Uncategorized

رواية من صنع الشيطان (جزيل) الفصل الأول بقلم مريم عبدالرحمن

رواية من صنع الشيطان (جزيل) الفصل الأول بقلم مريم عبدالرحمن
رواية من صنع الشيطان (جزيل) الفصل الأول بقلم مريم عبدالرحمن

رواية من صنع الشيطان (جزيل) الفصل الأول بقلم مريم عبدالرحمن

الهلاك، الهلاك منتشر بجميع بقع الأرض، نستهلك طاقه ليست بطاقتنا؛ كي ندعم الآخرين، و تحديداً حدث ذلك و هبّ من عام الفان و خمسون، حيث سيطر الشيطان على العالم، و من هو الشيطان؟ يأتي على هيئة أفراد بجانبنا و تحاوطنا، تعصي الله ثم المجتمع و تقاليده، يترجل الإنسان بالشوارع ينظر بخوف حتى لوالده، فلم تعد الثقه في محلها؛ فهي مِن صُنع الشيطان.
فماذا فعل الشيطان بالفعل في عام الفان و خمسون؟!
______________________________________
وسط حقول زراعيه في الثامنه مساءاً بمحافظة الغربيه، أصبحت الساعه الثامنة في تلك السنوات وقت متأخر، ممنوع الخروج من المنزل فيها، يعمّ الظلام الكاحل الذي اعتدنا عليه في اوقات الفجريه و حتى الحيوانات البريه فقط هي الموجوده بين تلك الحقول، ظهرت فتاه شعرها الحريري يتطاير مع شدة سرعتها، كانت تركض و كأن وراءها شيطانٍ ما، و عيونها الملونه تلمع في الظلام، و شدة بياضها، لكن تمتلئ معالم وجهها الخوف، حتى سقطت في الارض الزراعيه و تلطخت بالطين، لا تبالي بتلك الطين، فقط نظرت ورائها و تراجعت زحفاً على الأرض..
ثم.. إنتهى بصوت صريخها ..
في صباح اليوم التالي.. إنتشرت بين سكان منطقة “جِزِيل” بالغربيه، مقتل فتاه عشرينيه تسمى سيريناي عدنان، من أصل جزائري.
يجلس شاب بجانب جماعه من الناس تبكي و تصرخ مع جنازة ابنتهم “سيريناي”
نظر الشاب لصديقه و على وجهه معالم الدهشه..
_دي أول مره تحصل و يحصل جريمة قتل في “جزيل” يا محسن
_معرفش اي اللي حصل والله..بيقولو البت لقوها مقتوله في وسط حقل الست” أولفت “
_و هي اي اللي يخرجها متأخر أصلا
_عندك حق..بعد ما بقت مملكة مصر تحت سيطرة واحد الماني بقا في قوانين رهيبه، تخيل اللي بيخرج بعد 8 قال اي يدفع غرامه
“زياد حرحش ” 40 سنه، طبيب و مستشار كيميائي بمركز علوم محافظة الغربيه و كثير المسؤوليه لإحتوائه على عائله كبيره مكونه من أم و زوج و زوجه و صبي و فتاه..
والدته نبيله و زوجته علياء و صبيّه رحيم 15 سنه و فتاته ليلى 9 سنوات
“محسن عبداللّه” يعمل مع زياد .
بعد يوم طويل ملئ بالمشاغبه و المتاعب و العمل و الجرائم، في منزل زياد، دخل شقته بالبطاقه الخاص بها، نعم فنحن في عام 2050 الدخول ليس بمفتاح مصنوع من الحديد بل بكارت مصنوع من البلاستيك المفخم، إلتقت نظراته بنظرات زوجته، نظرات حنين و حب و إشتياق، كم إنه محظوظ لحصوله على تلك العائله، و بجانبٍ ما تجلس والدته النبيله تقرأ من كِتاب الله آياته و تدعوه، أما في غرفة ما يصدر منها صوت صراخ ضحكات أطفال، فهم اطفاله.
_زياد حبيبي عملالك النهارده صنية مكرونه بالفرن رهيبه صدقني هتاكل صوابع ايدك وراها
تغيرت ملامحه لابتسامه جديه
_يا حبيبتي من امتا و اكلك مش بيبهرني يعني؟
جاء صوت والدته بقولها “صدق الله العظيم” بصوت عالٍ و أشارت له بالقدوم
_أيوه يا ست الكل أؤمريني
_عملت إي النهارده في شغلك؟ حسيتك تعبان او في حاجه في تفكيرك
أمسك يداها بكل حب و قبّلها بنغمٍ موافقاً على كلامها..
