روايات

رواية هذا ليس عالمي الفصل الأول 1 بقلم نورا سعد

رواية هذا ليس عالمي الفصل الأول 1 بقلم نورا سعد

رواية هذا ليس عالمي الجزء الأول

رواية هذا ليس عالمي البارت الأول

هذا ليس عالمي
هذا ليس عالمي

رواية هذا ليس عالمي الحلقة الأولى

– أبويا! يعني إيه؟ أنا مسمعتش الكلمة دي قبل كده!
– عيب كده يا نور، ده أبوكِ يا بنتي.
أمتعضت ملامحها، وبتهكم شديد ردت عليها قائلة:
– بأمارة إيه؟ أنه رميني من سنين وجاي يفتكرني دلوقت؟
كانت لا تمتلك رد عليها، كل ما فعلته أنها جلست على أقرب مقعد بقلة حيلة وهي تضع يدها أعلى رأسها وتتمتم بحسرة وألم:
– ملوش لازمة الكلام ده، جدك صدر الفرمان علينا خلاص.
********
خيرر يا بووي مجمعنا أجده لية عاد؟
هكذا سأل صالح أبن دهشان الأكبر، وبنبرة حاسمة كان الحج دهشان كبير العائلة يضرب بالعصا التي تسكن في يداه في الأرض كان يقول:
ـ لما الكل يتجمع يا سمية، الصبر شوية.
أشاحت زهرة حفيدته الصغيرة بوجهها بعيدًا عنهم وهي تتمتم بصوت منخفض يتخلله التذمر:
– يووه مش هنخلص أجده.
وفي وسط تلك الأجواء دخل عليهم تميم كبير أحفاد الحج دهشان، كان يلهث بعنف، رفع يداه في الهواء وهو يقول لهم بأسف:
-أسف يا چدي على تأخيري، كنت بخلص شغل مهم جوي.
أومأ له الرجل بتفهم ولم يضيف شيء، ولكن من تكلم كانت أميرة زوجة تميم وهي تقترب من زوجها بدلال وهي تضع يدها على أكتافه لكي تلتقط منه العبائه الخاصة بهِ وهي تقول له برِقة شديدة لا تليق على تلك الأجواء الأسرية الصعيدية بالتحديد:
– حمدالله على سلامتك يا حبة القلب.
لم يعجبه تصرفها خاصة أمام جميع أفراد عائلته، رمقها بشر وهو يزيح يدها من على أكتافه ويعطيها تلك العبائة ويقول لها بحِدة وصلت لمسامعها هي فقط:
– أتحشمي شويِّ وسط الرجالة.
أخذتها منه أميرة على مضض، ترجلت لخطوات وعادت تجلس بجوار نساء العائلة، وفي وسط ذلك التجمع هتف صالح قائلًا لوالده:
-أتفضل يا بووي كل الدوار أتجمع أجده.
جلس الجد وسطهم بكل هيبته؛ فمن يرى الحج دهشان يهاب منه ويعطي له كامل الأحترام، فهو مثل أجدادنا الذين يجبروا من يقف أمامهم يتعاملوا معهم بكل أحترام وأدب، حتى إذا كانت شخصيتهم عكس ذلك!
وبنظرات ثاقبة على الجميع هتف بصوتٍ جهوري يُليق بهِ:
-أنا مجمعكم أنهاردة عشاان أخبركم أن نور بت صالح والدي هتيجي تعيش معنا أهنه.
ختم كلماته وهو يرمق جميع الوشوش بتفحص، يرى من أمتعض من الخبر، ومن تعجب، ومن شعر بغصةٍ تتأجج بداخل صدره، ولكن ذلك المسكين لم يشعر بهِ أحد، خفض قلب تميم بشِدة، شعر أن ضربات قلبه تدق مثل الطبول! وعلى الرغم من كل ذلك المشاعر المتوهجة سأل بنبرةٍ ثابتة:
– نور هتيجي أهنه الصعيد يا چدي؟!
هُنا ولم تتمالك سمية ابنة دهشان نفسها أكثر من ذلك، شهقة عالية خرجت منها وهي تضرب على صدرها بعنف قائلة بحنق شديد:
– وااااه يا بووي، كيف يعني بت البندر تيجي تَعيش أهنه في الصعيد؟!
لم يعجبه دهشان ذلك الحديث، نهض بعنف وهو يضرب بالعصا في الأرضية بغضب وهو يرمق ابنته بحِدة قائلًا:
– زي الناس يا سمية وكيف ما سمعتي، و كيف يعني بنيه في سنها ده تعيش منغير أب ولا كبير عليها! إية هنسيب مَره تربيها طول عمرها ولا إية؟
هنا وقرر صالح والد المدعيّة نور أن يتدخل في الحديث، وقف في مكانه وهو ينظر لشقيقته بحِدة، وبنبرة ملتويّة هي تفهمها جيدًا كان يقول لها:
-أني لما وافجت أن امها تاخدها تربيها في مصر وافجت عشان البنيّه كانت لسه صغار و محتاجة لأمها وقتها، لكن دلوجت بقت على وش جواز؛ كيف يعني أسبها أكده منغير كبير! ييكونشي عايزاني أسبها لحد ما تجيلي وهي شايله العار إياك يا بت بوي؟
وبنبرة حاسمة نهت جميع الأحاديث والمناوشات التي كانت على وشك النشوب قال دهشان بصرامة وحِدة:
– خُلص الكلام يا ولاد دهشان، أنا ببلغكم مش باخد رأيكم عشان تتحددوا مع بعض في الأمر، البنيّه خلاص على وصول، وأوضتها الشغالين بينضفوها دلوجت، مش محتاج أقولكم أن نور حفيدتي زيها زي تميم وزهرة تمام ، يعني تتعامل زين، مفهوم؟
انتهى من كلماته وهو ينصرف من أمامهم، ثوانٍ وكل منهم أنسحب من الجلسة بهدوء.
**************
أما في مكانٍ آخر، بعيد جدًا عن تلك الأحداث.
كانت السيدة جميلة تقف أمام باب منزلها وتودع صغيرتها بقلبٍ يعتصر؛ فرغبًا عن أنفهم ستبتعد صغيرتها عنها!
كانت تقترب من صغيرتها وتضمها لها بحنان همست لها من بين دموعها التي تنهمر من مقلتيها :
ـ خلي بالك من نفسك يا نور، وخلي بالك من تصرفاتك هناك، ولو حد ضايقك تاخدي أول قطر وتيجي على هنا على طول، ولا أقولك أتصلي بيا وأنا هجيلك في أقل من ساعة.
ابتسمت لها وهي تُقَبل يدها بحب : متخفيش عليا يا ست الكل، بنتك بميت راجل، وأنا هحاول أقعد معاهم شوية وهتكلم مع جدي أرجعلك تاني .
كانت تعلم جيدًا أنها تضحك على حالها؛ فرغم رفضها الشديد لسفرها لهم والعيش معهم فهي مجبرة على تنفيذ الأوامر لأنهم أمرأتان بمفردهم وهم رجال في نهاية الأمر!
زفرت الأم بألم وهي تربت على خصلات صغيرتها وتقول لها بنبرةٍ يتخللها السخرية:
– بإذن الله يا حبيبي، ودول أهلك برضه متقلقيش منهم أبدًا.
وبذات النبرة المبطنة بالسخرية كانت تقول لها:
– عندك حق، ده أبويا يا مش كده يعني!
مسحت جميلة دموعها، نظرت لها بتمعُّن وهي تقول لها بصدق:
– أبوكِ مش وحش يا نور زي ما أنتِ متخيلة، بس منه لله اللي كان السبب في طلقنا.
مدت يدها ومسحت دموع صغيرتها وواصلت:
– المهم خلي بالك من نفسك، ماشي؟
قَبلت والدتها وودعتها، ورحلت عنها لكي تلحق بقطارها المتجه نحو الصعيد، مسكينه تَلك الفتاة لم تعلم أن تلك السفرية سوف تقلب حياتها رأسًا على عقب..
**************
وعلى النحو الأخر، في صعيد مصر، كانت سمية واميرة يجلسان في غرفة المعيشة يتثامرو سويًا.
– خدتي بالك يا أميرة تميم وشه جاب ألوان كيف أول ما الحچ قال أن نور جاية البلد أهنى؟
هكذا هتفت سمية بمكر شديد وهي تنظر للتلفاز، نظرت لها أميرة بتعجب من حدثها وسألتها سريعًا:
– كيف يعني يا عمه؟ ومال تميم بالبت دي من أصله؟
مدت يدها تلتقط جهاز تحكم التلفاز وهي تضغط على الأزرار بعشوائية ردًا على أميرة، بمعنى عدم أهتمامها بالأمر بأكمله! نظرت لها وهي تردف موضحة:
– أصلي حسيت أنه فرح لما عرف أنها جاية.
دارت لها بكامل جسدها وهي تواصل بحذر وصوت هامس:
– أصل بيني وبينك البت نور دي كانت متربية على يد تميم من وهي في اللفه، ومشوفتيش أنتِ يا بتي عمل أية يوم ما أمها خدتها ومشيت.
كانت تستمع لها بأنصات شديد، والقلق بدأ يسيطر على ملامحها وقلبها أيضًا، وفور انتهاء الأخرى هتفت سريعًا متسائلة:
– عمل أية يا عمه؟
خبطت على صدرها بعنف وهب تقول لها بنبرة ماكرة:
ـ يا مُري، ده عمل عمايل محدش يعملها في سنه أبدًا يا بتي، كان بيعيط زي العيّل الصغير لجدك عشان يرجعها تعيش معانا تاني، ده وصلت أنه يقول لجدك سفرني أعيش هناك وياها، لا لا يا بتي، اللي عمله تميم وقتها مكنتش تصرفات واحد متعلق ببت عمه لاه، دي كانت عمايل واحد عاشق.
نهت حدثها وهي تمسك جهاز التحكم من جديد وكأنها لم تقول شيئًا للتو! بينما أميرة فتلك القبصة التي سيطرت على قلبها لم تستطع أن تخفيها، فظهرت على ملامحها بالفعل، لا تعلم ماذا تفعل بعدما علمت بإن تلك الفتاة كانت حب مراهقة زوجها! وأيضًا ستأتي وتعيش معهم في نفس المنزل!
دون حديث تركت سمية وصعدت لأعلى، لعل زوجها يطمئن قلبها بأي شيء ولو بسيط، أما سمية فنظرت لأثرها وابتسمت بمكر؛ فهي وبكل بساطة نالت مُرادها بالفعل.
***************
أما في الأعلى، وخصوصًا في غرقة زهرا أبنة سمية، كانت تجلس على فراشها تحتضن وسادتها وهي تتحدث مع شخص في الهاتف و تقول له مؤيدة حديثه:
– معاك يا حاتم.
وصل له الأخر تنهيدة حائرة منها، ولذلك سائلها مُتعجب من نبرتها الغير معتادة عليه:
-وااه، مال صوتك يا حبة القلب؟!
-مفيش.
-لااه صوتك مش على طبيعته معايّ.
وبأصرار كانت تقول له:
– مفيش يا حاتم جولتلك.
شعر أن حقًا يوجد خطابًا ما، وبنبرة مداعبة لها كان يقول:
– على حبيبك برضك يا زهرا! ها أحكي يا ست البنات حُصل إيه؟
زفرت بقلة حيلة، نظرت للأعلى وهي تقول له:
– مفيش حاچة مهمة، بس بت خالي جاية أنهاردة من مصر والموضوع شكله هيطول وهيعمل مشاكل في البيت.
تعجب الأخر من حدثها فسأل:
– وااه بت خالك مين دي عاد؟!
– نور بت خالي صالح اللي كانت عايشه في مصر.
تذكر أمرها؛ فهتف قائلًا:
– آه آه، مش دي اللي أمها خدتها وطفَشت بيها من زمان.
نفت برأسها سريعًا ثم قالت موضحه له الأمر:
– طفشت إيه بس ياا حاتم، دي مرات خالي أتطلقت من زمان وهي أساسها من مصر، وعشان البت كانت لسه صغار عندها 8 سنين خالي سبها مع أمها وقتها، وهي دلوقت كبرت فَهيرجعها تعيش معنا أهنه.
صمت الأخر يفكر في كل حرفٍ سمعه منها، وعندما طال صمته هكذا سألته بتعجب:
– روحت فين؟
-معاكِ معاكِ، بس هي جايه مِتا؟!
تعجبت من سؤاله، وبنبرة حاسمة سألته:
– وبتسأل ليه عاد؟
– عادي يعني.
وبشك كانت تقول له بسخرية:
– لتكونشي عايز تعرف عشان تيچي تشوفها بنفسك!
فهم الأخر أن الأمر تداخل في أمور غيرة الفتيات! ضحك وهو يداعبها بكلماته:
– هو أنتِ بتغيري ولا إيه يا بت؟ كل ده عشان بسألك جاية مِتا! أومال لو قولتلك هي عندها كام سنة دلوجت هتعملي فيا إيه؟
– هقفل السكة في خلقتك يا حاتم.
ضحك عاليًا عليها وعلى أنفعالها الذائد، وبمداعبة كان يغزالها قائلًا:،ىا
– هو قلبي في غيرك يا بت؟ أعقلي كده وبلاش جنان.
تناست الأمر في ثوانٍ، ضحكت على كلماته وتطرفوا بالحديث في أمور عديدة، أو بالأصح أمور ليس لها علاقة ببعضها من الأساس.
ا
*******************
مر الوقت سريعًا وحان موعد وصول نور لهم، منذ نصف ساعة رحل دهشان لكي يستقبلها من قطار الصعيد، وهم الأن يجلسون ينتظرونها.
كانت سمية تجلس تنتظر تلك الفتاة بملل، لا يعجبها أن فتاة أصغر من ابنتها تُعطل عائلة بأكملها لأنها آتيه! خبطت كف على الأخر وهي تصيح بغضب:
– هي ست الحُسن هتلطعنا كتير ولا إيه !
لحقت جُملتها مباشرةٍ دخول نور الذي صُدم الجميع، ما هذا؟! هل هي تلكَ الفتاة ذو الثامنية عشر عام! ها هي الفتاة التي يُقال عنها رمز للبراءة و الرقة!
شهقت سمية بفزع في حين دخول نور للمنزل، نهضت سريعًا مثل الجميع، ولكنها هي وحدها من تقدمت نحوها وهي تضرب على صدرها بحركة شعبية مُعتادة وهي تصيح في تلك الفتاة متسائلة:
– يا مُري، مين ده!؟

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هذا ليس عالمي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!