روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل السادس والأربعون 46 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل السادس والأربعون 46 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء السادس والأربعون

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت السادس والأربعون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة السادسة والأربعون

أذن إليها بالدخول فهو رأى حديث تود قوله على المائدة… وكما توقع وجدها تسير بخطوات متوترة وهي تتمتم بتلعثم :
سفيان ممكن اتكلم معاك قبل ما تمشي
: تعالي يا هيفاء
قالها وهو يغلق أزرار قميصه ثم دار يرمقها بإنصات :
هو أنا مش هروح معاكم كتب الكتاب ؟!
تساءلت بتلجلج وهي تنظر إليه برجاء، هز سفيان رأسه مردد بتعجب :
اكيد هتيجي معانا، ايه لازمة السؤال ده !!
بأعين لامعة بالدموع جاوبته بنبرة مهزوزة :
أصل ماما رافضة أخرج في اي مكان، خوفت ترفض إني أروح معاكم يومها برده
رمقها بعتاب مردفًا بحسرةً :
مش محتاج أعرفك أنك السبب
طأطأت رأسها تخفي دموعها التي تسللت إلى وجنتيها، ثم هتفت باضطراب :
مكنتش أقصد ولا خالد كويس و..
قاطعها بصرامة :
خالد ابن عمنا وطلع على نفس تربيتنا مقدرش اشكك في ده، بس تقدري تثبتلي أنه مينكرش أن حصل بينكم حاجه!! تقدري توقفيه لو طلع عليكي كلام في البلد أنه متجوزك عرفي!!
حركت رأسها بالنفي وقالت بعدم تصديق :
مستحيل يعمل كده
: ايه يضمنه ؟؟
نظرت إليه متمتمه بارتباك :
مش معقول واحد كان بيرفض يمسك ايدي وبيجي يطمن عليا قبل ما ادخل السنتر وبيدور على اي ورق يساعدني في المذاكرة يعمل كده، فكرة الورقة العرفي مجتش غير لما طلال طرده مره واتنين من البيت من غير سبب، وقتها خاف لو جه اتقدم يرفضه
حدجها سفيان بثبات وقال بحده :
أنتِ فاهمه معنى الكلام اللي بتقوليه قدامي
اقتربت منه تهمس بتوسل :
عارفه اني غلطانه بس وحياتي عندك تقنع ماما ارجع الدورس تاني السنه بتيضع مني
قطب جبينه باستفهام :
ومين قالك إن ماما لو وفقت أنا هوافق ؟!
واستطرد بحنق :
لو تقدري ترجعي الثقة بينا وقتها اضمن أنك تخرجي، لكن للأسف اللي انكسر مش بيتصلح يا هيفاء
لم ترد وظلت تقف محلها بانكسار فتابع حديثه بضيق :
كنتي عايزه خالد واديه خطيبك وكلها سنه وتتجوزيه، خُدي السنه دي منزلي وبعد ما تتجوزي برحتك بقا
: بس أنت عارف أن تالته ثانوي مش بالبساطة دي
لهجتها المتوسلة جعلته ينظر إليها بقلة حيلة قائلاً باستياء:
كان الأفضل تفكري في ده قبل ما تدخلي في قصص حب لو فارق معاكي مستقبلك
التفت تغادر وهي تجر خيبتها خلفها، فأوقفها بسؤاله الفضولي لمعرفة جاوبها :
مفرقش معاكي موت بابا لما عرف بموضوع طلال علشان تعملي زيه ؟؟!
لم تعلم ماذا يجب عليها أن تقول!!.. وفي كل الأحوال إجابتها ما هي إلا ثرثرة لا جدوى منها، فقد مضى الندم ولن يعود ما فات، غادرت وتركته يتطلع إلى أثرها بشرود .. شعر بالحيرة في الوصول إلى السبب الذي جعل أخته تفعل هذا وهي نشأت في منزل لم يحرمها من الحنان والحب، أحيانًا أسلوب طلال حاد بعض الشيء ولكن في المقابل والدتها حنونة إلى أبعد الحدود خاصةً منذ وفاة والدهم، ربما لم يكن السبب في طريقة المعاملة ويعود إلى مشاعر مراهقة طائشة لازالت لم تنضج…
عاد إلى رشده وأخذ حقيبته يتأكد من وجود ما يخصه قبل أن يرحل، ثم هبط واتجه إلى مكتب المحاماة متمنياً أن يكون يوم سعده في حل لغز قضية مهمة قدمت إليه منذ يومين …
؛*********
يتمدد على الفراش محدق بسقف الغرفة منذ أن أستيقظ.. يسترجع ليلته السابقة بكل تفاصيلها، أكان حلم ؟! أم حقيقة جميلة لا مثيل لها ؟! .. هل تبدلت أحواله وعاد القلب ينبض لمغرمه!! والعجب من تحول نظرته السوداوية للحياة إلى ربيع مزهر وفراشة الحب تطير في سماءه، ما يقارب الثلاث أشهر لم يفيق في يومًا بهذا الشعور الهادئ، صفاء ذهن، وراحة بال.. أحاسيس تغمره بالسكينة وكأنه طفل وجد والدته بعد غياب، أو مهاجر عاد إلى أرض الوطن، بوصفً أدق عثر على نفسه وهو تائه في فراقها ..
نهض على مضضٍ لسماع صوت طرقات على الباب، تخطت الساعة التاسعة ولابد من قلقهم لتأخره في النعاس على غير عادته .. تعجب هو الاخر لوجودهم مجتمعين على مائدة الإفطار إلى هذا الوقت!!
أخبرته حسنيه أن يذهب يغسل وجهه وينضم إليهم فهم ينتظرون استيقاظه منذ باكرًا .. بداية مريبة لا تبشر بالخير شعر بها يعقوب وهو يجفف وجهه أمام المرأة من سكونهم الغريب، جلس في مقعده بهدوء وشكر والدته وهي تقدم إليه كوب الشاي.. بدى الأمر طبيعي والجميع منتبه في تناول طعامه في صمت، انتهوا ونهضت فائزة تساعد منال زوجة علي وميمونة زوجة عبدالله في تنظيف المائدة، وظلت مايسه على المقعد ترتشف كوب الشاي بترقب ما سيحدث بفضول شديد ..
: عملت ايه عند المعلم سالم ؟؟
سؤال بديهي خرج من عزيز وعلى وجهه علامات استفهام، نظر إليه يعقوب مردفًا باقتصار :
كتب الكتاب يوم الجمعة
على حين غرة سقط الكوب من مايسه وهي تشهق بفزع، المفاجأة كبيرة على أن تفهمها دفعة واحدة، والصدمة لم تتصورها أبدًا .. التفت يعقوب إليها يحدجها بقتامة، وتسأل عزيز بتعجب :
كتب كتاب مره واحده !! سالم مطمن ليك اوي كده!!
تهللت أسرار حسنيه ونهضت تعانق يعقوب بسعادة وهي تدعو الله بأن يتمم إليه عقد قرانه بخير .. وكذلك بارك عبدالله وعلي وشريف الذي نظر إلى مايسه مبتسمًا بثقة على كسبه الرهان وها قد عاد يعقوب إلى حسناء ولكن تلك المرة بعقد قرانهم..
لم يبدر من عزير أي كلمة وظل يحدقه بجمود.. يشعر بالفرحة لأجله وأن اليوم المنتظر غلى قرابة جدًا، لكن هل لازال يود أن يمكث خارج منزل العائلة ؟؟! ود أن يعانقه ويبارك إليه لكن هناك حاجز بينه وبين تفكيره العنيد… سأله بسخرية كي لا يكشف اهتمامه الشديد بمعرفة قراره:
ويا ترى اتفقتوا الفرح أمته وفين ؟! مادام كلامي ملوش لازمه عندك
ردد يعقوب بوقار :
كلامك على رقبتي يابا
واستطرد باقتصار :
محددناش معاد فرح لكن فين معروف في شقتي
“شقتي!!” همس بها عزيز وهو يرمقه بشك، فهز يعقوب رأسه بتأكيد مردفًا برصانة :
لو البيت هيعمل مشكلة، وعيشتي هنا هي اللي هتثبت احترامي لكلامك وقرارك يبقا مليش طلوع من البيت غير برضاك
أنهى جملته وهو يستقيم في وقفته يسير خطوات ثابتة، ثم مال بجزعه مقبل رأسه .. حدجه عزيز بتفحص وهتف بتحذير :
محدش حافظك وفاهم دماغك قدي يا يعقوب ولو فاكر تضحك عليا بكلمتين وتمشي أمورك تبقا غلطان لأن لؤمك يخيل على الدنيا كلها وميخلش عليا
ابتسم بخفة ورفع كتفيه مغمغمًا بحيره :
اعملك ايه ياحاج ويريحك!!
ضيق عزيز عينيه وسأله باستهجان :
مش في يوم وليلة تقنعني إن موضوع البيت طلع من دماغك بسهولة كده!!!
: ومين قال أنه طلع من دماغي ؟؟؟
رد مريب منه وهو يعود لمقعده مستكملا بمثابرة لهدفه :
طالما إجبار إن الابن الكبير البكر لازم يتجوز في بيت العيلة معنديش اي مشكلة، لكن بعد الجواز ده بتاعي أنا
تحدث شريف بحكمة قبل أن يحتد النقاش :
صح كلنا لازم ناخد خطوة جديدة بعد ما نتجوز خاصةً لما نخلف وعيالنا تكبر
كاد أن ينطق يعقوب ويوضح إليه أنه سيأخذ الخطوة قريباً ولن ينتظر مدة طويلة، فرأى نظرات شريف بأن يلتزم الصمت ولا داعي للجدال الآن… نفذ بنصيحته عندما وجد الاقتناع في نبرة والده وهو يقول:
ومالو مش هندخل في علم الغيب
نهض يتابع بتذكر :
أنا هبلغ اعمامكم وبليل نشوف ايه اللازم نحضره
لحقه عبدالله متجه إلى المحجر بينما انتظر علي أن تجهز زوجته كي يأخذها إلى الطبيبة .. دارت حسنيه في المكان بعشوائية وهي تطلب من فائزة ومايسه أن يتابعوها لداخل المطبخ ويساعدها في كتابة ما يفرض بهم أن يجهزوه من هدايا للعروس وأهلها، بالإضافة إلى أهم شيء وهي رحلة البحث عن الثياب الجديدة المناسبة لوالدة العريس..
: مالك يا مايسه ؟؟؟
انتبهت إلى سؤاله فتمتمت بفتور :
كويسه
حرك شريف رأسه وسألها بفضول :
مش هتقومي تشوفي هتلبسي ايه أنتِ والولاد ؟؟!
رمقته بضيق وهي تنهض من مقعدها بتذمر .. طالعها شريف بعدم فهم، بينما سألها يعقوب ببرود :
هو أنتِ مش هتباركي ليا ؟؟
: لا بس استغربت من السرعة العجيبة، دا زي ما يكونوا ما صدقوا رجعت قالوا يلبسوك قبل ما تخلع تاني
قبل أن يرد عليها يعقوب وجه شريف إليه حديثه بنبرة متهكمة وهو ينهض يسحب مايسه خلفه للأعلى:
أنت اللي جبته لنفسك ما كانت ساكته وقافله بوقها
حاولت مايسه أن تفلت يدها من شريف فهمس إليها بأنه لن يعود ينقذها من بطش أخيها إذا وقعت بين يديه الآن ..
تأكدت من حديثه عندما دارت برأسها تتأمل يعقوب وهو يحدجها بسخط، فانصاعت بهدوء إلى زوجها وصعدت معه دون مقاومة حتى يغادر يعقوب من المنزل تمامًا…
؛************ بقلم حسناء محمد سويلم
: كُـل، زمانك هفتان ياضنايا ومكنتش بتاكل
بلع منير ما في فمه وقال بمزاح :
الحمدلله، دا أنا أكلت أكل يكفي عيلة
رتبت على ظهره برفق وهي تسأله بقلق :
قولي يا منير وريح قلبي خرجت ازاي ؟! أوعى تكون هربت يابني؟؟
رفع حاجبيه باستنكار مردفًا بسخرية :
ولو هربت هرجع بيتي ابات فيه واصحى أفطر عادي كده
استكمل بقلة حيلة :
ولا هربت ولا حاجه، لقيتهم بينادوا عليا وبيقوليلي هتخرج حُسن سير وسلوك
ابتسمت رغماً عنها وتمتمت بحزن:
ربنا عالم بحالك يابني وإن ٨ شهور اتحبستهم ظلم
هز منير رأسه بلا اكتراث :
ياما أنا اللي اعترفت على نفسي
احتدت تعابير وجهها وهي تدفعه بعنف من كتفه :
ما أنت يابن الموكوسه اللي طمعت
جال منير بنظره في المنزل وقال بانبهار :
دا على أساس إني لو فضلت شغال عمر فوق عمري هعرف أعمل اوضه واحده من البيت ده ولا الفرش
: مش عايزه بيت ولا فرش ولا فلوس بس تكون بخير يا منير هو أنا ليا غيرك
ابتسم وهو يقبل يدها بحنو :
اديني رجعت يا أم منير
مسحت وجهها وهي تحرك رأسها بهدوء، ثم سألته بفضول:
هتعمل ايه دلوقتي ؟؟
وواصلت بتفكير:
المعلم سالم مأكدلي أن مكانك في المصنع زي ما هو منين ما تطلع، والريس يعقوب قالي لو عايزه تروح تشتغل معاه ولا هتكمل في الل كان نفسك فيه
بخيبة أمل جاوبها بلامبالاة :
أكمل ايه ياما بنك ايه اللي هيقبل برد سجون، مش هتفرق هنا ولا هنا اهي شغلانه والسلام
قطبت جبينها باستفهام متسائلة بعدم فهم :
والحاجات اللي اسمها كورسات اللي وخدها دي ومعرفش لغة ايه وملف ايه
: هبلها واشرب مايتها
أومأت إليه بجدية :
على الريق مفيد لأشكالك
ثم صاحت بغيظ :
ما قولت كتير إحنا مش وش الحاجات دي، إنما أنت وش فقر وضيعت فلوس قد راسك على الأرض
تمدد على الأريكة وهمس بسلاسة :
شكرًا يا نبع الحنان
مر عشر دقائق في سكون هي تشاهد التلفاز وهو يفكر في مستقبله المجهول، وبغتةً اعتدل يستند على مرفقه متسائلاً بتعجب :
أما هي رحمه بنت المعلم سالم اتخطبت ؟!!
: اتجوزت
لم تعي ما قالته إلا عندما وجدته انتفض يقف محله كمن أصيب بصاعق كهربائي فصاحت باستهزاء :
ايه يابن الهبلة هي بنت المعلم هتبصلك حتى لو استنت
رمقها بترقب وسألها بدهشة :
يعني هي اتجوزت ؟!!
حركت رأسها بالنفي مردده بلا اهتمام :
كانت مخطوبة وفسخت
وضع يده على صدره بحركة تلقائية وهو يتنهد بصوت مسموع، ألقى بنفسه فوق الأريكة مجددًا محدق في السقف بشرود وبعد برهة هتف ببلاهة :
اي رأيك اتاجر وابقا المعلم منير
لم يجد منها رد ولكن استقبل الوسادة في وجهه من تسديدها وهي تطلع إليه بتهكم، مسح وجع وسألها بكبرياء:
أفهم من كده أنك موافقه
؛***************
عندما ترك مها ليلة أمس تمضي الليلة في منزل والدها مع إخوتها توجه للمبيت مع عائلته هو الآخر.. جهزت تغريد ووالدتها المائدة والتفوا حولها يتناولوا الطعام بهدوء، بعد ان انتهوا أكمل والد مرتضى جلوسه يشرب كوب الشاي وهو يقترح على خليل بتفكير :
اي رأيك أكلم عبده وتكتب كتابك أنت كمان
حرك خليل رأسه بالرفض وقال بتجهم :
كتب كتاب هو أنا لحقت
عقب مرتضى على رفضه باستغراب :
٣ شهور لسا محددتش موقفك فيهم!!!
: مالك يا مرتضى بتقول ٣ شهور ولا كأنهم ٣ سنين
أردف بها خليل بسخرية، فرد مرتضى باقتصار :
لا بس كله بيبان في أول فترة
تحدثت والدتهم بعدم ارتياح :
وبعدين كده أحسن يكون في يوم لوحده بدل اللمه دي
نظر خليل إلى مرتضى وقال بلهجة متهكمة :
واهو مرتضى يفضى ليعقوب برحته
لم يروق إلى والده أسلوبه فهو يعلم مشاعر خليل إتجاه صداقة مرتضى ويعقوب فسأله باقتضاب:
ومالك بتقولها من تحت ضريسك ليه
واستكمل يسأله بتهكم مماثل :
يعقوب ده واكل منابك ولا ماسح في راسك ؟؟؟
أجاب بضيق طفيف :
ولا ده ولا ده، بقول كده لأن مرتضى معاه على طول
لم يتحدث مرتضى ومكث يرتشف من كوبه بهدوء، فقال والده بصرامة :
أشغل نفسك بنفسك وشوف مصلحتك زي مرتضى
: أنت اتصالحت مع سمر ؟!
فتح خليل عينيه بوعيد إلى تغريد التي انتظرت إجابته بهدوء وكأنها لم تفعل شئ.. بينما هتفت والدتهم متسائلة بدهشة :
اتصالح!!! هما متخصمين ولا ايه ؟؟؟
ردد خليل بتلقائية :
لا متخاصمين ولا حاجه عادي بس هي تغريد تبطل تلمع أوكر والدنيا هتكون تمام
رفعت الأخرى كتفيها ببراءة :
أنت اللي صوتك كان عالي بليل وبتقولها بطلي تفاهةو…
قاطعها بعجلة قبل أن تفشي كل ما سمعته تلك الخبيثة لم يلاحظ وجودها أمس، راقب نظرات والده المقتضبة وقال بجدية :
مفيش حاجه يا جماعه كلام طبيعي
غمز مرتضى إلى تغريد بعبث واستأذن من والده بأن يغادر المصنع كي لا يتأخر.. كلما جاء أمامه علاقة خليل وسمر يشعر بالقلق، منذ أن تزوج مها وهما يحافظان على عدم تدخل أحد بينهما لكن تلك المرة لا يتفاءل بالخير قطعًا ..
؛*********
قدمت سحر كوب العصير فشكرها جابر وعاد يهتف بحده :
معرفش تعمل ايه اهو إبنك إنما يوقع بينا وأنت واقف، لا والله يا عبده ما يحصل
صفق عبده على يديه وصاح باستنكار:
اعمل ايه اكتر من اني طردته ومرجعش غير عشان عياله!!
شور عليا وأنا اعمل بس متفضل تقطم فيا
تنهد جابر بتفكير وقال بقلق بالغ :
مشفتش النوم طول الليل من كلام سالم، بيوصيني على بناته وإحساسي مش بيقول أن موضوع ابنك السبب
: وليه يوصيك أنت بس؟؟ هو أنا قصرت معاه!!!
توسعت مقلتي جابر من سؤاله الغير منطقي أبدًا .. ثم غمغم بحنق :
دا أنت وعيالك عايزين صحة بدماغكم
حرك عبده رأسه بضجر وقال بتبرم :
والله كلام بيني وبينك وايه يعني لما محمود يتجوز مروه هو في حد هيحافظ عليها قدنا
انكمشت قسمات وجه جابر بنفور متمتمً بكدر :
لو تقدر تقول الكلمتين دول لاخوك روح
: ما عنه ما تجوز ولا اتنيل وأنا مالي
ضحك سالم الذي حضر الجلسة منذ البداية بصمت دون أن يتدخل، فنظر جابر إليه قائلاً باستياء:
أهم حاجه المبدأ عند ابوك
أومأ سالم مبتسمًا فاسترسل جابر وهو ينهض:
هستناك بليل تعدي عليا نروحوا لابو هند
رد عبده باقتصار :
ماشي بس ابقا شوفو هيكون موجود ولا لا
قبل أن يخرج للبهو قابل سميه وسعد يهبطان الدرج.. ألقت سميه التحية باستحياء واكملت سيرها للداخل، بينما وضع سعد ذراعه حول كتف جابر قائلاً بجدية:
رايح فين يا جابر مش تستنى أنزل
اصطنع جابر تعابير الاسف وهمس باعتذار:
سامحني المرة دي، كفايا عليا أبوك
تفحصه سعد وهتف بتفكير :
صحتك مش عجباني وبفكر اشوفلك عروسة جديدة تفرفشك زي أبويا ما اتفرفش
: لا يا خويا أنا كده كويس، شوف لابوك وفرفشه كمان
أبعده من طريقه مستكملا بتهكم :
ووسع كده خلينا اشوف طريقي أنا راجل عندي الضغط
أفسح سعد إليه الطريق وصاح بصوت مرتفع :
انتوا أصلا عيلة مش مقدرين النعمة
تمخطر في خطواته للداخل وألقى التحية على عبده وسالم، ثم جلس بغرور يشاكس عبده ببرود إلى أن طرده من المنزل دون أن يتناول معهم الطعام .. لم تكن معضلة لدى سعد ودخل منزل عمه جابر يخبره بتصرفات أخوه ويتودد بلطف أمام زينب التي نهضت بعجلة تجهز إليه افطار شهي بكل ما لذ وطاب…
؛*********
انتظر خروج للعمل على أحر من الجمر، وربما لم يغادر من مدخل البناية إلا وهو يسمك الهاتف يتصل بها .. ردت عليه بامتعاض لأنها حذرته من محادثتها إلا للضرورة، قص إليها ما سرده إلى يونس ليلة أمس، كما أنه يشعر بالقلق لعدم اقتناعه لبعض التفاصيل.. جاء إليه صوتها الغاضب :
يا حلاوتك وأنت عامل فيها الملاك البريء قدام إبنك
هتف إبراهيم بضيق هو الأخر :
أهو اي كلام أبعده عنكم وخلاص
صاحت رحاب بنبرة استهزاء :
وأنا برده اللي كنت عايز اخطف ابن سالم يا ابراهيم، وإن شاء الله كنت بخطط وأنا بولد ساعتها
من بين أسنانه غمغم بحقد :
يعني أنا اللي كنت عايز اخطفه ما بلاش نفتح القديم
سمع صوت ضحكتها الساخرة وهي تتمتم بلا اهتمام:
فتح القديم ولو عايز جديد مش هيفرق معايا
نفذ صبره من برودة أعصابها فهي متيقنة من عدم إثبات اي شيء ضدها سواء الان أو في الماضي.. وبالنسبة إلى مبروكه حتى قبل أن تتوفى ظنت أن صباح هي التي كانت تقف معه في ليلة خروجه من البلدة :
وانا مش فارق معايا غير ابني، هو أصلا ميعرفش أنك كنتي بتولدي مع ناديه وميعرفش إني كذبت عليه
: ولما أنت مطمن كده بتكلمني ليه ؟؟؟
لم تنتظر أن تستمع رده وسألته بتوجس :
أفهم منك إن ابنك مش هيحضر كتب كتاب بنات سالم أخر الاسبوع ؟؟؟ هتقدر تمنعه يجي ولا هيحور عليك ويحضر !! ووقتها يسأل من تحت لتحت لحد ما يعرف أنك كذاب ؟؟؟
اعتقل لسانه عن الكلام وهو يتصور ما تقوله .. لم تكتفي رحاب ببث القلق والخوف في قلبه بل أكملت بلامبالاة:
واهو ساعتها بجد هتفتح عليك باب قفله الزمن، وتقول يارتني فضلت بعيد عن البلد وأهلها
: ايه الحل ؟؟؟
سألها بخشية وقد أوشك رأسه على الانفجار من صراع الاضطراب الذي تغلغل بداخله… جاوبته الأخرى بكدر :
كان الحل في ايدك تسيبه برحته من غير ما تألف ويفضل رايح جاي عليك
واستطردت بوعيد :
وغلاوتك لو المحروس جه وفكر يجيب سيرتي بكلمة لقلب عليك السوالمة وأنت عارف ايه هيحصلك
أستمع إلى صوت اغلاق المكالمة، وضع الهاتف قبالة وجه يحدق في رقمها بغل .. لا يتوقع هل اقتنع يونس بحديثه؟! وما ينوي فعله في الأيام القادمة!!
كل ما أراده أن يشعره ببشاعة المؤامرات والصراعات بين عائلة والدته كي ينفر منهم ويبتعد عن القرية، ومن الواضح أنهم أصبحوا جزء مترسخ في عقله ومكانته هي التي أوشكت على الانهيار!!
؛**********
: مالك يا حاج ؟؟!
نظر المعلم سالم إليها مرددًا بهدوء:
الحمد لله
أعادت صباح صياغة سؤالها بطريقة أخرى :
يارب دايما من حمدينه، ايه السفرية اللي روحتها مرة واحدة من غير ما نعرف؟؟! وليه مستعجل على كتب كتاب البنات ؟!
ابتسم مغمغم باستغراب :
مش كان كل همكم تجوزوا البنات لانهم كبروا!!!
فهمت صباح أنها لن تحصل على حديث يريح قلقها، مادام لا يريد الإفصاح مهما حاولت ستخرج كما عادت ..
: الطباخ هيجي بكره حضري اللي انتوا محتاجينه يومها واكتبوه في ورقة
عقدت جبينها باستفهام متسائلة باهتمام :
طباخ ؟! مش هنعمل كل مرة ؟؟؟
هز رأسه بالنفي مردفًا باقتصار :
لا المرة دي ناس هتيجي كتير
واسترسل بشرود :
وكتب الكتاب أربع بنات من بناتي مش هيعدي كده
؛*********

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!