روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الثالث والأربعون

رواية غمرة عشقك البارت الثالث والأربعون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الثالثة والأربعون

الحب ماهو إلا قبر فارغ تظل ترهب منه رغم العلم
بان النهاية الحتمية داخله…. مثل الحب تظل تنفر منه وتتألم من قساوة أحبابُ حتى تدرك مع الوقت انك وقعت في الحب رغم الالم الناتج عنه !……
كحالها هي أحبت رغم نفور مشاعرها سابقاً….هجرت الحب رغم اشتياقها لمشاعره…….وقفت كثيراً بين نزاعات وجدالات نارية حتى تثبت انها قوية بدونه….. ولكن كلما كان يخطو نحوها ويقترب أكثر تشعر انها تفقد اسلحتها الواهية وتخلع امامه ثوب الكبرياء، وتقف عارية المشاعر امام من أحبت….
مر على زواجهما أربع سنوات ونصف…… ومزالت حتى الآن تتجاهل هذا اليوم وتحتفل بتاريخ زواجهما القديم….الذي مر عليه ثماني سنوات….
تنهدت برضا تام وهي تنظر لنفسها عبر المرآة قد جهزت نفسها بشكلاً مغري لأجل عيناه…….لترى
لهفة عيناه الشهوانية عند النظر إليها…..
لم تنضب داخله أبداً اللهفة ولم تقل مشاعره الجامحة نحوها لكن مزالت كما هي تحب التلاعب بصبره تريد ان يجن عقله بها اكثر….. وأكثر…..هكذآ
هي عندما تحب……وهو في الحب اكثر من مجنون
لذلك كانت دوماً بينهما لحظات مميزة معاً
استثنائية……حارة…..جامحة……. ومجنونة…..
ام بنسبة للحظات العائلية فهي أروع مالديها….
فهي امٍ لثلاثة أطفال اكثر من رائعين….اكبرهم
أميرها الصغير (علي….)والذي أصبح في السابعة
من عمرة…ام التوأمانِ فهن فتاتان غاية في الجمال يشبهان بعضهن كثيراً ولكن في عينيها يبدوا مختلفتان جداً باستثناء لون العيون والذي من خلالهم يميز الجميع بينهن….إلا هي ترى اختلاف
كبير بين التوأمانِ واللتانِ أتما عام وثلاثة أشهر
انهن (تمارا وتالين…)…..
تحركت قليلاً امام المرآة حتى رات تفاصيل ثوبها القصير والذي كان عبارة عن فستان مدرج باللون الكشمير والابيض وعند الظهر مفتوح على شكل فراشة تبرز بياض ظهرها الناعم …….
اطلقت شعرها الاشقر طليق حر كما يحب ان يراها خالد….. قد استطال شعرها وعاد لعهده السابق
وبدت به اكثر جمالاً…….مزالت عسليتاها تبرق
بشقاوة وحب….وكانتا عينيها كحيلتين وساحرتين عند النظر اليهم………شفتيها مطليه باللون الوردي الامع يبرق باغواء شهي…….ام عن زينة وجهها فكانت جميلة رقيقة وناعمة هي وكل مابها كالبسكويت الناعم يصمد بين اصابع رقيقة…..ويذوب عند الارتواء…..
سمعت اقتراب خطواته اسرعت بنظر الى نفسها بنظرة اخيرة عند المرآة ثم نظرت لطاولة القابعة
في ركن منفرد والتي تحتوي على قالب كيك
صغير شهي الشكل فوقه يوضع شمعة صغيرة
على شكل حبيبان يعانقا بعضهما……..
اشعلت الشمعة برفق واقتربت من الباب وعندما
فتح الباب همست بصوتٍ ضاحك برقة…..
“Surprise…..”
رفع خالد حاجبه مدعي الدهشة وقد اغلق الباب واقترب منها قائلا وهو يطفئ الشمعة معها…
“احلى Surprise ده…..”
وضع قالب الكعكة جانباً ثم اقترب منها وضمها لصدره وهو يقول باشتياق حار…..
“وحشتيني يايويو…….”
خرجت من احضانه ونظرت اليه بشك….
“خالد……انا حسى انك مش متفاجئ……انت كنت عارف ان النهاردة عيد جوازنا؟……”
مرتا عيناه الشهوانية عليها بتأني اشعرها بالخجل فزحفت الحمرة لوجنتيها وقد تناست سبب تذمرها منذ قليل…….عيناه كانت تحرقها…….وتقيمها في
نفس الوقت…….
“اي الجمال دا يايويو…..هاتي ايدك كده….”مسك يدها وادارها مرتين وفي المرة الثالثة عانقها من الخلف وهو يطبع قبله حسية حارة في منتصف فتحت ظهرها المغرية……..
وزع ثلاث قبلات على ظهرها صعوداً الى جيدها وهي تذوب معه بنعومة شعرت بانفاسه الساخنة تنتشر على جيدها وبعدها وجدته يهمس بعتاب
حار……..
“لي الفتحه دي يايويو….مش خايفه تبردي…”
حاولت التملص منه وهي تقول بدلال….
“خالد ابعد عني……..”
تجاهل ردها وهو يهمس بوقاحة وشفتيه
تلتصق بجيدها…..
“تعرفي لو كانت الفراشة دي مفتوحة من قدام كانت……..”
همست آية بخجل “خالد……”
مرر شفتيه على جيدها هامساً بحب وهو يشم
عطرها الوردي……
“كل سنة وانتي معايا يايويا…..مع اني مستغرب انك لحد دلوقتي بتحتفلي بتاريخ القديم…….”
اغمضت عينيها وقالت بنبرة متأثرة…..
“عشان في اليوم ده فرحتي بجوزنا مكنتش تتوصف……”
سالها خالد بحيرة…..
“يعني لما جددنا جوزنا مكنتيش مبسوطه….”
استدرات اليه ونظرت لعيناه مباشرةً
قائلة….
“طبعاً كنت مبسوطه……… بس اول فرحة متتوصفش……مع اني عارفه انك في اليوم ده مكنتش مبسوط…….”
وضع يده على وجنتها وداعب اذنها باصابعه
وهو يهمس مسحورٍ بقربها……
“بالعكس يا آية…..انا كنت فرحان جداً في اليوم ده……بس من غبائي مكنتش عارف سبب الفرحة
دي إيه…….”ثم مالى عليها وقبل وجنتها هامساً بالقرب من اذانها….
“اتريني كنت بموت فيكي………وانا ولا داري…….”
بلعت ريقها وهي تحاول الصمود امام نهر
مشاعره الجارفه….
“الكلام الحلو ده…..مش هيخليك تهرب من سؤالي…
مين فاكرك بعيد جوزنا…….انت كنت ناسي ياخالد
والصبح حاولت المحلك…. بس انت مفهمتش
قصدي وكنت مستعجل ونزلت علطول…….مين
فكرك ياخالد……”
اجابها بهدوء……
“محدش فاكرني….انا افتكرت لوحدي……”
نظرت اليه بتشكيك…. “خالد….”
فضحك وهو ينظر لعيناها بحب…..
“علي…… علي هو اللي فكرني…….”
رفعت حاجبها مندهشة وقالت….
“إزاي………..هو عرف منين…….”
قال خالد وهو يمرر يداه على خصرها…..
“سمعك وانتي بتكلمي مع حنين…وحب ينقذ أبوه
من الزهايمر فكتبلي رسالة……”
ضحكت آية بذهول وقالت بفضول….
“كتبلك إيه في رسالة……..”
قال خالد مبتسماً……
“قالي ( ياخالد عيد جوزكم النهاردة حضر هدية ليويو عشان متبتش برا.)……..”
طلت الصدمة من عينيها فقالت… “علي كتب كده……… بجد…….”
عقد خالد حاجبيه قائلاً…..
“كأني بتكلم عن حد مش عرفاه…مانتي عارفه انه مبيقولش ماما وبابا غير في طوارئ……”
اومات آية قائلة بهدوء….
“انا مش بتكلم عن الاسامي مانا عارفه ان علي ملوش في الالقاب……..بس الطريقة…….”
لمع الفخر في عينا خالد وقال…..
“تعرفي اني بحب طرقته……انا لما باجي قعد اتكلم معاه بحس اني قعد مع واحد صاحبي مش مع ابني…….”
لوت آية شفتيها بسخط…..
“ماهو اللي بينقذك في المواقف اللي زي دي…..”
اوما خالد ضاحكاً بانتصار……
“واحسن حاجة انه فكرني اجيب هدية ليكي…كل سنة وانتي معايا…….”اخرج من جيب الجاكت علبة أنيقة تحتوي على خاتم من الالماس…..كان خاتم غاية في الروعة والرقي…. اخرجه من العلبة ومسك يدها الرقيقة ثم البسها الخاتم في اصبعها ورفع يدها وقبلها قبله طويلة حانية كانت قبلة حسية توحدت معها مشاعرها فجعلت قلبها يجن داخل اضلوعها…..
وهي ترى الحبيب منحني يقبلها بامتنان وحب لوجودها بحياته…….
رفع عيناه اليها ونظر مجدداً للأطلالة التي خطفت قلبه عند رؤيتها فعلق بحب قائلاً….
“طالعه زي القمر يابسكوته…..اي الحلاوة دي….”
ضحكت آية بنعومة وهي تقترب منه وتحيط عنقه بكفيها برفق شاكرة داخلها حذاءها العالي والذي
بفضلة وصلت قليلاً إليه لتجده يعقب على هذا
القرب هازئاً……
“انتي لبسه كعب عالي صح…….”
اومات ضاحكة وهي تتدلل عليه مدعية
السخرية…..
“اي قوة الملاحظة دي….اكيد لبسه كعب
مزدش نموي يعني !…….”
قال خالد عابساً…
“ولي لبسه كعب……انتي احلى من غيره…”
قالت آية باستياء…….
“يسلام……احضنك ازاي يعني……لما بحضنك بحس اني بحضن حد كبير…. زي بابي مثلاً….. الله يرحمه يعني…….”
قال خالد بحب وعيناه تفيضانِ عشقاً……
“اعتبريني بابي……. وقلعي الكعب ده…..”
قالت بامتناع…… “لا……” وجدته ينحني امامها ويخلعه بنفسه…….قالت بحنق شديد….
“خالد……..”
رغم اعتراضها إلا ان اصراره جعلها ترضخ اليه خصوصاً انها كانت في مزاج جيد ولا تريد ان تفسد الامسية معه…..لذلك تخلصت من الحذاء لتجده يستقيم ويعانقها مجدداً وقد وصلت راسها لصدره تقريباً فقالت بعدها بغيظ…..
“بذمتك دا حضن……انا قصيرة أوي…….وكانك
حاضن بنتك…… مش مراتك… ”
قال بعاطفة جياشة…..
“انتي مراتي وبنتي يابسكوته……..”اخرجها من احضانه ونظر اليها…..فرأت في عيناه توهج
مجنون مما جعلها تسبل عينيها وهي تهمس
بحياء….. “خالد……..”
مسك فكها باصابعه ورفع وجهها إليه ثم مالى
عليها هامساً بالقرب من شفتيها……
“بحبك…….”
وجدته يلتهم شفتيها بنعومة أذأبت جسدها بين
يداه التي تعمل على تخدير عقلها وايقاظ مشاعرها الحميمية معه……..بعد برهة ابعد شفتيه عنها وتعمق في النظر الى عسليتاها هامساً برقة تذيب قلبها اكثر…….
“بموت فيكي ياروح خالد………”التهم شفتيها مجدداً
بقوة جعلتها تتأوه بين يداه ولم تلبث إلا ووجدت نفسها ترتفع عن الأرض بفعل كفيه التي امسكتها من خصرها…. وسار هو بها نحو الفراش ومزالت شفتيه
تعزف ألحاناً على شفتيها السخية في العطاء له وحده……..
تشاركا معاً الفراش لتجده يسحب سحابة الثوب
من الخلف هامساً امام وجهها بصوتٍ مسحورٍ…..
“انتي بسكوته ناعمة اوي يايويو…وعايزة تتاكلي أكل…….”
قضم شفتيها بقوة فتاوهت بدلال وهي تشعر بحواسها تتفاعل معه بجنون……ومزال يدلل
شفتيها بقبلاته حتى ذأبت معه وسلمت حصونها
وتوحدا جسدياً بتناغم حميمي…….
في الصباح استيقظت على لمسات رقيقة على وجنتها فتحت عيناها لتجد خالد جوارها ييقظها بوردة حمراء كانت تمر على وجنتها وانفها الصغير…
اهدته أجمل ابتسامة صباحية وهي تتمدد
بذراعيها وساقيها بنعومة كقطة اتعبها الدلال….وقالت…..
“صباح الخير ياحبيبي…….”
طبع قبلة على وجنتها وهو يعطيها الوردة
قائلاً…..
“صباح النور……كل ده نوم……انا بقالي ساعة
بصحي فيكي…….”
قالت مبررة بدلال….
“عشان نايمه متأخر……وكله بسببك……..”وضعت
الوردة على انفها واشتمت عبيرها الناعم وهي
تسمعه يقول بمكر…..
“تعرفي اني بفكر احتفل كل يوم بعيد جوزنا….”
نظرت اليه من فوق أوراق الوردة القريبة من
انفها….
“لدرجادي !!…….هو كان اليوم حلو اوي كده……..”
“احلى ما فاليوم حضنك…….و… “مالى عليها وامام شفتيها همس لها بكلمات وقحة توضح أحلى شيءٍ اعجبه أمس……
ضحكت وهي تعض على شفتيها ثم ابتعدت عنه قائلة……
“بطل قلة آدب…وقولي علي والبنات صحيوا….”
اجابها بهدوء…
“البنات لسه نايمين………وعلي صحي عشان مدرسته…….الدادة ساعدته في لبس…..وقالت
انها سبته يسرح شعره قدام المرايا زي ما طلب….”
قالت آية باستياء…..
“يبقى لسه واقف قدام المرايا انا عارفاه….”ثم
نهضت عن الفراش قائلة……
“هدخل اخد شور وبعدين هروح ابص عليه……..”
ثم نظرت للحلة العملية التي يرتديها خالد
فقالت ذاهلة…
“واضح انك صاحي بدري…….ولبست كمان……”
قال خالد بوجوم وهو يعدل ربطة عنقه امام
المرآة…
“الساعة تسعة….وطبعاً انتي عارفه اخوكي في المواعيد مبيرحمش….وكاني شغال عنده مش
شريك معاه…….”
اقتربت منه وعدلت ربطة العنق بدلاً
منه…..وهي تقول بتفهم…..
“معلش ياحبيبي…..مانت عارف عز…..وطريقة شغله…….”
عانق خصرها وهو يغير الحديث قائلاً…..
“عارف……….المهم…..فين بوسة بابي……”
قالت آية بتغنج محاولة التملص منه……
“خالد بس بقا……”
قال بتصميم لذيذ……
“والله أبدا لازم اخد البوسة……قبل مانزل أفطر……..مش هتفطري معايا…. ”
اومات مبتسمه…..
“أكيد هفطر معاك….هاخد دش وهبص على علي وبعدين هنزل معاه عشان نفطر سوا…….”
“قبل كل ده لازم البوسة بتاعتي…..”التهم شفتيها قبل الاعتراض فاغمضت عينيها وهي تغرز اصابعها في شعره بانسجام جميل……..
……………………………………………………………
بعد قليل ارتدت طاقم شتوي انيق ولملمت شعرها الاشقر في ربطة انيقة ثم خرجت من الغرفة متوجهه لغرفة ابنها بعد ان اطمئنت على التوأمانِ اللتانِ مزال ينعما بالنوم……
اطرقت على الباب ثم دخلت اليه فوجدته يقف امام
المرآة يمشط شعره ويهندم ملابسه…….ظلت واقفة عند اطار الباب تتأمله بعيون أم غارقة في حب أميرها الصغير الذي كبر امام عينيها واصبح في السابعة من عمرة اخذ جينات والديه… واصبحت وسامته تسر العين…….وتريح النفس…. باستثناء شخصيته والتي كلما تحدث اليها تدرك انه كبر
اكثر مما ظنت……..
قال علي وهو ينظر لصورتها عبر
المرآة…..
“وقفه كده لي يايويو….تعالي ساعديني……..”بدأ
يمرر اصبعه على شعره بحذر حتى لا يفسد التسريحة التي ظل ساعة يوقفها بمثبت
الشعر (چل…)
قالت آية وهي تتقدم منه بعتاب جالسة على
حافة الفراش….
“يويو زعلانه منك…..وانت عارف ليه……”
تقدم منها الصغير متسائلاً باهتمام…..
“زعلانه مني……ليه انا عملت اي ياماما……”
قالت بتذمر جميل…..
“عشان فكرت خالد بعيد جوزنا…..انت بتغششه لي ياعلي…….”
عبس وجه الصغيؤ وهو يقول بجدية
لذيذة….
“هو احنا في امتحان…وبعدين انا عارف ان احنا كرجالة بننسى الحاجات التافهة دي ام انتوا لا…”
رفعت آية حاجبيها قائلة بدهشة….
“احنا وانتوا………انت بتكلم كد ليه……”
غمز علي بشقاوة قائلاً…..
“متغيريش الموضوع يايويو……جبلك هدية إيه…..”
اومات براسها وهي تبتسم وقد تناست فرق الحجم بينهما وهي تخبره ببراءة…..
“جبلي خاتم…….”
هتف علي مشدوهاً…..
“بجد…………..افرحي انا اللي قولتله…….”
جحظت عينا آية بتعجب قائلة….
“إيه !!!……… حتى في دي انت اللي قولتله…..”
“ماهو مكنش عارف ياماما يجيب إيه…. وانا
اقترحت عليه خاتم…….”ثم نظر اليها واضاف
بحماس وبراءة الاطفال تطل من عيناه
الخضراء…..
“عارفه انا مش بفهم في الهدايا بتاعتكم دي….انتي عارفه اني باخد رايك في هدايا عيد ميلاد صاحبي البنات…….لكن انا واثق ان تالين وتمارا هيساعدوا
بابا المرة الجاية وهما اللي هيقترحه عليه….عشان بنات زيك……وهيبقوا فهمين اكتر مني….. ”
لمعة عينا آية بدموع فضمته الى صدرها
وهي تقول بمحبة نابعة من عمق قلبها…….
“انت أميري…….”
فهمس الصغير بحب وهو يبتسم في
احضانها..”وانتي مملكتي…….”
نزلت دموعها في احضانه تاثراً من تلك الكلمة العميقة…… فشعر بها علي وابتعد عنها وهو يمسح دموعها قائلاً ببراءة…..
“مالك ياماما…….انتي لي بتحبي العياط زي حنين….”
انتبهت لحديثه فمسحت دموعها قائلة بتوبيخ
حاني……..
“اسمها طنط حنين ياعلي……ومتقولش كده عشان متزعلش منك……..”
قال علي بابتسامة شيطانية…..
“مش بتزعل مني…..خالو عز بس هو اللي بيزعل لما بدلعها……..وبناديها حنون…….”
هتفت آية بصدمة…
“حنون ؟!!….علي احنا قولنا إيه……”
قال الصغير مبرراً ببساطه….
“هي بتحبني ادلعها ولما قولت لخالو عز كده كان ناوي يضربني……..”
قالت آية بعتاب….
“انت ليه بتتعمد تضايقه…….خالك بيغير…….”
سالها الصغير حائراً…. “واي هي الغيرة……”
نظرت اليه قليلاً ثم تحدثت بهدوء….
“الغيرة ياسيدي…..شعورها كده زي ماتكون بتحب لعبة اوي ومش عايز حد يقرب منها غيرك….. ”
سألها الصغير باستفهام……. “وهي حنين لعبة……..”
شعرت آية بالحرج فقالت بحزم….
“اكيد لا….. مش لعبة بس ده التعبير اللي انا اقدر اوصله ليك……وبعدين دا كلام كبار وانت مش هينفع تسأل في الحاجات دي دلوقتي… ”
قال الصغير بضيق……
“انا مش صغير يايويو………انا كبير……. ”
ابتسمت آية فقالت…..
“طبعاً كبير….بس برضو حنين اسمها طنط….”
هز اكتافه قائلاً ببساطه….
“خلاص هقولها طنط حنون…….”
هزت آية راسها قائلة….
“مفيش فايدة فيك ياعلي…..”ثم نهضت ومدت يدها له قائلة……
“يلا عشان ننزل نفطر…….”اوما لها الصغير وخرج معها…..
بالاسفل وصلت لغرفة الطعام برفقة ابنها فوجدت
خالد ووالده(فؤاد)يتناولا فطورهم….فقالت بابتسامة
مشرقة……
“صباح الخير ياخالو…….”
رد فؤاد وهو يتبسم ببشاشة…..
“صباح النور ياحبيبة خالو…اي التأخير دا كله دا
انتي بتبقي اول واحده مستنيانا على الفطار…..”
حاولت اخفاء الحرج وهي تقول بحياء….
“النهاردة صحيت متأخر…….” رفعت عسليتاها على خالد فوجدته يغمز لها في الخفاء….احمرت وجنتيها وهي تجلس جوار خالها……
أقترب علي وقبل جده قائلاً
بمرح لذيذ….”صباح الخير يا فؤش…..”
نظر له فؤاد باعين ثاقبة وطصنع الوجوم
قائلاً….
“صباح النور ياستاذ…..متأخر كالعادة…..وبرضو
شعرك مش متسرح كويس…….”
اشتدت ملامح علي بصدمة وهتف….
“بجد ياجدو شعري مش مظبوط….. “بدأ يحرك أصابعه بحرص على شعره………
مما جعل فؤاد يضحك عليه والباقية…وقالت
آية بمرح….
“جدو بيهزر معاك ياعلي…..عارف انك مجنون….
وانك ممكن تقوم دلوقتي تبص في المرايا وتسرح من جديد…..”
قال الصغير بارتياح…..
“كنت هعمل كده…..بس انتي لحقتيني……”.. ثم
نظر لوالده قائلاً…….”صباح الخير يابابا…..”
قال خالد بغلاظة…… “صباح النور يالَوَل……”
تذمر الصغير بتذكر……
“بلاش الدلع دا يابابا………كفاية مكه مش بتاديني
غير بيه….”ثم نظر لامه وقال بلهفة بريئوة…..
“ماما احنا هنروح النادي امتى…عشان اشوف مكه والعب معاها….”
قالت آية بإبتسامة فاترة…..
“هظبط يوم كده معاهم يانتقابل في النادي يا
في شقة حنين……”
قال علي بلهفة جميلة…”ومكه هتبقا معاها صح….”
“اكيد هتبقى معاها…….”ثم ربتت على كتفه
قائلة بحنان……
“يلا ياعلي كل عشان تلحق الباص……..”
أومأ لها وهو يبدأ في الأكل….ابتسمت آية وهي تعود لعينا خالد التي تعانقها بحب……
……………………………………………………………
تقدمت من قبر امها ووضعت جواره باقة انيقة من الورود وتراجعت خطوتين وهي ترفع يداها وتبدأ بقراءة الفاتحة وعندما انتهت بدأت تحدثها في
سرها بصوتٍ شاجن وعيون تسيل منها دموع رقيقة……..تؤثر في قلب عز الدين الذي يقف خلفها عن بعد حتى تاخذ المساحة الكافية للتحدث براحة مع والدتها… وجواره كان يقف آدم الصغير الذي يمسك بكف والده وعيناه العسلية الامعة معلقه على امه كحال والده……الذي يخشى عليها من الحزن
كلما اتت إلا هنا…..
“وحشتيني اوي ياماما…….والله وحشتيني اوي…..انا عارفه انك في مكان احسن من هنا…..وعارفه انك كنتي بتعاني مع المرض سنين….عارفه ياحبيبتي
ياما صرختي من الوجع وقولتلي انا هموت ياحنين….هموت خدي بالك من نفسك ومن اخواتك……مكنتش بصدقك…….عارفه اني انانية ومكنتش حسى بوجعك…..كنت عيزاكي تتحملي وتفضلي معايا……موتك كسرني اوي ياماما……انا
مش مصدقه ان فات على بعدك سنتين…….
ومش قدره اصدق اني هكمل الباقي من عمري من غيرك……وحشتيني أوي…….ماما انتي حسى بيا صح……….انا تعبانه بجد من غيرك……..تصوري
محمود بقا نسخة من بابا ابنك عزيز النفس اوي ياماجدة لسه لحد دلوقتي رافض يجيب اخواته ويجوا يعيشوا معايا في الفيلا…..رغم ان عز والله
ما رفض….بالعكس دا علطول بيكلم محمود وبيحاول يقنعه وابنك اللي في دماغه في دماغه……صحيح قدامه سنتين ويتخرج من كلية الشرطة…….هيبقا ظابط كان نفسي اوي تشوفيه بالبدلة الميري….كمان أسامة وعدني ان هيجيب مجموع كويس في الثانوية…. وناوي يدخل طب…….أم العفاريت
الصغيرين عبدالله وعبد الرحمن فان شاء الله يجيبوا مجموع كويس ويدخله ثانوي وانا علطول معاهم متقلقيش عليهم…انا مش بسبهم أبداً ودايماً ببعت واحده تخدمهم وتطبخلهم……..”مسحت دموعها وهي تهمس لها سراً بمحبة وصوتٍ متهدج…..
“وانا كمان عايزه اطمنك عليا….انا بقيت الحمدلله احسن من الاول خدت كذا كورس انجليزي عشان احسن مستوايا جمب عز وكمان عشان اساعد آدم
في المذكرة….اتعلمت حاجات كتير اوي في السنين اللي فاتت دي وبقيت احسن…وعز علطول جمبي…
وادم كمان حته من قلبي ياماما…….تعرفي اني اكتشفت مع الوقت ان الكنز الحقيقي في الدنيا هو العيلة…في زوج في الابن في الاخ في الأم والأب
” مانتي عارفه ان كان اقصى طموحي اني اوفر احتيجاتكم ومكنش عيب خالص…بس غلط في يوم وحبيت استسهل في سعي…….وارتبطت بعز الدين….
يمكن لو كان حد تاني غير عز كنت بقيت في مكان تاني دلوقتي ربنا وحده اللي عالم بيه……..كنت غلطانه اوي ياماما بس لولا دعاكي وراضاكي عني بقيت حبيبته ومراته وام ابنه…..خليكي راضيه عني دايما يامي رضاكي هو اللي نور بصرتي وريحني في
حياتي….وحشتيني اوي ياحبيبتي….ياريتك كنتي
موجوده كنت بكيت في حضنك وحكتلك على كل حاجة حلوة حصلت معايا بسبب دعاكي ورضاكي عني…….. وحشتيني يا امي……..”
نزلت دموعها ولم تتملك نفسها فوضعت يدها على فمها وهي تشهق باكية بوجع……..تقدم منها عز
الدين وأحاط كتفها بذراعه وهو يهزها متحدثاً بحنان….
“كفاية كده ياحنين….. عشان متتعبيش تاني…….”
قالت بامتناع حزين يحمل لهفة مريرة…….
“مش قادرة ياعز….سبني معاها شوية…انا لسه عايزة احكلها على حاجات كتير اوي…..لسه في كلام عايزه اقوله…..”
ادعى المرح وهو يدللها بالحب كالعادة……
“أجليها للمرة الجاية….عشان خاطري ياعيوني…أجليها المرادي…….وحيات زيزو عندك……”طبع قبله على وجنتها فابتسمت لأجله من بين دموعها وهي تومأ براسها اليه خاضعه لرغبته فمسك كف ادم بيده الحرة وذراعه الآخرى تحيط كتف حنين التي سارت معه بهدوء وعيناها تودع
قبر امها بحزن…..واعده اياها باللقاء قريب وحديث لن ينتهي أبداً بينهما ؟!!…..
………………………………………………………………
مر أسبوعين على عملها في هذا الصرح الكبير….. أربعة عشرة يوماً كانت تراه صدفة رغم تواجده في نفس الشركة… أحياناً تراه في اوقات الراحة المخصصة للجميع يجلس جانباً يحتسي قهوته
وبين يداه الهاتف يعبث به….. وأحياناً أخرى
يكن بالقرب منها لكن على مكتب ماهي يعملا
سوياً امام اعينها ويتبدلا الحديث بأُلْفه غير
طبيعية بينهما…
كانت ترى كثيراً محاولات (ماهي) المكشوفة في تحدث معه خارج اطار العمل وهو أحياناً ينجذب للحديث وأحياناً يتجاهل بالباقة….. كان حازم في عمله…. جاد….. صامت……. بارد…. اين هذ المراهق العابث المرح…… كيف تلاشى بهذا الشكل… أيغيرنا النضوخ لدرجة تجعلنا لا نطاق ؟!!……
رغم انه أصبح شخصية لا تطاق مزالت هائمة به..
انها وقعت في حبه مرة أخرى مرة أشد واعنف من السابقة……. وكانها معتوه لم تحبه في سابق بقدر
حبها له الآن…… وكان من يتجاهلنا يكن الاقرب
للقلب !!….. خلل يعاني منه الكثير وهي
أولهم ؟!…
توقفت عن العمل وبدات تدلك عنقها من فوق الحجاب ثم حانت منها نظرة على مكتب ماهي
الفارغ ثم المكتب المجاور لها على زميلها
(مجدي….) شابٍ في منتصف الثلاثينات
ما يميزة جسده الممتلئ وحسه الفكاهي وبطبع حبه للطعام أهم شيءٍ بنسبة له………. هذا النوع لا تخشى على نفسك منه أبداً انه يمتلك فطرة ملائكية في حب الجميع…..
ابتسمت حبيبة عنوةٍ عنها وهي تجده يلتهم شطيرة برجر وامامه كوب من العصير……..قالت حبيبة بمرح
بعد ان اعتادت التحدث معه في تلك الفترة القصيرة اكثر من ماهي حتى…….
“اي يامجدي بدأت الغدى بدري يعني…….”
نظر لها مجدي وقال ببساطه……
“دا فطار ياحبيبة…..تاكلي….خدي دا طعمه حلو اوي……..”
“لا شكراً انا جايبه بسكوت مملح معايا تاخد….”
اخرجت كيس يشبه كيس البطاطا المكرمشة ولكنه يحتوي على أعواد من البسكويت المالح…….
قلب مجدي شفتيه ممتعضاً وقال بتذمر…
“مفيش مرة عزمتي عليا بحاجة عدله مرة بسكوت
مملح وقبلها كان بروكلي معمول مقرمش كده زي الشيبسي…. انتي بتجيبي حاجات العيانين دي منين…….”
قالت حبيبة مندهشة منه….
“فين حاجات العيانين…… انا فاكرة ان البروكلي عجبك اوي في اليوم ده…….”
قال مجدي بفخرٍ وهو يرفع راسه بإباء…..
“انا كنت بجبر بخاطرك يانسه….. انا كمجدي ميملاش عيني غير بطه محشيه بالفريك ومتحمرة بالسمنه البلدي وجمبها حلة محشي مشكل وحلة محشي كرومب…”
قالت حبيبة بصدمة…. “يالهووي هتاكل كل ده……”
اتسعت ابتسامة مجدي قائلاً بشهية
مفتوحة….
“ولسه التحليه صنية بسبوسة بالقشطة وكنافة بالقشطة……..ورز بلبن بالقشطه……”
قالت حبيبة برقة…..
“مجدي حقيقي بجد كتر الاكل بيضر الصحة…
وبيقلل نسبة الطاقة في الجسم….”
سالها بحاجب مرفوع… “انتي دكتورة ولا هكر……”
رددت بتعجب…. “هكر !!……”
اجابها مجدي ببساطه….
“مستغربه ليه ما اي مهندس برمجة بنقول عليه
هكر معروفة………” ثم نظر للشطيرة البرجر وقال بانزعاج….. “وبعدين سبيني بقا افطر وعود الشوية اللي هريت معاكي فيهم….. ”
قالت سريعاً قبل ان يلتهم الشطيرة….
“قبل ما ترجع للأكل وتنسى الدنيا….هي فين ماهي……”
اجابها مجدي متذمراً وهو ينظر للشطيرة
بحسرة….
“روحت….انتي مخدتيش بالك ولا إيه…..”
تساءلت بحيرة….. “متعرفش روحت ليه…..”
اجابها بهدوء….
“بتقول ان مامتها تعبانه وروحت علطول……”
هزت حبيبة راسها قائلة بتأثر إنساني…..
“ربنا يشفيها معاك رقمها عشان اطمن عليها….”
التهم مجدي من الشطيرة وهو يجيبها….
“للأسف نسيت تلفوني في البيت ممكن تاخديه من اي حد هنا هما معاهم الرقم…..ماهي دي بقالها سنين هنا من قبل حتى ما المهندس يوسف يجي هنا ويشتغل في شركة والده……”
اومات بتفهم وهي تنظر لساعة معصمها ثم
سحبت كيس اعواد البسكوت المالح ونهضت
وهي تقول…..
“اشوفك بعد البريك ياستاذ مجدي…….”
هتف مجدي بانزعاج……
“اسمي المهندس مجدي…….وبعدين ما تفطري هنا….
هتروحي تقعدي فين……..”
قبل ان تبتعد قالت بهدوء…..
“مكان ما بقعد علطول…..اشوفك بعد البريك…. ”
وصلت لسلم الطوارئ وجلست على احد الإدراج ثم
بدأت بفتح كيس البسكويت ومسكت احد الاعواد وبدات باكلها مصدره صوتٍ عالٍ مزعج ولكن بنسبة لها يريح عقلها من الافكار قليلاً باستثناء طعمه المالح الذي تفضلة مع عجينة البسكويت المميزة…..
وجدت من يتنحنح وهو يقترب منها فشعرت ببعضاً
من الحنق…..يوسف…….انه يخترق خلوتها بشكلاً مزعج أحياناً تراه شخصاً لطيف مثالي تتمناه اي
فتاه…….وأحياناً تراه لزج وتقربه منها يشعرها بالغضب من نفسها قبل ان يكون منه…….
“واضح انه بقا مكانك المفضل……..”قالها يوسف
وهو يشاركها الجالسة بل انه قال بتطفل…..
“ينفع قعد معاكي شوية……”
اومات له وهي تشعر ببعضٍ من الحرج والغضب كذلك…..لكنها ظلت هادئة صامته…..
قال يوسف بمرح……
“مش هتعزمي…… اللي يأكل لوحده يزور…..”
اغتصبت الإبتسامة وهي تقدم الكيس إليه
بهدوء…..”اتفضل…….”
سحب منها عود من البسكويت واكله بهدوء وهو ينظر امامه سائلاً…….
“اي رايك في الشغل معانا ياحبيبة……مبسوطه”
قالت بصوتٍ خالٍ من البهجة…..
“طبعاً المكان هنا كويس…..والناس اللي شغاله فيه فوق الممتاز……محترمين وشاطرين جداً……”
نظر اليها يوسف بعينان هادئتان
“حبيبة ممكن اسألك سؤال……..”
قالت بتراقب….. “اتفضل…….”
رطب يوسف شفتيه وهو يسألها بتردد….
“انا عارف انه سؤال سخيف بس…..طرقتك معايا خلتني اضطر اسألك السؤال ده……حبيبة….. هو انتي مرتبطه بحد…. حالياً في حد في حياتك يعني….”
هزت راسها بنفي وهي تساله بتعجب وقلبها
يخفق بخوف…..
“لا….هو حضرتك بتسالني السؤال الشخصي دا ليه……..”
هز راسه قائلاً برزانة……
“بعدين هتعرفي انا بس حبيت أطمن…..اصل
طرقتك معايا شككتني في نفسي…….”
بعد ان انهى كلامه وجدها تقفز من مكانها
سريعاً وتتحدث بهجوم مبالغ فيه…….
“مش معانا اني بحط حدود بيني وبين اي حد هنا يبقا انا مرتبطه او بحب حد…..دي طرقتي ودا طبعي
اسفه لو كنت بضايقك بالاسلوب ده…بس انا جايه اشتغل مش جايه اصاحب……..آسفه……”
اوقفها دون ان يلمسها واردف معتذراً……
“انتي قفشتي كدا ليه….انا مش قصدي حاجة والله
انا بس حبيت اسألك وطمن اكتر….وبعدين صدقيني شخصيتك دي اللي خلتني اعجب بيكي اكتر….”
جحظت زيتونيتاها بدهشة……. “تعحب !!……”
توتر يوسف فارجع شعره للخلف قائلاً….
“مش قصدي المعنى الحرفي للاعجاب… ولكن حبيت أوضح مدى احترامي وتقديري ليكي يابشمهندسه…”
قالت بتفهم وهي تعتذر برقتها
المعهودة…
“شكراً…… واسفه لو ضايقتك بكلامي……”
كانت عيناه تبرق بتوهج غريب وهو يخبرها
بصدق….
“كلامك مفهوش حاجة بالعكس…. دا فرحني أكتر…”
ثم أشار لها ان تجلس قائلاً بالباقة….
“خليكي قعده وقت البريك لسه مخلصش…… لو وجودي مضايقك ممكن امشي……”
ادعت التأثر عنوة عنها حتى لا تكن قليلة
الذوق………
“لا لا طبعاً خليك يابشمهندس اي اللي هيضايقني…”
عادت وجلست على درج السلم وهو جوارها ثم بالباقة مدت له كيس البسكويت فأخذ منه واحده وهو يشكرها بابتسامة جذابة هادئة…….ثم تبادلا الحديث في مواضيع عامة عن العمل فهذه الطريقة الوحيدة المتاحة ليوسف حتى يتحدث معها أكثر
فهي رغم حجمها الضئيل ورقتها المعهودة إلا انها صارمة جداً في التعامل مع الجنس الآخر….
وهذا لم يكن فقط معه بل مع جميع زملاءه الرجال مما دفعه بغباء للسؤال بشكلاً شخصي عن حياتها
العاطفية…..ربما تعجل قليلاً في هذا…لكن في نهاية انتابه شعور الراحة بعد ردها فهذا الرد فتح له
أبوابٍ من الأمل…وهو سيسعى لنيل رضاها ؟!….
……………………………………………………………
بعد انهاء ساعات العمل خرجت من الشركة باحثه بعينيها عن سيارة أجرة تقلها للبيت….وقد بدات الرياح تشتد بتدريج مما جعلها ترفع عينيها للسماء وهي تضم الجاكت اكثر لاحضانها فوجدت الغيوم تنتشر فجأة في السماء ولحظات قليلة وبدات تمطر فوق رأسها…..
اخرجت زفرة غضب وهي تسير مبتعدة قليلاً لعلها تقف تحت ظل شجرة في هذا الجو العاصف….
ولكن قوة الرياح جعلتها تقف متصلبه وهي تفرك
في عينيها بتألم شاعره بان غبار الأرض دخل
بها….. وعندما اغمضت عيناها شعرت في اللحظة التالية بان المطر توقف فجأه وشخصاً كالمارد يقف جوارها فتحت عينيها بسرعة ناويه الصراخ لكن عند رؤية عينا هذا المراد المخيف في عتمة الامطار توقفت الصرخة في حلقها مما جعلها تسعل وتحمر وجنتيها وهي ترى عيناه البنية الداكنة تحدج بها بتأني بينما يمسك بيده مظلة مطر سوداء يضعها أعلى رأسها حتى تحميها من الامطار……
رمشت برموشها المبلله عدت مرات ذاهلة من رؤيته معها هنا في هذا الجو العاصف……لماذا لم يرحل
في سيارته ككل يوم ؟!!…..
همست وعينيها مزالت تبصره….
“أحمد…….”شعرت بحرقة قوية في انفها مما جعلها تعطس بقوة في وجهه ولم يحالفها الوقت لوضع يدها على انفها…
زم أحمد شفتيه بتقزز واضح واخرج منديل ورقي من جيبه ومسح وجهه به في تلك اللحظة اعتذرت حبيبة بحرج…….
“انا آسفه…..مكنتش اقصد……..”
قال وهو يلقي المنديل أرضاً…. “يلا عشان اوصلك…….”
فغرت شفتيها وهي تنظر اليه
بتعجب….
“إيه……..توصلني !!…….”
اعطاها منديل ورقي وهو يقول بفتور…..
“انتي مش شايفه الجو…..مش هتلاقي مواصلات
في الجو ده……تعالي اوصلك……….”
ثم تحرك بعدها بهدوء مع مظلته تارك راسها تستقبل ماء المطر الشديد…..عطست مجدداً وهي تضع المنديل على انفها ثم نظرت لرحيلة وللجو الممطر من حولها ولم تجد إلا استلقاء سيارته كي ترحل للمنزل فإن ظلت هنا سيذوب جلدها من كثرة
ماء المطر…….
عندما استلقت السيارة بجواره بصمت انطلق بها سريعاً…..
واثناء القيادة شعر باهتزاز جسدها جواره وكانها ترتجف…
حانت منه نظرة عليها فوجدها ترتجف بالفعل وهي تضم جسدها بجاكت المبلل…..تنهد بهدوء وهو يتخلص من المعطف الرمادي الذي يرتديه وبعدها الوشاح الصوف الذي كان يلتف حول عنقه…….
قال بهدوء وهو يضع المعطف والوشاح في
حجرها….
“البسي دا ياحبيبة….وقلعي الجاكت ده عشان
متبرديش…….”
رمشت بعينيها وهي تنظر إليه بعدم استيعاب وعند الإدراك شعرت بالحياء….فمسكت ملابسه الموضوعه
على حجرها…….ورطبت شفتيها وهي تعطيه
ملابسه بحرج………
“شكراً……..احنا شويه وهنوصل……..”
لم يكلف نفسه عناء النظر اليها بل قال وهو
يتابع القيادة……..
“المسافاة طويلة من هنا للبيت…..اسمعي الكلام عشان متبرديش……..”
ظلت تنظر للملابس الممسكه بها بقبضة يدها بحيرة حقيقية وقد سارع قلبها في الخفقات القوية وبدأ يجتاحها شعور غريب في تلبية رغبته ربما مزال بداخلها نفس المراهقة المتيمة بالحب والتي تود بشدة الغوص في الحب متجاهلة المنطق
والعقل كالعادة……..بل وتظل وقحة في تبرير
ذنبها بكلمات سخيفة……..
هزت رأسها وهي تعود لارض الواقع قائلة
بحزم…..
“لا مينفعش خد البس هدومك……”
اوقف السيارة فجأه مما دفعها ان تندفع للامام
بقوة وقد تماسكت في اللحظة الأخيرة…. نظرت له بدهشة ممزوجة بالحنق الشديد……فوجدته يفتح الباب المجاور له ومعه المظلة فتحها ووضعها فوق راسه حتى تحميه من المطر الغزير ثم وقبل ان
يغلق الباب خلفه وقف خارجاً و قال لها…….
“انا هقف برا على ماتقلعي الجاكت بتاعك ده
وتلبسي البالطو …..”
بلعت ريقها وهي تتنفس بصعوبة ناظرة لظهره من خلال الزجاج المغلق…..ثم نظرت للجهة الأخرى فوجدت الامطار تسيل بغزارة على زجاج النافذة
مما جعلها تتعجل في تبديل الجاكت خوفاً عليه
في الوقوف اكثر في هذا الجو العاصف …أسرعت في خلع الجاكت الخاص بها وارتدت المعطف الثقيل واحاطت الوشاح حول عنقها لتشعر بدفء يتخلل جسدها رويداً رويداً… وبدا عطره يغزو انفها ببطء وتأني أذبّ قلبها وأتلف مشاعرها اكثر شوقاً إليه…
حينما انتهت اطرقت بقبضتها الصغيرة على زجاج السيارة الواقف نحوه…فاستدار أحمد ناظراً لها بهدوء…..فابتسمت له ابتسامة بلهاء فلم يبدالها
هو البسمة بل عاد داخلاً للسيارة واحتل مقعد القيادة وانطلق بسيارة بعدها سريعاً……..
تنحنحت حبيبة وهي تطرق براسها للأسفل
قائلة بصعوبة…..
“شكراً يا أحمد……هبقا اغسله واجبهولك بكره
ان شاء الله…… ”
اوما براسه بالموافقة……فعضت على باطن
شفتيها بحنق…..هل سيظل صامت هكذآ……لديها رغبة قوية في التحدث اليه في سماع صوته……
لماذا هو بارد بهذا الشكل…….
تحدثت مجدداً متذكرة امراً هام
فسالته….
“صحيح…….معاك رقم ماهي……”
ظنت انه لم يسمعها فهو بقى صامت لدقيقة كاملة
ثم سالها بعدها بهدوء…”عايزه رقمها ليه……”
قالت حبيبة وهي تختلس النظر اليه بشوق يهفو
إليه……..
“المهندس مجدي اللي شغال معانا….قالي ان
مامتها تعبانه فطلبت منه رقمها مكنش معاه……فقولت اكيد معاك….”
تراقبت الإجابة وداخلها كانت تنكوي بمشاعر الغيرة
لتجده يجيب ببساطه……
“هو معايا وانا لسه مكلمها من شوية….مامتها كويسه بس لو عايزه رقمها خدي التلفون…….هتلاقي رقمها عندك…..”اخرج هاتفه واعطاه لها ببساطه بعد ان فتحه ببصمة اصبعه…..
أخذت الهاتف وبحثت سريعاً في قائمة الأسماء
التي مسجلة كلها بالانجليزي……..اخرجت رقم ماهي وسجلته لديها وهي تشعر بتموج قاسي في حلقها بعد رده المختصر…..الذي يدل على علاقة صداقة قوية بينه وبين تلك المرأة الناعمة كالافاعي……….
اعطته الهاتف قائلة بصوتٍ حانق……
“اتفضل…….شكراً هبقا اكلمها لما أروح…….”
بعد ان اخذ هاتفه اكتفت هي بصمت حتى ينتهي
هذا الطريق وتعود للبيت في غرفتها الامانه كي تبكي بحسرة على حالها معه…..فهي حتى الان لا تعرف هل مزال يحبها…ام نسى ما بينهما مع مرور السنوات….
مجرد الصمت والمعاملة الفاترة تثبت لها انها كانت صفحة قديمة في حياته واغلقت مع مرور الوقت…..
لماذا تتعلق بالوهم……اين القوة في رحيل والبعد
عنه وعن كل ما يخصه…..لماذا تتعلق بالوهم….
ستموت يوماً بسبب هذا الحب المعتوه…..
اخترق الصمت المعذب بينهما صوته الذي اتى
بسؤالاً صلب مبهم المعاني…….
“لي مروحتيش مع يوسف النهاردة……… مش هو
اللي بيوصلك كل يوم……..”
نظرت اليه بصدمة متسائلة….
“مين قالك انه بيوصلني كل يوم…….”
لوى شفتيه ولم تكن لديه رغبة بنظر لعيناها الآن لذا قال بسخرية…. “مش محتاج حد يقولي انا عارف…..”
هتفت حبيبة بتيه حقيقي…..
“عارف…….عارف اي بظبط…….”
اجاب بثقة باردة …. “اللي بينكم……”
صاحت حبيبة بحنق…… “مفيش حاجة بينا……..”
تلك المرة نظر اليها بقسوة هزت قلبها…
“بجد وشغلك معاه…….معناه إيه…..وظيفه في شركة زي دي جتلك كده إزاي وانتي قعده على كنبة بيتكم…….”
صاحت بانفعال قوي…….
“باي حق تحسبني…..انا مسالتكش عن اللي بينك وبين ماهي اللي لزقه فيك طول الوقت……..”
نظر اليها بعينين قاسيتين ناريتين وهو يطحن
ضروسه قائلاً………
“انتي ملكيش دعوه باللي بيني وبين ماهي او اي واحده….انتي مش قفلتي اللي بينا زمان جايه تحسبيني دلوقتي ليه…….أصاحب أحب اتجوز
حتى انا حُر……”
انفجرت اعصابها فقالت بتشنج يماثله…..
“وانت كمان ملكش انك تحسبني….. انا كمان حرة… أحب… اتجوز… دي حاجة متخصكش…..”
صاح هاكماً وهو ينظر في الطريق المظلم بعينين
ناريتين وملامح غاضبة تنذر بالخطر ان حاولت
ايقافه عن التحدث……….
“فعلاً متخصنيش….طلعتي شاطره لا و إيه نشلتي
صح…عريس غني ومعاه فلوس هيعيشك في
احسن مستوى…يوسف توفيق الشامي فرصة
برضو متتعوضش لأي واحده…مش كده ياحبيبة اجي انا إيه جمب مدير الشركة اللي شاغلين فيها
احنا الاتنين……..ولا حاجة…..ولا اي حاجة….. ”
ضرب على عجلة القيادة بعصبية مفرطه مما جعلها
تتراجع بخوف وهي تنظر اليه ذاهلة…….ولم تجد
إلا تعليق غير مستحب الآن وعلى لسانها هي
تحديداً ولكنها لفظته في وجهه بقرف……
“غبي……..”
توسعت عيناه بالغضب فاوقف السيارة سريعاً وهو ينظر اليها بشر يبرق في عيناه الغاضبة….
“مين دا اللي غبي……..”
قالت بشجاعة مفرطة…..والجسارة تبرق في عينيها
الزيتونية………..
“مفيش حد غبي هنا غيرك…..روحني……ياما افتحلي الباب خليني أنزل…….”
جز على اسنانه اكثر وهو يحذرها بقلة صبر….
“عارفه لو محطتيش لسانك جوا بوقك هعمل
فيكي إيه……..”
قالت بجسارة….. “متقدرش تعمل معايا حاجة…….”
لوى شفتيه في ابتسامة هازئة وعقب بغلاظة….
“واضح ان الحب الجديد مقوي قلبك أوي……يحقلك
ياحبيبة هانم…….ماهو ابن توفيق الشامي بقا…. ”
قالت هي الاخرى بنفس الاستهزاء….
“مش قولت انك غبي…….”
لم يسيطر على فرط غضبه فمسك ذراعها بقوة صائحاً بتوعد……
“قولتلك حطي لسانك جوا بوقك……بلاش اغيب
عليكي……. ”
حاولت سحب ذراعها وهي تصيح بغضب….
“لا غيب ووريني هتعمل إيه….. سيب دراعي…..عايزه أروح…… روحني يا أحمد……. سبني بقولك………”
ترقرقت الدموع في عينيها امام عيناه المشتده بالقسوة ولكن تأوهها ودموعها جعلاه يتركها…..
وقد شعر في اللحظة التالية بمدى غباءه في
انهيار مشاعره أمامها بل وبكل حماقة كشف عن غيرته وعشقه لها بسهولة…..وقد تعرى امامها في لحظة وهو الذي كان يخفي مشاعره خلف واجهة
الصمت والبرود……قد انفجر سريعاً وياليته
ما فعل…..ياليته……..
عندما تركها اشاحت بوجهها للنافذة المجاورة لها
ونزلت دموعها بصمت شاعره بالغضب منه ورغبة قوية بصمت وتجاهل وجوده…… لم تشعر بصدمة الكبرى من تفكيرة فنظراته منذ الوهلة الأولى كانت خير دليل على اتهامه الذي يلقيه على مسامعها الآن……
ألن تنكر……ألن تصارحه انها مزالت متيمه به…..كيف وهو قاسي بهذا الشكل…يشكك في حبها…..ربما افترقا أربع سنوات ونصف لكن دوماً كانت قلوبهما متمسكه بالحب ربما قلبها هي فقط…….فهو بحث
عن علاج يداوي ندبات الماضي سريعاً…….
امّا هي فقبلت بالوظيفة فقط لأجل ان تروي عينيها برؤيته وتكن قريبة منه ولو قليل… ولم تفكر أبداً بالكوارث الناتجة خلف تلك الوظيفة………
يجب ان تبتعد عن هذا المكان…..انها تشكل خطر في تهديد صداقتهم……..يجب ان تبتعد حديثه الآن يثبت شكوكها وتقرب يوسف منها ومعاملته اللينة الأقرب للتملق كانت خير دليل انه يود اكثر من زمالة عمل بين مدير ومهندسة ؟!!…
بعد مدة اوقف السيارة امام البيت فخرجت سريعاً دون التحدث باي كلمة معه……وامام عيناه الثاقبة فتحت البوابة الحديدية بيداها واغلقتها وهي
توليه ظهرها……
وهذا آخر ما رآه قبل ان ينطلق بسيارته لأي مكان اخر بعيد عن البيت وعنها……
عندما وصلت لغرفتها القت نفسها على الفراش في نوبة بكاء مرير وحيدة في الظلام وصوت الرعد
يضرب في الخارج يشاركه سيل قوياً من الأمطار….
يعبر عن انفطار قلبها…..

في الصباح دخلت المكتب المشترك والقت تحيا
على الجالسين فيه……
“صباح الخير ياجماعة…….”
رد مجدي بهدوء وهو يقضم من شطيرة
فول ساخنة……
“صباح الفل ياحبيبة…..تعالي افطري….سندوتشات حكاية من عربية الفول اللي على أول الشارع
تعالي….تعالي كلي…….”
ابتسمت حبيبة بصعوبة قائلة بامتناع….
“شكراً يامجدي…..مليش نفس…….”
تقدمت منها ماهي وهي أيضاً ترد الصباح
بابتسامة ودوده…….
“صباح النور ياحبيبة…..مالك شكلك مضايقه….”
“مفيش حاجة……”
قالتها حبيبة بوجوم…..وهي تجلس على المقعد وتمسك ورقة فارغة وقلم وتبدأ في الكتابة
بملامح عابسة…..
قالت ماهي برفق وهي تجلس في المقعد
المقابل لها…..
“لا شكلك مضايقه….. بجد مالك…..”
رفعت حبيبة وجهها اليها وقد اندفع الغضب داخلها دفعة واحده…….
“ماليش ياست…. انتي حشره مناخيرك معايا ليه… ما تخليكي في حالك…….”
تجمدت ماهي في جلستها ولم تلبث إلا ونهضت
قائلة بحرج….
“انا اسفه ياحبيبة انا كنت بس قلقانه عليكي….لكن اوعدك هخليني في حالي زي ما قولتي……”
مطت حبيبة شفتيها وهي ترى ماهي تخرج من باب
المكتب سريعاً وهي تمسح دموعها……
تحدث مجدي بعد خروج ماهي بعتابٍ لها…..
“ملكيش حق ياحبيبة….هي غلطت في اي بس…دي كانت بتطمن عليكي….دا بدل ما تتطمني عليها وتساليها عن والدتها التعبانه…..اخص عليكي…
طرقتك وحش اوي وزعلتني……”
زفرة حبيبة وهي تترك الورقة الفارغة وتلحق بماهي
كي تعتذر لها…. فرغم شعورها بالغيرة واحساس العداء الغريب الذي خلق داخلها من أول يوم راتها
جوار أحمد….. إلا ان( ماهي) تتعامل معها بسلامة نيه… وتتخذها اكثر من زميلة عمل رغم أبتعد
حبيبة وعدائيتها المستمرة معها سواء بالنظر
او الكلام المبطن والذي يحمل الف إشارة
ومعنى غير مصرح به لغيرتها على أحمد…..
بعد خروجها من المكتب بحثت عنها بعينيها فوجدتها واقفه في آخر الرواق بصحبة أحمد…..كانت تبكي وهي تشتكي اليه وهو يواسية ببعض الكلمات المتعاطفه…..بل ان المسكين رفع كفه وربت على كتفها بتأثر حاني…….يالهي قلبه لا يتحمل رؤية
أمرأه تبكي كم هو رائع…… حينما بكت جواره
أمس في السيارة كان صخرة صلبة عديمة
المشاعر والإحساس……يامسكين انت وهي
مساكين وانا شريرة الحكاية يا حرام…..
مطت شفتيها بقرف والغضب يلمع في عينيها وهي تراقبهما بقرف……..ثم تراجعت عن الإعتذار سريعاً
وهي تعود ادراجها داخله للمكتب مجدداً فسالها مجدي بفضول……
“ها اعتذرتيلها……..”
قالت حبيبة هازئة وهي تجلس على المقعد وتعود للورقة الفارغة……
“لا بعت اللي يعتذر مكاني…..اصلو في الاعتذرات
استاذ……وانا بتعلم منه… ”
رفع مجدي حاجبه ذاهلاً….. “هو مين ده……..”
“مصيرك تعرفه……انا راحه مكتب يوسف الشامي…”
نهضت وهي تطوي الورقة بحسم…….
فسالها مجدي بحيرة…….
“على الصبح كده هو في حاجة ولا إيه…..”
اجابته وهي تخرج من المكتب…..
“أبداً هستقيل……..”
لاحت الحيرة على وجه مجدي فحدث نفسه
متسائلاً بتعجب…….
“تستقيل…………… هي لحقت ؟!!…..”
……………………………………………………………
فتحت باب المكتب الضخم بعد الاستئذان…..
فاول عيون تلاقت بها كانت عيناه مما جعلها تتراجع
عن التحدث امامه وقالت معتذرة……
” انا اسفه اني اقتحمت المكان كده…بس كنت عيزاك في موضوع مهم جداً يابشمهندس يوسف…..”
القت نظرة على أحمد الذي نهض سريعاً بوجها حجري وعيون ينفذ صبرها وينتشر بها الغضب الأسود ببطئ…….
رد يوسف بابتسامة مشرقة عليها ومزال نبرته
تحمل اعجابٍ صارخ……
“تعالي ياحبيبة قعدي كنتي عايزة تكلمي في إيه…”
شعر أحمد بالحنق بعد ان نداها يوسف باسمها بهذهِ السلاسة لذا استأذن بهدوء منه……
“انا هستناك على مكتبي…….عشان نشوف هنعمل اي في الصفقة دي…….”
“تمام هخلص مع البشمهندسة…….وجيلك…..”…
ثم نظر الى حبيبة ودعاها للجلوس قائلا….
“قعدي ياحبيبة…….وقفه ليه……”
شعر احمد بان الحوائط تطبق على صدره لذلك
قال وهو يسرع الخطى…..
“تمام هستناك في المكتب……..”
اوقفه يوسف سريعاً عند تذكر شيءٍ هام……
“متنساش يا احمد تحضرلي ملفات المشاريع اللي انت شغال فيها….. عايزين نظبط امورنا قبل ما تسفر……..”
عقدت حبيبة حاجبيها وهي تجلس على المقعد الذي اشار عليه يوسف……..فسمعت أحمد يرد بهدوء….
“لسه بدري يايوسف أجل الحوار ده…. انا لسه قدامي تلات شهور على السفر…….”
رد يوسف وهو يرجع ظهر للخلف……
“والله اذا كان عليا انا عندي اللي مكفيني… بس دي اوامر توفيق بيه…….. شكله عايز يريحك شويه قبل السفر…… مانت عارف الشغل كله هيبقا عليك هناك…….”
استدار أحمد قائلا بخشونة…..
“سبها على الله……………سلام…. ”
عندما اغلق الباب نظر يوسف اليها متسائلا بصوتٍ
رخيم عميق……
“خير ياحبيبة…..كنتي عيزاني في إيه……”
قدمت حبيبة الورقة المطويه اليه وقالت….
“اتفضل…….”
مسك الورقة ونظر لها وهو يسالها بحيرة…..
“اي ده……”بدا في فتح الورقة في اللحظة التي اجابت عليه بحزم…….
“استقلتي…….”
سلط عيناه عليها وتوقفت يده عن فتح الورقة
وهو يضعها امامه قائلاً باستفهام……
“استقاله ؟!…إزاي انتي لحقتي….انتي بقالك خمستاشر يوم بس معانا….في حد ضايقك هنا… ”
هزت راسها بنفي….فأتى صوته العذب المريح
قائلاً……..
“طب انا زعلتك…….انا عارف إمبارح اني تخطيت حدودي معاكي بسؤال اللي سالته ليكي….بس انا اعتذرتلك وقتها وصدقني مفيش في نيتي اي حاجة وحشه ناحيتك بالعكس انا بحترمك جداً ومعجب بشخصيتك…..”
هزت حبيبة راسها وهي تهرب من عيناه
بحرج…
“المشكله مش في حضرتك ولا في الموظفين ولا حتى في شغل….المشكلة فيا….انا مش مؤهله اني اكون هنا…….”
تحدث يوسف بجدية قائلاً بأستغراب…..
“لو انتي مش مؤهله امال مين بس اللي مؤهل……حبيبة واضح انك خدتي قرارك ده في لحظة انفعال…..وانا مش بقبل بالقرارت المصيريه دي بشكل ده….لانها بتبقا اكبر غلط وبعدها الواحد بيندم…..”
قالت بتصميم عنيد…..
“لا اكيد عمري ما هندم على الخطوة دي…كده أحسن…… ”
حاول اقناعها وهو يقول برفق…..
“لي بس…..صدقيني فرصة نجاحك وخبرتك هتزيد معانا…بلاش تتسرعي…..وفكري اكتر من كده…..”
قالت بسرعة وهي ترفع عيناها إليه….
“يايوسف أنا…….”
لم يدعها تكمل بل قال بمداعبة جميلة…..
“الله طب مانتي بتعرفي تنطقي اسمي من غير
القاب اهوه امال اي بقا بشمهندس بتاعت كل
شوي دي…….”
زحفت حمرة الحرج لوجهها فقالت
معتذرة….
“انا اسفه………انا مقصدتش انطقه كده….”
عقب بمرح صبياني…..
“ياريتك متقصديش كده دايما…….”ثم ابتسم
وهو يقول لها بتفهم…..
“بصي ياحبيبة ماهو يانا اقعنك يانتي تقنعيني…..
أجلي موضوع الاستقالة ده شويه لحد ما ماتهدي وتفكري صح……..”
قالت حبيبة بتصميم أكبر….
“في الحالتين هستقيل….سواء قدمتها دلوقتي او بعدين………”
اوما يوسف براسه متفهماً…….
“وانا مستعد اقبلها منك بعدين بس تكوني اديتي لنفسك وقت للتفكير…….”
شعرت بانهزام رغبتها امامه لذا خضعت لرغبته ورغبة قلبها في البقاء….وقالت بصوتٍ باهت…..
“تمام اكيد هعمل كده….وشكراً على كلامك…..واسفه
لو قولت حاجة ضايقتك…….”
استدارت بعدها خارجة من المكتب وهي تمكث راسها بانهزام والحيرة تلمع في عينيها المتعبه
بينما عينا يوسف ظلت تلاحقها بتوهج غريب
يصرخ بالاعجاب نحوها……..
………………………………………………………………
نظرت لنفسها في المرآة وتبسمت برضا تام بعد ان هيئة نفسها على أكمل وجه…. فقد ارتدت قميص نوم قصير من اللون الذهبي الشاحب رسم قدّها الفاتن باغواء وكشف عن ساقيها البيضاء وجزء من وركيها
التي احاطت أحدهم بسلسال ذهبي (خلخال)
في منتصف السلسال رسمة تشبة حبتين كريز شديدتا الاحمرار يلمعا بجمالاً ينافس لمعة بشرتها البيضاء……..
تركت شعرها حراً طليق بموجاته المجنونة… وقد اتقنت زينة وجهها بمهارة وطلت شفتيها بالقرمزي الناري… ولم تنسى وضع وشم جديد ككل يوم تتقن في إختيار رُسمات أقل مايقال انها تبهره وتثير حواسه بها……. اليوم اختارت رسمة شهيرة لحبتين كريز في غاية الاحمرار والجمال… يماثلا رسمة السلسال المحيط وركها…… وقد وضعت الوشم
اسفل الترقوة من الناحية اليمنى…….
خرجت من الغرفة ناظره الى الركن الموضوع به السفرة وقد اعدت أشهى المأكولات عليها وقد هيئة باحترافية جو رومانسياً مريحاً وربما الذي شجعها لفعل هذا مبيات ابنتها بالاسفل في حضن جدتها
كم تفعل أحياناً……
سمعت صوت المفاتيح من الخارج وبعدها فُتح باب الشقة ودخل منه ابراهيم….ابتسمت وهي تراقب
أول انطباع عند رؤيتها……
ستظل دوماً نظراته الجائعة الشغوفة بها ترضي انوثتها وتتطمئن قلبها نحوه…..بانه مزال يحبها ومزال متيم بها……
عندما فتح الباب داهم انفه عطر المسك الخاص بها لذا أغلق الباب بهدوء ورفع عيناه سريعاً عليها…ليرى
حورية من الجنة تمتلك إغواء يفتن قديس….مجرد
نظرة من لؤلؤتيها السوداء البراقة بالاغراء تخبرهُ انها لا تسعى إلا للايقاع به…..رغم انه واقع في
الهوى بالفعل…..لكن يجب ان يتفنن في اثبات
غرامة لها……..
مرتا عيناه القاتمة عليها بتأني يهلك مشاعرها المتراقبه ومشاعره التي تزيد جسده حرارة..
ابتلع ابراهيم ريقه وهو يراها تتقدم منه
بخطوات متهادية وعينيها تشعانِ حبٍ نحوه حتى وقفت امامه فاحاطت عنقه بيدها وصوت اساورها الذهبية تحركت مصدرة رنة ناعمة تخترق صمت يخفي خلفه لوعة مشاعرهما وتلهف قلوبهم
وتراقب اجسادهما للاشارة الحاسمة حتى تنهال
من للذة القرب ولو قليل…….
قالت سمر وهي تنظر لعيناه باشتياق…..
“حمدالله على سلامة……..ساكت كده ليه واضح
اني مش وحشاك… بقالي يومين ماشفتكش……..”
طبعت قبلة على صدغه الخشن وهي تضيف
بعتاب…….
“يومين يابراهيم….. يومين بحالهم في الشغل…
اخص عليك…هونت عليك تسبني انا ومكه
نبات لوحدنا اليومين دول……..”
في اللحظة التالية عانق خصرها ألين بيداه
ومالى قليلاً عليها طابع قبلة سطحية على
شفتيها القرمزية……..وهو يتنهد بتعب………
“مانا حكتلك ياسمر…… اني دي أول طلبية تطلب مني برا مصر وكان لازم افضل في المصنع
اليومين دول لحد ماتطلع من الجمرك……..
اومات براسها بتفهم وهي تقول بصوتٍ
حاني…
” والحمدلله طلعت من الجمرك…… ”
“آآه الحمدلله كله تمام…. وانا خليت الشيخ عمار يتابع وصولها بالتلفون……..” ثم نظر لعينيها وقال
بمداعبة جميلة……
“بس اي الحلاوة دي……. كل الجمال دا عشاني
انا وبس… ”
“كله ليك انت ياقلب سمر…….” قربت شفتيها منه وهمست بلوعة الحب…..
“وحشتني ياهيما……”
ضمها لصدره وتبخر الكلام بينهما ولم يشعر بنفسه
إلا وهو يلتهم شفتيها بجموح أذابها بين أحضانه فتأوهت بلوعة وهي تجاري قبلاته بلهفة…فقد اشتاقت اليه بشدة…..لأول مرة منذ زواجهما يبتعد عنها بهذا الشكل…….كانت ستجن في بعده…..انها ايقنت ان حبه يجري في عروقها…….
كانت قبلاته شغوفة قوية تبث حباً عنيفاً بينهما
بينما خفقات قلبه قوية تضرب صدرها وهي بين احضانه…… سارت شفتيه على جيدها بتأني حتى وصل الى الترقوة البارزة لديها ومن بعدها رسمة الكريز القانية….. همست سمر وهي مغمضت
العين بضياع……
“وحشتني اوي ياحبيبي…….”
عند هذا الهمس عاد لشفتيها والتهمها بقوة… اما يداه فازدادتا جرأه على قدّها الغض…..ولحظات قليلة وفصل تلك اللحظات الحميمية رنين هاتفه….
فتوقف بصعوبة عما يفعله مبتعد عنها…. ابتسمت سمر بخجل وهي تبتعد خطوتين جالسة على
سفرة الطعام متابعة مكالمته بفضول….
فتح الخط امامها وتحدث وهو يتنحنح بخشونة
ورد بعدها على عمار سائلاً…….
“ايوا ياعمار…..لا لسه واصل البيت……اي الاخبار…
تمام…..ابقى تابعهم بقا بالتلفون زي ماتفقنا…..تمام
في رعية الله……..”أغلق الخط وتنهد بتعب وهو
ينظر لساحرتها الشريرة بحنق…..
“بعدتي ليه……”
قالت بمراوغة وهي تضع شريحة من الطماطم بفمها….وتمضغها تحت اسنانها…….
“انت اللي بعدتني……..”
نظر لشفتيها القانية ولحمرة الطماطم التي
تنافسها…..فقال بخفوت…….
“مخدتش بالي…. التلفون فصلني….. تعالي
نكمل كلامنا جوا…..”
قالت بهدوء…… “لما ناكل……”
اجابها بحرارة…… “بس انتي وحشاني…….”
ابتسمت قائلة بحب……
“وانت اكتر بس انا جعانه…ومستنياك من بدري…”
زفر واجماً…. “دا وقت أكل ياسمر………”
اومات براسها وهي تضع قطعة لحم في فمها ومضغتها كذلك وهي تنظر اليه بمكر….فقال
ابراهيم بعبثٍ ينافس تلاعبها به….
“مفيش مشكلة…….أكل وبعد كده احلي……”
ادعت البراءة….. “تحلي بإيه؟……”
مالى عليها قائلاً بعيون تلمع بهما
الرغبة…..
“بيكي مفيش احسن من كده تحليه…….”
ابتسمت وهي ترفع المعلقة لفمه قائلة…..
“طب خد المعلقة دي من أيدي….وقعد بقا وقولي رأيك في الأكل….انا عملت معظم الاصناف اللي بتحبها……”
شاركها الجلسه في المقعد المجاور لها وقال
بعتاب وهو ينظر للاصناف المرصوصة على السفرة……
“تعبتي نفسك لي ياسمر…. انتي ناسيه حملك….”
قالت سمر بمحبة تشع من عينيها….
“تعبك راحه ياحبيبي… انا كويسه متقلقش عليا….”
ثم ضيقت عينيها متسائلة بحيرة….
“غريبة يعني انك من ساعة ما دخلت مسألتش
على مكه……”
رفع معلقة الأرز قرب فمه واجابها قبل ان
ياكلها….
“انتي عارفه اني لازم قبل ما بطلع بطمن على امي وابويا تحت…..وهما اللي قلولي ان مكه نايمه
عندهم جوا…….”
قالت سمر وهي تمضغ الطعام…..
“انت عارف مكه لما الغزالة بتبقى رايقه عندها
بتنزل تبات تحت…….”
سالها باهتمام….
“والقطه بتاعتها…..معاها…….”
قالت سمر بشقاوة وهي تبتسم…
“بتسأل على القطه ليه….غريبة !!….انت اتعودت على وجودها معانا ولا إيه…”
رد بفتور……. “حاجة زي كده…….”
سالته بخبث……. “يعني مش عايزني ارميها……”
هتف بعدم رضا……
“ترميها ليه خليها عشان مكه…….”
ضحكت سمر وهي تهز راسها وقالت بتذكر…..
“تعرف انها اليومين اللي فاتوا دول كانت بتدخل تدور عليك في الاوضة……”
سالها مبتسماً….. “مين مكه……”
اجابته وهي تساله بتعجب…….
“لا بسبوسه…….عملت اي في القطه يابن راضي مفيش حد شافك غير وحبك…….”
داعبها بنظراته قائلاً بخبث…..
“وانا مش عايز من الحب غيرك ياشبح…..”
لمعة عينا سمر بومض الحب وقالت…..
“الشبح بيموت فيك من زمان….. اطمن حبك
بيجري في دمي………..”
حرك ابراهيم حاجبيه سائلاً بحيرة……
“ﷲ وبعدين معاكي…….. هو الكلام الحلو ده بتجيبه منين بظبط……”
اجابته ضاحكة بدلال….. “من جوا قلبي ياحبيبي……”
مسك كفها وقبله قائلاً…… “يسلملي قلبك ياروح حبيبك…….”
عادا للطعام بصمت وبقت نظراتهما الحديث الخفي بينهما……
بعد قليل دخلت غرفة الصالون ومزالت بكامل اناقتها
حامله بين يداها صنيه عليها كوب من الشاي وبعد
المكسرات…….وضعتها على سطح الطاولة وانضمت إليه جالسة على (الركنه…)فتحت ذراعه ودست نفسها بداخل احضانه واضعه راسها على صدره النابض بقوة….. همست سمر وهي تتحسس صدره العاري بعد ان بدل ملابسه واغتسل من عناء اليومين الماضين……..ولم يرتدي إلا بنطال بيتي مريح…..
“سرحان في اي ياحبيبي……”
“ولا حاجة……..”
ضمها لصدره وهو يقبل قمة راسها ثم سند صدغه عليها وعيناه تعود للتلفاز….
فسالته بهدوء….. “تعبت اليومين اللي فاتوا……”
أجاب متنهداً…. “أوي……”
قالت برفق…. “تحب تنام…….”
تحسس ذراعها العاري قائلاً…..
“مش دلوقتي……..”ثم ساد الصمت مجدداً بينهما حتى تحدث أخيراً قائلاً……
“صحيح حضري نفسك بكره الصبح….هاخدك انتي ومكه نشوفوا الأرض اللي اشترتها للمصنع الجديد……”
رفعت راسها وهتفت بعتاب……
“أرض المصنع الجديد !!……انت اشترتها من غير ما تقولي يابراهيم…….”
قال ابراهيم بصوتٍ حنون……
“وانا اقدر برضو ياسمر دانا بشاركك في كل حاجة تخصني……بس انا شوفتها وعجبتني وربط كلام مع صاحبها….وقريب أوي هنمضي العقود….بعد متشوفيها وتقوليلي اي رأيك……”
شعرت بالحنق من نفسها…..فإنها احياناً تكون فظه
ومتسرعه بالحكم عليه دون ان تسمع منه أولاً……
لذا قالت بخفوت حاني…….
“الرأي رايك طبعاً…..انا مبفهمش في موضوع الأراضي ولا حتى في شغلك…. بس يعني انت
عارف ان اي حاجة تخصك تخصني…….واحب
اكون عرفاها……..”
مط شفتيه قائلاً بفتور….
“وانا لسه قايلك ياشبح…..وهاخدك بكرة
نشوفها سوا…….”
اخذت سمر حبتين من اللوز ووضعت واحده في فمها ثم الآخرى في فمه هو فمضغها وهو يسمعها
تقول……
“ماشي هاجي معاك بس بشرط…….”
عقد ابراهيم حاجبه قائلاً بجزع…..
“بتتشرطي عليا……..انتي خدتي عليا اوي….”
ضحكت وهي تقول بدلال……
“لا عاش ولا كان ياقلبي…..بس انا نفسي نطلع على النيل ونركب مركب انا وانت ومكه….اي رأيك…..”
اخذ من بين يدها حبة من البندق ومضغها وهو يقول……
“مفيش مشكلة…..انا بكره اجازة ومعاكي من اول اليوم لاخره…….”
قالت بابتهاج وهي تضع حبة البندق في
فمها…….
“بجد….دا كده عظمه اوي….دي هتبقى خروجه محصلتش……..”
ضيق عيناه في خطٍ عابس وهو يسالها
بأستغراب…..
“انتي طلعتي بتحبي النيل اوي كده……”
تنهدت هائمة بالحب وقالت برقة…..
“انا محبتوش غير معاك……..هو وصوت عبد الحليم حافظ……..فاكر الاغنية اللي سمعناها واحنا في المركب………”
ادعى النسيان قائلاً بمكر…..
“لا مش فاكر فاكريني…….”
نهضت وهي تتمايل بدلال وقد انساب صوتها
بالحن ناعم……
“كان مالي ما كنت في حالي متهني بقلبي الخالي ..
فات رمشه الجريء وندهلي ….. وفي أجمل عيون توهني قولولو ندهني ليه … حيرني وشغلني عليه
بالحب اللي زايد والشوق اللي آيد من أول
دقيقة….ابو عيون جريئه…. ”
ضحك ابراهيم وهو يضيف بصوتٍ خشن نشاز ولكن على مسامعها هو الإيقاع الأقرب لقلبها…. والتي تفاعلت معه حواسها بمنتهى الانسجام….
“فات جنبي وعيونه حبايبي نسوني اللي عايشين جنبي بصيت له قوام حبيته .. من فرحة عيني
ناديته قولولو يقول لعنيه إيه آخرة دا كله إيه
يا يصحي لي قلبه ……. يا ينسيني حبه
أبو عيون جريئة……. أبو عيون جريئة…”
في اخر جملة نهض ثم في اللحظة التالية حملها
بين ذراعيه وهو يقول بخبثٍ…..
“خلينا نكمل الأغنية جوا……..يابو عيون جريئة
انت….”
ضحكت بدلال وهي تخفي وجهها في صدره….فعقب
هازئاً بسماجة…….
“وبتكسفي كمان…..دا واضح ان اليومين اللي غبتهم عنك قصروا على دماغك……..”
مرغت وجهها في صدره العاري وقالت
بميوعة…. “هيما………بس بقا……..”
مازحها وهو يقول بارتياح…..
“الحمدلله انا كده اطمنت……..”قالها وهو يدخل غرفة النوم ثم وضعها على الفراش وقبل ان ينضم اليها مسك ساقها وبوقاحة وسحب السلسال من منتصف وركها حتى كاحلها ببطئ احرق مشاعرها……وقد اغمضت عينيها بضعف……لتسمع صوت وقوع السلسال أرضا ثم اقتراب انفاسه الساخنة المتلهفه من شفتيها……ولم تشعر الى بجموح قبلاته تزداد منتقلة مابين شفتيها القرمزية هبوطٍ الى الوشم حبتين الكريز اللتانِ ينافسا حمرة شفتيها
اغراءاً……..
…………………………………………………………….
اوقف السيارة في قلب أرض صحراويه كبيرة…
نظرت سمر من خلال النافذة متسائلة…..
“هي دي الأرض يابراهيم…….”
اوما لها وهو يوقف محرك السيارة….
“آآه هي…….اي رأيك…….”
قالت سمر باعحاب وهي تطلع عليها أكثر…..
“ماشاءالله كبيره اوي………وفي مكان كويس…..”
“طب يلا انزلي………”قالها وهو يحمل الصغيرة عنها قائلاً لها بمداعبه وهو يخرج من السيارة……
“حبيبة بابا هتنزل على الأرض بس مش هتحط ايديها في التراب اتفقنا……”
ضحكت الصغيرة وهي تحاول التملص من بين يداه……..فانزلها وهو يقول ضاحكاً…..
“مش مطمن للحركه دي….امك هتجري ورانا لو الفستان اتوسخ…….”
وجد الصغيرة تجري امامه بمرح والهواء يداعب شعرها الأسود القصير وكومة فستانها الأنيق
ترفرف حولها…….وعندما كان يراقبها انتبه
للاسوار المعلقه في كاحلها والذي كان يرن
من بين حفيف الرياح… يرن بجمالاً يليق ببراءتها…..ناداها بدهشة…
“مكه…..تعالي هنا……”
لم تستمع اليه الصغيرة بل ركضت بسرعة فلحق ابراهيم بها سريعاً……
ضحكت سمر وهي تراقبهما وقد بدأ الهواء يرفرف شعرها من حولها بجمالاً…….بينما عيناها تنظر
للأرض الواسعة بتأني….وقد انتابها شعور الراحة وهذا أفضل شيءٍ إجابي حصلت عليه هنا….فدوماً
للمرء حاسة سادسة الإحساس بالخير والشر
قبل وقوعه……
ربما لا نعرف كيف سياتي ومن أين سيبدأ لكن الشعور به قبل وقوعه يحدث للكثير…..
وهي قلبها صادق في تلك النقطة جداً…..وان ارتاحت في هذا المكان يعني انها تنبئة خيراً اتي منه باذن ﷲ…ومبارك على حبيبها فهو يستحق كل خير….فهو
يسعى لسنوات حتى يستقل اكثر في عمله ويصنع له اسمٍ في سوق العمل الحر هو وشريكه الشيخ عمار وحقاً هم يستحقوا الأفضل فهم اولاد حلال
ومن معدن أصيل وأكيد عند الله رزقهم واسع
والخير اتي بالسعي والصبر……..
وهذا ما تعلمته معه خلال رحلة عمله……التي لن تنتهي ولن يقل ومض السعي والطموح داخله نحوها طالما في صدره نفساً يتردد…….
تاهت عينيها في شرودها بدهشة…..
يالهي انها تحفظه على ظهر قلبها….متى تعمقت
هكذا بشخصيته واصبحت تفهمه وتشعر به اكثر
من نفسه……انها غمرة العشق……..حقاً وصلت معه لاعمق مشاعر العشق……..ورغم حلاوة ملمس عمق هذه المشاعر إلا انها تعذب أحياناً صاحبها…..
فكلما زاد الشيء عند حده انقلب ضدد صاحبه ؟!…
وجدته يحمل مكه على كتفه مثل شول بطاطا صغير
فضحكت الصغيرة وهي تناديه بدلال…..
“بابا….انزل…..انزل…….”
“مفيش نزول……”ثم حينما اقترب من سمر حدثها بوجهاً عابس ونظرة منزعجة….
“اي الخلخال اللي انت ملبسهولها دا ياسمر…انت اتهبلتي…….”
توسعت عنا سمر وهي تقول بصدمة….
“الله اي اتهبلتي دي…….وبعدين هي اللي شبطت فيه واحنا في المول فجبته ليها……اعمل اي يعني….”
قال ابراهيم بغيرة….. “وتفهم اي دي في الخلخال وزفت عشان تجبهولها….”
“انت بتزعق ليه…هي اللي شبطت انا مالي…وبعدين قبل ما تقول منك…..انا مش بلبس خلاخيل في رجلي يابن راضي انت عارف كويس انا بلبسهم فين وامتى…….”غمزت له بوقاحة بعد ان انهت حديثها ورغم بوادر الحنق التي بدت عليها في بداية الحديث الا انها تغلبت عليها الوقاحة بعد ان عرض عقلها احد لحظات ذكرى ليلة أمس لذا كان التهاون من نصيبه لأجل ماحدث بينهما أمس………والتي من ضمن الليالي الصاخبة التي لا تنتهي إلا مع شروق الشمس……..
بلعت ريقها وهي تجده يقترب منها ثم في لحظة وجدته يميل على عنقها ويقضمه بقوة المتها
فصاحت بغيظٍ…..
“آآه حرام عليك……سنانك حاميه……”
نظر لها بقوة قائلاً بتوعد صريح……
“لسه لم نروح هكمل عليكي…..” ثم ادعى الصرامة قائلاً وهو يخلع الخلخال الصغير من كاحل مكه في الخفاء حتى لا تشعر بما يفعله….
“خلاخيل تاني لأ….انا بنتي متلبسش خلاخيل……”
ثم ألقاه في كف سمر التي نظرت اليه بحنق
قائلة…
“الله يسامحك….. دا كان واكل اوي مع الفستان….”
القى ابراهيم عليها نظرة ثاقبه وعقب
وهو يبعث لها رسائلة الوقاحة……
“والله مافي حد عايز يتاكل هنا غيرك……”
ضحكت سمر بشقاوة وهي تلكزه في ذراعه ثم
بدأت تسير جواره في أحد جوانب الأرض الواسعة
معانق هو خصرها بذراعه…..بينما مكه الصغيرة تركض امامهما بمرح جميل…. ورنة أساور أمها
تخترق اذان أبيها بالحن ناعم فاتن جذاب ككل
شيءٍ بها……..
……………………………………………………………
كل شخصاً منا بداخله يتمنى ان ينفصل عن روتينة اليومي ولو يوماً في الأسبوع……يجلس في مكان رائع مع اصدقاء رائعون لا تزول الضحكة من على شفتيك معهم…… لمعة عيناك تبرق بسعادة وانسجام غريب بصحبة ترتاح بتواجد معها بل تتلهف لتلك الجلسة الأسبوعية……..
خرجت آية من المطبخ الانيق والذي يتواجد في شقة حنين الفخمة تلك التي سعة ان تنتقل والدتها
اليها وهي رفضت بكبرياء متمسكه بذكرياتها في سكن الحي حتى توفت بها……..ومات كل شيءٍ
حلو معها……
لذا قررت حنين ان تكن مقر تجمعهم هم واولادهم
أحياناً يتقابلوا هنا وكثيراً يكون في النادي حتى يمارسون الصغار الأنشطة الرياضية الخاصه بهم……
وضعت آية كيك الشوكلاته امامهم على سفرة
وصاحت لسمر في المطبخ…..
“هاتي….. صوص الشوكلاته معاكي ياسمر…..
نسيت احطه عليها…….”
قالت سمر متاففه وهي تلعك الطعام من
داخل المطبخ…..
“انتي علطول ناسيه كده…….”
سالته آية بتشكيك….. “سمر انتي بتاكلي……..”
خرجت سمر والحلة بين يدها واليد الأخرى
تمسك واحدة من الكوسة المحشيه وقالت
بطريقة فظة……..
“هو انا باكل اكلكم دا المحشي المشكل اللي حماتي باعته معايا ليكم…….”
خرجت حنين من الغرفة وهي تلم شعرها في لفه فوضوية…….. “اديكي قولتي لينا………”
قالت سمر بحنق وهي تمضغ الطعام……
“اقسم بالله انا اتحليت عليها لحد ماعملته… دا انا سلط مكه عشان توافق تعملهولي…… جماعه المحشي حلو اوي بذات الكوسة زبدة بدوب في البوء……”
رفعت حنين حاجبه وقالت بأستغراب….
“يابنتي انتي غريبه اوي طب مانتي على فكرة بقا
بتعملي محشي ملوش حل…… دا انا وكلاه من
ايدك كذا مرة……وبيعجبني اوي على فكرة…. ”
قالت سمر وهي تجلس على مقعد امام السفرة
ووضعت الحلة وهي تنظر لحنين……
“يابنتي هو انا قولتلك اني مش بعرفش اعمله…..
مانا بعرف اعمله واستاذه فيه كمان… بس بيعجبني من ايد حماتي اكتر….. الأكل من ايديها حاجة تانيه برضو……”
ضحكت حنين قائلة بتفهم…..
“دا عشان بتحبيها بس……”
اومات سمر وهي تاخذ واحده من الكوسة
الصغيرة بالمعلقة وقالت باستمتاع…..
“انا بموت فيها… بس بصراحة الست دي في المحشي المشكل بذات عدت…… وبذات
الكوسة…. دايبه زي الزبدة…….”
“جريتي ريقي ياسمر…… طب هاتي واحدة
كده ادوق……” قالتها حنين وقد تفاعلت معدتها
مع حديث سمر فبلعت ريقها وهي تنظر للحلة
تشتهي واحده منها……..
قالت سمر بغلاظة…… “لا دا انا هكله لوحدي…….”
مدت آية يدها قائلة بغيظٍ…..
“اي البخل ده…. ماتهاتي الحله ياسمر……”
قالت سمر ساخرة وهي تلاعب حاجبيها لها…
“ايدك يابسكوته…….لحسان تكسر…….”
لكزتها آية وهي تصيح بتذمر……
“يابنتي لمي لسانك بقا….. هو انتي من ساعة ما سمعتيها من خالد في التلفون وانتي مسكهالي…..”
اومات سمر باستخفاف مستفز وهي تأكل
ببساطه…. فتدخلت حنين في الحديث قائلة
بمكر…….
“آآه يا اية لو تعرفي جوزها بيدلعها بي إيه….”
اوقفتها سمر بشراسة وهي تنظر للكعك
الموضوعه امامها…
“اياكي تكملي ياحنين هلبسك صنية الكيكه ده
في وشك…”
وضعت حنين يدها على فمها الضاحك… فعقبت آية باستفزاز وهي تقترب من سمر اكثر محاولة خطف
واحدة من الكوسة ……..
“اكيد بيقولها يابرعي……”
ضربتها سمر على كفها قائلة بضجر…..
“برعي في عينك……طب وحيات برعي مانتي وكله من المحشي يا آية……….”
رمقتها حنين بتحذير خفي وهي تقول….
“يابنتي مش كده…….”
ضحكت آية وهي توقف حنين قائلة…..
“سبيها ياحنين…. سمر دي حبيبتي انا بحب انكشها…….” ثم نظرت لسمر وقالت بمزاح….
“فاكره أول مرة شوفتك فيها مكنتش
مستلطفاكي خالص……”
اومات سمر مبتسمة وهي تنظر اليها قائلة
بتذكر….
“ولا انا….. البركه في حنين هي اللي قعدت تشكر فيكي….. وبصراحة كل كلمه قالتها عنك كان عندها حق فيها……. ومبسوطة اني اتعرفت عليكي….”
قالت اية بمحبة حقيقية…….
“وانا بحب شخصيتك جداً……..وكل حاجة عرفتها عنك بعد كده كانت بتثبت انك بنت بلد بجد
وجدعه ومعدنك اصيل……..”
قالت سمر بمرح وهي تقدم لها الحلة بمودة…..
“لو كنتي بتقولي الكلام ده عشان حلة المحشي…
فبصراحة كسبتي الحله و بجدارة….خدي دوقي هتعجبك……..”
مدت آية يدها واخذت واحده من الكوسة المحشية ووضعتها في فمها وهي تهمهم بعدها بتلذذ …
“الله بجد حماتك دي خطيرة……انا اول مرة اكل محشي كوسه بالحلاوة دي……”
اقترحت سمر وهي تضع واحده من الفلفل
المحشي في طبقها…… “جربي الفلفل خطير……”
ضحكت حنين وهي تهز راسها عند مراقبتهما والانسجام الغريب الذي بينهما……ربما كثيراً تغار
على سمر من تقربها من آية بهذا الشكل…..رغم انها
هي سبب انشاء هذه الصداقة بين ثلاثتهن حتى يكونا بالقرب من بعضهن هن والأطفال……لكن تظل حنين كما هي تغار بجنون على من تحب….وتخشى
دوماً فكرة البعد والتجاهل……..
قالت حنين وهي تدلف للمطبخ…….
“لا انا كده هدخل اجيب اطبق واحط للعيال….انتوا
بكده هتكلوني انا والعيال…….
ضحكت سمر وهي تثرثر مع آية عن العمل وصالون التجميل والذي بدأ ينطلق كنجمة لامعة في السماء حامل إسمها وابداعها في رسم الجمال على اوجه
الكثيرات………..
وضعت حنين الاطباق وهي تنضم اليهم وكذلك الأطفال والذين خرجوا من غرفة الالعاب للتو….
كان يجلس آدم جوار امه وياكل وهو ينظر الى تالين وتمارا من الناحية المقابله له….. واللتين جلسوا في مقاعد خاصة بهم جوار امهم……….ام عن علي فكان جوار مكه يطعمها بيده بمنتهى الاهتمام والحنان البريء لذا عقبت سمر هامسة لاية وحنين…….
“شايفه ابنك بيغذي بنتي إزاي…..وعمال يرمي شباكه عليها….. لمي ابنك يا آية لو سمحت البت لسه قلعه البامبرز من فترة……يعني بنتي مش فاضيه للحب والكلام ده……. ”
ضحكت آية وهي تطعم التوأمانِ من طعامهم الخاص…….
“وحياتك ولا احنا فاضيين….بس بنتك هي اللي لزقه في ابني……..انتوا حطين عينكم عليه عشان ملون وموز زي باباه……”
قالت سمر بمزاح وهي تحافظ على نبرة صوتها الخافته حتى لا ينتبه الصغار للحديث…..
“خليه جمبك هو وابوه………انا حطه عيني على آدم………”
مطت حنين شفتيها وهي تقول بعدم رضا….
“بلاش آدم ياسمر…….آدم طموحاته اكتر من واحده…..دا بيكمل مصيرة أبوه……..”
قهقهة آية وهي تنتبه لنظرات آدم التي مزالت
معلقة على طفلتيها………فعلقت بنفس الخفوت
قائلة بمزاح…….
“واضح انه حاطت عينه على بناتي الإتنين……
شوفي بيبوصلهم ازاي ياحنين….. ”
قالت حنين ممتعضة وهي تلوي شفتيها……
“ابني هيبقا الحاج متولي في زمانه….الله يمسيه بالخير الحاج متولي القديم…..كنت بتنقط وانا
بسمع كلامه……..”
قالت اية بنباهة وهي تضحك….
“انتي بتكلمي عن عز أخويا صح……”
ادعت حنين التبرم قائلة بتذكر…….
“عز اخوكي دا يا آية بلسم حياتي……بلسم…اسكتي بقا متفكرنيش……..”
قالت سمر باستهزاء……
“مش لوحدك كلهم كانوا مرهم للجروح في حياتنا…”
انضمت اليهم آية ساخرة……
“هي في دي عندكم حق….دول ملايكه بجنحات
ميقدروش يزعلونا أبداً…..يالهوي على الست لم يكون
في حياتها راجل……..بيبقا……هو بيبقا اي صحيح…. ”
سألتهم بشقاوة جميلة فصاحت سمر وحنين
معاً…
“بيبقا عسل…..احنا نقدر نقول اكتر من كده…..”
قالت حنين وهي تنظر للأطفال
بجبن…
“الرقابه حولينا ياجماعه كفاية كده…….”
نهضت آية عن مقعدها وسحبت قالب الكيك
وقالت للصغار بحنان……
” حبايبي تحبوا اقطع لكم من الكيك….”
أومأ الصغار بسعادة….. فبدأت آية بتقطيع
الكيك بينما قالت سمر وهي تنهض……
“هدخل اعملكم نسكافيه…..”
قالت اية باستحسان….. “ياريت ياسمر والله…..”
فقالت حنين وهي تضع الاطباق المتسخه فوق بعضها……
“وانا هلم الدنيا دي على ما تعملي……..وبعد كده
نقعد قدام التلفزيون شوية…… جبتلكم حتة فيلم انما إيه… حكاية…….. للممثل الاشقر دا اللي انتي بتحبيه يا سمر…. ”
قالت سمر مبتهجة……..
“ااه انا بحب الشقر اوي….لا لا بطلت احب الشقر انا مبحبش غير ابو مكه دلوقتي……”
عقب علي بدهشة….. “بتحبي فخر العرب…….”
حكت سمر في شعرها وهي تقول سريعاً
بنفي…..
“فخر العرب مين ياعلي……انت كده هتوديني في داهية……لا انا بحب جوزي ياعلي…..ابو مكه وبس……”
قالت آية لها بغمزة خبيثة……
“حددي بعد كده عشان علي ميضيعكيش……”
قالت سمر بزفرة ارتياح…..وهي تدلف
للمطبخ…..
“الحمدلله ان ابراهيم مكنش قاعد…….”
قال علي وهو يرى حنين تخرج من
المطبخ بعد دخول سمر…….
“حنون انا عايز شوكه لو سمحتي…….”
قالت آية لابنها بحزم…. “احنا قولنا اي ياعلي…….”
ادعى علي الغباء وقال…
“مانا قولتلها لو سمحتي……”
قالت آية بنفاذ صبر……
“انت عارف انا بتكلم في إيه……انا قولتلك تقولها ياطنط حنين….. ”
قال علي بتافف….
“تقيله يامامي…….وحشة…..وحشة أوي…….”
رمقته آية بصرامة وهتفت اسمه
بتحذير “علي……”
تدخلت حنين وهي تبتسم بحنان…..
“يا اية سبيه…..انا بحب حنون منه….وبحب نين….
كمان بس يخسارة….حرمنا منها ابن الأيه لما
كبر……”داعبت شعره وهي تقول بمحبة
“كبرت ياعلولي……..”
قال علي بتزمر وهو يبعد يدها عن شعره…
“شعري ياحنون…….مش كده…….”
هزت حنين راسها وهي تقول باستياء……
“يادي شعرك اللي مضيع نص وقتك عليه…
وياريتك ظبطه زي الناس…….”
قال علي بابتسامة تقطر زهوٍ…..
“دي قصة روشة ياحنون…….”
قبلته حنين من وجنته قائلة وهي تداعب شعره الاشقر بحب….. “آآه ياروش انتَ ياقلب حنون……..”
قضوا معاً بعضاً من الوقت اللطيف الذي لا يخلو من المزاح والضحك والاحاديث المسلية…حتى الصغار كانوا في انسجام تام مع بعضهم وقضوا وقتاً جميلاً
ودافئاً معاً…………
ربما تلك الجلسة تكرر مرة في الأسبوع تكون في حدود ثلاث ساعات ولكن هم من افضل الثلاث ساعات بنسبة لهم وللصغار كذلك……..
كثيراً تكون السعادة برفقة من نحب……..
…………………………………………………………….
في الصباح ظل هاتفه يرن باتصال مستمر مما جعلها تنادي عليه بملل وهي تحضر طعام الإفطار على السفرة…..
“ابراهيم…. تلفونك بيرن…….”
لكنها لم تسمع إلا صوت خرير المياة العالي اتي من الحمام……. مطت شفتيها بانزعاج وهي تمسك
الهاتف وفتحت الخط وهي تقول….
“الو……”
يبدوا ان المتصل لم يسمعها لذا قررت بهدوء…
“إلو……”
حينما طال الصمت شعرت بالحنق والملل من قلة ذوق هذا الخجول……. فهي ردت فقط كي تخبره ان يأجل مكالمته الضرورية لدقائق حتى يخرج ابراهيم
من الحمام……
نظرت مجدداً للهاتف فوجدت رقم غير مسجل…
وقبل ان تغلق الخط سمعت صوت امرأة تهتف
بغيرة وحرقة…
(أخيراً رديت عليا…. انت فين يابراهيم…. معقول
من امبارح معرفش عنك حاجة…. هو انت نسيت اليومين اللي قضيناهم سوا ولا إيه…..انا عارفه
ياحبيبي ان احنا اتفقنا يكون جوزنا في سر عشان خاطر مراتك…. بس انا بجد مش قادره استحمل النظام ده…. انت علطول معاها…… يابراهيم دا انا مش بشوفك غير الساعتين اللي بعد الشغل وكل ما أقولك بات تقولي ان مراتك بدأت تشك فيك لا وإيه
مستغربة رجوعك البيت متأخر….. ولما حنيت عليا وبيت معايا ليلتين بعدت عني زيهم في حضنها…
جرالك إيه…….. انت قولتلي بعضمة لسانك ان
ضوفري برقبة عشرة من امثالها… ولا ناسي لما
قولتلي انك بتقرف منها ولما بتبقوا مع بعض بتغصب على نفسك عشان تبقى معاها….. جرالك اي يابراهيم
مش بترد لي ياحبيبي هي مراتك البومه قعده جمبك…….. “اغلق الخط بعد تلك الجملة…..
أنزلت سمر الهاتف ببطء وقد زاغت عينيها بضياع بينما انسابت دموع الدهشة المطعونة بالألم على وجنتيها الشاحبة ومزالت في حالة تيه لا تصدق
ولا تفقه شيءٍ مما قيل……..ماذا يحدث معها…..
انها تشعر انها تختنق وكانها في تابوت زجاجي
فارغ من الهواء…..
بلعت غصة حادة في حلقة وهي تضع يدها على
فمها تكتم شهقات الصدمة المؤلمة ومزال جزء داخلها يرفض التصديق…..رفعت عينيها الحمراء
المطعونة بالغدر على باب الحمام المغلق
فلم تسمع إلا خرير الماء فتلونت نظراتها بالكره والاحتقار وعنوة عنها وبطبيعة الفطرية للأنثى
بداء عقلها وشيطانها يربط الأحداث الماضية
بحديث المتصلة المجهولة….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!