روايات

رواية غوى بعصيانه قلبي الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم نهال مصطفى

رواية غوى بعصيانه قلبي الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم نهال مصطفى

رواية غوى بعصيانه قلبي الجزء الخامس والأربعون

رواية غوى بعصيانه قلبي البارت الخامس والأربعون

غوى بعصيانه قلبي 2
غوى بعصيانه قلبي 2

رواية غوى بعصيانه قلبي الفصل الخامسة والأربعون

الفصل الخامس والأربعـون
(15) ج 2
خُلق القلب عصيـًا :
-اليوم تذكرتُ جميع من خذلوني دفعةً
واحدة ؛ ولا أدري السبب
لكنّني أدركتُ أنّني كُنت أصُب عطفي وحُبّي
في قُلوب مثقوبة.
••••••••
فارق مقعده ووقف ملاصقًا بها بعد ما طوق خصرها وقال :
-ما تسيبي الرقص يقول رأيه ؟! ويحكم ما بينـا ؟
-ازاي ؟!
-يعني ممكن نكسب وممكن نخسر ، لو خسرنا يبقى متفقين ، أما لو كسبنـا يبقى في حاجة مهمة ما بينا لازم ناخد بالنـا منها ..
ثم مد يده ليستقبل موافقتها ، راقت لها الفكرة ولبت طلبـه بأناقة ووثبت قائلة بتحدٍ :
-حتى لو حسمت قراري !!
-اللـ هو ؟!
-هرجع الغـردقة أول ما ننزل مصـر .
ضمها من خصرها وحملها بيمينه فألتف ذراعيها حول عنقه بتلقائيـة وهو يجيبها بحسـم وعزيمـة :
-ده في أحلامك ….!!!
وصل إلى منتصف الساحة ثم أنزلها ببطء حتى لامست قدميها الأرض ، طالعتـه بدهشـة :
-أنت كُنت بتقول أيه ! مسمعتش ؟
حاوط خصرها بكفيـه وقال هامـسًا :
-ركزي في الرقص ..
اشتغلت أحد الأغاني الفرنسيـة الشهيـرة وشرع عاصي بمغازلة خصرها برقـة على ألحان الغناء .. كان ذراعيها جنبًا لم تُشاركه الرقصـة ولكنها كانت مستسلمـة لحركاته اللطيفـة والذكيـة التي تعرف بحكمة كيف تروض أنثاه.. رغم ذلك لا يقل من هيبته ووقاره الذي كان محط التفات الجميـع ..
تدلت أنظارها لأسفل ، فأبي ابتعاد عينيها عنه ، أمسك بذقنها ورفع وجهها إليـه حيث كانت النظرة من عينيـه بمثابة حضن فـ وقال بهمسٍ :
-متبعديش عينك عني ..
دققت النظر بعيونه المُدججة بربيع الحب وقالت مستنتجة :
-كل ما أبص فيهم مش بشوف غير أسرار .
-وهو الإنسان أيه غير مجموعـة من الأسرار !
كادت أن تجيبه ثم باغتها بحركـة مفاجئة ليبعدها عنه ولكنه ممسكًا بيدها ودارها أمامه كالفراشة ثم جذبها بنفس القـوة التي ابتعدت فيها عنـه .. ألتف ذراعها حول عنقـه وانحنت للوراء بليونـة مستندة على كف يده المنصوب على ظهرها ثم أرجعها إلى حضنه مرة ثانيـة وهي تقول :
-أنت عرفت عني كل حاجة ، وأنا معرفش عنك أي حاجـة .. ده مش عدل !!
دفن أنفاسه بجدار عنقها وقال :
-هتعرفي كل حاجة لمـا يجي آوانها !!
-اللي هو أمتى ؟!
لفها تحت يده مرة ثانيـة ثم جذبهـا برفق ليرتطم ظهرها بجدار صدره القوي ، حاوطها بقبضـة ذراعيـه المتينـة وهمس في أذنها قائلًا :
-كُنتِ كاتبـة في روايتك ، نفسك تعيشي أحساس رقصـة سندريلا مع الراجل اللي بتحبيـه .
مالت رأسهـا على كتفه وقالت بأنين :
-تفتكر هقابله !!
ابتسـم بخبث وهو يراوغها بين يديـه حتى عاشت أجواء الرقصـة معه واندمجت بالغناء وبرائحتـه التي كان لها دورًا كبيـرًا في تحريك روحها قبل جسدها .. همس إليـها في تلك المرة التي عادت فيها إلى حضنه مستفسرًا :
-لما تقابليـه هتقوليله أيه ؟
تسلل كفها على جدار رقبته وأجابته تحت سطو رائحته وأجابتـه هائمـة :
-هقوله إني استنيتـه كتير أوي ..
غمرها بمزيج من اللهفـة التي احتلت صوتـه وقال :
-لأنه كان بيدور عليكِ !!
احتدت الموسيقى وزادت حركاتهم إثارة ، وجاء دور المشاعر التي أخرجت أجمل ما خُفي بجوفي الاثنين ، انسحب جميع المتسابقين ووسعوا الساحة لعاصي لينفرد بمداعبة أميرته ، تكرر المشهد السنيمائي الشهيـر لأول رقصـة جمعت بين الأميـر وسندريلا ، تحولت الحكايـة الخرافيـة إلى حقيقة مجسدة على أرض الواقع .. أدت حياة أداءً رائعـًا وجميلًا ، مهمـا غلبت العاطفـة إلا أن الثنائي احتفظا بهيبتهم وفخامتهم على ساحة الرقص …
في المـرة الأخيـرة التي التقى بملامحها وخاصـة درجة الحُمرة القاتمة التي تلون شفاهها فتبدو كقطعـة من التوت الأحمر البري الذي فجر شهيتـه لتذوقـه ..” يحترق المرء من فرط نهمـه ” وهذا ما تتوق بنفسـه ، لأول مرة يراوغـه شعور الجوع ، صاحت عصافيـر قلبـه رغبـة فـ تقبيلها ..
أوشك أن ينال مراده بعد ما باتت تحت سطو سحره الرجولي ، جاءت أصوات جرس الختام ، ليختم المسابقـة تحت هِتاف و صخب الجميع ، وحماسهم ، وتصفيقهم للثنائي الرائع الذي تناسى الحشود حولهم سابحين في عالم الحُلم .. فاقت حياة من سُكر قُربه الذي أزهر بقلبها مشاعر عاشتها على الورق فقط وقالت بخجل :
-هما بيعملوا كده ليـه !!
طالع الجميع حوله بدهشـة ورهبـة :
-تعرفي تجري ؟!
انفجرت ضاحكة بجواره وهما يسيران ناحيـة الطاولة الخاصـة بهما .. مرت الدقائق سريعًا حتى جاء الرجل المختص بإعلان النتيجـة ، وبين مماطلة وتلاعب بأعصاب الجميـع لإعلان النتيجة أعلن بفوز أجمل ثنائي بالسهرة وهما ” عاصي وحياة ” في تلك اللحظة التي كانت تستعد فيها حياة للذهاب .. تصلبت تعابير وجهها وهي تخبره :
-أنت سمعت هما قالوا أيه ؟!
-هما بيشاوروا علينا ؟! أحنا كسبنا ولا أيه !!
تركت حياة حقيبتها على الطاولة وأمسكت بيده :
-تعالى دول بينادوا علينـا …
••••••
جاءت ” سوزان ” وبيدها كوب من السحلب بعد ما رأت نور الغُرفـة الموجودة بها عاليـة مازال مشتعلًا .. طرقت الباب بخفوت وما أن دخلت عليها :
-كُنت متوقعـة أنك منمتيش !! بتفكري في أيه ؟
تركت عاليـة الهاتف من يدها بكلل :
-ولا حاجة، زهق بس ..
جلست سوزان على طرف الفراش بعد ما وضعت الكوب بجوارها على الكومود وقالت بعتب :
-مش كنتي جيتي ندردش سوا بدل ما أنتِ قاعـدة لوحدك !
-آكيد حضرتك عندك شُغل محبتش أسهرك معايا ..
-ماتقوليش كده هزعل منك ، ربنا وحده يعلم غلاوتك عندي ..
-تسلمي يا طنط ، أنا جيت لك هنا لما شفت الطريقـة اللي دافعتي بيها عني قُدام مراد ، وكمان ماما بتسمع كلامك ، عشان كلامها مع عاصي بيجيب مشاكل ..
بدت الحيرة تقاسم ملامح عاليـة حيث سألتها :
-مامتي كلمتك النهاردة ..
-ااه اتكلمت ، وأنا أصريت أنها تسيبك لوحدك شوية لحد ما تشوفي أنتِ عايزة أيه .. وبعدين أنتِ فكرتي صح، ‏بابي مفتوح لك دايمـًا .
تنهدت عاليـة بمرارة :
-مش عارفـة ، أنا بجد مش عارفة أنا عايزة أيه !!
طالعتها سوزان بشفقة على حالتها المُشتتة :
-ليه يا عالية .. طيب بيني وبينك كده ، أنتِ صحيح حامل ولا قولتي كده عشان تخلصي من الجدع ده !
ضمت عالية ساقيها إلى صدرها وهزت رأسها بالنفي :
-لا .. قلت كدة عشان اخلص منه … ومش عارفة هواجه مامي أزاي بعد اللي عملتـه ..
-سيبك من عبلة دلوقتي ، أنتِ عايزة أيه ، عبلة قالت لي أنك عايزة ترجعي لمراد ، ده صحيح ؟!
خيمت الحيرة على معالـم وجهها وقالت بتردد :
-حتى لو عايـزة ، يا ترى هو عايـز أيه !! أنا عاملة زي اللي رامي شِباكـه في الصحراء ومستني يصطاد سمـك ..
رمقتها سوزان بشفقة على الحالة التي تُعاني منها ، ومرارة الفراق الذي أصاب قلبها الرقيق ، فأكملت عاليـة :
-أنا جرحتـه ، وسببت إهانة لـ رجولتـه ، بس وقتها كنت في ساعـة غضب ..
-طيب أنتِ عايزة ترجعي ليه عشان بتحبيـه فعلًا ، ولا ده من باب رد الكرامـة ، يعني ساعة تبرري لنفسك أنك مذنبة ، وساعة كمان لإنك اعترضتي للرفض ..؟
فكرت عاليـة طويلًا حتى حسمت القرار مع نفسها :
-طنط أنا طول عُمري لوحدي ، محدش كان حاسس بيا ، وجود مراد واهتمامه ومناقشته طول الوقت خلوني أخاف من الوحدة ، بقيت مش عايزة ارجع لها تاني .
طالعتها سوزان بشكِ :
-بس اللي بيخاف من الوحدة هيتشعبط في أي سكـة تنجيـه منها ، يعني كُنت قبلتي بـ وليد لمجرد وجوده سد خانـة ..
اقتنعت عاليـة بوجهة نظرها وأيدتها بالموافقـة ، ابتسمت سوزان بهدوء وقالت :
-خذي وقتك وفكري ، أنتِ عايزة مراد نفسه ، ولا أي راجل يملى حياتك ، عشان أقدر أساعدك .
لمعت عينيها ببريق الشكر والامتنان وهي تربت على كف سوزان بعرفان :
-بجد مرسي أوي يا طنط على وقفتك معايـا ..
-متقوليش كده ، أنتِ زي بنتي يا عالية .. بس خدي قرارك بسـرعة عشان عبلة مش هتصبر عليكِ أكتر من كده ، عشان نعرف نتصرف ..
ردت عالية بسـرعة عقب بعدها الخجل :
-أنا عايزة مراد ..
ثم بررت :
-مش متخيلة إني أعيش مع راجل غيـره ، أقصد يعني محدش لمس قلبي زيه ..
اتسعت ابتسامة سوزان بحب :
-مفيش حد مجبر يبرر مشاعر حبـه ، أنتِ حبيتي مش أجرمتي يا عاليـه ..
-طيب في حل ولا بجري وراء وهم ..
فكرت سوزان لبرهة :
-هو فيـه ، بس محتاج وقت ، محتاجة أعرف مشاعر مراد أيه من غير ما يأثـر على كرامتك وصورتك ، عايزاها تيجي منه .. بس قبل ده كله لازم نهدي عبلة شوية ، لأنها مش هتبطل تجيب لك عريس تاني وتالت ..
-أزاي ..
ردت سوزان بصرامـة :
-هنكمل في كذبة حملك ….
•••••••
” بالسيارة ”
تجلس حياة بجواره فارحـة كالأطفال بالوسام الذي حصلت عليـه والذي يعد اعترافًا صريحة لشرارة الحُب بينهم ، الحب ألذى رأه الجميع وما زالت تُكابر عن الإفصاح عنه ..
حاول مداعبتها ممازحًا :
-اشكريني طيب ..
-على أيه ؟!
-مش أنا كُنت السبب في الجائزة دي !
انكمشت معالم وجهها وهي تعارضـه :
-لا طبعـًا !!
-أومال مين السبب ؟!
بررت بتمـرد :
-عادي ، أصلًا كُل اللي هناك كانوا فِييك ، أنت الوحيد اللي عرفت تمثـل كويس ..
رد بثبات متعمدًا إثارة غضبها :
-وأنتِ كمان ، مثلتي حلو أوي .
-الميوزك كانت جميلة بس وبحبهـا .. اندمجت شويـة مش أكتـر ..
أصدر إيماءة خبيثـة :
-أمم كده متفقين ، أحنا الاتنين مثلنا حلو ..
رمقتـه باستهزاء ثم ضمت الوسام الفضي إلى صدرها وتأملت الطريق من خلف النافذة ، أرسل نحوها ابتسامة ماكرة فـ حبذا قتل الصمت السائد بينهـم بصوت عمرو دياب ، قلب بعشوائيـة في القائمـة حتى استقر على اختياره للأغنيـة التي تعبـر عن حاله ..
تسلل صوت عمرو وهو يشكو حنينه ويعاتب حبيبته على جمودها قائلًا ” حبيبي ولا على باله وشـوقي إليـه ولا شاغل ، بالي أنادي عليـه ”
رمقته بنظرة غامضـة عما شغله فتجاهلها مندمجًا مع الكلمات التي حكت كل ما يدور بخاطره ، ارتدت ثوب التجاهل وعادت لتتأمل الطريق مرة أخرى ..
وصل الثنائي إلى الغُرفـة قرابة الثالثـة فجرًا ، وأول شيء فعلتـه خلعت حذائها ذو الكعب العالي، والفرو وضعته بعشوائيـة ثم توجهت نحو المرآة وحررت شعرها من عِصابة الرأس المعدنيـة التي كانت تضم أوتار شعرها ..
في اللحظة التي نادى باسمها كان ممسكًا بمعصمها ليُديرها إليه :
-حيـاة ..
أجابته مشـدوهـة بتلقائيـة :
-نعم !!
اقترب منها خطوة سُلحفيـة هائمًا بثغرها المقطوف من شجرة التوت ، وبعد اتخاذه نفسًا طويلًا قال :
-بصي أنا هعمـل حاجة ، وأنتِ هتزعلي..بس هعملها ..
بثت نظراته الثائرة وميض القلق والإرتباك بقلبها ، فسألته بنبرة مبحوحـة :
-حاجـة أيه ؟!
حافظ على ثباته مكتفيًا بإغراقها بحديثـه الوهمي ليسلب انتباهها إليـه :
-من أول ما شوفتك وأنا هتجنن وأعملها ، وكُنت ماسك نفسي بالعافيـة ، بس دلوقت ..
قاطعتـه :
-دلوقتِ أيه !!
-عمرو دياب الله يجازيه هو السبب .. كبرها في دماغي .
‏الأَغاني حُجَّة ذكيِّة للـ مُبادّرة بكُل شيء .. كادت أن تتراجع للوراء فـ وجدت يديه كالحصن المنيع الذي عاق خطوتها ، رفعت حاجبها محذرة :
-ومادام متأكد أنها هتزعلني ، هتعملها ليـه ؟!
ردها لعنده بقـوة وقال بحسـمٍ :
-هصالحك بعدها ..
دقق النظر بها كأنه يعلم جيدًا أن عينيه التي تسبي بحورها تُربكهـا بشدة ، فـ ضمت شفتيها بتلقائيـة مما فجرت أخر ذرة صبـر بقلبه ، أوشكت أن تمارس دلالها الأنثوي عليه ولكن سمات رجولته طغت وبادر بـ وجنتها المكتنزة بهدوء معلنـًا حقيقـة مُبتغاه ” هناك قمر بالسمـاء يريد أن يأخذ من جمالك معقده ” ..
سرت قشعريرة طاحت بكل قوتها أقفلت إثرها جفونها وسقط فيها قلبها بين قدميها ، فترجم استسلامهـا لقبـول ، تزحزحت بؤرة حبـه برفق لتنطبق على حمرتها الفاتنـة ، دب برحمها عطـره الذي أصبح في تلك اللحظـة مرادها .. انغرست ترقوة عنقـه المُعلقـة بأوتار عنقها البارزة خاصـة بعد ما باتت تحت حِصاره .. تريد أن تطوي عليه يديها ولكن ثمـة غصـة تقف بحلقهـا تمنعها من فتح بابًا جديدًا تهب منه رياح الخذلان .. لذا اكتفت بترك جسدها الموج أما يُغرقها أو يلقي بها على شاطىء الأمان ..
بات يرتشف من بحيرتها العذبـة قدر المُستطاع منتظرًا منها ردًا بليغًا يتشـرع له نوافذ روحـه المغلقـة التي ضبها عنها قسـرًا ، خشي أن ينفرط زمامه فيهد الوصال بينهم ، ابتعد عنها بصعوبة وتحت وتيـرة أنفاسـه الحارقـة سألها :
-أنتِ كويسـة !
فتحت جفونها ببطيء كأنها غيـر متقبلة انتهاء حلمها الجميل بهذه السرعـة ، أسبلت النظر بعيونها التي أقرت معترفة :
-‏” انجذب إليك بقـوة و لكن قلبي مصابٌ بعلة الخوف ”
بللت شفتيها التي جفت إثر بعده وتوارت هاربـة منه ومن ضجيج قلبها ، أخذت منامتها القطنيـة وتأهبت للرحيل فوجدته أمامها ليعرف طريقها :
-رايحـة فين ؟!
ردت بحدة:
-هنام جمب البنات .. لو سمحت .
-حيـاة ، ممكن متكبريش الموضوع ، محصلش حاجة ..
-عايزة أنام ، من فضلك وسـع .
لبى طلبها كي يمرر الليلة ، وفي الصباح يحل ما أقدم عليـه ، سارت بعجلة مفارقـة غرفتهم وهي تضغط على قلبها الصاخب كي يهدأ حتى انتقل ألم الشوق الحارق لمعدتها ، تجاهلت كل ذلك وفرت من المكان الذي أسكرها برائحة أنفاسـه ..
وقف في منتصف الغُرفة راضيـًا عمـا فعله ، خاصة نظرة الضعف المتوقة من عيونها والتي قرأها ببراعـة ، وهو يقول لنفسـه :
-هانـت …
اندست حياة تحت الغطاء بجوار داليا بعد ما بدلت ملابسها وهي مصابـة بداء الرعشـة التي حلت على كيانها كل ما مر طيف الأمر بذاكرتها ، حتى ارتسمت ابتسامة رضـا على وجهها وقالت موبخة نفسها :
-أنتِ سكتي ليـه !! مش عارفة لساني بلعته القُطـة وقتها ..
ثم وضعت أناملها على ثغرها المرتجف وقالت بتنهيدة :
-هو عمل أيه !!
••••••••
••••••••
“صباح اليوم التالي ”
-شكلك متغيـر ليـه ؟!
أردف تميم سؤاله عندما لاحظ تبدل ملامح شمس المتحمسة إلى أخرى معقدة تحمل قفة الهم بين ثناياها ، جلست بجواره بتردد :
-نوران رافضـة تيجي معانا ، وبتقول عندها مذاكرة ، وأنا مش هينفع اسيبها لوحدها .. تميـم ممكن نلغي السفر ، أنا مش هقدر أبعد عنها ..
يبدو أن خطته التي رسمها مع نوران ستنتهي بالفشـل ، رد باعتراض :
-دول يومين يا شمس ، وبعدين سيدة هنا هتاخد بالها منها ، ونوران مش صغيـرة وبلاش نعطلهـا ..
رمقته بتردد :
-أنا مش عارفة أنت مصمم على السفر ليه ، ممكن نأجلها للصيف .
-محتاج أغيـر جو يا شمس ، وأنتِ كمان محتاجـة ده ..
-خايفة حد يضايق نوران يا تميم .. وخاصـة كريم مش مرتاحة له ..
اقترب منها وأمسك بكفها ليطمئنها :
-أنتِ مكبرة الموضوع ، وبتفترضي وجود حاجات في دماغك وبس .. دول يومين يا شمس ، الدنيا مش هتخرب فيهم يعني .. صدقيني السفـرية دي هتفرق معاكِ أوي ..
وافقت على مضضٍ:
-تمام ، هكمـل تجهيـز الشُنط ..
” بالأسفـل ”
-يعني أيه يا سوزان !! أنتِ اتأكدتي بنفسك !! طيب أزاي ؟! يعني أي عاليـة حامل !!
تسللت الجُملة الأخيـرة إلى أذان كريم الذي يتبع تحركات عبلة في الفترة الحاليـة خطوة بخطوة .. حيث لاحظ انخفاض نبـرة صوتها وهي تقول :
-سوزان أنا مش عايزة تهريج ، قولي لعالية ترجع عشان نشوف حل في المصيبة دي ، الطفل ده لازم نخلص منه ، أنا مش عايزة حاجة تربطها بمراد ..
سألتها سوزان بحيـرة :
-وافقتي على جوازهم ليه من الأول ؟
توترت عبلة فـ الجواب :
-جوازهم كان له ظرف خاص وانقاذ موقف ، لكن بعد اللي عمله ده بني آدم همجي ومستحيل اطمن على عاليـة معاه ..
انصـرف كريم من وراء الحائط المتواري خلفه عندما سمع جملتها الأخيرة ليُبلغ مراد بما تخطط له عبلة .. انهت المكالمة الهاتفية مع سوزان وهي تضرب كف على الأخر وتلعن الحظ الذي يعاكسها دومًا ، في تلك اللحظة جاء اتصال فريد الذي استقبلته بلهفة :
-فريـد ، جيت في وقتك ..
-فريد دايـمًا تحت أمرك ..
تفحصت المكان خلفهـا ثم خفضت نبرتها وقالت :
-اللي ما تتسمى شمس ، مسـافرة النهاردة هي وتميم دهب .. فرصتنـا وجات لحد عندنا ..
ابتسم بمكر :
-قلت لك موضوعهـا عندي ، أنا متابع خطواتها خطوة خطوة .. المهم في حاجـة مغيرة مودك !!
-أقولك أيه بس يا فريد ، كل حاجة جايـة عكس ..
-طيب أيه رأيك في سفرية يومين الغردقة ، وفريد هينسيكي الدنيا كلها..
راقت لها الفكرة وقالت :
-معاك حق … امتى ؟!
تحمس فريد بلهفـة :
-الليلة ، مفيش وقت ..
-معاك حق ، فرصه قبل عاصي ما يرجع من السفـر .
••••••••
-استاذة هدير ، هنبتدي تصـوير أمتى !
جاء مدير مكتب عاصي ليستفسـر عن بدء الحملة الإعلاميـة الخاصـة بعرض الجواهـر النفيسـة القسم المسؤولة عن إدارته هديـر .. قلبت في الملفات أمامها وسألته :
-عاصي بيـه لسه مرجعش !
-لا لسه ، عنده فحص مهم في باريس ، بس يسري بيه رجع ، وحاليـا فـ المكتب بيراجع الورق المتأخر ..
أومأت بالايجاب:
-طيب سيب الصور هنـا ، واديهم خبـر من بكرة هنبتدي تصـويـر ..
-أوامرك يا فندم ..
في تلك اللحظـة التي غادر فيهـا الموظف المكتب ، شرعت هدير في تصوير جميع التصاميـم الجديدة التي ستعلنها الشركة مع بدايـة السنـة الميلاديـة القديمة ، وقامت على الفور بأرسالها لـ ” هاشم مدكور ” .. ثم قالت لنفسهـا :
-أنت اللي ابتديت يا عاصي بيـه ..
•••••••
” في باريس ”
جاء اتصال هاتفي لعاصي قطع نومتـه الهنيـة في حضن وسادته ، رفس الوسادة بعيدًا ورد بصـوت مفعم بالنوم :
-خيـر يا يسري ..
-كله تمام معاليـك ، الشغل ماشي مظبـوط بالمسطرة ، وهنبدأ تصـوير الحملة الإعلانيـة من بُكرة ..
-تمام يا يسري ، المهم .. مش عايـز عينك تغفل عن فريد ، شوفي لي حواره ، وميته أيه .. حق حياة وأخواتها لازم يرجع ..
-هخلي حد من رجالتنا يتابعـه . ويجيب لنا كل تحركاته ..
اعتدل في نومته وقال سريعًا لينهي المكالمـة خاصة بعد ما سمع صوت تقيؤها بالمرحاض :
-تمام يا يسري ، عايز أرجع من السفـر يكون الموضوع ده خلصان ، يلا سلام أنت دلوقتِ ..
قفل الهاتف ثم تناول سترته العلويـة وارتدها بعشوائية دون الاكتراث لقفل أزراها فوق بنطال منامته الزرقاء وركض نحو مصدر تأوهاتها .. فتح الباب بدون إنذار مسبق وقال بلهفة :
-برضـو لسـة تعبانـة ، حياة أنا بدأت أقلق ، أيه سبب الترجيع ده ؟!
غسلت فاها جيدًا وتجاهلت قلقه ثم شرعت في غسل أسنانها ، فكرر غاضبـاً :
-ألبسي نروح لدكتور هنـا ..
-متشغليش بالك ، أنا كويسـة .
-لأ مش كويسـة ، وبطلي عناد ..
جففت وجهها بالمنشفـة وكادت أن تخطو خطوة فاختل اتزانها وأحست بدوار شـديد يضرب رأسها ، ارتمت بين ذراعيـه فحملها بدون تردد وركض بها إلى غرفتـه ، تحاشت النظـر إليـه بقدر الإمكان حتى وضعها على الفراش برفق وشد الغطاء فوقها :
-ده برد شديد متمكن منك .. هكلمهم يبعتوا فطار وليمون دافي ..
لم تعد لديها القـوة الكافيـة لتجادلـه بل استسلمت لجميع طلبـاته .. قفل مع مطعم الفندق ، ثم ذهب إلى غُرفة بناتـه وشد الغطاء فوقهم بحب ثم عاد إليـها مرة آخرى .. مدد بجوارها وسألها :
-حاسـة بأى حاجة بتوجعك ..
أجابتـه بوهن :
-أنا بقيت كويسـة ، زي ما قولت شوية بردو وهيروحوا لحالهم ..
اتكأ على مرفقه وكان يعلوها ويتأملها بعيني العاشق قائلًا :
-ده أخرة اللي يروح ينام جمب البنات ، نامي جمبي ووعد البرد هيخاف يقرب منك ؟!
تذكرت فعلته الجنونيـة التي أطاحت بقلبها وقالت بجديـة
-أنا أصلًا مش بكلمك .. لو سمحت مالكش دعوة بيـا .
-ليـه ؟!
-عاصي أنت هتبطل أمتى الحركات دي !!
ابتسم بحب :
-لما تبطلي تحلوي كل يوم عن اللي قبله كده .. ده مش ذنبي على فكرة ..
رمقتـه باستهزاء :
-لا والله!!
شرع بمداعبـة شعرها وقال بحنان :
-ااها، كله بسببك .. أقاوم الجمال ده كله أزاي !! أنا بشـر .
-عاصي !!
-عيون عاصي ..
-عايزة فسيخ ..
-نعم يا ختي ؟!
طافت عينيها ببراءة طفوليـة :
-هو ده شرطي عشان أنسى اللي هببته إمبارح يا استاذ !
-حياة فسيخ الساعة ٩ الصبح في باريس !!
هزت كتفيها بلا مبالاة :
-اتصـرف ، حاسـة لو مأكلتش فسيخ دلوقتِ هتحصل لي حاجة ..
أخذ يُقلب الكلام برأسـه خاصـة كلام سيدة الأخير ، فسألها بفضول :
-حياة انتِ استخدمتي الحاجات اللي جبتيها من الصيدليـة !!
ردت بعفوية:
-اااه طبعًا .. وبعدين أنت مالك !!
-غريبـة !!
فكر طويلًا :
-طيب أجيب منين فسيخ دلوقتِ !! اطلبي حاجة أسهل .
-ورنجـة ومعاهم لمون كتيـر ..
-كمان !!!!!! طيب قومي ننزل ندور على الحاجات دي في أي سوق ولا مطعم مصري ، قومي ..
-مش هروح حتـة معاك ، أنا أصلا مش هكلمك لحد ما تجيب لي فسيخ ..
-دي ماكنتش بوسـة !! أومال لو كنت سخفت شوية كنتي هتطلبي لبن العصفور !!
حاولت فهم همس شفتيه ولكن بدون جدوى لا تصل لشيء ، فسألته :
-أنت بتقول أيه !!
رد مجبورًا :
-حيـاة ، أنا عايزك في شغل مهم .. ومش وقت دلع خالص ..
ردت بدلال :
-أنا دلوقتِ مش بفكر في أي حاجة غيـر الفسيخ ، فأي كلام تاني مش هفهمه .. أجله بعد الفسيخ .
ضرب كف على الأخر ونهض ملبًا لطلبها وقام بتبديل ملابسـه بإجبار وكل ما يشغله من أين يأتي بمطلبها الصعب في هذه البلدة .. مرت قرابة النصف ساعـة فكان واقفًا أمام المرآة يهندل شعره فاقتـربت منه وسألته :
-أنت رايح فين !!
-رايح أدور على فسيخ .. ويارب ألقى .
عقدت حاجبيهـا ببراءة :
-لا خلاص ، مش عايزة ، أصلاً مش بحبـه ..
أغمض جفونه بجزعٍ وهو يكور يده بغضب دفين :
-أنتِ بتلعبي معايا يا حياة !!
-كان نفسي فيـه وغيرت رأيي ، خلاص .. فين المشكلة !!
-لا خالص مفيش مشكلة .. واضح أنك بقيتي أحسن ، ممكن تجهزي عشان ننزل ..
-هنروح فين ؟!
-في العربية هفهمك كل حاجـة .. استعجلي وصحّى البنات .
طالعته بنظرة غامضـة لم تترجمها خبرته في عالم النساء، ورحلت من أمـامه بعدها ألقت قذائف مكرها الأنثوي .. زفر حائرًا :
-البنت كانت عاقلة والله !! حصلها أيه بس ؟!
•••••••
-مراد ، أنت راجع أمتى من عندك ..؟!
سأله كريم بفضـول ليحدد إثر رده إذا كان عليـه إخباره بما سمعه أم يؤجله لوقت لاحق .. رد مراد :
-الليلة هكون في البلد.. حصل حاجة يا كريم !!
-خلاص بقا لما ترجع ..
أصر مراد :
-صوتك ما يطمنش ، كريم مخبي أيه ؟!
فارق كريم مقعده وذهب ناحيـة الشُرفة وقال :
-مراد لما ترجع مش هينفع في التليفون …
بد الغضب والقلق يتغلف بنبـرته ، فصمم قائلًا :
-انجز يا كريم .. في أيه ؟!
-بصراحة كده ، عاليـة حامل وخالتك بتخطط تنزل البيبي ده غير أن عالية سايبـة البيت ليها يومين !
فزع مراد من مكانه مصدومًا :
-أي التهريج ده ، حامل ازاي ؟!
عارضـه كريم :
-أيه يابني هي مش كانت مراتك .. المهم دلوقتِ لازم تتصرف ، متسيبش عالية في الورطـة دي لوحدها ، لان واضح أنها متمسكة بالحمل ..
دخل مراد في حالة هستيـرية :
-آكيد في حاجة غلط .. كريم أنت متأكد من اللي بتقوله !!
-يابني زي ما أنا متأكد من أني بكلمك ، وبصراحة اللي حصل ده في الجون ، عشان ينفي أي ادعاءات كيدية كانت بينك وبين عالية .. المهم هنتصـرف ازاي ؟!
كادت رأس مراد أن تنفجـر من صاعقـة حلة على رأسه ، تمتم بعدم اهتمام :
-هفكر وأرد عليك يا كريم ، خلي عينك عليهم وأي جديد بلغني …
قفل مراد وما تأهب كريم لاحتفاله بكونه سيصبح عمًا بالمستقبل ، جاءه صوت جيهان من الخلف مستكشفًا :
-هي عاليـة حامل !!!!!
••••••••
••••••••
” مع غروب الشمـس ”
وصل تمـيم مع شمس إلى ” الشاليـة ” الخاص بهما وأخذا الثنائي قسطًا وفيرًا من الراحة .. نهضت شمس بحماس ورفعت الستائر ويبدو أن هواء البحر غير من نفسيتها وأنساها همومها ..
قفل تميم جهاز الحاسوب ليرد على أخر ” إيميل ” وسألها :
-تحبي ننزل ؟!
-الجو يجنن يا تميـم .. بجد المكان تحفـة أوي ..
حرك المقعد الكهربي إليـها وقال :
-على فكرة ، مش ملزمة تكوني بالحجاب ، لأن المكان خاص جدًا ، والمسئول عن خدمته كلهم بنات .. يعني خدي راحتك ..
جلست على ركبتيها أمامه وسألته بتعجب :
-أنت أزاي قادر تاخد بالك من كُل التفاصيـل دي !!
-لازم .. هاا يالا ننزل .
تأهبت أن تستعد للنزول ولكنها تراجعت وقالت بحماس :
-تميـم ، أنا متفائلة أوي بالدكتور الجديـد ده .. حاسة او متأكدة أنك هترجع تمشي على رجليك تاني ..
حبال الكذب مهما طالت فهي ضئيلة ، لا تتحمل الاتكاء عليها أكثر ، ليس لها ضمان .. فهي تأخذك أنت والأبرياء معك في قاع المحيط .. علقت الغصـة في حلق تميم وسألها:
-هتعملي أي اول ما ده يحصل ؟!
-يا خبـر!! أنا ممكن أطير من الفرحة ، ماتصورش نفسي اد اى أشوفك وأنت واقف على رجلك ، هو واضح طبعا أنك أطول مني بكتير ، بس بجد عندي حماس اقف جمبك ، تميم انا متفائلة أوي…
-ممكن اسألك سؤال وتجاوبي بصـراحة ؟!
-أنا طول عمري صريحة معاك يا تميم .. سؤال أيه ؟!
رمى قذيفـة سؤاله بدون تردد :
-أنتِ طلبتِ أن جوازنا يكون على ورق بسبب الإعاقة اللي عندي ؟!!!!!!!
••••••••
” بڤيلا سوزان ”
-أنا خلصت كل شغلي بدري النهاردة، عشان ارجع أقعد معاكي ، ومتكونيش لوحدك ..
أردفت سوزان جملتها بحماس وفرحة بالغـة أنارت قلبها وملامحها بوجود عاليـة معها .. جلست بجوارها وأخبرتها :
-على فكرة عبلة مسافرة يومين ..
-مامي ؟! مسافرة فين !
-قالت هتغيـر جو .. وده أحسن لينـا ، عشان نبدأ نشوف خطتنـا أيه …؟
فكرت بتوجس :
-طنط هو ده صح ؟!
رمقتـها سوزان بشفقـة :
-القلوب مفهاش صح وغلط .. القلوب بتدور على راحتها حتى ولو كانت في الغلط …
-واضح إنك عشتي قصـة حُب قبل كده ..
اشتعل وجهها ببريق الذكريات الجميلة التي عاشتها في كنف حبيبها الذي لم تعوضـه بعد ولم تجد رجلًا يسد فراغ قلبها بعده ، أومأت بالإيجاب، فتحمست عاليـة :
-بجد !!! احكي لي …
-هقولك ، بس أي رأيك ننزل نجهز العشا سوا ، ونرغي وأحنا بنعمله ..
وثبت عاليـة بحماس لسماع قصتها :
-موافقـة .. هلم شعري بس
-هسبقك على المطبخ ، وأنتِ براحتك ..
وقفت عاليـة أمـام المرآة ورفعت شعرها على هيئة ذيل حصان ، ثم ارتدت ” روب ” منامتها الشتويـة التي تنتمي لسوزان ، والتي تُقاربها في المقاس .. نزلت ركضًا على الدرج ، وما كادت أن تخطو خطوتها الأخيـرة فتوقفت على أعتاب المطبخ إثر سماعها رنين صـوت الجرس .. فطلبت منها سوزان :
-معلش افتحي الباب يا عاليـة ، ده آكيد السوبر ماركت جاب الحاجات ..
لبت طلبها على الفور وكانت الصـدمة الكُبري عندمـا فتحت الباب ففوجئت بمراد يقف أمامها بهيئته الشامخـة والمرعبـة ، تراجعت للوراء متفوهة بصدمة :
-مـراد !!!!!
••••••••
“عودة إلى الأجواء الباريسيـة ”
-النهاردة بجد بجد كان أحلى يـوم ؟!
تركض في الهـواء الطلق حاملة بيدها قرطاس الأيس كريم معبـره عن فرحتها ، فنادهـا عاصي لتنتبه :
-طيب حاسبي ..
في تلك اللحظـة ركضت إليها حياة وضمتها بحب قبل أن تسقط أرضـًا وعاتبها :
-مش هنبطل نمشي بضهرنا كده !!
ضحكت داليـا ببراءة :
-لا ..
تدخلت تاليـا المختصـة بالجمال والموضـة :
-بابي ، حيـاة النهاردة كانت قمـر أوي ..
اقترب منها والدها وقال مغازلًا:
-هي قمـر طول الوقت، و مسببة فتنـة كبيرة في مشاعري ..
-يعني أيه يا بابي فتنة في مشاعرك ؟!
-متاخديش في بالك ..
تدخلت داليـا مقترحـة :
-بابي ، أنتوا مش بتتصوروا ليـه ، ممكن نصوركم سوا ..
ألقى نظرة سريعـة إليها وقال :
-فعلًا أحنا ما بنتصورش ليـه !!
ثم أخرج هاتفـه الحديث بنوعيـة ” أيفون ” ،وقال :
-مين هيصورنا !!
جذبت تاليا الهاتف بحماس وشرعت بإخراج روحها الإبداعيـة ، حدجته حياة بلوم :
-أنت بتدبسني !!
-وهو في أحلى من كده !!
أشارت إليهم تاليـا :
-يابابي قربوا كمان شويـة !!
ألفت ذراعه على خصرها فتنهدت منتشيـة ومشتهية لقُربه الذي فقدت السيطرة على تلجيمـه وقالت من وراء فكيها المنطلقين :
-عاجبك كده أنت !!
ابتسم برزانـة وقال :
-بجد شُكرًا …
غيروا وضعيـة الصورة متخذين وضع رقصة ” سلوو” وسألته :
-ليـه !!
-كنت قلقان ترفضي عرضي ..
تململت بين يديه بغرور :
-ده بس عشان صعبت عليـا ولقيتك محتاس ، قلت اكسب فيك ثـواب ..
اعتدلوا وشرعت تاليـا في تصوير ” ڤيديو ” إليهم هما يسيران كالعشاق على أحد شواطئ باريس ، ضحك عاصي بصوت عالٍ على تمردها وقال بغزل :
-أجمل وجه إعلامي هنقدمه السنـة دي .. حياة أنتِ هتكوني وش السعد عليـا .
-طيب عد الجمايل بقا ..
غمز لها بطرف عينه وهو يدنوها منه :
-دانا حافظهم صم ..
فسألته بمكر :
-بس هديـر ممكن تزعل ، يعني شيفاني أخدت حبيبها منها وشغلها ، وأنا ماليش ذنب في كل ده ..!
-سيبك من هديـر ، بمناسبـة الأجواء دي ، ممكن اعترف لك بحاجة …
رُج قلبها من مكانه متحمسـة لسماع اعترافه ، فتظاهرت بعد الاهتمام عكس دواخلها تمامًا :
-براحتك ..
-ماشي يا عم التقيـل ..
أمسك بمعصمها وأوقفها أمامه قائلًا :
-حيـاه .. أنا بـ
جاءت تاليا تركض إلي والدها وقالت بضيق :
-بابي موبايلك مش مبطل رن ، اتفضل شوف مين !!
عقد حاجبيـه باستغراب :
-يا مواعيدك يا يسـري !!
ثم استأذن منها بعينيه وانصرف :
-خيـر يا يسري !!
-عاصي بيه !! أيه علاقـة عبلة هانم بفريد المصري ؟!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غوى بعصيانه قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى