Uncategorized

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني عشر 12 بقلم فرح طارق

 رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني عشر 12 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني عشر 12 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني عشر 12 بقلم فرح طارق

انتفض جاسر بغضب واردف : هو أنا مش قولت محدش يفتحلها؟
شروق : وأنا مكنتش هسيبها يا جاسر، وبعدين بعد ما فتحتلها بقولك كانت بتموت! وجبنالها الدكتور..
جاسر بغضب : تموت، بس أنا قولت إيه؟ قولت محدش يفتح لها ودي مراتي وأنا حر معاها واعمل الي أعمله واظن إن كلكوا عارفين إني مبحبش أي شخص يدخل ف حياتي خصوصًا مع شيري يا ماما.
شروق بدموع : أنت بتزعقلي يا جاسر؟
مسح جاسر وجهه بغضب واردف بنبرة حاول أن يجعلها هادئة : أنا آسف يا ماما، بس انتِ متعرفيش إيه بيني أنا وشيري.
شروق : وعلشان معرفش إيه بينك وبين شيري ف ادخلت، مهما كان إيه بينك وبين مراتك يا جاسر متمدش إيدك عليها وخصوصًا لو كان ملهاش غيرك، مش ممكن تكون هي دلوقت اتسكرت من جواها؟ وده مش ممكن يا جاسر ده اكيد، أكيد شعورها بالكسرة دلوقت، وخاطرها مكسور منك، ومن كل الي حواليها لأنك مديت ايدك عليها وبالطريقة دي كمان وهي ملهاش غيرك بردوا ف النهاية تروحله حتى لو عازت تمشي ملهاش مكان تروحه غير معاك، متخيل شعورها؟ مهما كان إيه بينكم و وصلكوا لكدة ف هو هو نفس الشعور يا جاسر بنفس الإحساس، والكسرة دي بالذات مهما تعمل معاها مش هتقدر تجبر كسورها من تاني يا جاسر، ربنا يهديكوا انتوا الاتنين ويهديك عليها.
أنهت شروق حديثها وصعدت الدرج واتجهت لغرفتها، ودلفت بها وأغلقت الباب بالمفتاح و وقفت ورآه وهي تتذكر ما حدث معها وما مرت بيه على مدار حياتها، تشعُر بالحزن الشديد على شيري، تراها هي بِكُل جِراحها، بعائلتها التي ألقت بها داخل النيران و وقفت تُراقبها وهي تحترق، بذاك الشخص الذي جاء وأمسك بيدها وأخرجها من تلك النيران ولكنه دفع بها داخل نيرانه هو، ف جاسر الآن يُعيد ما فعله ماجد من قبل، ليس بنفس الطريقة ولكن نهايتها واحدة وما هي سِوى الإنكسار، ولكن الفرق ف الأزمنة..
في الأسفل، نظر جاسر لماجد الواقف يُطالع مكان اختفاء زوجته من أمامه بأعيُن شاردة، واردف : ماما تقصد إيه يا بابا؟
التف ماجد لجاسر واردف : الي فهمته يا جاسر، هتقصد إيه غيره؟ 
جاسر بشك : مش عارف بس حاسسها بتلمح على حاجة!
ماجد : عليها، بتلمح عليها، كان قصدها تقولك متغلطش غلطت أبوك بس جابتها بشكل تاني يا جاسر، فهمت؟
– أنت اضايقت؟
– وهضايق من إيه؟ دي طبيعة أمك يا جاسر، ف لحظة بتحسسني إن كل الي عملته ف سبيل إني انسيها كل حاجة مرت بيها بسببي راح ف سراب.
– مش قصدها كدة يا بابا، هي بس كانت بتنصحني، هي أكيد وقتها حست بحاجات كتير، انكسار وشعورها بالخذلان منك وأنك اتجوزت عليها، وبسبب جدو ومراته، فيه حاجات كتير عاشتها معاك وحاجات أسوأ عاشتها من غيرك وأنت متعرفهاش، ف أكيد مش قصدها أنت، وبعدين هي مقالتش ليك أنت حاجة، ماما قالت جملة واضحة أوي “أني مقساش على شيري وأنا عارف إنها ملهاش غيري”.
– أهي دي الي أكدت إنها تقصدني أنا..
ابتسم ماجد بحزن واردف : كانت بتقولها ليا بالنص كدة  “بتقسى عليا وأنت عارف إني مليش غيرك..”
كاد جاسر أن يتحدث ولكن قاطعه ماجد : اطلع شوف مراتك وملكش دعوة بيا أنا وامك أنا هعرف اتصرف.
– ماشي يا بابا عن أذنك.
صعد جاسر لغرفته هو وشيري، وماجد خلفه متجهًا لغرفته هو وشروق..”
حاول فتح الباب ولكنه وجده مغلق من الداخل ف اردف : افتحي يا شروق.
شروق : معلش يا ماجد، عاوزة أفضل شوية لوحدي.
– وهو من امتى حد فينا لما بيكون حزين بيبقى لوحده؟
أغمضت عينيها واردف ببكاء : معلش يا ماجد.
– لأ يا قلب ماجد افتحي، أو هجيب المفاتيح التانية وهفتح أنا.
أمسك ذراعيها وضمها داخل أحضانه ما إن فتحت لهُ..
شروق ببكاء وهي تشعُر بروحها تتمزق : افتكرت كل حاجة يا ماجد، كل حاجة بقيت زي شريط سينمائي بيتعرض قدام عيني، فاجئة كل حاجة افتكرتها، لما كان بابا بيضربني ويحبسني ف الأوضة ويحرم إن حد يدخلي، حتى ماما هويدا وعمي عتمان، لما مراته كانت تخليني أعمل البيت كله وتقولي أدخل أجيب حاجة من أوضة مُعينة مفهاش نور وعلى طول بتكون ضلمة والاقيها قفلت عليا وسابتني لوحدي وبابا مكنش بيفتح..
ابتعدت عنه واردفت ببكاء : عارفة إنك خدت الكلام عليك بس والله لأ..
ضمها لأحضانه مرة أخرى واردف : شششش، اهدي يا روحي، علشان خاطري بطلي عياط، مبحبش دموعك خالص يا شروق، ولو بإيدي أخد كل الي معذبك ده واحطه جوايا أنا، علشان خاطري يا روح قلب ماجد كفاية عياط..
– جاسر بيأذيها أوي يا ماجد، أنا حاسة بيها. علشان مريت بنفس الي عاشته، قلبي وجعني أوي علشانها، والله يا ماجد حاولت أكون قريبة منها أوقات كتير وهي الي كانت بتبعد.
يشعُر بالحزن الشديد عليها، ف هو يكره أن تبكي اعيُنها، يشعُر وكأن قلبه هو من يبكي وليست عينيها، يضمها إليه أكثر و ورأسها عند موضع قلبه، يريدها أن تشعر بنبضات قلبهُ التي تتسارع مع قلبه حينما تبكي شروقه، وكأنه يريد أن يُربِت عليها بنبضات قلبه، ويشعرها بأنه معها وأن قلبه ينبُض ويحيا فقط لأجلها.
بعد وقت شعر بهدوئها قليلًا وأبعدها عن أحضانه واردف بتساؤل : إيه الي حصل لانك تنهاري بالشكل ده؟ شيري بس ولا حاجة تاني يا شروق؟
شروق بتوتر : حاجة تاني زي إيه؟
ماجد بشك أكبر : مش عارف أنا بسألك، إيه حصل؟
– م..مفيش.
– إيه الي حصل يا شروق
أعاد سؤاله مرة أخرى وهو ينظر لها بترقُب شديد مما جعلها ذلك تتوتر أكثر.
شروق بنبرة حاولت أن تجعلها حادة حتى يكُف عن سؤاله : قولتلك مفيش يا ماجد، عادي شوفت شيري كدة افتكرت بقولك!
ماجد بحدة أكبر وحزم : شروق، انتِ عارفة إني مش هصدق، في إيه؟ 
شروق : ع..عمي كلمني.
ابتلع ريقه بخوف وتوجس واردف : قالك إيه؟
انهمرت دموعها مرة أخرى واردفت : إنك حبست بابا، وإنه انتحر ف السجن.
– قالك حبسته ليه؟
حركت رأسها بمعنى نعم، واندفعت لاحضانه مرة أخرى واردفت : انتحر يا ماجد، معملش حاجة كويسة ف دُنيته، وحتى اختار يموت موتة تغضب ربنا زي ما عاش طول عمره بيغضب ربنا.
رفع ذراعيه وهو يشعُر بأنهما ترتعشان، ف قد توقع رد فعل منها آخر، توقعها أن تثور عليه، يعرف شروق مهما حدث من والدها ولكنها تشعر بالحزن من داخلها أن ماجد هو من كان السبب بدخوله للسجن..
– أنا آسف.
شروق ببكاء : مش زعلانة منك يا ماجد، صدقني مش زعلانة، هو عمل كتير أوي وحش، وده الي كان المفروض يحصل، إنه يتحبس..
ضمته أكثر واردفت : بس أنا حزينة أوي إنه انتحر، حزينة إنه كان بيعاملني وحش ومات وأنا مش قادرة اسامحه لحد دلوقت، أكيد بيتعذب دلوقت ف قبره وأنا مش قادرة اسامحه يا ماجد، مش قادرة خالص.
لا يجد ما يقوله لها، لأول مرة أمامها يشعُر بالعجز أمام حزنها، اكتفى بضمه إليها، يديه التفت حولها بحنو شديد وكأنه يخبرها أنه معها، وبجانبها..
بينما على الجانب الآخر في غرفة شيري وجاسر..
خرج من المرحاض بجسده العاري ولا يرتدي شيئًا سزى أنه يلف خصره بالمنشفة، وخصلات شعره تقطر بالمياه على جسده، بعدما أخذ شاورًا دافئًا علهُ يُريحه ويُهدء من صراعات قلبه..
وقف أمام الفراش وهو يراها نائمة بسكون تام، وقف لِوقت لا يعلمه يُشاهدها، يتطلع لهدوئها وهي نائمة، وملامحها الناطقة للبراءة، براءة مُتجسدة بِشكل أُثوي، هذا أول ما رآه بِها حينما شاهدها للمرة الأولى..
اقترب بها بِبُطئ شديد، وهو يتفحصها بترقب، كالصيَاد الذي يستعد للقبض على فريسته..
جلس بجانبها بهدوء شديد ويده تتفحص جسدها، الأماكن التي بها الكدمات التي ما إن لامسها حتى استمع لصوت تآوه مكتوم.
انخفض برأسها وهمس بإسمها بجانب أذنها وهي يُفرق قبلات متتالية على وجهها..
ابتعد وهو يمسك الكريم المضاد بين يديه، ويضع منه القليل على يديه، واقترب منها مرة أخرى، وأخذ يُقبلها برقة شديدة، ويديه تضع الكريم بحنو على الأماكن التي بها الكدمات أثر ضربه لها..
همست بإسمه وهي لازالت نائمة، ونظر لها جاسر و عرف أنها تظن بأنها تحلم..
بينما هي تهمس بإسمه وهي تشعُر بأنها في حلم، تحاول إقناع نفسها بأن بعدما فعلته جاسر لن يأتي ليراها من بعيد حتى! كيف سيكون قريبًا منها هكذا!، أغمضت عينيها أكثر، وهي لا تتمنى أن تستيقظ من ذاك الحُلم، بل رفعت يديها وهي تضعها خلف رأسه بِمحاولة لتقريبه منها أكثر..
أمسك جاسر بيدها وأبعدها عنه، وهو يبتعد عنها..
حمحم جاسر واردف بصوت اجش : شيري، اصحي..
فتحت عينيها بإزعاج، ولكنها انتفضت مكانها حينما رأت جاسر أمامها..
احكمت الغطاء عليها حينما شعرت بأن جسدها عاري، ونظرت لهُ بخوف، وكادت أن تتحدث ولكنها تذكرت ذاك الحلم، واحمر وجهها بخجل وهي تشاهده يجلس أمامها هكذا..
لم يستطع الصمود أمامها هكذا لوقت أطول، يعترف الآن أمام نفسه بعشقه الهوس الشديد بها، مُعاقبتها بما قرر أن يفعله ف ذلك ليس معاقبة لأحد سِواه، اقترب منها وهو ينظر لثغرها بأعيُن لامعة بِعشق وشوق شديد..
بعد وقت كانت نائمة داخل أحضانه، واردفت بدموع : أنا آسفة.
نهض جاسر من جانبها بعدما ازاحها بعيدًا عنه، وذهب ناحية خزانته ارتدى ملابسه بصمت، بينما جلست هي على الفراش ودموعها تنهمر بشدة..
زفر جاسر بضيق وهو يستمع لصوت شهقاتها، يكره بُكائها الذي يُضعفه بشدة، يضعفه لدرجة أنه يريد العودة لضمها لأحضانه مرة أخرى ويتأسف هو لها لأنه جعلها تبكي..
اتجه ناحية باب الغرفة للخروج منها، ولكنه وقف مكانه حينما وجدها تتشبث بذراعه وهي تهمس بإسمه : أرجوك ممكن نتكلم؟ عشان خاطري يا جاسر، اسمعني بس!
زفر جاسر بضيق واردف : مبقاش فيه حاجة تقوليها يا شيري.
– أرجوك اسمعني بس. 
استدار لها واردف بغضب : أسمع إيه؟ فهميني أسمع إيه؟ هتبرري موقفك من إنك بتكلمي عدوي الوحيد وتطلبي منه مخدرات!!!! غلطي يا شيري إني رجعتك من المستشفى وقولت تكملي علاجك وسطنا، مع إبنك ومعايا، قولت يمكن ده يكون حافز أكبر ليكِ إنك تتعالجي، اديتك ثقة كبيرة أوي، حتى قبل ما تتعالجي، من يوم جوازنا وأنا كنت واثق فيكِ ثقة متتخيلهاش يا شيري، لكن للأسف هدتيها بينا..
٣ سنين بتكلمي عدوي وبتاخدي منه مخدرات، ٣ سنين بحط عيني ف عينه بِكُل ثقة وأنا شايف فيهم بصة سُخرية ليا واستهزاء بس عمر ما كان يجي ف بالي إنها تكون للسبب ده، بصة كنت بتجاهلها لأني شركاتي أعلى منه بمليون مرة، أقول بيعوض صُغره قدامي بالبصة دي، بس للأسف طلعن أنا الي صغير أوي قدامه، وده بسبب مين؟ بسبب حضرتك، بسبب مراتي أم ابني، مراتي الي كنت واثق فيها زي ثقتي ف أمي بالظبط ويمكن أكتر، عارفة ليه؟
لأني قولتلك قبل كدة، إنك بقيتِ جزء مني، بشوفك جزء من جوايا، جزء من روحي بيكملها، جزء من قلبي بيكمله ويخليه ينبُض، جزء من كل شئ فيا مخليني اعيش.
صمت وهو ينظر لها بحزن وانكسار وخُذلان منها، لا يعلم جملته الأخيرة التي اردفها تلك كانت فقط حتى يؤنبها بها، أم لأنه شعر بحاجته لأن يخبرها كم هي درجة حبه وعشقه لها!
اردف بنبرة مهزوزة : متخيلة حبي ليكِ وصل لدرجة إيه؟ 
أكمل حديثه بحزن : أنا كاره نفسي لأني مش قادر لا ابعدك ولا قادر اتخاطى الي حصل، كاره نفسي لأني مديت ايدي عليكِ، وكاره نفسي لضعفي الي مخليني عاوز اعتذرلك دلوقت لأني مديت ايدي عليكِ وضربتك بالطريقة دي، وكاره نفسي لأنها مكسورة منك بالطريقة دي، صراعات كتير بقيت جوايا بسببك مش عارف أوقفها ولا اواجهها ولا أعمل أي حاجة، وده مخليني كاره نفسي أكتر واكتر.
كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها : مش بالاسف، صدقيني مش بالأسف، الأمر لو متوقف على كلمة آسف مكنش فيه شخص مات وشخص تاني شايل منه بسبب حاجة عملها واذيته، لو كانت بكلمة آسف الي قولتيها دلوقت وهتقوليها تاني، مكنش حد نام وهو قلبه واجعه بسبب شخص تاني، صدقيني مش بيها يا شيري، وياريتها تكون بيها، ياريت أول ما أسمعها منك اصفالك واقولك نبدأ كل شئ من جديد، ياريت..
أنهى كلماته وخرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه بعنف، بينما جلست هي على الأرض، تتذكر كلماته وتبكي بشدة..
لا أحد يستحق تلك الاذية مِن مَن أحبهُم، لا أحد يستحق أن يضع رأسه على الوسادة ويغمض عينيه، وعقله مُستيقظ مع قلبه وهما يتصارعان..
يتصارعان وكلاهما يُريد فعل عكس الآخر، وكلاهما يُصاؤع نفسه ايضًا وخاصةً القلب؛ يُصارع نفسه بين المُسامحة والبقاء، أو يبتعد! 
صراع بينه وبين عقله، العقل يريد الابتعاد والقلب يريد المُسامحة والبقاء..
ومن صراعٍ لِـ صراع آخر هُناك نفسًا يخرج بتقطع، أثر روحًا تتمزق لِما يحدث داخلها من تلك الصراعات الناشئة بين قلبها وعقلها، وكل ذلك بسبب شخصًا أحبته وشعرت بأنه يُكملها..
لا أحد يستحق أن يمُر بِكُل ذلك وخاصةً أنه لم يفعل شيئًا سوى أنه حقًا أحب حُبًا نقيًا صادقًا نبع من أعماق قلبه.
لِـ فرح طارق
من رواية مُنقذي وملاذي للكاتبة فرح طارق.
في مكان آخر تحديدًا سيارة قاسم..”
كان يسوق سيارته مُتجهًا لإحدى الفنادق بعدما قابل كيان..
لينا : ممكن تقف؟
عقد حاجبيه واردف بتساؤل : ليه؟
– بتعب لما بفضل ف العربية فترة طويلة كدة، ممكن تقف شوية؟
– حاضر.
اردف بكلمته وهو يصف سيارته بإحدى الجوانب، بينما فتحت لينا السيارة ما إن توقفت وخرجت من السيارة بسرعة شديدة و وقفت بعيدًا عنها..
طالعها قاسم بدهشة ونزل هو الآخر حتى يقف بجانبها ولا يتركها وحدها تقف بالطريق..
وقف بجانبها ولكنهُ صُدِم حينما وجدها تبكي، واردف : لينا، بتعيطي ليه؟ مالك؟ 
مسحت دموعها سريعًا واردفت : مفيش.
عقد حاجبيه واردف : يا سلام!! أمال ليه العياط ده؟ لقيتِ نفسك زهقانة ف قولتي تعيطي؟
– عادي افتكرت حاجة كدة..
– ينفع تشاركيني بيها؟
نظرت لهُ واردفت بتساؤل : ليه؟
حرك كتفه واردف : مش عارف بس حاسس إني حابب اشاركك حزنك ده.
نظرت أمامها مرة أخرى واردفت : افتكرت ماما وأنا ف العربية ف نزلت..
– دموعك كانت محبوسة يعني علشان ف العربية ولا إيه مش فاهم!
نظرت لهُ لينا بغيظ واردفت : تصدق إنك بارد! يعني ده الي علقت عليه!
– فيه واحدة تقول لمُديرها بارد؟
نظرت أمامها مرة أخرى وادفت بضيق : آسفة.
– مالك يا لينا؟
ابتسمت بحزن واردفت وهي لازالت ناظرة أمامها : من 7 سنين، كان عمري 15 سنة وليا أخ عنده 11 سنة، بابا كان عنده ورشة صغيرة خاصة بيه، كان حالنا مش عالي أوي بس ميسور، كنت بتعلم، ومبسوطين أنا وبابا وماما واخويا، وبابا كان معاه عربية صغيرة الي هي الموديل القديم دي، بس كانت كافية الغرض وكلنا مبسوطين بيها وكنت بحبه أوي يوديني بيها المدرسة، وفاجئة..
صمتت ودموعها باتت تنهمر مرة أخرى واردف قاسم : وحصل إيه؟
– روحنا إسكندرية نقضي اجازة هناك، سفرية بابا وماما حوشوا ليها كتير أوي، وكنا مبسوطين كلنا أننا هنسافر، وأحنا ف الطريق عملنا حادثة، ماما واخويا ماتوا فيها، بابا من وقتها حس بالذنب وبقى ف السرير مبيتحركش، لا منه عايش ولا منه ميت، و وديته دار رعاية، وكان عندي 16 سنة وبشتغل علشان أدفع فلوس دار الرعاية لبابا، والعربية بتاعته جار لينا باعهالوا بمبلغ حلو يا دوب ماما واخويا دفناهم بيه، وفلوس السفر ادفعت علاج لبابا، ومن وقتها وأنا بشتغل وبابا ف دار الرعاية حاسس بالذنب إنهم ماتوا بسببه، وإنه لو مكنش اتعادى مع حد مكنتش عيلته ماتت.
قاسم بتساؤل : ومين الي اتعادى معاهم؟
نظرت لهُ لينا واردفت : لو قولتلك هتساعدني؟
– انتِ جيتِ تشتغلي ف الشركة ليه؟
لينا : علشان أقدر أوصله وانتقم منه لأهلي الي ماتوا، انتقم لحياتي الي خدها مني، لاخويا وماما الي اتقتلوا وبقيت يتيمة، لبابا الي من يوم موتهم وهو حاسس بالذنب ومبيتحركش من مكانه.
– ومين ده؟ 
لينا وعيناها التمعت بالحقد والشراسة : يوسف الشاذلي.
– وليه هو وابوكِ بقوا أعداء؟
– علشان كنت طفلة عندها 15 سنة وهو كان مصمم يتجوزني، بابا رفض، وخصوصًا إنه مرتاحش ليه، وفعلًا سأل عليه وده بسبب الحاحه وإنه كان بيجي كل يوم عند بيتنا ويكلم بابا، بس لقى صيته مسمع إنه مش كويس، وكلوا اتفق على كدة، بابا خاف وصمم على رفضه وقاله صريحة ف وشه “دي بنتي الوحيدة، وعندها 15 سنة، وأنا مرتاحتش ليك من أول لحظة دخلت فيها بيتنا وأنك خصوصًا بصيت لطفلة لسة، بس مغ الحاحك سألت وقولت يمكن ده نصيبها وأشوف الخير إيه، بس محدش قالي عليك كلمة واحدة كويسة” وطرده من البيت.
– وليه اشتغلتي ف الشركة عندنا مدام انتِ قصدك يوسف الشاذلي! قصدي إيه العلاقة بين الاتنين!
اخفضت رأسها بخجل واردفت : علشان..هو قصدي كان..
قاسم وهو ينظر لها بترقُب : هو إيه؟
– عرفت عنك إنك بتاع بنات، و..وفكرت إني اوقعك أنت وبعدين اخليك تساعدني بأني أأذي يوسف الشاذلي بحُكم إن فيه علاقة بين شركتك وشركته
عقد قاسم حاجبيه وهو يحاول كبت ضحكته واردف : وموقعتنيش ليه؟
– معرفتش.
– ف قررتي تصارحيني؟
– مش قررت اصارحك للسبب ده، ف أنا ف الأساس محاولتش إني الفتك ليا نهائي!
عقد ذراعيه أمامه واردف : وليه محاولتيش؟ 
لينا بسخرية : غريبة كنت عاوزني أضحك عليك؟
– بسأل سؤال جاوبي عليه! 
لينا بدموع : محاولتش لأني شوفت منك خير ليا ف معرفتش قصاده اضحك عليك وأأذيك لأني متعودتش أأذي شخص عمل خير معايا، دخلت شركتك وقولتلك إني معييش أي شهادة وقولتلك محتاجة الشغل و وافقت، علمتني كل الشغل بنفسك برغم إني كنت غبية أوي ف البداية بس أنت علمتني بردوا، محاولتش لأن لما بابا تعب أوي وكان لازم أدفع فلوس علشان يدخل العناية المركزة ومكنش لسة ليا غير أيام معاك ف الشركة واديتني قبض ٣ شهور وأنت حتى متعرفش أنا محتاجة الفلوس دي ليه، محاولتش لأنك ساعدتني كتير أوي، والحاجة الي عمري ما هنسهالك لما عملت العملية لبابا. 
نظرت لهُ واردفت ببكاء : محاولتش لأني حبيتك بجد مش مجرد تمثيل.
أنهت حديثها واتجهت ناحية السيارة وصعدت بداخلها، بينما وقف هو مكانه بذهول وصدمة، كان يشعر من تصرفاتها معه ولكنه لم يتوقع أن تخبره، صدمة وحزن مما عانته ومرت بِه، أيقن داخله أن يأتي بحق عائلتها واسترداد حقها لها، ومن ثم نظر حوله وجد متجرًا صغيرًا، ذهب ناحيته وجاء بمشروب غازي لها ولهُ، وركب السيارة..
مسحت دموعها ونظرت ناحية النافذة بصمت..
قاسم : اشربي العصير ده.
لينا : شكرا مش عاوزة.
قاسم : متخافيش مش حاططلك فيه حاجة.
ضحكت لينا عليه واردفت : بجد مش عاوزة.
قاسم بمرح : خلاص هشرب أنا، بس لو جرالي حاجة اوعي تستفردي بيا ها، أنا لسة وِلد ولود بردوا..
ضحكت لينا بكثرة ومن ثم اردفت : أنت!! طب قول حاجة ممكن تتصدق!
عقد قاسم حاجبيه واردف : للدرجادي واخدة عني الفكرة دي؟
حركت كتفيها واردفت : مش أنا الي خدتها، أنت الي ادتهاني.
صمت قاسم ولا يعلم لما شعر بالغضب هكذا، وتذكر حينها عندما اردفت له من قبل قليل “عرفت عنك إنك بتاع بنات”، غضب شديد أصبح يجتاحه، تلك هي الفكرة التي أخذتها عنه؟ هكذا فكرت به؟..
زفر بضيق شديد لا يعلم مصدره وأدار محرك السيارة وسار عائدًا للقاهرة..
تلك المرة الأولى التي يكره بها نفسه حينما يعرف أن احدًا ما ينظر لها بتلك الفكرة ويأخذها عنه، يعلم أن الجميع يراه هكذا وأنه يعرف نساء كثيرة ولكنه كرِه أنها تعرف ذلك، ولا يعرف لِما..!
قطعت لينا أفكاره بتساؤل : هو الفندق بعيد عن هنا؟
– لأ راجعين القاهرة.
صمتت لينا ولم ترد أن تسأله عن شئ آخر وفضلت الصمت.
دائمًا لا يهمنا ما يراه الآخرون بنا، ونسير طريقنا كما نُريد نحن، وكما نُريد أن نُحب ما نرى انفُسنا بِه وليس الآخرين، ولكن هناك شخصًا يظهر حِتمًا بِمُنتصف طريقك، وتجد قدميك وقفت من تلقاء نفسها، وهي تعطي إشارة لجسدك أن يتحامل عليها وتقف هي كما يُحبها أن تقف ذاك الشخص..
لِـ فرح طارق
من رواية مُنقذي وملاذي للكاتبة فرح طارق.
في مكان آخر تحديدًا منزل أسر وليان..”
دلف للشقة بسعادة وأسر خلفها، والتفت لهُ واردفت وهي تحتضنه : بحبك أوي يا أسر، واليوم كان تحفه، جميل اوي، لدرجة متتخيلهاش، متتصورش كان نفسي أخرج أوي إزاي، وفرحت قد إيه أننا خرجنا النهاردة.
ابتسم أسر واردف : لو أعرف إني هسمع نبرة صوتك بالطريقة دي ف كان زماني خرجتك من بدري يا ليان.
اقتربت منه وحاوطت رقبته بدلال واردفت : وهو أنت عاوز تعرفني إن أسر حبيبي مش عارف عني إني هفرح إزاي لو خرجني؟
حاوط خصرها بيده واردف بإبتسامة : عارف، بس إني أبقى عارف حاجة بس مجربتهاش غير لما اجربها واعيشها، عارف هتفرحي قد إيه، بس معشتش فرحتك دي.
– واديك عرفت بقى أنا فرحت قد إيه، خرجني كل شوية بقى.
– حاضر، يلا نغير علشان عاوزك ف موضوع مهم.
ضحكت ليان واردفت : مواضيعك تاني؟ يا أبني قول حاجة جديدة كدة!
أسر بضحك : يخربيت دماغك، هي راحت فين؟
ثم أكمل ببراءة : دا أنا قصدي شريف والله!!
ليان بضحك : أسر وقصده شريف ف جملة واحدة؟ مش راكبة خالص يا أسر.
أسر بضحك : طب علشان تعرفي بقى أن قصدي شريف ف أنا كنت هكلمك بخصوص عيني بس!
ليان بقلق : مالها عينك؟ وجعاك؟ علشان خرجنا صح؟ أنا آسفة بس..
أسر وهو يضع يده على فمها : شششش، بس إيه، مش قصدي كدة خالص، وبعدين عيني هتوجعني لي من الخروجة؟ ماشي عليها مثلا!!
ليان وهي تبعد يده عن فمها : تصدق إنك رخم! خوفت عليك بس.
أسر بإبتسامة : سلامتك من الخوف يا قلب أسر، وعيني مفهاش حاجة، وعلشان اريحك ف جاسر كلمني عن دكتور شاطر وإن شاء الله هحجز معاه واسافر أعمل العملية.
ليان : أسر، أنا خايفة عليك م العمليات دي! دي هتكون تالت عملية ليك، وأنا والله ربنا يعلم ببقى هموت إزاي وأنت ف العمليات، مش بكون بتمنى تخرج بتشوف، لا بكون بتمنى تخرج بخير وكويس ليا..
أسر بمرح : أيوة أنا عرفت العمليات بتفشل ليه، اتاري علشان سيادتك مش بتتمنى إنها تنجح.
ليان : لأ والله مش قصدي يا أسر، قصدي إن..
قاطعها أسر بحنو : فاهم قصدك يا قلب أسر، أنا بس كنت بهزر معاكِ، ويلا نغير علشان تعبان خالص وعاوز أنام..
– ماشي يا حبيبي يلا.
يتبع…
لقراءة الفصل الثالث عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
للعودة للجزء الأول : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!