روايات

رواية الشيطان شاهين الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين البارت الخامس والعشرون

رواية الشيطان شاهين الجزء الخامس والعشرون

الشيطان شاهين
الشيطان شاهين

رواية الشيطان شاهين الحلقة الخامسة والعشرون

الساعة العاشرة ليلا…..
إستيقظت كاميليا على ملمس يدين ناعمتين تداعبان شعرها بحنان إبتسمت قبل أن تفتح عينيها و هي تتخيل والدتها و هي تلاعب شعرها عندما كانت صغيرة لكنها سرعان ما نشلها من حلمها الجميل صوت أكثر شخص تمقته في حياتها…
:”إنت كويسة يا حبيبتي…”.
سألها شاهين بنبرة حنونة لأول مرة تظهر في صوته…
إتسعت عيناها برعب و هي تتململ في الفراش محاولة الإبتعاد عنه رغم ثقل جسدها و الصداع الرهيب الذي ألم برأسها بسبب حركتها المفاجئة…
إبتسم لها شاهين عندما لاحظ ذعرها ليبتعد عن الفراش و هو يقول بصوت هادئ متحنبا إخافتها :
“حاولي متتحركيش كثير عشان إنت لسه تعبانة”.
إبتلعت ريقها و هي تنظر إليه بحيرة.. عقلها مازال مصدوما لا يستوعب ما يحصل أمامها… هل هو نفسه شاهين زوجها؟ مالذي حصل معه حتى يبتسم لها كم بدا مختلفا و…. وسيما لو لم يكن هو نفسه شاهين الألفي لقالت انه أوسم رجل رأته في حياتها..
لكن لماذا يتحدث معها بلطف و هدوء…يبدو أنها المرحلة الثانية من خطته لإصابتها بالجنون..
عقدت حاجبيها بذعر و هي تتخيل حدوث هذه الفكرة لتتمسك بحافة الغطاء و كأنه سيحميها
من هذا الوحش الذي يجلس بجانبها متربصا بها.
إنتقلت ببصرها إلى الباب الذي كان يطرق بخفوت
دقات متتالية قبل أن يفتح و تطل من ورائه زينب حاملة صينية طعام….
إتجه نحوها شاهين ليأَخذها منها ثم يشير لها بالانصراف.. جلس بجانبها على الجهة الأخرى
واضعا الصينية فوق ساقيه…
نظر إلى الأطباق برهة قبل أن يغمس الملعقة
في صحن الشوربة و يرفعها إلى فمها….
حدقت به ببلاهة و هي تبعد رأسها في آن واحد
غير مستوعبة بما يحصل لتسمعه يخبرها
:”لازم تاكلي عشان تاخذي الدواء… الدكتورة قالت إن جسمك ضعيف و عندك بداية أنيميا فلازم تتغذي
كويس عشان تتحسني….يلا إفتحي بقك..”.
قالها و هو يقرب منها المعلقة لتتناولها كاميليا بصمت
أنهت طعامها بصعوبة مع محايلات شاهين المستمرة ليجعلها تاكل اكبر كمية ممكنة من الاكل ثم ناولها بعضا من أقراص الدواء و كوبا من العصير الطازج لتناولهم أيضا بدون مناقشة او كلام…
خرج شاهين من الحمام بعد أن غسل يديه جيدا ثم تمدد إلى جانبها من جديد و هو يتأمل وجهها الفاتن رغم ذبولها…
:”حاسة بإيه؟؟ في حاجة بتوجعك؟؟”.
ردد شاهين سؤاله العجيب على مسامعها لتضحك كاميليا في داخلها باستهزاء على تمثيله الرائع حسب
ظنها، أخذت نفسا عميقا و هي تشجع نفسها على مسايرته حتى ينكشف قناعه و يعود من جديد إلى مظهره الحقيقي…
:”كويسة”..
أجابته بصوتها الناعم بنبرة خافتة لا تكاد
تسمع ليبتسم لها قبل أن يقول
:”فادي طول النهار مبطلش سؤال عليكي و منامش غير لما شافك…النهاردة نام بدري عشان لعب كثير مع عمر و مراته….”.
أومأت له برأسها بتردد و هي لا تدري ما ينبغي عليها فعله…دقات قلبها تتسارع بشكل مخيف و هي تتخيل يده التي كان يحركها بشكل عفوي أثناء كلامه تصفعها في أي لحظة….
تأوهت بخفوت عندما حاولت الاعتدال في مكانها
لتتفاجئ بيديه التي تسللت وراء ظهرها ليساعدها على الجلوس و يضع ورائها وسادة أخرى قائلا
:”لو عاوزة حاجة ثانية قوليلي بس متتحركيش
لوحدك إنت لسه تعبانة..”
فركت يديها بتوتر قبل أن تتحدث بصوت متقطع :”
ممكن تنادي زينب عشان… تساعدني….آخذ شاور”.
ربت شاهين على يديها بحنان ممررا أصابعه على
على بشرتها الناعمة ليشعر بتذبذبها و إرتعاشها
تحت لمساته قائلا :
” ثواني و الحمام يكون يكون جاهز… “.
اومأت كاميليا له بالايجاب و هي تضم كفيها
إلى بعضهما مطئطئة رأسها بصمت… لم تنظر إليه
حتى عندما وقف من أمامها لكنها إستشعرت
إبتسامته المرتسمة على شفتيه قبل أن يستدير
إلى الحمام وراءه…
عقدت حاحبيها عندما سمعت صوت المياه المصطدمة برخام البانيو لتتساءل كامليا في نفسها
بحيرة :”يا نهار إسود داه دخل عشان يحضر الحمام
بنفسه…. اكيد مخطط لحاجة جديدة الطاهر الزفتة
فتحية كان معاها حق عاوز يجنني بالبطيئ قبل
ما يرميني في مستشفى المجانين…. لالا انا لازم أتصرف…لازم ألاقي طريقة أهرب بيها و إلا حيكون
مصيري زي مها دي… ياترى هي فين و عاملة إيه؟؟
طردت أفكارها جانبا عندما لمحته يخرج من باب
الحمام متجها نحوها… رفعت عينيها نحوه ليتجده
ينحني نحوها و يحملها بخفة بين ذراعيه و كأنها
لاتزن شيئا
تعلقت بعنقه بخوف متسائلة :”إنت بتعمل إيه؟؟ نزلني…
ضحك بمرح و هو يدخل بها إلى الحمام من جديد و يضعها بلطف على حافة البانيو قائلا بمشاكسة
:” بساعد أميرتي الصغيرة عشان تاخذ شاور قبل النوم.. يلا حساعد عشان تقلعي هدومك…..
قاطعته بذعر قائلة :”لالا خلاص انا ممكن أكمل لوحدي…”
همهم شاهين بنفي :” تؤتؤ حساعدك… مفيش إعتراض يلا…
إنحنى ليفتح أزرار قميصها البيتي غير مبال باعتراضاتها….لتعض كاميليا شفتيها تمنع دموعها من النزول…
شعر بها شاهين ليضمها إليه يخفي جسدها عن عينيه
متمتما في أذنها بخبث:”مكسوفة ليه…انا شفت كل حاجة قبل كده على فكرة…”.
أدمعت عينيها من الاحراج و هي تضم قميصها المفتوح تخفي به جسدها عنه، تجاوزها ليفتح الخزانة ليعبث بعلب الشامبو و سوائل الاستحمام
الكثيرة ليختار من بينها ما يروقه…
أمسك بثلاثة علب ليسكب إحداها في حوض الاستحمام و يفتح صنبور المياه من جديد
حتى تتشكل رغوة كثيفة على سطح المياه….
نظر شاهين قليلا نحوها قبل أن يغلق عينيه قليلا و هو يقول :”دلوقتي حغمض عينيا و لما أفتح ألاقيكي دخلتي جوا البانيو…حعد من واحد لخمسة يلا….
واحد…. إثنين……
أسرعت كاميليا لتخلع باقي ثيابها ثم تقفز داخل حوض الاستحمام تخبئ جسدها تحت الرغوة البيضاء… فتح شاهين عينيه ثم أمسك بعلبة شانبو
يقرأ تعليماتها بصوت عال :”لشعر حريري و إنسيابي….أكمل حديثه و كأنه يفكر بصوت عال متهيألي مش محتاجاها عشان إنت شعرك حلو لوحده بس ريحتها حلوة خلينا نجربها…..
سكب بعضا منها على شعرها ثم غرف بعض المياه النظيفة ليبلل بها شعرها و يدلكه بنعومة و حذر…
إستمر في مساعدتها دون كلل او ملل و كأنها طفلة صغيرة حتى إنتهت ليسارع في الاخير بلف جسدها بمنشفة كبيرة و يحملها نحو غرفة الملابس….لتجفف شعرها و ترتدي ملابسها..
بعد عدة دقائق طويلة كانت تتمدد بنعاس تحت الغطاء السميك تراقب شاهين و هو يمشط شعره
و يرش بعضا من عطره ذو الرائحة النفاذة قبل
إن يتوجه إلى السرير و يتمدد بجانبها…
لم تعترض حتى عندما جذبها إلى أحضانه الدافئة
لتتوسد صدره العريض..
إمتدت يديه نحو الغطاء ليجدبه بحرص و يغطيها
بعناية… قرب فمه من رأسها ليقبل جبينها عدة مرات
قبل طويلة قبل أن يهمس :”الحمد لله حرارتك
بقت عادية نامي دلوقتي عشان بكرة حنسافر
المزرعة…عمر مصمم نروح هناك عشان يغير جو
هو و مراته….
رجعت كاميليا بذاكرتها عدة أسابيع إلى الخلف و تحديدا تلك الأيام المريعة التي قضتها في ذلك
المكان الكريه….و تلك الحيوانات المخيفة تأففت في داخلها و هي تتخيل ما سيحدث لها من عذاب هذه المرة. لكن أمام صديقتها … لم تشعر بأجفانها التي
إنغلقت تدريجيا لتنسحب رويدا رويدا و تغط في سبات عميق بسبب تأثير الدواء.
في غرفة عمر…..
رمت هبة هاتفها جانبا بعد أن شاهدت عمر و هو
يدلف الغرفة و على وجهه علامات التعب…
إبتسمت على مظهره المتذمر ليرتمي بجانبها قائلا
:”إضحكي…. إضحكي انا حيلي إتهد و انا بلاعب فادي بيه طول النهار عشان أنسيه صاحبتك… و هو
مش راضي…اموت و أعرف هي كانت بتتعامل معاه
إزاي”.
هبة بضحك :”فعلا هو متعلق بيها جدا من أول يوم جات فيه الفيلا و تقريبا هو السبب ان صاحبك
إتجوزها…”.
إلتفت عمر نحوها و هو يرفع حاجبيه بشقاوة قائلا
:” بكره حنسافر المزرعة و حوريكي سيزار و دايمون.
قطبت هبة جبينها باستغراب متسائلة:”مين سيزار و دايمون دول؟؟
عمر بضحك :” دول اللايجر يا حبيبتي…حلوين اوي
حتتعودي عليهم و حتحبيهم جدا….
هبة بسخرية :”نعم…هبلة انا عشان العب مع اسود… ”
عمر بضحك :” أحلى هبلة في حياتي و الله…”.
جذبها نحوه ليمددها على السرير و يضع رأسه في حضنها مغمغما بنعاس مصطنع :” نيميني في حضنك يا بيبة…
هبة وهي تفك ذراعه من حولها :” هو إنت طفل صغير عشان أنيمك في حضني… إوعي بلاش دلع ….
عمر بصوت طفولي :” لا هنا حلو…
إنفجرت هبة بالضحك و هي تتطلع بتعابير وجهه الطفوليه و عينيه التي كانتا ترمقانها باستعطاف
ليلين قلبها عليه و تقبل جبينه بحنان جعل عمر يبتسم بفرح و يمرغ وجهه داخل أحضانها مستنشقا
رائحتها بشغف..
______________________________________
صعدت ليليان الدرج المؤدي إلى غرفتها بخطوات بطيئة مترددة…. فتحت باب الغرفة لتجد أيهم ممددا
على السرير يتصفح هاتفه باهتمام…
قلبت عينيها بسخرية قبل أن تغلق باب الغرفة بهدوء
و تتجه نحو التسريحة لتنزع حجابها و ترتب شعرها
هز أيهم رأسه نحوها يتابع تحركاتها باهتمام…
إستنشق رائحة عطرها الهادئة التي وصلت إلى أنفه
بتلذذ قبل أن يقاطع تأمله صوت رسالة على هاتفه…
:”حبيت أطمن عليك عشان النهاردة لاحظت إن حضرتك تعبان شوية”. هند
إبتسم بخبث و هو يرسم عدة مخططات في
رأسه متناسيا وجود زوجته بجانبه و التي كانت تراقب جيدا ما يفعله.
تمددت ليليان على السرير ثم جذبت الغطاء عليها
باحكام و تغمض عينيها محاولة النوم و تجنب التفكير في واقعها….
لكن هيهات فما تعانيه في حياتها اكبر من تنساه بسهولة نظرات زميلاتها الطبيبات و كذلك الممرضات اليوم اللواتي كن يرمقنها بشفقة لا تبارح خيالها و لو للحظة…و تلك المسماة هند التي كانت تبتسم لها بلؤم عندما مرت بجانبها في الرواق.. هناك شيئ يعلمه الجميع عداها….
ظلت أفكارها تجرفها يمينا و يسارا حتى غرقت في نوم عميق…
صباح اليوم الموالي….
إنطلقت سيارات الألفي خارج بوابة الفيلا متجهة نحو المزرعة… سيارة يقودها عمر و بجانبه هبة و سيارة يقودها السائق و في الخلف تجلس ثريا و فتحية و معهما فادي الذي كان يراقب بحماس الطريق من بلور السيارة اما السيارة الأخرى فيقودها سائق و في الخلف يجلس شاهين و بجانبه كاميليا و خلفهم سيارات الحراسة الخاصة.
رفع شاهين الوشاح الصوفي الذي كانت تلفه زوجته على كتفيها و ظهرها قائلا :”بردانة…”
نفت كاميليا برأسها و هي تجيبه :”لا…العربية دافية”
أومأ لها و هو يتحسس جبينها للمرة العاشرة هذا اليوم فهو منذ أن إستيقظت صباحا و هو يعاملها
كطفلة إختار لها ملابسها و ساعدها في نزول الدرج
و تناول فطورها متجاهلا إعتراضها و سخرية عمر منه و نظرات هبة ووالدته المتعجبة…..
جذبها نحوه لتتكئ برأسها على كتفه براحة و هو يمسد شعرها بأصابعه ليشعرها بالأمان و الانتماء له هو وحده.
في مستشفى البحيري…..
داخل غرفة أحد المرضى تقف ليليان بجانب السرير و هي تضع يديها في جيبي معطفها الطبي الأبيض
و تبتسم بسعادة لذلك الصغير الذي نجى من الموت بأعجوبة بعد تعرضه لحادث مروري رفقة والده و الذي لحسن حظه نجى هو الاخر و يقبع في غرفة أخرى غير بعيدة عن غرفة إبنه…
ليليان بمرح :”إيه أخبار البطل النهاردة.. ؟؟
الطفل ببراءة :” انا كويث بث عاوض اثوف بابا هو
كمان ضربه الراجل الثرير….
كتمت ليليان ضحكتها على ظرافة هذا الصغير
الذي كان يتكلم بلهجة جادة و كأنه رجل كبير
لتجيبه هي الأخرى بجدية مماثلة لكنها مصطنعة
:”متخافش بابا كويس بس هو نايم دلوقتي
نص ساعة كمان و حتيجي ماما عشان تشوفك”.
أومأ الطفل بطاعة لتربت ليليان بحنان على رأسه قبل أن تلتفت إلى الخلف بسبب صوت الباب الذي
فتح لتدخل الممرضة و التي أعطيتها ليليان تعليماتها
بشأن الأدوية التي يجب أن تعطيها للصغير قبل أن تغادر…..
في مكان آخر كانت شيماء تراقب من بعيد تلك
الشمطاء هند كما أسمتها و التي إتجهت منذ قليل إلى الاسانسير و هي ترفع رأسها بتكبر….
لوت شيماء ثغرها بحنق و هي تتمتم داخلها بتصميم:” الحية دي اكيد رايحة فوق للدكتور أيهم….
حقول لمريم يمكن تنفعني بفكرة”.
أخرجت هاتفها لترسل رسالة لمريم لتخبرها بما رأته
منتظرة ردها قبل أن تتحرك و تكمل عملها….
وصلت هند إلى مكتب أيهم الذي إستقبلها
بابتسامته الرائعة التي تزين وجهه الوسيم
هند بصوت ناعم :” صباح الخير يا دكتور أيهم إزاي
حضرتك؟.
أيهم بابتسامة :”تمام يا دكتورة هند إتفضلي “.
تصنعت عند العبوس قبل أن تجلس بأناقة على الكرسي المقابل و هي تقول بنبرة معاتبة أجادت تصنعها
:” انا بكره الرسميات جدا على فكرة و خاصة مع الناس القريبين مني…ممكن تناديني هند لما نكون لوحدنا طبعا”.
ختمت كلامها بغمزة ليضحك أيهم بقوة قبل أن يجيبها :” تمام يا هند…اصلا ماعادش تنفع الرسميات
خاصة بعد اللي حصل ما بينا إمبارح….
طأطأت هند رأسها بخجل مصطنع و هي تتذكر قبلتهما يوم أمس في مكتبه… فركت يديها بتوتر قبل أن تتحدث بصوت خافت :”أنا آسفة بس….
قاطعها أيهم بصرامة :”و تتأسفي ليه؟ بالعكس إنت عبرتي على حاجة جواكي “.
هزت رأسها نحوه تتطالعه بنظرات خبيثة تخفيها تحت قناع البراءة :” يعني مش زعلان مني….
أيهم بنفي و هو يقدم لها أحد الملفات :”دي تفاصيل المؤتمر بتاع ألمانيا.. الاسبوع اللي جاي إيه رأيك تروحي معايا بدل الدكتور أنور….
أخذت هند من يده الملف لتتصفح الأوراق باهتمام واضح قبل أن تهتف :”بجد دا انا أكون محظوظة جدا عشان أحضر المؤتمر الطبي داه….
رفعت رأسها نحوه ترمقه بابتسامة قبل أن تسترسل
في كلامها :” بجد حتاخذني معاك يا دكتور أيهم “.
أيهم بإيجاب :” طبعا إنت دكتورة شاطرة جدا و تستاهلي فرصة زي دي…. “.
إرتسمت إبتسامة الانتصار على شفتي هند قبل أن تعود من جديد لتتصفح الأوراق باهتمام.
بعد نصف ساعة كانت هند تتجه نحو مكتبها أخرجت هاتفها من جيبها لتتصل بأيعد الذي أجاوبها فورا بصوت بدا عليه الضيق :
“أيوا يا دكتورة هند “.
هند:” متهيألي سمعت كل حاجة بنفسك يا دكتور”.
أسعد بصوت متألم :”أيوا سمعت و تأكدت كمان قبل
ما أسمع حوارك معاك…. المستشفى كلها بتتكلم عليكم”.
قهقهت هند بصخب قبل أن تجيبه بصوت واثق
:” الناس كلها سمعت إلا مراته الهبلة لسه نايمة هاي وذانها..
قاطعها أسعد بجدة و هو يلكم سطح مكتبه بقوة هاتفا بحنق :”إحترمي نفسك و إياكي تجيبي سيرتها على لسانك القذر داه… انا عارف كويس إنت غايتك إيه بس ميهمنيش.. انا كل اللي يهمني ليليان…. ليليان و بس “.
أغلق هاتفه في وجهها و هو يشتمها بغضب :” عمري ماشفت في حقارتهم هما الاثنين بس إيه لايقين على بعض جدا… انا لازم اتصرف مش حسيب ليليان تحت رحمة الواطي جوزها…
______________________________________
دخلت السيارات إلى بوابة المزرعة الكبيرة لتشهق هبة بإعجاب و هي تخرج رأسها من نافذة السيارة لتتأمل المساحات الخضراء الشاسعة التي كانت
تمتد لأميال بعيدة ليضحك عليها عمر و هو يجذبها
إلى الداخل قائلا :” بتعملي إيه يا مجنونة أقعدي مكانك…..
هبة بحماس :” المكان تحفة يا عمر مش قادرة أستنى
عشان اشوفه كله….
توقفت السيارات أمام الفيلا لتفتح هبة باب السيارة بسرعة و تسير باتجاه عمر الذي مازال يضحك على
جنونها أمسكت يده لتحثه على السير نحو الحدائق الخضراء التي سلبت أنفاسها بجمالها الطبيعي
الخلاب ليوقفها عمر هامسا في اذنها :”يا مجنونة مش دلوقتي إستني شوية ندخل جوا نرتاح شوية
و بعدين حنطلع كلنا مع بعض”.
عبست بحنق و هي تلتفت لترى بقية العائلة يخرجون من السيارات إستعداد لدخول الفيلا…. أومأت له بموافقة ليحيط عمر كتفيها بذراعه و يتجها إلى الداخل….
نزل شاهين من السيارة ثم مد يده لمساعدة كاميليا على النزول… سارا إلى السيارة الأخرى ليفتح الباب و يحمل فادي و ينزله على الأرض ثم حمل والدته ووضعها على الكرسي المتحرك الذي أخرجته
فتحية من صندوق السيارة الخلفي….
دفع الكرسي ببطئ أمامه ثم إلتفت إلى فتحية قائلا
:”خذي فادي لأوضته عشان يغير هدومه….”
أومأت له بطاعة ثم أمسكت فادي من يده لتدخل به الفيلا….لحقتها كاميليا بسرعة إلى الداخل لتدفعها
بعيدا عن الصغير و هي تهمس لها بغضب :”مش
قلتلك قبل كده مش عاوزة أشوفك قدامي و لو صدفة… سيبي الولد و إياكي تقربي منه ثاني “.
فتحية بصوت منخفض :” بس البيه هو اللي أمرني و انا مقدرش أقله لا…”.
إستدارت كاميليا لتجد البقية يدخلون الفيلا… شاهين
يدفع كرسي والدته بحذر أمامه و ورائهما عمر و هبة يتحدثان بهمس و يضحكان….
شاهين بتساؤل :” في إيه؟؟
كاميليا بتلعثم :”و لا حاجة…. انا كنت بقول لفتحية
إن أنا حهتم بفادي…”.
شاهين بهدوء:”بس إنت تعبانة… سيبيها حتاخذه فوق تغيرله هدومه و حتنزله… “.
حدقت كاميليا بفتحية عدة ثوان قبل أن تختطف يد
فادي منها بحركة سريعة قائلة بنفي :” لا مفيش داعي… انا حبقى أعمله كل حاجة “.
لم تنتظر حتى تسمع جوابه لتجر الصغير ورائها
تاركة شاهين يبتسم بخبث قبل أن يشير للاخرى
بالانصراف.
أمضت هبة كامل اليوم و هي تتجول في المزرعة
فاستمتعت بمشاهدة الحيوانات و ركبت بلاك، حصان عمر و لعبت مع اللايجرز هي و فادي عكس كاميليا التي رفضت الاقتراب منهم و إكتفت بالجلوس مع ثريا لمشاهدتهم من بعيد…
و في المساء حضر لهم الخدم وليمة كبيرة في الحديقة.
بعد بعض الوقت إستأذنتهم ثريا للذهاب إلى النوم
فهي متعودة دائما على الخلود إلى النوم في وقت مبكر كذلك فادي الذي داهمه النعاس بين أحضان
كاميليا و التي أصرت على أخذه بنفسها إلى غرفته
و الاهتمام به و قد لاحظ الجميع ذلك فهي طوال اليوم كانت تعامل فتحية معاملة غريبة و لاتسمح
لها بالاقتراب منها او من الصغير..
دلفت هبة غرفة نوم فادي لتجد كاميليا تدثره بالغذاء، جلست على حافة الفراش تنتظرها حتى تنهي ما تفعله.
نظرت لها كاميليا بتعجب متسائلة:”مالك يا هبة
عاوزة حاجة؟؟
هبة بإيجاب:” أيوا عاوزة أتكلم معاكي شوية
في كلام كثير اوي لازم نحكيه لبعض إنت إحكيلي
على حياتك الجديدة بعد الجواز و انا ححكيلك
عني انا و عمر….. ”
قاطعتها كاميليا فجأة بصوت خافت :” هبة إنت معاكي موبايل صح ”
قلبت هبة عينيها بعدم إعجاب لأسلوب صديقتها
ظنا منها ان تحاول مماطلتها لتجيبها بملل :” أيوا ”
أخرجت الهاتف من جيبها لتختطفه كاميليا من يدها ثم تتجة بسرعة إلى الباب تغلقه باحكام و تضغط أزرار الهاتف بارتعاش….. بعد ثواني سمعت صوت
نور و هي تقول :” أهلا ياهبة إزيك…
قبضت كاميليا على الهاتف بيديها الاثنتين و هي تضغط بعنف على شفتها السفلى محاولة عدم البكاء عند سماع صوت أختها بعد ثلاثة أسابيع طويلة
كاميليا بصوت متحشرج:” انا كاميليا يا نور….. إزيكيا حبيبتي واحشاني….
قفزت نور من مكانها لتصرخ بصوت متحمس :” كامي
إزيك إنت يا قلبي واحشاني عاملة إيه و ليه تلفونك مقفول طول الوقت…..
مسحت كاميليا دموعها التي إنهمرت بصمت ثم تحدثت بصعوبة :”انا كويسة يا نور متقلقيش…. انا كنت برا مصر ووصلنا النهاردة….و خذت تلفون هبة عشان أكلمكم…. ماما فين عاوزة اكلمها “.
نور بفرحة:”ماما في المطبخ إستني شوية حخليها تكلمك….
كاميليا باندفاع :” لا يانور خلاص يا حبيبتي انا حبقى أكلمكم وقت ثاني….سلميلي عليها و قوليلها
إن انا كويسة و بابا و كريم كمان “.
نور :”حاضر حقلها بس إنت حتيجي إمتى عندنا؟؟
كاميليا بحزن حاولت أن تخفيه:” مش عارفة بس قريب إن شاء الله يلا مع السلامة يا نور حكلمك بكرة… “.
أنهت المكالمة بسرعة دون أن تسمع جواب نور
مخافة ان يسمعها أحد الخدم و ينقل الاخبار لزوجها.
تنفست الصعداء و هي تبتسم لهبة رغم الدموع التي
كانت تلمع في مقلتيها…لتسارع الأخرى باحتضانها
رغم عدم فهمها لما يحصل معها.
بعد أن هدأت كاميليا إبتعدت عنها لتجلس على حافة
الفراش بجانبها.
هبة بعدم فهم :”أنا مش فاهمة حاجة إنت ليه كدبتي
على نور و قلتيلها إنك كنتي برا مصر…
كاميليا بصدق :” عشان شاهين أخذ تلفوني مقدرتش
أكلمهم من يوم ما تجوزت…
شهقت هبة غير مصدقة لما اتفوه به صديقتها متسائلة :”بس ليه؟؟
كاميليا بنبرة مستسلمة:” منعني إني أكلم عيلتي او أي حد أعرفه…”.
هبة باستدراك :”و انا إلى كنت فاكراكي بتقضي شهر العسل عشان كده قافلة موبايلك “.
تنهدت كاميليا بحزن قبل أن تردف بصوت مختنق :” انا مقدرش أحكيلك كل إلي حصل معايا بالتفصيل بس اللي أقدر أقولهولك إني شفت كل أنواع العذاب و الذل معاه…كل اللي حكيتلك عنه زمان ميجيش نقطة في بحر اللي عشته في الأيام اللي فاتت… حاسة إني كابوس فظيع و مش قادرة أصحى منه
بس إللي مهون عليا إني قدرت أنقذ عيلتي من الفقر
و أمنت مستقبل نور و كريم عشان ميتعذبوش زيي…
أجهشت كاميليا بالبكاء و هي تتذكر كل العذاب الذي تعرضت له لتضمها نور إلى صدرها محاولة تهدئتها…
.
:”مش عارفة أقلك إيه يا كامي أنا و الله مكنتش أعرف إن كل داه حصل معاكي…. بس… بس انا شايفاه بيتعامل معاكي كويس داه بيهتم بيكي أكثر من إبنه حتى…
إبتعدت عنها كاميليا و هي تمسح عينيها الباكيتين قائلة” متغركيش المظاهر اللي إنت شفتيه غير الحقيقة….إحنا تأخرنا و لازم ننزل بس أرجوكي
متحيبيش سيرة لماما او نور مش عاوزاهم يقلقوا
عليا…”.
أومأت لها هبة بالموافقة رغم حزنها الشديد على
صديقتها الوحيدة التي كانت تعاني لوحدها طوال
المدة الماضية….
في الأسفل……
دخل شاهين و عمر إلى داخل الفيلا بسبب البرد الشديد في الخارج…. جلسا في الصالون يتحدثان
في أمور العمل و الشركات لحين مجيئ الفتيات….
نفخ شاهين بملل و هو ينظر إلى درج الفيلا كل دقيقة متجاهلا سخرية عمر منه :” الحب ولع في الذرة…. و الله عشت و شفت شاهين الألفي واقع….
فينك يا أيهم عشان تشوف اللي أنا شايفه”.
رماه شاهين بالوسادة قبل أن يهتف بحنق :” لا خفة… بقلك إيه خليك ساكت أحسن انا اللي فيا مكفيني دلوقتي”.
تفادي عمر الوسادة بحركة سريعة و هو يقهقه باستمتاع… لاحظ إبتسامة شاهين التي إرتسمت فجأة على شفتيه لينظر إلى حيث ينطر هو ليجد كاميليا و هبة تنزلان الدرج….
جلست هبة بجانب عمر و قد إرتسمت على وجهها
علامات الضيق ترمق شاهين بنظرات غاضبة و كأنها سهام نارية تمنع نفسها بصعوبة من الانقضاض عليه و إشباعه ضربا و لكما على إيذائه لصديقتها….
تنحنحت قليلا قبل أن تتحدث :”هو ممكن الليلة تبات

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى