روايات

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الرابع 4 بقلم فاطيما يوسف

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الرابع 4 بقلم فاطيما يوسف

رواية بين الحقيقة والسراب الجزء الرابع

رواية بين الحقيقة والسراب البارت الرابع

رواية بين الحقيقة والسراب الحلقة الرابعة

عصرا داخل البنك الأهلي بمدينة الإسكندريه يجلس جميل على مكتبه يفحص بعض الميزانيات ويراجعها وهو يرتدي نظارته بمهنية،
ثم استمع الى دقات على باب المكتب وأذن للطارق بالدخول،
وإذا به المهندس نادر يدلف وعلى وجهه علامات السعادة مرددا بنصر:
_اخيرا وصلت له يا جميل بيه ،
اترصدت له وجبت لك اسكرينات بمحاولاته للسرقة من كذا مكان .
ومد يده بالملف المطبوع به الاسكرينات .
أخذه منه جميل وهو يثني عليه بامتنان متطلعا إليه وعلامات السعاده باديه على وجهه :
_عظيم عظيم يا هندسه كنت واثق ومتأكد ان انت هتجيب اخره ما انا مش بشغل معايا اي حد برده ،
واسترسل حديثه وهو متعمق في قراءه الاسكرينات مرددا بتساؤل:
_طيب الاسكرينات دي كفيله انها تسجنه ولا هيقول ان ده مش ايميله والحوارات دي وخاصه ان انت بتقول ان هو ذكي ومأمن نفسه كويس جدا .
استمع نادر الى سؤاله بتركيز واجابه بدقه شارحا له:
_شوف يا فندم الاسكرينات اللي مع حضرتك هتلاقيني موضح اربع كافيهات كان متواجد فيهم وهو بيحاول يهكر بيهم البنك ،
والكافيهات دي ملغمه بالكاميرات واحنا لما نقدم الأوراق اللي معانا دي لمباحث الانترنت هي بمعرفتها هتتاكد ان الاسكرينات دي صحيحه وكمان هتلاقي في الملف اللي مع حضرتك صوره له لقطها له لما كنت في الكافيه اللي في الجيزه اللي بالصدفه عرفت اوصل له منه ،
واستطرد شارحا بتنبيه:
_هتلاقي مع حضرتك في الملف ميعاد كل مره راح فيها كل كافيه تقريبا من سبع ايام بالظبط راح الكافيهات دي،
فاحنا لازم نتحرك بسرعه ونبلغ مباحث الانترنت لان الكاميرات بتتفرغ بعد ١٥ يوم بالظبط علشان يتاكدوا .
نظر له جميل وسأله بتركيز :
_طيب انت عرفت ازاي ان هو كان بيروح الكافيهات دي؟
اجابه نادر بعمليه وذكاء:
_كنت مكلف واحد يراقبه ويشوف وهو رايح فين في كل مره بيروح فيها وطبعا انا معايا رقم الأيباد بتاعه كنت ببحث عن مكان الكافيه اللي موجود فيها وانا قاعد مكاني وفعلا بتاكد ان الجهاز ده موجود في المكان ده وبسجل اليوم والساعه زي ما موجود عندك في الاسكرينات .
_هايل هايل يا باشمهندس نادر بجد انت بهرتني،
قالها جميل وهو معجب بذكاء نادر وأكمل باستعجال وهو يجمع الاسكرينات الورقية من أمامه ويعطيها له قائلا باستعجال:
_حالا تاخد محامي من الشؤون القانونيه اللي تبع البنك وتروحوا فورا على النيابه وتقدموا بلاغ فيه مش هنستنى زي ما انت ما قلت لي ،
علشان يبقى عبره لكل واحد يفكر نفسه زكي عصره وأوانه ويفكر في السرقه بدل ما يستغل موهبته الالكترونيه وذكاؤه في السرقه .
اخذ نادر منه الملف مرددا وهو يقوم من مكانه باستياء:
_انا مش عارف اهالي الشباب اللي زي دي ازاي سايبينهم كده ولا بيسألوهم رايحين فين ولا جايين منين ولا بيعملوا ايه ؟
اجابه جميل بتوضيح:
_والله يا نادر يا ابني ساعات الأب والأم بيبقوا بيسعوا على رزقهم علشان يخلوا اولادهم مش محتاجين حاجه فأكيد الولد ده مش راضي بحاله ولا اللي ربنا قسمه له فلجأ للسرقه واكيد امه وابوه مش عارفين هو بيعمل ايه .
اعتدل نادر بوقفته وانتصب منتويا الخروج مرددا باستنكار:
_ما اعتقدش يا فندم ان الولد ده من ذوي الطبقات المتوسطه او اللي تحت المتوسطه وده واضح جدا من الكومباوند اللي ساكن فيه،
ومن نوع الأيباد اللي شايله وطبعا عنده كذا واحد وكمان الكافيهات اللي بيروحها ما يدخلهاش اولاد الناس اللي حضرتك بتقول عليهم ،
ثم استأذن من مديره باحترام وتركه،
وبعد ان خرج حدث جميل نفسه بتعجب :
_انا مش عارف ايه الجيل المهبب اللي ما يعلم به الا ربنا ده يعني حالتهم الماديه كويسه جدا وبيسرقو ،
فعلاً مابتهونش إلا علي الغلبان،
ثم عاد الى عمله واثناء انشغاله رن هاتفه المحمول برقم ابنته ريما ،
اجابها مبتسماً:
_ريما حبيبه بابا ،
وكاد ان يكمل سلامه عليها الا انه استمع الى انهيارها وهي تردد بنحيب :
_الحقني يا بابا باهر مغمى عليه وعمال افوق فيه مش بيفوق خالص مش عارفه اعمل ايه تعالى لي بسرعه .
انتفض جميل من مكانه وحدثها باطمئنان:
_اهدي يا حبيبتي واشرحي لي ايه اللي حصل بالظبط علشان أتصل بالدكتور وأحكي له .
تحدثت من بين شهقاتها بكلام لم يفهمه والدها بتاتا ولكنه سألها :
_اهدي يا حبيبه بابا انا جاي لك على طول مسافه الطريق بس وهتصل بالدكتور يحيي يجي لنا على هناك،
طيب ما ندهتيش لوالدته ليه ولا لاخوه بدل ما انت لوحدك كده ؟
اجابته وعيونها متعلقه بباهر الملقي امامها :
_ مش موجودين حماتي ميعاد زياراتها القبور النهارده وبتتأخر وزاهر هو اللي بيوديها وانا هنا لوحدي،
واكملت بكائها بشده .
طب يا حبيبتي هدي اعصابك بس علشان الولاد ما يخافوش وانا خلاص 10 دقائق وهكون قدامك ،
قالها جميل وهو يقود سيارته باستعجال ،
وما هي الا دقائق حتى وصل إلى العماره التي تسكن بها ابنته وقبل ان يصعد الى الطابق المنشود هاتف الطبيب واستعجله ان يأتي سريعا ثم صعد الى شقة غاليته ووجدها تفتح له الباب بسرعه عندما استمعت الى صوت سيارته وأدخلته الى غرفه زوجها،
احتضن يداها وهو داخل لكي يطمئنها،
ووصل الى باهر الملقى على تخته لا حول له ولا قوه نظر اليه نظره عميقه وتحسس كف يديه وجبهته وجدهم مثلجتين تماما،
انخلع قلبه مما جال بخاطره ولكنه لم يفصح عنه خوفا على ابنته وفضل السكوت تماما الى ان يحضر الطبيب ويقوم بفحصه لعل وعسى يخلف ظنه،
وبعد ربع ساعه وصل الطبيب وأدخله جميل الى غرفه باهر ،
اخذ الطبيب سماعته وقام بفحصه تماما وبعد ان انتهى نظر اليهم بأسى وحزن مرددا:
_البقاء لله يا جماعه .
جحظت ريما بعينيها وتحركت براسها يمينا ويسارا وغير مصدقه ما قاله الدكتور للتو وذهبت اليه ممسكه بتلابيب حلته وهي تهزه مرددة بانهيار:
_ايه اللي انت بتقوله ده يا دكتور باهر مات!
لا انت غلطان لو سمحت عيد الكشف تاني وتاكد من كلامك من فضلك يا دكتور من فضلك عيده تاني ،
كل ذلك بدموع تهبط على وجهها كالشلالات وحدسها يؤكد لها انه ما زال حيا وعلى قيد الحياه وانه لم يمت ويتركها هي وأبناؤها .
نزع ابيها يدها من على الطبيب وجمع معه اشيائه وتركه يغادر ،
الا انها رفضت تماما ان يغادر الطبيب قبل ان يعيد الكشف وهجمت عليهم بكل قوتها مردفه بعنف:
_انت بتعمل ايه يا بابا سيبه بالله عليك يكشف عليه تاني هو اكيد غلطان باهر ما ماتش هو وعدني انه هيفضل جنبي ويكمل معانا انا والاولاد وعدني انه مش هيسيبني خالص هو اكيد غلطان اكيد غلطان .
احتضن ابنته وربت على ظهرها كي يهدئها وهي منهارة تماما ولم تستمع لأي من كلماته والى الآن لم يصدق حدسها ما حدث وابتعدت عن أبيها وذهبت اليه وهي تحتضنة مرددة ببكاء يمزق القلب:
_لا يا باهر قوم يا حبيبي وانا هعمل اللي انت عايزه ومش هشتغل وهبطل التصميم خالص،
وأكملت وهي تتشبث به بشدة :
_قوم يا حبيبي ما تسيبنيش مش هقدر أكمل من غيرك انت وعدتني ان احنا هنكمل مع بعض لآخر العمر ما لحقتش اتهنى بيك ولا اتدفى في حضنك .
جذبها ابيها من ظهرها واحتضنها وهو يربت على ظهرها مهدئا لها:
_يا حبيبتي هدي نفسك علشان خاطر اولادك بيعيطوا من منظرك،
ده عمره والأعمار بيد الله كلنا مسيرنا سايبينها وهنروح للي خلقنا واللي أحن علينا من اي حد وافتكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم
“انما الصبر عند الصدمة الاولى ”
واسترسل حديثه وهو ينظر داخل عيناها ليحثها على الهدوء:
_اهدي يا حبيبه ابوكي اهدي علشان خاطر إبنك الكبير بيرجف من الخوف والصغير مفلوق من العياط كأنه حاسس اهدي يا ماما اهدي .
ما إن ذكر ابيها اسم أولادها جرت عليهم واحتضنتهم ودموعها على وجهها كالشلالات والتي ايقنت من داخلها انها لم تجف بعد ،
احتضنتهم وهي تهدئ من روعهم فقد كان ابنها الأكبر منزويا في ركن وجسمه يرتعش من من منظر والدته وهو لا يفقه شيئا مما حدث لأبيه الى الان مردده له :
_اهدي يا عمر انا كويسه ما فيش حاجه بس يا حبيبي .
هاتف أبيها زاهر اخيه وطلب منه ان يعود الى المنزل لأمر جلل واستعجله ان لا يتأخر هو والدته،
وهاتف ايضا زوجته وابنه رحيم وابنته رندا ان يأتوا على عجاله لكي يقفوا بجانب ريما التي اوشكت على الانهيار وهي جالسه بجانب زوجها تنتحب بشده ،
وبعد نصف ساعه وصل الجميع وهم لا يفقهون شيئا مما حدث فجميل فضل ان لا يحاكيهم في الهاتف خوفا من ذعرهم ،
صعد زاهر ووالدته الى مسكن باهر كل ذلك وهم يعتقدون ان باهر وزوجته بينهم مشكله كبيره يريدون حلها ولم يخطر ببال احد منهم انه توفى،
دخلوا الى الطابق وجدوا فريده تحتضن الكبير وتربت على ظهره ،
وراندا اختها تحمل الصغير وتهدهد فيه ودموعهم تنزل على وجوههم بسخاء ،
استنتج باهر ما حدث فجرى مسرعا الى غرفه اخيه وجد زوجته جالسه على الأرض وهي تمسك يداه وتبكي بشده ذهب ناحيتها وسألها بدهشة :
_ايه اللي حصل لاخويا يا ام عمر اخويا جرى له حاجه انطقي ؟
_مات باهر مات وسابني لوحدي انا واولادي مات حبيبي مات !
وقع الخبر على قلبه كالصاعقه نظر الى اخيه بقلب مفطور وعيون محدقه على جسد اخيه ولسانه كأنه شل ولم يعد على النطق،
ساقته قدماه الى الجهه المقابله لزوجه اخيه ممسكا بيده وواضعا جبهته عليها قائلا بانهيار :
_لا يا حبيب اخوك وابن عمري مشيت وسبتني بدري واحنا لسه في اول الطريق ،
نطق كلماته تلك وهو ينفطر دموعا على العزيز أخيه ،
اما والدته في الخارج جلست بجانب فريده وسألتها باستغراب :
_هو في ايه يا ام رحيم مالكم يا حبيبتي بتعيطوا ليه هي ريما تعبانه ولا جرى لها حاجه؟
استمعوا الى سؤالها وبكوا جميعا بصوت عالي ولم يقدر اي منهم على نطق حرف واحد،
فهوى قلبها بين قدميها وجرت الى غرفه صغيرها وما ان وصلت وشاهدت منظر زوجته وابنها الاكبر واستنتجت ما جرى حتى سقطت مغشيا عليها من اثر الصدمه،
هرولوا جميعا ناحيتها عدا تلك الريم التي لم تتحرك من مكانها وهي تبكي على الفقيد الغالي،
بعد مده عادت الى رشدها ووضعت يدها على راسها وانطلقت بالعويل مردده:
_اه يا ابني اه يا حبيبي لا يا باهر ما تسيبنيش يا حبيب امك ضاع شبابك ما لحقتش تتهنى بعيالك يا حبيبي قوم يا زاهر قوم يا حبيبي ما تعملش في امك كده ،
وظلت على عويلها ولم يقدروا عليها ان يجعلوها تصمت ،
_____________________________
في نفس اليوم عصرا في دار الأيتام كانت مريم تدلف الى الدار عائدة من الجامعه واثناء دخولها لمحت تلك الشمطاء وهي تصافح مديره الملجأ واخذتها ودلفت معها الى غرفه مكتبها ،
تبعتهم مريم بعينيها الى ان اختفوا من امام ناظريها وساقتها قدماها الى اقرب مقعد وجلست عليه وهي واضعه يدها موضع قلبها مردده لنفسها بارتعاب شديد :
_يا مرك يا مريم ما تكونش جايه توريها الفيديو يا فضيحتك يا فضيحتك ،
وأكملت وهي تضرب على قدميها بكف يدها:
_اعمل ايه يا رب دلني على الصح،
ادخل دلوقتي عليهم وافهم المديره قبل ما الكلبه دي تشوه صورتي قدامها ولا اعمل ايه؟
دبرني يارب ،
واستطردت ببكاء:
_انا كده هتطرد من الملجأ وانا لسه في الجامعه ولا ليا مكان يأويني ولا حد يواسيني في مصيبتي دي،
حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا مي ربنا ينتقم منك ويوريني فيكي يوم ويشردك زي ما انتي عايزه تشرديني ،
وأكملت حديثها مع نفسها وهي في حيره اتذهب لهم أم تنتظر مصيرها المحتوم ،
وفجاه رفعت انظارها تجاه الباب وجدت المديره وتلك المي خارجتين من المكتب تصافح كل منهما الاخرى ثم ارتدت مي نظاراتها الشمسيه قائله لمديره الملجأ:
_اي حاجه يحتاجها الملجأ من تبرعات او مساهمات انا تحت امرك يا مدام شريفه وربنا يقدرني على فعل الخير .
شكرتها الاخرى بحفاوه وربتت على يديها مردده بامتنان مغلف بالطمع:
_تسلمي لنا يا ست البنات وربنا يجعله في ميزان حسناتك وما يحرمش اليتامى دول من عطاياكي وهداياكي ولا يحرمني انا شخصيا
واسترسلت حديثها بزيف:
_ما تتصوريش معزتك عندي قد ايه يا انسه مي بعتبرك زي بنتي بالظبط،
مانا اللي مربياكي هنا مع اخواتك في الملجأ بس إنتي ربنا كرمك واشتغلتي شغل حلو عشان دايما دماغك حلوه وبتفهميها وهي طايره،
ابتسمت لها مي بسماجه لتذكرها ماضيها في الملجأ والذي تبغضه ولو ودت واقتلعت جذورها من تلك الملجأ لفعلت مع العلم انها في حياتها لم تذكر امام احد انها كانت مرباه في الملجأ واردفت ببرود:
_طبعا حضرتك زي والدتي وربنا يعلم انا بحبك وبحب اخواتي هنا قد ايه تؤمريني بحاجه تانيه يا مدام شريفه .
ابتسمت لها الاخرى وامائت براسها:
_ما نستغناش عنك يا ميوشه وما تغيبيش عننا يا ليدي يا جميله .
امائت لها براسها بابتسامه وتركتها وذهبت الى مكان مريم وهي تنظر لها بشماته من تحت نظارتها ثم اردفت قائله بمراوغه:
_يا ترى العيون الجميله دي بتعيط ليه ايه اللي راعبك قوي كده ومخليكي مش على بعضك يا رومي ؟
واسترسلت وهي تخلع نظارتها وتمسكها بيدها مردده بسخريه:
_يا ترى مصروفك خلص إللي إنتي بتاخديه من الدار هو ده اللي مخليكي قاعده مقهوره كده وبتعيطي يا بيضه ؟
استوعبت مريم سؤالها واردفت بنبره جاده متجنبه سخريتها منها :
_ليه بتعملي معايا كده انا اذيتك في ايه علشان تعملي فيا كده؟
واسترسلت بعيون لامعه من اثر الدموع المتجمعه في مقلتيها :
_ليه مصممه تدمريني وتدمري مستقبلي وعايزه تمشيني في طريق انا مش حابه ان انا أمشيه .
لوت فمها واجابتها بنبره ساخطه وهي تنظر داخل عيناها بجبروت:
_انت يا بت هتدخلي لي قافيه ولا ايه ومفكراني يخيل عليا الحركات دي والعياط وبيأثر فيا ،
واسترسلت وهي تشير لها بكفاي يديها بامتعاض :
_لا يا ماما غيرك عملوا كده معايا كتير ومجوش سكه معايا،
فاخلصي يا بت إنتي علشان انا جبت اخري منك واديكي شفتيني وانا خارجه مع المديره قلبك وقع في رجليكي فما بالك بقى لما اسيطك يا مزه .
فكرت مريم وهي تدور بمقلتيها الى جدران الدار التي تحتويها ان تجاريها في حديثها الى ان تنتهي من سنتها الدراسيه وهي محاطه بتلك الجدران بعنايه ،مردفه بتردد:
_طيب ممكن تديني فرصه لحد ما اخلص السنه دي علشان خاطر اكون فاضيه معاكي وعلشان ما اقصرش في مذاكرتي .
ضحكت مي بصوت عالي وهي تنظر لها مجيبه لها بسخريه:
_انتي يا هبله انتي مفكراني دقه عصافير ولا لسه نونو بيضحك عليها من حته عيله زيك لا يا ماما انا فاهماكي كويس جدا ،
واسترسلت وهي تكشف لها طريقه تفكيرها المكشوفه امامها:
_انتي عايزه بقى تخلصي السنه بسلام وامان وبعد كده مش هيهمك حاجه ما انتي اتخرجتي بقى وساعتها هتقولي لي امك في العشه ولا طارت ؟
واستطردت وهي تضع يدها على كتفها بتهديد:
_ مش مي اللي تتختم على قفاها وبعدين يا ستي لو على الدراسه مش هطلب منك غير فيديو واحد بس كل اسبوع واظن ده مش هيعطلك عن المذاكره مجرد فيديو هياخد ساعه منك ولا هيعطلك ولا هيبطلك ،
ها إيه رايك بقى؟
واكملت بسخريه:
_انا كده طيوبه خالص وعملت معاكي الصح وزياده .
نزعت مريم يدها من على كتفها بشده واردفت بقوه:
_ ده بعدك يا حقيره نجوم السماء اقرب لك من ان مريم عماد تبقى منحطه ووضيعة زيك ،
واسترسلت حديثها وهي تشير اليها بسبابتها:
_انا عندي انام في الشوارع وعلى الارصفه وعندي اموت من الجوع او اتسجن من التشرد بس بشرفي ولا اني ابقى سافله زيك .
اتسعت عيناها بذهول من تجرؤ تلك المريم عليها واهانتها بتلك الالفاظ ورددت بنظره محرقه لو طالت الاخضر لجعلته يابسا:
_واللي خلق الخلق يا مريم لادفعك كل اهانه اهنتيها لاسيادك يا لقيطه .
قالتها بملامح وجه مكفهره من الغضب الشديد،
وما كادت ان تختفي من امامها الا ان مريم باغتتها وهوت على وجهها بضربه من أثرها اطاحت بها الى الخلف مردفه بعنف:
_اللقيطه دي تبقى إنتي اما انا ليا اصل وفصل وانتي عارفه كده كويس قوي ان انا يتيمه مش لقيطه في فرق كبير ما بينهم هم الاتنين، كبير ،
واكملت مريم بتوضيح:
_في لقطاء كتير اشرف منك لان ما لهمش ذنب في غدر الزمان بيهم واللي حملهم اللقب ده .
ثم تركتها مستشاطه ودخلت الى الدار بسرعه ودموعها منهمره على وجهها .
اما الأخرى كانت مصدومه وهي واقفة وواضعة كف يدها مكان الصفعه التي تلقتها على حين غره وهي تتوعد بداخلها لتلك المريم بأشد انواع الهلاك ،
وغادرت الى سيارتها بخطوات سريعه وعيون تشبه عيون الشياطين في نظرتها ،
أما مريم كانت مرتبكة خائفة وأمسكت هاتفها تتصفحه وأول شئ وقعت عيناها عليه منشورا من أحد الصفحات العامة محتويا:
“كن بخلقك ينصلح أمرك”
فاطمئن قلبها أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .
________________________________
في مكتب مالك الجوهري
يجلس على مكتبه و هو يشاهد ملف عارضات الازياء المحجبات اللاتي تقدمن الى المسابقه التي اجريت من اجل اختيار افضل خمسه منهم ،
والذي قام علي بدوره باختيار هؤلاء الخمسه وارسلهم الى مالك لكي يدلي برايه النهائي ،
واثناء انشغاله دلف اليه علي وجلس مقابله متسائلا بمهنيه:
_ها يا بص ايه رايك في الخمسه اللي انا اخترتهم تمام ولا فيه واحده مش عاجباك ؟
رفع مالك انظاره من على اللاب توب واجابه وهو يومئ براسه:
_لا برافو عليك يا علي اختيارهم مناسب جدا وجميل دلوقتي عايز تجمعهم لي علشان خاطر افهمهم النظام ماشي ازاي،
واسترسل حديثه وهو ينظر الى ساعته:
_ انا قدامي نص ساعه كده اخلص فحص التصاميم اللي قدامي وتكون جمعتهم لي في غرفه الاجتماعات .
واستر سل متسائلا بتذكر:
_اه صحيح هي ريما ستور ما بعتتش ليه تصميم اللي كان من يومين مش عادتها التأخير يا ترى بتفكر في ايه واللي خلاها تتاخر علينا ؟
اجابه علي وهو يرفع كلتا يديه كعلامه لعدم معرفته السبب :
_والله ما اعرف يا مالك انا حاولت ابعت لها اليومين اللي فاتوا لكن هي قافله الواتس بتاعها خالص ومش بترد مش عارف في ايه بالظبط !
ممكن يكون عندها ظروف او تعبانه مثلا علشان كده مش عارفين نوصل لها لعل المانع خير ما تقلقش ،
ثم ضرب على جبهته كعلامة للتذكير:
_ بقول لك صحيح جوليا أخدت الشحنة كلها وعجبتها جداً ، أنا مش فاهم يا أخي الست دي مهتمة بمصنعك إنت بالذات دونا عن باقي المصانع ؟
مط شفتيه باستنكار:
_ إنت هتقر علينا ياعم ، امسك الخشبة ينوبك ثواب ، الست بتحب شغلنا وبتقدره .
تحدث علي مبتسماً بخفة:
_ بتحب شغلنا! أه ، ماشي ياعم مالك ،
ثم انتصب واقفا أمامه واردف قائلا:
_ هروح امر على المصنع في النص ساعه دول وهبلغ السكرتاريه تجمعهم لك وهاجي لك على غرفه الاجتماعات كمان نص ساعه .
واثناء فحصه لتلك الفتيات فتح اعينه على وسعهم ممن رآها والذي لم يتوقع في يوم من الايام انه لن يقابلها مره اخرى ،
وبعد الانتهاء من فحصه انتصب واقفا وهو يغلق ازرار حلته وانتوي المغادره الى غرفه الاجتماعات،
وبعد قليل وصل اليها وولج الى الداخل وجد علي والفتيات في انتظاره القى عليهم السلام ببشاشه وجه مرددا بتواضع:
_السلام عليكم ورحمه الله يا اهلا بيكم في تيم مالك الجوهري اتفضلوا اقعدوا .
رددوا السلام جميعهم ومن بينهم تلك التي تبتسم ابتسامتها الحالمه ظنا منها انه سيجن فرحا من رؤيتها،
تحدث مالك بمهنيه:
_دلوقتي هعرفكم على النظام اللي هنمشي عليه في مجموعه مالك الجوهري ،
هيجي لكم فريق مدربين سيدات هيدربوكم على طريقه العرض اللي احنا هنعملها باذن الله في السيزون ده،
واكمل حديثه بابانه:
_انتم عارفين ان مجموعه الجوهري بتهتم بالدقه جدا في العرض والعرض ده بالذات نازلين بتصاميم جديده ومختلفه تماما عن اي سنه وانا واثق انكم هتجتهدوا معايا علشان خاطر العرض ينجح وشغلنا ينتشر بشكل اكتر .
امائت له جميعهمن بتأكيد على حديثه وانهن سيفعلن قصارى جهدهن لكي يقدموا الأفضل وانهن سعيدات جدا للانضمام الى مجموعه الجوهري ،
وبعد وقت استغرقوه في المناقشات وهم يضعون جميع النقط على الحروف اذن لهم مالك بانتهاء الاجتماع،
خرجوا جميعا ما عدا التي تتمهل في جمع الاوراق من امامها كحجه للانفراد مع مالك لكي تتحدث معه،
ولكن خاب املها وهي تراه يخرج امامهم ،
لملمت اشياؤها باستعجال وجرت مسرعه ووجدته يهرول ناحيه المصعد الكهربائي،
وقبل ان يغلق مالك باب المصعد اقتحمت هي المصعد قبل ان يغلق الباب،
نظر اليها مالك بإستغراب شديد وتحدث ،
_____________________________
في منزل باهر الجمال
يجلسون جميعا في صمت تام ووجوههم تبكي دموعا بلا صوت وقلوبهم تنزف وجعا بلا جرح
وما زالت الصدمه تعتلي وجوههم على ذلك الفقيد،
ولكن لم تكن والدته من ضمن الجالسين لانهيارها التام ،
فقد احضروا له الطبيب عند اغمائها ولكن ما ان عادت الى رشدها عاودت العويل مره اخرى بشكل مريع فاضطر الطبيب أن يعطيها مصلا مهدئا لكي لا تفقد اعصابها او يحدث لها انتكاسة مفاجاه فهي كانت اجرت عمليه قلب مفتوح منذ عشرة اعوام فخافوا عليها ان يحدث لها شيء ،
انهى والد ريما جميع الاشياء الخاصه بالدفن وذلك لان اخيه منهار تماما ففعل كل شيء هو ورحيم ولده،
وبعد عده ساعات من الاجراءات دفن باهر في مشهد تقشعر له الأبدان من قسوه رؤيته،
فالجميع في حاله حزن شديد وانهيار من البعض وتماسك من البعض الاخر ومن ضمن المنهارين تماما زوجته ريم حيث كانت جالسه على تختها تحدث حالها بكلمات تنقطع لها القلوب :
_غادرت وتركتني ولم تعود وعلى العهد لم تبقي ،
وذهبت الى لحدك وتركتني وحدي أعاني مر البعاد بدون ان ارضى،
ساعيش واتنفس ولكن روحي دفنت معك و قلبي مات ولم يعد يحيى ،
سلام الله على العزيز زوجي من الوحدة فيارب اجعل مسكنه خير المأوي .
واكملت حديثها مع نفسها وهي تنظر الى اطفالها بقلب ينشطر على يتمهم وهم في المهد صبيا :
_كيف لك ان تتركني وحدي يا نبض القلب وكيف لي ان اتحمل ان اعيش تلك الحياه وامضي مع تلك الايام بدونك يا عشقي الابدي،
ماذا سيكون طعم الحياه بدون انفاسك العطره التي كنت استنشقها ،
فيا رب خفف علي قلبي وعلى روحي ألم الذكري ،
كانت تحادث حالها بدموع منهمره على وجهها والتي تاكدت انها لن تجف بعد اليوم بعد فقيدها الغالي وهي جالسه القرفصاء على تختها،
أما اخيه في حاله لا يختلف عنها كثيرا فقد كانوا اخوه متحابين مترابطين متعاونين وأخذ يحدث نفسه بلوعة الفراق:
_غادرتني يا أخي ولم أنتهِ من أحاديثي معك، فكل أشجاني ذابت إلا اشتياقي إليك، ما زلتُ يا أخي أرى الود في عينيك رغم المسافات وحنيني إليك. أخي وإن جار الزمان وافترقنا، فلا القلب يهدأ ولا الروح تنساك ،ما أجمل تلك الأيام يا أخي، كنا والحب رفيقنا نلهو معًا بلا تعب،
يارب إن لي أخًا قابعًا داخل القبر الذي بلا جدران، فاحفظه بحفظك يا الله، وإرحمه برحمتك ،
أرجو. في صباحي ومسائي نهاري وليلي، سباتي وصحوتي لا أرجو من الله إلا أن يدخل جنان الخلد،
ربي إني أستودعك أخي و روحي فحاسبه برحمتك لا بعدلك ،
رب إني رجوتك أن تجعل أخي من الساكنين جنتك وأن ترحم قلبي وتجبر كسره.
وظل على وضعه يبكي دموعا على اخيه الذي توفى دون ان يودعه او ان ياخذه بين احضانه مات على فجأه ويا ويلنا من موت الفجأه ،
اما عن والدته بعد أن أفاقت الاخرى والتي زارتها الكوابيس في غفوتها تجلس على الفراش تنتحب بشده فولداها هم كل حياتها،
ولم تأبي أن تتزوج بعد أبيهم وفضلت أن تعيش مع أبنائها وأحفادها ،
نائمه على فراشها تبكي وعيونها منتفخه من كثر البكاء مردده :
_مع السلامه يا حبيبي يا اللي فارقتني بدري بدري ويومك كان قبل يومي ما كنتش اتوقع ابدا اني انا اللي اودعك مش انت اللي تودعني،
طب كنت استنى لما اخدك في حضني واشم ريحتك لآخر مره اه يا باهر اه يا حبيبي،
يا رب صبر قلبي يا رب اه يا قلب المكوي على فراقك يا ابني،
وظلت تردد كلمات العويل وزوجه ابنها بجانبها تهدئها ولكن لا فائده وظلت علي وضعيتها كما هي .
______________________________
_بقول لك ايه انا هبعت لك فيديو وهقول لك على اللي هتعمله لي فيه بالظبط عايزه حاجه متكلفه متروقه علشان خاطر دي واحده حبيبتي وعايزه اوجب معاها قوي،
استنشق الآخر زفيره بصوت مقزز من اثر المخدرات التي يتجرعها مرددا بفظاظه:
_ده انت تؤمريني يا ست الهوانم ده انا هخلي اللي يتفرج يدعي لك على الحلويات اللي انا هعملها لك،
واسترسل حديثه وهو يلهث المخدر الذي امامه قائلاً بطمع:
_بس وحياه الغاليه اللي هنوجب معاها تزودي لي الاوبيج شويه،
زي ما انتي عارفه الدنيا غليت والكيف بقى مزاجه عالي قوي قوي وسعره غالي على الاخر يا ست الناس .
اشمئزت هي من صوته والحركات التي يفتعلها من اثر المخدر هادرة به باشمئزاز:
_ايه القرف اللي انت بتعمله ده وانا بكلمك مش قادر تبطل شرب لحد ما اخلص معاك المكالمه ! تاتك القرف،
وأكملت بنبرة صوت حادة وعيون تنطق شر
_انت عارف الفلوس ما تفرقش معايا وان انا بخدم اللي بيظبطوا لي الشغل من غير ما يطلبه اعمل لي انت بس المفيد وانا هروق عليك على الاخر،
ما تتأخرش عليا زي المره اللي فاتت وتنسى نفسك ،
قالتها تلك الشمطاء واغلقت الهاتف في وجهه وهي تنوي في داخلها من الشر ما لا يرضي رب ويؤذي العبد ويرفع من الذنب .
احيانا تبتلينا الحياه بصدمات يتوقف عندها عقلنا ونبات نجزم أن تلك الصدمات ستكون نهايتنا ولكن ما هي الا بدايتنا .
____________________________
في نفس اليوم عادت راندا الى منزلها في وقت متأخر من ساعات الليل بعدما تأكدت من نيام اختها هي وابنائها وتركت معها والدتها ووالدها فهم اصروا البيات معها والا يتركوها وحدها في تلك الازمه الصعبه،
دخلت الى المرحاض واخذت حماماً يزيل عنها اثر فاجعه اليوم فهي حزينه على اختها الصغيره حزنا شديدا ،
ولكن ماذا عساها أن تفعل بحزنها في تلك الفاجعه ؟
واوت الى تختها واتأكت بظهرها على شباكه وامسكت هاتفها واتصلت بزوجها تخبره برجوعها، اما هو عندما وجد نقش اسمها على هاتفه اجابها على الفور مرددا بقلق:
_حمد لله على السلامه يا حبايبي لسه راجعين دلوقتي ؟
اجابته بصوت مختنق من اثر الدموع الظاهره على وجهها والتي لم تهدا الى الان:
_اه يا حبيبي لسه راجعين يا دوب الاولاد خدوا شاور ودخلوا يناموا هم كمان ياحبه عيني انفطروا من العياط النهارده على جوز خالتهم انت عارف هما كانوا بيحبوه قد ايه .
كان يستمع الى حديثها بقلب حزين لابتعاده عنهم في تلك الازمه مرددا بأسى:
_ما تتصوريش كم الحزن اللي انا حاسس بيه دلوقتي وأنا بعيد عنكم في الظروف دي بجد انا مخنوق خنقه ما يعلم بيها إلا ربنا ،
واسترسل حديثه بأمل مفقود:
_للأسف اول ما سمعت الخبر حاولت احجز طيران بس ما كانش فيه طيران النهارده في الوقت ده ،
بس انا حجزت بكره ان شاء الله طياره ستة الصبح وعلى عشرة كده هكون معاكم .
فرحت بشده لمجيئه لأنها في اشد الاحتياج اليه في تلك الايام الصعبه وأردفت متسائله:
_طب يا حبيبي مش كده خطر عليك في الشغل ان انت تاخد اجازه مفاجاه مش لازم تستاذن في الاجازه قبلها بتلت ايام على الاقل ؟
اجابها مطمئناً إياها بتوضيح:
_ما تقلقيش يا حبيبتي انا حكيت لهم الظرف اللي خلاني اسافر على فجاه وهو عذروني طبعا وفورا فضولي على اجازه اسبوع هقضيه معاكم واعزي ريما واخد بخاطرها وارجع على طول،
واسترسل بدعاء و ملامح وجه حزينه :
_ربنا يصبر قلبها ويعينها على البلاء الشديد اللي هي فيه ويعينها على تربيه اولادها من غير ابوهم ،
واستطرد متسائلا:
_الا قولي لي حالتها عامله ايه يا راندا ؟
تنهدت بثقل والم انتاباها إثر سؤاله على اختها ورددت بحزن شديد:
_ والله يا ايهاب ريما حالتها ما تطمنش خالص ما بتنطقش وما بتتكلمش،
حتى عياطها بتعيطوا بسكوت وانا خايفه عليها لا تنهار ولا يجي لها صدمه عصبيه،
ثم انفجرت في البكاء عندما تذكرت حاله اختها .
انخلع قلبه من بكائها وهو ليس بجانبها ولعن الغربة وايامها بسبب عدم وجوده بجانب زوجته وحبيبته لكي يخفف عنها ويواسيها ،
وظل يهدئها ويطمئنها بكلماته لكي يخفف عنها ألم الحزن ،
وأغلق معها الهاتف لكي تخلد إلي النوم لكي ترتاح من ذلك اليوم الشنيع عليهم جميعاً ،
وقام يعد حقيبته لأنه لم يتبقي إلا سويعات قليلة علي ميعاد سفره بقلب متعجل لرؤية الأحباب حتي لو كان الظرف قاسي .
تري مالمخبأ لأبطالنا من ويلات الزمن ؟

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين الحقيقة والسراب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى