روايات

رواية طوق نجاتي الفصل السادس عشر 16 بقلم ابتسام محمود الصيري

رواية طوق نجاتي الفصل السادس عشر 16 بقلم ابتسام محمود الصيري

رواية طوق نجاتي الجزء السادس عشر

رواية طوق نجاتي البارت السادس عشر

رواية طوق نجاتي الحلقة السادسة عشر

كانت تجلس “تولاي” بالفراش تدلك فروة رأسها من كثرة عدد الساعات وهي مرتدية الحجاب لتجعله يتنفس، واذا فجأة تتذكر حديث “ريان” عن خطيبها الهارب منها وتمنت أن يوجد حقا بنفس المواصفات التي تتخيلها بعقلها، وهي ستكون جارية له وتحارب لأسعاد من يجعلها ملكه على قلب رجل قوي لكن حنون مصابر لأجلها، رومانسي لها يجن معها يحب ما تحبه حتى ترضى… سعدت ودق قلبها لمجرد التفكير في ملك احلامها، تركت شعرها منسدلا، وطرق على عقلها ملامح “ريان” عندما كان بالقرب منها، ابتسمت ابتسامه لا تعرف معناها وخرجت الشرفه تتنفس بعض الهواء وجدت “ريان” يقف في الجانب الاخر في شرفته… دخلت سريعا واغلقت الشرفه، لكن لم تغلق الستارة للاخر تركت جزء لتتلصص على من يقف عاري الصدر محرر شعره واضع يده على السور الحديدي وناظر للسماء، يكاد ينتظر رساله من القمر أو يرسل رساله له…. ظلت تراقبه حتى اغمضت عينيها من كثرة تعب اليوم…
★******★
بعد ساعات مرت على “عمر” كالسحلفاء نظر على النافذة وجد شعاع الشمس الذهبي يخترق غرفته، نهض من فراشه الذي كان يتقلب عليه طوال الليل يفكر اين يبحث عنها؟ اخرج بدلته بملل وربط ربطه عنقه بأهمال ولم يلبس ساعته ولم يضع عطره المفضل، لا يوجد له مزاج يفعل مثل كل يوم ويهندب ذاته، رمق انعكاس نفسه بالمرآه ورفع يده مررها على ذقنه الذي كان يحلقها كل يوم نبتت قليلا، اخذ مفتاح سيارته وترجل متوجه للبنك الذي يعمل به، دخل على الفور للمدير يطلب منه إجازة تعجب المدير وقال:
– غريبه انت عمرك ما اخدت اجازه غير في فرحك ومش بتحب الاجازات.
– بعد اذنك يا فندم موضوع مهم جدا ولازم اخد إجازة، ان شالله بدون مرتب.
حالة “عمر” لمست المدير وبرغم عدم الاستغناء عنه لأنه اكفأ موظف عنده، وافق على اعطاءه اجازه اسبوع كما طلب…
انصرف “عمر” مهرولا وأول شيء قام بفعله حرر رابطة عنقه بعصبية وقلع جاكت بذلته، والقاه داخل سيارته باهمال، واخرج قميصه من داخل البنطال، وتحرك بالسيارة ولم يعرف إلى اي وجهه سيذهب لها، فذهب لكل اقسام الشرطة والمستشفيات، حتى الطرقات تفحصها بدقة على أمل العثور عليها، لكنه تذكر أن اليوم لديها محاضره، بصر ساعته وجد متبقي ثلاث ساعات حتى تنتهي المحاضره، ظل يجوب بالشوارع بالعربه ليضيع الوقت حتى تنتهي من محاضراتها.
★******★
دخلت “إيمان” غرفة “ريان” تتعجب من القاء جاكت بدلته ارضا، فهو منظم جدا ولم يفعل هذه الحركه من قبل، ظنت انه يريد غسله اخذته ونزلت بعدما نادت عليه ليستيقظ، فتح “ريان” عينه بكسل ومد يده يجلب جاكته الذي بات بحضنه ليستنشق عطرها كأنه الأكسجين، لم يجده بجواره، مال بجسده يبحث عنه بالارض لم يراه، نهض سريعا ارتدى سروالا يستر نفسه ونزل إلى أسفل:
– ماما شوفتي جاكت بدلتي ؟
– ينفع كده نازل من غير تيشرت في البرد.
– هطلع البس، بس شوفتيه؟
– لقيته مرمي جنبك على السرير اخدته اغسله.
– لا مش محتاج هو فين؟
– خلاص هطلع احطه مكان، اطلع انت خد دشك.
– لا هاتي محتاج من جيبه حاجه.
مدت يدها بالجاكت وقالت:
– خد الحاجه.
مد يده اخذه منها، لكن نظرات والدته مصوبه عليه، فسألها:
– فيه ايه بتبصيلي كده ليه؟
– مستنيه تاخد الحاجه.
– ايوه هاخدها بس لما اطلع فوق.
انهى حديثه وانصرف من امامها، صعد غرفته وابتسم وهو يشم الجاكت ثم وضعه في خزانة ملابسه…. ثم دخل المرحاض وانهى كل شيء ولبس زي رياضي وعلى كتفه شال فلس.طيني يخص السفاري، وهو ينزل قابل “إيمان” واقفه بأبتسامه عريضه سائله:
– لقيت الحاجه اللي بتدور عليها؟
اجابها بأقتضاب وهو يهندم نفسه:
– اه لقتها.
– عجيبه مع اني دورت فيه قبل ما احطه في الغساله ملقتش فيه حاجه… بس الغريب شميت فيه برفيم شوكر كده تحس انه مسكر متحطهوش غير واحده ليدي.
رمقها بأبتسامه واسعه على ذكائها وابلغها بهروب من الحديث:
– نفسي تريحي نفسك وتبطلي فضولك يا إيمي.
– مستحيل.
– طيب اسيبك مع تخيلاتك والحق شغلي.
كان يبلغها وهو يأخذ حقيبه ظهره وأنصرف، فنادت عليه بسخرية:
– ريااان… تبقى سلملي على الشغل…
قهقه بصوته الرجول وتركها خلفه وهو يخرج هاتفه يرن على “تولاي” ويخبرها انه ينتظرها، فردت عليه بتعجل:
– ريان روح انت وأنا هاجي وراك .
– ليه ؟
عادي عشان معطلكش .
– انجزي يا تولاي أنا واقف تحت، كده كده مش هنتحرك من غيرك .
فكرت ثواني وهي ترتدي حذائها ثم قالت:
– تمام ثواني وهكون عندك.
دخلت السيارة بخجل وقالت بصوت ناعم جديد على اذنه منها :
– صباح الخير.
– صباح النور.
وصمت الاثنان دقائق وهو يتابعها وهي تحاول شد الحزام، فقال:
– تحبي اساعدك؟
ردت بتتعتع وكسوف:
– لا شكرا، أنا عرفت اهو.
نظر أمامه وقال “ريان”:
– ممكن اقولك حاجه محشوره جوايا ولو مقلتهاش هيحصلي حاجه ؟!
– اتفضل .
حرك سبابته على مقدمة انفه وأبلغها:
– شوفتك امبارح لما طلعتي البلكونه، وبصراحه وشك زي القمر بشعرك… وشعرك حلو اووي.
توسع بؤبؤ عينيها وبدأ صدرها يعلو ويهبط و
شعرت “تولاي” بالاحراج الشديد من قوله، وزاد حمرة وجنتها خجلا، وقالت بصوت هامس:
– بس أنا موقفتش غير ثانيه .
– انتي مستقليه بالثانيه !!
دي امم بتقوم وامم بتقع .
– شكرا.
– العفو.
وساد الصمت من جديد حتى أن وصلا وكان الجميع ينتظرهما، نزل “ريان” وبدأ بتجهز كل شيء مع “زين”
اما “عائشة” قالت ل “كوكي”:
– صاحبتك من ساعة ما وصلت ولا هي هنا، ماتيجي ننكشها؟
ضحكت “كوكي” وتحرك داخلها روح الشر، وتحركت معاها، وقالت “عائشة” ل “تولاي”:
– متحكلنا حصل ايه امبارح ؟
ربشت “تولاي” وتحركت عينيها بعشوائية، فقالت “كوكي” بمشاكسه:
– سكتت يعني قلبها مال…
ضحكت “عائشة” قائلة:
– تفتكري خلاص السر اللي ما بينهم اتقال..
ضحكت الفتاتان وعبست “تولاي” من سخافتهما عليها رادفة:
– سكت عشان محصلش حاجه، ومافيش حاجه عشان تحصل، ولعلمك انتي وهي أنا مخطوبه.
تنحه الفتاتان وقالت “عائشة”:
– وأنا اللي بوسع ليكم عشان تاخدوا راحتكم !!
– ماتبقيش توسعي تاني.
كان هذا رد “تولاي” فقالت “عائشة” بضحكه:
– على قلبكم بعد كده واستحالة اسيبكم.
ثم رمقتها بنظرة خبيثه وتحركت وهي تمسك حقيبه ظهرها بكف يدها واقفه بجوار “ريان” مشاكسه به وهو يعمل:
– وحشتني يا خويا.
– وانتى كمان.
اجابها بدون تركيز، ثم ردت:
– انت ليه محلو يا اخويا؟
– بت انتي هبله الناس واقفه وبعمل مراجعه على الاسماء.
– حسيت فجأة قلبي بيدق ونفسي اقولك بحبك يا خويا.
ترك ما بيده ووقف بطوله ورمقها بنظرات حاده، رجعت للخلف لتحتمي من ردة فعل غضبه، وقالت:
– بكره تتمنى اقولها وساعتها هقولك مافيش شطبنا.
– يا بنت الك.. يا هبله.
تحركت بعيدا وكلما تقابلت اعينهم تقع على عيناه ترمي له قُبله، هز رأسه يساراً ويمينًا بضيق قائل بصوت واطي:
– حسبي الله ونعم الوكيل.
ثم قال للجميع بجدية:
– كله يحضر بطاقته .
اخرج الجميع بطاقته إلا “تولاي”قالت مسائلة:
– ليه ؟
– عشان اسجل بياناتك عشان تاخدي تصريح سفاري.
– لا مش لازم اكتب عندك أنا همليك.
– لا بقى مش هتبقوا انتوا الاتنين عليا على الصبح انجزي هاتي البطاقه.
قال كلامه بعصبيه وهو يشار عليها وعلى اخته التي تضحك، زجتها “كوكي” حتى لا ترد واخبرتها:
– طلعيها وخلينا نخلص.
– يا زفته شكلي وحش جدا عايزاني ادهاله عشان يفضل طول الرحله يتنمر عليا ؟!
فقالت “عائشة” بأسلوب يحمل سخرية:
– خلاص يا ريان هي هتقف جنبك هتمليك البيانات كلها.
رمق “تولاي” بحده وقال بتريقه:
– تلاقي عندك ٤٥ سنه، وخايفه اكتشف ده من البطاقة.
ردت بأندفاع:
– ٤٥ فرخه تربيهم فوق سطوح بيتكم.
– شايفه بتغلط اهو ولما بتعصب بتزعل؟
شهد عليها “كوكي” فقال “زين” حتى ينهي الحديث:
– يا بنتي طلعيها وخلصينا.
– خد وققت المراكب السايره في وشك يا ريان.
مد يده يأخذها منها وابلغها بنفس النبره الهامسه:
– سمعتك.
نظر بصورتها في البطاقه رأى ملامحها سوداء، وتشبه المساجين، فضحك وقال متسائل:
– هو انتي نسيتي البطاقه في الفرن ؟
– عملوا على وشي صنية فراخ يا خفه !
ضحكوا الأربعة على جملتها وانصرف “زين” و”ريان” لينهيا كل شيء من الاجراءات…
طال انتظارهم فقالت “تولاي”:
– درجة حرارة الشمس النهارده لو في ثانوية عامة هدخلها طب… ما تنجز يا عم…
– خلاص خلصنا يالا كله على العربيات السفاري.
تحرك الجميع، وركب الخمسه بسيارة 4*4بمفردهم والجميع توزعوا على عربيات دفع رباعي.
★*****★
ذهب اخيرا ” عمر” امام باب الجامعه انتظر دقائق موعد الخروج، لمح صديقتها، نزل سريعا من العربه وتوجه لها بكل احترام:
– من فضلك.
– اهلا بحضرتك استاذ عمر، فيه حاجه؟
– اهلا بيكي، كنت بس بسألك عن هند، شوفتيها النهارده؟
صمتت قليلا لم تعرف بما تبلغه، أنها لم تأتي الجامعه من الأساس، فتلوم عليها صديقتها بأنها ابلغته، لكن الغريب في الموضوع انها ليست من طبعها إن تعلن ذهابها للجامعه، ثم بعد ذلك تذهب لمكان اخر، لكن ماذا ستقول، وفما ترد ؟ فهي حقا لم تأتي اليوم، وفي ثواني اصابها الرعب عليها خشية ان يكون حدث لها شيئاً مكروه وهي اتيه، فقالت بجدية:
– لا والله مجتش النهارده.
– ممكن لو عرفتي عنها حاجه او كلمتك تبلغيني، وبلاش تعرفيها أنك هتعرفيني.
تعجبت ضحى لقوله لكنها سألته:
– خير هو فيه ايه ؟
رد عليها بآسى والحزن مرسوم على وجهه قائلا:
– هند سابت البيت ومش عارف مكانها ؟!
– طيب كلمتها على الفون ؟
-كلمتها على كل حاجه، ومش عارف اوصل لها.
– متقلقش خير بأذن الله .
ارادت صديقتها ان تبث الطمأنينة بداخلها ولو قليلا لتستطيع ان تصلها للذي واقفًا امامها قلقا بشدة، اومأ لها ثم اخرج من جيبه رقم هاتفه وقدمه لها قائلا:
– ده رقم تليفوني، لو وصلتي لحاجه بالله عليكي طمنيني عليها .
ناولته منه ثم مشيت متعجبه من حالته، ومن تصرف صديقتها الغير متوقع منها، فكرت ثواني ثم تذكرت “سيف” لم يحضر اليوم ايضا، امسكت هاتفها وقامت بمهاتفته على الفور، وانتظرت حتى اتاها رده، فسألته:
– سيف تعرف هند فين ؟
– لا.
– سيف لو هند جنبك ادهاني لو سمحت ؟!
كانت تجلس بجواره وحين عرفت من المتصل، اخدت منه الهاتف وردت على صديقتها التي كان صوتها قلقا عليها:
– انتي فين يا هند ؟
– مشغوله شوية بنقل في شقه جديده .
– ده عمر قالب عليكي الدنيا.
عقدت بين حاجباها واستغربت لما يبحث عليها، انتبهت لصوتها:
– عمري ما شوفته مبهدل زي النهارده، شكله صدمني أنا معرفتهوش غير لما ركزت في ملامحه…. مش مصدقه عمر المهندم الشيك اللي ريحة البرفيم بتاعه بتوصل قبل ما يفتح عربيته يكون ده حاله
تعجبت “هند” اكثر مما قالته صديقتها، لان “عمر” برغم حزنه وسوء الموقف الذي كان يشعر به اثناء عزاء اختها؛ كان الرجل الشيك الذي لم يتخلى عن رونقه ومظهره، كيف يكون وصل لهذه الحاله ؟
لاحظ “سيف” التيهه التي انتبهتها، فطقعها بسؤاله:
– في حاجه يا هند ؟
– ثواني.
اكملت حديثها وردت:
– ضحى لو بتعزيني بجد اوعي تقولي مكاني لعمر، ولما اشوفك هحكيلك على كل حاجه.
– ماشي يا هند مع أن حاله صعبان عليا، قوليلي عنوانك عشان اجيلك.
– لا بعدين بعدين، سلام.
اغلقت الخط ومازالت على حالتها التائهه، ثم قالت بدون ادراك:
– تصور ضحى بتقولي عمر بيدور عليا وبتقول شكله مبهدل خالص…. مع ان افتكر ان خناقاته كلها مع صافي بسبب مظهره اللي مهتم بيه اووي اكتر من أنه يشيل معاها المسؤلية.
– ايوه وفيها ايه يعني ؟
– انت مش متخيل يا سيف عمر قد ايه شيك، وبيحب يحلق كل يوم اول ما يصحى وبيهتم بأدق تفاصيله.
ظهرت علامات الغضب على ملامحه، وقال بنبرة حاده:
– في اي يا هند، انتي مش ملاحظه انك زودتها في ابهارك بيه ؟
رمقته بتعجبت، ثم ابتسمت وقالت متسائلة:
– انت غيران من عمر ؟
– اه غيران مش من حقي ؟
– طيب خلاص يا سيف اعتبرني متكلمتش، أنا هقوم اعمل نسكافيه اعملك معايا ؟
ارادت انهاء الحوار معه، والهروب منه بتلك الحجه، فكان رده بأن شكرها بضيق، اومأت له وانصرفت داخل غرفتها بذهن شارد ..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية طوق نجاتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى