روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الحادي عشر 11 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الحادي عشر 11 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الحادي عشر

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الحادي عشر

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الحادية عشر

” أغلقت باب الحب منذ أعوام، يقيناً لعدم وجود انثي تستحق تلك المكانة لدي، ظنوا من حولي أنني مقعد ولا أصلح للزواج، حتي جاءت هي وحطمت حصوني، احتلت تفكيري، وكانت سبب لحيرتي بعد أن كنت أقف علي أرض صلبة، انتشلتني في بحر تثور فيه الأمواج، لأكون غريق الضياع لأجل سيادتها ”
برز قرص الشمس فوق رأسه كيوم من أيام أغسطس الحارة … اختفي ظلام الليل وهو يجلس محله، لم يشعر بالوقت حتي بعد حلول ضوء النهار، من يراه يعتقد أنه يراقب العمال لثبات نظره عليهم، لكنه كان في عالم آخر، يذوق فيه طعم الحيرة والضياع …. يصعب علي شخص مثله كان دائم حازم لأموره، أن يقع تحت سيطرة الظنون..
: أخيراً لقتيك
لم يلتفت إليه وسأله بجمود :
عايز ايه ؟!
جلس عبدالله بالقرب منه وهو يردد بقلق :
امي عرفت أنك مرجعتش البيت من ليلة امبارح، وانا وعلي لفينا عليك في المحاجر
لوي يعقوب جانب شفتيه وغمغم بتهكم :
ليه بتدورا علي عيل صغير
تعجب عبدالله من حال أخوه، فسأله مستفسرا :
مالك ؟؟ مش عاويدك تبات برا
رد عليه بجمود قائلاً :
سبني لوحدي يا عبدالله دلوقتي
ذاد الاندهاش علي قسمات وجهه من تلك التصرفات الغير معهودة منه… أراد تركه علي راحته، نهض وهو يردف بتذكر :
سالم ابن المعلم جابر كلمني بيسأل عليك وقولتله أنك ممكن تكون هنا
قطب يعقوب جبينه باستفهام، ثم أخرج هاتفه من جيب جلبابه بعدما تذكر أنه اغلقه عندما جاء هنا، كي يجلس بمفرده دون أن يقاطعه أحد …. في حاجه شديدة للمكوث مع ذاته، يعطي الأسئلة وتجيبه روحه عما تريد، عليه التأكد من الصواب والخطأ، وإيقاف ذلك التشتت المتسرب إليه …
بعد ربع ساعة من نفس الجلسة، استمع إلي صوت سيارة تقترب من محجره … وقف يحدق بسالم الذي ارتجل من السيارة متجه إليه، وقف أمامه يهتف بحنق :
هو أنا هلف عليك البلد عشان معاليك تظهر
انكمش بين حاجبيي يعقوب متسائلاً بعدم فهم :
وأنت بتلف عليا ليه ؟!
تطلع سالم الي السيارة مردد ساخراً :
والله يا بني انا كنت قاعد لا بيا ولا عليا لقيتها بتقولي تعالي دور علي يعقوب عشان عايزاه في موضوع مهم
لم يفهم يعقوب مقصده إلا عند هبوطها هي الأخرى … دهش من مجيئها إلي محل عمله، فقال الي سالم بحده :
أنت بتستهبل، جايبها في وسط المحجر
تقدمت منه وهي ترد بجمود :
أنا طلبت منه يجبني هنا
رمقها باقتضاب وهو تطلب من سالم أن يتركهما خمس دقائق للتحدث معه … ابتعد سالم ما يقارب خطوتين، أخرجت حسناء هاتفها تأتي برسالته إليها ليلة أمس، وسألته باستهجان :
ممكن افهم ايه دا ؟؟ وليه مش بترد عليا ؟!
نظر يعقوب الي محتوي الرسالة وهو يغمغم بوجوم :
زي ما أنتِ شايفه رسالة خليل باعتها ليا وبعتهالك
رفعت حاجبيها باستنكار وسألته بحده طفيفة :
وطبعاً حضرتك روحت وسمعت منه وصدقت عشان كدا مش بترد علي مكالماتي ؟؟؟
حرك رأسه بالرفض متمتم بخفوت :
مروحتش
هتفت حسناء ببلاهة :
يعني ايه مروحتش !!
زفر يعقوب بصوت مسموع ثم قال بهدوء عكس ضجيج روحه :
وأنا في نص الطريق رجعت وجيت قعدت هنا
: ليه ؟؟
كان فضولها بادي في معرفة إجابته، فنظر إليه بثبات وردد بفتور :
خوفت
استنكرت إجابته المبهمة فأردفت بدهشة :
خوفت تقابل خليل !!
تعمق في نظرته الشغوفة وتمتم بنبرة غريبة لم تستشفها من قبل :
خوفت أواجه أحسن يكون حقيقي، خوفت اكون بوهم نفسي، خوفت اغلط في لحظة تهور، خوفت اصحي علي حلم اتمني يكون واقع
كانت كلمات غير مرتبه ولكنها كفيلة بجعلها تتوتر الي حد ما … شعرت بدقات قلبها من عينيه المعلقة عليها، وخاصة عندما استكمل متسائلاً بلهفة :
حسناء أنا بالنسبالك ايه ؟!
رفعت عينيها ترمقه بتعجب مصحوب توتر ملحوظ، لم يعطيها يعقوب فرصة لتستوعب ما يحدث واسترسل بعاطفة بالغة :
عمري ما كنت محتار كدا، مش عارف عايز ايه ولا المفروض اعمل ايه، ضايع ومفيش غيرك هيوصلني لبر الأمان
خفق قلبها بشدة وهي تبتلع لعابها بتوتر، تنهدت بخفوت وتمتمت بهمس :
أنا كنت جايه عشان اعرف ايه حصل بينك وبين خليل، لان قررت اعرف بابا بكل تصرفاته
قاطعها بنفاذ صبر :
مردتيش علي سؤالي
نظرت إلي الجهة الأخرى تتهرب من عينيه مردده بتلجلج :
بصراحه أنا اتفأجات أنك مروحتش قابلته، فكرتك صدقته
واستطردت ببسمة :
لكن كبرت في نظري لما مسمحتش ليه يكمل لعبته
أمأ بهدوء واعاد صيغة سؤاله مردفاً :
يهمني أعرف برده أنا بالنسبالك ايه ؟!!
واستكمل بحيرة :
فتره في حياتك ؟! ولا اتفاق عشان كلام الناس !! ولا تسلية مش اكتر ؟!
أخذت نفس عميق وهو تهتف بجدية :
ولا حاجه من دي، لكن خطوبتنا كانت عقاب ليا
” عقاب ” رددها باستغراب فأكملت حسناء بتعلثم :
ايوا، بابا كان عايز يعاقبني علي تهوري وخورجي بليل كان عايزني أشوف الشك في عينك واتعلم من غلطي
سألها بوجوم :
وأنا كنت عقاب ؟!!
حركت رأسها بالرفض متمتمه بحرج :
لا للأسف، ملقتش دا غير في الأول لما كنت مصمم تعرف أنا خرجت ليه وبتضغط عليا بكلامك، بس بعد كدا حسيتك تقبلت رفضي ومبقتش تتكلم معايا في الموضوع دا، ودا خلاني معرفش هو دا عقاب ولا حيره ليا
أضاف يعقوب الي حديثها يضيف بهدوء :
منكرش في الأول فضولي في سبب خروجك ودا خلاني أفقد اعصابي شوية، بس لما لقيت المعلم سالم عارف سبب خروجك دا غير وجهة نظري للموضوع وان أكيد ابوكي عارف مصلحتك، وبصراحة معرفش ليه حاسس ان واثق فيكي حتي من غير ما اتعامل معاكي
واستكمل بلطف :
واظن كفايا كدا عشان اعرف ايه نهاية الحيره الانا فيها دي
أخفضت رأسها بقلة حيلة متمتمه بخجل :
بص أنا كنت جايه اتخانق معاك وفكرتك صدقت خليل وكدا، سيبني أفكر من غير ما تضغط عليا
تنهد يعقوب بخفوت ثم هتف بحزم :
وعشان تفكري صح لازم اقولك أن أنا بـ..
: معلش لو هقطع عليكم، بس كدا اتأخرنا وابوكي هيعرف كنا فين
فتحت عينيها علي وسعهم ترمقه بغيظ وهتفت بحده :
يا سالم ثانيه واحده كانت فرقت
قطب سالم جبينه بعدم فهم وسألها مستفسرا :
فرقت في ايه ؟!
تغاضي يعقوب عن وجوده وأردف بحماس ظهر علي قسمات وجهه وكأنه تبدل لشخص آخر :
علي اتفاقنا اسمع ردك قريب
أمأت إليه بهدوء مردده بخفوت :
أن شاء الله
انكمش بين حاجبيي سالم بعدم فهم ثم سألهم باستغراب :
رد ايه ؟!
تركتهم حسناء واتجهت إلي السيارة بسعادة غامرة، كانت تعتقد أن خليل أثر عليه بحديثه المكذوب لذلك لا يرد علي مكالمتها، تخيلت أن هذه نهاية علاقتها به … تلك الليلة وما مر عليها من أرق وتوتر، اثبت إليها أنها تكمن بمشاعر إليه، لكن الخوف يقف عائل بيها وبين اعترافها بتلك المشاعر …. خوفاً من ذكري الماضي أن تكون حاجز بينهما، أن يطاردها الشك في حياتها إذا لم يعلم يعقوب سبب خروجها ليلا ….
نظرت إليه من نافذة السيارة تسأل نفسها، هل حقاً هناك ثقة بينهما ؟! هل يكمن إليها مشاعر بعد أن كان ينظر إليها كفتاة سيئة الاخلاق ؟!! ربما يا يعقوب تشعر بالحيرة والضياع لنهاية علاقتنا، ولكنك لا تعيش داخل الخوف من المستقبل، والقلق من المجهول،
عودة الي الشباب
: عبدالله بيقول أنك مرجعتش البيت
أجابه يعقوب بشرود :
كان عندي شوية شغل
وكزه سالم في كتفه مغمغم بعبث :
شغل برده
واسترسل بتذكر :
صحيح ما تيجي تروح في طريقنا
: لازم اشوف خليل الاول
قطب سالم جبينه متعجباً وقال باستغراب :
لكن خليل سافر
دهش يعقوب متسائلاً باستنكار :
سافر أمته ؟!! دا مكلمني بليل !!
أجابه بلا اكتراث :
شوفته وأنا خارج من صلاة الفجر، حتي مرتضي كان بيوصله
إن لم يضع حدود معه لن يردع بسهولة، خاصة اعتقاد خليل أن سكوته عن تصرفاته ضعف … اتجه سالم الي السيارة، تارك يعقوب يجلس محله مره آخري، يفكر في رد حسناء، من المؤكد لن يكون سهل عليه أن رفضت ولكن أكيد سيكون أهون من حيرته في معرفة مشاعرها اتجاهه،
؛************* بقلم حسناء محمد سويلم
في الغردقة
فتح إليه باب غرفته وهو يقول بسخرية :
اتمني المره دي الكلام يكون خير
لوي عز فمه مردد بتهكم:
مظنش أن في خير هيطل الايام دي
اتجه سيف إلي خزانة صغيرة بجانب الفراش يخرج منها زجاجة، ما أن رآها عز هدر بغضب :
أنت ازاي تجيب حاجه زي دي والبيت في عيال
رفع سيف كتفيه ببراءة وهو يتمتم بلا اكتراث :
في ايه يا عز دي بيره عادي يعني
رفع عز حاجبيها بدهشة مصطنعة مردد باستنكار :
يا شيخ بحسبها ماية زمزم
واستطرد بحده :
أنت ليك نفس أساساً
رد عليه سيف بلامبالاة :
آه ليا نفس عادي
حرك عز رأسه بهدوء مردفاً بضيق :
وأنت من أمته شايل هم في الحياة غير أن مصروفك يكون موجود
ارتمى سيف علي الفراش بإهمال مغمغما بمراوغة :
عندك حق ولو تشوفلي ورقتين أطري بيهم علي نفسي احسن نشفت اوي
ضحك عز بسخرية وقال بحنق :
شكلك لسا مش عارف احنا وصلنا لايه
واستطرد بغيظ :
الشقة دي شقة ليلي، والحساب الانا وحضرتك عايشين منه باسم ليلي
استند سيف علي مرفقه متسائلاً بمزاح قاصد تجاهل حديثه الغير مهم بالنسبة إليه :
صحيح يا عز أنت بتعرف تحب وعندك احساس زي باقي الناس كدا ؟!!
احتدت نظرت عز وهو مردد باقتضاب :
شكل الازازة اشتغلت وبدأت تهلفط
حرك سيف رأسه غير مؤيد حديثه متمتم بعبث :
لا متقلقش، بس مش عارف ليه أماني حاضره قدامي من ليلة امبارح
وضع الزجاجة جانباً مستكملا بجدية :
يمكن عشان شوفت الحب في عينك لأول مره وانت قاعد جنب ليلي ولا كأنك كنت سبب في موت مراتك الاوله
لم يقدر علي استكمال حديثه من قبضة عز علي تلابيب قميصه يجره ليكون أمامه، وهو يزمجر من بين أسنانه :
أنا مكنتش سبب في موتها، وكلمة زيادة منك هبعتك ليها زيارة أبدية
حرك سيف رأسه بهستيريا عندما دفعه عز بعيداً عنه باشمئزاز، ثم استكمل بضجر :
مش ناقصني غيرك
انكمش سيف في جلسته هامس بسُباب بذئ، قطمه وتحول الي بسمة عريضة عندما رمقه عز بحده، وقال بتلجلج :
ايه الخطوة التانيه
جلس علي المقعد بشموخ، مستند بمرفقيه علي الحافة الخشبية، ورفع قدم فوق الأخري … ربما للوهلة الأولي يعتقد من يراه أنه عاد بالزمن ويجلس امامه ملك من الملوك العظماء بتلك الهيبة …
: عايزن ننزل القاهرة نشوف صرفة في الحتتين الـ معانا
حدق سيف في هاتفه ينظر إلي صورة تمثالين صغيرين الحجم من أحدي المقابر الأثرية :
بس مين هياخد مننا دول بعد ما كونا بنسلم بدل الصندوق عشرة
رد عليه بفحيح واعين تشع غل دفين :
متخيل لو كان أبوك سمع كلامي وموقعناش تحت ايد سالم، كان زمنا فين دلوقتي
شاركه سيف حديثه عندما أضاف :
مش قادر اصدق أن بعد كل السنين دي كلها، وبعد ما نحط ادينا علي أرض الجناين، نقع الوقعة دي
ابتسم عز بريبة تنبعث من ملقتيه القاتمة وقال بشرود :
متقلقش هنقوم تاني بس الصبر
رفع سيف حاجبيه باستنكار وغمغم ساخراً :
هنقوم ازاي !! احنا بناكل من فلوس مراتك، وغير حال أبوك حتي مش عارفين نقوم ليه محامي
: أبوك هيستني لحد لما يتحكم عليه، ويوم ما يترحل من المحكمة للسجن دي لعبتي انا بقا وهعرف أخرجه يومها
صفق سيف بفخر وهو يردف بزهو :
دماغ شغاله مش بتنام
واسترسل بحماس :
وباقي الحبايب
ضحك عز بسخرية مردد بدهاء :
عايز المعلم سالم وموسي يطمنوا وينسوا أن في حد من عيلة عزب موجود أساساً، وأنا بعت تذكار ابن حلال لحلوة الحلوين ساره
قهقه سيف بعدم تصديق لعقل التدبير، كل شيء يضع إليه حل وكأنه يدرس فنون الشر … رأس افعي تشاركه حديث المؤامرات وكأنهم لم يتعلموا لِما حدث معهم الي الآن ..
؛************
اختفي صوتها بعد ما يقارب صراخ ساعة، تستغيث بمن يستطيع إطفاء تلك النيران المشتعلة في صالون التجميل الخاص بها …
خارت قواها وهي تري الحريق الناشب في حلم حياتها، منفذها الوحيد للعيش وهي ووالدتها …. كل ما تملك دفعته لتأتي بأجهزة جديدة، والآن تأكل النيران كل ما فيه،
بكت ساره بحرقة وهي تجلس بجانب الطريق، بعدما نجحوا الجيران في إطفاء الحريق …. كان تذكار شديد بالنسبة إليها، لم تترك النيران شيء إليها، وأصبح آثار اللهيب في كل مكان …
: يا ميلة بختك يا ساره، يا حظك المهبب يا ساره
كلمات تخرج من وسط شهقتها بنحيب، رغم محاولة المارة من تهدأتها إلا أن صوت بكائها يصدح في الطريق بشكل أحزن الجميع …
؛************* بقلم حسناء محمد سويلم
وضعت كوب الشاي علي المنضدة قائلة بهدوء :
الشاي يا حاج
عاد من شروده علي صوتها، فسألها مستفسرا :
حسناء رجعت ؟!
حركت رأسها مردده بهدوء :
من ربع ساعة وطلعت لأمل
أشار إليها بالجلوس وهو يردف بصرامة :
بليل خلود هتيجي تقعد مع عريسها هنا، شوفي لازم ايه تقدميه ومش عايزه غلطه
ردت صباح بترحاب شديد :
من عنيا يا حاج، دا يوم المني والله
ارتشف بعض من كوب الشاي، ثم نهض صاعدا للطابق التالي …. كانت ناديه مندمجة مع مسلسلها المفضل غير مهتمة لمن دلف الي الشقة، لم يكترث هو الآخر إليها وتركها تقضي ساعتها المخصصة بعد وجبة الإفطار لتشاهد الحلقة الجديدة من مسلسلها، واتجه الي الغرفة المبتغاة ..
؛***
وضعت الهاتف في وصلة الشاحن الكهربائي، ثم جاءت بالمقعد بالقرب منه وجلست تتصفح صفحات التواصل الاجتماعي بملل، لم تتوقع أن يكون يومها فارغ هكذا بعد الساعات التي كانت تقضيها في الثرثرة مع رنا …. بدلاً من أن تستمر في موقفها وعدم الحديث معها مجدداً، غفلت عن اهانتها وارسلت رسالة تسألها عن أحوالها،
استعمت لصوت طرق علي باب غرفتها، وضعت الهاتف علي المنضدة واتجهت للطارق،
: بابا
نطقتها بخضة جعلته يهتف باستغراب :
أوقات بحسك لسا بتتعرفي عليا
تحركت للخلف تفسح إليه الطريق متمتمه بتعلثم :
لا بس سمعت ماما بتقول أنك خرجت
أشار إليها بأن تغلق الباب وهو يجلس علي المعقد :
في كلام محتاجين نتكلم فيه
أغلقت رحمه الباب واتجهت إلي الأريكة المقابلة إليه، جلست تنظر إليه بقلق بعدما عجزت عن إيجاد سبب تلك الجلسة المريبة بالنسبة إليها ….
علي الجهة الأخرى تعجب المعلم سالم من حركة يدها المفرطة ونظراتها القلوقة دليل علي عدم ارتياحها، لذلك أردف بهدوء ليشعرها بالاطمئنان :
مفيش داعي للقلق دا كله
واسترسل هو يتأملها بحرص ليقرأ تعبيرها وجهها :
من يومين طلبت من ابن عمك يروح جامعتك يشوف ايه الأوراق اللازمة عشان تنقلي لجامعة تانيه
قاطعته رحمه متسائلة بعدم تصديق :
أنقل جامعة تانيه ؟؟
حرك رأسه مؤكداً، فقالت رحمه بعدم فهم :
أنقل ليه وأنا فاضلي السنه دي بس
أجابها مقتصراً ما تبقي من حديثها :
لأن مش هينفع تكملي السنه في الجامعة دي
واستطرد متسائلاً باستنكار:
غريبة مش شايف رنا جات تقعد أسبوع ولا شهر !! هما أهلها عرفوا أن عندهم بنت ؟!
بلعت لعابها وهي تجول بنظرها في الإرجاء، تحاول العثور علي رد مناسب، لم تتوقع أن يخبره محمود بما حدث، أو بالأصح اعتقد هي هذا فقالت بتسرع تبرر فعلت صديقتها :
بابا صدقني رنا متقصدش كدا، هي بس طيبة بزيادة ومش بتفكر قبل ما تتصرف
لم يبدي اي اندهاش الي حديثها، وتركها تكمل فربما هناك ما يخفى عنه … لم تري رحمه الي ردت فعل منه فأكملت بتوضيح، وكأنها تريد تؤكد غبائها :
هي بس اعجبت بمحمود لما قعدت هنا يومين، لكن متقصدش حاجه وهي بس عايزه تعرفه أنها معجبة بيه
هل هي تعي حقا ما تتفوه به أمامه ؟! أم أنها تستخف به إلي تلك الدرجة … نظر إليها بجمود مردد ساخراً :
معجبة بيه بس، طيب والله بنت كويسه يوم ما واحد عجبها راحت تعترفله
واستطرد بوجوم :
أنا كنت جاي أعرفك أن ابن عمك شافها واقفه مع دكتور خيري في الكلية، وانك لازم تعرفي انها مش خايفه علي مصلحتك لو لسا ليها علاقة بيه، لكن ما شاء الله طلع عندك كل جديد
شخصت أعين رحمه غير مستوعبه أنها أوقعت نفسها في مأزق لن يمر مرور الكرام ابدا، بلعت لعابها وهي تمتم بتلجلج :
بابا افهمني أنا بس فكرت محمود حكالك لأنه كان مدايق من رنا
ضحك بسخرية وغمغم بتهكم :
وطبعاً أنتِ بتوضحيلي موقفها
أمأت رحمه إليه بوجه شاحب اللون، فسألها بجمود :
أنتِ واعيه بتقولي ايه ؟!!
حاولت رحمه التحدث، فأشار إليها بالتزام الصمت واستكمل بحنق :
بتوضحيلي موقف واحده اعجبت بابن عمك وبتحاول تعترفله والمفروض أنها صاحبتك
تمسك بهدوئه واسترسل بصرامة :
من اول ما دخلت البيت وانا مستني اشوف ردت فعلك ايه علي تصرفاتها، لبسها، طريقتها، تفكيرها، السم المزروع في راسك بسببها، لكن مفيش جديد وتعلقك بيها بيزيد ولا كأن مفيش عندك عقل تفكري بيه وتعرفي الصح من الغلط
شعرت رحمه بغصة في منتصف حلقها … شعرت برجفة سرت في أوصالها عندما احتدت نبرته وهو يقول بضيق :
لكن خلاص كفايا، تقطعي علاقتك بالبنت دي نهائي
تجمعت العبرات في عينيها سريعاً وهو تمتمتم بصوت مختنق :
حتي دي مجبورة اسيبها عشان أعجبكم
ورفعت أعينها الباكية مستكملة بسخرية :
مفيش واحده في البيت بتعمل غلط وتصرفاتها غلط غير رحمه
رفع سالم حاجبيها باستنكار مغمغم باقتضاب :
لكنك المفروض من نفسك تبعدي عنها
رمقته بنظرة عجز عن تفسيرها، لم يفهم ما يدور في عقلها، رأي عاصفة عابرة تحتل ملقتيها …. فقد ما تبقي من صبره وسألها باستهجان :
أوقات بحسك طبيعية وكويسه، وأوقات مش بلاقي في عينيك غير الكره والنفور مني، ليه ؟!!!
خلعت وجه الثبات وهدرت بانفعال :
لأن دا الـ بكون حساه في وقتها
حرك رأسه بهدوء وقال بحده :
مفيش مره طلبتي حاجه الا وكانت عندك، الوحيدة في أخواتك عندها بدل التلفون تلاته أقل واحد فيهم معدي العشرين ألف، ومعلش يابابا اصل نفسي فيه، عشان خاطري يا بابا صاحبتي معاها، بابا عايزه اغير اوضتي، بابا عايزه فلوس اجيب هدوم جديدة، بابا عايزه لابتوب يدل القديم، بابا أنا عايزه دكتوره نفسيه، طيب يا بابا ممكن تكون الاستشارة في التلفون أصل كدا هكون مرتاحه اكتر، بابا أنا خفيت خلاص وحاسه اني بقيت كويسه وفهمت غلطي
انتفض اثر صراخه بغضب مستكملا :
عايزه ايه تاني، قوليلي قصرت معاكي في ايه
هبطت دموعها وهي تشهق بصوت مرتفع ….. فقال وهو ينهض :
يمكن كلام صاحبتك صح وأنك محتاجه حد يعوضك عن الـ اتحرمتي منه مع ابوكي
استرسل بفتور :
متستعجليش يا بنتي بكرا يجي اليوم وتعرفي فيه قيمة تصرفاتك ووقتها مش هتلاقيني
كانوا يقفون في الخارج أمام باب الغرفة، استمعوا إلي حديثهم ولكن غير قادرة احداهن علي الدلوف …
لم تستطع أمل الوقف مكتوفة اليدين، فركضت خلف والدها بعد أن خرج، وقطعت طريقه وهي تهتف بتوسل :
بابا ممكن تسمعني، صدقني رحمه متقصدش
نظر سالم إليها ثم التفت إلي مروه التي تقف بحزن في ركن بعيد وغمغم بندم صريح :
مندمتش قد ما ندمت لتساهلي معاكم في يوم من الايام
لم تجد نادية ما تقوله، سوي أنها تجلس تبكي في صمت، كلما بدر تصرف ما من رحمه، انتابها شعور الذنب في ثرثرتها التي أثرت بالسلب علي ابنتها ….. بينما اتجهت أمل الي غرفتها بدلاً من الانضمام الي مروه لتعاتب رحمه علي حديثها الفظ، في كل الأحوال لن يتغير والدهن بعد الآن ….
؛*************
في منزل آخر داخل القرية
أغلقت التلفاز أمامه وهو يجلس يشاهد أحدي مباريات كرة القدم … ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وهو تردد بضيق :
أظن يومين كفايا تحدد فيهم امكانياتك ايه
اعتدل ربيع في جلسته وهتف بحده :
واظن في طريقة احسن من كدا تتكلمي بيها
حدجته بغيظ وهتفت ببرود :
أعرف حالا قرارك
لم تروق طريقتها إليه، ولكن تعاضي عنها بأنه قرر بدأ صفحة جديدة معها كزوجة ليس فقط مربيه لأطفاله … أشار ربيع إليها بأن تقترب الي جواره وهو يقول بهدوء:
تعالي اقعدي الأول
اتجهت الي جواره وهي تنظر إليه بتقرب…. فأضاف ربيع بجدية :
أنا موافق علي كل طلباتك، لكن مش هقدر انفذها كلها دلوقتي
عقدت مي جبينها باستغراب وسألته بعدم فهم :
يعني ايه موافق ومش هقدر تنفذها دلوقتي ؟!
رد عليها بسلاسة :
فلوسي كلها في السوق واخر سفريه ليا كنت دافع مبلغ كبير في شراكة مع واحد معرفة، اقدر اجبلك دلوقتي شبكة زي متختاري وكمان ٣ شهور غيري العفش زي ما تحبي واعملي الأنتِ عايزاه
رسمة شبه بسمة علي شفتيها وتمتمت بسخرية :
بتاكل بعقلي حلاوة يعني
نفذ صبر ربيع من أسلوبها فرد عليها بحده :
هو أنا بقولك مش هعملك، دول هما ٣ شهور
صاحت مي بحده مماثلة :
ولا يومين كمان، هات من الاخر وبلاش تلف وتدور وقول أنك مش عايز تخسر نفسك
رمقها ربيع من أسفل إلى أعلى وهدر بتهكم :
أنتِ منفوخة علي ايه اومال لو كنتي بتعرفي تطبخي غير بطاطس وبيض كنتي عملتي ايه
واسترسل بضيق :
وبعدين علي الأقل الـ ٣شهور دول يرسوني عليكي وأشوف بعيني التغير
لم تفهمه فسألته بضجر :
تغير ايه ؟!!
أشار ربيع حوله وهو يغمغم بغيظ :
اشوفك فعلا شيفاني كزوج وتيجي تعقدي في اوضتنا الـ مشرفتهاش غير مرتين من يوم وصلتي هنا
ابتسمت بثقة لقد وجودت شيء ثمين يمكن الضغط عليه، لم تفكر في استخدام سلاح أنوثتها من قبل معه، ولا حتي خطر في بالها أن ربيع يشعر بالضيق من مكوثها في غرفة آخر :
مش هدخل الاوضة غير لما تغيرها يا ربيع
ازاح الوسادة الفاصلة بينهما وهو يتمتم بخبث :
ومالو نغيرها لاوضتك دا حتي هواها بحري
ابتسمت بسماجة مردده بحنق :
بعينك
واسترسلت وهي تنهض :
هاروح عندنا بليل ومش هرجع معاك غير لما كل الـ طلبته يتنفذ
حدق بها حتي اختفت من أمامه، ثم نهض يشعل التلفاز مجددا، غير مكترث بحديثها أو بالأصح الي تهديدها …
؛*************
ارتشفت فنجان القهوة بتلذذ وهي تقول بسعادة :
الله فنجان قهوه يفتح نفس الواحد علي الحياة
نظر مرتضي إليها بنفاذ صبر وسألها بملل :
اتمني أقدر اعرف سر زيارتك العجيبة يا استاذه تغريد ؟!
وضعت تغريد فنجان القهوة وهو تردد باستنكار :
يعني هو لازم يكون في سر عشان اشوف اخويا حبيبي
ضيق مرتضي عينيه يرمقها بشك، وأردف باستغراب :
اخوكي حبيبك !! وبعدين مش قادره تستني لما ارجع وجايه المحل ؟!
اصطنعت تغريد الحزن وهو تهمس بصدمه :
كدا يا أبيه تظلمني
واسترسلت بحماس :
لكن عندك حق أنا أصلا جايه عشان افتن
” تفتني” رددها بسخرية، فاستكملت تغريد بتأكيد :
آه، اصل أبيه خليل بقاله يومين عامل زي خالتي اللتاتة
رفع مرتضي حاجبيه باستغراب مردد بتهكم:
أبيه وخالتك اللتاته،كملي حبيبتي
بدأت تغريد في سرد ما حدث من يومين قائلة :
بيقلب ماما علي أبله مها، وبيقولها أن ابله مها مقصره معها، ومش بتهتم بينا لانها مش بتحبنا وكلام من دا كتير عشان يغيرها من ناحيتها
واستطردت بتشفي :
ومن حظه اخر مره بابا دخل وسمعه واتخانقوا سوا، وخليل قال لبابا انك السبب في تأخير خطوبته من حسناء، وأنك مش بتحب غير نفسك، المهم بابا زعقله وحلف عليه لو عاد الكلام دا تاني مش هيدخله البيت، وأنه لازم يسافر ويرجع شغله يإما بابا هيطرده، وقتها خليل مردتش وخرج وبعدين رجع قبل الفجر اخد شنطه والباقي أنت عارفه لما وصلته بقا
قدم مرتضي الي زجاجة المياه مغمغم بفضول :
بلي ريقك وكملي
ردت عليه تغريد بعبس :
لا خلاص خلصت، بس لازم تيجي أنت وابله مها كل يوم شويه عشان تعكس كلامه عند ماما لان شغل الحموات شكله هيشتغل
عاد مرتضي بظهره يستند علي المقعد يفكر في تصرفات أخوه الهوجاء، واين سيصل بهم المطاف بعد كل هذا ؟! والأهم معرفة اين خرج ليلا، وهل قرر السفر فجأة خوفاً من تهديد والدهم ؟! …
لم يتهني بتفكيره مع تغريد، التي لم تكتفي بهذا وبدأت في سرد إليه أفعال والدتهم وكيف استطاع خليل تصوير مها بالسوء إليها …..
؛***********
في أحدي شوارع القرية
سارت الي أحد أصحاب المحلات تسأله بصوت هامس :
لو سمحت يا عمو، فين بيت مروه سالم سويلم
رفع الرجل نظره يرمق هذا الجمال بانبهار، فتاة كلمة جميلة لا تصفها، ترتدي تنورة بيضاء، تعتليها بلوزة من الحرير بلون السماء، وحجاب من لون بشرتها البيضاء، تمسك حقيبة صغيرة بلون الأزرق، وتنظر إليه بابتسامة لطيفة …. أخفضت نظرها بخجل وهي تسأله مجدداً :
لو سمحت بكلمك
آفاق العم صاحب محل الخضراوات من تأمله علي صوتها الناعم، ثم أشار إليها بالتقدم مردد بحفاوة :
تعالي اوصلك
اتبعته بخطي هادئة، فأعاد الرجل ينظر إليها بعدم تصديق أنه يسير مع هذا الجمال وسألها مستفسرا :
إنما متشرفناش باسم الجميل
توردت وجنتيها بخجل وهي تهمس بنعومة :
أنا سوزي التهامي
؛***********

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!