روايات

رواية ولد الهلالي الفصل الأول 1 بقلم نور بشير

رواية ولد الهلالي الفصل الأول 1 بقلم نور بشير

رواية ولد الهلالي الجزء الأول

رواية ولد الهلالي البارت الأول

‌رواية ولد الهلالي الحلقة الأولى

فى أحد المناطق الراقية بالقاهرة ، حيث يمكث عائلة الهلالى بأحد المنازل القابعة هناك ، و تحديداً فى الطابق الثانى من هذا المنزل ، حيث يمكث يونس برفقه زوجته دهب و صغيرهم مالك ، و فى داخل غرفتهم الخاصة ، تجلس دهب أعلى الفراش تضم قدميها إلى صدرها تبكى و تبكى و كأنها قد فقدت عزيزا عليها للتو ، تبكى بحرقة و وجع ، تبكى مرارة ما أستمعت له منذ لحظات ، و مرارة ما عاشت
أيعقل ما يحدث معها الآن ؟
لااااااا لااااا هى بالتأكيد بداخل كابوس مفزع للغاية و ستفيق منه الآن ، فحانت منها نظرة مترقبه إلى ذلك الجاثى على ركبتيه أمامها ، فتأكدت بأنها داخل واقع و ليس كابوس و ستفيق منه ، فخبئت وجهها سريعا أعلى قدميها و أجهشت فى بكاء مرير ، لم تبكى هكذا بحياتها ، حتى عندما علمت بخبر ترك أهلها لها و دخولها إلى هذا الملجأ و بكل ما عانته فى حياتها ، لم تبكى هكذا قط
فنطق يونس بأسف: دهب أرجوكى متعمليش فى نفسك كده ، أنا مش هستحمل اللى أنتى بتعمليه فى نفسك ده ثم رفع يديه رابتا أعلى رأسها؛ أرجوكى يا دهب أستوعبى موقفى أنا مش عاوز أجرحك أكتر من كده بس غصب عنى الحب ده مش بأيدى و لا قلبى فى أيديا ولا حتى هقدر أتحكم فى و فى مشاعرى
نظرت له دهب بقهره وهبت واقفة فى مكانها ثم رفعت يديها واضعه إياها أعلى خصلاتها و هى تردد بعدم تصديق؛ أنا متحبتش ، معقول كل ده كان كدب ، أنا حاسة أنى بحلم ، ده أكيد كابوس صح ثم جثت على ركبتيها أمامه قائله بعدم تصديق؛ أنت أكيد بتهزر معايا صح ، يونس أرجوك متعملش فيا كده أرجوك ، عشان خاطر أبننا و عشان خاطر حياتنا ، أفتكرلى أى حاجة حلوة عملتها معاك طول التسع سنين اللى فاتوا ، أنت ليه بتعمل فيا كده
فأغمض يونس عيناه بألم ثم نظر لها بوجع على وجعها هذا مردفا بحزن: صدقينى يا دهب غصب عنى ، أنا حبيتها غصب عنى
فصرخت دهب بوجع: متقولش حبيتها ، متقولش كده قدامى أنت فاهم ، أنا مراتك ، أنا البنت اللى حبتك و وثقت فيك و أديتك كل الحب اللى فى الدنيا ، فى الآخر تعمل فيا كده ، ثم أقتربت منه و تابعت بصريخ و هى ترفع يديها ممسكه بمعصمه؛ أنت ليه بتعمل فيا كده ، لييييييييه
فنظر لها يونس بوجع و نطق بحزن على حالها: أنا مش قصدى أجرحك يا دهب صدقينى ، بس أنا مش هقدر ، أنا بحبها و صدقينى أنا عمرى ما هقصر معاكى فى أى حاجة و هعدل بينكم

 

 

 

فنظرت له دهب فى صدمة و ذهول ثم أنخرطت فى نوبة ضحك هستيرية لما يقرب من الدقيقتين ثم أجهشت بعد ذلك فى بكاء مرير و هى تنطق بضعف و حسره: طب أنا ناقصنى إيه ، ناقصنى إيه يا يونس عشان تتجوز عليه ، عيبى إيه رد علياااااااااا
فوضع يونس وجهه بالأرض و نطق بحزن: صدقينى يا دهب أنتى فيكى كل حاجة حلوة أى راجل فى الدنيا ممكن يتمناها ، بس غصب عنى حبيتها ، غصب عنى لقيت مشاعرى بتتحرك ناحيتها و مبقتش عارف اسيطر عليها ، يمكن كمان أنتى أهملتينى الفترة اللى فاتت و كان تركيزك كله مع الولد ، حتى مبقتيش تهتمى بنفسك ولا بيا زى الأول ، ثم رفع عيناه إليها و أكمل بحسره؛ أنتى طول الوقت شايفك بأسدال الصلاه أو بالعباية عشان كنتى تحت عند أمى ، حتى الحفلات اللى بحضرها مش بترضى تحضريها معايا بحجة أنك مش هينفع تسيبى مالك لوحده أو لأن الجو ده مش جوك ، أنتى أهملتينى يا دهب ، و أنا غصب عنى مش بيأيدى لقيت قلبى رايح لها
فسقطت من عيون دهب دمعة ساخنة ثم نطقت بمرارة: أهملتك ، و رددت بصدمة؛ أهملتك يا يونس ، فأكملت بصريخ؛ نبهنى ، أتكلم معايا ، حذرنى ، لكن أنت معملتش كده يا يونس أنت دوست عليا و دوست على مشاعرى و قلبى بالقوى ، الولد اللى كان واخد إهتمامى ده يبقا إبنك و أنت عارف كويس أن الفترة دى فترة صعبة و أنه كان تعبان و أى أم مكانى كانت هتركز مع إبنها فى حالته دى ، فعلت نبرتها بوجع و رددت بحسرة؛ أنت عمرك سألتنى مالك ، عمرك قولتلى أنتى ليه مش بتيجى معايا ، عمرك طبطبت عليا و قولتى كلمة واحدة حلوة بعد يوم مليان تعب و شقى فى التنضيف و الأكل و الغسيل و أهتمامى بمالك ، أنا كنت بعمل كل حاجة أقدر عليها عشان أسعدك يا يونس بس أنت مقدرتش أنت مهتمتش أنك تسالنى و لو لمرة واحدة و تقولى فيكى إيه يا دهب مالك
فأقترب منها يونس و أردف بنبرة حانية مليئة بالشجن: طب مالك يا دهب ، فيكى إيه
فرفعت دهب بصرها إليه و نظرت له بعدم تصديق ثم هوت بيديها أعلى وجنته مردفه بصريخ: عرفت مالى
فنظر لها يونس بعدم تصديق و عيونه تطلق منها شررا ثم نطق من بين أنيابه: هتدفعى تمن القلم ده غالى يا دهب و غالى أوى
فنظرت له دهب بقوة لم تعهدها من قبل على الرغم من أن ساقيها يضربان بعضهم من شدة الخوف الذى تحاول أخفاءه بقوتها المصطنعة هذه: طلقنى يا يونس ، أنا إستحالة أفضل على ذمتك ثانية واحدة بعد إنهارده
فنظر لها يونس بشر ثم هتف بعنف: ده بعدك يا دهب كان ممكن أوى قبل القلم ده أطلقك بكل سهولة ، لكن دلوقتى هسيبك كده متعلقة زى البيت الواقف ، هحسرك كل ثانية و أنتى شيفانى بتجوز و متهني مع غيرك و هسيبك كده فى مكانك تتفرجى علينا من بعيد
فأجابته دهب بعنف و صريخ: و أنا مش قعدالك هنا و لا ثانية واحدة بعد إنهارده
فنظر لها يونس ثم أبتسم بسخرية: الباب مفتوح ، بس أعملى حسابك أنى عند كلامى و هسيبك كده برضو متعلقة و أبنك هأخده منك و ورينى هتشوفيه أزاى
ثم أنطلق بأتجاه غرفة الصغير حاملاً إياه بين يديه تحت صراخ دهب المستمر و محاولتها المستميتة بجذب الصبى من بين أحضان والده ، حتى فاق الصغير على صوت صراخ والدته و بدء فى البكاء ، كل هذا و يونس لم يرق قلبه حتى أو يشعر بالشفقة على كلاهما ، و بالفعل أدخل الصغير إلى شقة جدته الذى ظل يبكى و يصرخ كثيرا من أجل والدته
فهو لا يعلم ما بها ؟
و لماذا تصرخ هكذا ؟

 

 

 

و لماذا حمله والده إلى منزل جدته ؟
و لماذا يريد أبعاده عن والدته ؟
فعاد يونس إلى شقته غالقا الباب خلفه و لكنه وجد دهب تلملم أغراضها فى حقيبتها و ترتدى ملابسها على عجالة ، فصاح يونس بغل: أنتى برضو هتعملى اللى فى دماغك و ماشية
فهتفت دهب بصريخ: أنا ابقا مجنونة لو قعدت معاك فى مكان واحد يا يونس ، و لو على إبنى اللى أنت لاوى أيدى بيه أنا هعرف كويس أزاى أخده منك ، بس كرامتى أنا اتنازلت عنها مرة زمان و مش هتنازل عنها تانى دلوقتى
فضحك يونس بأستهزاء ثم تحدث بسخرية مرددا: كرامتك هههه ، ثم نظر لها بتهكم؛ كرامتك دى أنا اللى عملتها ، أوعى تنسى أنتى كنتى إيه يا هانم و بقيتى إيه دلوقتى و الفضل ليا أنا
فقهقهت دهب فى سخرية ثم نطقت بأستهزاء: لا فى دى عندك حق يا يونس ، أنت فعلاً صح أنا دخلت البيت ده مملكش أى حاجة و هخرج منه برضو و أنا مملكش حاجة بس صدقنى ، أنا اللى عملتك ، لولايا أنا كان زمانك حتة محامى درجة ثالثة فى أى مكتب تحت بير السلم ، أنا اللى عملتك يا يونس ، أنا اللى عملت إسم يونس الهلالى ، و صدقنى هتفوق و هتندم و هتتمنى منى أسامحك أو حتى أعاتبك و ساعتها أنا اللى هقولك كان فى و خلص يا يونس ثم نظرت له بحسره و سحبت حقيبتها من أعلى الفراش و ذهبت خارج الغرفة بل خارج المنزل بأكمله ، تاركه خلفها يونس واقفا مشدوها يفكر فيما تفوهت به زوجته منذ قليل ، فهى محقه فى كل حرف نطقته فهى لولا مساندتها له و دعمها المستميت و تنازلها عن أدنى حقوقها لم يكن هو الآن يونس الهلالى الذى أصبح مثل النار على العلم كما يقال ، نفض رأسه من هذه الأفكار سريعًا ثم ركل الكرسى بقدميه بعنف من شدة غيظه و حنقه ، ثم أتجه إلى باب المنزل لكى يخرج و يشتم بعض الهواء فهو يشعر بالضيق و عدم التنفس و ما لبث أن يفتح باب المنزل ليخرج منه حتى أصطدم بجسد والده المتكأ على عصاه و المردف بانفعال و غضب: فى إيه يا يونس ، إيه اللى أنا سمعته و اللى أمك حكته ليا ده
فنظر له يونس بضيق ثم نطق بحنق شديد: بابا بعد أذنك أنا مش قادر أتكلم فى أى حاجة دلوقتى ، و قصتى أنا و دهب أنتهت خلاص ، و كمان يومين أنا هتجوز و هجيب ست ستها كمان
فردد والده بصدمه: تتجوز
فأوما يونس برأسه عدة مرات قائلاً بنبرة جادة لا تحمل النقاش: ايوه يا بابا أنا هتجوز
فنطق والده بأستهزاء: و هتتجوز مين أن شاء الله
فأجابه يونس بجدية: هتجوز نادين السيوفى بنت رجل أعمال معروف و عميل عندى فى المكتب و أنا بحبها و هتجوزها يا بابا أخر كلام
فهز عبدالقادر رأسه فى دهشة من حال ولده و أردف بتساؤل يشوبه الأستغراب: و دهب عرفت بالكلام ده
أوما يونس برأسه و تابع بعنف: أنا قولتلها ، و الهانم متقبلتش الموضوع و قلت أدبها عليا مع أنى كنت متفهم وضعها و مش عاوز أجرحها لحد أخر لحظة ، بس هى اللى تطاولت و ضربتنى بالقلم ، و أنا هتجوز و هقهرها و خليها كده عاملة زى البيت الواقف ، لأنها نست نفسها تربية الملاجئ ، و نست أصلها و لازم تفوق م…. ، كاد أن يكمل يونس حديثه إلا أن يد والده هبطت بشدة على وجنته و تابع بعنف تحت صدمة يونس و ذهولة الشديد: الظاهر القلم اللى أدتهولك دهب مفوقكش ، قولت يمكن القلم ده يفوقك و يعرفك أن اللى بتتكلم عليها دى مراتك و أم إبنك اللى أنت زمان كنت ميت فى دباديبها و كنت مصر عليها رغم رفضى الشديد أنا و أمك على الجوازة دى ، بس الظاهر أن السكينة سرقاك و الفلوس زغللت عينك ، يا خسارة يا يونس ، يا خسارة تربيتى و شقايا و تعبى عليك ، أخس
ثم تركه و ذهب عائدا إلى شقته فى حسرة على ما يفعله ولده فى زوجته التى هى بمثابة إبنته ، فهو على الرغم من أنه كان رافضا هو و زوجته لهذه الزيجة إلا أنه عندما حضرت هذه الفتاة إلى المنزل و استشعروا جميعاً حنانها و أخلاقها حتى وقع الجميع فى حبها ، متناسيين كل شئ عنها و عن ماضيها ……

 

 

 

فى مكان أخر بعيد كل البعد عن منزل عائلة الهلالى ، حيث تصل دهب إلى تلك الحارة الشعبية التى تقطن بها صديقتها المفضلة ( دينا ) و كل ما لها بهذه الحياة ، صعدت على ذلك السلم المتهالك بدرجاته المتكسرة و هى تنهج و يبدو على ملامحها التعب و الإعياء الشديد ولا تستطيع أخد نفسها ، فأقتربت من باب الشقة و طرقت عليه عدة طرقات حتى أستمعت إلى صوت دينا القائله بنبرة مسرعة: ايوه حاضر ، مين
فلم تتلقى دينا رد ففتحت الباب و إذا بها تجد أمامها دهب الباكية و بشدة و تبدو على ملامحها الإعياء الشديد ، فهتفت دينا بلهفة: دهب أنتى كويسة
لم تجيبها دهب و لكنها سقطت فجأة فاقدة للوعى ، فبدءت دينا بالصراخ و لطم وجهه دهب بيديها فى خفة لعلها تفيق و لكنها لم تتلقى منها رد
فأدخلتها إلى الداخل و أسرعت إلى الخارج طارقة على جارتها ( أم محمد ) قائله بذعر: يا أم محمد ، يا أم محمد أفتحى بسرعة
و بالفعل فتحت لها الباب جارتها مردفه بلهفة: فى إيه يا دينا مالك يا بنتى
فنطقت دينا مسرعة: و النبى يا طنط لو محمد موجود خليه يجى معايا يبص على دهب لأحسن مغمى عليها و مش عارفة أفوقها و جسمها كله متلج
فوضعت أم محمد يديها على صدرها بصدمة ثم أسرعت إلى الداخل مناديه على ولدها ( محمد ) فهو طبيب يعمل بأحد المستشفيات ، و بالفعل فى غصون دقائق أنتهى محمد من فحص دهب قائلاً بحزن: للأسف لازم تتنقل المستشفى حالا لأن سكرها عالى أوى و غالبا كده هى فى غيبوبة سكر ولا لازم مستشفى
فوضعت دينا يديها على صدرها فى صدمة و كذلك أم محمد ، ثم أجهشت دينا فى بكاء مرير قائله بلهفة: طب أعمل اللازم يا محمد أرجوك ألحقها بسرعة
و بالفعل ذهب محمد إلى الخارج طالبا لها الإسعاف و فى غصون نصف ساعة كانت قد وصلت إلى المشفى ، و قام الطبيب هناك بأجراء بعض الفحوصات لها و فعل اللازم
و بعد مرور ساعة أخرى ، خرج الطبيب من غرفتها ، فأسرعت إليه دينا و أم محمد و إبنها ، فتساءلت دينا بلهفة: طمنا يا دكتور أرجوك
فأجابها الطبيب بعملية: المدام سكرها كان عالى أوى و من الواضح أنها تعرضت لزعل شديد أثر عليها و على السكر فدخلت فى غيبوبة سكر ، بس هى حالياً وضعها مستقر و فاقت و لكن طبعاً لازم تبعدوها عن أى زعل لأن ده غلط عليها و كمان هتمشى على أبر الأنسولين طول حياتها لأنها أصبحت الآن مريضة سكر
فرددت دينا بصدمة ، و دموعها تغرق وجهها: مريضة سكر ، مش معقول
فتفوه الطبيب بأسف: للأسف يا أنسة ، و أضاف بجدية؛ و لازم تبعد عن أى زعل زى ما قولت لحضرتك ، ثم أنصرف الطبيب فى هدوء

 

 

فهتفت أم محمد بتساؤل: مش واجب برضو تكلمى جوزها تبلغيه باللى حصل
فاردف محمد بحزن: ايوه يا دينا لازم تكلمى جوزها تعرفيه
فهزت دينا رأسها فى نفي و تابعت بشرود: لما أطمن عليها الأول و أفهم منها إيه اللى حصل بالظبط وصلها للى هى فى ، ساعتها هكلمه لأن دلوقتى وأرد أوى يكون هو السبب و مش عاوزه أعمل شوشرة أو أضايقها كفاية اللى هى فى
فتفوهت أم محمد بحيرة: على راحتك يا بنتى ، أنتى أدرى بصاحبتك
فأستأذن محمد و أنصرف بصحبه والدته تاركين دينا بالمشفى إلى جوار صديقتها و عشرة عمرها ، تبكى على ما أصابها
فهمت بالدلوف لها للأطمئنان عليها و ما أن دخلت من باب الغرفة حتى وجدتها ممددة أعلى الفراش ناظره للأعلى ، و الدموع تهبط من عيناها فى وجع و مرارة
فأقتربت منها دينا و جلست إلى جوارها ، و مدت يديها ماسحه بأناملها دموعها قائله بحزن على حالها: ليه الدموع دى كلها ، ثم أضافت بمرح؛ قوليلى بس مين اللى مزعلك و أنا أروح أجبلك كرشة
فهتف دهب بمرارة: الدنيا هى اللى مزعلانى يا دينا ، الدنيا هى اللى مستكترة عليا الفرحة ، مستكترة عليا أنى أعيش مرتاحة و راضية ، الدنيا دايما مصره تتنتقم منى و كأنى عدوتها الوحيدة ، بس أنا خلاص تعبت وحيات ربنا تعبت و مبقتش قادرة أستحمل ذل أكتر من كده
فهتفت دينا بحب: معاش ولا كان اللى يذلك يا روحى ، و ملعون أبو الدنيا اللى تزعلك و تكسرك بالشكل ده
فهبطت دموعها هى الأخرى على حال صديقتها و تابعت بحزن: قوليلى يا نور عينى مالك ، أحنا طول عمرنا بنقسم الوجع على أتنين ، قوليلى يا حبيبتى و خلينى أشيل الحمل معاكى بدل ما أنتى شيلاه على كتافك لوحدك
فهبطت دموعها من جديد و تابعت بقهرة: هيتجوز يا دينا ، قالهالى بكل صراحة و هو عينه فى عينيا قالى أنه هيتجوز عليا ، ثم نظرت لها بحزن و تابعت بنبرة مكسورة يشوبها الضعف؛ هيسبنى يا دينا ، هيسبنى عشان مبقتش أناسبه ولا حتى بقيت بشاركة حاجة فى حياته ، هو أنا رخيصة أوى كده ، رخيصة لدرجة أن أهلى يتخلوا عنى زمان ، و دلوقتى حب عمرى يسبنى و يدوس عليا و يقهرنى بالشكل ده ، ثم أجهشت فى بكاء مرير و هى تتحدث من بين شهقاتها بوجع دافين: هو أنا وحشة يا دينا ، أنا وحشة
فأنخرطت دينا هى الأخرى معها فى البكاء ثم أقتربت منها أخذه إياها بين أحضانها مردده بحب و حزن الأثنان معا: أنتى جميلة يا دهب ، أنتى أجمل من أى حاجة ، و قطع لسان اللى يقول عليكى أنك وحشة
ثم أبعدتها عنها و تابعت بحب: بس أنا مش عاوزه أقولك أنى ياما نصحتك و ياما قولتلك بلاش التضحيات و التنازلت الزيادة دى معاه لأن هيجى عليه وقت و هيعتبر ده فرض عليكى و حق مكتسب لى و أنتى اللى كنتى مغيبه فى حبك لى ، أنتى عملتى عشانه كتير أوى ، و أنتى السبب من بعد ربنا سبحانه و تعالى فى الخير اللى هو فى دلوقتى ، أنتى ناسية أنتى عملتى إيه عشانه ، ناسية أنك عشتى مع مامته فى حتة أوضة عشان مكانش معاه يبنى شقة و يجيب عفش ، أنتى ناسية أنك اتنازلتى عن فستان فرحك اللى هو حلم كل بنت و اتنازلتى عن فرحتك و شبكتك و أكتفيتى بدبلة بس عشان بتحبيه ، نسيتى أنك سبتى دراستك و مستقبلك عشانه ، لو أنتى نسيتى كل ده و هو نسى كمان فأنا منستش يا دهب و مش هسكت له المرة دى ، ثم أكملت بتساؤل؛ هو فين مالك دلوقتى
نطقت دهب بوجع على صغيرها: أخده منى لما عرف أنى عاوزه أطلق بعد ما ضربته بالقلم ، و قالى أنه هيسبنى كده متعلقة زى البيت الوقف
فتفوهت دينا بصدمة: أنتى ضربتيه بالقلم
فأومات دهب برأسها عدة مرات ثم هتفت بوجع: لما أستفزنى أعصابى فلتت و مش عارفة عملت كده أزاى ، و سبت البيت و مشيت بعد ما هددته أنى هعرف أخد إبنى

 

 

 

فنطقت دينا بغيظ: وحيات أمى يا يونس لهوريك هعمل فيك إيه ، و أن رقدتها قدامى دى هتدفع تمنها غالى أوى
فقالت دهب مسرعة: لاااا أرجوكى بلاش تقوليلى أنى تعبانة و أن جالى السكر ، أرجوكى يا دينا أنا مش عاوزه أتكسر أكتر من كده قدامه
فصاحت دينا بانفعال: معاش ولا كان اللى يكسرك يا دهب معاش ولا كان ، اللهى تتكسر رقبتك يا يونس يا أبن أم يونس يا قادر يا كريم

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ولد الهلالي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى