روايات

رواية غمرة عشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء السادس عشر

رواية غمرة عشقك البارت السادس عشر

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة السادسة عشر

خطى خطواته بداخل المول باحث عنها بعيناه وسط
الزوايا المتعددة في ردهة المول الشاسعة……
هزه كرم بيده بحنق وهو يقول بتعجل….
“انت وقف كدا ليه يا أحمد… مش هنطلع فوق ناكل…. بقولك اي في وجبة جامده اوي نزله في منيو كنتاكي…. بيقولك اي بقه ياسيدي اربع قطع دجاج كريسبي مقرمش معاه صلصة الباربيكيو وصلصة الشيدر ومعاهم سلطة الكول سلو اللي انا مبحبهاش أصلا………. وبطاطس مقلية بقه وكنز حاجة سقعه بـ***يعني مفيش بعد كده عروض….. بقولك اي ياحمد اتقي الله واكلني عشان جعان……. بما انك عازمني وكده…. لو غيرت رايك انا هروح اكل
كشري عادي……”
تمتم أحمد وهو يبحث عنها بعيناه اثناء سيره
برفقة كرم….
“هغير رايي اي يابني…بقولك عزمك دا انت حبيبي ياكرم……”
ضيق كرم عيناه بشك وهو يقول بتشكيك…
“من امته الحنيه دي…. وبعدين انت بدور على إيه.. هي في واحده هتقابلك هنا ولا اي……”
هز أحمد راسه بتاكيد وهو يصعد على السلالم المتحركة….. فسأله كرم وهو يرافقه للأعلى…
“مين دي……”
القى أحمد نظرة عليه ثم عاد بعيناه للامام وهو
يرد باستنكار……
“هتكون مين….. هي في غيرها حبيبة طبعاً…..”
سأله كرم بحيرة أكبر….
“انتوا متفقين انكم تتقابله هنا…..”
رد أحمد بفظاظة…….
“يعني لو متفق معاها اننا نخرج سوا هجيب حضرتك تعمل إيه…”
برم كرم شفتيه بحنق وهو يعقب ساخراً….
“جحش في ردك…. طب ياسيدي شكراً ممكن بقه تفهمني جيبني معاكم ليه هبقا محرم مثلا….”
اخبره أحمد وهو ينظر للأمام..
“محرم إيه… احنا متفقناش نتقابل أصلا.. هي قالتي في التلفون انها خارجه مع صحابها بكره وهيروحوا مول***وهيلفوا شويه وهياكله فوق في كنتاكي….”
جحظت عينا كرم وهو يضحك هازئا معقباً بخبث…
“كل دا قلتهولك !…. ياسطا دي عايزه تقابلك وش
بس مكسوفه تقولك…..”

 

 

هز أحمد راسه وهو يشاركه بضحكة صادقة بها
لمحة من التسلية……
“مانا عارف يابني حركات البنات دي مهروشه… بس ماشي اديني جيت زي ماهي عاوزه اما انشوف المقابله هتبقى عامله إزاي…..”
حاول كرم جعل نبرته ناعمه وهو يقول لصديقه بمزاح…….
“أحمد اي اللي جابك هنا يامقنون حد يشوفنا….. ”
مزح معه أحمد وهو يقول بنبرة جياشة خشنة…
” مقنون بحبك يابيض…… ”
اكمل كرم بصوتٍ ناعم مضحك….
“احبوش……………. ياحمادة……”
انتبه أحمد لشعر كرم فشمئزة ملامحه وهو
يقول بسخط…….
“مباديا كده شعرك ده ميتحبش أصلا………”
نفض كرم يد أحمد وهو يقول بتزمر……
“ياعم سيب شعر امي في حالة……”ثم عاد
كرم وسأله وهو يسير بجواره…….
“بس تفتكر هتلاقيها جوا فعلاً ولا هتطلع بتحور عليك…….”
حرك أحمد شفتيه بتشكيك وهو يقول بحيرة…
“مش عارف والله حبيبة تتوقع منها اي حاجة…. ادينا هندخل ونشوف……..صحيح يوسف كلمك….”
أومأ كرم براسه مجيب…..
“آآه كلمني بليل…… زمانه ركب الطياره…. ”
صفر كرم بشفتيه وهو يحرك يده للأعلى…..
“طاير على ايطاليا…. ابن الآيه…..قولتله صور على
أد ما تقدر بذات الموزز…. ”
لم يهتم أحمد بأخر جملة مع ان تلك الاحاديث في سابق كانت تجعله في قمة الانتشاء وهو يتسامر
فيها…..سأله احمد بلؤم….
“هي نور راحت معاه…..”
هرب كرم بعيناه من أحمد وهو يتابع السير….
“نور !………….وانا اعرف منين…….”
“اكيد سألته…..”ضيق أحمد عيناه وهو ينظر
إليه واضاف….
“اكيد سألته بطريقة غير مباشرة…. مانا عارفك سهونه…..بتحب توصل للي انت عايزه من غير ما تحرج نفسك وتطلبه بالسانك…….”
لوى كرم فكه ساخراً…..
“ماشاء الله يابو حميد…. وحللت شخصيتي كمان…..”
سأله أحمد بجدية….
“احنا صحاب بقالنا اد اي ياكرم……”
رد كرم وهو ينظر امامه….
“من أول ما بدانا ننزل الشارع ونلعب برا البيت….”
هز احمد رأسه وهو يضيف باختصار….
“كويس انك لسه فاكر واديك رديت على نفسك برضو……”
“عايز تعرف اي يا احمد……دي عيله….وانا… دا انا
لسه مخلص أول سنة في كلية هقعد فيها خمس سنين…….وغير ده وده…..انا فين وهي فين…..
دول بياخده اجازة اخر السنة وبيقضوها برا مصر….ما بالك انا اخري قعد على القهوة اشرب كوباية شاي بخمسة جنية وقعد ساعتين بيهم على النت…..ايش جاب لا جاب……..”زفر كرم بكبت
وهو يقول بنبرة مُستاءة من الحياة بأكملها…..

 

 

 

“دي نور يا أحمد….عارف يعني اي نور…اقل فستان بتلبسه بتمن شهرين من المرتب اللي باخده من المطعم……… فكك…… وبلاش نفتح الحوار ده تاني
الموضوع مش في دماغي أصلا….”
حلت الصدمة وجه أحمد فعقب بمزاح…..
“بعد دا كل ومش في دماغك….”
انفجر كرم من سماجة صديقه معه اليوم….
“أحمد اطلع من دماغي ومتعمليش فيها مصلح اجتماعي…. روح شوف نفسك الأول…. انت كمان
قدامك هم ما يتلم على ما تفكر تاخد الخطوة
دي مع حبيبة او مع اي واحده تانية……..”
غير أحمد مجرى الحديث بمزاح سخيف….
“ولي النكد ده………دا انا عزمك على كنتاكي حتى…..احترمني شويه ومتنكدش عليا…”
اوما كرم بوجوم…..
“آآه ماشي…..نقفل على الحوار احسن عشان نعرف ناكل بنفس مفتوحه……”
غمز أحمد إليه وهو يقول بمكر….
“ماشي….. بس هي مسفرتش صح……”
صاح كرم بعصبية وهو ينوي الابتعاد عنه…
“يييييي…………عليك….انا هروح اكل كشري أحسن….”مسكه أحمد وسحبه لداخل المطعم
وهو يضحك…
“ياعم خلاص بهرز……تعالى بس…..”
دخل المطعم وظل يبحث عنها بعيناه حتى وقعت عيناه عليها تجلس على أحد المقاعد مع فتاتان
غيرها امامهن طاولة مستديرة عليها بوكس به عدة شطائر مختلفة الاصناف……وبعضا من زجاج
المياة الغازية……
تحدث أحمد وعيناه على حبيبة التي تاكل
تارة وتضحك تارةٍ اخرى مع اصدقائها…..
“بقولك اي ياكرم….روح اطلب لنا اي حاجة تتاكل……وخد الفلوس اهي…. “اعطاه النقود
وهو يتجه للطاولة الجالسة عليها حبيبة برفقة الفتاتان…..
انتبه كرم الى المكان الذي يتجه إليه صديقه فاومأ بتفهم وهو يذهب عند أحد الزوايا لطلب وجبتين
له ولي صديقة……
مسك كرم (المنيو)وهو يبحث عن الوجبة التي سيطلبها من العامل والذي كان يقف امامه منتظر طلبه فوجد كرم يتحدث إليه بصوتٍ عالٍ مصدوماً من الاسعار….
“يانهار ابيض…..هي الفراخ غليت اوي كده..ولا الخلطة هي اللي شحت من السوق……اكيد الكرومب هو اللي غالي عشان كده رفعين الاسعار….والله العظيم الكلو سلو ده حاجة قرف..استغفرالله العظيم يعني….. بس والله انت بتقللوا من قيمة الكرومب دا
في المحشي حكايه قسما بالله…. رواية وحكاية
كمان….طب جرب انتَ بس تدي الوصفه دي لراجل الكبير….يعني نستبدل سلطة الكلو سلو دي بطبق محشي يانهار فن يانهار فن……هتعدي طب والله هتعدي…….”
تنحنح الرجل بعملية إليه……
“ممكن حضرتك نشيل السلطه لو مش عايزها…”
رد كرم بنفي وهو يضيف بمزاح….
“لا سبها….انا باخدها بعلبتها لاخواتي…ماشاءالله عندي بيسفه اي حاجة حلوه مُره شغال يعني….”
كبح العامل ضحكته فخرجت على شكل ابتسامة هادئة……
“تمام حضرتك حددت انت عايز اي…..”
“آآه ياريت دي…..”
“فين يافندم…..”شاور كرم عليها وهو يقول بحرج….
“معلش بقع اصل الخط صغير وانا مبشوفش كويس أصلا…..”
سمع كرم صوتٍ رقيق ناعم يقول بجواره…
” وجبة كريسبي ستربس …..دا اللي عايزه كرم…”
التفت كرم بجواره وعقد حاجبيه بدهشة…
“نور…….”
اومات بإبتسامة مشاكسة…
“ايوا يابشمهندس دي كريسبي يعني…من امتى وانت بتحب الباربكيو…….”
عقد حاجبيه وهو يسألها بحنق…
“وانتي بقه تعرفي اي اللي بحبه واي اللي مبحبهوش….”
اكتفت بهز كتفيها بحرج طفولي….وهي تنظر اليه تلك النظرة الامعة المنبهرة به وكانه أحد نجوم هوليود
لا يعرف لماذا يكره تلك النظرة التي برغم من جمالها إلا انهُ يستشعر بالاختناق كلما رمقته بها فهو أبعد ما يكون عن هذا الوصف الساطع !…….
نظر لها كرم والى فستانها الرقيق المزدهر يليق بمراهقة صغيرة في عامها السادس عشر…….مابين الطفولة المهاجرة والمراهقة المشرفة عليها باستحياء….شعرها الاسود الطويل يمتد لبعد مؤخرتها……تمتلك عيون سوداء جميلة بريئة
تشع بروحٍ حلوة…..بشرة خمرية ملامحها اغريقية رقيقة جذابة لابعد حد برغم من ان تلك الجاذبية الانثوية مزالت نبته صغيرة ترتوي مع مرور الأيام……..
“انتي بتعملي اي هنا يانور…..”
ردت وهي تنظر لعيناه بانبهار….
“انا هنا مع ماما……انت بتعمل اي هنا….”
رد بسأم بعد نظرتها المتلألأة نحوه….
“زي مانتي شايفه……..هاكل…..”مسك علبتين الطعام بين يداه فسمع صوتها وهي تسأله بتردد خجول…
“لوحدك يعني……”
“انا واحمد…..”رد بدون ان يرفع عيناه عليها…..
ابتهجت ملامحها وهي تقول بفرحة….
“بجد أحمد هنا…. خلاص انا هسلم عليه… اصله وحشني اوي…..”
عقد كرم حاجبيه وهو ينظر إليها بضجر…
“وحشك….اظبطي كلامك يانور مش كل مره اسمع الكلام العبيط دا منك…..”
خشيت ان تزعجه فقالت بتهذيب خاضع….
“خلاص معلش مكنتش اقصد……طب ممكن اروح اسلم عليه……هو قعد فين……”
“تعالي طيب…..”سارت معه وهو يحمل علب
الطعام بين يداه…….
بعد ان تركه كرم وذهب لطلب الطعام لهم..اتجه إليها عند تلك الطاولة المستديرة التي تجلس عليها هي وصديقتيها……
وصل اليهم وجلس على احد المقاعد بجوار حبيبة وهو يقول بصوتٍ عابث وعيناه تطوف على الفتيات….
“مساء الخير على الحلوين…….”
ابتسمت حبيبة وبعدها الفتيات وهن ينظرنا لبعضهن
بشقاوة خبيثة…….تجاهلة حبيبة وجوده عمداً وهي تنظر في ورقة المنيو برغم من ان الطعام امامها !…
تحدثت( هنا) احد اصدقاءها بمكر….
“افندم ياستاذ اي اللي مقعدك هنا.. اي مش شايف اننا قعدين……”
لكز حبيبة في كتفها وهو يقول بمزح….
“جعان…….مكلتش من الصبح…..”
ضحكت شذى الصديقة الاخرى لحبيبة وهي تقول بلؤم وهي ترمق حبيبة…..
“بتشحت في كنتاكي……”
لم تنزل عيناه عن حبيبة وهو يلكز اياها من جديد
قائلاً بشقاوة الصبيان…..

 

 

“مفيش احلى من كده شحاته……ولا اي… مش ناويه تكسبي ثواب فيا وتاكليني……. جعان بقولك… ”
ابتسمت حبيبة بحرج وهي تنظر إليه ثم لصديقتيها اللتانِ لم يتوقفان عن الضحك من وقت ظهروه
ولم تدب الصدمة ولو ذرة واحدة في ملامحهن
وكانهن كانا على علمٍ بوجوده سابقاً !…..
قالت حبيبة ببرود زائف…..
“مفيش اكل……. الله يسهلك……”
عقد أحمد حاجبيه بتعجب….
“مفيش اكل !….. ولي قدامك دا إيه……”
لوت حبيبة شفتيها باستنكار…..
“دا اكلي انا والبنات دي…..اي ادهولك……”
لعب بالكلمات بطريقة صبيانية لئيمه….
“مش عايز اكل البنات….. انا عايز اكلك انتي…..”
صاحت هنا بخبث….
“اما انت شحات عينك زايغه صحيح…..”ردت عليها شذى بتاكيد شقي….
” بتلاغي كمان وانت بتشحت يا شيخ اتقي الله…..”
ضحك الفتاتان ومعهن حبيبة التي سمعته يهمس بجوار اذنها ببحة خاصة….
“وحشتيني يابيبه……”
توردت وجنتي حبيبة وهو تنظر اليه بخجل…
ثم قالت…..
“مقولتش انك جاي نفس المكان يعني…..”
“انتي مسألتيش…..”
داهمت عيناه وهي تساله بشك….
“يسلام !….. يعني دي صدفة…..”
رفع أحمد حاجبيه وهو يتعمق بجمال عيناها
قائلا بمكر….
“يعني لو دي مش صدفة… يبقى انتي قصده بقا تقوليلي على الخروجه دي عشان نتقابل هنا…”
نفت سريعاً وكانها مسكها بالجرم المشهود……
“لا طبعاً انا خارجة مع صحابي عادي…ولما تكلمنا في التلفون الكلام جاب بعضه وقولتلك على الخروجة عادي يعني….”
عقد أحمد حاجبية بتأثر وهو ينظر اليها ببراءة….
“بجد عادي !…مم ظلمتك يابيبة…..انا قولت
برضو بطتي ميطلعش منها الكلام ده…..”
هتفت بحنق انثوي وبنفس الهمس…
“اي بطتك دي انت بتريق عليا……”
همس بوقاحة غير منتهية….
“بتريق ليه…..بكره هتبقي بطتي الملظلظة….”
لمحة جسدها في لحظة ثم رفعت عيناها عليه
بضيق…….
“هاا هاا………انا مش هتخن خد في بالك…….”
رد بوقاحة جديدة…..
“لا هتملي شوية عشان تبقي بطه بحق وحقيقي…”
خبطته حبيبة بضيق وهي تنظر لصديقتيها اللتين
تركوا لهما حرية الحديث وهن يتحدثان معاً عن
شيءٍ ما على الهاتف……ثم همست من بين
اسنانها…..
“اتلم وملكش دعوة بشكل جسمي…..انت قليل الادب اوي…..و على فكره بقه انت ملكش دعوة باتخن ولا ارفع انا اللي احدد النقطه دي مش انتَ……مالك انت ها؟……مالك ها؟… ”
خبطها أحمد على كتفها هو أيضاً لكن برفق وهو يقول بغيظ منها……
“امال مين اللي دعوة……بعدين بلاش كلمة وانت مالك دي عشان متغباش عليكي…..”
توسعت عينيها وهي تخبطه من جديد وقد
انتبهتان صديقتيها اليهما….
“تتغابى على مين……فكك من اسلوب التيران دا ياحمد انا مبحبوش……”
أبتسم احمد وهو ينظر لعينيها بتسلية..
“امال بتحبي اي ياست بيبه…..”
اغتظت منه فقالت بضجر…
“مبحبش……بكره بس…. و أول واحد انت…..”
ضحك وهو يهز راسه ثم خبطها في قدمها من الاسفل وهو يقول ببرود….
“على أساس ان انا اللي بموت في دبديبك يعني……”
هتفت شذى بتوجس منهما…..
“وحده الله ياجماعة حصل خير…..”
نظرت حبيبة بطرف عينيها الزيتونية الى أحمد ثم صاحت بعد ان لكزته هي أيضاً في قدمه بقوة…
“لا اله الا الله……”

 

 

لكزها احمد أيضاً سريعاً مردداً وهو يغمز لها بمكر….
“محمد رسول الله ياختي…..”
نظرت حبيبة للناحية الأخرى وهي تبتلع ضحكتها الخائنة حتى مزاحه السمج يروقها ويدغدغها بقوة
شاعره بنفسها تود الانفجار في الضحك لوقتا طويلا جداً…….
مسكت احد الشطائر واعطاتها له بهدوء…..
“طب خد عشان تاكل…..”
امتنع أحمد وهو يلوي شفتيه بحنق…
“بعد اي…….. كرم جاي بالاكل اهو…..”
كان يتقدم منهم كرم وخلفه نور التي انتبهت
لها حبيبة وتساءلت سريعاً….
“مين اللي جايه معاه دي ياحمد؟….”
قد أنتبه احمد كذلك لنور فاتسعت ابتسامته سريعاً
تحت ابصار حبيبة التي شعرت بفوران يغلي
بداخلها….
“انت بتضحك كدا ليه انت تعرفها……”
رد هائما……
“آآه دي نور………… حبيبتي……”
“نعم…” نظرت حبيبة له بصدمة وكانت تنوي المغادرة فقد أحمر وجهها سريعاً وزدادت خفقات
قلبها بوتيرة مؤلمة مما جعلها على وشك البكاء……
كان اضطربها وغضبها مقروء امام عيناه مما جعله يحتجز يدها بين يده بقوة وهو يهمس بنبرة خافته بالقرب من اذنها……
“آخر مره تقولي انك بتكرهيني……. حتى لو فعلاً بتكرهيني……. متقوليهاش في وشي….”
نظرت اليه بصدمة وارتعد جسدها امام نظراته الجادة وهالة الهيمنة المحيطه به النادرة
في الظهور……… تمتمت بقلب منفطر…..
“احنا كنا بنهزر ياحمد……”
رد أحمد ببرود وهو يترك يدها…..
“عارف…. وانا كمان لسه بهزر…. نور اخت يوسف صاحبي…. وزي اختي الصغيرة………”
داهمت عيناه بعتاب….
“ولي قولت كده الأول……”
برم شفتيه وأعاد السؤال ببرود…..
“ولي انتي كمان قولتي كده…..”
زفرت بحنق…..
“قولتلك بهزر….”
رد ببرود….
“وانا كمان بهزر…..”
سمعا كرم يقول بهدوء بعد ان وقف امام الطاولة..
“احنا هناكل هنا ولا اي يا أحمد…..”
“آآه ياكرم…. هات كرسي بس…..”وقف أحمد
ومد يده لنور وهو يقول بنبرة حانيه….
” عامله اي يانور…… اي الصدف الحلوة دي.. انتي جاي هنا لوحدك ولا أي….. ”
نظرت لهما حبيبة بغيظ حتى كرم كان يكبح غضبه بصعوبة حتى لا يتهور ويلكم أحمد تحت فكه الان…
القت نور السلام بمحبة وهي تقول بصوتها الرقيق…
“الحمدلله يا احمد انت اللي عامل اي… مشوفتكش من يوم عيد ميلادي……. انا جايه هنا مع ماما….. قولت بس اسلم عليك بعد ما قابلت كرم……”القت نور نظرة على كرم لتجده ينظر ليدها المتعلقة في
يد أحمد… سحبت يدها سريعاً بتوتر من نظراته ثم التفتت من جديد لتسلم على الفتيات الثلاثة…..
قام أحمد بتعريف عنهن بحماقة…
“اعرفك بقه بصحابنا…….دي حبيبة….ودي..”
ضحكة الفتاتان عليه وهن يعرفنا عن نفسهن بهدوء..
“انا شذى صاحبة حبيبة….”…. ” وانا هنا
صاحبتهم…. عامله اي ياقمر….”
ضحكت نور باستحياء وهي تعرف عن نفسها…
“الحمدلله…..انا نور….بصراحة اخت صاحبهم…..”
ضحكت الفتيات فقالت شذى بالامبالاة….
“حصل خير……الرجالة متتعشرش أصلا…..ولا ينفعه
يبقوا صحاب بنات قمامير زينا……”
حك كرم خلف اذنه وهو يتمتم خلف نور….
“اي البت السئيله دي…..”

 

 

 

ضحكت نور بعد ان سمعته وقد استدارت تنظر اليه لتجده يبتسم في وجهها بادلته الابتسامة بدهشة وهيام فهي فقدت تلك البسمة بعد ان بدأت ترتوي من سنوات المراهقة تاركه الطفولة في أحد زوايا قلبها……..
نظرت حبيبة لشعر نور الذي كان يتارجح فوق ظهرها
وينساب حتى بعد مؤخرتها…وكانهُ اعلان لزيوت
الشعر…… ناعم وثقيل وطويل…….
تلامست حبيبة شعرها الذي يكاد يصل لقبل نهاية ظهرها بقليل وبرغم من طوله ولونه البني الفاتح الشبية باللون البندق الطازج……للاسف شعرت بالغيرة
من نور وشعرها وجمال ملامحها الاغريقية مما
دفعها تقول بحنق…..
“هو احنا مش هناكل ولا إيه…..الاكل برد خالص…”
ابتسم أحمد بعد ان قراء غيرتها العفوية في
تعبير… ثم قال للجميع…..
“حبيبة عندها حق ياجماعة…تعالوا ناكل عشان عايزكم في موضوع مهم…..”
جلس الجميع معاً على الطاولة المستديرة…الفتاتان بجانب بعضهن…وحبيبه وأحمد بجوار بعضهما…… وكذلك نور وكرم…..
مد كرم لنور أحد قطع الدجاج وهو يقول
بهدوء…
“خدي يانور كُلي……”
امتنعت نور بصوتٍ رقيق…..
“لا ياكرم شكراً انا لسه وكله مع مامي…..”
اصر كرم وهو يقول بهمس خشن……
“هتقعدي يعني تتفرجي علينا كُلي اي حاجة يانور……خدي بقه عشان جعان……”
اومات له بحرج وهي تاخذ قطعة الدجاج المقرمشة
منه…….
“خدي يابييه…..”مد أحمد قطعة من الدجاج اليها
فقالت حبيبة بوجهاً مكفهر…..
“مش عايزه يا احمد….”
همس بخفوت حاني…
“عشان خاطري………خديها مني….”
شعرت بالغيظ يتزايد فانفجرت بانزعاج
بريء..
“انا متغاظه منك يا احمد…..متغاظه… ”
قال بهمساً جاد….
“نتعاتب في التلفون يابطتي مش قدام الناس….
خدي بقه…. ”
سحبت منه قطعة الدجاج بضيق وقضمتها بغضب…
ابتسم وهو يكمل طعامه……
بعد مدة وبعد ان انهى الجميع طعامه…تحدث أحمد مقترح شيءٍ هام…..
“بصوا ياجماعة بقه بما اننا مجموعة كويسة فانا عايز اقترح عليكم حاجة……. اللي موافق ومعاه فلوس يدخل معانا في الموضوع ده وياخد آجر عليه….. تمام اللي مش هيقدر براحته…….”
انتبه الجميع اليه بعدم فهم وسالته حبيبة…
“اجر اي ياحمد…..وفلوس إي بظبط…”
تولى كرم الرد على حبيبة وهو يقول بجدية…

 

 

 

“بصراحة احنا بقالنا فترة بنلم عدد كبير من الشباب اللي في الجامعة عشان نشترك في حاجة بسيطه كده نساعد بيها الناس اللي في شارع…يعني اللي بيباتوا على الرصيف ولي بيقضوا طول اليوم برا البيت فرشين بضاعتهم في الشارع……”
قالت شذى بحماس وهي تنظر اليهم….
“والله فكره اننا نعمل عمل خيري زي ده…..بس هنساعدهم ازاي……انا مستعده ادخل معاكم انا
وهنا بس فهمونا اكتر…. ”
اومات لها هنا بتأكيد وهي تنظر لاحمد لكي
يكمل….اكمل احمد بتوضيح اكثر….
“بصي ياستي…..احنا ناوين نعمل وجبات كده محترمة ونغلفها كويس ونوزعها على الناس اللي في الشارع…..وكمان كام بطانيه على الناس اللي بتبات تحت الارصفة….وانا وكرم جمعنا مجموعة كويسة من شباب الجامعة….وكل اللي عليكم لو موافقين تحاوله تجمعه معانا شباب تشترك في المشروع الخيري ده…وان شاء الله نحاول نوزع على اكتر عدد
من الناس اللي محتاجه…..”
اومات حبيبة بحماس اكبر وهي تنظر لصديقتيها…
“ايوا يا احمد صح…….انا هكلم اللي اعرفهم وانتي ياشذى وهنا كمان اعمله كده……بس المهم هنطبخ الاكل فين ولا هنجيبه جاهز…..”
هز أحمد راسه وهو يتحاور معها بجدية…
“جاهز اي ياحبيبة كده مش هنوفر حاجة…انا ناوي
اظبط قعده فوق السطح عندنا وجيب طباخ يطبخلنا كمية الاكل دي……”
اقترحت حبيبة بهدوء وهي تنظر له ثم للجميع…
“طباخ يعني مصاريف برضو….بلاش تجيب طباخ
انا وشذى وهنا بنعرف نطبخ حلو اوي هنطبخ الاكل ومامتك تطلع تساعدنا شوية ها اي رايك…..وهجيب كمان مرات عمي تطبخ معانا هي بتحب الخير اوي
وهتفرح لما تعمل حاجة زي دي للناس الغلابة….ها قولت اي…..”
لمعة عينا احمد باعجاب نحوها ثم ايد
رأيها سريعاً….
“فكرة برضو…… ماشي موافق…..”
همست نور بصوتٍ متردد….
“احمد انا هشترك معاكم……..ينفع….”
اوما لها أحمد بتأكيد وهو يقول بنبرة هادئة…
“ينفع طبعاً يانور…..بس هتعملي حسابك تيجي تطبخي مع البنات عشان تبقي زيك زيهم…..تمام..”
نظر كرم لاحمد بحنق ثم لنور وهو يقول
باعتراض…
“مش لازم ياحمد………..نور مبتعرفش تطبخ…..”
صاحت نور بتذمر طفولي….
“كداب انا بعرف اعمل اندومي…..”
ضحك أحمد والجميع معه فجأه……لاح الحزن
على وجه نور وهي تقول بزمجره منهم….
“والله العظيم بتطلع حلوة…..”
حاول أحمد كبح ضحكته وهو يقول بشفقة عليها
من ضحك الجميع واحراجها……
“عارف يانور…..بس احنا مش هنعمل اندومي احنا هنطبخ…….هنطبخ اصناف كتير عندك استعداد توقفي تساعدي البنات….”
توترت ملامح نور فستشعرت حبيبة حرجها
فقالت بضيق منهم….
“خلاص يا احمد متحرجوهاش….نور هتساعدني انا.. وهتيجي تطبخ معانا عشان تاخد ثواب زينا…..”
صاحت هنا في الأهم…..
“المهم هندفع كام يجماعه…..”
رد أحمد عليها بنبرة فاترة…..

 

 

“اللي تقدروا عليه….احنا جمعنا مبلغ كويس……ولي معاكم هيزود مش هيأثر……وعلى فكرة اخر الأسبوع هنبقا بنطبخ فوق السطح عندنا تمام….. ”
اومات له حبيبة وهي تنظر للجميع بحماس
“خلاص نتقابل هناك اخر الاسبوع اتفقنا….”
اندمج الجميع في الحديث سوياً فقالت حبيبة
لاحمد بدهشة وخفوت…
“الفكرة حلوه اوي مكنتش اتوقع انها تطلع منك…”
هز أحمد راسه وهو يقول بصوتٍ خافت…
“شوفت الفكره في فيديو على الفيسبوك…وحبيت اعمل حاجة زيها بما ان ربنا جبر بخاطرنا ونجحنا احنا الإتنين……..وبصراحة لم حكيت لزوزو شجعتني…… وسمر أول واحده حطت فلوسها
في ايدي…….”
تهللت ملامح حبيبة وهي تعقب بمدح….
“سمر دي عسل…….اجدع واحده قبلتها…….”
اوما أحمد برأسه وهو يتعمق بنظر لعينيها
الامعة بالسعادة والحماس….
“يابختك ياسمر………الكلام الحلو كله ليكي….”
اخفضت حبيبة جفنيها عنه بخجل وهي تندمج بالتسامر مع الجميع حول العمل الخيري الذين سيقومون به عن قريب معاً ولاول مرة……
كم لمذاق الخير طعمٍ حلو يجعل المرء سعيداً
راضين بمجرد فكرة انه سيكون سبب إبتسامة بسيطه ترتسم على وجه منهك من شدة
المعافرة في الحياة……..
…………………………………………………………..
هتفت والدتها بسعادة وهي تنظر للاكياس الكثيرة
والمنتشرة على السرير البسيط….
“معقول ياحنين كل ده جايبه ليكي…. ماشاءالله… دا طلع شريكي بجد ياحنين……”
كانت حنين تقف امام المرآة تجرب احد الفساتين الرائعة الجديدة الفخمة كذلك والتي جلبها اليها
عز الدين لكي تحضر نفسها لعقد القرآن الذي
سيكون في نهاية الأسبوع…..
من وقت ان ابلغتهُ بموافقتها على الزواج او على عرضه كما تراه وهو عجل بتحديد موعد كتب الكتاب الرسمي في شقتها البسيطه امام الجيران وبعدها سيتم تحديد الفرح واشهار زواجهما امام الجميع…..
حتى الان لا تعرف كيف اخذت تلك الخطوة
الكبيرة حتى الان لا تستوعب بعد فكرة زواجها من
عز الدين…. ستكون زوجته عن قريب زوجة رجل غريب عنها كل ما تعرفه عنه انه مغرور ذات شخصية نرجسية قليلاً ، او كثيراً…. لا تعرف هذا ما تشعر به كلما تحدثت إليه………. وأيضاً حُبه للنساء والزواج والطلاق مسأله لا تطمئن بالمرة…. ربما صراحته معها جعلتها ترسم النهاية الوشيكه بينهما…. لكن الخطوة بحد ذاتها كبيرة وعميقه… بان تسلم جسدها لرجل لا تحمل له ولا ذرة مشاعر واحده وفي نفس الوقت تاخذ ثمن هذا الاستسلام والاصعب معرفتها
المسبقة بان الزواج سينتهي يوماً ما بتحضر !…..يعني طريقة باردة وكانه لم
يكن…… جيد !… حقيقة الطبقة المخملية
غاية في سخافة والغباء…. والنقود لا تنفق إلا
في سخافات والعاب مسلية….. وهي احد ألعاب التسلية لزوجها المستقبلي…… لكن السؤال الأهم
هنا هل ستظل لعبه بعد ان تنتهي الصفقة معه؟..
هل ستهوى البيع وتلقي جسدها بين يدي رجل آخر بعده؟…. آآه ان هوى جسدها الذنب !….. وهل
الزواج منه يحسب عند الله ذنباً ؟…
“مش بتردي عليا لي ياحنين….. روحتي فين…”
انتبهت إليها حنين فقالت سريعاً وهي تركن
افكارها جانبا……
“معاكي ياماما……اي رايك في الفستان…..”
تاملتها والدتها بعينان حنونة وهي تقول بمدح بجمالها الهادئ الـ….حزين…..
“جميل ياحنين بسم الله ماشاء الله زي القمر ياحبيبتي……”
حاولت رسم الانبهار والفرحة الزائفة على وجهها وهي تقول…..
“بجد ياماما….يعني دا أحلى ولا الاولاني ولا اجرب واحد تاني…….”
ردت والدتها وهي تتفقدها من جديد…..

 

 

“انا شايفه ان ده احلى عليكي..بس لو عايزه تجربي غيره جربي يمكن يبقا احلى واحلى…..”
تاملت حنين من جديد الفستان عبر المراة ثم
قالت بعد برهة بالا مبالاة….
“دا حلو وخلاص………انا زهقت من القلع والبس….كفايه كده…..”
اومات لها والدتها بفتور….
“براحتك يابنتي……..”
اتجهت اليها حنين وهي تمسك بين يدها العباءة الانيقة……
“قومي انتي ي كمان ياماما جربي العباية اللي جبهالك عز…”
أحمر وجه ماجدة وهي تقول بحرج…..
“مكنش ليه لزوم يابنتي يتعب نفسه ….الواحد محروج منه والله……جايب لبس ليا ولي اخواتك كمان…..يادي العيبه… ”
نظرت حنين للاكياس الكثيرة وهي تقول
ببساطه…
“واي المشكله ياماما….ماهو جيبلي زيكم….لا واكتر منكم كمان…..”
وضحت امها اكثر بحرج……
“يابنتي انتي كلها كام يوم وهتبقي مراته يعني مسئولة منه لكن احنا……..مـ…….”
بترت حنين بقوة حديث امها وكان مايفعله
عز الدين معها ومع عائلتها اصبح فرض عليه…..
“متكمليش ياماما….هو ده اتفاقي معاه…عايز يتجوزني يبقى لازم يعرف اني مسئولة عنك
وعن اخواتي يا يشيل المسئوليه دي عني يا
مع سلامة…..”
عقدت والدتها حاجبيها بتعجب من رد ابنتها….
واستردت الحديث بعقلانية…..
“محدش بيعمل كده ياحنين متضحكيش على نفسك…. لولا ان ربنا كرمه ومرتاح مكنش وافق
على شرطك ده…….”
برمت حنين شفتيها وهي تنظر لنفسها في المرآة بسخط…..
“ولو مكنش معاه اي اللي يجبرني اوافق عليه…”
لاحت الصدمة على وجه والدتها فقالت ذاهلة….
“اي اللي بتقولي دا يابنتي انتي متجوزاه طمع فيه ولا إيه……”
استدارت اليها حنين بملامح واجمه لترد عليها
بوهن….
“انتي اللي بتقولي كده ياماااا انتي شايفه بنتك كده…..على العموم انا لو هطمع فانا هطمع فاللي يعيشني ويعيشكم مش اكتر…….”
تحدثت ماجدة بحزم نحو ابنتها وهي تحاول ان تعقلها بكل الطرق……
“سيبك مننا ومن همنا….ركزي في حياتك الجايه ياحنين وانبسطي يابنتي…..الجدع شكلو محترم وطيب وابن ناس….عريس زي ده مبيتكررش كتير خصوصاً للي ظروفهم زي ظروفنا…فوقي ياحنين
وبلاش تفكري بشكل ده يابنتي…دا جواز…. جواز مش حرب…….”
غمغمت حنين بنبرة ميته التعبير….
“دي مش حرب يامااا دي بيعه ولكل لازم يتراضى البايع والشاري……”
“بتقولي اي ياحنين…… مش سمعاكي…..”
صدح جرس الباب فقالت حنين بنبرة حزينة…
“هروح اشوف مين على الباب…..”
“بالفستان…. هيتوسخ…….حنين” صاحت ماجدة بتعب بتلك الكلمات لكن ابنتها تركتها وخرجت…..
فتحت حنين الباب بفستانها الفخم الغالي الغير متلائم مع حوائط الشقة الباهته وفرشها
المتهالك….رفعت حنين عينيها فوجدت سمر امامها
كانت سمر تنظر اليه بابتسامة فاتره لكن البسمة اختفت من على محياها وهي تدقق بما ترتديه
حنين…….
توترت حدقتي حنين بعد تفحص سمر الدقيق لها
فحاولت جذب انتباه سمر اليها فقالت بهدوء…

 

 

“ادخلي ياسمر……….تعالي وقفه ليه…..”
دخلت سمر اليها وهي تتلامس الفستان بانبهار…
“اي الفستان الجااامد ده واخداه من مين…..”
انتبهت سمر للورقة المعلقة به من عند الظهر….
“دا جديد ياحنين….دا بتاعك ده…اشتريتي امته
وجيباه منين عشان اجيب واحد زيه…..اوعي
يكون غالي اصله شكله ماركة اوي…..”
همست حنين بارتباك…..
“اتفضليه ياسمر ميغلاش عليكي…..”
ابتسمت سمر باستياء منها وهي تضيف بهدوء…
“يابنتي اي الكلام ده مانا لو عيزاه هاخده منك هتكسف يعني……انا بس عايزه اجيب واحد زيه ولبسه يوم حنتي…… اي رأيك……”
ابتسمت لها حنين وهي تسألها…
“خلاص اتصلحتي انتي وابراهيم…..”
لوت شفتيها وهي تجلس على اقرب مقعد….
“مش بظبط…..بس الفرح في معاده…تقريباً هتجوز غصب عني زي بتوع الافلام…..”
ضحكت حنين وهي تجلس بجوارها معقبة بتشكيك….
“وانتي حد يقدر يغصب عليكي برضو…..”
غمزة سمر وهي تخبرها بخبث….
“ماهو مش غصب اوي يعني…غصب كده وكده….”
اومات حنين بتفهم وهي تضيف بنباهة….
“آآه فهمت…..سايقه العوجان عليه عشان تربيه….”
اومات لها سمر بتاكيد وهي تخرج تنهيدة
عميقة تؤالم قلبها……
“بظبط…..برغم اني لسه زعلانه منه على اللي
قاله ولي عمله فوق السطح….بس قلبي بيديلو الف
عذر………. ومبقدرش اطنش مكالماته بذات بعد
زيارتي لامه ولما سالني في المطبخ اذا كنت فعلا عيزاه ولا لا…..بصراحة ياحنين حسيت وقتها ان لساني اتشل وبقيت خايفه انه يقولي طريقك اخضر ياسمر….آآه بجد لو سبني انا كان ممكن يجرالي حاجة…انا بحبه اوي ياحنين….أول راجل دخل
قلبي واخر رجل …….”
سخرت حنين وهي تقول بمزاح….
“ياسيدي على الحب وعمايله……ياما نفسي
اتشحتف في يوم كده واجي اقولك بحب ياسمر……”
انزعجت سمر وهي تخبرها بضيق….
“بتتريقي عليا ياحنين….والله الحب ده عذابه
اكتر من حلاوته……”
عقدت حنين حاجبيها بتعجب وهي تهتف
مستنكرة الأمر….
“لدرجادي !…واي اللي يجبرني عليه….هي نقصه عذاب….”
ضحكت سمر بخفوت وهي تعلق….
“هو بايدينا ياهبلة…..الحب والكره عمره ما كان
بايدينا ياحنين….”
هزت حنين راسها بعدم اقتناع….
سالتها سمر من جديد وهي تنظر للفستان….
“مقولتليش……جايبه الفستان منين….”
لاح العبوس على وجه حنين مجدداً فقالت بصراحة…..
“مش انا اللي جيباه ياسمر……”
“امال مين يعني……”عقدت سمر حاجبيها وهي تنظر اليها تدفعها للمتابعة حتى تفهم اكثر…وبالفعل بادرة حنين بكلمة واحده تلخص كل شيء……
“عز الدين….”
“إيه……”
نهضت حنين واولتها ظهرها محاولة إخفاء
الخزي الذي تشعر به امام سمر الآن….
اخبرتها حنين بجمود مصطنع…..
“انا نسيت اقولك ان كتب كتابي الخميس الجاي…”
انعقد حاجبي سمر بتالم وهي تناشدها بحزن…
“كتب كتابك ياحنين…ونسيتي تقوليلي….دا انا مبخبيش عنك حاجة…….ومش عز الدين ده
اللي امك كانت بتتعالج في المستشفى عنده وهو
ده نفسه اللي كان رافض جوازك من ابن خاله….اي
اللي حصل وخلاه يطلبك للجواز…….اوعي تكوني…”
تقدمت منها سمر سريعاً ومسكت ذراعها
وادارتها نحوها وهي تهسهس بنبرة خطرة……

 

 

“اي نوع الجواز دا بظبط ياحنين……”
نظرت لها حنين ببرود وردت بسخط….
“نوع اي ياسمر !.. هو الجواز لي انواع…..اهو
جواز على سنة الله ورسولة……”
حدثتها سمر بغضب سائد……
“حنين….انتي بتكدبي عليا ليه….هتاخدي كام منه عشان تسلميله نفسك……”
صاحت حنين بانزعاج وهي تسحب ذراعها من بين
قبضة سمر القوية……
“اي اللي بتقولي دا ياسمر دا جواز على سنة الله ورسوله وطبيعي لم نتجوز يحصل بنا علاقة…ملهاش دعوة بالبيع وشرا والكلام الغريب بتاعك ده…..”
سالتها سمر بهدوء خرج بمعجزة…..
“ولي عملتي كده ياحنين…..”
هدرت حنين بعصبية لاول مرة بوجهها….
“يوووه………انا حُره ياسمر اعمل اللي انا عيزاه… تكونيش وصي عليا…..”
وكسيف ينحر بقلبها وهي تذكرها برابطة
صداقتهن الطويلة معاً……
“احنا صحاب واكتر من الاخوات ومش بنخبي
حاجة على بعض……”
نظرت حنين للناحية الآخرى وهي تقول بنبرة
باردة كصقيع…..
“مش كل حاجة لازم تعرفيها ياسمر…. انا محتاجة يكون عندي شوية خصوصية بيني وبين الرجل اللي هتجوزه…..”
نظرت اليها سمر بحيرة وهي تسالها بنبرة باهته….
“ولم اسألك عن جوزاك اللي طلع فجأه ده يبقا انا كده بدخل في خصوصيتك ياحنين…ولا مبقاش ينفع
اسألك مانا مبقتش أد المقام……”
“حاجة زي كده…..”قالتها حنين بدون ان ترفع عيناها على سمر التي لم تتوقع هذا الرد من حنين ولم تتخيل يوماً ان تنصدم في تلك الصداقة الوحيدة
في حياتها……….آآه كم ينتفض قلبها بحزن الآن…..وصدمة والخذلان شعوران لا يتغيران في
تلك اللحظة……. تقدمت منها سمر وهي تصيح بانفعال……
“حنين….انتي اتهبلتي…….انا سمر… سمر ياحنين…”
نظرت اليها حنين ببرود وهتفت بنبرة ميتة
التعابير…..
“وعشان انتي سمر بقولك كفاية لحد كده….انتي تستاهلي صاحبه احسن مني….. انا عمري ماكنت
جدعه معاكي…. وطول عمري كنت بستغلك… حتى
دلوقتي مكنتش ناويه ابلغك بكتب كتابي من عز
بس طالما جيتي يبقا لازم تعرفي اني هتجوزه
ومش لازم تساليني ليه وعشان إيه…… زي مانا مسالتكيش ليه إبراهيم بذات……”
ابتسمت سمر بصدمة وهي تنظر الى حنين
بغضب هائل…..واردفت هازئة…..
“بتشبهي مين بمين…..ابراهيم راضي بواحد زي
عز الدين دا اللي كل اللي بيفكر فيه ازاي يشتري الستات بفلوسه ويرميهم لم يزهق…..بتشبهي مين بمين ياحنين……”
رفعت حنين حاجبها وقالت ساخرة امام
وجه سمر …..
“عندك حق اي اللي جاب السواق للباشا….”
توسعت عينا سمر بقوة فلم تشعر بنفسها إلا وهي تهوى على صدغ حنين بصفعة قوية لعلها تفوق
من ما تهذي إليه……

 

 

وضعت حنين يدها على صدغها وهي تنظر لسمر بقوة وغضب لتصرخ بوجهها……
“بتضربني عشانه…..ومضربتكيش انا ليه لما هنتيني من شويه وهنتي الراجل اللي هتجوزه……”
انهمرت دموع سمر وهي تومأ اليها بتأكيد مؤالم…
“عندك حق انتي صح……وعشان كده احنا مبقاش ينفع نبقى صحاب……مبروك عليكي جوازك من
الباشا ياحنين هانم……. “القت سمر عليها نظرة
خزي ورحلت سريعاً بعدها……
انفجرت حنين في البكاء وهي تلقي نفسها على
اقرب مقعد بقوة…تمتمت بين نحيبها القوي…
“كده احسن ياسمر……كده احسن لينا كلنا……..”
كُنت اخشى ان تستمر صداقتنا وسط النظرات الجارحة والكلمات المؤلمة…وخشيت ان تموت
الصداقة ان أستمر العداء بيننا وقد تركتكِ وانا
في عيناكِ اسواء البشر لكن ياصديقتي انتِ كنتِ
ومازلتِ في عيناي الانس والسند الذي هاجرني ورحل ؟!……
سأضل الطريق فأنا بدون رفيق ؟!…..
……………………………………………………………
سارت في الشارع واجمة الملامح بعينان حزينتان حائرتان أيضاً…. لا تصدق انها صفعة حنين لا تصدق انها انهت تلك الصداقة الطويلة والعميقة بينهن !…
اي عمق ياسمر ؟!…
وعن اي مدى طالت تلك الصداقة؟!…
سنوات العمر كلها نعم…. لكن هل شفعت تلك الاشياء
عند حنين التي جرحتكِ واهانتكِ واهانة حبيبك
كذلك….. تحولت حنين في لحظة لامراة ناكرةٍ للجميل….. امرأة فقط تتودد لك كي تمر من على جسرك وعند وصولها للجهة الأخرى تسير بدون الالتفاته او حتى كلمة شكراً……..
هكذا فعلت حنين عند أول فرصة جيدة من وجهة نظرها أحبت انهاء كل العلاقات القديمة الغير مرحب بها بحياة حنين الجديدة…….او الهانم حنين…..
لوت سمر شفتيها وهي تنظر للامام بشجن…آخر
شيءٍ كانت تتوقعه ان تكون حنين من هذا النوع
المقرف ؟!……
لأول مرة تحكم عليها ظلما، والاول مرة تشعر ان الصداقة بينهن لم تكن يوما بمسمى الصداقة فعلاً
كما كانت تظن……..
انهمرت دموعها من جديد فمسحت إياها سريعاً وهي
تنظر حولها…التقطت عيناها عيناه وهو يخرج من المقهى المجاور من المبنى التي تقطن به……
اخفضت جفنيها سريعاً وهي تتجاهلة داخله للمنزل
صدح هاتفها وهي تصعد على السلالم لكنها تجاهلته
واكملت سيرها…..
دخلت شقتها وسريعاً الى غرفتها وامها تسالها بقلق…
“مالك ياسمر…….انتي كنتي بتعيطي ولا إيه….”
“لا مبيعطش انا كويسه يازوزو…بس عايزه انام…”القت جسدها على الفراش بعد ان القت الحقيبة جانباً…..
“انتي زعلانه انتي وحنين ياسمر….”
لوت سمر شفتيها وهي تولي ظهرها لامها على الفراش ثم سحبت الغطاء على وجهها….
“من امتى انا وحنين بنزعل من بعض…..مفيش حاجة يامااا انا بس عايزه انام…. ”
تنهدت أمها بجزع وهي ترمق ابنتها المتكورة
تحت الغطاء…..
“طب قومي اتغدي ياسمر قبل ماتنامي انتي محطتيش حاجة في بؤك من الصبح….. وعماله تخسي وتنزلي… دا فرحك اخر شهر…. لا اله إلا الله.. انا مش عارفة هتباني في الفستان ازاي بجسمك ده….”
ردت سمر بنبرة حزينة….
“مليش نفس يامااا……. بالله عليكي سبيني انام شوية عشان دماغي مصدعه…..”
“ماشي شويه وهصحيكي….اجبلك حاجة لصداع….”
لم ترد عليها سمر… زفرة زينب وهي تخرج من الغرفة
وتغلق الباب خلفها…….
اعتدلت سمر في نومتها مستلقيه على ظهرها ورفعت الغطاء عن وجهها لتظل محدقه في سقف تستعيد حديث حنين الجارح واسلوبها الفظ معها….
نزلت دموعها من جديد…… فصدح الهاتف في تلك الاوقات رفعت إياه وقررت الرد عليه بنبرة هادئة
لكن هيهات حزنها كان واضحاً بشدة عبر الهاتف
مما جعل أبراهيم يسألها بقلق…..
“مالك ياسمر…. فيكي اي وكنتي بتعيطي ليه وانتي ماشيه في شارع….”
ردت بصوتٍ باهت….

 

 

“مفيش حاجة يابراهيم… انا كويسه… كنت عايز حاجة…….”
اغتاظ منه فقال هاكما…..
“هو اي اللي مفيش حاجة… وبعدين هو انا لازم لما ارن عليكي ابقى عايز حاجة…..”
اردفت بعناد…
“آآه وانت عارف ليه…..”
لفظ بتشنج…..
“سمر اتعدلي معايا وغيري اسلوبك ده….. قسما بالله انا صابر عليكي بس عشان…..” بلع الكلمة بغضب…
سالته بضيق….
“كمل صبر عليا عشان إيه يابراهيم……”
على الناحية الاخرى اخرج دخان سجارته
وهو يقول بكبت….
“عشان متزفت على عيني…….”
رغما عنها أبتسمت ثم بلعت الابتسامة وهي
تقول بحنق زائف…….
“برضو مقولتش انت كنت عايز اي……”
لوى شفتيه بغضب….
“كنت عايز اعرف الهانم بتعيط ليه في شارع….”
صاحت بتحدي….
“ملكش دعوة……”
هدر متجهما الملامح….
“نعم ياختي….مين دا اللي ملوش دعوة… انتي اتهبلتي ياسمر……”
تنهدت بتعب حزين وهي تقول بشجن…
“إبراهيم بالله عليك سبني عشان انا والله ما طايقه
نفسي…….”
سألها بخشونة بها لمحه من الشك…
“واي اللي خلاكي مش طايقه نفسك….انتي مش كنتي عند صاحبتك ولا روحتي فين بظبط….”
فوران اشتعال بوجدانها وهي تصيح….
“هكون روحت فين….بلاش الاسئلة دي عشان بتقفلني منك……”
“بتقفلك مني!….طب اقفلي انتي عشان مغبش عليكي وترجعي تزعلي…….”اغلق الهاتف في
وجهها….
بلعت ريقها بغضب…. وزاد الحنق اضعاف بعد
كلامهما العنيف عبر الهاتف…..
برغم من أكمل الخطبة والاتفاق على الزواج في الوقت المحددد إلا انه اصبح يخنقها بأسئلته عن
أين ستذهب ومن ستقابل….. حتى العمل تركته
بعد مشاجرتهما سوياً….. وليس لأجله بل تركته
لسوء حالتها النفسية من كل ما يحدث حولها..
أصبحت لا تطيق احد ولا تود التعامل مع احد لا في العمل او غيره…….
حتى الخروجات أصبحت محدودة اما ان تشتري اشياء للجهاز او تزور صديقتها الوحيدة حنين…..

برغم من أكمل الخطبة والاتفاق على الزواج في الوقت المحددد إلا انه اصبح يخنقها بأسئلته عن
أين ستذهب ومن ستقابل….. حتى العمل تركته
بعد مشاجرتهما سوياً….. وليس لأجله بل تركته
لسوء حالتها النفسية من كل ما يحدث حولها..
أصبحت لا تطيق احد ولا تود التعامل مع احد لا في العمل او غيره…….
حتى الخروجات أصبحت محدودة اما ان تشتري اشياء للجهاز او تزور صديقتها الوحيدة حنين…..
تنهدت بثقل وهي تسمع أحمد يطرق على باب غرفتها……سمحت له بالدخول فقال سريعاً…
“سمر……. معاكي فكة متين…….”
اومات له وهي تعتدل من جلستها لتسحب حقيبتها
وتخرج منها المبلغ….سالته وهي تعد الاموال بعدما دخل أحمد وجلس على حافة الفراش….
“لابس ومتشيك يعني……. رايح على فين……”

 

 

رد أحمد بفتور وهو ينظر لي عينيها الحمراء
اثار البكاء..
“خارج على القهوة……انتي مالك عينك حمرة
كدا ليه…… انتي كنتي بتعيطي…..”
“مفيش يا احمد…..”ردت وهي تعد الأموال
بتشتت….اوقفها أحمد وهو يرفع وجهها اليه…
“لا فيه….في اي بجد….هتخبي عليا ياشقي…..”
إبتسمت سمر وهي تمد يدها وتمررها على وجنته
قائلة بحنان…..
“زعلانه اني هسيبك انت وماما وهتجوز…..”
تعجبت ملامح أحمد وهو يرد سريعاً بحنان
اخوي…
“وانتي هتغيبي يعني عننا ياسمر….. دا البيت في وش البيت……وبعدين متقلقيش انا هجيلك كل
شويه وهقرفك……”
صاحت بتزمر وعتاب….
“كداااب مين بيشوف وشك….دا احنا عايشين في بيت واحد وبشوفك بصدفة…..”
برر أحمد بنبرة مستاءة….
“طب اعمل اي الشغل والجامعة……تصدقي بالله انا بشوف السرير صدفة…..”
ضيقت عينيها وهي تقول بخبث مصطنع….
“يسلام محدش قالك تقضيها رغي طول الليل مع حبيبة هانم…….”
جفلة ملامح أحمد وهو يسألها سريعاً….
“حبيبة………….. هي قالتلك…..”
لاحت الصدمة على وجه سمر وهي تصيح بغضب
في وجهه…
“آلله…….يعني هي فعلاً حبيبة…. زي ماكنت حسى….”
ابعد عيناه عنها وهو يقول بكذب….
“حسى اي بس مش حبيبة دي واحده تانيه….”
عقدة سمر حاجبية وهدرت بسخط…..
“انت بتكدب عليا ليه؟…. مانت وقعت بالسانك يا احمد….. انت بتتسلى بيها… وازاي حبيبة توافق تكلمك في التلفون……. دا كنت فكراها… ”
قاطعها أحمد بقوة وهو يقول بدفاع…..
“ما تكمليش ياسمر حبيبة محترمة…وغير اي بنت كلمتها….واحنا صحاب مبنتكلمش في حاجة يعني…. بنطمن على بعض في التلفون وخلاص…..”
امتقع وجه سمر وهي تقول هازئة….
“بتطمن ! بتكلموا طول الليل لحد الفجر و ترجع تقولي بتطمن……..بتقولها اي كل ده…..”
“مش لازم تعرفي….”نهض من مكانه بعصبية…
صاحت سمر بتوعد وهي ترفع عيناها السوداء
عليه بغضب…
“لو مبطلتش تكلمها ياحمد…..انا اللي هكلمها وهحرجها وحرجك معاها…… وانت حُر بقه….”
صاح أحمد وهو ينظر اليه بضيق…
“إياكي ياسمر تكلميها هيبقى باللي بينا….”
لفظت سمر بدهشة وهي تنظر إليه بتعجب…
“اللي بينا….هتخسر اختك عشان واحده ماشي معاها….”
اغتاظ أحمد منها اكثر فقال مستنكراً…..
“انا مش ماشي معاها…..قولتلك احنا صحاب ومفيش حاجة بينا…وبعدين انا معملتش جريمة…..اقولك انا
ماشي ومش عايز الفكه بتاعتك…..هفك من تحت….”
نادت عليه سمر بقوة وهو يخرج من الغرفة…..
“بطل تكلمها ياحمد واحترم نفسك وسيب البت

 

 

في حالها…. هتجبلها مشاكل من تحت رأسك….
ااااااحمد………يا ااااحمد….. ”
دخلت امها سريعاً وهي تسألها بقلق….
“بتصرخي ليا ياسمر……..واخوكي ماله….”
صرخت سمر بوجوم امام أمها….
“ابنك مش هيجبها لبر…..مش هيرتاح غير لما البت تاخد العلقه التمام بسببه ويلبسني بعدها في الحيط مع ابراهيم……”
تساءلت زينب حائرة….
“بت مين ياسمر………..انهي واحده فيهم…..”
كانت تود الإفصاح بالامر لامها لكنها في آخر
لحظة عضت على لسانها وهي تقول بتشنج….
“اسألي الحيله……” القت بعدها نفسها على الفراش وغطت وجهها…….وقد ذهبت في سبات عميق……
بعد مدة طويلة استيقظت من النوم على
صوت امها وهي تهزها برفق قائلة بخفوت….
“قومي ياسمر…….. قومي خطيبك برا….”
فتحت عينيها بصعوبة وهي تتساءل
بصوتٍ ناعس…
“ابراهيم……………..إبراهيم هنا……”
اومات أمها وهي تقول بنبرة خافته….
“ااه جاي يبص عليكي…..ويرجع الدهب اللي قلعتي من إيدك……اغسلي وشك وغيري هدومك اللي نمتي بيها دي وتعالي…..انا هعمله الشاي على ما تقومي…..”
دلكت سمر عينيها وهي تنهض من مكانها بكسل….مسكت هاتفها فوجدتها التاسعة مساءاً منذ متى وهي نائمة هكذا……انتبهت لكم المكالمات
المنبعثة من رقم إبراهيم……ولم تتلقى اي رد بسبب نومها العميق….. الذي كان افضل شيءٍ للهروب من كل شيء يحدث حولها في تلك الفترة العصيبة……
………………………………………………………..
وضعت زينب كوب الشاي امامه على الطاولة
وهي تقول بترحيب الأم….
“نورت يابراهيم……بقالك فتره غايب عننا هو احنا مش بنوحشك ولا إيه… “ضحكت زينب وهي
تجلس على المقعد…..
ابتسم ابراهيم وبرر غيابة بنبرة رخيمة…
“لا ازاي بتقولي كده…احنا لينا بركة اللي انتي ياحماتي…بس انتي عارفه الشغل وتوضيب الشقه والعفش والليله اللي انتي عرفاه دي….”
دعت زينب من قلبها اليهما….
“ربنا يسعدكم يابني ويتمام فرحتنا على خير……”
اوما إبراهيم براسه ثم تنحنح بحرج…..
“امين يارب……. هي سمر فين….”
“جايه انا صحتها من النوم و زمانها جايه….” تابعت زينب بافصاح إليه كعادتها معه دوما.. تتعامل معه وكانه اصبح جزء وفرد مهم في عائلتها الصغيرة…..
“دخلت اخر نهار وشها مخطوف كده وعماله تعيط وعلطول على السرير دخلت تنام….. وتحيلت عليها تتغدى وتاكل لقمه أبداً… رأسها ناشفه اوي يابراهيم تعبتني معاها… وصبح برضو مردتش تاكل……. بقالها فترة لا بتاكل ولا بتشرب زي الناس انا غلبت معاها والله يابراهيم يابني…. هو انتوا يعني لسه زعلانين من بعض ولا اترضيتو……”
هز ابراهيم راسه وهو يقول بنبرة مكبوته…..
“كل تمام ياحماتي…..مفيش حاجة…. تلقيها بس شدة مع صاحبتها بكلمتين عشان كده جايه مضايقه…”
هزت زينب كتفيها بقلة حيلة وقالت بعد
تنهيدة…
“يمكن يابني…………الله اعلم…..”
اتت سمر عليهما…. فقالت زينب بخفوت..
“هروح ابص على القهوة اللي عملاها لعارف وجايه….”
خرجت زينب من الغرفة صالون ودخلت سمر بعد ان لكزتها امها كي تمحي هذا الوجوم عن وجهها
وتبتسم قليلاً قبل ان تدخل لخطبيها ….

 

 

بعد ان وصلت اليه وقد كان يلاحقها بعيناه القاتمة توترت وهي تمد يدها لكي تسلم من باب الذوق…
“ازيك يابراهيم…….”
ظنت انه سيتجاهل يدها الممدودة اليه لكنها وجدته يطبق عليها بقوة غير مؤلمة وهو يسألها بنبرة خشنة….
“مبترديش على التلفوناتي ليه….”
“كُنت نايمه…..”
سحبها ابراهيم باليد المطبق عليها….
“تعالي قعدي جمبي…..عشان اعرف مالك سايقه الهبل على الشيطنة ليه معايا……”
زفرة وهي تجلس بجواره على الاريكة….فتعجب ولاح الغضب المكنون على وجهه وهو يسألها…
“انتي بتنفخي ياسمر…….تحبي اقوم امشي….”
نظرت اليه وهدرت بتشنج….
“انتَ جاي تتخانق صح…..عشان تاخد بعضك
وتمشي وتعملها زعله….. ”
رد ابراهيم عليها بعصبية وعتاب…
“وهي دي مقابله… ومكالمتك ليا الايام اللي فاتت كانت مكالمات حتى…”
نظرت للناحية الاخرى وهي تغمغم بتعب…
“انا مخنوقة واعصابي تعبانه يابراهيم حاول تقدر شوية……”
زفر بوجوم وهو يحاول تهدئة نفسه بعد جملتها..
“لو مش مقدر….مش هاجي لحد عندك عشان اعرف مالك……….”سحب يدها وقبلها وهو ينظر لعيناها
بحب…. ثم شاكس اياها بطريقة خاصة….
“مالك يابت……مبقتيش بتحبيني ولا إيه…..”
ابتسمت سمر وسط ملامح شاجنة…كوردة ازدهرت وسط صحراء متعطشة……قالت بنبرة خافته…
“انا بموت فيك يابراهيم مش بحبك بس….”
تحسس يدها وهو ينظر اليها بعيون عاشقة هائمة
بها وبجمالها الخالص…..
“وانا بعشقك ياسمر….بس انتي معوجه عليا بقالك فترة ومنشفه ريقي اكتر ماهو ناشف……”
“عشان زعلانه…….وانت عارف….”اخفضت جفنيها بعد تلك الجملة….مد ابراهيم يده ومسك فكها و رفعه وهو يداهم عيناها السوداوان…..
“ازعلي ياسمر بس متبعديش……”
نظرت اليه باستنكار انثوي لذيذ….
“يسلام…………ويبقا زعل ازاي………”
ترك فكها واخبرها بجدية….
“قولتلك قبل كده اني بحب الست اللي تعاتبني لو غلط…… مش تشيل جواها مني…..،”
قطبت حاجبيها وهي تنفعل…
“طب خلاص خليني اعتبك واعرف عملت كدا ليه يوم ما كنا فوق…..”
حدثها بنبرة رجولية حاسمة بامتلاك….
“كُنتي عايزاني اعمل اي وانتي بتقوليلي مش عيزاك……فكرك انا هسيبك لحد غيري……. تبقي
عبيطه ومتعرفنيش كويس…..”
جف حلقها وهي تقول بعتاب حزين…
“يسلام…… وكنت بقه عايزني اعمل إيه وانت
بتجرح فيا وبتقولي مد ايده عليكي و…..”
تجهمت ملامحه وهو يقاطعها باقتضاب…
“مش عايز اتكلم في سيرة الزفت ده…..لو زعلانه
اني بوستك غصب عنك فحقك عليا ياستي…راسك ابوسها…..ولا بلاش…..حقك عليا من بعيد لا بعيد…”
رفعت حاجبيها وهو تزمجر باختناق..
“انت مستفز…..”
قرب راسه منها بتوعد وهو يقول بنبرة محذرة…
“كده هتخليني اقرب تاني وهتزعلي….”
ارتسم الحنق على وجه سمر وهي ترمقه بازدراء قبل
ان تبعد عيناها عنه…..مد إبراهيم يده وسحب يدها وتحسسها من جديد ثم وجدته يلبسها الحلي
الخاص بالخطبة والتي تركته في يده ورحلت يومها……
“فكي التكشير دي….خليني اعرف رجعه معيطه
ليه من عند صاحبتك…..”
غمغمت بنبرة شاجنة…..

 

 

“بلاش تسالني يابراهيم…..مش عايزه اتكلم في حاجة….”
اصر إبراهيم بنبرة منزعجة منها…
“هتتكلمي ياسمر……انا عايز اعرف مالك بلاش تحسسيني اني غريب عنك……”
“انتي لي بتحسبها كده…الموضوع بس ان…..”عضت على شفتيها بوجوم…..ماذا تحكي…تشوه صورة صديقتها امامه تخبره عن زواجها من رجل ثري وبيعاها لنفسها وهذيانها بالحديث الجارح عنه وعنها……..بماذا تقول……وكيف ستنتقي الكلمات…
انتشلها ابراهيم من افكارها بهدوء….
“لو حاجة تخص صاحبتك….يبقى مش عايز اعرفها….
لكن لو تخصك انتي يبقا لازم تحكيلي…”
حديثه كان كطوق نجاة جعلها تقول بنبرة حزينة…
“الموضوع يخص صاحبتي يابراهيم وحساس اوي…
وانا بس عياطي ده زعل عليها مش اكتر…..”
اوما لها بتفهم وهو ينظر لجانب وجهها بعد
ان ابعدت عيناها الجميلة عنه…
“وده يخليكي تقعدي لحد دلوقتي من غير اكل…”
اندهشت ملامح سمر وهي تساله…
“هي لحقت امي تقولك…..”
ابتسم إبراهيم على ملامحها المشدودة فهو يعلم
انها تنزعج من امها من صراحتها الغير منتهيه معه
“متغيريش الموضوع……وتعالي اغديكي برا…على حسابك…..”
رفعت حاجبيها وهي تنظر إليه….ضحك ابراهيم
وهو يقول بمزاح…..
“تعالي ناكل برا وانا اللي عزمك متخفيش….”
“بس انا مليش نفس……”
زاد اصراره وهو ينظر لعيناها….
“بس انا جعان……..وعايز اكل معاكي…..”
نظرت إليه واقترحت سريعاً…..
“خلاص ناكل هنا…وهقوم اسخن الأكل….بصراحه مش عايزه اطلع من البيت…..”
“حتى لو معايا ياشبح……”اتكأ على يدها وهو يداعبها بنظراته الوقحة……حاولت سحب يدها
وهي تقول بخجل….
“إبراهيم سيب ايدي بالله عليك حد يدخل…..”وضع قبلة بداخل كف يدها ثم وضع يدها على وجنته وهو ينظر لعينيها بحب ومشاعر جياشة تضرب صدره بقوة….
“وحشتيني ياسمر…….”
بلعت ريقها وارتجف جسدها وهي تستشعر كيانها
كله ينهار من أقل لمسة او كلمة تصدر منه……
ردت عليه كالمسحورة……
“وانت كمان ياحبيبي……..وحشتني اوي….”
“لسه زعلانه…….”حرك راسه وهو يطبع قبله جديدة على كفها الموضوع على وجنته……نظرت لعيناه بهيام حبيبة تعشقه بكل جوارحها….هزت راسها بنفي وهي تشعر ان حلقها جف من تلك المشاعر المجنونة التي تداهمها بقوة…..
“أبراهيم كفاية كده عشان خاطري حد يدخل…”
ترك يدها بهدوء وهو يصر عليها بحنان…
“طب تعالي نخرج النهاردة……..ونتغدى برا…..”
نهضت من مكانها وهي تقول بنبرة عفوية تخفي خلفها انهيار مشاعر متعطشه للحب …..
“انت غاوي مصاريف يعني….هنتغدى هنا…وبكرة نخرج يكون بدري شوية عن كده….ماشي….”
برم ابراهيم شفتيه بعدم استحسان للفكرة….
“ماشي براحتك……”

 

 

“هقوم اسخن……عشان ناكل سوا…..”ابتعدت عنه وهي تخرج من الغرفة ثم المطبخ……وبعد مدة
جلبت صنية الطعام و أكلت معه…وقضت وقتٍ لطيف
بصحبته…وقد خرجت من قوقعة حزنها…. بعد مزاحه الخاص وغزلة المنفرد من نوعه وحديثة المحبب لقلبها…… وكان وجوده و رؤيته أفضل شيءٍ حدث اليوم…… ليت الحب يستمر ياليتك ياحبيبي
تظل حتى اخر العمر…….
………………………………………………………………
خطت بالقلم اسمها على قسيمة زواجها من عز الدين الخولي……. قسيمة او صفقة مبيع للشيء الوحيد التي تمتلكه بحياتها…….
تعالت الزغاريد من حولها من بعض الجيران الذين كانوا يوماً ما ينهشون بالحمها بالحديث والكلمات الجارحة ونظرات البغيضة…….
رفعت رأسها نحوه وكانت بكامل زينتها بعد ان استعانت احد الجيران كي تزين وجهها وتكوي
شعرها وتجعله منساب خلف ظهرها يزينه دبوسين على شكل لؤلؤ لامع بشعرها…….وكان فستانها الامع
الفضي الطويل انيق عليها يجسم جسدها الهزيل بطريقة ناعمة شاجنة تبرز رونق خاص بها……مع عينيها البنية الداكنة ذات الحزن المضنىً بهم….
برغم من الكحل والزينة المحيطه بهم لا تزال
النظرة الشاجنة تجتاح بضراوة كل شيء وتجعلها حنين شفافة التعابير المختلفة عن اي أمرأه قابلها….
حتى وهو ينظر لعيناها الحزينة المستاءة الان منه يشعر انه سعيد سعادة غريب لمجرد انه نالها أخيراً
بعد تلك المعافرة معها….وكان يظن انها سهلة المنال
كغيرها بل هي أقل منهن لكنها اثبتت عكس ذلك
حينما رفضته مرة تلو الأخرى…وفي كل مرة يشعر انه
ينجذب لها اكثر وتزيد رغبته المريضة في
امتلاكها….
قد وقع هو أيضاً على قسيمة الزواج وتعالت الزغايد والمباركة لهما…كان بمفردة لم يحضر شقيقته او خاله ولم يخبرهم بالامر…فضل ان تكون الخطوة القادمة قبل الاشهار بزواج رسيماً والذي سيكون قريباً جداً……
أحضر شهود يثق بهم جيداً يعملان تحت يده في الشركة………قد شهدوا على عقد القران وذهبوا
سريعاً حتى الجيران بعد التهنئة وشرب الشربات والمباركة لهما ذهبوا جميعاً ولم يتبقى إلا هو وهي وامها……وحتى اشقاءها قد ركضوا للأسفل للعب في الحارة كالعادة……
تنحنحت السيدة وهي تتقدم منه بخطوات متعبه…
ثم جلست على اقرب مقعد وهي تقول بنبرة
هادئة……
“الف مبروك ياعز بيه…….”
تعجب وهو يقو مستنكراً….
“بيه….اي يام محمود احنا بقينا اهل ولا اي ياحنين…”نظر لحنين كي تخرج من صمتها وترفع عيناها عليه…..
رفعت حنين عينيها ونظرت له ببغض ثم قالت
لامها بهدوء……
“قدري زي ابنك ياماما….دا لو مكنش هيضيقك ياعز…..”
كانت عيناه متعلقة بحنين بطريقة لم تعهدها عليه
إلا حينما امتلكها أخيراً واصبحت زوجته !…..
رد بنبرة عادية بها لمحة من الخبث الذكوري….
“إزاي هضايق….دي بقت حماتي….ام مراتي…..”
اومات السيدة بحرج وهي تقول بطيبة ساذجة…..
“كتر خيرك يابني…..بس متاخذنيش اصل جوازكم جه بسرعة كده…ولحد دلوقتي مش مصدقة ان
حنين اتجوزت…..”

 

 

لم تبرح عيناه عيناها التي تهرب منه ومن نظراتها
المتسلطه عليها…….
“لم النصيب بيجي مبيستناش ثانية…مش كده ياحنين…..احنا كنا متفقين انا وانتي على كل
حاجة من فترة ولا إيه……”
اومات له بازدراء….. ثم نظرت لأمها وجدتها تجلس
بصعوبة والانهاك بارز على وجهها لمجرد انها وقفت النصف الساعة تلك بين الجيران حتى انتهى المأذون
من عقد القرآن…….
“ادخلي ارتاحي انتي ياماما جوا….. عشان شكلك تعبانه……”
قالت والدتها بحرج وتعب وهي تنظر اليهما….
“ميصحش ياحنين اسيب جوزك ودخل……”
وكم تشعر بثقل الكلمة على اذنيها….. و وقوعها
كان كصاعقة القوية التي القتها لبئر عميق قاتم
لا يعرف للرحمة طريق…. انها على اول اعتاب
الجحيم اما السقوط ام التشبث لاخر إرادة
بداخلها….و هل تبقى ذرة منها ام استنزفت
ككل شيءٍ بها……
سمعت عز الدين يقول بهدوء لبق….
“ادخلي انتي يام محمود ارتاحي…انا عارف انك تعبانه….اعملي حسابك بكره ان شاءلله هجيب ممرضتين يقعدوا معاكي هنا يلزموكي طول الوقت ويعمله الازم معاكي….وفي دكتور هيجي يشوفك
كل يوم ويتابع حالاتك ولو احتاجتي لمستشفى هينقلوكي علطول….. يعني هتبقي تحت الملاحظة الطبية اربعه وعشرين ساعة…….”
قالت السيدة باعتراض به لمحة من الحرج منه….
“كتر خيرك يابني بس ملوش لزوم انا بتابع في مستشفى حكومية وبروح كل اخر الاسبوع
وبغسل وبطمن على نفسي………كتر خيرك….”
نظر لها باستغراب من رفضها برغم من احتياجها الشديد للعناية الطبية فالمرض يهاجمها بقوة وهذا
واضح وضوح الشمس وظاهر عليها بشدة…..اردف
بتحفظ هادئ….
“كتر خيري في اي يام محمود…..دا اتفاقي مع حنين اني هبقى مسئول عنكم وعنها……وانا أد كلمتي…”
نظرت والدتها اليها بعتاب محمل بالاسى ثم
نظرت لعز وافصحت بطيبة الأم……..
“يابني متشغلش بالك بينا احنا لينا رب اسمه
الكريم.. اهم حاجة حنين خد بالك منها وحطها في عينك وحاول تعوضها عن اللي شوفته طول عمرها… انت مبقتش غريب يابني….. حنين تعبت كتير في حياتها وعفرت كتير في الدنيا بعد موت أبوها وكل ده عشان خاطري وخاطر اخواتها……. والله أول ما قالتلي انك عايز تتجوزها فرحت اوي وعرفت ان دعواتي ليها ربنا استجبها أخيرا وانك العوض اللي دعتلها بيه دايما….. ربما يسعدكم يابني ويتمم فرحتكم على خير…….”
أومأ لها عز الدين وشعر بشيءً بداخله ينتفض من مكانه…..حديث السيدة الحاني والوصية التي تلقيها على عاتقه ثقيلة ومخيفة خصوصا ان الزواج سينتهي يوماً ما بعد ان يتلاشى بريق الانجذاب نحوها مثلها كغيرها من السابقات في حياته !….فكيف يكون لها العوض وهي بنسبة إليه وسيلة لإرضاء غرائزه الذكورية ليس إلا ؟!….
نهضت السيدة بعد ان باركة لهما من جديد رافقتها حنين للغرقة حتى تتطمئن عليها ثم دثرتها تحت الغطاء واغلقت الانوار عليها ثم اتجهت الى الصالة الصغيرة حيثُ يوجد اريكة بسيطة ومقعدين بنفس البساطة الباهتة……وعلى الاريكة كان مزال جالسا مكانه ينتظرها بالبذلة الانيقة السوداء وساعة الفخمة
وشعره البني المائل للاشقر مصففه للخلف باناقة جذابة عيناه العسلية الضارية كالنمور شاردة في مكانا آخر……..ويده تطرق على الاريكة بوتيرة
مقررة وكانه يفكر بشيءً هام جداً ومحير
كذلك وهذا بارز على ملامحه الرجولية
الوسيمة…..
انه عملاق…جسده قوي وكبير….فارع الطول بذراعين تضجان بالعضلات القوية ويبدو انه يحمل اوزان ثقيلة كل يوم او كل ساعة لتجعل صدره عريض هكذا وذراعيه شديدة القوى وجاذبة كتلك…..
تكاد تجزم انها مزالت غير مستوعبه تلك الزيجة السريعة….تم عقد القران واصبحت زوجته كيف ركض الاسبوع هكذا من حولها…..
وكيف ارتدت فستان عقد القران وتزينة بدون ان تساعدها صديقتها الوحيدة كما تعاهدان في سنوات مرهقتهن……كيف ابتعدت عن سمر وكيف المتها واهانتها… ولماذا في لحظة اصبحت صديقة سيئة
لا تصلح لا شيء !……..

 

 

هي فعلاً لا تصلح لشيء……انها لا تعرف إلا الركض
خلف الاموال والزيجه الافضل لها…وها هو الزوج المنشود يجلس ينتظر العروس كي تاتي وتبدأ
تقديم العرض الساخر حتى تنتهي المسريحة
السخيفة بعد أشهر ويذهب كل شخص للجهة الاخرى….
تقدمت منه حنين بخطوات هادئه…أنتبه لها عز
الدين ورفع عيناه العسلية عليها وهو يداهم عينيها
الشبية بالوزتين حلوتين رغم الاسى المرسوم
حولهم…….
جلست بجواره واعطت مساحة بينهما وهي تسأله بدون ان ترفع عيناها عليه….
“تحب اعملك حاجة تشربها…….”
“خدي ياحنين……”وجدته يخرج من حقيبته
السوداء عدت أوراق ثم مبلغ مالي عبارة عن اربع
رزم من الاموال…….
نظرت للأشياء الموضوعه امامها ثم اليه وقالت
بعدم فهم…..
“اي ده……”
مسك الاوارق وبدا بتوزعها بتساوي على المنضدة لكي تراها أكثر……
“ده عقد بيع الشقة محتاج بس امضتك عليه عشان يتسجل في الشهر العقاري بأسمك….والورقه دي من البنك فيها المبلغ اللي حطيته في حسابك…بصي في كويس وقوليلي دول يكفو مهرك ولا لا……”
مسكت حنين الورقة ونظرت اليها لتشعر بصدمة تحتل اطرافها بتدريج…..اول شيء تفوهت به
كتعليق مندهش من الرقم المضاف لحسابها……
“كل ده…. دا كتير اوي؟!….”
“دا مهرك بنسبالي….مبروك عليكي ياحنين…..”نظرت اليه بحرج ليسترد حديثه امام عيناها بهدوء…
“المهم الشقه بتاعتك جاهزه ومفروشه كمان
هتعملي بيها اي…….”
لاحت السعادة على شفتيها عنوة عنها وهي تنظر لزوايا الشقة القديمة واردفت …..
“هخلي اخواتي وامي يعيشوا فيها بدل شقة
الايجار دي…….”
اخبارها ببساطة فهو تعاهد على تلبية طلباتها بما
انها وافقت على الزواج منه بهذا الشرط….الطامع
به مهم تجاهل الامر هي تطمع في ماله على من يكذب!…موافقتها عليه كانت لاجل المال، اما
انجذابه وركضه لنيلها لا يعرف من أجل ماذا؟!…
“تمام خلي دي عليا كمان…….هنقلهم هناك وهجبلهم
واحده تخدمهم… دا غير الممرضتين اللي هيكونوا

 

 

مع امك……وكمان اخواتك ومدارسهم متقلقيش دي كمان هظبطها من ضمن مهرك ياعروسة… كده تمام ولا لسه في حاجة تانية……. ”
وكانه كمصباح علاء الدين فُتح لها…يريد ان يبسط
اي شيء كان عائق عليها بل كان تحقيقة يحتاج لمعجزات……نظرت حنين للاموال الموضوعه
امامها ثم سالته بحيرة…
“طب عرفنا الورق بتاع إيه…الفلوس دي بقه
بتاعت إيه…….”
أشار عز الدين وهو ينهض من مكانه….
“الفلوس دي هتصرفي منها لحد ما نحدد معاد الفرح…….اللي هيبقى قريب ان شاء آلله…….”
نهضت بعده وهي تشير للأموال بحيرة…
“بس دول كتير اوي…….. وانا معايا فلـ….”
قاطعها وهو يداهم عيناها بقوة…..
“حتى لو معاكي انتي بقيتي مسئولة مني خلاص… والفلوس دي بتاعتك زي ماهي بتاعتي…..”
من يسمع حديثه يظن انهُ زواج فعلاً وليس لأجلٍ مسمى كما اتفق معها…….
وجدته يقول بهدوء وهو يغلق أزأرر سترته…
“قريب اوي هكلمك عشان ابلغك بمعاد الفرح…..”
اومات له بتوتر وهي تنظر اليه ثم على الباب كانها تطلب بلغة الجسد ان يرحل الان ويتركها……
سار عز الدين عند باب الخروج وهو يقول بنبرة رخيمة…
“انا لازم امشي دلوقتي عشان عندي شغل مهم….”
لم يتلقى إلا كلمة باردة….
“تمام….”
عندما وصل لباب الخروج لم يقدر على الذهاب هكذا فاستدار إليها عند الباب المغلق وقال بنبرة هادئه…
“مش ناويه تسلمي عليا ياحنيني……”
توترت حدقتيها وكذلك اضطرب جسدها وهي تمد يدها كالخرقاء لتسلم عليه…..وعند تلك الحركة
شعر بفوران يتناثر باعماقة مشعل فتيل الصبر
لديه…..
سحب يدها برفق كي يحيط خصرها بيده الاخرى كي يقربها اكثر واكثر عليه لتكن في احضانه ملتصقه بصدره العريض القوي الذي ينبض بقوة بعد ان استشعر حرارة جسدها بقربه….مال عليها وهو
يهمس امام عيناها المذعورة منه ومن قربه
الهالك والمخدر لكل ما بها باستثناء قلبها
فهو ينبض باضطراب مجنون…..لفحت انفاسه الساخنة صفحة وجهها وهي تسمعه يقول ببحة خافته محملة برغبة بها……
“سلام المتجوزين مش بيبقى كده ياحنين…بيبقا
كده…….”
لم تستوعب بعد انه اطبق على شفتيها وداهمها بشفتيه القوية المتسلطة الدافئة…التي تلتهم
بجوع كل زاويا بثغرها اللين المستسلم لهجومها
الشرس عليها…..
تاوه بداخل شفتيها وهو يجذبها اكثر لاحضانه
وهي مستسلمة اليه…لا تبادل ولا تمانع كتمثال
لا يعرف للمشاعر طريق…..انها في حالة ذهول
ولا تعرف ماذا تفعل….. حتى انها لا تتبع الفطرة بداخلها التي تدفعها لتحريك شفتيها من باب التجاوب مع زوجها…….الذي افرغ بالمساته
وقبلاته داخلها ملحمة من الرغبات التي ظنت
يوماً انها لا تمتلكها مثل باقي البشر….وهيهات من لمسة رجل انفجرت بداخلها وحتى الان لا تعرف
كيف تخمد تلك النيران معه؟!……
أحد مفاتيح السعادة كانت شفتيها…كشهد يذوب
بفمه وهو يلتهم بضراوة كالنمر الجائع……لم يعرف يوماً انه جامح في نيل أمرأه إلا عندما لمسها
وقبلها…..
كم كان دوما يتمتع برزانة الاقرب للبرود وهو
باحضان اي أمرأه اقترب منها……..لكن تلك
البائسة فجرة رغباته واشتياقه لأمرأه ان لم
تكن هي بالفعل ما كان يبحث عنها طوال تلك السنوات…….
انتفض جسد حنين وهي تسمع امها تسعل من الداخل…….مما جعل الحياة تعود للنبض بجسدها اليابس لذلك ابتعدت عنه وهي ترجع شعرها المشعث بفعل يده للخلف…….لفظت اسمه وهي تنظر اليه بضياع وخجل……”عز أ….”
قاطعها بتفهم وهو يطبع قبلة اخرى على وجنتها الملونة بالاحمر القانٍ آثار ما حدث بينهما منذ ثواني….وقال بانتشاء محموم……..

 

 

“سلام ياحنيني……..”قرص وجنتها ثم فتح الباب وخرج…..اغلقت الباب خلفه واسندت عليه وهي
تنظر لاركان الشقة بضياع…..ثم رفعت يدها وتحسست باصابعها المرتجفة شفتيها الحمراء اثار هجومة الضاري عليها…….تمتمت بغير استيعاب…..
“اي اللي حصل ده ؟!….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى