روايات

رواية هدية القدر الفصل الثالث 3 بقلم شمس محمد

رواية هدية القدر الفصل الثالث 3 بقلم شمس محمد

رواية هدية القدر الجزء الثالث

رواية هدية القدر البارت الثالث

رواية هدية القدر الحلقة الثالثة

“على الرغم من الحزن الساكن بين جنبات صدري، إلا أن لازال هناك مافي قلبي يريد التبسم رغم كل شيء”
***************
بعد توسلها له في الهاتف أن يمد لها يد العون و لهفتها الباكية لم يقف كثيرًا، بل أغلق الهاتف في وجهها ثم سأل خطيب شقيقته بلهفةٍ:
“سالم !! معاك العربية بتاعتك ؟!”
حرك رأسه موافقًا بتيهٍ وقد أثار تغير “عـز” ريبته بينما الأخر قال بصوتٍ جهوريًا:
“قوم معايا يلا أنتَ لسه هتنح، بسرعة يلا”
سألته “بسمة” بهلعٍ من طريقته الغير معتادة:
“مالك بس يا عز ؟؟ حصل إيه لكل دا و فيه إيه قلقك كدا؟!”
رد عليها بضياعٍ و تشوشٍ:
“أبو جومانا بيجوزها يا بسمة، جايب ليها عريس و عاوز يجوزها غصب عنها”

 

اتسعت عينيها بهلعٍ و كذلك “سالم” بينما “عـزة” أتت من الداخل تقول بجمودٍ:
“و إحنا مالنا يابني؟! خلاص موضوعك معاها خلص و كل واحد فيكم راح لحاله، سيبك منها بقى و خلصنا و ربنا يعوض عليك يا عز”
اقترب منها يمسك كفيها و هو يقول متوسلًا لها:
“ابوس ايدك بلاش كلامك و بلاش تمنعيني علشان أنا كدا كدا هروحلها، دي متصلة تستنجد بيا علشان ملهاش غيري، عاوزاني أخذلها ؟!”
ردت عليه بثباتٍ زائفٍ:
“دول أهلها و هما أحرار معاها، مش هي سابتك و جابتلك حاجتك لحد هنا؟! يبقى هي مش رايداك يابني”
تدخلت “بسمة” تقول بنبرةٍ غلبها الحزن:
“يا ماما هي عملت كدا علشانه هو، كانت خايفة عليه و خايفة تضغطه، علشان خاطري بلاش تخليه يبعد عنها، البنت مش وحشة”
تنفست بعمقٍ ثم قالت:
“قولت لأ، مش هيروح، بصفته إيه يروح يمنع جوازها إن شاء الله ؟! لا من دمه و لا هي تخصه بشيء، مفيش مرواح من هنا يا عز”
قالت جملتها ثم رفعت حاجبيها تتحداه بنظراتها بينما وقف هو حائرًا خائر القوى مغلوبًا على أمره و نظرات الشفقة تتبعه محل وقوفه.

 

*******************
في شقة “جومانا” كانت في غرفتها تدعو الله أن يوفق “عز” و أن يأتي لها، لطالما أخبرها قلبها بالوثوق به و الاعتماد عليه، رفعت رأسها تطلب من الخالق أن يوفقه و يأتي لها و أن تكون ثقتها به في محلها.
طرقات عنيفة على باب غرفتها وصلت لها جعلت جسدها يجفل بعنفٍ إثر ذلك الصوت و ما تلاه هو دلوف والدها الغرفة يقول بنبرةٍ جامدة تعبر عن مدى قسوته:
“قومي يالا يا بت، عريسك برة، قومي فِزي هتفضلي مبلمة كتير ؟!”
نهرها بحدة جعلتها تنتفض من محلها ثم شخصت ببصرها نحو موضع الساعة المُعلقة بالحائط لترى أن “عز” استغرق أكثر من الوقت المطلوب حتى يأتي لها، و عليه اعتصرت عيناها تحاول ردع تلك العبرات الخائنة ثم خرجت خلف والدها بعدما تأكدت من عدم مجيء “عـز” لها، فبالطبع لن يأتي و هي لن تخصه بشيء.
توجهت نحو “غرفة الصالون” تجلس بها و هي تضم كفيها معًا و قد اخفضت رأسها حتى لا تتقابل نظراتها مع ذلك الوغد الذي يتفحصها باشتهاءٍ في كل مرّة يقع بصره عليها.
تحدث “محمد” يقول بخبثٍ:
“إيه الحلاوة دي يا عروسة ؟! زي القمر”
شعرت هي بالتقزز من حديثه، و رغمًا عنها وضعها عقلها في مقارنةً ما بين “عـز” و “محمد” الأول دومًا يحترم البيت و يحترم مشاعرها دون أن يفصح بكلمةٍ واحدة قد تتسبب في احراجها، بينما ذلك !! لم يحترم حتى أصول الدين و الشرع، يبدو وكأنه يجاهد ليبتعد عن كل ما هو محرم.

 

تحرك والدها من المكان يترك لهما المساحة سويًا في التحدث مع بعضهما و فور اختفاء أثره اقترب “محمد” منها يجلس بجوارها على الأريكة حتى أجفل جسدها إثر حركته تلك و زاد خوفها أكثر بينما قال هو بفحيحٍ:
“جرى إيه يا حلوة ؟! ما تاخدي و تدي معايا كدا في الكلام ؟! خلاص عريس الغفلة راح لحال سبيله”
ضغطت على كفيها معًا تُحد من أثر اضطرابها نتيجة صوته، بينما هو أقترب منها اكثر و تعمد الاحتكاك بها حتى انتفضت هي من مجلسها و بالتزامن مع حركتها تلك وصل صوت طرقات عنيفة على باب الشقة يصاحبه صوت الجرس باستمرار حتى قال “محمد” لها بلهجةٍ آمرة:
“خليكِ أنتِ و أنا هشوف مين الحيوان دا”
تحرك بعد جملته نحو باب الشقة يفتحه حتى تفاجأ بـ “عز” يدفعه في منكبيه و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
“وسع يالا من وشي”
قال جملته و قبل أن يخطو خطوةً واحدةً نحو الداخل أوقفه “محمد” بعدما أمسك مرفقه و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
“اقف أنتَ هنا !! هي زريبة؟! مالكش حاجة هنا خلاص”
دلف “سالم” في تلك اللحظة يقف بجوار “عـز” الذي رفع حاجبيه مستنكرًا فتابع الأخر حديثه بـ:
“اتفضل برة خلاص، جومانا بقت خطيبتي و النهاردة هنلبس الدهب”

 

ركضت هي نحو الخارج تتابعه بعينيها و تود الارتماء عليه و الاحتماء به، بينما هو تنفس بحدة ثم قال بنبرةٍ جامدة:
“اسمع ياض أنتَ علشان منكترش في الكلام !! جومانا متخصكش، برة و خد حاجتك و في ستين داهية”
رد عليه “محمد” ببرود تزامنًا مع خروج “أنور” من الداخل بعدما انشغل في مكالمته الهاتفية:
“بقولك هتبقى مراتي و النهاردة هلبسها دبلتي، خلاص يا حبيبي شطبنا”
تحدث “أنور” في تلك اللحظة بجمودٍ:
“فيه إيه أنتَ وهو ؟! جاي ليه يا عز ؟ خلاص موضوعك مع بنتي خلص”
كل ذلك لم يؤثر بـ “عز” حتى فتح “محمد” فمه يقول بنفس المعاندة:
“أنا بقول خلاص يا عمي طالما نورنا هنا يبقى يحضر تلبيس الدبل، احنا برضه بنفهم في الذوق”
اندفع “عـز” يمسكه من تلابيبه و يلصقه بالحائط خلفه ثم سحب المزهرية الموضوعة على الطاولة و هو يقول بغلٍ و غيظٍ بلغ أشده:
“و ليه يا حيلة أمك ؟! طالما جيت بقى بنفسي يبقى نخليها تلبيس كفن و الحَجة تلبس الاسود عليك العمر كله، ها !! لسه عندك قولك ؟”
حرك رأسه نفيًا و هو يصارع لعملية التنفس التي أصبحت ركيكة إلى حدٍ كبير، بينما رفع “عـز” صوته و هو يقول بصوتٍ جهوري:
“جــومـانـا !! خشي هاتي حاجتك يلا، اقسملك بالله نص ساعة لو ما كنت جاهزة لأخدك على كتافي من غير أي حاجة، سامعة ؟!!”

 

حركت رأسها بخوفٍ و قبل أن ينطق “أنور” أوقفه “عـز” بقوله:
“متفتحش بوقك يا حمايا !! هي أصلًا مش فارقة معاك، مش كل اللي همك إنها تمشي من هنا علشان العروسة تيجي تلاقي المكان فاضي ؟! أنا بقى اولىٰ بمراتي، و المحروس عين أمه دا يغور من هنا، بدل ما عظيم بيمين أكون مخرجه على نقالة، مـــفــهوم !!!”
صرخ بكلمته الأخيرة في “أنور” و هو يهز “محمد” في يده ثم قال موجهًا حديثه لـ “سالم”:
“سالم !! خد الحيلة دا نزله تحت بحاجته بدبلته كدا و لو كتر معاك عرفني بس، لحد ما أشوف اخرتها هنا”
تحرك “سالم” يمسك “محمد” من جسده و هو يحاوطه نظرًا للفارق الجسدي بينهما، بينما “عـز” رفع رأسه ينظر بشررٍ لـ “أنور” الذي طالعه بلامبالاةٍ و هو يقول:
“هتاخد بنتي و تروح فين يا عـز ؟! أنتَ ناسي أنها مش مراتك ؟!”
_”دا على أساس إنك أب و هي بنتك يعني ؟! و لا على أساس إنك فارق معاك أوي حالها ؟! أخرس خالص مش عاوز اسمع صوتك، و أحمد ربنا أني مراعي فرق السن ما بينا علشان مكسرش الفاظة دي على دماغك، و إذا كان على جومانا فهي طالما بعيد عنكم أكيد في الحفظ و الصون”
رد عليه بذلك الحديث الذي جعله يزدرد لُعابه بتوترٍ دون أن يشغله حتى إلى أين ستذهب ابنته، فكل ما يهمه هو أن ترحل من هنا قبل إتمام زيجته الثانية على عروسه المُبجلة.

 

مرت دقائق قليلة خرجت بعدها “جومانا” من الغرفة بحقيبة ظهر و أخرى خاصة بالسفر تسحبها بيدها و قد سبق و وضعت بها كافة أشياؤها، و حينما وقع بصر “عـز” عليها ركض نحوها يمسك الحقائب منها ثم شملها بنظرةٍ مُطمئنة فوجدها تبتسم له بامتنانٍ، حينها التفت هو يقول بثباتٍ:
“بنتك متخصكش بعد كدا، كل اللي ليك عندي إنك تحضر كتب كتابها علشان تكون وكيلها، و دا قريب اوي و ساعتها مشوفش وشك تاني لا أنتَ و لا أي حد من طرفكم، و مراتي معايا في أمان”
قال حديثه ثم أشار لها حتى تتبعه، بينما هي وقفت أمامه تقول بثباتٍ ينافي البكاء و الدموع التي تنهمر على وجنتيها:
“خلي بالك أنا ماشية بمزاجي من هنا مش مجبورة، و هروح مع عز برضه بمزاجي مش مجبورة، الحاجة الوحيدة اللي اتجبرت عليها هي إن أنتَ للأسف أبويا و هي أمي، يمكن يكون جوازكم غلطة من الأول، بس أنا كنت استاهل إنكم تتفاهموا مع بعض حتى لو علشاني، مع السلامة”
تحركت من أمامه في منتهى الثبات و القوة و هي تتحرك أمام “عـز” الذي حاول كتم بسمته الشامتة في والدها الذي نظر في أثرها بارتياحٍ لرحيلها دون أن يشغل نفسه حتى بحديثها الموجِع.
****************
في الأسفل كان “سالم” في انتظارهما بعدما رحل “محمد” و حينما ظهر أمامه “عـز” على أعتاب البناية اقترب منه و هو يسأله بلهفةٍ:
“ها طمني فيه خطيبتك؟!”

 

أشار برأسه نحو البناية و هو يقول بنبرةٍ متعبة:
“جاية ورايا أهيه بس أنا نزلت على رجلي و هي في الاسانسير”
حرك رأسه موافقًا و سرعان ما وجد باب المصعد يُفتح و تطل منه و بجوارها الحقيبة، حينها أشار برأسه نحوها ليلفت انتباه الأخر الذي دلف للداخل ركضًا يحمل الحقيبة من يدها و يقطع سُبل اعتراضها.
خرجا من البناية سويًا، فقال “سالم” بطريقةٍ مهذبة:
“اتفضلي يا آنسة جومانا اركبي العربية، اتفضلي”
نظرت لـ “عـز” فوجدته يحرك رأسه موافقًا فتنهدت بعمقٍ حينما وجدته يفتح لها الباب الخلفي حتى تدلف السيارة، بينما “سالم” أخذ الحقائب يضعها في حقيبة السيارة الخلفية، بينما “عـز” جلس بجوار مقعد القيادة و كذلك “سالم” بجواره و قبل أن يبدأ في القيادة قالت هي بنبرةٍ خافتة:
“ممكن بس توصلني عند حسام أخويا ؟! أنا عارفة العنوان و كدا يبقى كتر خيرك و متشـ……”
توقفت عن الحديث حينما قطعه بالتفاته للخلف يقول بنبرةٍ جامدة:
“اسكتي !! اسكتي مش عاوز كلمة منك، أنتِ السبب في اللي احنا فيه دا”

 

سألته بانهيار و قد داهمها البكاء:
“أنتَ بتزعقلي ليه ؟! هو كل شوية حد يزعقلي كدا ؟! أنا معملتش حاجة وحشة لحد”
قبل أن يرد عليها هو قال “سالم” محاولًا تهدئة الأجواء:
“وحدوا الله يا جماعة و اهدوا كدا الحمد لله كل حاجة عدت خلاص، آنسة جومانا، مش هينفع نوديكِ اي مكان تاني من غير ما نكون متطمنين عليكِ، خل أخوكِ دا مش مناسب، لازم نكون متطمنين عليكِ”
ردت عليه بصوتٍ منكسر:
“للأسف كدا مفيش مكان ليا، بس حسام لو روحتله هيفرح و مش هيقول حاجة”
زفر “عـز” بحدة ثم قال:
“اطلع يا سالم خلينا نخلص بس، اطلع يلا أنا على أخري خلاص”
لاحظت هي تجاهل حديثها من جهته لذا نظرت من النافذة الزجاجية بينما الأخر قاد السيارة و هو يوزع نظراته بينهما.
بعد مرور دقائق قليلة من القيادة أوقف “سالم” السيارة ثم استأذن منهما و نزل منها، بينما “عـز” نزل من مقعده ثم ذهب يجلس بجوارها و هي تطالعه بتعجبٍ و استنكارٍ، بينما تنفس بعمقٍ ثم قال بنبرةٍ أهدأ:
“أنا آسف كل شوية اتعصب عليكِ، بس والله مش بأيدي أنتِ خرجتي طاقتي كلها، فكري معايا كدا، مشوار اخوكِ دا مستحيل اعمله، حسام مش فارق معايا و مش قصدي حاجة وحشة، بس هو قلبه مَرِقش ليكِ، يبقى صعب يقدر حاجة زي دي، أنا مش عاوز أفضل قلقان عليكِ، عاوز أكون متطمن، كفاية الكام يوم اللي فاتوا من غيرك، كان حالي يصعب على الكافر، اتكتب عليا من أول ما شوفتك النوم يطير من عيوني”

 

نظرت له بأعين دامعة و صدرها يعلو و يهبط، و قبل أن يتحدث أيًا منهما، طرق “سالم” على زجاج النافذة، حتى فتح “عـز” الزجاج فوجده يمد يده له بحقيبة بلاستيكية من محل البقالة ثم أشار له بمعنى أن يهتم بها، طالعه “عـز” بامتنانٍ و هو يأخذ منه الحقيبة، بينما الأخر ابتسم له ثم ابتعد عنهما.
أخرج “عـز” زجاجة المياه من الحقيبة ثم قام بفتحها و قام بسكب القليل من الماء على راحته ثم قرب كفه من وجهها يمسحه لها خاصةً وجنتها المتورمة إثر صفعة والدها لها، شعرت هي بالألم فور لمس الماء لبشرتها الملتهبة، بينما قال هو بآسفٍ:
“أنا آسف معلش، آسف”
بكت هي بلوعةٍ و لم يكن البكاء من الألم و لكن ما حنانه عليها و أنها كانت على وشك خسارته، بينما هو سحب كفه ثم مد يده لها بالزجاجة حتى ترتشف منها، و هو يتابعها بشغفٍ، ثم أخرج زجاجة العصير الصغيرة يمد يده لها بها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
“اشربي العصير وشك أصفر و عمالة تترعشي، اشربي يلا”
حركت رأسها موافقةً ثم اخذتها منه ترتشف منها رشفة صغيرة ثم سألته بنبرةٍ مختنقة:
“هو إحنا هنروح فين ؟!”

 

رد عليها هو بثباتٍ:
“هنروح عندنا، و قبل ما تعترضي أنا هروح أبات عند خالتي و اسيبك في البيت مع بسمة علشان تكوني براحتك، و دا كلام نهائي مش عاوز نقاش فيه”
قبل أن تهم بالاعتراض التفت هو ينادي على “سالم” حتى يأتي له و ينقلهما نحو بيته، ثم تجاهل نظراتها الموجهة نحوه و تعمد أن يبقى بجوارها.
*****************
في بيت “عـز” جلست “عـزة” تضرب كفيها ببعضهما من شدة الغيظ ثم التفتت لزوجها الذي يجلس بأريحية و هي تقول:
“عاجبك كدا عمايل البيه ؟ سابني زي الكلبة و نزل ؟!”
رد عليها بنبرةٍ فاترة تحمل الكثير من التشفي بها:
“آه عاجبني و لو مكانش عمل كدا أنا كنت هقول أني معرفوش و أني معرفتش أربي، خليه يفرح بقى !!”
سألته بنبرةٍ محتدة:
“و هو كدا هيفرح يعني ؟! بالطريقة دي عز هيشوف فرح ؟!”
حرك رأسه موافقًا ثم أضاف:
“آه هيشوف فرح عارفة ليه يا عزة ؟! ابنك حبها بجد، و قلبه رايدها و اللي قلبه حب مش بيشوف غير حبيبه، وبعدين البت

 

ملهاش حد، أهلها كسروا بخاطرها، شوفي بنتك لما بنشد شوية مع بعض بتبقى عاملة إزاي، ما بالك دي بيت أهلها اتخرب كله ؟! و حياتها مهددة ؟! حرام عليكِ بنتك كلها ايام و تسيبك و تمشي، و ربنا بيعوضك ببنت تانية تكسبي فيها ثواب و تعوضيها عن أمها اللي سابتها، اتقي الله شوية”
شعرت هي بالتخبط فور حديث زوجها، و لازالت بين نارين كما يقال، فهي تخشى على فلذة كبدها الوحيد و في نفس الوقت تتمنى فرحته.
قبل أن تنطق و تتخذ قرارها دلف “عـز” الشقة و هو يقول بصوتٍ عالٍ:
“السلام عليكم يا أهل الدار”
انتبهوا له جميعم و وقفوا على أهبة الاستعداد لمواجهة القادم، و لم يكن سوى “جومانا” التي نكست رأسها للأسفل، حتى ركضت نحوها “بسمة” تحتضنها بلهفةٍ و هي تقول:
“جومانا، عاملة إيه يا حبيبتي، طمنيني عليكِ، مال وشك وارم كدا ؟! أوعي يكون عـز ضـر…..”
توقفت عن الحديث حينما حدجها شقيقها محذرًا لها من التكملة، ثم قال مغيرًا للحديث:
“خديها تريح في أوضتك يلا علشان هي من الصبح صاحية و تعبانة و عندها امتحان بعد بكرة، يلا”
تحركت شقيقته نحوها تحتضنها بذراعيها و الأخرى تسير بجوارها بإذعانٍ و خضوع، بينما دلف هو و “سالم” خلفه يغلق الباب حتى سألته والدته بتعجبٍ:
“إيه دا إن شاء الله ؟!”
رد عليها ببرودٍ:
“دا اللي المفروض يحصل، جومانا هتفضل هنا مع بسمة و أنا هروح عند خالتي و ابات مع سالم، هو أخويا مش غريب، إيه الغريب في الموضوع ؟!”

 

تدخل “جلال” يقول مستحسنًا قوله و فعله:
“عين العقل يا بني، ربنا يكرمك و ييسر اموركم إن شاء الله”
التفتت زوجته له تطالعه بدهشةٍ من حديثه فقال هو بثباتٍ يحذرها:
“عظيم بيمين يا عزة لو عملتي للبت حاجة و زعلتيها لأكون طاردك على بيت أبوكِ، علشان قساوة القلب اللي بقت فيكِ دي، فاهمة ؟! و لا أقولك ؟! ابن أختك اهو ياخدك و هو مروح”
اتسعت عينيها بهلعٍ و ذعرٍ فقال “سالم” يمازحهم:
“هاتها تونس الأرملة اللي عندي، طب أختك عاملة شوية ملوخية و بتنجان مخلل، اقسم بالله لو بنتك معملتش زيهم هرجعهالك تاني”
رد عليه “عـز” بنبرةٍ ضاحكة:
“لأ اتطمن بسمة شاطرة و نفسها حلو في الاكل كمان، قول لامك تسخن الاكل لحد ما اجيب حاجتي من جوة و نروح”
دلف للداخل بعد حديثه، بينما والدته ارتمت على الأريكة بقلة حيلة تطالع الوضع حولها بازدراءٍ، بينما هو دلف الغرفة الخاصة بشقيقته بعدما طرق الباب، ثم طل عليهما برأسه حتى فتحت له شقيقته ثم قالت بنبرةٍ خافتة:
“هروح أجيب مياه تشرب و أجيلكم تاني، سيب الباب مفتوح ياض بلاش قلة أدب”
قالت حديثها بمزاحٍ ثم تحركت من الغرفة بعدما فتحت الباب على مصراعيه، بينما اقترب هو بخطى ثابتة نحوها ثم وقف أمامها يقول بصوتٍ هاديء:

 

“الوضع دا مش هيفضل كدا كتير إن شاء الله، خلصي امتحاناتك على خير و أنا هكون ظبط شوية حاجات و نكتب الكتاب، حوار إنك تبعدي عني دا انسيه خالص”
رفعت رأسها تطالعه بعينين دامعتين، فوجدته يمد يده في جيب بنطاله ثم أمسك يدها يضع بها الخاتم الخاص بخطبتهما ثم تنفس بعمقٍ و قال بصوتٍ رخيم:
“الخاتم دا مكانه هنا مؤقتًا….لحد ما يكون في الشمال، غير كدا مش عاوز أشوفه في مكان تاني يا جومانا، و خليكِ فاكرة أني صبري ليه حدود”
مسحت دموعها بكفيها ثم سألته بنبرةٍ مختنقة:
“عز هو أنتَ لسه بجد عاوزني حتى بعد ما سيبتك ؟! مش بتعمل كدا علشان…علشان ….”
تركت حديثها فارغًا خوفًا من التكملة، بينما هو زفر بعمقٍ ثم قال:
“أنتِ لما سبتيني حكمتي عقلك على قلبك، بس أنا معرفتش أعمل كدا، علشان كدا أنا عاوزك و متمسك بيكِ لأخر نفس فيا، سؤالي بقى ليكِ أنتِ اللي عاوزاني؟”
رفعت رأسها نحوه و حينما التقتطت نظراته لها ابتسمت رغمًا عنها و هي تقول:
“عاوزاك يا عـز، والله عاوزاك”
جلس على ركبتيه أمامها و هو يسألها بنبرةٍ هادئة:
“طب ممكن أعرف كلمتيني ليه ؟! طالما أنتِ سايباني؟”

 

ردت عليه بتوترٍ و خجلٍ:
“علشان….علشان لما خوفت مفتكرتش غير إنك اكتر واحد هتطمني….دايمًا كنت بشوف فيك إنك مستعد تعمل علشاني أي حاجة، عقلي وقف عن التفكير إلا فيك أنتَ”
شعر هو بالانتصار على معضلته بعد حديثها و طريقتها التي توحي بأنها أصبحت تقدر وجوده معها و أن مكانته وضعت في نصابها الصحيح، و رغمًا عنه ابتسم ثم نطق بعبثٍ يشاكسها:
“يا وعدي….يا وعدي”
ابتسمت هي له رغمًا عنها كعادتها فيما زفر هو بقوةٍ و قبل أن ينطق دلفت والدته و هي تقول بنبرةٍ جامدة:
“الوضع دا غلط و مينفعش، كدا كتير و أنا لا يمكن أقبل بيه، مفهوم ؟!”
*****************
فاضل فصل و خاتمة إن شاء الله احاول انزلهم النهاردة او بكرة الصبح بالكتير، علشان هما كلهم مضغوطين في بعض و أنا بظبطهم.
**************

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هدية القدر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى