روايات

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الفصل الثامن 8 بقلم آية محمد

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الفصل الثامن 8 بقلم آية محمد

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الجزء الثامن

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) البارت الثامن

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5) الحلقة الثامنة

نوعًا من اختباراته التي لا تنتهي!!
********
اشراقة صباح أخير ضم اليخت في عناقٍ طويل، وكأنه يودعه في ساعاته الأخيرة التي ستنتهي فور أن يرسى على الشاطئ بعد رحلة كان مميزة وخاصة للغاية.
كعادتها كل صباح تتسلل من جواره لتؤدي فرضيتها أولًا ثم أسرعت لتعد الإفطار قبل أن يستيقظ “ياسين”، فبدأت بتحضير الجبن وغيره من مشروبات مفضلة وتختلف عن الاخرى،وكأن كل مشروبٍ كان يعبر عن شخصية زوجها وأبنائها، ابتسامة صغيرة رسمتها بحنينٍ لتلك الذكرى التي اصطحبتها فور تذكرها كم كانت تهرول مسرعة كل صباح لتجهز مائدة الطعام والشطائر المفضلة لكلا منهما قبل أن يصل باص المدرسة الصباحي، فكانت تسعى لحربٍ شرسة كل صباح مع عدي بمحاولة اقناعه بأخذ حافظة طعامه الصغيرة على عكس” عمر”الذي لم يجعل العناء يتكللها يومًا بشيءٍ يخصه، هزت رأسها بخفة وهي تهمس بحبورٍ:
_طول عمرك مغلبني في أكلك زي أبوك!
وضحكت وهي تزيد بوضع كوب القهوة الخاص به جوار كوب ياسين، بينما صنعت لعمر عصير طازج، انتابها اعتزاز بنفسها حينما انتهت من ملئ الطاولة بشكلٍ مثالي، ورفعت ساعتها لتتفحص الوقت فابتسمت في سعادةٍ لسرعتها في التحضير، واتجهت لغرفتهما، فوجدت “عمر” يقف أمام المرآة ويستعد بارتداء قميصه، أما عدي فمازال يغلبه النوم، استدار عمر تجاهها وسألها برهبةٍ متوترة:
_بابا فين؟
تعجبت من سؤاله ومع ذلك اجابته:
_لسه في أوضته. ليه؟
استقام بوقفته بابتسامةٍ مريحة:
_حيث كده صباح الخير يا جميل.
قهقهت عاليًا ثم قالت:
_صباح الخير يا حبيبي..
ومازحته قائلة:
_تقدر تأخد راحتك طول ما عدي هنا بابا مش هيركز معاك.
جلس على حافة الفراش، ثم جذب حذائه وقال وهو يرتديه:
_الوحش ما يتوصاش بمناكفة ياسين الجارحي اللي هتجيب اجالنا كلنا بإذن واحد احد.
ومال بجسده للأمام ومن ثم لكزه بقدميه وهو يناديه:
_مش كده ولا أيه.. فوق كده بقينا وش الظهر.
ضم “عدي” حاجبيه بانزعاجٍ، وخاصة من صوت عمر المرتفع، فتعمد بان يستفزه حينما ناداه مجددًا:
_يا وحش قــــوم انت نسيت الخطة ولا أيه؟
ضيقت عينيها وهي تتساءل بدهشةٍ:
_خطة أيه!
ارتبكت معالمه حينما استوحى ما فعله غبائه أمامها، فقال:
_لا ده انا آآ..
أتاته نجدة عاجلة حينما استمعوا معًا لصوت خطوات من فوقهما، فقالت وهي تسرع بالخروج:
_ياسين شكله صحي.
وتركته وغادرت فتنفس الصعداء وبتوتر همس لذاته:
_كانوا هيطيروا رقبتي لو نطقت بحرف!!
_أنا اللي هعملها مش هما..
قالها عدي وهو ينهض عن الفراش، فارتد الاخير للخلف وهو يحذره باشارة بائسة:
_مقولتش حاجة على فكرة.
حدجه بنظرةٍ قاتلة قبل ان يتجه لحمام الغرفة ليغتسل استعدادًا لاداء فريضته قبل الصعود للأعلى لتناول الطعام.
********
اجتمعوا ولأول مرة على الطاولة لتناول الطعام، الصمت يسود الاجواء الا من نظرات خوف وترقب بين عمر وآية لما قد يحدث بين (العتاولة)، وخاصة حينما لمح له عدي بحديث ماكر:
_الجاسوس اللي بيبلغك ببعض المعلومات فهي بطبيعة الحال تافهة.. لأن مش معقول هيقدر يلخصلك شغل ميفهموش الا اللي دارس..
لم يزحزح حديثه طبقة البرود التي تحاوط من يرتشف قهوته بثباتٍ تام، نهاه حينما قال كلماته المختصرة:
_انعكاس قراراتك هو اللي هيبان بالنهاية.. خلينا نشوف قرارك هياخدك لفين!
وجذب حاسوبه ثم اتجه ليجلس على الأريكة المنفردة بعيدة عنهم، ومازالت نظرات “عدي” تراقبه في صمتٍ، فمال عليه “عمر” ثم همس له:
_مش لازم كل ما تشوفه تفكره بالتحدي المنيل اللي بينكم، احنا في عرض البحر الله يكرمك عايزين نروح بخير انا عايز اكون جنب مراتي اللي خلتوها انت والشباب تولد بدري عن معادها دي، ذنبي ايه بخطتكم انا معرفش..
واسترسل وهو يراقب ابيه بحذرٍ:
_بالك لما يعرف ان نور مبتولدش وكل ده مقلب عشان عيد جوازه هيعمل فيا ايه؟
انتقلت نظراته الحادة تجاهه، فابتلع ريقه بتوترٍ:
_أنا بقول بس كنا لقينا اي حجة تانية.
قال بحدةٍ:
صاح بانفعالٍ:
_مش كنت مرتب مع الشباب، دلوقتي قلبت على بطريق!!
عدل من ياقة قميصه وهو يدعي اللا مبالاة:
_أنا جامد اوي خد بالك.
نظرة استحقار جعلته يرتخي بمقعده سريعًا وهو يهمس له بخوفٍ:
_بس اي حاجه ليها علاقة بياسين باشا ممكن اقلب ما أقل من بطريق عادي..
كور المنشفة الورقية عن يديه ثم القاها على الطاولة وهو يردد بغضبٍ:
_جبان.
وتركه واتجه للطابق العلوي يراقب لوحة التحكم، وقرر الجلوس بالاعلى ليتفادى اي اصطدام قد يعرضه للمواجهة مع أبيه بذلك الوقت.
********
نهض عمر عن الطاولة بتوترٍ وارتباك لما قد سيفعله لحين العودة، وحينما لم يجد اي اقتراحات كاد بالهبوط للغرفة، ولكنه توقف محله حينما ناداه ياسين بحزمٍ:
_عمر.
اتجه اليه وقدميه تكاد تتوقف من فرط ارتجافه، فقال ببسمة تحلى بها:
_حضرتك نادتتي.
ابعد عسلية عينيه عن حاسوبه، ثم شمله بنظرةٍ متفحصة قبل أن يصوب حديثه تجاهه:
_من ساعة ما وصلت وانت مش على بعضك.. في أيه؟
ازدرد حلقه الجاف بصعوبةٍ بالغة:
_آآ.. أنا بس خايف على نور لان زي ما حضرتك عارف ولادتها في حلا مكنتش سهلة.
ضيق اهدابه بنظرة جعلت الرعب دب بأواصاله، بالرغم من أن حديثه كان يلطف الاجواء:
_متقلقش نور هتبقى كويسة.
ثم أشار له على المقعد المجاور له:
_اقعد.
جلس وعينيه تراقب ما سيقوله بتوترٍ، فعاد ليعبث بازرار الحاسوب بثباتٍ قاتل، وبعد لحظات من الصمت قطعه حينما قال:
_أنا ويحيى قررنا نفتح مستشفى خيري كبير، هتكون شاملة كل حاجة مش هنكتفي بتخصص واحد.
ورفع عينيه عن الحاسوب وهو يوجهه بحديثه:
_أنت اللي هتدير المستشفى دي وهتختار فريقها بنفسك.
واسترسل حديثه ومازال يتطلع اليه:
_شغلك فيها كإداري مش هيعطلك عن المقر زي ما كنت بتمارس مهنتك.
تلألأت حدقتيه بفرحةٍ يعرفها ياسين جيدًا، فبعدما تحطمت احد احلامه، عاد ليمنحه ما فاق كل تلك الاحلام، مشفى ضخم سيجهز على أعلى مستوى لاستقبال جميع الحالات، ليس كالمشفى الخاص به لاستقبال الحالات المحدودة، فقال بحماسٍ تغلب عليه:
_ده كرم كبير من حضرتك، بس لو تسمحلي أشارك بمبلغ بسيط فيه.
رفع عينيه تجاهه ثم منحه ابتسامة ماكرة:
_ما انت بالفعل شريك معانا بالادارة، بس لو عايز تبقى شريك بالأجر مش هقدر أمنعك.
اتسعت ابتسامته وقال بامتنانٍ:
_شكرًا لحضرتك.
اكتفى بايماءة بسيطة من رأسه، ثم عاد ليتابع عمله من جديدٍ، وفي ذاك الوقت دنت منهما آية بعدما أعدت بعض التسالي والفواكه، اسرع تجاهها عمر فحمل عنها ما تحمله وهو يردد:
_عنك يا ست الكل.
جلست آية جواره ثم قالت بفضول:
_بتتكلموا في أيه؟
جلس عمر محله بعدما وضع الصينية عن يديه، فابعد ياسين عينيه عن حاسوبه ليسلطها بحدة تجاه من يعود ليجلس جوارها، ابتعد عمر عن المقعد الذي يتسع فردين وذهب ليجلس بمفرده على الذي يليه وهو يردد بخوفٍ من نظراته:
_آسف مخدتش بالي!
وهمس بداخله:
_أول مرة تحصل في التاريخ دي، دي امي!!!!!
وكأنها قرأت ما يردده فتعالت ضحكاتها بصورة جنونية جعلت ياسين يلقيها باحد نظراته فسيطرت على ذاتها وكمحاولة للهروب من هذا النزال الشرس تساءلت:
_أمال عدي فين؟
كاد عمر بأن يجيبها ولكن ردها أتى سريعًا حينما اندفع عدي من الاعلى بداخل المياه، فاسرعت آية وعمر ليتفحصوا ما يحدث، فوجدوه يسبح بمهارة من خلف اليخت المتحرك، فرددت بصدمةٍ:
_نزل المياه واحنا بنتحرك ده وقت سباحة!!
قال عمر ومازال يراقب اخيه:
_شخصين متعلقيش على افعالهم جوه عيلة الجارحي.. ياسين باشا والمحروس ابنك اللي ساعات بحس نفسي أعقل منه!
راقبت آية المسافة بينهما وبين الشط فكانت تبعد كثيرًا عن مسيرة ساعة ونصف، فتمتمت بخفوتٍ:
_ده بيهزر!
ثم اشارت لعمر بعصبيةٍ:
_وقف اليخت يا عمر..
هز رأسه ثم اسرع بتلبيه طلبها، وقبل ان يصعد الدرج الجانبي اوقفه ياسين حينما ردد بصرامة:
_هنكمل طريقنا.
اندهشت مما قال، فابتعدت عن الحامل المعدني واتجهت اليه تعاتبه:
_ازاي بس يا ياسين مش هيعرف يطلع واليخت بيتحرك!
قال وهو يتابع عمله بتركيزٍ:
_زي ما نزل هيطلع.
انتهى النقاش السريع بينهما، فاسرعت آية للحامل الحديدى مجددًا تتابعه بنظراتٍ متلهفة، فبدأ قلبها يطمئن قليلًا حينما وجدته يسبح بسرعةٍ فائقة، ويتبع اليخت بانتظامٍ، وكلما غاب لاسفل المياه لثوانٍ كان قلبها ينتزع عدة مرات، فوقف عمر لجوارها وقال ليطمئنها:
_متقلقيش الوحش سباح عالمي، هو بس حابب يودع المية قبل ما نرجع.. هو قرار متأخر شوية بس بالنهاية احنا مفيش حاجة بنعملها الا احترام القرارات!
ضحكت على حديثه، فوقفت لجواره يراقبونه ويتسامران الحديث، فقالت بلهفةٍ:
_طمني على حلا.. عاملة أيه؟
ذم شفتيه بسخطٍ:
_حلا كويسة بس ام حلا مش كويسة.
عقدت جبينها باستغرابٍ:
_ليه بس؟
قال بضيقٍ:
_مش طايقة حب البنت ليا، مصممة تدخلها في مقارنات غبية كل دقيقتين تروح تجبها وتقعدها قدامنا وتقولها نفس الجملة الشهيرة “بتحبي مين فينا اكتر يا حبيبتي” ..
والبنت يا روحي بتبقى نفسها تجبر بخاطرها بس احنا عودناها على الصراحة والصدق فبتختارني بمنتهي الشفافية.
واستطرد بسخطٍ:
_عايز ابقى اعلمها درس جبر الخواطر عشان اخلص من طفولة نور الغريبة دي!!
قهقهت عاليًا كلما استمعت اليه وهو يقص عن حفيدته وبينما يتبادلاون الحديث تفاجئت آية بابتعاد عدي عن اليخت كثيرًا، فارتعبت وتوقف قلبها لثوانٍ وهي تتساءل:
_فين عدي؟
راقب عمر المياه جيدًا وقد بدا على وجهه هو الآخر حينما لم يجده أمام عينيه، فقال بفزعٍ:
_مش عارف… كان هنا من شوية اختفى فجأة ازاي!!
وتركها وهرع للطابق العلوي عل الرؤيا تكون أكثر وضوحًا فلحقت به آية بقلقٍ كاد بأن يفقدها عقلها، كانت الرؤيا من الطابق الاخير اكثر وضوحًا، فصعق كلا منهما حينما وجدوا عدى يحاول أن يطوف على سطح المياه، وكأن هناك ما يعيق ساقيه ويمنعه من ممارسة السباحة ليتخلص من تلك البقعة، انقبض صدرها واختنق مجرى تنفسها وهي تردف بكلمات شبه مفهومة:
_ابني!!
خلع عمر قميصه وصعد للأعلى وقبل أن يقذف نفسه باحضان المياه، توقف مندهشًا حينما رأى أبيه يكاد يقترب من عدي!
*****
قفز “ياسين” بالمياه من اللحظة التي بدأت آية بالحديث عن الامر وقبل أن يصعد عمر للاعلى كان ياسين قريبًا منه للغاية، شعوره بأنه قد تعرض لشيءٍ ما كان يجعله يسبح بسرعةٍ فائقة لا تتناسب مع عمره، كاد بتلك اللحظة بأن يشق المياه من فرط قلقه على ابنه الأكبر، وتمكن أخيرًا من الوصول اليه، فحمله ليصعد به على سطح المياه ليتمكن الاخير من التقاط أنفاسه وقبل أن يراقب من يحاول نجدته، ارتخى على كتفيه ليلتقط أنفاسه قليلًا ظنًا من انه عمر، وخاصة بأنه أشار له حينما وجده يراقبه من الأعلى، تفحص ياسين جسده فتأكد بأن قدميه اليسري هي من تعيقه عن السباحة، فخمن بأنه تعرض لتشنج نتيجة لسباحته المهلكة التي قام بها بعرض البحر في هذا التوقيت وكل تلك المسافة، لف ياسين ذراعيه حول عنقه ثم سبح به عائدًا لليخت وعدي يحاول تحريك قدميه ليعاون اخيه كما افترض، وحينما وصل لليخت وجد عمر يقابل ذراعيه ليجذبه من المياه، فصعق بشدةٍ واستدار للخلف ليجد أن من قام بانقاذه ليس سوى ابيه… “ياسين الجارحي”.. الرجل الغامض الغير مفهوم إليه بالمرة!
……..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي 5))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!