_اتعجبت من حادثة سيريناي عابدين و دار في بالي حاجات كتير هو ده بقا يا ستي اللي شاغل تفكيري
_أه انا كمان سمعت عنها والله يا زياد و قطعت قلبي و كمان طريقة موتها الشنيعه و طريقة قتلها، العالم مبقاش فيه خير يا زياد و الكلام ده من زمان اوي، مبقاش في خير فالبلد و الناس بقت عقولهم شاربه حاجه صفرا و نسيوا كتاب الله، بقيت محتاره امتا النهايه اللي تمحي البشر من الشياطين الموجودين حوالينا
_عندك حق
قد قالها بيأس و تدور في ذهنه العديد من الاسئله، حتى قاطعت ذلك التفكير صوت زوجته التي دعتهم على السفره و تجمعوا حولها بسرور…
في نهاية اليوم بعد منتصف الليل، خاصةً بعد نوم والدته و زوجته و اولاده، دلف لمكتبه بهدوء تام و أخرج كثير من الاوراق و وضعهم تحت ضوء خافت، تحتوي على عبارات كيميائيه و الكثير من الغموض بتلك الورق هو فقط من يدركه.
بعد مرور عدة ساعات نظر للورق بدقه مره أخرى محدثاً نفسه..
_اي اللي يخليني انشغل بحاجات متخصنيش! يعني هو انا لما اخترع ماده كيميائيه تعالج نفوس البشر و القلوب الحاقده هيسموني عالِم؟ أنا أصلاً شخص فاشل استحاله الورق ده ينجح.
اخذ بالورق يائساً وضعه في ملف الكتروني حديث و بداخل حقيبته المصممه بفخامه و حديثه و ذهب لخوض معركه في أحلامه الغير واقعيه..
•••••••••••••••••••
عندما خرج من غرفة مكتبه تشبثت عينه على زوجته التي تصنع الفطار لأولادها بدقه، و هم حولها كالملائكه.
قال رحيم يائساً
_انا مش عارف اعمل الضفيره لليلى يا ماما
_يوووه يا رحيم طب استنى اخلص السندوتشات و اعملهولها
فوقعت بعيناها على زوجها ..
_الله! انت كنت سهران فالمكتب؟ده انا افتكرتك روحت الشغل صحيح
_والله يا علياء شاغل بالي حاجات كتير اوي فالشغل و مش عارف اعمل اي
_لو فاضي بعد ما العيال تروح المدرسه نتكلم!
_اه طبعاً فاضي
_و ياريت تنام بعدها لإن باين عليك مُرهق أوي
_بابا!
_ايوه يا حبيبة بابا
_هو انت بتشتغل عشان تجبلنا الفلوس ولا عشان بتحب الشغل
_والله يا ليلى مش عشان الفلوس بس! لإن شغلي ده بيديني طاقه رهيبه زي المدرسه اللي بتروحوها كده، اه بتعذبكوا و بتصحوا بدري بس بتفيدكوا
_طب يا ماما انا من النهارده هسهر اذاكر عشان بحب المدرسه
إبتسم، كأن بداخله بركان يعلاه ماء بعائلته، سعيد بتلك العائله للتي تخمد بركانه.
_يلا يا ليلو خدي سندوتشاتك و عالعربيه برا مع رحيم
أمسك رحيم بيد شقيقته الصغيره
_خلي بالك من اختك يا رحيم
_دي في عيوني يا بابا
و احتضن اخته قبل الخروج من باب المنزل، فظلت علياء تنظر لهم من النافذه مبتسمه و عالية اليدان لتودعهم و ترفع قبلات هوائيه لتعبر عن حبها لهم. ثم نظرت لزوجها ذات الوجه الشارد فأقتربت ممسكه بيداه.
_لسه مخلصتش الماده اللي قلتلي عليها؟
_ بيني و بينك يا علياء خايف.
_من اي! مش شئ زي ده هيعلي مركزك
_اصلاً ممكن ياخدوه على انه شئ تافهه، بزمتك في ماده كيميائيه تصلح نفوس البشر!
_انا يا زياد واثقه فيك ثقه عمياء و انك فعلاً قادر تعمل حاجه زي كده..بس رأيك تجربها على حد.
_هخاطر بحياة مين؟
_انا؟
نظر لها بحده واضحه.
_متهزريش يا علياء هخليكي فار تجارب ليا ؟ قدر كان الماده فيها شئ ضرر انتي كده هتضري!!
_قلتلك واثقه فيييك، انت ناسي اتجوزنا و اتقابلنا إزاي يا زياد؟
إبتسم قائلاً “و هي دي حاجه تتنسي”
متذكراً من الماضي لحظات قبل سبعة عشر عاماً…..
فتاه تتضح إنها “علياء” تجلس على منضده في مركز كبير و بعد سماعها لهرج كبير بالخارج، خرجت مستدهشه ما بالخارج..
_في اي!!!!
_الاستاذ يا انسه علياء مجنون، قال اي جاي يقدم في الشغل في المركز و هو محصلش شهادة الماجستير عشان يشتغل هنا اصلاً
_صدقوني انا معايا حاجه هتدهشكوا كلكو و هتخلوني اشتغل هنا اسمحيلي يا انسه علياء اقدم فالشغل
نظرت ‘علياء’ لهم بحده..
_من امتا و بقا شغلكم تمنعوا الموظفين من انهم يتقدموا، شغلنتكوا هي الامان و بس فاهمين؟ و انت يا استاذ..اتفضل
_استاذ!! اه اه..استاذ زياد..زياد حرحش
تراجعت ذكرياتهم بالضحك …
_ساعتها اختراعك لمكنة التحليل دي خليتك موظف و انت مش مكمل شهاده الماجستير اللي كانت من قوانين تقديم الشغل و في مركز كيميائي كبير و ساعتها وثقت انك شخص ناجح و مش مجنون مع اني معرفكش..فتخيل بقا يا زياد بمعاشرة 17 سنه مش عاوزني اثق فيك؟ انا حتى قعدت من الشغل عشان واثقه انك هتقدملنا احسن حياه ممكن نتمناها و ده حصل فعلاً
_بس مش هقدر اهز ثقتك دي و أأذذيكي
_يا زياد انا و انت سند لبعض و متأكده انها هيبقا شئ ناجح
_تمام..
قد قالها بتردد
_بس هحضر فالمعمل النهارده الماده و هبقا اجي، المهم انتي دلوقتي صحي ماما و انا هنام 3 ساعات و صحيني
_تمام
ذهب لغرفته إستلقى على سريره في غرفته اخذ يفكر و يفكر حتى أغمضت عيناه ..
••••••••••••••••••••••••••••••••••
في مركز كيميائي الغربيه..بأكبر مركز كبميائي بالعالم العربي و اصبح بالعالم بأكمله، بداخله عالم أخر مساحته تبلغ 8 فدان، صعد بالمصعد لإحدى الأدوار و أخرج بطاقه فأدخلته معمل به العديد من العمال.
_زياد؟ ازيك؟
_ازيك يا رحمه
_سمعت عن حادثة سيريناي ؟ الله يرحمها
_أه عارفها
_صحيح جاي المعمل ليه انت شغلك تحت
_أصل يا رحمه عاوزك في خدمه
_لو خدمه زي بتاعة المره اللي فاتت يبقا بلاها منها
_رجوكي يا رحمه انا محتاجك
_تقدر تقولي يا زياد وديت فين المحلول اللي عملتهولك؟
خطف بأنظاره لجهه أخرى هارباً و تاركاً سؤالها بعدم الرد
_للاسف يا زياد مجبر ترد
_فاكرة زين ؟
نظرت له بعدم تصديق و سخريه
_انت اديت المحلول لزين اللي مختفي بقاله شهرين! يعني المحلول ده السبب في اختفاؤه
_لاء يا رحمه لاء
قد طفح كيله فأصرخ بوجهها فنظرت له بحقد و غل
_لاء اي؟ زين فين يا زياد و بعدين…سيريناي..اتقتلت
_يا رحمه افهميني زين كان صاحبي اه و خطيب سيريناي و هو جرب المحلول و بعدها قال انه هيسافر لكن مختفاش
_انا مش مضطره اجري ورا اكاديبك يا زياد و مش مجبره اسمع كلامك و حاجه ممكن تإذي حد أرجوك ابعدني عن السكه دي
نظر لها بتردد و نظره تؤكد ارادته في قول المزيد لكن فضّل الخروج من المعمل ..
بعد عدة طبقات من الاسانسير الزجاجي تقدم لمكتب خارجه لوح زجاجي محفور بإسم “رياض سليم” قبل طرقه للباب كان يدخل بعنف..
_مش تخبط يا سي زياد؟
إرتمى بحقيبته المليئه بالملفات امام منضدة رياض و إرتمى بجسده على مقعد من الخشب المطرز الحديث
_انتو خليتوا فيها تخبيط ولا ارف احنا بقينا في زرييبه يا رياض
_و من امتا مكناش في زريبه !
_و عاوزني اخبط ليه؟
_يمكن الاصول تخلينا عايشين كبني آدمين شكلياً
_رياض فكك من فلسفتك دي عالصبح و قولي فين زين
_وانا ايش عرفني المهبب ده راح في انهي داهيه
تمالك زياد اعصابه بصعوبه حيث امتلك القليل من الشجاعه، قليل من الهدوء، قليل من التفكير، كثير من العناصر المجهوله.
_أ…أولاً..أنا مش عبيط، زين قايلي انه عندك
_مينفعس تقابله
أرمق بنظره جذابه تمنعه من الحديث لحماية ما تبقى من عمره اكتفى بوضع يديه على منضدة رياض بعنف يدل على صبره
_قوله ..لو انت اللي قتلتها يا زين ..امشي من هنا
و بعد وصوله تجاه باب الغرفه، استوقفه نداء من رياض فنظر له زياد بتهكم و غضب ثائر يملك العديد من الملاحظات في تاك النظرات المتبادله، نظرات خوف و نظرات تشويق و غموض و اثاره و فالنهايه نظرات ثأر
_زياد … بما انك شايف ترياق المحلول ده ممكن يوصل ب أنه يقتل حد ليه طلبته من رحمه تاني؟
_لإني مش واثق في زين ولا فيك ولا في حقارتكوا
_هستناك في بيتي النهارده بليل
زفر زياد بنفاذ صبر و كأنه يلتهم الكثير من التفكير العميق الذي يخلد به حل تلك الالغاز.
_ماشي
خرج فأخد بيديه باب غرفة رياض عند نهاية الممر رأى رحمه تتقدم نحوه..
_لحقتي تقولي لرياض!
_صدفه يعني
رأى في عيناها الكاذبتان كثير من الحديث العميق
_بصي يا رحمه، اللي بيتقال ما بينا ميطلعش برا
نظرت بكل برود و طاقه ايجابيه و غرور بعيناها المسحوبتان
_تمام! عاوزاك في موضوع مهم ممكن قبل ما تدخل مكتبك تيجي معايا الكافيه نشرب قهوه
اشار بالايجابيه، ذهبوا لمكان مغلق به كثير من العمال، يرمقونه بنظرات بعيده مجهوله، حتى جلست رحمه على مضده بعد تناولها كوبين من القهوه، فأعطت كوب منها لزياد.
فزفر بضيق و نفاذ صبر
_ ها؟
_كأنك زهقان مني يا زياد؟
_انا بس عشان ورايا شغل
_فاكر ايام الكليه يا زياد؟ انا و انت و رياض و زين . بس فاكر اما كان رياض و زياد بيتريقوا على عقليتك الكبيره..كنت انا دايما بشجعك على اختراعاتك المستحيله، كنت دايماً بعرف أنك شخص مختلف عنهم كلهم يا زياد
نبرة صوتها كانت اقوى من نظراتها المختلفه، حتى شعر بيداها تمسك يداه بكل خفه، كالساحر الذي يسحرك، فهمست بفحيح ربما هو فقد من سمعه كفحيح الأفاعي.
_انت حاجه مختلفه في قلبي يا زياد .. حتى الفتره اللي كنت مرتبطه فيها بزين مكنتش بعرف اشوف غيرك
أسرع بسحب يداه و هبّ من مجلسه
_انتي اتجننتي يا رحمه؟ انا راجل متجوز و بحب مراتي و كلامك ده عمره ما يدخل عليا و عن اذنك ورايا شغل
و بعد خطوات قصيره نظر لها عندما افرغت كلمات غير مفهومه على عقله
_براحتك يا زياد..بس كل شئ ليه تمنه.
بعد مرور ساعات لم يمر حتى على منزله و إكتفى بالذهاب الى “رياض” فضوله كان قوي يجعله يشتد عطشاً و تشوقاً حتى فتح له رياض باب منزله.
_نورت
_بنورك بردو
دلف للداخل و تشبثت انظاره بكل مكان في منزله الواسع الفائق تكنولوجياً ..ثم أرمق بنظره على كرسي يعطيه ظهره و يجلس شخص امامه و امام التلفاز .
_زين!!
نظر له زين بنظراته الواسعه المخيفه لبعض اللحظات..
_زين اللي دمرته؟ فين زين ؟ انا مش شايف نفسي
اصرخ بوجهه بتلك الكلمات ..
_طيب فهمني اي حصل
_فاكر يا زياد ايام القاهره؟ و مراهقة القاهره؟ و ايام دراستنا سوا؟ فاكر ولا افكرك يا …يا زياد!
من هو الشيطان؟
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!