Uncategorized

رواية قلوب متوهجة الفصل السادس 6 بقلم إيمان كمال

 رواية قلوب متوهجة الفصل السادس 6 بقلم إيمان كمال

رواية قلوب متوهجة الفصل السادس 6 بقلم إيمان كمال

رواية قلوب متوهجة الفصل السادس 6 بقلم إيمان كمال

مرت الوقت عليه كالدهر، احساس الوحده ينهشه ويمزقه، كان القصر فارغاً من أحبابه، نظر حوله الصمت مهيب، كل شئ حوله بدون روح مثله، فقد كان مثل الطائر الجريح، مكسور الجناح، ينزف ولم يجد أحد يطيب جراحه، ويقدم المساعده له حتى يحلق من جديد في سماءه عالياً، لابد عليه أن يساعد نفسه ويُصلح كل أخطاءه، وأول شئ عليه إصلاحه مصالحة خطيب ابنته، نهض وتوجهه إليه في مسكنه المتواضع، وأثناء سيره قام بالإتصال بمدير أعماله، لكي يحجز له تذكرتين للسفر إلى دولة دبي اليوم، استغل وجود البسبور الخاص بـ “نبيل” معه، فقد اخذه من قبل حتى يتم اجراءات حجز السفر لشهر العسل، ولم يتم ارجاعه له بعد انفصاله عن ابنته.
 أغلق معه وانتظر رده بتحديد الموعد. 
بينما كان “نبيل” جالساً يتفقد رسالتها الأخيرة، قلبه تعصر الماً كم تمنى أن يمنعها من الرحيل، لكن يوجد بينهم الاف الأسوار، والعقبات تمنعه أن يقترب منها، وأن ينسى ما حدث، وإذا به يسمع طرقات على الباب، تفاجأ بالضيف الذي لم يتوقعه والد خطيبته، كان يحدق النظر إليه كأنه يراه للمره الأولى، فقد كان مهموماً ونظرة الانكسار على وجهه، حاول أن يبتسم له وقال :
– هتسبني واقف على الباب يابني كتير؟
تحمحم ورد بأحراج :
– اتفضل يا عباس بيه، البيت مش قد المقام.
دلج بالداخل وأجلسه على أقرب مقعد، ثم ظل صامتاً يحاول تجميع الكلمات المتبعثره داخل ثغره، تنهد “نبيل” وقال بحده :
– خير ياباشا !
– خير يابني، تعالى أقعد وأنا هقولك كل حاجة.
جلس بجانبه على مضص، وأنتظر حديثه قائلا :
– أنا عارف أني غلطت في حقك، وظلمتك كتير، كنت دايماً شايفك قليل، ومش اد مستوانا، وطمعان فيا، بس أخيراً أكتشفت أنك يا نبيل أسم على مسمى.
ابتلع لعابه بصعوبه واستطرد مكملاً :
– أنت تكسب يانبيل، وأنا بكل جاهي وفلوسي أخسر قدامك، أنا جيت لحد عندك يابني عشان اعتذرلك، وأرجعلك لندى وتفضل في حضننا من تاني، أنا هموت لو مرجعتش، أرجوك تعالى سافر معايا ونرجعها يانبيل.
نهض من مضجعه مندفعاً ونظر له بغضب يتطاير من أعينه وقال بحده :
– بالسهوله دي ياباشا عايزني أنسى الفضيحه اللي اتهمتني بيها زور،  ومعاملتك ليا طول الوقت اللي فات، أنا كنت بشوف في عينك الاحتقار، والكره، وقول ياواد ابلعها عشان خاطر ندى بتحبك، استحمل معاملته الوحشة وبكره تتجوز وتبعد عنه، لكن مشكلتك مش فيا أنا وبس؛ لأ المشكله جواك أنت، دايماً بتشوف أي حد مش من عيله وغني؛ يبقى صرصار ميستحقش يبص ويقرب منك، يعلم ربنا عمري ما فكرت ابدا أني أطمع فيك، أنا بكافح في شغلي والحمدلله مش محتاج مساعده منك، وربنا يغنيني عنك.
– ارحمني يابني، وارحم كسرتي، وابدأ معايا من جديد، واقبل اعتذاري وتعالى نسافر سوا نلحقها، أنت عارف يعني أية اترجى حد؟
رد بأقتضاب وبنبره حزينه :
– آسف ياعباس بيه، ومقدر مجيتك عندي، لكن مش هقدر صدقني. 
وقف “عباس” وعيناه منكسره، ولملم هذا الانكسار وأنصرف، وقبل ذهابه قال :
– هبلغك بمعاد الطيارة، وهنتظرك لأخر  لحظه يابني.
وصلت “ندى” إلى منزل عمتها، وكانت في انتظارها، حيث أرسلت لها إبنها يكون في استقبالها عند وصولها، احتضنتها بكل حب، وحنان قائله :
– ياحببتي ياندى، كبرتي وبقيتي أحلى عروسه في الدنيا كلها، سبحان الله نسخه من أمك الله يرحمها.
– حببتي ياعمتو، طول العمر ليكي يارب.
– حمدلله على سلامتك ياقلبي، تعالى ياندى اقعدي جنبي، واحكيلي بالتفصيل أبوكي عمل فيكي أية؟
جلست بجوارها وسردت كل شئ حدث لها، وعن كل أوجاعها والامها مما خان ثقتها، وغدر بها، كانت منصته لها وبداخلها تجدد نفس شعورها الذي عانت منه لسنوات مضت، والآن قد تجدد نفس الألم من جديد، جففت دمعه هاربه من مقلتيها ثم قالت والمرار في حلقها :
– معلش ياندى، أبوكي عمره ما هيتغير، هيفضل طول عمره حابس نفسه في شهوة حبه للمال، والحفاظ عليه، ابوكي عمل معايا كتير أوي، والنهاردة بيكرره تاني، لكن أنتي غلطي مرتين ياندى.
– في أية غلط ياعمتو؟
– أنك صدقتي الفيديو ياحببتي، كان لازم بدل ما تتهميه يكون عندك ثقه فيه، وفي حبه ليكي، تسبيه يدافع عن نفسه، وتديله الفرصه أنه يظهر براءته، أنتي لما بعتيلي الفيديو أنا حللته بشكل تاني؛ شوفت الصوره من منظور تاني، لكن وقت انهيارك معرفتش أحكيلك وأقولك، كان واضح جدا أنه مش في وعيه، ومتخدر، مكنش في أي رد فعل منه تجاه البنت دي؛ لكن أنتي مكنش عندك استعداد تشوفي الصوره صح.
– مكنتش مستحمله ياعمتو اشوفه بالمنظر ده، انهرت، واتكسرت، قلبي مصدقش، لكن عقلي صدق كدبهم.
– لأنك مكنش عندك ثقه كافيه فيه ياندى، زمان ابوكي عشان يفرق بيني وبين جوزي، دبر له جريمة سرقة متخرش المية، محكمه بكل تفاصلها، بس أنا وقفت قدامه ورفضت أصدق كدبه، عشان عارفه ومتأكده من براءته وشرفه النزيه، دي بالنسبه للغلطة الأولى، أما بقى ثاني غلطة، إنك هربتي وسبتيه، محاربتيش عشان ترجعيه لحضنك تاني، يأستي في أول الطريق سبتيه ورحلتي، كان لأزم تبيني أنك شارياه، وعندك استعداد تحاربي عشان ترجعي الثقه بينكوا من جديد.
– والله حاولت ومقدرتش ياعمتو اتحمل رفضه ليا، كنت حاسه أن روحي بتتسحب مني، مشيت وقولت اديله مساحه يسامح ويغفر.
– هيسامح حببتي، أنا واثقه أن الحب اللي بينكوا؛ هو اللي هنتصر في النهايه.
– يارب ياعمتو، يارب.
– بإذن الله ياروح قلب عمتو، قومي تعالي اوريكي اوضتك عشان تستريحي شوية، عقبال عمك شكري ما يرجع من شغله، ونتغدى كلنا.
اومأت لها بالموافقه، ثم دلجت داخل غرفتها تستريح، وتركتها “ياسمينا” لتكمل إعداد الغذاء.
مر الوقت على الجميع في قلق، تفكير
“عباس” يفكر كيف سيواجهه أخته بعد كل هذه السنوات؟ 
“نبيل” في حالة صراع نفسي بين كرامتة التي هدرت، وبين روحه الراحله بعيداً عن جسده، نعم يعترف بأنه أشتاق لندى حياته؛ التي كانت كأنها حبات لؤلؤ أو كنقط من العنبر؛ ترطب على قلبه بنسمات ناعمه في ليلة صيف حارقه، لكنها رحلت عنه، واصابت قلبه التصحر والجفاف، كم أشتاق لها، يريد أن يستنشق عبقها الفواح، ويسمع لرنين صوتها السلفوني، كم كانت مشاعره مشتته مجروح، يريدها بجانبه ترطب كل جروحه، ظل هكذا في صراعه الداخلي، حتى فاق على رنين هاتفه رد، أبلغه والدها بموعد سفره، وأنه في انتظاره لآخر وقت، ثم أغلق معه، وتركه في دوامته وتشتته.
مرت الساعات وجاء موعده للتوجه إلى المطار، جلس على أحدى المقاعد، حتى يجئ موعد صعود الطائرة، انتظره يأتي، لكنه لم يجئ، شعر أن مهمته أصبحت مستحيلة في رجوع ابنته لاحضانه، عاود الإتصال به، لكن هاتفه كان دائماً خارج نطاق الخدمه، تنهد وزفر أنفاسه بغضب، نهض ليكمل أجراءات السفر. 
يتبع..
لقراءة الفصل السابع والأخير : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى