Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل السادس عشر 16 بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل السادس عشر 16 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل السادس عشر 16 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل السادس عشر 16 بقلم بتول علي

خرج الطبيب من غرفة العناية ليتقدم نحوه فارس وقسمات وجهه تدل على قلقه الشديد وباغته بسؤاله عن وضع كاميليا:
-“كيف حال زوجتي؟ لماذا لم تستيقظ حتى الآن؟”
أجابه الطبيب بأسف:
-“يؤسفني أن أخبرك بأن زوجتك قد دخلت في غيبوبة ولا يمكننا أن نجزم إذا كانت ستستيقظ منها أم لا”.
أنهى الطبيب جملته وترك فارس يتأمل زوجته بملامح متحسرة وشعور باليأس بدأ يتغلغل داخله لا يصدق بأنه يمكن أن يخسر زوجته في أي لحظة. 
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
بعد مرور ثمانية أشهر.
جلست إيمان على الأرجوحة التي تقع في الحديقة تتأمل الصور التي تجمعها بعائلتها وركزت بصرها على تلك الصور التي تجمعها بعمر … هبطت دموعها من مقلتيها فهي لا تعرف عنه أي شيء حتى الآن ، تتساءل دوما إذا كان بخير أو أصابه مكروها ولكنها لا تجد من يجيبها فوالدها لم يستطع أن يعرف أي معلومة قد توصلهم إلى عمر رغم كل المجهود الذي بذله في البحث.
أكثر ما يضايقها في الأمر هو تصرف هنا وحرصها على ألا يصل أحد إليهما فهي لم تفتح أي من حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي كما أنها تركت شريحة هاتفها في غرفتها قبل أن تسافر … تمتمت بسخرية وهي تغمض عينيها بمرارة:
-“هذه بالتأكيد تعليمات عمر فهنا ليست ذكية إلى تلك الدرجة التي تجعلها تهتم بتلك التفاصيل الدقيقة”.
فتحت عينيها فجأة وضربت جبهتها بخفة وكأنها انتبهت إلى شيء ما قد غفلت عنه من قبل قائلة:
-“كيف لم أنتبه مسبقا لهذا الأمر؟! إذا كانت هنا لا تزال إلى الآن تخفي أي معلومة قد تجعلنا نعثر عليها فهذا يعني أن عمر بخير لأنه هو من يجعلها تنتبه إلى تلك النقاط التي قد توصلنا إليه”.
أخذت تردد بأمل وهي تبتسم ودموع الفرحة تتلألأ من عينيها:
-“أجل هو بخير وسيعود قريبا إلى هنا وسأقتله حينها وأمزقه إربا لأنه جعلني أموت قلقا طوال الأشهر الماضية”.
استمعت إلى نداء الجدة فردت قائلة بصوت مرتفع:
-“أنا قادمة جدتي”.
نهضت من جلستها وتوجهت إلى غرفة الجدة حتى ترى ماذا تريد منها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
-“مر أكثر من ثمانية أشهر على خطبتي أنا وإيمان ومشاعري نحو مهجة لا تزال كما هي ولم تتغير بل أصبحت أفتقدها أكثر من قبل … أعلم أنني هكذا أظلم إيمان وبشدة ولهذا السبب قررت أن أنهي كل شيء بيننا ولكن والدتي تقف لي بالمرصاد لأنها بذلت مجهودا كبيرا حتى تقنعني بالارتباط وسيفشل كل شيء سعت لأجله عندما أترك إيمان ولكنني لن أيأس وخاصة وأنا أشعر بأن إيمان هي الأخرى لا تريد أن تستمر في علاقتنا … لا أعلم ربما هي وافقت منذ البداية تحت ضغط أحدهم أو ربما هي تحب أحدهم وأرادت أن تنساه مثلما فعلت أنا … كل تلك الأسباب تجعلني أريد ألا أستمر في تلك الخطبة مهما حدث”.
خطى “أسر” بتلك الكلمات في مذاكراته ثم ترك القلم وشرد في مهجة الحبيبة الغائبة … ابتسم عندما تذكر ذلك اليوم الذي قابلها به … بالرغم من المشاكل التي وقع في ذلك اليوم إلا أنه يعد بالنسبة له أسعد يوم في حياته.
بدأ كل شيء عندما استعان به أحد الرجال الأثرياء ليصمم له منزله الذي أراد أن يبنيه في إحدى القرى وكانت تلك بالنسبة له فرصة جيدة ولا يمكن أن تتكرر كثيرا.
ذهب إلى القرية وأقام بها لفترة وشرع في تنفيذ عمله الذي أبهر الجميع لتأتي له امرأة وتقول له بأنها تريد أن تجري بعض التعديلات في منزلها وتريده هو من يقوم بذلك ليبتسم ويقول:
-“حسنا أعطني عنوان منزلك وسآتي إليه في وقت لاحق حتى أراه”.
وضعت كفها الأيسر أسفل ذقنها وقالت:
-“ألا يمكنك أن تأتي الآن؟ في الواقع زوجي ينتظرنا الآن في المنزل حتى يريك بنفسه التعديلات التي يريد أن نجريها في المنزل”.
-“حسنا بما أن زوجك موجود الآن في المنزل فليس هناك مشكلة”.
نطق بتلك العبارة ثم توجه برفقتها إلى منزلها … دخل إلى المنزل ثم نظر حوله في انتظار خروج زوجها ولكنه تفاجأ عندما سمع صوت الباب الذي أغلق من خلفه … التفت على الفور ورمقها بدهشة ثم هدر بنبرة منفعلة:
-“لماذا أقفلت الباب؟! وأين زوجك؟”
رمقته ببرود ثم ألقت بمفتاح المنزل من النافذة ليتجمد فجأة متجهما وسكت لحظات يحاول أن يفهم ما يجري حوله ولكنه لم يحتمل وانفجر في وجهها قائلاً بانفعال شديد:
-“هل هذه مزحة؟! افتحي الباب فورا وإلا سأنسى بأنك امرأة وسأتصرف معك بشكل لن يعجبك أبدا”.
لم تعبأ بحديثه ونفخت بضجر قائلة:
-“لن أفتح … يجب أن ألقن هذا الحقير درسا حتى يكف عن خيانتي”.
نظر لها ببلاهة لتستكمل باختلال وكأنها فقدت عقلها:
-“أحبه كثيرا وأسعى دائما إلى إرضائه ولكنه يستمر في خيانتي ولا يهتم بمشاعري ولذلك قررت أن أجعله يتجرع من نفس الكأس واتصلت به وأخبرته بأنني أحضرت رجلا غريبا إلى منزله وبأنني سأخونه في غرفته وعلى فراشه وهو قادم الآن إلى المنزل”.
انفرج فمه بصدمة وصاح بذهول وغضب:
-“ماذا فعلتِ أيتها المجنونة؟! ما علاقتي أنا بمشاكلك أنتِ وزوجك؟! فليذهب كليكما إلى الجحيم لماذا تقحميني في أمر لا يعنيني؟!”
اتسعت عيناه عندما سمع صوت طرقات قوية على الباب وصوت رجل يصيح بغضب حاد:
-“افتحي الباب شيماء … سأقتل هذا الوغد ولن أتراجع مهما حصل”.
انخرطت شيماء في البكاء وأردفت بحشرجة وهي تكز على أسنانها:
-“هذا يؤلمك أليس كذلك عاصي؟ أن تعلم بأن زوجتك برفقة رجل غيرك هذا يحرقك من الداخل صحيح؟ هذا هو ما أشعر به بالضبط عندما أعلم في كل مرة تخونني بها”.
أخذ عاصي يصيح بغضب وهو يحاول أن يكسر الباب مما دفع أسر إلى أن يبحث عن مخرج له لأنه يعلم بأن هذا الرجل سيقتله عندما تقع عيناه عليه ولن يستمع له أبدا.
جف حلقه عندما سمع هذا الصوت الذكوري الحازم الذي جاء من مدخل باب الشقة وتحولت قسمات وجهه للرعب عندما رأى هيئة هذا الرجل الذي تشبه المصارعين … أخذ عاصي يقترب منه وهو يصيح بعبارات التوعد وتوجس مما هو قادم … وقعت عيناه على النافذة فركض نحوها قبل أن يمسك به عاصي وقفز منها دون أن يفكر في عواقب هذا الأمر.
فتح عينيه وهو يشعر بألم قوي في جميع أنحاء جسده ورأى قدمه مجبرة ومعلقة … تقدم منه عمر وقال:
-“حمدا لله على سلامتك … كيف تشعر الآن؟”
أجابه أسر وهو يتأوه بألم:
-“أشعر بألم فظيع في ظهري وفي ذراعي”.
مط عمر شفتيه وقال:
-“هذا طبيعي ، فالقفزة التي قفزتها من تلك الشقة كانت ستقتلك لولا ستر الله ورحمته بك”.
تنهد أسر وقال:
-“الحمد لله أنها مرت على خير”.
استأنف وهو يزفر بغيظ:
-“هذا أسوأ يوم في حياتي”.
فشل عمر في كبح تلك الضحكة التي خرجت من بين شفتيه رغما عنه وقال:
-“يجب أن تتحمل عواقب فعلتك يا رجل فأنت من ذهبت بقدمك إلى منزل امرأة متزوجة … الحمد لله أن زوجها لم يضع يده عليك وإلا لكان جعل منك لحما مفروما”.
كاد أسر يتحدث ولكن منعه تلك الممرضة التي دلفت إلى الغرفة لتتسع عيناه بانبهار وهو يردد بإعجاب واضح:
-“ما شاء الله!! ما هذا الجمال!! مؤكد أنني مت ودخلت الجنة وأنتِ هي واحدة من الحور العين أليس كذلك؟!”
ضرب عمر جبهته وهو يرمق بذهول صديقه الذي يغازل الممرضة وتأكد بأنه لا يزال تحت تأثير المخدر فقد كان أسر يتحدث وهو شارد في ملامح ووجه الممرضة دون وعي منه.
نظرت له الممرضة باشمئزاز وتقدمت نحوه بغضب سافر ثم غرزت الإبرة بقوة متعمدة في ذراعة جعلته يتألم وهتفت بغيظ بعدما انتهت من حقنه بالدواء:
-“تتحدث عن الجنة والحور العين وكأنك ستدخلها هكذا بأفعالك المشينة!! من يراك وأنت تقول هذا الكلام لا يصدق بأنك الرجل نفسه الذي ذهب إلى منزل امرأة متزوجة وقفز من النافذة عندما حضر زوجها وضبطهما متلبسين!!”
تجاهل أسر حديثها ودقق النظر إلى البطاقة المعلقة على يمين قميصها والتي تحمل اسمها وابتسم قائلا:
-“مهجة … اسم جميل وصاحبته أجمل”.
رمقته مهجة بحدة وودت لو تستطيع أن تضربه وتمزقه إربا حتى يتوقف عن التغزل بها ولكنها تمالكت أعصابها وخرجت من الغرفة دون أن تفعل له أي شيء لأنها تعلم جيدا بأنها ستفقد وظيفتها إذا قامت بتلقينه درسا.
مرت الأيام وتحسنت صحة أسر وفك الجبيرة وأتى أخيرا اليوم الذي سيغادر به المشفى.
شعرت مهجة بالسعادة لأنها سترتاح منه ومن غزله بها ولكنها كانت مخطئة فهو أصبح يحضر كل يوم إلى المشفى بحجج واهية حتى يراها.
لا تنكر بأن قلبها بدأ يستميل له وبأنها اعتادت على وجوده ولكنها أرادت أن توقفه عند حده فانتظرت قدومه وصاحت بغضب في وجهه:
-“ماذا تريد منِّي؟! متى ستتوقف عن تلك الأفعال؟”
وكان جوابه هو كلمة واحدة جعلتها تقف مشدوهة الفاه ولا تحرك ساكنا:
-“أحبك”.
سألته ببلاهة وعدم تصديق:
-“ماذا قلت؟!”
اقترب منها ووقف قبالتها ثم هتف وعيناه تلمع بعشق خالص لها وحدها:
-“قلت أحبك … أحبك أكثر من أي شيء”.
همس ببحة وهو يطالع ملامحها المصدومة:
-“أحبك لدرجة تجعلني أود أن أشكر تلك المجنونة شيماء لأنها كانت السبب في أن أراكِ وأتعرف عليكِ”.
ظلت كلماته تتردد داخل عقلها لأيام وتطورت علاقتهما بشكل سريع وأحضر أسر والدته وذهب إلى منزل مهجة حتى يطلبها من والدها ولكن تدمرت جميع أحلامه بعدما رفض والدها ثم زوجها بعد فترة وجيزة من جابر.
تنهد وأخرج صورتها وغمغم بحزن:
-“اشتقت لكِ مهجتي … اشتقت لكِ كثيرا”.
وضع صورتها جانبا ثم خرج من المنزل وذهب إلى ذلك الكافيه الذي يطل على النيل وجلس يتأمل مياهه العذبة التي تشعره ببعض من السكينة والطمأنينة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أمسك “فارس” بكف كاميليا التي ترقد في سريرها غائبة عن هذا العالم لا حول لها ولا قوة وملس عليه برفق وقال:
-“أه لو تعلمي كيف أعاني من دونك … ليتك تعلمين كم الوجع الذي أشعر به وأنا أراكِ هكذا … صدقيني أنا لم يعد بإمكاني أن أمضي حياتي من دونك”.
صدح صوت فريدة من خلفه:
-“هون عليك فارس”.
نظر فارس نحو كاميليا وهتف بحنين عاشق غلبه الشوق:
-“اشتقت لها فريدة … رؤيتها وهي راقدة هكذا تقتلني … ليتني أستطيع أن أقدم لها أي شيء يساعدها ويجعلها تنهض وتعود لي”.
شرد في ملامح وجهها الشاحبة ولم ينتبه إلى نداءات فريدة المتكررة إلا عندما وضعت يدها على كفه ليلتفت لها بانتباه قائلاً:
-“هل هناك شيء تريدين قوله؟”
هزت رأسها قائلة:
-“أجل يجب علينا أن نذهب الآن لأن موعد زيارتنا قد انتهى”.
اقترب فارس من وجه كاميليا وقبل جبينها ثم غادر برفقة شقيقته.
عاد إلى المنزل ودلف إلى غرفته التي طغى عليها جو من الكآبة بسبب غياب صاحبتها … وقعت عيناه عندما كان يعلق سترته على بدلته السوداء التي لم يرتديها سوى مرة واحدة وذلك بسبب ما فعلته به كاميليا في ذلك اليوم الذي ارتداها به … أمسك سترة البدلة وابتسم وهو يتذكر ما حدث في ذلك الوقت.
أنهى فارس تصوير المشهد برفقة نيفين التي تحاول الالتصاق به كالعلكة وهو يبعدها عنه ولكنه ابتسم لها وبدأ يتحدث ويضحك معها عندما لمح كاميليا تنظر لهما من شرفة غرفتهما في الفندق … استغل فارس محاولات نيفين في التقرب منه حتى يغيظ زوجته ويجعلها تغلي من الغيرة وقد كان له ما أراد فكاميليا أصبحت تغضب بشدة بمجرد رؤيتها لنيفين ولهذا السبب قرر أن يتمادى ويدعو نيفين وباقي أفراد العمل إلى منزله بشكل متكرر حتى بعدما انتهوا من إعداد الفيلم وهذا الأمر جعل كاميليا تتوعد له وتفكر بشكل جدي في الثأر لكرامتها التي أهدرها بتصرفاته واستغلت الفرصة عندما أتى اليوم الذي سيجري به مقابلة تليفزيونية وياللعجب فقد كانت أمنية هي نفسها المذيعة التي ستستضيفه.
انتظرته حتى دلف إلى الحمام وقامت بوضع البودرة التي تسبب الحكة في سترة بدلته … خرج فارس من الحمام وتفاجأ برؤيتها فهتفت بتلعثم قبل أن يسألها عن سبب تواجدها:
-“كنت أتأكد بأن كل الأشياء التي ستحتاجها من أجل المقابلة جاهزة”.
رمقها فارس باستنكار فمنذ متى وهي تهتم بأموره؟! مط شفتيه بعدم اكتراث ولم يهتم ثم ارتدى جميع ملابسه عدا تلك السترة التي وضعت بها كاميليا البودرة ثم استقل سيارته وذهب إلى الاستوديو.
ارتدى فارس السترة ثم جلس أمام أمنية التي لم تتحدث إلا عندما سمعت المخرج يقول:
-“ثلاثة ، اثنان ، واحد ، أكشن”.
نظرت أمنية إلى الكاميرا التي تدور حولها وأردفت وهي تشعر بثقة كبيرة في النفس اكتسبتها من خلال عملها لثلاث سنوات في مجال التليفزيون:
-“معنا اليوم ضيف مميز للغاية وهو النجم المحبوب فارس نصار مرحبا بك”.
ابتسم فارس عندما سمع صوت تصفيق الجمهور وبدأت أمنية تسأله بضعة أسئلة بخصوص فيلمه الجديد وهو يجيب عليها بثبات وثقة.
شعر فجأة برغبة قوية في حك جسمه كأن جلده يأكله ولاحظت أمنية احتقان وجهه فسألته بقلق أثناء فترة الفاصل:
-“هل أنت بخير فارس؟”
أومأ برأسه وهو يجاهد تلك الرغبة التي تلح عليه بأن يحك عنقه فهذه ستكون فضيحة له أمام الجمهور وأيضا المشاهدين الذين يتابعون البرنامج عبر شاشات التلفاز … ظل يتمالك نفسه حتى انتهت المقابلة ثم ركض مسرعا نحو سيارته ومنها إلى البيت وهو يحك رقبته تارة ويتوعد لكاميليا تارة أخرى.
وصل إلى المنزل وهو يصيح بغضب:
-“أين أنتِ كاميليا … سأقتلك أيتها الماكرة”.
سمعت كاميليا صوته فركضت بسرعة نحو غرفتها وأغلقت الباب خلفها وهي تبتسم بتشفي فقد نالت منه ولقنته درسا لن ينساه أبدا.
شعرت بنبضات قلبها تتسارع من شدة الخوف عندما سمعت صوت فارس الذي اقترب من باب غرفتها وهو يصرخ بلهجة آمرة:
-“افتحي الباب كاميليا”.
ابتعدت عن الباب وهي تضع يدها على قلبها الذي يدق بعنف ثم هتفت بثبات مزيف:
-“لن أفتح … اذهب واستحم بدلا من الوقوف أمام غرفتي وحك جلدك كالأجرب”.
لم يستطع فارس أن يسيطر على آلامه لفترة أطول فتوجه نحو غرفته وأخرج من الخزانة ملابس بيتية مريحة ثم توجه نحو الحمام.
ضحك فارس على تلك الذكرى وقال:
-“مجنونة من يوم يومك كاميليا ولكنني ورغم كل ما حدث أعشق هذا الجنون”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نظرت “حسناء” إلى جابر الذي ينام بجوارها ويغط في سبات عميق بسبب المخدر الذي دسته له في كوب الشاي وابتسمت بمكر قبل أن تنهض من الفراش وتخرج من الغرفة.
ظلت تسير في جميع أركان القصر وتأكدت بأنه لا يوجد أحد مستيقظ من الخدم فتنهدت بارتياح وتوجهت نحو الغرفة المحتجز بها مهجة.
أخرجت المفتاح الذي انتشلته من جلباب جابر ثم فتحت الباب لتقع عيناها على مهجة التي تفترش الأرضية وتنام بعمق.
اقتربت حسناء من مهجة وهزتها برفق فاستيقظت الأخرى ونظرات الحيرة تطغى على ملامحها.
جلست حسناء قبالتها وهمست بصوت منخفض:
-“لا تقلقي … أتيت إليكِ الآن حتى أحقق لكِ الحلم الذي تمنيتيه لفترة طويلة … أنتِ تريدين أن تهربي من هنا أليس كذلك؟”
هزت مهجة رأسها إيجابا وهتفت ببلاهة:
-“أجل ولكن أنا لا أفهم … ماذا تريدين بالضبط؟ هل ستخرجينني من هنا؟”
ابتسمت حسناء عندما رأت حيرتها وقالت:
-“أجل مهجة … سأساعدك حتى تهربي الليلة من هنا وإلى الأبد”.
سحبتها حسناء برفق من ملابسها وجرتها خارج الغرفة ثم أحضرت لها عباءة نظيفة ونقاب حتى تغطي به وجهها كي لا يتعرف عليها أحد عندما يراها.
-“اذهبي الآن إلى تلك الغرفة وبدلي ملابسك بسرعة”.
قالتها حسناء وهي تدفع مهجة تجاه الغرفة التي أشارت عليها لتتحرك مهجة وتذهب إلى تلك الغرفة حتى تفعل ما طلبته منها حسناء.
خرجت “مهجة” من الغرفة بعدما ارتدت العباءة والنقاب … أشارت لها حسناء بأن تتبعها فتبعتها بخطوات مهزوزة فهي لا تصدق بأنها على بعد مترات معدودة من انتهاء كابوسها.
قرصت ذراعها لكي تتأكد بأنها لا تحلم وأن كل ما تعيشه الآن يحدث في الواقع ثم سألت حسناء بفضول:
-“لماذا تفعلين ذلك؟ بماذا سيفيدك هروبي؟!”
لمعت عينا حسناء بجشع وتطلعت حولها إلى كل ركن وشبر في القصر وقالت:
-“لأنه عندما ترحلين سيصبح كل ذلك ملك وحتى أموال جابر ستصبح تحت قبضتي”.
ظلت مهجة مكانها تحدق بحسناء بصلابة ، لتجلس حسناء على الأريكة الفخمة التي تتوسط الصالة مستكملًا بهدوء و عيناها تنظران إلى مهجة بثبات:
-“ربما تقولين عنِّي جشعة ولكن هذا لن يؤثر بي أبدا فأنا يستحيل أن أتنازل عن تلك الثروة الطائلة بعدما عشت طوال حياتي وترعرعت في أسرة فقيرة ومعدمة ولم نكن نملك قوت يومنا”.
دققت حسناء النظر إلى الأريكة وأخذت تملس على قماشها الحريري الذي يمتاز بجودة عالية ويكلف الكثير من الأموال … ابتسمت مهجة بتشفي دون أن تلحظ حسناء فكما يقال الطيور على أشكالها تقع وها قد وقع جابر أخيرا في شر أعماله فزوجته الجديدة تنوي الاستيلاء على ثروته كما يريد هو أن يستحوذ على أموال كاميليا وسلمى. 
سارت مهجة بتلك الردهة المؤدية إلى الحديقة ومنها إلى خارج القصر وهي تخطو بخطوات سريعة مطلقة وعلى شفتيها ابتسامة سعيدة … توقفت عن الحركة ، وتمكن القلق من خلاياها بعدما تذكرت بأنه لا يوجد لديها مكان تذهب إليه فوالدها قد خسر جميع أمواله وتراكمت عليه الديون فاضطر في النهاية المطاف إلى أن يبيع منزله ثم سافر إلى القاهرة برفقة زوجته … فكرت قليلا ثم قررت أن تذهب إلى شقيقتها فهي الوحيدة التي يمكنها أن تحميها من جابر وتمنعه من الاقتراب منها.
خرجت “مهجة” من البوابة ووقفت أمام المنزل ورمقته بغضب ونيران الحقد تأكل روحها وكيانها ، فهي تتذكر صرخاتها واستغاثتها عندما كان يضربها جابر … كفكفت دموعها ووضعت النقاب على وجهها ثم غادرت على الفور قبل أن يراها أحد الغفر.
وصلت إلى محطة القطار وحجزت تذكرة وجلست في الاستراحة لمدة نصف ساعة تنتظر قدوم القطار حتى حضر فجلست بداخله لينطلق بها إلى بر الأمان.
يتبع..
لقراءة الفصل السابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى