روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس عشر 15 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس عشر 15 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الخامس عشر

رواية غمرة عشقك البارت الخامس عشر

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الخامسة عشر

دخل الملهى الليالي وكان حشد كبير من البشر…. أناس لن تراهم الا هنا.. عُري.. وخمر… وانحلال كبير
بين الرجال والنساء هنا….عالم بذيء ، شعر بتقزز
وهو يتفقد المكان الشاسع والاضاءة الحميمية الخافته… كل ما به عبارة عن انحلال…. حياة
بدون قيود… معاصي بدون رقيب.. هكذا يظن من يدخل لهذا المكان او من تاقلم عليه وبات كالادمان يجري بعروقه…..
جلس على أحد المقاعد امام ركن يقدم انواع النبيذ الغالية…..
هتف الرجل الذي يقف في الجهه الأخرى لابراهيم بهدوء…..
“منورنا ياباشا…. طلبك إيه….****ولا كوكتيل على بعضه…..”
نظر له إبراهيم بصمت مبهم ثم حول انظاره خلفه عند نقطة معينة حيثُ يجلس ماهر على احد الارائك
مع احد النساء…. واحده تتمايل عليه بميوعة يكشف ثوبها اكثر مما يخفي….. تمسك كأس الخمر بين يدها
وتخبطه في كأس ماهر وهي تتجرعه دفعه واحده وماهر كذلك يفعل ليهمس لها في اذنها ببعض الكلمات البذيئه لتضحك على اثرها بميوعة وسعادة مصطنعة….
“تعرفه….” سأل ابراهيم النادل وهو يعيد عيناه عليه وكان بين يد ابراهيم ورقة ماليه يرفعها نحو للرجل بصمت…….
نظر الرجل للورقة الماليه ثم لابراهيم ليقول بجدية وتحذير خافت….
“دخل فلوسك في جيبك ومتلعبش بي نار… دا ماهر المحمدي……. ولو ناوي على شر يبقى بتحكم على نفسك بالاعدام…… وبعدين شكلك جديد هنا انا اول مره اشوفك……”
رد ابراهيم بنبرة باردة وهو يتطلع على الرجل
باستخفاف….
“مين قالك اني بسأل على ماهر المحمدي انا بسأل عن اللي معاه….. اصلها عجبتني تعرفها…..”
خطف منه النادل الورقة المالية وهو ينظر لها بطمع ثم أفصح ببساطه….
“طب مش تقول… دي ياسيدي لولا….رقاصه.. بتيجي هنا كل يوم تعمل نمرتها وتقعد شويه مع الزباين اللي عليها العين وبعدين بتخلع مع واحد منهم… يعني
ليها في سكه دي مش هتستصعب عليك…. تحب
اقولك بتروح امته……”
سأله إبراهيم في الأهم بنسبة له….
“انا عايز اعرف الاهم….. هي هتطلع مع الجدع ده النهاردة ولا إيه…… اصل انا كُنت عايزها…..”
أجابه الاخر باختصار….
“شكلها هتطلع معاه…. اصل ماهر بيه بيجي هنا على فترات مش علطول يعني…. وعلطول لولا بتبقى معاه في اخر السهرة…… قليل اوي على ما تلاقيه طالع مع واحده غيرها في اخر السهرة…….. لولا المفضلة
عنده…”

 

 

 

رمقهما ابراهيم من جديد وهو يعقب بنبرة
غامضة…
“باين عليها…….. تشكر ياذوق…..”
ساله الرجل بغرابة من نظراته المتعلقة
على ماهر ومن معه…..
“تحب تشرب حاجة……..يا؟؟؟ ”
رد ابراهيم ومزالت عيناه مثبته عليهما….
“ابراهيم راضي…… وياريت اي حاجة عندك بس مفيهاش خمرة…….. عشان متوضي…..”
“متوضي ! اللي هو ازاي يعني…..” لم يرد ابراهيم عليه بل انه لم يسمعه من الأساس مما جعل الرجل يذهب وهو مقطب الحاجبين……
بعد مدة من المراقبة لمح ابراهيم المرأة التي كانت برفقة ماهر ترحل لركن معين نهض من مكانه وهو يضع كأس العصير جانباً وحاسب النادل سريعاً
قائلاً….
“تشكر ياذوق على العرقسوس……..”
نظر النادل للكاس بدهشة وهو يردد بصدمة…
“عرقسوس……..بس ده مش عرقسوس…..”
سار ابراهيم في رواق التي دخلت منها تلك المرأه المدعوة بـ(لولا)…..
سمعها تتحدث في حمام السيدات لاحد زملاءها بصلف وهي تقف تطلي شفتيها بالحمرة الصارخه….
“شكلي اليلادي هقضيها مع ماهر…….ماسك فيا
و مش عايز يسبني…..”
برمت الشابة الأخرى شفتيها وهي تقول بتحسر….
“معوجه على اي يالولا دا ماهر المحمدي يابت حسره علينا….دا انا لو مكانك اللف عليه وخليه يتجوزني…”
ضحكت لولا ضحكه خليعة وهي تقول بضجر….
“يتجوزني……دا بيعشق الحرام……. تقريباً عنده حساسيه من السكك اليمين تلقيه سالك في شمال اوي…….”
بدأت الشابة بهندمت ثوبها العاري امام المرآة وهي تقول بتبرم……
“ياختي اعملي عليه فيلم هندي وهو هيجي على بوزه………كيدهن عظيم يابت…..اتعلمي من رزان
هي كانت اي يعني غير واحده شحاته لا راحت ولا جت لفت عليه وخلته يتجوزها رسمي ويكتبلها
شيء وشويات….”
استدارت لها لولا وهي تخبرها بجدية….
“ايوا بس رزان مكنش ليها في سكه بتاعتنا دي فقيرة آآه بس مش زينا عشان كده اتجوزها….بس عرفت من مدة ان طلقها وناوي يتجوز تاني……”
لمعة عينا الشابة وهي تسالها بفضول…
“مين يابت حد نعرفه…. ولا واحده من الهوانم بتوعه….”
ردت لولا بطريقة بذيئه….
“معرفش بقه….بس شكلو واقع لشوشته اصل كل ما كان بيقربلي اسمعه بينادي على اسم واحده كده وهو معايا……اسمها اي يابت يالولا…. كان اسمها إيه…. آآه
سمر…….كان بيحب فيها وهو معايا….لحد ما خانقني
بس مردتش اعكر مزاجه وقتها واسأله… وبعدها بقه
لما لقيته اداني قرشين حلوين سكت وعرفت ان انبسط اكتر لم مدققتش معاه……”
اومات لها صديقتها بتفهم وهي تفتح باب الحمام لترحل لتبقى( لولا) به وحدها……
اتكأ على مفاصل يده بقوة بعد ان سمع هذا الحوار اللعين وتعالت انفاسه بشدة وهو يتخيل هذا الحقير
يرسم في مخيلته المريضة صورة حبيبته معه على فراش واحد……..
اعتصر عينيه بالم ماهذا الوجع… الحديث ينحر
نحراً برجولته التي تصرخ مطالبة بالقصاص…..
كيف يجرؤ هذا الوغد على فعلها….كيف يتخيلها وكيف كان يضايقها في السابق..اللعنة قد اخفت عنه الحقيقة وجعلت منه ابله القصة جالس كالنساء تاركها تذهب للعمل لدى زوجته تاركها تستغفله بصمتها اللعين حتى جعلته كالنساء يتبقى له
ارتدى وشاح على راسه ليكن مثله مثلها….
تبا لكِ ياسمر……تبا لسكوتك…..تبا لخوفك….

 

 

 

انا لن أكون رجلاً قولا وفعلاً الا بعد ان اقتص
حقي وحقك منه…..
دخل حمام النساء بعد ان تاكد ان المرأه بمفردها به…
شهقت( لولا) بعد ان ابصرت اياه لتصيح بغضب بعدها عليه….
“اي البجاحه دي ياجدع انت……اي مش شايف انه حمام حريم…….إيه اللي جابك هنا……”
رد وهو يتقدم منها بخطوات ثابته…..
“جاي اشوفك يا لولا……”
“تشوفني ! وانت مين أصلا…..”
“ابراهيم…..”اتكئ بكلتا يداه على الرخامة من خلفها ليحاصرها ببساطة وهو ينظر الى عيناها بوقاحة
وكانهُ يداعبها بتلك النظرات العابثة التي راقتها بقوة
مع جسده الضخم وطوله الفارع وعنفوان شبابه الجذاب جعلها تبتسم شبه ابتسامة لعوبة وهي
تساله بخبث…..
“وعايز اي بقه ياسي ابراهيم……”
“ليله معاكي والنهاردة……ها قولتي إيه….”مرر يده على طول ذراعها مما جعلها تبتلع ريقها بتأثر وهي تقول بتردد……
“مش هينفع اليلادي خليها بكرة….انا معايا زبون مهم….”
“اهم مني يالولا……”داعب وجنتها بحنان وقد تأثرت اكثر بقربة وكان عنفوان شبابه له سحر خالص نظرة عيناه القاتمة المبهمة تقتلها…..الرجل بلمسه واحده يتسلل لداخلها كالهواء ويترك آثر !..
“اي حكايتك…….بتكلم وكانك تعرفني من زمان….”
تحدث بنبرة عذبة حانية….
“انا فعلاً اول ما شوفتك كاني اعرفك من زمان……..هتيجي معايا اليلادي…..”
برمت شفتيها بحسرة على ضياع هذا الوسيم
من بين يداها……
“قولتلك صعب………مش هينفع…..”
سالها وهو يمرر يده على شعرها بخبث….
“ليه هو احسن مني هيدفع اكتر مني…..”
ردت عليه بعينان تشع اعجاب….
“وحتى لو هيدفع اكتر منك…..مش مهم انا بحب الوجوه الجديدة…..وانت جديد في كل حاجة حتى لمستك…….. حنينه……”
سحب ابراهيم يده ببطء وهدوء وهو يصل
معها للنقطه الفاصلة….
“طيب انا عندي خطه حلوه نخلعه من غير ما يحس…….”
سالتها بريبه….
“إزاي………وخطط اي ده…. ”
نظر ابراهيم اليها بهدوء وهو يقول بنبرة حازمه…
“هتنفذي اللي هطلبه منك….ومتقلقيش هرعيكي في اجرتك وهدفع احسن منه…..”
تحسست يده وهي تقول بميوعه…
“ماشي….المهم نبقى مع بعض اليلادي قولي
اعمل أي……”
سحب يده بهدوء وهو يأمرها بخفوت حتى لا
ترتاب منه….
“عايزك تشربيه لحد ما تعميه وفي الآخر اسحبيه
لبرا وركبي معاه العربية واول ما توصلي عند اشارة
المرور اللي على طريق***اعملي نفسك بتكلمي في التلفون وكان حصل مشكله عندك…..وضطري تنزلي
من عربيته…..هتستني عند الاشارة دي وهتلقيني
وقف مستنيكي عندها……ها قولتي اي… ”
ردت بسرعة……

 

 

 

“سهله اوي…….بس انا هنزل القيك مستنيني….”
رد وهو يبتعد عنها بتأكيد….
“امال… هو انا اقدر اتاخر عن الول…..هطلع انا
ونفذي اللي اتفقنا عليه وعند اشارة ***هتلقيني مستنيكي على نار……”غمز لها وهو يخرج من
المكان….
ابتسمت لولا بسعادة عارمة وهي تفكر في تلك الليله الجامحه التي ستقضيها برفقة هذا الرجل الضخم ذو الشباب المدغدغ لانوثتها………
خرجت من الحمام وظلت تبحث عنه بعيناها قبل ان تتجه لماهر لكنها لم تجده زفرة وهي تقول بحنق….
“راح فين بس دا كان لسا خارج…..انا نسيت اخد
رقم تلفونه….”
جلست مع ماهر الذي ضمها لاحضانه وهو يقول بثمل……
“كنتي فين يالولتي…….مش يلا بينا بقه…..”
مدت يدها بكأس اخر وهي تقول بدلال…
“اكيد ياعمري…..بس خد الكاس دا كمان من ايدي…. عشان يعلي مزاجك لحسان شكلك مضايق …”
رد بنبرة ثملة وحزينة كذلك….
“مضايق اوي……..اوي يالولا امال انا جتلك ليه…”
ربتت عليه وهي تلي بكأس آخر….
“ياعمري… قلب لولا من جوه…. خد وزيح من على قلبك محدش يستاهل يامهورتي….”
بعد مدة قد شرب ماهر فيها كمية كبيرة من الخمر مما جعل جسده مخمور ولسانه ثقيل حتى عقله لم يكن واعي بما فيه الكفاية……
سندته لولا للسيارة الفارهة خاصته…..اخرجها لها احد العاملين وهو يعطيها المفتاح مما جعلها تسأل ماهر بتوجس…..
“فين السواق بتاعك والحرس ياماهر….”
رد بنبرة ثملة وحرك لسانه بصعوبة….
“مشتهم…..مفيش غير السواق مش عارف راح فين…”
استلقى السيارة من الخلف وهي بجواره منتظرين السائق بوجوم……
اتى سريعاً عليهم السائق واستلقى مقعد القيادة
كان يرتدي السائق قبعة تخفي جزء كبير من وجهه ووشاح يحيط به نصف وجهه المكشوف ولم يبقى سوى العيون التي لم تكن على مرأى الاعين بسبب القبعة المائلة عليها …..
قال بصوتٍ خشن وهو يمد يده بدون ان
ينظر لها….
“المفتاح……..ياهانم…..”
نظرت له لولا بشك وهي تسأل ماهر بارتياب….
“هو دا السواق ياماهر انت غيرته امتى….انا فكره ان الاسبوع اللي فات كان……”
هتف السائق بنفاذ صبر….
“المفتاح……… ياهانم……..”
رد ماهر بملل وهو يغمض عيناه ويريح راسه للخلف….
“هو السواق…..اديله المفتاح خليه يطلع…..”
ارتاحت قليلاً بعد تصريح ماهر لتعطي له المفتاح وتظل مكانها تراقب الطريق بصمت اوقات تداعب
ماهر بالاحاديث الوقحة وتطلق بعدها ضحكة
خليعة واوقات تظل ترمق ظهر السائق بشك
وحسها الانثوي يخبرها ان هناك شيءٍ خاطئ….
اقتربت السيارة من الإشارة المنشوده مما جعلها
ترفع الهاتف وتجري اتصال وهمي باهلها وتفتعل
امام ماهر الخوف ورعب وهي تصيح بفزع….
“اقف هنا الله يخليك…..” ثم نظرت لماهر وهي
تقول بفزع…..
“انا لازم انزل ياماهر…..امي تعبانه اوي وبتموت…
لازم اروحلها……”
لوى ماهر شفتيه بامتعاض وهو يقول ببرود….
“امشي وكفاية نكد…..عكرتي مزاجي وضيعتي الكاسين من دماغي…..”
فتحت الباب بسرعة وهي تلقي عليه نظرة حنق
من ردة فعله البغيضة…….
انطلق السائق بسيارة بعدها سريعاً وهو ينزل

 

 

 

الوشاح عن وجهه ويرفع القبعة قليلاً لتبان عيناه القاتمة المحملة ببراكين الانتقام الأسود وشفتيه التي تلتوي بقسوة… وقسماته التي تدب بها شراسة رجولية تزأر بضراوة…..لمعة عينا ابراهيم بمكر
وهو ينظر للمرآة الامامية ليجد ماهر بالخلف يستلقي مخمور الجسد شبه فاقد للوعي تقريباً….انه صرح بانه سائقه من شدة سكره وهذا ما كان يريده إبراهيم……وتلك المعتوها الوقحة صدقت القصة وساعدته بمنتهى الغباء…..لولاها ما كان خرج به
من هنا بدون ان يثير الشبهات حوله…..حتى
سائقه الحقيقي خدعه بحيلة خبيثة جعلته
يترك مكانه ويذهب للناحية الأخرى منتظر رب
عمله هناك كما اخبره احد العاملين بعد ان اخذ
ورقة ماليه من إبراهيم الذي وصى بتلك المعلومة الخرافية……
نظر للمرآة الجانبية ليجدها تنتظره على الرصيف
بحنق وكانها ملت من اول ثواني الانتظار….ربما
يجب ان تتعلم الصبر قليلاً حتى ياتي إليها كما تظن !…..
اوقف السيارة في مكان شبه مقطوع امام مبنى مهجور……
رفع ماهر راسه عن ظهر المقعد قليلاً وهو ينظر للسائق بحنق…..
“وقفت هنا ليه يازفت……”
رد ابراهيم بنبرة هادئه…
“العربية عطلت ياباشا…..”
صاح ماهر بملل….
“اتصل باي حد من الحرس يجي ياخدني من
هنا……”
لوى ابراهيم شفتيه وهو يخبره بتافف مصطنع….
“للاسف تلفوني فاصل شحن…..”
زفر ماهر بنفاذ صبر وهو يخرج هاتفه من جيب سترته ويعطيه اياه وهو يقول بضيق….
“خد اتزفت كلم اي حد خلصني……”اراح راسه من جديد بتعب وثمل……..
مسك ابراهيم الهاتف الفخم بين يداه وقلبه بسخرية ثم اغلقه نهائياً وفتح نافذة السيارة والقاه بقوة لابعد
مكان تبصره العين……….
توسعت عينا ماهر بعد ان أنتبه لتلك الحركة المباغته من سائقه….. صرخ بقوة وغضب قائلاً…
“اي اللي هببته ده ياحمار انتَ……..انت اتجننت…”
اثناء صريخ ماهر كان ابراهيم يحل الوشاح ويرفع القبعة عن راسه نهائياً…وبعد ان انتهاء ماهر من الصريخ استدار اليه ابراهيم باعين تحمل افزع
نظرات اجرامية ممكن ان تراها….هسهس ابراهيم بنبرة خطيرة وهو يرمق ماهر…..
“ولا كلمة……أطلع من عربيتك على رجلك…بدل ما طلعك بطرقتي……”
ارتعد جسد ماهر للخلف وهو ينظر اليه بغير استيعاب…..
“انت مين…….”
ارتجف جسد ماهر بأكمله وهو يسمع ابراهيم يهتف بنبرة مرعبة….
“دلوقتي تعرف انا مين…..اخرج من العربية
يلااااااااا.”
ارتجف ماهر بخوف ونفذ الاوامر وخرج من السيارة وهو يتمتم برعب…..
“لو انت حرامي خد اللي انت عايزه…بس سبني…”
اخرج إبراهيم الكلمات بنبرة محملة
بالغضب…..

 

 

 

“انا مش عايز حاجه غيرك…..”
صاح ماهر بنبرة خافته وعدم تركيز…..
“مين اللي بعتك….مين اللي دفعلك عشان تقتلني….”
لوى إبراهيم شفتيه باستهجان وهو يقول بصوتٍ أجوف خطر…….
“اعدائك كتير اوي كده….طب ليه مخلصوش عليك لحد دلوقتي سيبنك ليه تطيح في الخلق…..خايفين منك صح…..يجو يشفوك دلوقتي وانت وقف بترتعش قدامي….قدام واحد لا معاه فلوس ولا قصور ولا ماشي بشوية كلاب يحموه من؟…….الله أعلم من
مين ولا مين…..بس أكيد المؤذي ابن المؤذيين مبيتأذيش…. بيأذي بس…….اعدائك كتير ياماهر بيه وانا واحد منهم بس اكيد هما اجبن من انهم يقفوا قصادك بس انا قدرت اي رايك……..”
دعك ماهر في عيناه وهو يستند على ظهر سيارته محاولاً ان يستعيد وعيه جيداً لكي يبصر هذا الشخص الغامض الذي شكله مألوف جداً بنسبة إليه……هتف ماهر بعجز من التعرف عليه….
“انت مين……..اسمك اي انطق……”
ابتسم إبراهيم ساخراً وهو يتجه نحو السيارة عند مقعد القيادة حيثُ وضع هناك حقيبة جلدية سوداء
متوسطة الحجم قد دخل بها في لمح البصر بدون ان تلاحظ الخرقاء التي كانت ستكشفه من كم الأسئلة الغبية مثلها…….
اتجه ابراهيم الى ماهر وبيده الحقيبة السوداء..ارتعد
جسد ماهر وهو يرى ابراهيم يفتح الحقيبة ليخرج منها……قنينة بلاستيكية كبيرة……
بلع ماهر ريقه وهو يرى ابراهيم يتقدم منه وهو
يفتح القنينة هتف ماهر بهلع….
“فيها اي دي……..”
“متخفش مية نار…….” القاها عليه ابراهيم فصرخ ماهر برعب ليجد من يضحك بقوة… ضحكة سوداء
لا تحمل للمرح ذرة ولا للمشاعر طريق بها…..
انتبه ماهر انه لم يصب بشيء ولا يشعر إلا ببعض البرودة من هواء الليل البارد والماء الذي نزل فوق
رأسه متخيل انه ماء كوي !…..
رفع ماهر عيناه على ابراهيم الذي يقف امامه ببرود يعقد ذراعيه امام صدره ويرسل اليه بعد النظرات
المخيفة الغامضة التي جعلت ماهر يرتعد بداخله
رغماً عنه……
سكون الليل وظلامه مع شكل ابراهيم المرعب أمامه مشهد جعله يتخيل النهاية على يد الغامض الغير معروف بعد…….
تقدم منه أبراهيم خطوتين ليكن أمامه قائلا بجزع هادئ……
“شكلك لسه مفوقتش مع اني خلصت ازازة المياه عليك……بس ملحوقه شكلي لازم اعرفك بنفسي
يمكن ساعتها تفوق وتصحى معايا كده…عشان
نتكلم راجل لراجل……وأعرف اخد حقي منك….”
دقق ماهر النظر اليه وهو يحاول
تذكره…..ثم خاب من جديد فسأله بأستغراب….
“حق ايه انا مش فاهم حاجة…..”
هتف ابراهيم بنبرة هادئه كالهدوء الذي يسبق العاصفة الهائجة……
“حق مراتي اللي رفعت عينك في يوم عليها…اللي حاولت ترفع ايدك الوسخه دي في يوم ناحيتها…حق مراتي اللي عقلك الوسخ بيرسمها في خياله مع اي واحده شمال بتقضي معاها ليلتك……
تابع ابراهيم بهدير مفجع……

 

 

 

“حق تهديدك ليها…..حق انك في يوم فكرة تبص لحاجه مش بتعتك…..حلال غيرك…..ومتحرمه عليك وعلى اي راجل تاني……مراتي…..مرات إبراهيم راضي
سمر…..ياماهر او…. يا شيطان يلي فاكر ان بفلوسك تقدر تشتري جسم اي واحده عينك تيجي عليها…”
لكمه إبراهيم بقوة مما جعل ماهر يقع على الارض
ولا يزال غير مستوعب ان هذا الشحات يقف امامه
يحاسبه ويثبت ملكيته لسمر حبيبته هو لا بل أيضاً يرفع يده عليه بعد ان احضره لهذا المكان اللعين
بالحيلة ….
انه يعبث معه ولا يعرف نتيجة ما اقترفه…..
استند ماهر بجزعه على الارض ورفع راسه لابراهيم
الذي كان على بعد خطوتين منه……مسح ماهر دماء فمه بيده الاخرى وهو ينظر لإبراهيم بنظرة تحمل كوارث قادمة……هتف ماهر بغل……
“عرفتك…..انت الشحات اللي فضلته عليا….رفست العز والمال…….عشانك…… عشان شحات اخره
يقعدها في شقه فوق شقة اهله…..ويوم ما يخرجها يوديها على كورنيش لا و بإيه بموتسكل……”ضحك ماهر بغضب عارم ليجد ابراهيم تتوحش نظراته اكثر وتسوء مضاعفات الغضب بداخل جسده لينفجر
عليه بعد ان صرخ باسمه ….
“مااااااااااااااهر……”
انقض عليه وسدد له الكمات بعنف ودافع ماهر كذلك عن نفسه عدت مرات لكنه فشل مع غضب ابراهيم الهائل…..صرخ ابراهيم بنبرة سوداء…..
“ابعد عن سمر يا*** ابعد عنها…….لو فكرت بس تقرب منها هقتلك يابن ال****…..سمعني
هقتلك… ”
صاح ماهر بجملة متوعدة إليه بعيدة تمام البعد
عن الحوار….
“حفرت قبرك بايدك يابراهيم…..كنت هبعدك عنها بالموت…. بس الموت راحه ليك وانا مش عايز
اريحك….”لكمه ماهر بقوة وغل…..
هجم عليه ابراهيم من جديد وهو يسدد له
الضربات القوية…..
“متقدرش تعمل حاجة معانا……اي فاكر نفسك
مالك الكون وكلنا عبيد عندك…….. ابعد عنها
ودور على حاجة تسليك…. عشان سمر مش
للتسليه ياروح امك………. دور على واحده شبهك
بنت****تليق معاك مانت ابن*****……”
ظل يخرج ابراهيم اقذع الكلمات وهو يلكمه
ويضربه مما أدى لفقدان وعي ماهر من كثرة
الضرب وقد بات وجهه مليء بالكدمات الحمراء والدماء تسيل منه حتى عظام جسده نالت عنف
وغضب إبراهيم عليها…….
اخرج إبراهيم من الحقيبة حبل والقاه نحوه ثم اخرج قنينة بنزين من نفس الحقيبة وبدأ بافراغ ما بها على أعلى السيارة الفارهة ثم بداخلها وخارجها وحولها حتى انتهت القنينة باكملها….اعادها ابراهيم
مكانها في الحقيبة ثم اتجه لماهر الفاقد للوعي وبداء
بربطه بالحبل جيداً ثم أبعده عن السيارة بمساحة كافية…….
حمل ابراهيم حقيبته على كتف واحد ثم اشعل سجارته بالقدحة ومن ثم وزع انظاره على ماهر ثم على السيارة الفارهة الكبيرة لوى شفتيه بسخط
وهو يكلم ماهر الفاقد للوعي من شدة الضرب والكسور التي سببها له ابراهيم الذي قوتها
وشبابه كانا لهم فرق قوي امامه ماهر الذي
يكبره بسنوات عديدة……

 

 

 

“انا عارف ان حرقها مش هيفرق معاك….بس هيفرق
معايا انا لما تقضي كام يوم في الحته المقطوعه دي…من غير تلفونك وعربيتك…..ويارب الكلاب بتوعك يعرفوا يشمشمه كويس عليك……ويلقوك دا اذا لقوك….”لوى شفتيه بقسوة وهو يرمقه ليقذف ما بفمه عليه بقرف قبل ان يرحل…….
كان كل شيء خلف ظهره وهو يخرج دخان
سجارته وحقيبته فوق كتفه ويشعر ببعض
الراحه وبعض الانتصار بداخله يزداد مما جعل على محياه ابتسامة رجوليه رائعه أشبه الوصف بجندي انتصر في حرب رأى بها الخسارة مرات متعددة ، او كالاعب محترف سجل هدف في لحظة يائس !……
أشعل القداحة والقاها بقوة خلفه ليسمع عن
بعد صوت شيءٍ ينفجر ونيران من خلفه ازدادت توهجٍ……..ربما لم تكن النهاية بل بداية الثأر
ونيران غاضبة…..اتت للخراب والدمار……ولم
تكن يوماً رمز للسلام بل بعدها دوما ياتي العناء !……..
………………………………………………………….
كانت تقف في شرفة ليلاً تنظر لابعد نقطة على أول
الشارع محاولة رؤيته والاطمئنان عليه، بعد ان
كانت تحاول بكل الطرق دفن تلك القصة وهذا الحب ، حاولت نزعه كما نزعت الذهب من بين يداها بقوة والقتهُ في وجهه……بعد ان آذى مشاعرها حينما تطاول عليها بمنتهى الهمجية وقد اخبرها بتلك
القبلة القاسية الجائعة انه لن يحررها من براثن عشقه !..اخبرها بانفاسه وتسلط شفتيه المزعجه
ان ما بينهما لا ينتهي بخلع حلي الخطبة من يداها وان الأمر أصبح بنسبة له ولها اكبر من تلك التراهات……..
مسحت دموعها بظهر يدها…منذ متى وهي تنهار هكذا أصبحت مرهفة الاحساس كلما تعلق الامر
به….غاضبه منه تريد ضربه وسحقه باسنانها
لكن هل يطاوعها قلبها بما تريده…..غيظها
شديد لكن حبها أقوى واشد !…….
نظرت لساعة هاتفها من جديد لتجدها اربعة فجرا
لماذا تأخر والدته ستموت قلق عليه وهي أيضاً…..والدته قد اجرت اتصال بها واخبرتها عن اختفائه وقلقها عليه فهو اغلق هاتفه منذ ست ساعات تقريباً مما دب الرعب في قلب سمر بعد هذا الحوار المقلق…….لذلك تقف في شرفة فجراً تنتظره
تحيط كتفيها بشال أسود اسفله منامة قطنية محتشمة……..قد حاولت تهدئة والدته واخبارها باي معلومة واهيه حتى تخلد للنوم بسلام….وبالفعل إطمئنت السيدة لكن هي واقفه مكانها بساعات
تنتظر……… انتظار يحرق الأعصاب……
انتبهت لظل رجل قادم من بعيد….ظلت تدقق النظر به باهتمام وقد خفق قلبها خفقة لا تعرفها إلا الحبيبة اذا أحبت……..
بالفعل ظهر امامها وهذا جعلها تبتسم براحة وتحمد الله بسرها لكن الابتسامة لم تدوم وهي ترى وجهه به كدمات وملابسه متربه يحمل على كتفه حقيبه سوداء وملامحه….ااه منها فقدت وسامتها وبقت حادة بشكلاً مرعب ، مما زاد الخفقات داخلها
لكن ليس شوقاً بل قلقا مما استشعره قلبها وحسها الانثوي؟!….
سار في طريق بملامح فاقدة لاي ذرة حياة لا يرى الا السواد امامه ربما يشعر ببعض الراحة بعد ما حدث لكنه يشعر انه فقد شيء بداخله هناك…. عند الحريق حرق شيء معه هام جدا بنسبة له !……
ربما نقاءه تلوث ودخلت اول نقطه سوداء به؟!…
رفع عيناه على شرفة منزلها وكان متوقع انه لن يرى إلا باب مغلق بوجهه كما أغلقت كل شيءٍ بينهما في لحظة متهورة قد انساق بها خلف شيطانه و آذى مشاعرها…. رغماً عنه أذاها وتلك النتيجة وصل لها بسبب صمتها وعدم التطرق لأمر هام بنسبة
لهما معاً……..
خفق قلبه بداخل اضلعه حينما ابصرها تقف تنظر اليه تلتف بشالها الاسود الناعم ويتمرد شعرها المموج كالعادة منافس سواد الشال وقد فاز بجماله مع عيونها الفاتنة السوداء المتلألأة في وقتاً قد بدأ
الليل به يستحي ويختبئ من حولهما……
اخفض عيناه ودخل البيت وهو يخرج هاتفه من جيبه ليفتح اياه ويجري اتصال بها……
دخلت سمر غرفتها بعد ان اغلقت الشرفة…….
جلست على حافة السرير وضمت ساقيها لصدرها وهي تنتحب بغيظ وشوق إليه…..
“بقالي اسبوع مشوفتش وشه.. ويوم ما اشوفه
ينزل عينه عني ويعمل نفسه مش شايفني….دا
حتى مفكرش يعتذر عن اللي هببه….ولا حتى

 

 

فكر يرن ويطمن عليا….وانا هموت من القلق عليه…….كويس اني مرنتش عليه ومسكت نفسي كان زمانه شمتان فيا دلوقتي……..”مسحت دموعها بغيظ وهي تكلم نفسها بعصبية….
“هو انا مضايقه ليه ما خلاص فركشنا……هو قرف وخلاص……عايزه اقهر نفسي وخلاص… “نزلت
دموعها من جديد وانتحبت أكثر….واثناء بكاءها
صدح هاتفها باتصال منه……نظرت للهاتف بغضب
وضيق…….
“مش رده افضل رن من هنا للصبح……”
اغمضت جفنيها بتردد وهي تشعر ان الرنين على وشك الانتهاء مسكت الهاتف وردت عليه بدون
تفكير…..وانتظرت حتى بادر هو بالسؤال الأول…
“سهرانا ليه لحد دلوقتي…ووقفه ليه في البلكون كده…….احنا اربعه الفجر ياهانم…..”
قضمت شفتيها بغيظ معقبة بسخط….
“كويس انك عارف اننا اربعه الفجر….وانك راجع متأخر وامك كانت هتموت من القلق عليك….”
على الناحية الأخرى فتح ابراهيم باب غرفة والديه ليجد أمه نائمة في سباتٍ عميق فسألها بهدوء….
“هي كلمتك؟…..قولتلها إيه؟ ”
ردت سمر بعفوية وغيظ….
“هقولها إيه هو انا اعرف انت كنت فين… هدتها بكلمتين وخلاص لحد ما شوفك…..”
ابتسم وهو يتمدد على فراشه بتعب وقد تأوه بخشونة دغدغت مشاعرها برغم غيظها منه….
سالها ابراهيم بعبث بسيط…
“ودا اللي خلاكي تقفي كل ده تستنيني…..”
بررت وهي متجهمة الملامح….
“أكيد معملتش كده عشانك……عشان امك…..”
برم شفتيه بسخط وعقب
“اصيلة….”
صاحت بنفاذ صبر بعد سكوته المفاجئ…
“ممكن اعرف انت كنت فين بظبط…واي الكدمات اللي في وشك دي….انت كنت بتتخانق يابراهيم…”
رد ببرود….
“حاجة زي كده….”
صاحت سمر بجزع وتهكم….
“يعني دا اللي اخرك بتتخانق…فاتح صدرك على الناس…..مستغربه ليه انا…..مانا اول مره شوفتك
فيها كانت في خناقه وبتضرب اخويا وبتفتري عليه…..ضربت مين تاني وافتريت عليه……”
رد ابراهيم بصوتٍ عميق
“حد يستاهل………اني افتري عليه……..”
دب الرعب في قلبها وتساءلت…
“مين يعني…………وليه…..”
رد بنبرة خشنة مستهانه حتى لا تلاحقه بالاسئلة….
“كفايه تحقيق….هو احنا مش فركشنا وكل واحد راح لحاله………..ولا غيرتي رايك…….”
جحظت عينيها فور سماع جملته لتهتف بعدها بعصبية قبل ان تنوي غلق الهاتف بوجهه….

 

 

 

“عندك حق…..تصدق انا واحده مهزأه واستاهل اكتر من كده……..”
استشعر انها ستغلق الهاتف بوجهه فهتف
سريعاً بصوتٍ اجش…..
“استني………… باحبك……”
هدرت بغيظ برغم خفقات قلبها التي زادت بقوة
فور كلمة خرجت بغير أوانها…….
“وانا بكرهك……..بكرهك يابراهيم ياراضي بكرهك…”
رد إبراهيم ببرود متسلط…..
“قولي اللي تقولي….برضو هتجوزك وهخلف منك دستة عيال………”
ردت بشراسة وعِناد….
“مش هتجوزك……نجوم السما اقربلك مني….”
رد بنبرة عميقة مختصرة كل شيء….
“انا مش عايز النجوم خليها مكانها……..انا عايزك
انتي ياسمر……”
هزت رأسها باصرار وهتفت بحزم….
“بعد اللي عملته ولي قولته……لا….لا يابراهيم…..”
رد ابراهيم عليها بنبرة جادة غاضبة…..
“مفيش حاجة إسمها لا… انا وانتي وصلنا لمرحله مينفعش فيها لا مش عيزاك…….”
ردت سمر ببرود بعد ان استشعرت غضبه منها….
“وليه لا احنا لسه على البر….مش متجوزين ولا
معانا عيال…….”
اعتدل في جلسته بعصبية وهو يصيح عبر
الهاتف…..
“وهما الحاجتين دول هما اللي لازم يربطوني
بيكي ياسمر…….”
هتفت سمر بحنق وعتاب…..
“متصعبهاش يابراهيم…… اللي عملته….”
قاطعها بقوة وهو يهدر…
“واللي عملتيه انتي…..”
“إبراهيم……”
صاح بعصبية اكبر عليها….
“مش عايزه تطلعي نفسك غلطانه….اللي عملته انا يوجع ولي عملتيه انتي بيريح….آآه استني انتي أصلا معملتيش حاجة انا اللي بعمل…..”
توحشت عينيها بنظرات نارية وهي تحدثه بنبرة
متمردة……
“متعليش صوتك يابراهيم انا كمان بعرف اعلي صوتي….”
صرخ بعصبية بعد جملتها المتمردة عليه…..
“طب علي صوتك عليا وسمعيني….. يلا انا اصلا بتلكك عشان اجيلك دلوقتي وطلع القديم والجديد عليكي……عالي صوتك عليا ياسمر وانا قسما بالله
ما هرحمك بعدها….. ”
هتفت بطريقة مستفزة….
“متقدرش تعمل معايا حاجة احنا خلاص فركشنا..”
عض على شفتيه وهو يحاول ضبط اعصابه فهو
علم انها تستفزه اكثر من الازم وهو ينساق كالابله خلفها….
“والله لا تجوزك ياسمر وغصب عنك…”
ردت بعناد انثوي مغري….
“لا يابابا زمن ذئاب الجبل ده ميكلش معايا…مش هتجوزك…..يعني مش هتجوزك يابراهيم…..”
اخرج نفس حانق وهو ينهي الحوار معها….
“ماشي اللي بيقول ما بيعملش…. ولي بيعمل ما بيقولش…….سلام… ”
صاحت قبل ان يغلق….
“استنى مقولتش ضربت مين…..”
“مش مهم….. دا واحد ابن حرام……متعرفهوش…..”
أغلق الهاتف بعد تلك الجملة….
استلقت على الفراش وهي لا تعرف أتشعر بسعادة لسماع صوته ام بالقلق لنبرته التي بها شيءٍ يثير الريبة بداخلها…. لا تعرف؟!……….
………………………………………………………….
بداخل السيارة كان الصمت مسيطر على المكان مما جعلها تزفر بنفاذ صبر وهي تستعد لهجوم غاضب
من بوابل الاسئلة نحوه ، ويبدو انه أيضاً يشعر بما يعتريها لذلك كان يبتسم كلما رفع عيناه عليها ووجدها واجمت الملامح عابثة النظرات وجسدها مضطرب بغيظٍ واضح للاعمى…. الم يقل انها
شفافة التعبير يزيد على ذلك لغة جسدها المقروءة
بسهولة عليها……
تحدث عز الدين بنبرة هادئه وهو يحرك
عجلة القيادة…..

 

 

“مالك ياحنين…..”
عقدت حاجبيها بتعجب وزاد عبوس وجهها معقبة باستهجان…..
“مالي ياحنين !…. سلامتك ولا حاجة…..”
لاحت البسمة على محياه وهو يقول بتسلية اكبر…
“مالك بس… اي اللي مضايقك….. شكلك عايزه تقولي حاجه قولي انا سامعك…..”
اتت الفرصة على طبق من ذهب فاستغلتها وقالت سريعاً مرحبة بالامر…….
“وقف العربية بس في حته هاديه عشان نتكلم…
بس مش مقطوعه….”
ابتسم ساخراً لكنه طرح بهدوء….
“تحبي نقعد في كفتريا عشان نتكلم….”
نظرت اليه بجدية وقالت بحزم….
“انا عايزه اتكلم براحتي ياعز من غير ما حد يكون مركز معايا……..”
برم شفتيه وقال بنبرة خالية من اي مرح….
“حاضر………. اللي تشوفيه ياحنيني…..”
بالفعل اوقف السيارة في مكان هادئ على
الطريق….. ثم أضاء مصابيح السيارة كاملة
وعدل وضعيته في المقعد وهو ينظر لها قائلاً
باستمتاع غريب معاها…..
“عايزه تقولي اي انا سمعك…..”
نظرت إليه للحظات بتردد ثم بلعت ريقها
وسألته بتبرم…..
“مين ميرال دي……..مراتك؟…… ”
رد بفتور غريب…
“كانت……. هي طلقتي….. الرابعه….”
تصنعت الغباء وسالته بتمهل….
“الرابعة !…… انت كنت متجوز اربعة مع بعض….”
رفع حاجبيه وقال باستنكار وقح….
“لا طبعاً…..كل واحده خدت وقتها معايا وطلقتها…
هو انا معنديش مشكلة اتجوز اربعه مع بعض بس انا بحب احافظ على صحتي ولياقتي البدنيه…….ولا انتي شايفه إيه…….”
توردت وجنتيها من وقاحته وبجاحته فقالت
بغيظ….
“وانا مالي بالموضوع…… انت حر في نفسك…..”
رد عز الدين بغطرسة…..
“ازاي انتي مالك مش هتبقي مراتي زيـ…..”صمت
عز الدين في اخر لحظة ليجدها تبتسم بمرارة

 

 

وهي تتابع عنه….
“زيهم كملها…….مانا عارفه انك بتتسلى زيي.. زي
اللي قبلي………مش عبيطه انا عشان اصدق ان ابن
الذوات يبص لواحده زيي لا ويبقا عايز يتجوزها كمان بالحلال……”
استوى عز الدين جيدا في جلسته وحدثها بجدية وعيناه تأسر عينيها البنيتان……
“بصي ياحنين…..انا مش هكدب عليكي في حاجة…
انا اتجوزت قبلك اربعه….ومش معنى كده ان حياتي كلها كانت عبارة عن اربع جوازات بس…لا في كتير دخلوا حياتي…….حبيت وتحبيت…..لكن كلها كانت قصص فشله مع أول مطب بيقابلنا بنقف ونقول مش هنكمل…..مش هشكر في نفسي وطلع الملاك اللي مبيغلطش بالعكس انا غلط كتير في حياتي وتعلمت اكتر…..بس عمري ما ظلمت واحده دخلت حياتي
بالعكس اي واحده دخلت حياتي كانت بتبقى عايشه
ملكه كنت بحطها جوا عنيا….. واي واحده معايا
سوى جواز او صحوبية كانت بتحلف انها معرفتش طعم السعادة غير في حضني………”
اشاحت حنين بوجهها الذي احمر بشدة من
وقاحة حديثة والفاظه…….عقبت بحنق….
“ياريت تكلم بطريقة احسن من كده…..”
عدل وضعيته اكثر وسالها بمكر….
“ومالها طرقتي بقا ياحنيني……”
لم تنظر اليه بل نظرت للنافذة وهي تقول
بحنق….
“اي حنيني دي…..اسمي زفت حنين….وكمل كلامك عايزه اسمعك…….”
ابتسم بتسلية ولمعة عيناه وهو يرمق براءتها وخجلها خجل لا يليق بانثى قد قطعة السادسة والعشرون عاما من عمرها…….عقب بهدوء…
“عايزه تسمعي إيه اسالي وانا ارد عليكي…..”
“ليه انا ياعز؟؟؟……”في هذا السؤال بذات نظرت لعمق عيناه العسلية تستشف الاجابة من خلالهم…..
لم يتردد في الاجابة لحظه واحدة وهو
يخبرها…..
“لانك عجباني……..”
اشارت على نفسها وكان تصريحة تهمه تخشى
ان تثبت عليها….
“انا !……. ازاي؟……… في أحلى مني كتير…..”
رد بنبرة عميقة جذابة…..
“فيه….. بس زيك أول مره اقبل…. عشان كده عجباني…….”
سألته بيقين واهٍ……
“وهتجوزني فتره مش كده……”
اخبرها عز الدين بدون مواربة…..
“انا مش هطلقك غير لما انتي تطلبي ده بنفسك زي
ماعملت مع ميرال…. قولتلك اني مبظلمش حد ولا احب اكسر قلب واحده على ذمتي…..”

 

 

 

جحظت عينيها بعدم استيعاب وعقبت بسخط….
“جبر خواطر يعني…. يعني لو انت زهقت مني وتخنقت مينفعش تطلقني تستنى لما انا اقول
طب افرض مقولتش هتعمل إيه…..”
رد بهيمنة وثقة….
“لو انا مش عايزك بطريقه هبعدك وبنفس الطريقة هتطلبي انتي مني الطلاق بلسانك…..”
“انت غريب اوي…..”عقدت حاجبيها بتعجب وهي ترمقه باستنكار…..
برر تفكيره واسترد بهدوء…
“اي الغريب في كده…..اني بتجوز اللي تعجبني……ووقت الطلاق بنتفق مع بعض وبنخلص من غير وجع دماغ…….. ”
نظرت لعيناه اكثر وهي تقول بنبرة جادة بها لمحة من الحزن الذي لا يفارقها اينما كانت…….
“مش ده الغريب ياعز….الغريب انك محبتش…عشان كده كنت بترمي اليمين عادي وكانك بتقول لمراتك صباح الخير…..تعرف لو كنت حبيت واحده من اللي دخلوا حياتك مكنتش اتنزلت عنها بسهولة….”
سألها بعدم اقتناع بحديثها……
“مش مقتنعه اني حبيت كل واحده اتجوزتها….”
هزت حنين كتفيها وهي تخبره بيقين وكانها
حللت شخصيته وبات على مراى عيناها أخيراً……
“حبيتهم بعقلك برغبتك فيهم….لكن قلبك بيتهيألي لا….”
استنكر جملتها فعقب ساخراً….
“وكانك تعرفي الحب؟……”
ابتسمت ساخرة وقد داهم عيناها ذكرة بعيدة
مُره…..
“آآه اعرفه….كُنت بحب واحد زمان وكنت فكراه راجل بس مع الوقت طلع………..يلا ربنا يسهله.. ”
“مين دا ياحنين…..”استشعر بثقل لعين فوق صدره وهو ينتظر اجابتها…..والتي اتت بفتور كما كان يحدثها عن زوجاته بنفس ذات الفتور وكانه يحكي
طقس اليوم بابتسامة دبلوماسية……..
“خطيبي……. جلال………..”
كالثور الهائج تساءل…
“لسه بتحبيه…….”
ها قد فاقت من ذكرياتها المُرة وقد بلعت غصة قاسية كشفرة حلاقه حادة تبتلعها……وهي تخبره
بنبرة واهية…..
“ها………. لا يعني هحبه ليه وعلى إيه….. ربنا يسعده مع مراته…….”
اسبل عيناه وقد اشاح وجهه ناظراً للامام بوجوم………
“عايزه تعرفي اي عني…….”
هزت راسها وهي تقول بنبرة حزينة….
“ولا حاجة……المهم عرفته وكويس انك كنت صريحه في مسألت جوازنا دي……”
عاد بعيناه عليها وسالها بتشكيك…..
“معنى كلامك انك مش موافقه……”
استمدت حنين قوة واهيه وهي تقول بحزم…
“لا……. معنى كلامي اني محتاجه أفكر اكتر في الموضوع…. وطالما بداناها صراحه نبقى نكملها للنهاية……….انا ليا طلبات…….”
لوى شفتيه ساخراً وهو يقول…..
“شكلك داخله على طمع…….”
نظرت اليه بضيق ولفظت بدفاع …
“دا مش طمع دا حقي…… ومهري……”
سال بسخرية….
“ومهرك كام ياعروسة……”
بلعت ريقها وهي تملي عليه بتردد….
” شقه كويسه………… وحساب في البنك…..”
ضحك بفظاظة وعقب…..
“مش عايزه عربيه بالمرة…..”

 

 

 

شعرت بالغضب من ضحكته الفظة واسلوبه الساخر فقالت بعصبية مفرطة….
“هعمل بيها إيه…..انا مش بطلب حاجة عشان اتمنظر
بيها قدام الناس….الشقه والفلوس هينفعه اخواتي وامي…..ودا مهري لو مش موافق خلاص….انسى
ا…….”
قاطعها عز الدين بهدوء غريب….
“موافق ياحنين…..مهرك شقة وحساب في البنك …..اي تاني…….”
ردت بنبرة خافته……
“مش عايزه حاجة تانيه غير انك توفي بوعدك لما نتجوز….اني لو زهقت في يوم وطلبت الطلاق منك
هتديني حريتي زي ما عملت مع الاربعه اللي قبلي….”
رد بتاكيد وبنبرة مبهمة….
“اكيد دا اللي هيحصل انا مبرميش نفسي على واحده مش عيزاني…….. ها عندك طلبات تانيه ياعروسة…….”
هزت راسها بنفي وهي تقول بنبرة يائسه….
“لا…. يومين كده وهرد عليك….. ينفع تروحني…..”
“ينفع طبعاً…..” اوما برأسه بملامح مبهمة وهو
يقود السيارة ببرود…….فقد أكدت انها لا تختلف
عن (مروة) كثيراً فهن مثل بعضهن جداً في تلك المسائل المادية حيثُ يكن الزواج صفقة بشرط ان تكون رابحة…..
نزلت من سيارة عز الدين ودخلت الشارع لتجد زحام
كبير وصراخ عالٍ وحشد كبير من البشر…….
وقفت مكانها تتابع ما يحدث بفضول وتوجس لتجد
جلال خطيبها السابق يضرب زوجته(سماح) بقوة امام الجيران ويسبها باقذاع الكلمات التي تمس شرفها وشرف والدتها…….
شعرت حنين بالاشمئزاز وهي تتابعه لتجد سماح تصرخ باستغاثة للجيران حتى يخلصونها من يد
زوجها المفتري وبالفعل تحررت من بين يداه….
مما جعلها تدخل سريعاً تحضر اقرب سكين
من المطبخ وتخرج للجميع صائحه كالمجنونة المغيبة…….
“بقا انا ال***** يابن *** قسما بالله لافتح
كرشك ياجبله…. ياعرة الرجالة…بصرف عليك انا وامي من ساعات ما تجوزتك واكل شارب نايم
ببلاش وامك الحربايه تالفه حاجتي وجهازي كله عندها في بيتها…. وخدمه ليها ولاخواتك العجول
وفي الآخر تضربني وتهزقني عشان مدتهاش حاجه
من زيارة امي ليا………آآه ياعرة الرجالة ياواطي
قسما بالله لمواتك ودخل فيك السجن… اهو
ارحملي منك انت واهلك العررر دول…..ياعيله مفيهاش راجل والحرمه الصعرانه دي هي اللي ممشياكم…….ياعيلة****….”
وقبل ان يمنعها أحد الجيران قد غرزت السكين في بطن جلال…..قد توهمت من أول قطرة دماء انها
قتلته مع ان الجرح لم يكن إلا سطحي مما جعله
ياخذ منها السكين ويلقيها أرضا وينزل عليها بضربات
والكمات امام الجيران الذين استاءه منهما ومن فضائحهما المستمرة……
هزت حنين راسها بأسى وابتسمت ساخره بحزن وهي تصعد منزلها……..وكانت تحمد آلله مع كل خطوة تخطوها للأعلى……لو لم يتركها( جلال)

 

 

 

لكانت الان تاخذ دور سماح في الشارع يشاهد ضربها واهانتها الجميع يشفق عليها البعض وتلوح الشماته في اعين الاخرين……..ربما يمنع الله عنك الشر وتظن انت بغباءك انه خير ما سيأتيك في دنيا وما فيها !…
…………………………………………………………..
بعد الانتهاء من حفل ميلاد الصغير (علي)…. اصرت
(اية) بلطف بان يبيت خالها (فؤاد) في الفيلا ولا يرحل في هذا الوقت المتأخر….. وقد استحسن الفكرة عز الدين ورحب بها…. لكن وجود خالد كان كالشوكه في ظهرها بعد ان اصر (فؤاد) مثلها على مبيات ابنه هنا حتى الصباح فهو ايضا يخشى على ابنه من القيادة في هذا الوقت المتأخر وبرغم
رفض (خالد)للأمر إلا ان اصرار والده كان اشد
مما جعل عز الدين يوافق باقتضاب على المبيت معاهما…وفعل ذلك حتى لا يزعج خاله برفضه لابنه
فهو لا يعرف كم المشاكل التي تطوف حولهم
كلما اجتمعان……….

بعد الانتهاء من حفل ميلاد الصغير (علي)…. اصرت
(اية) بلطف بان يبيت خالها (فؤاد) في الفيلا ولا يرحل في هذا الوقت المتأخر….. وقد استحسن الفكرة عز الدين ورحب بها…. لكن وجود خالد كان كالشوكه في ظهرها بعد ان اصر (فؤاد) مثلها على مبيات ابنه هنا حتى الصباح فهو ايضا يخشى على ابنه من القيادة في هذا الوقت المتأخر وبرغم
رفض (خالد)للأمر إلا ان اصرار والده كان اشد
مما جعل عز الدين يوافق باقتضاب على المبيت معاهما…وفعل ذلك حتى لا يزعج خاله برفضه لابنه
فهو لا يعرف كم المشاكل التي تطوف حولهم
كلما اجتمعان……….
“مش ناوي تقوم تنام ياخالد…..”
سمع خالد والده ينهض من مكانه بعد ان تناول فنجان من القهوة على طاولة المطبخ
الشاسع ، بصحبة ابنه الجالس مكانه شارداً
عابس الملامح…
حينما لم يجد فؤاد رد سأل ابنه باقتضاب….
“مالك يابني مبلم كدا ليه… اي اللي حصل لده كله…”
ردد خالد بتعجب واقتضاب….
“اي اللي حصل !.. انت بتسالني اي اللي حصل..
طب هي اصرت عليك تبات هنا ومتمشيش بليل وانت وفقت وانت خالها وهي بنت اختك.. انا بقه دوري اي في الليله دي…… تخليني ليه ابات هنا بصفتي إيه…”
رد والده بسأم من غباءه…….
“بصفتك ابن خالها وابنك اللي نايم فوق في حضنها….”
تعبير والده كان بسيط لكنه شعر بنيران تندلع بجسده كانت متأججة في أحد الزوايا الكامنه……
انه يشتاق لها….. قربها يجعله غائب عن الإدراك
انه يتصرف كما لو كانت حلالاً له….. زوجته…. كسابق !…..
مزالت مشاعره تضج باحاسيس لعينة بعد
عناقهما ورقصتهما سويا….. رقصه تسير على
اوتار الحرمان……. مُستغلان الحبيبان كل شبر
بها قبل الابتعاد !…….
اكثر ما يطوف بعقله ليس لمسها او ضمها الى صدره من جديد ما يثير جنونه استسلمها معه…. قد ذاب جسدها بين يداه وهوى قلبها من جديد إليه مما
جعله كالمجنون يضمها ويقبل جيدها وكان خلافاتهما معاً انتهت بعناق…….. بنظرة من عينيها العسلية الشقية ذاب هو على اعتاب هواها من
جديد !….. وهذا ما يجعله يريد الابتعاد الان كي يلملم شتاته وما يفعله معها وما يشعر به بقربها…
انه يستشعر مشاعر جديدة تشاركه كلما اقترب
او نظر لعينيها احساس كان يفتقدهُ وهي
بجواره في سابق !…..
إحساس….
احساس يخشى تصديقه حتى لا ينساق خلفها ويشقى في نيلها من جديد فهو يعلم ان ما بينهما
لا ينتهي أبداً بعناق !……
زفر فؤاد وهو ينهض من مكانه مستاءاً….

 

 

 

“هتفضل مبلم برضو….براحتك انا طالع انام….خلص قهوتك ودخل اوضة الضيوف ونام والصبح بدري هنطلع على الشركة…..”بالفعل رحل فؤاد وترك ابنه
جالساً مكانه بوجوم…….
وضعت الصغير بسريره وحركته برفق حتى اغمض الصغير عيناه……زفرت بخفوت وراحه ثم اتجهت للفراش ونظرت بجوارها لتجد زجاجة الحليب الخاصة بعلي فارغة……
اغمضت عينيها للحظات بحنق ثم نهضت من مكانها من جديد وارتدت مئزرها الطويل ليخفي قميصه القصير الكريمي ومفاتنها كذلك ……
ارجعت شعرها القصير للخلف اكثر وهي تخرج من الغرفة متوجهة الى المطبخ……..
ارتشف آخر رشفة من فنجان قهوته….ليشعر بعدها بقدوم احدهم بخطوات هادئه… وقبل دخول القادم عليه داهم انفه عطر انثوي….. ناعم على الانف لكن
قوي في التسلل إليك……كشخصها تماما في اي
مكان تطرق قدميها إليه…..
شعرت بمن يجلس على أحد مقاعد طاولة المطبخ
ينظر اليها بصمت مبهم….دققت النظر اليه ووقع قلبها بعدما لمحة لمعة عينيه الخضراء نحوها…..
عقدت آية حاجبيها وهي تسأله بهدوء…..
“خالد !…انت اي اللي مصحيك لحد دلوقتي….”
رد وهو ينهض مطصنع البرود
امامها….
“انا كنت بشرب القهوة……. وماشي….”
زاد انعقاد حاجبيها وسألته
بغرابة….
“ماشي………….. ودلوقتي….”
رد بالامبالاة وهو يقف امامها…..
“آآه…. ابقي بلغي خالك اني مشيت بليل….اصل
طلع ينام من شوية…. ”
اومات برأسها وطصنعة عدم الاهتمام بأمره لكن لو على قلبها لكانت اجبرته ان يبيت خوفاً عليه من قيادة السيارة ليلاً…….
آآه من هذا العشق الموجع لقلبها…..آآه منك
ياحبيبي ومن عيناك…….وآآه من عيناك……
تجاوزته وهي تتجه لرفٍ عالٍ عليه علبة حليب
البودرة الخاص بـ(علي)…….مدت يدها لكنها
لم تصل اليه بسبب قامتها القصيرة تذمرت
وهي تنظر حولها لتجد المطبخ فارغ وانه قد رحل
بسهولة كما ياتي وكما يجرح بسهولة…. كل شيء سهلاً معه إلا انتشال حبه من قلبها هذا الصعب بعينه………
جلبت مقعد خشبي ووقفت عليه لكي تصل لعلبة الحليب وحينما تناولتها بين يداها اختل توازن
قدمها اليسرى مما جعل الكرسي يتمايل عند جهة واحده وكان على وشك السقوط… وقعت علبة الحليب منها أرضا وكانت ستسقط هي خلفها لكنها وجدت من يكبل خصرها بقوة ويضمها اليها ممانع سقوطها على الارض الصلبة……..
تاوهت بفزع بين يداه…فاضطرب جسده وهو يسألها
بقلق سافر…..
“انتي كويسه يآية……حصل لرجلك حاجة……”
بلعت آية ريقها وهي تشعر بكامل جسدها يتشنج
بين احضانه…….تمتمت بحرج…..
“انا كويسه…….كويسه ياخالد شكراً……….”
حاولت فك حصار يداه من حول خصرها لكنه أبى الابتعد فرفعت عيناها بغضب نحوه وهتفت……
“خالد سبني لو سمحت…..قولتلك انا كويسة….”
سالها وعيناه الخضراء تداهم عينيها المضطربة
من قربه…..
“كنتي بتعملي اي فوق الكرسي….”
هتفت بحنق وهي تحاول التملص من بين
يداه القوية…..
“بجيب علبة اللبن عشان احضر الرضعة لعلي…خلاص ارتاحت سبني بقه……”
تركها بلطف وهو يعقب بطريقة تثير غيظها….
“مقولتليش ليه قبل ما أخرج طالما انتي عارفه ان مكانها فوق…..لسه بتعافري ومش عايزه تعترفي انك قصيرة…..”
اتجهت الى الموقد واشعلته وهي تقول ببرود….
“قصيرة……..لا طبعاً انا مش قصيرة انت اللي طويل وشبه النخله سوى انت ولا عز لكن انا طولي مظبوط……”
ابتسم وهو يقول من خلف ظهرها……
“ماشي بس بلاش تقفي على الكرسي تاني…عشان متقعيش….. المرادي لحقتك مين المرة الجايه هيلحقك……”
قلبة الحليب في الاناء وهي تقول بنبرة واهيه….
“مش فرقه اي حد…….انت اي اللي رجعك تاني….”
التقط هاتفه من على الطاولة وهو يخبرها بفتور…
“نسيت تلفوني……ينفع تعمليلي قهوة من ايدك… “

 

 

 

“ينفع……..”قالتها بعد ان انهت رضعة الصغير لتبدأ باعداد القهوة إليه……
كان يتابعها بصمت وهو جالس مكانه على المقعد..
تتحرك برشاقه بهذا المئزر الحريري الأبيض يتنافس
مع بياض بشرتها الناعمة ومفاتنها الغضه انها
شهية كالحلوى بل انها تسيل للعابه كلما تاملها بهذا
الشكل…. ويزيد كذلك غضبه من نفسه كلما شعر انه حرم نفسه منها بمنتهى الغباء…….
تقدمت منه وجلست بجواره وهي تضع القهوة
جانباً ثم بدات ترج زجاجة الصغير بين يدها
وهي تقول بهدوء…
“اشرب قهوتك ياخالد قبل ما تبرد…….”
“بتعمليها كدا ليه……”
عقدت حاجبيها من سؤاله الغريب وهي ترد باختصار….
“برج الببرونه عشان اللبن يدوب وميكلكعش
من تحت……..”
مد يده لها وقال بحماقة…
“طب هاتي اجرب كده……”
لفظت بفظاظة اسلوب….
“تجرب اي……… هي لعبه…..”
حك في عنقه بحرج…….
“لا……… يعني هاتي اعملها مكانك عشان ايدك……”
ردت بطريقة قاسية التعبير…..
“مالها ايدي انا بقالي سنة بعمل كده……اتعودت….”
غير مجرى الحديث وهو يسألها بهدوء…..
“هو انتي ليه مش بترضعيه طبيعي…..”
عنوة عنها احمرت وجنتيها من سؤاله فقالت
بعد ان تنحنحت…
“يعني ساعات….وساعات عشان شغلي وكده…بضطر اديله الببرونه……”
لا يعرف ماذا أصابه انه يغار من ابنه لدرجة تجعله يود ان يطلب منها ان تكتفي بالرضاعة الصناعية
فقط !……اي هراء يحدث له…يغار من( علي)
وكانه رجلا راشد بل وكأنه ليس ابنها…….علي
ياخذ كل شيء جميل حب واهتمام وعاطفة الامومه
وهو لم يتبقى له سواء تاملها عن بعد…….كيف
لا يغار منه رغما عنه يحقد على ابنه !……
رفع فنجان القهوة وتذوقه بتلذذ انه يعشق
القهوة من تحت يداها بها شيءٍ حلو…شيءٍ
يصفي المزاج وكانه احد انواع المكيفات
المذهبة للعقل……قهوتها مثلهم بها شيءٍ
يجعله متسلطن للحظات حتى تنتهي……
كرواية مشوقة جميلة اسواء مابها اخر صفحة
بها……هكذا يشعر….. وقد اشتاق لفنجان قهوة
حرمه على نفسه منذ سنة وسبعة اشهر
تقريباً بعد طلاقهما……
سمعها تسأله بهدوء وهي تضع زجاجة الحليب جانباً….
“صحيح ياخالد مسمعتش حاجة عن جوزتك اللي قولتلي عليها…….. امتى هيكون الفرح…….”
رد باقتضاب وهو يطصنع عدم الاهتمام….
“فرح……فرح إيه….آآه لا الموضوع متمش…و
راحت لحالها……”
نظرت اليه ببرود وقالت بسخط….
“ليه………رفضتك ولا سرقتك زي مروة……”
“آية……”جز على اسنانه وهو يرفع عيناه عليها..
لم تخشى نظراته بل قالت ببرود…
“اسفه خني التعبير…..بس دي الحقيقه……محدش فينا يقدر ينكرها……”
هدر من تحت اسنانه بحنق….
“جايه تحسبيني على غلطتي ولا شمتانه فيا….”
ردت آية بنبرة جادة حازمه…..
“مبقاش في حاجه بينا تخليني احاسبك….والشماته مش من طبعي مهم كان اللي بيني وبينك…..”
اغتاظ من ردها فقال بقسوة مثلها….
“كل اللي بيني وبينك علي….. علي وبس يا اية…..”

 

 

 

نهضت من مكانها بتشنج وهي تقول بغضب هائل…
“ياريت تحفظ الكلمتين دول لنفسك….وبلاش تتجازو
حدودك تاني معايا…..”رحلت بعد تلك الجملة مما جعله يهتف من خلف ظهرها هازاً بقسوة….
“كان فين ردك ده وانتي في حضني….بتقوحي
وانتي لسه بتحبيني……… لسه يا اية… ”
اغمضت عينيها بقوة بعد ان توقفت وشعرت برجفة
قوية تسري بجسدها… انها عارية….عاريه ولا يسترها شيءٍ امامه انه نحر قلبها وكرامتها في لحظة وجعل منها حطام عاشقه على ابواب قلبه الجلف
تطلب الحب بل وتتذلل لكي تاخذ رشفة
منه….واستسلامها لتلك الرقصة في احضانه
كان خير دليل على ضعفها وقد أثبتت جرمة
حبها اليه…..
انها جرمة شنيعه تود التخلص منها يوماً والتحرر منها مع كل الالام المصاحبة لها…. كي تحيا من
جديد كما لم تحيا يوماً بعيداً عنه !…..
استدرات اليه بوجه جامد التعبير وقالت بنبرة
جافة عميقة…..
“بالعكس على أد الحب على أد الكره….انا مش بس كرهتك…..انا كرهت صنف الرجاله كله بسببك…أول
حب…. وأول وجع….. وأول كره كان من نصيبك….
“اول ما حبيت حبيتك و اول ما توجعت كان
على ايدك….. واول ما كرهت كرهتك انت.. ولسا بكرهك…ومفيش حاجه في دنيا تقدر تشيل الكره
ده من جوا قلبي…..حتى ابنك مقدرش يشيله من قلبي……”
اولته ظهرها من جديد وهي ترحل بصمت وقد انهمرت دموعها على وجنتيها وهي تصعد على السلالم انها كاذبة…..كاذبة…. تعشقه وعشقه داء مميت لن يتركها إلا عند فراش الموت !……
………………………………………………………….
“يلا ياسمر…. هتفضلي وقفه عندك…..” صاحت والدتها وهي تعدل وشاحها فوق رأسها امام باب الشقة…..
تباطأت سمر في تقدمها من امها وهي تقول بتردد
واعتراض كذلك…
“هو لازم اروحلها ياماا… شكلي هيبقى إيه وانا دخله بيتهم بعد ما فركشت انا وابنها……”
برمت زينب شفتيها باستخفاف وهي تقول…
“كل شويه تقوليلي فركشتي… فركشتي.. وهو كل اما اجي اسأله في التلفون يقولي مفيش حاجه حصلت بينكم والفرح في معاده…..”
لوحت سمر بيدها بضيق…
“وانتي بتكلمي ليه اصلا …..”
امتقع وجه زينب وهي تخبرها بانزعاج منها….
“هو اللي بيرن عليا ياختي وبيطمن عليكي بعد ما بطلتي تكلميه…… مش عارفه شد حيلك على الجدع كدا ليه…. حد يلقي راجل طيب وحنين وجدع زي ابراهيم راضي ويرفسه برجليه….. آآه منك يابنت
بطني علطول مقوحه وليكي دماغ لوحدك….”
جحظت سمر عيناها بصدمة وهي تصيح بتشنج….
“آلله بقه انتي بدفعي عنه كدا ليه….. هو مين اللي ابنك انا ولا هو……..”
لوت والدتها شفتيها وهي تهتف بدفاع امومي نحوه……..
“تصدقي بالله هو عندي احسن منك على الاقل بيريح في الكلام مش معووج زيك…..”
وضعت سمر يدها بخصرها وهي تنظر الى امها بحنق قائلة باستنكار….
“بقيت انا اللي معوجه دلوقتي يازوزو… جه ابراهيم وبقا على الحجر…….”
اومات لها زينب وهي تقول بحزم…..
“آآه…. ويلا بقه عشان نبص على امه التعبانه…. دا واجب خصوصا انها متعرفش المشاكل اللي
بينكم…..”

 

 

 

هتفت سمر بتعجب وغيظ…..
“مشاكل إيه!….. بقولك فركشنا…..فركشنا… ”
رفعت والدتها سبابتها وحذرتها بقوة….
“اياكي تقولي كده قدام امه…. مشاكلك انتي وهو حلوها مع بعضكم من غير ما تسمعه حد بيكم …”
صاحت سمر كالمجنونة بغيظ اكبر….
“يالهوي هو انا اقول طور يقوله احلبوه……بقولك فركشنا…….فركشنا.. ”
نظرت اليها والدتها وقالت باستخفاف….
“لما اسمعها من ابراهيم ابقى اصدق… طالما هو لسه عايزك خلاص……”
توسعت عينا سمر بصدمة معقبه بذهول….
“خلاص ايه هتجوزه بالعافية…. هتغصبي عليا
يا زينب…..”
رفع زينب حاجب واحد وحركته وهي تقول
باستنكار لئيم…..
“يابت قولي الكلام ده لحد غيري… دانتي هتموتي وتكلميه ولا ناسيه قعدتك جمبي اول ما تعرفي انه بيتصل بيا……… قال نغصب عليكي قال…. دانتي
تغصبي على بلد بحالها وتمشي اللي في دماغك برضو…. يلا… يلا ياحلوة خلينا نزور حماتك ونعمل
الواجب….”دفعتها بخفة كي تسبقها عند باب الخروج مما جعل سمر تصيح بانفعال هائل وهي تهبط من على السلالم….
“يارب ارحمني من اللي انا فيه….. كله جاي عليا
كده ليه……. اوووووف…….”
سمعتها والدتها فعلقت بحزم الأم…….
“بصي قدامك يابت لحسان تقعي… وبطلي برطمه… افرضي وشك عشان حماتك متحسش بحاجة…..”
“ياااااارب…..” زفرت بضيق وهي تصل للمبنى الاخر من الجهة المقابله لهم……
اطرقت والدتها الباب وهي مزالت تملي اوامر حازمة
سخيفة بنسبة لسمر التي تسمعها بحنق وكانها طفلة
صغيرة اول يوم لها في الروضة……
فتح ابراهيم الباب باعين دامعه وبين يده سكين….
عقدت سمر حاجبيها وهي تتامله وبرغم شوقها اليه لكن صدمتها الاكبر كانت وهي تدقق في ملامحه المتعبه وهيئته الغير مرتبه باستثناء السكين الذي عليه بعضا من بواقي البصل وعيناه الدامعه…….
هل يطهو الطعام بدلاً من أمه المريضة…..
ابتسمت بشرود عند تلك الملاحظة وهذا ما جعله يعقد هو حاجبيه مستغرب تلك الابتسامة
العابرة والمقابلة الباردة بعد كل تلك الأيام !……
تحدثت والدتها بعد تبادل النظرات بينهما برفق…
“ازيك يابراهيم يابني…. الحاجه عامله أي دلوقتي…. ان شاء الله تكون بخير…..”
رد إبراهيم بالباقة وهو يفتح الباب أكثر….
“الحمدلله يامي انتي اللي عامله إي……… ادخلي الحاجه جوا الحمدلله خدت العلاج وبقت احسن شوية…..”
اومات له زينب بابتسامة فاترة وهي تدخل الشقة وتولي دخولها سمر التي تختلس النظر إليه كل
ثانيتين تقريباً……..
أشار إبراهيم اليهم عند أحد الغرف وهو يعطي لامه خبر قدومهن بصوتٍ جهوري قبل ان يرحل
للمطبخ ليتابع ما يفعله….
شعرت بالغيظ وهي تراه يختفي عن مراى ابصارها
متجاهلها ومتجاهل السؤال عنها او حتى النظر لها
جلفاً كالعادة معها !……..
دخلت الى والدته التي كانت تجلس على الفراش ممدت الساقين ويبدو عليها التعب والانهاك…
اول من تقدمت منها وعانقتها زينب وهي تقول بمودة……
“الف سلامة عليكي يام ابراهيم……بعد الشر عنك ان شاءالله عدوينك……مالك ياختي وشك اصفر كدا
ليه…….”
ردت نوال بنبرة متعبة قليلاً….
“السكر وضغط يام أحمد……كل فتره كده الدنيا بتبوظ معايا زي مانتي شايفه وبفضل رقده
على السرير…….”
حزنت زينب لاجلها فقالت بطريقة مرحة تخفف
عنها…..
“لا الف سلامه عليكي……. ربنا يشفيكي ان شاء الله وتقومي بسلامة……….وتسيبي السرير دا خالص…
عايزينك بصحتك كده عشان نرقص انا وانتي في
فرح العيال دول….”
اومات لها نوال وهي تنظر الى سمر الواقفه
خلف امها……
“ان شاء الله ياحبيبتي……عامله اي ياسمر…..
وحشتيني ياروبه…. ووحشتني قهوتك…..”
عانقتها سمر بحرارة وهي تقول بحنان…
“بلاش قهوة دلوقتي……..عشان متتعبيش اكتر….
الف سلامه عليكي ياماما…..”
بادلتها نوال العناق وهي تقول بمودة……
“الله يسلمك ياحبيبتي…… اي دا ياسمر امال فين دهبك……” تحسست يداها ودققت في اصابعها بشك…..توترت ملامح سمر ونظرت لامها التي
ساعدتها بسرعة بديه‍ة……
“شوفي ياسمر مش قولتلك متقلعيش دهبك وانتي بتغسلي المواعين اديكي نسيتي اهوه……ونزله كمان من البيت ايدك فاضيه الناس تقول علينا اي يابنتي……دا حتى قلعه فال وحش….. ”
استدرت سمر الى امها الجالسه خلفها وقد توسعت اعين سمر وعضت على شفتيها بغيظٍ منها…..فسمعت
نوال تتحدث اليها بعتاب لكي تنظر اليها من جديد..
“امك عندها حق ياسمر قلع الدهب من ايدك كده فال وحش يابنتي………وانك تطلعي كده من غير دهبك
غلط الناس تقول اي كفى الله الشر سبته بعض…لا
ياحبيبتي متقلعوهش تاني من ايدك حتى لو وقفه في المطبخ……”
اومات لها سمر وهي تقول باستحياء منها…
“ان شاء الله ياماما……مش هنسى تاني…..”اتجهت سمر لتجلس بجوار امها على احد المقاعد…وسمعت بعدها نوال تعزم عليهن بلطف…..
“تحبه اعملكم اي تشربوا…. عصير ولا شاي….”
ردت والدتها بسرعة لكي تحرجها اكثر
كالعادة في تلك طقوس الامهات !…..
“متتعبيش نفسك يام ابراهيم………سمر تدخل تعمل….واهي تقف مكان ابراهيم في المطبخ
شكله محتاس جوا……”
ضحكت نوال وهي تقول بحنان وعينان تلمع بشعاع الامومة…..
“ابراهيم….. لا ابراهيم متقلقيش عليه في موضوع المطبخ ده… هو من يومه بيحب يساعدني ويريحني بذات لم بتعب……. حتى انهارده خد أجازه من الشغل وصمم يريحني ويعمل هو اللي انا اطلبه منه… وقولتله اكلم واحده من اخواتك البنات تيجي تقعد معايا مرداش أبداً… وقالي خلي كل واحده في بيتها
مع عيالها امال انا رحت فين…… ولا هي الحاجات دي هتستصعب عليا ولا إيه……”اكملت نوال ضحكتها بخفوت فشاركتها زينب وسمر وخصوصاً سمر التي شعرت بفيض حنين مجنون اليه بعد ان رات بره
لوالديه بهذا الشكل المدغدغ للمشاعر والمؤثر

 

 

كذلك عليها كحبيبه تعشقه بدون ان تبصر كمال
تلك الصوره الرائعة…. وحينما راتها ماذا ستكون المشاعر ياترا…. غير الحنين نحوه والحب يزيد اضعافا اليه……..وهذا هو العذاب !….
لكزتها زينب وهي تقول بجدية…
“قومي برضو بصي عليا ياسمر واعمللنا حاجة نشربها……..”
نظرت لها سمر ونادتها بحرج يصبحه غضب
مكنون بداخلها…
“يااا ماما…………”
نظرت لها زينب وهي تجز على اسنانها ثم قالت
بخفوت…
“قومي يابنت الموكوسة……..قومي…..”نهضت سمر بتردد وهي تخرج من الغرفة تاركه الباب مفتوح
خلفها ابتسمت زينب الى نوال وهي تقول بعد تذكر …..
“صحيح ام محمد بتسال عليكي وبعتالك السلام….”
ابتهج وجه نوال وهي تندمج بالحديث سريعاً
قائلة….
“بجد يازينب….وهي عامله إيه صحيح…..وابنها
خطب فعلاً…..”
تنحنحت وهي تدخل المطبخ لتجده يخبرها وهو يفتح فرن الموقد…..
“تعالي ياسمر……”
(تعالي ياسمر !!!!!…)ماهذا البرود والمعاملة الجلفة مثله…
نظرت إليه وجدته يخرج فرخة مشوية من الفرن ويضعها جانبا ويبدا بفرم الطمام بالخلاط لعمل صلصة المكرونة……
سالته وهي تتابع ما يفعله…..
“بتعمل اي يابراهيم…..”
رد بنبرة فاترة….
“زي مانتي شايفه……… بطبخ لنبع الحنان…..”
حينما وجدها وقفت مكانها متسمرة بصمت
قال بنبرة عادية ادهشتها…..
“خدي فصين توم من جمبكم وقطعيهم…”
“توم !!…….”عقدت حاجبيها بتعجب….
اوقف محرك الخلاط وهو يقول ببرود…..
“انتي مش جايه تساعديني……ولا جايه تتفرجي عليا….”
قالت سمر بحنق من أسلوبه معها….
“لا جايه اتفرج عليك بصراحة……”
القى عليها اكياس المكرونة وهو يقول بامر
خشن…
“طب خدي….افتحي كياس المكرونة دي وحطيها في المايه اللي بتغلي قدامك…..”
“مصمم تشغلني……”برمت شفتيها وهي تفتح الاكياس وتفرغها في قِدر به ماء ساخن….
نظر لها متاملها وهي تقلب المكرونة بعد ان افرغتها من الاكياس….
“ذوقين المفروض تعملي كده من غير ما اقولك…”
رفعت خصلة من شعرها للاعلى وهي تنظر اليه
هاكمة مستنكرة الامر
“يسلام على اساس لو العكس بقه وانا اللي وقفه في المطبخ هترضى تدخل تساعدني……”
رد ببساطة وهو يغسل يداه تحت الصنبور….
“ايوا طبعاً…طالما قاعد في البيت ورايق….واهم حاجة اكون رايق عشان اساعدك…..”
شعرت بدلو من الماء البارد ينزل على راسها
وهي تاكد على الكلمة التي اغاظتها بتشنج…..
“آآه رايق……..يعني انت رايق دلوقتي يابراهيم…..”
تقدم منها خطوتين ووقف امامها وهو يقول
بنبرة مبهمة…..
“آآه رايق اوي وبذات لما شوفتك…..”
توترت ملامحها وخفق قلبها بسرعة وهي تترك المعلقة وتنظر اليه بتوجس…
“ممم………و ليه يعني……..”
انفجر ابراهيم في لحظة امام وجهها وقد
ذاب الصقيع من على وجهه أخيراً بعد سؤالها الغبي…..
“عشان اعرف الهانم مبترضش على تلفوناتي ليه… لا وراح تقول لامها ان احنا فركشنا…..”
برغم صدمتها من انفجاره في وجهها إلا انها
مزالت بين تذبذب مشاعرها من قربه بعد هذا الغياب والخصام بينهما مما دفعها لكي ترد بعناد وخجل
مشتبك عنوة عنها به…
“ااه فركشنا….. وابعد كده شويه عشان اقلب المكرونة اقبل ما تعجن…..”
سحب ابراهيم من بين يدها المعلقة وهو يقول
بفرط تشنج من تصممها على وضع النهاية

 

 

القصيرة بينهما…..
“تولع المكرونة مبترديش على مكالماتي ليه… واي الصياح اللي انتي عملاه في بيتكم ده….. انتي عارفه
اني لا هفركش ولا هلغي الجوازة اي لزمته بقه الكلام الكتير…..”
ردت بحنق منه ومن ما فعله على سطح
منزلها…
“لازمتها اني مش عايز الجوازه دي……”
خفت نبرته وهو يسألها بنبرة خطرة….
“والله……… يعني انتي بجد مش عيزاني….”
“ها…. اا…..” عجز لسانها امام عيناه الحادة وملامحه
القاتمة المتشدّدة وكانها تحذرها من التفوه بعناد
في تلك اللحظة بذات…وكما احست وجدته يقول بصوتٍ اجوف كئيب……..
“ردي وساعتها لو قولتي آآه مش عيزاك انا اللي هبعد عنك خالص وقدري محصلش…… عايزاني ولا لا…”
ماذا يحدث لها لجم لسانها امامه ولم يكن حليفها وهي تنظر اليه وظلت النظرات قائمة بينهما مابين انتظر….. وخوف…. خوفاً من كلمة تخرج في لحظة انفعال متهورة…. وتكن النتيجة حياة كاملة
تهجر باسم الحب……….واوجاعه…….
“وسع المكرونة هتعجن…….”دفعته بحنق وهي تهرب من الاجابة وخطر وقوعها ان عاندت من جديد
معه…..
تركها وهو يشعر ببعض الراحة بداخله….
بدأت بتقطيع الثوم وعمل صلصة الطماطم للمكرونة
وبعد ما يقارب النصف ساعة قد انهت معه الطعام وفعلت شاي لوالدتها وله كذلك…….
قضت نصف ساعة معه في المطبخ ولم يتحدث
معها مرة أخرى في شيء بل كان يتابعها بعيناه وهي تطهو بصمت وكلما تلاقت الأعين ببعضها يشيح هو عيناه عنها بعتاب……وكانها هي من اجرمة ليس هو
لا سمح الله !….
تحدث ابراهيم باصرار وهو يقول لي والدتها…
“مش هينفع تمشوا من غير ما تتغدى….ما تقولي حاجة ياحاجه…….”
هتفت نوال بعتاب اليهن….
“مانا بقالي ساعة يابني بتحايل عليهم…….قعدي
بقه يام أحمد ومتزعلنيش منك…….”
امتنعت زينب بحرج منها وهي تقول بتبرير….
“والله ما هينفع….أحمد زمانه رجع من الشغل وعايز اللي يغرفله ويحطله……وعارف كمان زمانه صحي
من النوم……مرة تانيه يام ابراهيم….بركة ان احنا اطمنى عليكي ياحبيبتي… وقعدنا معاكي شوية….”
تقدم ابراهيم من سمر ووقف بجوارها…..
“قولي لامك تقعد مش هينفع تخرجوا من غير غدى……”
كانت مازالت غاضبه منه لذلك ردت
بحنق….
“مش عايزه اتغدى….. هتغدى في بيتنا…..”
همس بمراوغة ذكورية….
“يعني إيه مش عايزه تاكلي معايا…دا انا اللي
طابخ حتى…….”لكزها في كتفها وكانه
يشاكسها محاول تطيب خاطرها بطريقة
غير مباشرة……
بلعت ابتسامتها الخائنة وهي تقول بهدوء…
“بالف هنا يابراهيم….بس لازم نروح مينفعش
نقعد اكتر من كده……”
مالى عليها وأمر بهمس حازم….
“طب ابقي ردي عليا ياسمر في التلفون…..هكلمك كمان ساعة………ردي وبلاش تنفضيلي……”
اومات له باستسلام وهي ترحل مع امها بعد ان سلمت على امه وتمنت لها الشفاء العاجل….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى