليهم يدعوا لاولدنا بالصحة
ضمه صهيب وادمعت عيناه مردفا
– ابوك عرف يربينا ياجواد كويس… يارب يااخويا نكون عرفنا نربي ولادنا صح
هنا صرخ سيف من أعماق قلبه بسبب ابتعاد بناته عن الدين ولهيهم بحياة الغرب
اتجه سيف لجواد وأردف قائلا
– للأسف ياجواد معرفتش أربي بناتي على القيم والأخلاق
ربت جواد على ساقيه وتحدث
– إن شاء الله هيتغيروا ياحبيبي.. المهم خليهم يختلطوا ببنات عمهم وخليهم يواظبوا على الصلاة.. دي اول حاجة تعملها
بالأسكندرية عند ريان
كان يجلس بحديقة منزله يتناول قهوته ويعمل على جهازه المحمول قطع وصلة عمله عندما استمع لصوت أحدهما
– طول الوقت مفيش غير الشغل… ياعم ارحم نفسك شوية
نهض مقهقه عليه ثم ضمه
– جو ياهلا وأنا بقول ايجيبت نورت ليه
رفع حاجبه ينظر بسخرية
– لا والله طول عمرك بكاش يابو عمر
جلس ريان بعدما حيى فريدة
– عاملة إيه مدام فريدة… حمدالله على السلامة مصر نورت والله
لكزه يوسف بكتفه
– على أساس إنت قاعد في مصر مش في اسكندرية.. نظر ريان حوله واتجه للبحر
– أنا بقيت عامل زي السمك لو خرج من المية يموت.. مقدرش أعيش بعيد عن إسكندرية دي موطني يابني
ربت يوسف على ظهره
– ربنا يديلك طول العمر.. قاطعتهم فريدة
– هي نغم مش موجودة ولا إيه.. حمزة قالنا إنكو في الجنينة
نظر إلى اتجاهها وهي تتجهه نحوهم وأشار بيديه
– جت أهي.. وقفت تنظر لهم
– معقول يوسف وفريدة مرتين في السنة في مصر
ضحك ريان وتحدث
– مقولتش حاجه أنا.. انتوا كدا عملتوا أنجاز انكم تيجو مرتين مصر في السنة
تنهد يوسف بحزن وأردف قائلا
– تعبت من الغربة ياريان وولادي كمان تعبوا جه الوقت اللي نرجع بلدنا
أومأ ريان برأسه وتحدث
– ولادك هنا في مصر.. البنات والولاد
أومأ برأسه
– ايوة مروان وليليان معايا.. بس هم في شقتنا اللي هنا.. فريدة طلبت تيجي تشوف نغم.. اه وهمس رجعت هي ومالك كمان
عايزة اروح اشوفها ياريان وحشتني اوي قالتها نغم
نظر إليها متنهدا
– نروح نطمن على غنى الأول وبعدين لما نرجع تروحي لها
انشرح قلب يوسف وتحدث
– ربنا اتم شفاها خلاص.. انت آخر مرة قولتلي انها خلاص على مشارف الشفى
أومأ ريان برأسه
– ايوة الحمدلله ودخلت مرحلة العلاج الطبيعي للقضاء على المرض نهائيا ورجعت بيتها النهاردة والحمد لله.. مش عايز اقولك عيشنا أيام على أعصابنا مابين الحياة والموت.. حتى فقدنا مرحلة شفاها
لكن الحمد لله الاسبوع دا كان مرحلة نقاهة ودخلت العلاج الطبيعي دا ممكن ياخد من شهر لشهرين ترجع لحياتها الطبيعية
رفع يوسف نظره لفريدة وتحدث
– أيه رأيك يافيري.. نروح نشوفها ونطمن على والدتك بالمرة
وافقته فريدة الرأي وتحدثت
– الصراحة غزل دي ست أنا مسمياها الأم المثالية يعني بعد فراق دام لسنوات كتيرة ولما ربنا يرجعلها تكتشف المرض الخطير دا.. لا مقدرش اكون مكانها
ردت نغم بموافقة وأكملت
– دا أنا مقدرتش تكون مرات إبني كدا..مضحكش عليكي كنت رفضت جوازها الأول من بيجاد لما عرفت مرضها..لكن ربنا ربت على قلبي وحطيت نفسي مكان أمها الله يكون في عونها وربنا يتمم شفاها على خير
أمن الجميع على دعاء نغم
❈-❈-❈
في مزرعة باسم قبل شهرين من الآن وتحديدا بعد إصابة جاسر
دلف باسم لغرفته وجدها تجلس تبكي بصمت.. اسرع يضمها لأحضانه
– حياة مالك بتعيطي ليه؟
أزالت دموعها ونظرت إليه بعدما خرجت من أحضانه
– شوفت اللي حصل الحقير كان عايز يغتصب فيروز ياباسم..
ربت على ظهرها وتحدث بهدوء
– الحمدلله حبيبتي قدر ولطف وان شاءلله هتنسى مع الوقت
هزت رأسها رافضة
– دي بتقوم تصرخ وتقول ابعد عني.. وكل مااقربلها تقولي عايز يغتصبني
جذبها من كفيها متجها لفراشهما وجلس وأجلسها بأحضانه.. يربت على خصلاتها وتحدث بهدوء رغم حزن قلبه عليها
– هشوفلها دكتور نفسي.. يشوفها ويكلمها.. ظلت بأحضانه تشعر بحنانه إلا أن غفت بين أحضانه.. قبّل جبينها وأعتدل يعدل من وضعية نومها وقام بدثرها جيدا بالغطاء ثم خرج للخارج… استدعى الرجال الذين كانوا مرافقين لحمايتها ثم قصوا عليه ماصار
زفر بغضب يمسح على وجهه بعنف يكاد يقتلع جلده
– مين اللي عرفهم العنوان ماهو أنا هتجنن من اللي حصل.. ثم هدأ قليلا وأكمل حديثه
– دادة علية فين دلوقتي..
تحدث رجلا منهم
– ودناها مستشفى ياباشا لانه شكله ضربها واغمى عليها من النزيف اللي اصابها في راسها
أشار بيديه إليهم للتحرك بعد ماوعدهم بالعقاب.. رفع هاتفه وتحدث لعثمان
– عثمان قبضوا على ناجي النهاردة ولا هرب زي كل مرة ومعرفتوش تعملوا حاجة
زفر عثمان بغضب واردف بهدوء
– هرب ياباسم.. بس دراعه اليمين معانا
“محروس ” قالها باسم
ايوة الزفت اللي ضرب على جاسر.. هو عامل إيه دلوقتي
أومأ برأسه باسم وهو يدلك جبينه
– الحمدلله كويس فاق اخيرا.. كنا خايفين يدخل غيبوبة بس طبعا قدامه شهرين تلاتة عشان يعرف يتحرك طبيعي الاصابه كانت في مكان خطر متنساش، انه مضروب في قلبه
حزن عثمان لما استمع إليه ثم تحدث
– اللوا جواد عامل إيه
– كويس.. اجابه باسم ثم تحدث قائلا
“عثمان إنت متأكد من معلومات فيروز.. معرفش ليه بدأت أشك في حاجة
ضيق عثمان عيناه
– مش فاهم قصدك ياحضرة العقيد.. تقصد إيه
– مين اللي عرف ابن عمها مكان شقة جاسر
-” جواد” اجابه عثمان… ثم صمت قليلا واردف
– راحو كتبوا بلاغ في جواد وجاسر، إنهم خاطفينها..
وبعدين.. تسائل بها باسم
اجابه عثمان
– جواد قاله هي طلبت الحماية ومنعرفش هي مين.. وبعد كدا اداله العنوان
صمت باسم للحظات ثم تسائل
– وأيه اللي عرفهم انها مع جاسر.. ثم نهض سريعا وتحدث الكلام دا كان إمتى بالضبط
يعني قبل الهجوم بساعة كدا…
تحرك باسم ذهابا وأيابا وعقله يعمل بكل الأتجاهات ثم سأل عثمان
– انتوا ازاي ملقتوش شحنة المخدرات ياعثمان مش المفروض كنتوا تمسكوا ناجي بالمخدرات
أجابه عثمان بحزن
– للأسف هربوا قبل وصولنا بدقايق.. لا وزي مايكونوا عارفين إننا رايحين
بالمشفي عند جاسر بعد إفاقته
جلست غزل بجوار جواد ينتظرون إفاقته الكاملة بعد نقله لغرفته… امسكت غزل كف جواد وأردفت
– حبيبي ممكن طلب ياجواد لو سمحت
ضيق عيناه وتسائل..
– أنتِ ماتطلبيش ياغزل.. جذبها ثم قبّل جبينها.. حبيبي يؤمر بس
امسكت كفيه وقبلته ثم رفعت بصرها إليه
– فكر في موضوع جاسر وفيروز تاني.. البنت شكلها طيبة وبتحبه… أنا شوفتها يوم فرح غنى.. ايوة مكنتش أعرف العلاقة بينهم بس الصراحة لفتت نظري
ربت على كفيها بذهنا شارد ثم أردف
– الموضوع مابقاش يخصني ياغزل.. الموضوع عند إبنك دلوقتي
ابتسمت له واردفت
– يعني إنت موافق حبيبي.. موافق على إرتباطهم
فيه حاجه عايز اتأكد منها ياغزل الأول.. البنت من خمس سنين كانت عايشة مع جدتها وبعدين نقلت تعيش مع ابوها بعد ماامها اتجوزت عمها، الخمس سنين دول معرفش عنهم حاجة… لكن قبل كدا اعرف إن جدتها ام أمها ربتها كويس
ضيقت عيناها متسائلة
– مش فاهمة قصدك حبيبي… قاطعهم صوت جاسر وهو يهمس بأسم ابيه
“بابا ” نهض جواد متحركا إليه
– عامل إيه يابطل.. حاسس بإيه ياحبيبي
رفع بصره لوالده
– الحمدلله.. صدري وجعني شوية بس
اتجهت غزل تملس على خصلاته
– حمدالله على سلامتك يانور عيني.. كدا تخضني عليك ياحبيبي
حرك يديه بهدوء ممسكا كفيها
– آسف ياحبيبتي.. مقصدش ازعلك وأحزن قلبك.. امالت برأسها وقبلت جبينه
– ربنا يباركلي فيك وفي اخواتك ياحبيبي.. همست له مردفة
– يالة فوق بسرعة عشان عايزة افرح بحبيبي الغالي هو عروسته ام عيون زمردي دي اللي خطفت قلب ماما اول ماشفتها
ذُهل جواد من حديث غزل.. حاول أيقافها من نظراته ولكنها اكملت
– بابا وافق على فيروز وقالي بس يفوق ويخطبها ومش بعيد نكتب كتابكوا كمان
رفع جواد حاجبه إليها علها تسكت ولكنها اكملت مايقسم ظهره
– أول ماتقدر تشد حيلك هنروح نخطبها على طول وكمان هنخلي باسم وكيلها والبنت كدا كدا عدت السن القانوني ياعني لا محتاجة عمها ولا امها…المهم اشوف سعادة ابني الغالي على وشه
اغمض جواد عيناه بالما من غباء زوجته التي وضعته في مواجهة مع ابنه
رفع جاسر نظره لوالده وتحدث
– صحيح يابابا وافقت…قالها جاسر بصوتا مرهقا
ابتسم له بحزن شديدا..ثم اطرق رأسه للأسفل قائلا بصوتا ثقيلا
– ان شاءالله ياحبيبي.. فوق بس إنت واللي فيه الخير يقدمه ربنا
بعد اسبوعين مكثهم جاسر في المشفى ينتظر خروجه على أحر من الجمرات حتى يطير لخاطفة القلب
كان والده يجلس بجواره يقرأ بمصحفه.. بينما اوس الذي يطالع هاتفه.. اشار بيديه لاوس أن يعطيه هاتفه
– عايز التليفون ليه يابني.. هتكلم مين دلوقتى
لكزه جاسر بكتفه وهمس عايزك تخرجني أتمشى شوية ممكن تعبت من النوم
صدق جواد من قرائته وسأله
– حبيبي عايز حاجه
هز رأسه رافضا…
– سلامتك يابابا.. كنت بقول لأوس أتحرك شوية واستند عليه بس
نهض جواد متجها إليه.. دلف صهيب وسيف في تلك الأثناء يقولون
– لا دا ماشاء الله البطل وقف وبقى تمام كدا
ابتسم جاسر لهما وأردف
– أعمامي حبايبي اللي مسبونيش.. ياربي على جمالهم يكملوا جميلهم ويخلوا بابا يخرجني من هنا لاني بجد زهقت
ضحك سيف ناظرا لجواد
– الواد دا طالع بكاش لمين.. دا حتى محدش مننا كدا.. رفع جواد حاجبه بإستهزاء ثم تحدث
– والله ماسايب منك حاجة.. حتى هبله وسرمحته لعمه سيف
قهقه صهيب وأشار بيديه
– لا في دي جواد عنده حق السرمحة هتقولي عليها.. دا انت أكبر مسرمح يابني
وضع سيف يدهِ بخسره ورافعا حاجبه مردفا بسخرية:
– شوف إزاي أنا كنت سرموح وأنت ياصهيوب كنت مؤدب.. فينك ياغزل تعالي إشهدي على صهيوب
دلفت غزل تضحك ثم قالت
– لا فيه هنا حد جايب في سيرتي.. ياترى مين.. اتجهت لأبنها الذي يقف مستندا على آخيه
– حبيبي رايح فين
أغمض عينيه متألما ثم تحدث
– عايز اتحرك ياماما تعبت من النوم
ربتت على كتفه وأشارت لأوس
– خليك مع أخوك يااوس وأنا عندي كشفين وراجعة عشان هنروح كلنا مع بعض النهاردة…توقف جاسر مبتسما
– هخرج النهاردة من المكان دا اخيرا
هنا أغمض جواد عينيه عندما وجد ابتسامة إبنه التي تنير وجهه وعلم سببها..كيف سيخبره ويقنعه إنها ليست الفتاة التي يشاركها حياته بعدما علم بحقيقة كذبها
❈-❈-❈
عند باسم وحياة
خرج باسم لعمله ولكن قبل خروجه تحدث إليهما
– ممنوع الخروج برة… رفع بصره لفيروز وتحدث
– ابن عمك بيدور عليكي زي المجنون وطبعا لو وصلك مقدرش امنعه.. ثم اتجه لحياة وقام بتحذريها فمنذ تلك الليلة لم يتحدث معها ولم يشاركها حتى الطعام بسبب اعتكافها مع فيروز وبعدها الكامل عنه
ابتلع ريقه بصعوبه من مظهرها الطفولي بتلك الثياب القصيرة التي يُرسم عليها ألعاب كارتونية ورغم إنها عارية وطفوليه إلا انها جذابة ألهبت حواسه بالكامل… يتمنى عناقها ودثرها بأحضانه… حقا يشتهيها كما يشتهي الأطفال الحلوى.. ظلت نظراته ثابتة عند شفتيها المغرتين وتمنى أن يتذوق طعمهما بلونهما الجديد الذي اختارته بعناية فائقة ورائحتها المسكرة التي أخدرته بالكامل جعلته كالمخمور
اقترب ناسيا أومتناسيا فيروز التي تناظرهما.. ضم وجهها بين كفيه مررا اصبعه على خديها… لم يحيد ببصره عن تلك الشفاه.. ورغم أن ملامحها الجامدة التي رسمتها بإتقان على عكس مابداخلها من نيران تتمنى قربه وبعده… نعم تريده ولا تريده أصبحت مذبذبة المشاعر
اقترب ملتقطا شفتيها بقبلة بث فيها مشاعره التي يحاول دفنها أمامها.. حاولت دفعه ولكنها محاولات واهية… جذبها من خصرها متجها بها لغرفته عندما خرج عن سيطرته الكاملة… غاص معها للمرة الثالثة بجنة نعيمها التي لم يتسطع الأبتعاد عنها مرة أخرى
بعد فترة اعتدل يمسد على كتفيها العاري وهي تغفو او ربما اصطنعت غفوتها حتى لا تتقابل بنظراته.. قبل جبينها ممسدا على خصلاتها بحنان لا يعلم ماذا يفعل لكي يخبرها أنها اصبحت عشق مقدس لخلاياه.. نهض بعد فترة.. بعدما ترك لها رسالة
” حياتي استنيني مساءا.. لازم نتكلم المرة اللي فاتت هربتي من حديثنا اتمنى ارجع الأقيك مستنايني واللي إنتِ عايزاه هعموله لك
ضغطت على الورقة التي وضعها بالقرب منها وانسدلت عبراتها بغزارة… كيف لها أن تعشقه وتكره.. كيف لها ان تضعف امامه.. اتخذت قرارا لا رجعة فيه بعدما وجدت لا محالة من هروبها حينما علمت بحملها.. ايقنت إنه انتصر عليه وسيحصل على الأبن الذي يعوض ابنه المفقود..
اتجهت سريعا لفيروز وتحدثت
– الوقت جه عشان نكمل باقي الجزء جاهزة… هزت فيروز رأسها وتحدثت
– بس لازم أشوف جاسر قبل مانمشي
صرخت بها حياة وتحدثت
– فيروز انا مجبتكيش هنا عشان تحبي جاسر حق وحقيقي متنسيش انتِ بنت مين ومستحيل حضرة اللوا هيوافق على بنت تاجر مخدرات سواء ابوكي ولا عمك الاتنين عملة واحدة
شهقت فيروز شهقات مرتفعة واردفت
– بس حبيته بجد ياحياة أنا بحب جاسر حق وحقيقي مش تمثيل.. أنا خلاص مش عايزة اكمل ياحياة.. إنت بتنتقمي من باسم جاسر ذنبه إيه
ضحكت حياة بإستخفاف
– طيب هيفضل يحبك لما يعرف إنك لعبة
دا الوحيد اللي اقدر اوجع باسم بيه.. انت متعرفيش جاسر بالنسبة لباسم إيه دا ابنه.. هو اللي مربيه وهو قالي في أول تعارفنا
أنا عندي ولد ممكن اهز الدنيا كلها لو شوفت دمعة من عينيه.. انتِ مشفتويش عمل إيه في أسامة دا خلاه مينفعش يتجوز ولا يقرب من بنت تاني مفكرك بتحبيه زي مابيحبك..
اتت للتتحدث فيروز أشارت بيديها
– ولا كلمة دلوقتي هنعمل عصير زي كل يوم ونبعته للأمن تكوني جهزتي عشان نسافر إسكندرية.. عايزة ابعد عنه وعن ابويا اللي بيحاول يستغلني في أعماله المشبوه
❈-❈-❈
عودة للوقت الحاضر بعد عملية غنى
خرجت غنى من المشفى.. كان ينتظرها بخارج الغرفة.. تحركت ببطئ إلى أن وصلت إليه.. توقف الزمن هنا.. نعم كانت تراه من خلف الزجاج لمدة شهر.. لم تلمسه ولا تسمع صوته اليوم يقف أمامها بهيئته الجذابة.. اليوم ستلقي نفسها بأحضانه وتنعم بها
رفع بصره يحتضنها بعيناه البني تقابلت بنيته برماديتها الخلابة ورغم مرضها إلا انها مازالت تخطف قلبه..خطى إليها إلا ان وصل أمامها مباشرة ثم رفع يديه أمامه يحذرها
– خايف أحضنك اوجعك..أنا هحضنك براحة تمام… كم كانت جميلة امامه… نظراتها الحالمة لوجهه جعلته غريقا بعشقها كعشق قيس مجنون ليلى
انسدلت دموعها ثم تحدثت بشفتين مرتجفتين
– وحشتني أوي.. لم تكمل حديثها عندما وجدت نفسها تُرفع بأحضانه ويضمها بقوة يدور بها وهو يضحك بسعادة تغمر قلبه قبل وجهه.. انزلها بهدوء واضعا جبينه فوق جبينه هامسا لها
– انتِ مش وحشتيني.. إنتِ موتني من بعدك..رفعت نظرها لشعره..ثم لمست وجهه
– انت حلقت شعرك ليه
اقترب يقبّلها قبلته التي حلم بها منذ أن تركته…قبّلة وضع بها كم اشتياقه لها ثم تحدث بأنفاسا متقطعة
– فداكي مليون شعر..المهم تكوني بأحضاني..
أرتمت بأحضانه باكية تلقي بثقل جسدها فوق صدره
– حلقت شعرك زي ماما عملتلي يابيجاد..رفعت بصرها تلمس وجنتيه ورأسه التي لم ينبت منها سوى القليل من خصلاته
– بس إنت كنت بتحب شعرك أوي.. قالتها ببكاء وكفيها يرتجف على وجنته
قام بتقبيل كفيها… كم آلمته دموعها التي تغرق وجهها.. تمنى لو يعمل أكثر من ذلك حتى لايؤلم روحها
ابتعد عنها ببطئ.. ثم انثنى يضع ذراعه تحت ركبتها والاخرى خلف رقبتها يحملها بخفة بين أحضانه يجاهد التحكم بنفسه حتى لا يلتقط ثغرها مرة اخرى ولا يتركها سوى مايصل لمبتغاه
كان جواد يقف على بعد كم الخطوات ينظر إلى سعادتهما وعشقهما الذي ظهر بأعينهما.. ورغم شعوره بالغضب من تبجح بيجاد إلا انه اعجبه تمسكه بأبنته… وصل جاسر ووقف بجوار والده بملامح جمة غاضبة.. وقف ينظر لسعادة إخته
رمقه جواد سريعا ثم اتجه لبنته التي حملها بيجاد خارجا من المشفى..
– عملت إيه ياجاسر انت وباسم لقيتوا حياة؟
تسائل بها جواد
أطبق جاسر جفنيه في محاولة لكبت نوبة غضبه التي وصل بها في أيامه الاخيرة
ثم نظر لوالده
– للأسف يابابا قلبنا الدنيا كلها ومش لاقيناهم
ابتسم جواد بسخرية عندما تذكر حديث باسم ثم اردف
– ليه الدنحوان اللي عامل فهلوي معرفش مكان مراته وابنه.. قالها بسخريه ثم رفع بصره لأبنه واكمل حديثه الساخر
– ولا حضرة الضابط النبيه اللي حتة بنت عرفت تتلاعب بمشاعره.. ووقعته زي الاهبل… الصراحة انتوا الاتنين تستاهلوا خليه يلف زي المجنون كدا.. أمال برأسه وهمس لأبنه
– تعرف لو مش محترم ذكاء البنتين كنت قولتلكم مكانهم.. بس انتوا اغبية وهم علموا عليكوا… قالها جواد ثم تحرك من أمامه
في فيلا صهيب
رجع عز من عمله وشعور الأرهاق والتعب يحتل كيانه… دلف للداخل وجد جنى وربى يجلسون يتحاكون… اتجه ملقيا السلام عليهما ثم جلس مغمضا عينيه
نهضت ربى تجلس بجواره
– حبيبي مالك شكلك تعبان ليه كدا
اغمض عيناه وأردف بهدوء
– تعبان أوي أوي ياحبيبتي.. نهضت جنى حتى تترك لهما المساحة الخاصة وتحدثت
– هروح اعملكوا عصير فريش
هز عز رأسه وهو مازال مغمض العينين
دنت منه ولامست خصلاته تزيحهها عن وجهها ممسدة عليها بهدوء حتى يشعر بالراحة وينام… ولكنها وجدت نفسها فجاة على ساقيه
نظرت حولها تدفعه بإستحياء
– عز اتجننت.. بتضحك عليا… جذب وجهها وهو يهمس
– والله مابضحك عليكي ياقلبي.. أنا تعبان ومحتاج جرعة كبيرة عشان أفوق.. يرضيكي حبيبك يكون محتاج جرعة دوا وانت رافضة
ضيقت عيناها متسائلة
– دوا إيه ياحبيبي دا وأنا اجيبه لك فورا… لم يدعها تكمل حديثها عندما التقط شفتيها بقبلة جامحة افقدتها ميزانها واربكتها مما جعلها تبادله جنونه ولم يفصلها سوى صراخ جواد عليهما
– “عزززز” قفزت ربى من على ساقيها ووجهها اشتعل بنيران الإستحياء من والدها الذي ظهر من العدم… اتجه اليهما بخطوات سُلحفية ينظر إليهما بغضب… مما جعل ربى تغمض عيناها وتريد أن تنشق الأرض وتبتلعها.. نظر جواد لربى وتحدث
– على البيت أختك وجوزها جم..
هرولت سريعا تنظر للاسفل دون حديث… قبض جواد على ملابس عز ينظر إليه بنظرات جحيمية وتحدث بغضب
– كنت بتعمل إيه يلا
مط عز شفتيه للأمام يضرب كفيه ببعضهما ثم اردف:
– ماإنت شوفت لازم تسأل.. مش عيب ياعمو الأسئلة المخجلة دي
أمسكه من اذنه وتحدث من بين أسنانه
– لما إنت عارف إنها مخجلة ياروح ابوك بتعملها ليه…وكمان علني..دا أنا شفتك يلآ
زفر عز وأراد ان يستفزه
– ماحضرتك الغلطان ياعمو..كان لازم تيجي دلوقتي…دا حتى البوسة مش عارف اخدها
مسح جواد على وجهه بغضب محاولا ألا يصفعه..ثم صك على أسنانه وهو يشتعل بنيران يود لو يحرقه كاملا
– دا إيه الفُجر اللي فيك دا يلآ لا ومش مكسوف مني وبتقولها كأنك فوزت بجائزة نوبل
رفع عز جانب وجهه وتحدث بسخرية
– ليه دا كله عشان حتة بوسة… وياريتها بوسة عبدالحليم حافظ دي بوسة بريئة.. يعنى حتى البوسة البريئة مش عارف اخدها
– “صهههههههيب “صرخ بها جواد عندما فقد أعصابه.. خرج صهيب من مكتبه هو نهى ينظرون إليهما بغرابة… أمسك جواد عز من ثيابه.. عندما اجتاحت اوردته تيارا جارف من الغضب الجحيمي رافقه شعورا بالغيرة على ابنته… ثم دفعه بقوة على والده
– الولد دا لو قرب من ربى تاني هموته بقولك أهو
قهقه صهيب على عز عندما اقترب من عمه وأردف يعانده
– على فكرة ياعمو حضرتك ناسي إنك بتتكلم عن مراتي وممكن اطلبها حالا في بيت الطاعة واخدها من قدام عينيك وانت ولا تقدر تعمل حاجة… لكن ابنك حبيبك هيكون رؤوف بحالتك دي وهيدلك مهلة لحد بكرة ياإما تحدد ميعاد لفرحنا… يااما بعد تسع شهور استنى مني حفيد
اسرع جواد محاولا القبض على عنقه
– والله ماأنا سايبك يابن الكلب.. وقف صهيب بينهما وهو مازال يقهقه على عز
دفع صهيب عز.. اعتذر لعمك يلآ على وقاحتك
ضيق عز عيناه وتسائل
– وقاحة ليه يابابا… حضرتك عارف عمو عامل الشو دا كله ليه… عشان شافني ببوس مراتي بوسة بريئة
– والله ماانا سايبك.. اسرع عز للخارج وهو يضحك بشقاوة مردفا
– ماهو يتلمني ياتلاقي وعدك معايا… وهتشوف كل يوم حاجات كدا وكدا
ضحك صهيب بصخب مردفا
– شيل بقى ياابو الجود مش دا تربيتك
تحرك جواد لمنزله مردفا بعدما فقد أعصابه من ذلك الوقح
– تعالى بعد شوية يوسف وريان هيجوا عشان يباركوا بخروج غنى… عرف اخواتك حازم وسيف..وأبعد البغل دا عني
اتجه لمنزله
حمل بيجاد غنى لجناحها..ادخلها بهدوء ووضعها على فراشها..جالسا بجوارها..ينظر لجمال عيناها..دنى يجذب وجهها يلتقط ثغرها ويحتضتنه بعشق بين خاصتيه مردفا من بين قبلاته
– كنت بموت من غيرك ياحبيبي..نظر لعيناها مرة أخرى يملس على خديها
– مفيش حياة ليا وإنتِ بعيدة عني وحشتيني أوي أوي ياحبيبة بيجاد
رفعت كفيها مثلما فعل وتحدثت
– وتفتكر هيكون فيه حياة لغنى ومفهاش بيجاد ياحبيبي…ابتلع كلماتها بين شفتيه هنا دلف جواد بعلاجها
اغمض عيناه راجعا للخلف يستغفر ربه ويلهمه الصبر على ذاك المختل الثاني كما نعته… قام بالطرق على باب الغرفة بعدما وجده مفتوحا… تراجع للخلف ثم اتجه يطرقه
نهض بيجاد ليرى من الذي أتى.. حمحم جواد يناوله بعض ادوية غنى ثم تحدث
– لسة قدامنا اسبوع كمان تخلص العلاج دا….. انتظر قليلا وأردف بمعنى
– اسبوع كمان يابيجاد يارب تكون فاهم قصدي..امسك العلاج من يديه ثم اغلق الباب وتحدث
– ولا ساعة كمان ياحمايا العزيز
قبض جواد على معصمه حتى ابيضت مفاصله وتحدث من خلف الباب
– إياك تتمادى ياحلوف إنت كمان… وشوف هعمل فيك إيه
قهقه بيجاد من خلف الباب وتحدث ليغيظه
– طب وحياة حبي لحماي هعمل كل حاجة..ويبقى روح خطط إنت وابن المنشاوي حلو..ارجع بس من شهر العسل ونتحاسب
شهق جواد من حديثه المختل ولم يستطع السيطرة على حالة التذمر التي وصل إليها من ذلك المختل…ثم قام بالطرق على الباب بعنفا
– افتح يابيجاد عشان مكسرش الباب على دماغك
تحرك بيجاد وهو يتحدث
– حمايا حبيبي جوز بنتك عايز ياخد شاور عشان يرتاح…وطبعا بلاش أكملك الباقي بتلقطها سريعا ياسيادة اللوا العظيم
وصلت غزل على صراخ جواد تجذبه
– ايه ياجواد اللي بتعمله دا…حرام عليك سيبهم يرتاحوا
ذُهل من حديثها ثم أردف بغضب
– تعرفي بيقولي إيه ابن المنشاوي
عقدت ذراعيها واردفت بغضب
– سمعت ياحبيبي..دا جوزها وبقاله أكتر شهر بعيد عنها يعني طبيعي…قاطعها بغضب
– البنت لسة تعبانة في فترة نقاهة يادكتورة
والحب يعرف نقاهة ولا غيرها أيها العاشق القديم..هنا توقف اللسان واحتضنت النظرات ببعضها..مدت يديها وتشابكت بيديه وتحدثت بهدوء تمتص غضبه بسبب غيرته الواضحة بعينيه على ابنته
– يعني جاي غيران على غنى ونسيت حبيبتك اللي بقالك شهر بعيد عنها…وأنا اللي عمالة احسب للوقت اللي هترجعلي فيه…وفي الأخر جاي تتخانق مع بيجاد عشان مقدرش يبعد عن حبيبته اكتر من كدا بس إنت عادي عندك…قاطع حديثها عندما حملها بين ذراعيه يضمها لصدره ناسيا آلالامه التي أحس بها خلال الفترة الأخيرة..وصل لغرفته متناسيا العالم وما فيه…شيئا واحد فقط بين يديه يغنيه عن كل شيئا حبيبته وقرة عيناه..ليذهب بها لجنة خلدها التي يتمنى ألا تنقطع عته ابظا
❈-❈-❈
مساء وصل يوسف واولاده وريان وزوجته وسيارة بها مالك وحمزة خلفه..
كان جميع أل الألفي بإنتظارهم بإعداد وليمة مقدمة على شرف خروج ابنته الغالية قرة عينيهم وكنة آل المنشاوي
ترجل يوسف بجواره فريده…وبجانبه ولديه مروان وليليان أما إبنه الآخر مازال بخارج البلاد
وخلفهم ريان بصحبة نغم وياسمينا وخلفهم حمزة ومالك…وصلوا حيث إنتظار الجميع
بعد الترجيب جلس الجميع ينتظرون غنى وبيجاد… بجناح بيجاد
وضع الكاب على رأسها مقبلا جبينها… بكرة يكبر ويرجع احسن من الأول.. نظرت لعينيه وتحدثت
– كنت بتحب شعري اوي.. فاكر من اول مرة قابلتني فيها لما مسكته وقولتلي خسارة فيكي الشعر الحلو دا
رفع ذقنها ونظر لرماديتها وأردف
– انا بحب غنى بيجاد أكتر من اي حاجة.. واسكتي اصلي ارجع في كلامي واكملك القصة اللي كنت بشرحلك اصولها واحدة واحدة… وضعت رأسها على صدره تلكمه
– بطل بقى.. هو انت على طول كدا منحرف… ضيق عيناه وتحدث
– مين دا… إلهي اعدمه لو شوفته
رفعت حاجبها وتسائلت
– هو مين دا اللي تعدمه
سحبها من يديها هابطا للاسفل وهو يضحك ثم اجابها من بين ضحكاته
– الأنحراف ياحبيبي
لكزته بكتفه وتركته متحركة
-رخم على فكرة وعايز… قاطعها عندما جذبها وتحدث
– وعايز بوسة وحياتك… تركته متحركة سريعا للاسفل
كان الجميع يتحدث كل شخص مع الأخر… اتجهت سنا ابنة سيف تجلس بجوار عز
– بقولك يازيزو شوف فوني ماله… شكله هينفع ولا اغيره.
امسك هاتفها يبحث فيه ثم رفعه إليه
– لا سليم ياسنا ماله.. ماهو شغال اهو
– والله قالتها سنا بخبث
كانت رُبى تجلس بجواره تحاول أعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة من تلك التي أخرجتها عن شعورها ولكنها تفاجئت بمن امسك كفيها يضغط عليهما بحب وينظر إليه
– بلاش تخلي دماغي تروح شمال واقوم ادخلك جوا وانتِ عارفة الباقي.. لم بتغضبي خدودك بتحمر وبتبقى عايزة تتقرقش
لكزته بجنبه مردفة بغضب
-اتلمى ياعز من ساعتين بابا فضحنا.. ضحك بخبث عندما تذكر حديثه مع عمه نظر إليه وجده يتحدث مع يوسف
هناك من يقف بصمت بمكان هادئ مع جاسر الذي يغمره الغضب ومالك الذي يتحدث مع ياسين مقهقها
اتجهت بهدوء تقف بمقابلته ثم نظرت لعيناه الشاردة
– عامل إيه ياأوس… استمع لهماستها رفع نظره وليته لم يرفعها… لقد اشتاق اليها حد الجحيم… كيف يعبر عن إشتياقه إلا بحضنا يحطم عظامها… أغمض عيناه وحاول خروجه من حالة فقدان السيطرة على نفسه متجها للجالسين مردفا
– كويس الحمدلله… بعد إذنك
كان ريان يراقب ابنته كي يعلم ماأصابها.. فهو لم يضغط عليها حتى يرى
اتجه اوس وجلس بجوار والده يستمع لحديثه مع يوسف وصهيب وهو لا يعلم عن ماذا يتحدثون… وقف ريان وتحدث لأوس عندما وجد ابنته تبكي بعدما تركها
اوس مستنيك في مكتب باباك بعد إذنك ياجواد… أومأ جواد برأسه موافقا له
– من غير ماتستأذن طبعا ياريان
بينما عند جاسر الذي يشعر بنيران قلبه كلما تذكر ماصار منها… وعلم بشكوتها ضده أنه اختطفها ووضعت مستقبله في مهب الريح لولا تدخل باسم ووالده لكان مطرودا من وظيفته… قاطع شروده اتصال باسم له
– جاسر عرفت مكان فيروز.. بس حياة مش موجودة معاها.. هي في إسكندرية في شاليه تبع عمها هبعتلك اللوكيشين… اياك تتهور متنساش وظيفتك
تحرك خارجا كالمطارد رآه جواد الذي ابتسم بسخرية لانه هو الذي ارسل عنوانها لباسم…
كانت تتحرك تنظر لتلك الظهور الجميلة فجأة اصطدمت بأحدهما.. آسف قالها ياسين بهدوء
ابتسمت ليليان إليه ومدت يدها
– انا لي لي.. اولى طب يعني تقدر تقول بعد عشرين سنة هكون دكتورة علاج طبيعي
ابستم لها وتحدث
– ياسين.. لسة تاني سنة في كلية الحربية
واو ضابط حربية يعنى وجيش وحرب كدا
صفقت بيديها
ابتسم على عفويتها
-لا دا لسة بدري اوي على الحاجات دي
بينما بمكانا آخر في الحديقة
جلست تعقد ذراعيها امامه واردفت
– قول سمعاك ياحضرة الضابط العظيم
حمحم جواد متحدثا
-ممكن تسمعيني للأخر لو سمحتي
مطت شفتيها للأمام
– على حسب اللي هتقوله ياحضرة الضابط
استمع عز لرنين هاتفه مستغربا الرقم ثم اجاب سريعا
– الو مين… لم يستطع السماع جيدا بسبب الضوضاء توقف متجها لمكان هادئ
ولكن فجأة استمع لصراخ سنا عبر الهاتف
– الحقني ياعز هموت
سنا قالها عز مستغربا
الحقني أنا في اوضتك والباب قفل عليا وريحة غاز بتخنقني
اتجه سريعا لمنزله يبحث عنها وصل لغرفته فتح الباب ولكنه صعق مما رأى
بمكتب جواد دلف اوس وجد ريان ينتظره
تحرك متجها له… حضرتك طلبتني ياعمو
نهض ريان متجها وجلس بمقابلته
– سامعك يااوس… عايز أعرف إيه اللي وصلكم ياحبيبي لمفترق طرق كدا… ياسمين مرضيتش تحكي لوالدتها ولا ليا والبنت بتدبل زي ماانت شوفت النهاردة
أشعل أوس شحنة ندمه وبأسه على قرارا اتخذ في وقت غضبه .. فكيف يتراجع عنه وهي التي احرقت قلبه… والآن اصبح جلادها الذي لا يعرف الرحمة كأنه يعاقبها ويعاقب نفسه
شعور مقيت يجعل دقاته تتقاذف بين ضلوعه بين عقله الذي يحادثه الأ يتخلى عن رجولته وقلبه الذي يحادثه بأن يذهب إليها ويرتمي بأحضانها حتى تنعش روحه مرة أخرى
رفع نظره لريان وظهر خط من الدموع بعيناه… سحب نفسا طويلا حتى لا يدخل بنوبة بكاء تدفع به للهاوية على كبريايئه… حاولا السيطرة حتى لا يدخل حوار عقيم يؤذي أحدهما
نظر ريان لتخبطه وأردف
– سامعك.. عايزك تحكيلي إيه اللي حصل خلاكم توصول لمفترق طرق هفضل أسأل كتير
تنهد بألم ولم يجبه متجها بأنظاره للأسغل
ماذا سيحكي ويعبر عما يختلج صدره.. أغمض عينيه رغما عنه عله يستطع التنفس والحوار بما يليق بتربيته…
بينما ريان ظل يطالعه بصمت ويدرس انفعالاته التي كانت على وجهه عبارة عن لوحة من الألم الذي ليس له دواء
اقترب ربت على كتفه مخفف من حدة الحوار بينهما عله يخرج مايؤلمه
رفع نظره إليه وغمامة من الدموع تجمعت بجفنيه ثم زفر الهواء المؤلم الذي يخنقه بشده عبر رئتيه وأردف
– كل اللي أقدر أقوله لحضرتك.. ظلمنا بعض وجرحنا بعض بما يكفي.. والحب عامل زي المية النقية لو جه عليه شوائب مينفعش تستعمله
جحظت عيني ريان مما استمع.. ثم نهض وتسائل:
– من مين فيكم… مين اللي عكر المية النقية دي
صرخة من أعماق قلبه ثم رفع نظره إليه
– إحنا الاتنين للأسف ياعمو
نهض مروان يتجول بالحديقة بعدما وجد احاديثهما عن العمل.. تحرك حيث وجود الفتيات… نظر لتلك البريئة التي تضحك كالأطفال وتتحدث لغنى
– والله ياغنون البت دي مفترية… انا قاعدة لوحدي وفجأة وقعتني من المرجحة مش كدا ياابلة ربى
ابتسمت ربى على حماقة تقى… بينما تحدثت هنا
– لا الصراحة ياتقى انت اللي هبلة ياماما فيه حد يصدق الكلام بتاعك… ضحكت ربى تشير عليها وتخرج لسانها
– شوفتي بنت عمي حبيبي نصفتني.. لم تكمل حديثها عندما ارسلت إليها رسالة… فتحتها وإذ بتنظر بصدمة مما رأته
قاطعت صدمتها ليليان
ممكن اقعد معاكم نتعرف ياحلوين
أومأت غنى براحبة… ثم رفعت نظرها لأختها الصامتة التي وجدت دموعها تنسدل بغزارة على خديها وهي تبحث عنه بعينيها… ثم تحركت سريعا
رفعت غنى هاتفها وارسلت رسالة لزوجها.. ثم اتجهت لليليان تعالي حبيبتي انا أعرفك
– أنا غنى مرات بيجاد… ودي هنا بنت عمو سيف.. ودي تقى بنت عمو حازم.. واللي مشيت من شوية اختي ربى.. واللي جاية وراكي تضحك الهبلة دي جنى بنت عمو صهيب
ابتسمت ليليان إليهما وأردفت
– وأنا ليليان.. في اولى طب
ضحكت غنى واردفت
– نفسي إلاقي حد فاشل زيي
وصل بيجاد يضمها من أكتافها
– مراتي مش فاشلة ياحبيبي.. همس لها
مش لاقيه معرفش راح فين
لكزته وهمست
– دور عليه شكله عامل مصيبة هتقلب الدنيا.. هز رأسه وتحرك سريعا يبحث عن عز
بعد فترة وصل جاسر لذلك الشالية كانت تجلس مع أحدهما وتضحك
أغمض عينيه ورغما عنه صدرت منه شهقة بكاء مريرة خرجت من أعماق قلبه المحترقة وهو يقبض على قلبه بعنف.. منذ اكثر من شهر وهو يبحث عنها من مدينة لمدينة ويكاد يموت خوفا عليها وهي هنا تضحك وتلهو.. داست على قلبه المسكين بكل جبروت… ولكن مهلا سوف أعلمك كيف تطعنين قلبي أيها المخادعة
صرخ بأسمها جعلها تقذف من مكانها تنظر إليه.. وجدته بهيئته الخاطفة ولكنه تغير كثيرا اصبح اشد صلابة… عيناه الرمادية التي تحولت لجحيم من الغضب عندما تحول لونها للون الداكن.. اعتصاره لقبضة يديه.. جعل قلبها ينزف من الألم عندما رأته فجأة امامها
اتجه إليها بخطى سلحفيه ينظر إليها بغضب ثم أمسك يديها وجذبها متحركا من المكان سريعا
على طريق مصر إسكندرية الصحراوي… كان يقود السيارة بسرعة فائقة ان دلت على شيئا تدل على غضبه واحتراق صدره من تلك المخادعة كما إدعى… كانت تقبع بجواره منكمشة على حالها تحاول الحديث معه.. ولكنه أبى حتى يستمع لحرف واحد من شفتيها
فجأة..استمع لصوت ما بإطار السيارة توقف بالسيارة .. ثم ترجل منها يكشف عما صار.. لكن جحظت عيناه عندما وجد إطار عجلة السيارة قد ثقب بالكامل
زفر جاسربغصب يلعن حظه.. اتجه للسيارة يبحث عن إطار آخر ولكن ليس موجودا بها شيئا آخر.. تذكر صباحا ان اخيها طلبها للذهاب لأحدى النوادي… مسح على وجهه بغضب اتجه لهاتفه عله يحادث احدهما.. ولكن وجده فارغ البطارية
ركل جاسر السيارة بقدمه وهو يلعن حظه.. نظر لتلك القابعة التي تنظر إليه تحاول إستيعاب ماحدث.. اتجه لناحيتها وتحدث:
– هاتي فونك اعمل مكالمة..
ابتلعت ريقها بصعوبه وحاولت الحديث
– ماهو انت شدتني ونسيته على المكتب
صرخ بوجهها عاليا مما جعل الدموع تتجمع بعينيها
– ليه الهانم مسطولة مش عارفة كان معاها ايه.. بس أقول ايه بكلم مين انا غير واحدة شاطرة تعمل مؤامرات حقيرة
ترجلت فيروز من السيارة وشعورها بالاختناق يعيق خروج زفراتها منه الذي تجاوز الحد
تحركت تقف أمامه تحاول إخفاء مشاعرها التي تجتاح كيانها من نظراته المشتعلة بلهب موجه نحو قلبها… أمسكت كفيه وتحدثت
– ممكن تسمعني لو سمحت اسمعني
شعر بخصة بحلقه لدرجة خنقته لكنه تحامل على نفسه وبلع ريقه بصعوبة بالغة قائلا
– من يوم ماشوفتك وأنا بسمعك وفي الآخر كان جزاتي إيه.. إني أحب وأعشق واحدة حقيرة
شهقت فيروز عاليا ولم تستطع السيطرة على آهانته لها.. اشتعلت نظراتها وكادت تحرقه
– كفاية اهانة بقى.. أمسكته من ذراعيه تضغط عليهما بأظافرها متناسية إصابة ذراعيه حتى أدمت جرحه وصرخت:
– هتفضل تهني لحد إمتى.. دا إنت محاولتش تسمعني حتى
– اسمعك.. قالها جاسر بسخرية.. مما جعله يقهقه بشهقات مرتفعه..متغاضا عن آلامه التي يشعر بها بدأ يضرب كفيه بالأخر.. ثم توقف فجأة ينظر إليها نظرات مستاءة منها ومن نفسه ثم ضرب على صدره موضع قلبه
– ودا ذنبه إيه.. قوليلي حاجة تشفعلك عندي.. اقترب ينظر لعيناها المتوهجة بالحزن مثلما كان يراها متوهجة بحبها المخادع كما زعم
اطبق جاسر على جفنيه بألم.. هل تشعري عن جراح روحي النازف منكِ ايتها المخادعة الحقيرة.. يود لو يتركها في ذلك المكان المظلم حتى تقترف ماجنته يديها.. ولكن تبا لقلبه الذي لم يطاوعه ولا شهامته ورجولته التي تربى عليها
في القاهرة
عند مروان الذي يقف ينظر للبنات.. اتجه مالك ووقف بجواره
– مش عيب كدا يااسد.. دا لو حد شافك هيعدموك.
ضيق مروان عيناه وتسائل
– ليه دا كله دا بتفرج وبعدين كلهم محجبين مفيش غير البنت ام عيون رمادي الصغنونه دي
اتجه مالك بنظره إليه وهمس بإسمها
-“هنا”
عند ربى كانت تتحرك بساقين مرتعشتين حتى وصلت لغرفته…قامت بتفتح الباب بهدوء وتتمنى أن الذي رأته لم يكن حقيقة
فتحت الباب…إلا أن وصل بيجاد إليها وجذب كفيها
– بدور عليكي من ساعة تعالي بسرعة شوفي اختك مالها…توقفت تنظر للغرفة وأشارت بيديها
– عايزة أشوف عز إستنى…استمع لصراخات سنا من داخل الغرفة
– ابعد عني ياعز عيب كدا إنت متجوز
هنا شعرت بإرتجافة بجسدها..اختناق برئتيها..إهتزاز بشفتيها حركت رأسها رافضة ما إستمعت إليه..بينما بيجاد الذي تحرك…يدفع باب الغرف..وإذ بصاعقة تصعقه بقوة

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تمرد عاشق الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!