روايات

رواية هذا المصير الفصل الثالث 3 بقلم مريم السيد

رواية هذا المصير الفصل الثالث 3 بقلم مريم السيد

رواية هذا المصير الجزء الثالث

رواية هذا المصير البارت الثالث

هذا المصير
هذا المصير

رواية هذا المصير الحلقة الثالثة

قبل أن أرحل من أمامه وجدتّهُ يقول:
-مريم أنا بجد هتجوز.
جسدي بأكمله لا يستطيع السير، وقفتُ مكاني لا أعلم ما الذي يقوله:
-نعم؟!… بتقول إيه يا بابا مين ده إللي هيتجوز وليه؟!
صمتَ عدة دقائق ثم قال:
-هتجوز رشا بنت عمي وأنتِ بتحبيها يا مريم.
إقتربت منه وأنا أُدمّع:
-بحبها كــ قريبتنا مش مرات بابا، أنتَ مستوعب إللي بتقوله يا بابا، عارف يعني إيه تتجوز على ماما.
-أمك ماتت يا مريم هتفضلي لحد إمتى توهمي نفسك بإنها لسه عايشة، لحد إمتى تقومي تعملي ليها الشاي، هتفضلي لحد إمتى تجيبي ليها الحاجات إللي بتحبها، أمك ماتت إستوعبي ده يا بنتي أنا مبقتش قادر على فراقها ولا قادر على تعبك أنتِ.
لا أعلم ما الذي يقوله، لكنّي لا أصدق ما يقوله، إنها تأتي لي كل يوم وتجلس بجانبي وتيقظني كل ليلة أُؤَدي صلاتي، كيف له أن يتفوّه بذلك، كيف أتت له الجرأة بأن يقول هذا، فؤادي لا يموت بل هي معي.
جلستُ على الأريكة وأنا أضعُ يداي على وجهي وأبكي بحرقة،أقتربَ منّي وهو يقول بيأسٍ:
-مريم مامتك وأخواتك أثّروا في حياتنا جامد، البيت مبقاش ليه حس ولا قيمة، وأنتِ بقيتي بتوصلي للحالة الأسوأ، وأنا والله عملت كل ده علشانك، إشتريت شقة علشان متبقاش رشا فيها ودي من ريحة أمك، وبعدين مش عاوز الوحدة تسيطر عليكي، بصي لنفسك في المراية كبرتي فوق سنك عشرة.
هديتُ قليلاً ثمّ قلت:
-حقّك تتجوز وتعيش حياتك بس أنا…. بس أنا مش هقدر أتقبلها في حياتك يا بابا أنتَ متخيل واحدة تانية تبقى مكان ماما.
قال بِلُطف:
-أنا عاوز أطمن عليكي والإنسانه الوحيدة إللي هتطمن عليكي معاها هي رشا، أكتر إنسانة بتعزك وبتحبك.
هزيتُ رأسي بإيجاب ودخلتُ غرفتي لأوضّب أغراضي كما أخبرني، أيعقل يا فؤادي أن ترحلين هكذا وتملك امرأة أخرى منصبك، كيف لها أن تكون مكانك في حياة والدي، سيأتي اليوم الذي سيحبها وسينسى حبكم، لكنّى ورب الجلالة لا أنسى اليوم الذي كنتِ لي سندٌ لي.
نظرتُ إلى الشقة وعن جمال طرازها، لم يكمل دقيقة حتى طلت علينا هي وأولادها، وهنا أصبحت الصدمة صدمتين أيعقل أن يكون هذا معي في شقة واحدة، كيفَ هذا، إقتربت منّى وضمتني إليها وقالت وهي تهمس:
-أتمنّى متاخديش موقف منّى يا مريم.
إبتمستُ بيأسٍ:
-دي سنّة الحياة يا طنط، متقلقيش مفيش حاجة.
إقترب منّي وهو يزفر بضيق:
-بقى آخر الزمن ده يبقى مصيرنا مع البنت دي.
قالت “رشا” بضيق:
-محمد!! عيب كد وبعدين دي هتبقى أختك.
قبل أن يتكلم، كان هناكَ صوت مرح وعفوي يجري نحوي ويقول بلهجة طفولية:
-صح يا ماما دي أختي؟
إبتسمتْ له وقالت:
-لو مش معترض عادي.
قفز إليّ فحملتهُ وقُلت:
-بقى أنتَ يا صغنن هتبقى أخويا.
ضحك وقال:
-علشان أنا حلو بقيتي أختي مش كده.
هناك من قاطع الحديث بلهجة سخرية قائلٍ:
-المأذون ده جايي أمتى علشان نخلص.
قبل أن يهتف أحدٌ منّا حتى وجدنا المأذون يدخل إلينا، أنتهى عقد القرآن ورحل المأذون، نظرتُ إلى والدي وقلت:
-أوضتي فين؟
كاد أن يتحدث إلا أن وجدتُّ “رشا” قائلة:
-تعالي يحبيبتي.
سيرتُ خلفها وأشارت على غرفتي، دخلتُ غرفتي وحينها هنا لا أستطيع كتم شهقاتي وبُكائي، فتغلّب عليّ هذا، لا لا يمكنني تحمل هذا لا يمكنها أن تعاملني كأم لي وأنا فؤادي ليسَ معي، أشتقتُ لها وأشتقتُ لحنانها، فالحنان دُفِنَ أثناء دَفْنُها في قَبرُها، ولنا في الترابِ أحباءٍ رحلوا.
خرجتُ من الغرفة وأنا أتجهّز للنزول إلى الكليّة لأمتحان القبول، قبل النزول، صُدِفت بــ “رشا” و”محمد” وهم يتناشقان في أمرٍ ما، كدت الرحيل لكنّي وقفت عندما سمعتُ صوتها:
-خُدي هنا يا مريم نازلة إزاي وأنتِ مفطرتيش وبعدين هتروحي لوحدك ليه؟
نظرت إلى “محمد” ثم هتفت قائلة:
-محمد خُد مريم معاك في طريقك كد كد أنتوا كُلية واحدة.
كِدنا أن نعترض إلا أن قاطعتنا قائلة:
-والله ما في رجعة في كلامي.
زفرتُ بضيق ونزلتُ بعد إلحاح كبير منها أن أرحل بدون إفطار ونجحتُ في ذلك،كُنّا نسيرُ ماشيًّا نحو الكلية، فهي قريبةً نوعا ما منّا، قاطع الصمت الذي بيننا قائل:
-مش معنى إنّي وافقت أمشي معاكي يبقى كد تحطي في بالك إننا ممكن تتحسن علاقتنا.
توقفت من سيري قائلة ببرود:
-نعم؟… يعني أنا إللي عاوزة العلاقة البايخة دي تتحسن، أنا أصلاً مش شايفاك يعمري، وبعدين محدش غصبك والله كان ممكن تقول لأمك فوق أه وتنزل تسيبني.
زفر بضيق قائلاً:
-مش عيّل بيزوغ أمه ويعمل العكس.
ضحكتُ بسُخريّة:
-أيوه أيوه بأمارة إمبارح لما قالتلك “أوعى يا محمد تكون بتحب ولا مرتبط أنتَ لسة مشوارك طويل” وأنتَ بِكُل براءة الولد الجود بوي رديت “عُمري ما هفكر في كده يا أمّي”.
زادت ضحكاتي، ثم أضفتُ قائلة:
-واضح بصراحة الجود بوي إللي بتقلده ده.
نظر لي ببرود وكل منّا إتجه نحو الإمتحان لديه، إنتيهتُ من الاختبار وخرجتُ وأنا قلبي ينبض بشدة خوفًا من الرفض منهم، لكنّي فعلت ما بوسعي وإنني عندي أملٍ كبير في الله، وجدتُّ” منّه” تقف أمام باب الجامعة، عندما رأيتها بكيت لا أعلم لماذا هل لشدة ضعفي أم لخوفي من القادم، قامت بإحتضاني وطمأنتني، الشخصُ الوحيد الذي أأمن حياتي لها، فهي من إستطاعت إخراجي من الظلمة بعد وفاة والدتي فهي من جعلت الدُنيا جميلة بعيونها.
وضعَ أمامي رغيفين مملوئين بالفول والفلافل المَصريّة، نظرتْ لي قائلة:
-إللي يشوفك وأنتِ بتعيطي من شوية وخايفة ميشوفش العشر سندوتشات إللي فزعتيهم دلوقتي.
نظرتُ لها بضيق ثم أضفت:
-يعني أنتِ بصالي يمنّه على الأكل.
تركتُ طرف الرغيف وقلت بــ خُبث:
-والله ما أنا مكمّلة.
رفعت إحدى حاجبيها، ثم قالت بـــ سُخريّة:
-والله تكمليه يا غاليه ده القَرْن بيقول كمليني.
نظرنا إلى بعضنا البعض فــ ضحكنا بِشدّة حتى أنتهى اليوم بسلام، عدتُّ إلى البيت وكان التوقيت متأخر قليل في توقيت الحادية عشر ليلاً، دخلتُ المنزل فوجدتُّ” رشا”تقترب منّي قائلة:
-مريم كُنتِ فين؟
قلتُ بــ لامبالاة:
-مع منّه.
نظرت إلى الساعة فــ فَهمتُ مقصدها، فــ أردفتُ قائلة:
-عارفة التوقيت متأخر بس الوقت خدنا مع بعض، لإنه لينا فترة متقابلناش.
هزت رأسها بإيجاب ثم عقّبت قائلة:
-ماشي يا مريم بس ياريت التوقيت ده ميتكررش تاني، إتفقنا.
هزيتُ رأسي بإيجاب، ثم إتجهت نحو غُرفتي، جلستُ على إحدى الأجهزة الإلكترونيّة فيما يعرف بــ “الاب توب” وظليتُ أكتبُ الرواية التي أودُّ إنتهائُها، أنتهيت من جزئية منها وأغلقت الاب توب، وإرتميت على فراشي بإرهاقٍ شديد، مرّ وقتٌ كبير من الوقت فــ خرجتُ من الغُرفة وإتجهتُ نحو المَشرفة وفي يدي كوبٍ من القهوة، ويدي الأخرى كِتابٌ “أحببتُ وغدًا” لم أحب ولا أريد الحُب ولكن من قراءتي لهذا الكِتاب، أظلّ أقول “هل سيكون هو الوغد أم أنا” حتّى إنني لا أفكر في يمكن أن تكون علاقتنا مُسالمة وليست كما أسمع من الخارج، أحيانًا أودُّ رجلٌ خرج من كِتابٍ ما، يفهم دون أن أتكلم، يعاملني كـــ الطفلة التي لم تعاش طفولتها، يعاملني كــ الأميرة التي تختلف عن بقية العالم، في النهاية أريدُ رجلٌ وليس شاب.
فِقتُ من شرودي على صوتِه، إعتَدلتُ من جَلستي، وجدتّهُ يسند بــ يَديه على سور مشرفة الشقة، وهو يقول:
-يا حبيبتي مش هقدر والله أنزل بكره، بكره قرايب جوز أمي جايين وقرايب أمي بردوا ومش هينفع أسيبهم لوحدهم.
ثمّ أضافَ قائلاً:
-طيب خلاص هعوضك يوم تاني والله ويوم هيعجبك بالعربية.
ثمّ أردفَ قائل:
-سلام يا حبيبي.
أغلقَ معها الخط ورحل كما كان، أيعقل أن يكون هذا الحُب في العمرُ هذا؟، أيعقل بأن الحب يأتي مُبكّرًا كهذا؟، ألا يعملون بأن العلاقة التي لا ترضي الله في البِداية لا ترضيهم في النهاية؟، ألا يعلمون بإنهم لو علموا عقوبة هذا كيف سيكونَ ردة فعلهم؟، الحُب في السن المَبكّر من أفشلَ العلاقات التي يمكن أن تمر على الإنسان.
-مريم مريم فوقي النتيجة هتظهر دلوقتي.
قُلتُ بـِ نعاس وقُلت:
-يوه يا ماما سيبيني شوية بقى.
ضَحِكَت قليلاً ثم أردفت:
-يا مريم فوقي… بقولك النتيجة ظهرت.
نهضتُّ من مكاني وأستوعبتُ بأنها “رشا” فــ حمْحمتُ قائلة:
-أسفة كنت فاكرة…
قاطعت حديثي قائلة بيأس:
-أسفة!!… بقى كد يا مريم بتعتذري على إنك قولتليلي يا ماما.
كادت أن ترحل ألا أن أوقفتها قائلة:
-ماما هو أنتِ قولتي ليا النتيجة مالها؟!
نظرت لي، ثم أبتسمتْ قائِلة:
-ظهرت ينن عيني.
نهضتُّ من مكاني وأتجهتُ نحو المرحاض، ثمّ جلستُ على الأريكة وأنا الخوف قد إحتلّني، وبجانبي شخصٌ آخر لا أعلم بأن البرود إمتلكه أم إنّه يتظاهر بذلك… مرّ عدة دقائق حتى وجدتُّ “محمد” يزفر بضيق قائلاً:
-يوه عليكم هي ناقصة تتأجل إسبوع تاني؟!
نظرتُ له مُستفسرة فــ أردفَ قائلاً:
-النتيجة اتأجلت، ونسبة النجاح فيها 60% يعني خير إن شاء الله.
نظرتُ لهم بيأسٍ قائلة:
-أنا هزعل أوي لو منجحتش، ده الشئ الوحيد إللي هبقى قدرت ألحقه يا ماما.
إحتوتني بيديها قائلة:
-متقلقيش يا قلب ماما كُل حاجة هتعدي على خير أنتِ بس خلي عندك أمل بــ ربنا.
هزيتُ رأسي بإيجاب، في الجهة الأخرى جرس الباب قد أُطرِقَ نهض “محمد” من مكانة وفتح الباب وكانت هنا العائلة بأكملها، حتى من يكرهون وجودي، فهم يكرهون والدتي كيف ســ يحبّون ابنتُها، أقتربت منهم ورحبت بهم، منهم من كانَ صافي القلب ومنهم من كان يملئهُ الحقد، جلسنا جميعًا في الصالون، مرت عدة ساعات حتى نهضَ الكِبار ولم يزال سوى “نور بنة عمتي”،” رحمة بنة عمّي “،” فاطمة بنة عمّتي، خديجة بنة عمّي أخت رحمة “وفي الشباب” أشرف بن عمي “،” أيمن أخو أشرف “،” آدم “وكثيرًا منهم ولكن منهم من كان مشغولا بأولاده ومنهم لم يأتي من أصلُه، وفي أثناء حديثنا قالت الأفعى الصغيرة لدى أمّها” رحمة”:
-مقولتش يا محمد يعني إزاي قدرت تدخل الجامعة دي، شكلك كُنت دحيح أوي!
إنتهت بآخر جملتها بالضحك قليلاً، ثم أردفَ “محمد” ببرودٍ قائلٍ:
-والله يا رحمة زي ما مريم دخلت الكُليّة أنا دخلتها، مش حكاية دحيح بس أنا دخلتها علشان أقدر أخلّي بالي من أُختي.
نظرت له بتعجّب عن ما يقوله، فأكمل حديثه قائلاً:
-أينعم مش بنطيق بعض في النهاية زي ما بتقول كد إللي تِعزّه أمي أعزّه العُمر كله، ومريم بصراحة قلبها طيب سُبحان من خلق فيها الطيبة.
أردفت “رحمة” بــ بسمة خبيثة قائلة:
-عندك حق بصراحة يا محمد، ربنا يخليكم لبعض.
ثم همست بين نفسها:
-طول عمرك حظك حلو.
نهضت خديجة ثم جلست بــ جانبي قائلة:
-مقولتيش ليا يا مريوم عملتي إيه في نتيجة القبول، واثقة في نجاحك بس طمنيني؟
إبتسمتُ لها قائلة:
-ربنا يخليكي يا حبيبتي، بس لسه الأسبوع الجاي لسه محمد شايفها ليا.
هزت رأسها بإيجاب، أردفَ “أشرف” قائلاً:
-مريم أنتِ مرتاحة هِنا.
قبل أن أتحدث عقّبَ “محمد” قائلا:
-أكيد مرتاحة يا عم أشرف ليه هما بيعذبوها يعني ولا إيه وبعدين دي مع “رشا” حبيبة الكُل وأصغر عيّل بيحبّها هنا، تخيل بقى تبقى مريم معاها في بيت واحد هتبقى المعاملة إزاي؟!
أردفَ أشرف قائلاً بــ بسمة:
-يعم مش قصدي والله بس أنا حبيت أطمن أبن عمها وأخوها بقى وربنا يعلم معزتها عندي والله.
-ربنا يخليك يا أشرف، متقلقش أنا كويسة وزي الفل.
” وفي إحدى الليالي تسودُ الذكريات، وتعود الفلاش باك، فتنتهي الرحلة ”
“رشا إقتحمت الغُرفة وهي تقول:
-مريم مريم قومي قومي محمد جاب نتيجته الدور عليكي.
نهضتُّ مسرعة نحو” محمد” أعطته رقم المدرج ظلّ يبحث حتى وجد “مريم السيِّد” أردف قائلاً:
-مريم…. بصي هو في كتير كليات أحسن من دي بكتير أوي.
فهمت مقصده فأضفتُ قائلة بحزنٍ كبير:
-الحمدُلله على كل حاجة.
لما هذا الحظّ يا الله أيعقل أن يكون هذا حظّي، رضيتُ بحكمتك ورضيتُ بقضائك، إتجهتُ نحو غرفتي وقبل الدخول كنتُ “على الأرض ملقية كالروح التي ذاهبة لخالقها.
صرخت بقوة قائلة:
-مريم!!

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هذا المصير)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى