روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الرابع والأربعون

رواية غمرة عشقك البارت الرابع والأربعون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الرابعة والأربعون

أنزلت سمر الهاتف ببطء وقد زاغت عينيها بضياع بينما انسابت دموع الدهشة المطعونة بالألم على وجنتيها الشاحبة ومزالت في حالة تيه لا تصدق
ولا تفقه شيءٍ مما قيل……..ماذا يحدث معها…..
انها تشعر انها تختنق وكانها في تابوت زجاجي
فارغ من الهواء…..
بلعت غصة حادة في حلقة وهي تضع يدها على
فمها تكتم شهقات الصدمة الموجوعه ومزال جزء داخلها يرفض التصديق…..رفعت عينيها الحمراء
المطعونة بالغدر على باب الحمام المغلق
فلم تسمع إلا خرير الماء فتلونت نظراتها بالكره والاحتقار وعنوة عنها وبطبيعة الفطرية للأنثى
بدأ عقلها وشيطانها يربط الأحداث الماضية
بحديث المتصلة المجهولة……
لم تشعر بنفسها إلا وهي تسقط على المقعد بانهزام
واضعه ساعديها على سطح الطاولة…. ودفنت وجهها
في كفيها شاعره بعقلها يدور في زوبعة إعصار شديدة تتخبط داخلها بين أحداث متتالية حدثت في تلك الفترة القصيرة كانت اغلبها بُعد وهجر منه ومحاولات كثيرة منها للسعي كاي زوجة للقرب منه
مقدرة اعذاره عن العمل واختفاؤه الدائم به…..
هل كانت غبيه؟!…… كيف يفعل هذا بها…….هل تتلاعب بها تلك المرأة لتوقع بينهما وتصنع
خلاف كبير بحديثها …… لكن التفاصيل كيف لها
ان تعرف تلك التفاصيل……….. كيف……
نزلت دموعها وهي تشعر بالعجز التأم……فسمعت صوت إغلاق باب الحمام وتقدم ابراهيم منها وهو يجفف وجهه بالمنشفة بعد ان ارتدى طاقم
رياضي…..
عقد حاجبيه وهز رأسه باستفهام
سائلاً…..
“مالك ياسمر…….. قعده كدا ليه…….”
رفعت وجهها الباكي إليه ورغم الدموع المتحجرة
في حدقتيها وشحوب وجهها إلا ان عينيها
السوداء كانتا نافذتين من الصلابة والقوة مما جعل ملامحها مخضبه بالجسارة امامه رغم كسرة قلبها داخلياً……عقدت ساعديها امام صدرها وهي تسأله بغضب مكبوت بل ودموعها هبطت عند السؤال……
“انت متجوز عليا يابراهيم…..متجوز في السر…..”
هز راسه وهو يبتسم بدهشة بل وتلونت نظراته
القاتمه حدة تتناقض مع الابتسامة…….حتى
ألقى سؤاله بتعجب…….
“متجوز ازاي يعني………مش فاهم…….”
صاحت بهيجان وهو تبرق بعينيها بشراسة…….
“يعني اي مش فاهم…..مش فاهم عرفت منين….ولا
مش فاهم اذا كنت متجوز ولا لا……..”اقتربت منه وهي تجز على اسنانها صائحة بغل…….بل وبكل
جرأة وغضب اعمى مسكته من ياقة السترة
وهي تصيح هائجة…….
“انت كل ده كنت بتكدب عليا….بتشتغلني انا…….انا
بينكم مكالمات…..وتلفونات……انا سمعت صوتها بوداني من على تلفونك يابراهيم…… وهي بتقولك انك وحشتها وانك بعيد عنها الفترة دي بسبب انك معايا……….واليومين اللي فاتوا كنت عندها في حضنها هي…….في حضنها… ”
نزلت دموعها وهي تشده اكثر من ياقة السترة صائحة بشراسة تفوق الوصف أصبحت من
خلالها أمرأه مخيفة مطعونة في قلبها……..
ورغم كل هذا كان ابراهيم صامتاً هادئ منتظر
كل مالديها حتى الآن……
“انت كنت بتغصب على نفسك وانت معايا……قولتلها
كده……ليه…..لو حتى كرهتني وحبتها هي…..ليه مسبتنيش……ليه مقولتليش انك اتجوزت……”
سحب يداها بقوة عنه وهو يبعدها عنه بنفور
قائلاً بقسوة واستهزاء……
“تصوري خفت منك انتي ومخفتش من ربنا
لما اتجوزتها في السر…….طالما مصدقه اللي
سمعتيه الباب مفتوح عندك…..”اولاها ظهره بعد
تلك الجملة داخلاً للغرفة…..فالحقت به سمر
صارخة باختناق……..
“يعني إيه الباب مفتوح…….مش قبل ما عرف
هي مين……..”
نظر ابراهيم اليها بعينين ثاقبتين… قاسيتين
غير متفهمتين……وهو يحذرها بحدة……….
“وطي صوتك وتعدلي وانتي بتكلميني…. ولما
ابقى اعرفها هي مين هبقا اقولك…………..”
تلونت نظراتها بالحيرة سائلة….
“يعني إيه لما تعرفها…….”
قال ابراهيم بقرف امام نظراتها الذاهلة…..وهو
يبدأ بتبديل ملابسه بأخرى تلائم الخروج……
“يعني دي واحده قرفاني مكالمات بقلها فترة….
ولما سألت على رقمها في شركة الإتصالات مطلعش متسجل عندهم ولما اديت الرقم بلوك…. كلمتني
من يومين من رقم جديد ومردتش عليها…..وتقريباً انتي اللي رديتي عليها دلوقتي……”
جحظت عينيها وهي تساله بتشكيك…..
“يعني انت بجد مش متجوز عليا……..”
وكأن الشياطين تتلاعب امام عيناه الآن مما جعله يصيح وهو ينفض ملابسه بغضب……
“سمر انا على اخري منك….. خدي مكه وروحي عند اهلك اليومين دول…..انا لا طايقك ولا طايق نفسي….”
توسعت عينيها وهي تقف امامه سائلة
بعنفوان….
“نعم……..انت بتكلمني انا كده…….”
زفر ابراهيم وهو يقول بغضب مكبوت…….
“ابعدي عني يابنت الناس…….اقولك خليكي قعده
انا ماشي……”
ركضت خلفه وهي تصيح بجنون…..
“هتروح عندها……..”
اقترب منها وضرب سبابة اصبعه في راسها
بعصبية قائلاً……
“فتحي مخك ده شوية…قولتلك مش متجوز…..مش متزفت عايزه تصدقي صدقي مش عايزه اخبطي راسك في اجدعها حيطه……..روحي عند اهلك ياسمر….. روحي عندهم وريحيني من غبائك…… ”
قالت سمر بتهديد انثوي….
“انا فعلاً هروح عند اهلي….ومش جايه هنا تاني…..”
قال ابراهيم باستهانه وعيناه تستفزها
بنظراته الباردة………
“بسلامة…..”ثم تابع بتحذير صلب….
” المرة الجايه وانتي بتكلميني اتكلمي بالسانك مش بأيدك……انا مش واحد من الشارع عشان تمسكيني كده يامحترمه……”سحب مفاتيح السيارة فوجدها تقول بحرقة……….
“يسلام هو ده اللي زعلك…. واللي سمعته انا في
تلفونك ولا فارق معاك………”
نظر لعينيها الباكية وقال بانفاس مشتعلة من شدة الغضب منها…….
“كل كلمه سمعتيها كدب…كدب… انا معرفهاش عشان اتجوزها… ولو شايفه اني كنت بكدب عليكي الفترة اللي فاتت دي بحجة الشغل يبقا انتي كده بضيعي
اللي بينا بغباءك……..” اولاها ظهره مجدداً خارج من الشقة لكنها لحقت به ومسكت ذراعه
قائلة بضعف……
“انت رايح فين يابراهيم……..”
سحب ذراعه بقوة قائلاً بنفور وعيناه ترفض
النظر اليها الآن………
“رايح في داهية……يمكن أرتاح من جنانك وقلة ادبك……..روحي عند اهلك وتقي شري ياسمر….
انا باعد نفسي عنك وعن هبلك بالعافية……. ”
أغلق الباب خلفه بقوة فنزلت على الأرض باكية
بندم من تسرعها في الحكم عليه…..وقلبها يؤلمها
بسبب قساوة قلبه عليها وجفاؤه في الحديث
معها………لماذا فقد الشعور بها فجأه……ولم
يذكر إلا اتهامها الذي كان أكبر من إمتناع
السؤال عنه بعد تلك المكالمة……هذا حقها…..
فلماذا أصبح حقها قلة إحترام منها ؟!……
دخل السيارة و أدار المحرك وهو يفتح آخر مكالمة مسجلة لديه…….والذي مع كل كلمة تقال كانت تتوسع عيناه بالغضب وتزيد قساوة ملامحه بشكلاً مخيف
مع تصارع هدير انفاسه الغاضبة حتى انتهت المكالمة………
أكثر شيءٍ أزعجه في تلك المكالمة لم يكن شائعة الزواج السري بل اهانتها لزوجته وتعمد اضافة الكلمات الحقيرة الخبيثة لقهر قلبها…..
اشتعل صدره بفورانٍ من البراكين الثائرة فزفر بغضب وهو يضرب عجلة القيادة وشتم بكلمات
نابية لتلك الساقطه المجهولة……..انطلق بعدها بسيارة وهو يجري اتصال بصديقة عمار وعندما
فتح الخط….. قال ابراهيم بخشونة….
“عملت إيه في رقم الجديد اللي بعتهولك…..”
رد عمار من الناحية الاخرى بتردد…..
(طلع الخط متسجل عندهم من خمس سنين…باسم واحده اسمها سهيلة أشرف عبدالباري……)
رفع ابراهيم حاجبه الأيسر
سائلاً…
“انت تعرفها ولا اي ياعمار…….”
قال عمار بريبة……..
(انا شاكك في واحده من العمال اللي شاغلين على المكن تحت…….بنفس الإسم الثلاثي ده…..بس انا مش عايز اظلم حد….احنا عايزين نتأكد الأول….)
لمعة عينا ابراهيم بقسوة……..
“اتصرف ياعمار وهتلي رقمها لازم اعرف مين دي ومين اللي زقها عليا……..”
ساله عمار بتعجب…….(هتكلمها تقولها إيه……)
اخرج ابراهيم تنهيدة حانقة
وقال……
“مسافة ما سمع صوتها هعرفها………”
قال عمار مفكراً معه وهو يضع الاحتمالات….
(متأكد……ممكن تكون كانت مغيره صوتها وهي بتكلمك…..)
اوما ابراهيم وهو يقول بذكاء…..
“التسجيل اللي معايا مش مغيره صوتها فيه زي
ما كانت بتعمل وهي بتكلمني……”
سأله عمار….(تسجيل إيه ده ؟!…….)
قال ابراهيم بتجهم……
“لما أشوفك ياعمار…….بس على ماجي تكون جبتلي رقمها……..اتصرف وهاته من اي واحده من اللي معاها في المصنع……”
سأله عمار باهتمام……
(هجيبه ان شاء الله متقلقش……بس طمني صوتك مالوا……هي مراتك عرفت حاجة….)
اوما ابراهيم بوجوم….. “ايوا…..”
قال عمار بسماجة ضاحكاً……
(لا حول ولا قوة إلا بالله…. ومراتك سابتك ماشي على رجلك كده عادي……)
صاح ابراهيم بضجر…….
“لا إله إلا الله…..بقولك إيه انا مش عايز استظراف الله يرضى عليك……سلام…..”
اغلق الخط بقرف بعد ان استمع لصوت ضحكات
عمار السمجة………
……………………………………………………………..
بعد دخولها مقر الشركة مرتديه ملابس كلاسيكيه أنيقة محتشمه تتناسب مع لفة حجابها الرقيق…..
لم تضع شيءٍ ملفت على وجهها بل اضافة زينة بسيطه تجعلها متوردة طبيعية كالبشر… فهي
تعاني منذ أيام
من قلة النوم وقلة الراحة الذي يؤثر على ملامحها وجسدها الذي ينحف بشكلاً ملحوظ … مضاف لذلك كثرة التفكير به أصبح أمر روتيني لديها……يتلف المتبقي من اعصابها…….
منذ ان علمت بخبر سفره وهي تعيش مشاعر متضاربة….. تحيا كابوس أسود بينها وبين حالها…. فهي مزالت لا تعرف ان كان على ميثاق العشق السابق ام تناسى الأمر وتابع مع تلك الـ ماهي ؟!……..
عندما دخلت الرواق هزت راسها مرحبة بزميله تمر من جوارها فتبادلت الاخرى البسمة ثم تابعت
سيرها……أسبلت جفنيها وهي تنظر للمعطف الذي تحمله بين يداها هو والوشاح…. ابتسمت شاردة
بشجن…..
ليلة أمس بكت كثيراً في أحضان هذا المعطف الذي يحمل عطره الرائع وحتى بعد غسل المعطف مزال العطر يتعلق به……….
ظلت تضم المعطف لصدرها حتى نامت في احضانه ولم يرحمها الحب فاتى العابث الحنون في احلامها
يقبلها ويدللها بشكلاً كلما تذكرته تزحف الحمرة لوجنتيها……….
اثناء سيرها وجدت من يخبط كتفها بقوة
ويتوقف قائلاً بنبرة غير مبالية…..
“مش تبصي قدامك وانتي ماشيه……”
رفعت عيناها الزيتونية إليه بخجل لذيذ انتشر ببشرتها شاهقة البياض…….قالت حبيبة بتلعثم
وهي تداري حماقة حلمها الـوقح مع هذا السافل….
الذي ازداد سفالة في الحلم بشكلاً لم يزعجها
للأسف !!…..
“انا…..انا مكنتش أقصد………”
عقد احمد حاجبيه وقد زالت قشرة البرود
وهو يسالها بقلق……
“مالك ياحبيبة…….وشك احمر كدا ليه……”
قالت بصوتٍ متوتر وهي تمد يداها بالمعطف
إليه…..
“انا كويسه……مفيش….. البالطو بتاعك يا
أحمد اتفضل…….”
“مستعجله ليه……..”نظر للملابس باستهانه
ثم أردف بتركيز وهو ينظر للملف بين يداه……
“دخلي على مكتبي…..هودي الملف ده وجاي……”
اومات براسها وهي تراه يبتعد…..كانت تعلم اين وجهة مكتبه فقد سألت مجدي عليها وكانت ماهي
تتردد دوماً على مكتبه دون الجميع…….
وقفت امام المكتب ووضعت يدها على المقبض وفتحت الباب ثم دخلت مغلقة الباب خلفها وهي توزع نظراتها على ارجأ المكتب متوسط المساحة
فخم الطراز ككل شيءٍ هنا…..لكن رغم ذلك المكتب
يحمل روح عابثها الحنون….روح أحمد…. شقاوة
أحمد…… ووقاحة أحمد…….
تقدمت من المكتب وعلقت المعطف على ظهر المقعد الأسود الوثير……..وعنوة عنها بدات باكتشاف المكان بحب طفولي……
تلامس سطح المكتب الامع……المقعد الذي يجلس عليه قد جلست مكانه ضاكحة وعينيها تخرج
قلوب حمراء…….
سارت على البساط البسيط متقدمة من ركن أدواته
الهندسية الائحة البيضاء الذي يرسم عليها بمساطر
خشبية مختلفة الاشكال…..انه يعشق الهندسة بشكلاً
غريب يميزه…….اثناء الوقت القصير الذي عاشته هنا علمت من زملاء العمل انه شخصاً نشيط جداً واكثر من رائع في عمله……..وذكي في تعامل مع العملاء…..
وله نظرة مستقبلية في مشاريع يتولى الإشراف على تأسيسها باضافة لمهارته في رسم المباني باحترافية عصرية واستغلال المساحات في إنشاء مولات وخدامات عامه لأي مجمع سكني يتولاه مع بعض
المهندسين…..
أشياء مبهجة تسر قلبها المدله في حبه ، جعلتها فخوره به رغم الهجر وعدم الأمل في علاقتهما
ان تعود؟!……
حبيبها أحمد تغير….تغير للأفضل وهذا ما كانت تطمع اليه طوال فترة ارتباطهما السابقه وحينما تحقق حلمها على أرض الواقع كانت بعيدة عنه تسمع
اخر تطورات حياته كالغريب…..
هل أخطأت في البُعد عنه ؟!!….
رغم الوجع الذي ينحر قلبها وعدم الارتياح في
بُعده……… إلا انها حتى الآن راضية رضا تام على موقفها في سابق في البُعد عنه…..لو لم يحدث ما
كان أحمد هنا…..
“انتي لسه هنا……..”
بلعت غصة مؤلمه في حلقها بعد سماع هذا التعليق الساخط…….فتركت المسطره التي كانت تمسكها جانباً……واستدارت إليه رافعه وجهها الشاحب إليه
متأملة إياه بصمت غير مقروء…….
من أول شعره الأسود الغزير بنعومة هبوطٍ بحاجباه شديدة السواد تليها عيناه التي تلاحقانها بتوهجٍ غريب يتناقض مع ملامحه الجامدة…هبطت بعينيها
للحيته النابته والمنمقة كذلك حتى وصلت لشفتاه
والتقطت معها بروز عنقه الذي يتحرك امام نظراتها المتفحصة بشكلاً ملحوظ…..وكانها ايقظت مشاعره بنظراتها البريئة الذي لا ترى لها سببٍ مقنعاً كي تتفحصه بهذا الشكل الصريح وامامه…..
نظرة اليه بصورة كامله دون هذ التدقيق المكثف….لترى انه كتلة حيه من الوسامة
والجاذبية…..حتى طلته بها شموخ يدغدغ
مشاعرها معه……رغم اسلوبه الفظ الذي
يتعمده معها…..
اطرقت حبيبة براسها وهي تسير متجاوزه
وقوفه قائله باعتذار……
“انا كنت خارجه دلوقتي….عن إذنك……”
وضع ذراعه امامها دون ان يلمسها…..
“وشك كان احمر ليه وانتي برا…..انتي تعبانه…..”
تذكرت الحلم فقالت بخجل…. “مفيش حاجة…….”
عقد حاجبيه وهو يسالها بعينين هاجت بهم
النيران…..
“خُطبتك امتى انتي ويوسف…….”
توسعت عينيها وهي ترفع راسها اليه كمدفع رشاش وحينما وجدت غضبه مرسوم على محياه فقالت
وهي تضرب ذراعه الحائل بينها وبين الخروج
من هنا….
“ابقى اسأله انت………مش صاحبك…..”
لم يتركها ترحل بل سالها بمواجهة تجلد روحه
قبل قلبها …
“اي اللي بينك وبينه ياحبيبة……ريحي قلبي…”
لوت حبيبة شفتيها مستنكرة……
“يسلام وانت قلبك تعبان بجد…..ازاي وانت
معاها….دا انت كلها كام شهر وتسافر معاها….
فاكرني مش عارفه انكم هتشتغله مع بعض في
نفس المكان……..”
اظلمت عينا أحمد فقال بعناد…….
“مفيش حاجة بتستخبه في الشركة……وبعدين ميخصكيش….اسافر معاها ولا مع غيرها….”
قالت امامه بتبرم اشد منه…..
“فعلاً ميخصنيش وانت كمان حفظ نفسك
نفس الكلام ده………”
استشاط غضباً قائلاً….. “بلاش يوسف ياحبيبة……”
رفعت حاجبيها وهي تساله بصوتٍ يقطر
قهرٍ……….
“يعني اي واحد تاني عادي…..انا مش فرقه المهم متخسرش صاحبك……”
صرخ في وجهها فجأه وكانها احرقت الصبر
داخله…. “انتي اللي سبتيني……..انتي……”
اضاف وهو يحرك شفتيه بشراسة…..مذكرها بما فعلته معه……
“فكراها سهله اوي كده……مفيش مشكله نبقى مع بعض صحاب…..وانت حب فيا زي مانت عايز انا
مش ممانعه……..وبعدها لا يا أحمد انا زهقت منك
انت طلعت حشاش ووحش وبتاع بنات……اي ده
دا احمد اتخرج من الكلية….. واشتغل يبقا نرجع
بقا عادي…..”
اشار باصبعه على صدره قائلاً بنبرة تنزف
وجعاً وانكسار حقيقي…….
“وقلبي اللي اتكسر يوم ماعيط وانا بكلمك في التلفون……..بحلفلك اني والله بحبك وشريكي…
واني غلط….. بس الكلام ده قبل ما عرفك….. عملتي إيه يومها قفلتي كل البابان في وشي…. بعدتي…
وبكل أنانية قولتيلي انا عايزه افوق لدرستي وحياتي…. طب وانا ولا كنت فرقلك……..طب ليه
من الأول قربنا طالما انا كنت عقبه اوي كده في حياتك… كنت هضيع مستقبلك وهوقف حياتك….
مع اني انا أول واحد كنت بشجعك تاخدي شهادتك وتتخرجي بتقدير كويس كمان………. بقيت وحش فجأه ومنفعكيش…………”
ثم ازدادت نظراته قسوة مخيفة قائلا
بمقت……..
“ولا سبتيني عشان هو دخل حياتك وقتها….فكان
هو افضل إختيار ليكي……مش كده….. ”
نزلت دموعها امامه وهي تسأله بسخرية
مريرة…
“انت شايف كده……”
شعر بقلبه يخضع امام دموعها ولكنه سيطر
على مشاعره قائلاً بجمود……
“انا مش شايف غير كده…. وجودك هنا بيأكد كلامي…….”
اقترحت بضعف وهي تمسح دموعها بظهر
يدها بقوة….
“تحب استقيل…….”
اشاح بوجهه عنها بوجوم….
“والله دي حاجة ترجعلك…….”
مسكت ذراعه قائلة بتساؤل حزين……
(احمد انت بقيت بتكرهني……… قولي بقيت
بتكرهني بجد…….)
وجدته يدفعها في الحائط بجسده الصلب بقوة وهو يميل عليها برأسه ملتهم شفتيها باكملها بجنون
قائلاً من بين قبلاته العنيفة لها وحدها….
(انا بعشقك….. بعشقك ياحبيبة…….)… تاوهت بتعب وهي تجاري قبلاته بنفس اللهفة المعذبة…..وهتفت على اثارها لاهثه بنعومة……(احمد)…….
“احمد…..”…عاد اليها بملامح جامدة يخفي خلفها
طوفان مشاعره الساخنة والرغبة الغبية التي خلقت
من بين غضبه ان يقبلها الآن…. كيف……وكيف فكر في هذا هنا تحديداً والآن ؟!………
بلع ريقه وهو ينظر اليها بقوة ثم نظر للباب المغلق
الواقف امامه……فابتعد عنه بخطوات ثابته حتى وصل الى مكتبه فجلس على المقعد الوثير ووجدها امام عيناه تخرج من المكتب مغلقة الباب خلفها بملامح واجمه حزينة…….
سحب رابطة عنقه وأول أزرار قميصة وهو يزفر بغضب وتعب….وشوق….ومزال حتى الان لا يعرف
ماذا عليه ان يفعل معها ومتى سيشفى من جروحه
القديمة التي هي من سببتها له يوماً……والأهم
ماذا يفعل ان كان يوسف وقع في حبها…….ماذا يفعل ؟!……
دخل كرم بعد دقائق وهو يطلق صفير عالٍ قائلاً
وهو يجلس على المقعد المقابل لأحمد….
“مسا مسا يابو حميد………”
اوما احمد براسه وهو ينظر للأمام بشرود……
عقد كرم حاجبيه متسائلاً….
“مالك يابني قالب بوزك ليه……..”
هز راسه نافياً وهو يسألها باهتمام……
“مفيش عادي………اي أخبار التصوير…….”
توسعت ابتسامة كرم قائلا بارتياح….
“الحمدلله كله تمام……..انت بقا مالك……”
قال أحمد واجماً….. “ما قولنا مفيش ياجدع…….”
ضيق كرم عيناه بتشكيك…”حبيية مش كده…..”
“يووو ياكرم………ما خلصنا بقا……”
سحب كرم قلم من امام احمد وظل يلعب به بين اصابعه وهو يقول…..
“والله طول ماهي هنا عمري ما هصدقك…..بس ما علينا….. بقولك انا هنزل اشتري عربية النهاردة… ”
رفع أحمد حاجبه سائلا بخبث…..
“الله اكبر………جتلك منين الفلوس يانمس…..”
قال كرم موضحاً….
“عملت إعلان لشركة معروفه على صفحتي..وخدت مبلغ كويس ممكن احطه مقدم في عربية قسط…”
سأله احمد باستفسار…..
“قسط……..انت مش معاك تجيب كاش….انت مخدتش من الشغل الجديد دا حاجة….”
أجابه كرم بوجوم….وهو يلعب في القلم بتوتر….
“ولا الهوا…….لسه لما اشوف……وبعدين انا كل اللي صورته مشهدين…….انا مش عايز اطلب فلوس لحسان يقوله عليا شحات ويفتكروني مادي…”
قال احمد مستنكراً….
“يابني شحات اي ومادي اي دا حقك…..”
هز كرم راسه بتفهم قائلاً…….
“ماشي ياعم هو انا قولتلك كلوا حقي…انا بقولك
لسه شويه انا ملحقتش اشتغل…….”
قال احمد بفتور……..
“زي بعضوا…….هتنزل امتى المعرض عشان انزل معاك…….”
ازداد توتر كرم بشكلاً ملحوظ
“لا لا انا هروح لوحدي……”
“لوحدك…….طب ماجي معاك يابني…انت لسه جديد في شِرا العربيات ده وصاحبك خبرة…”غمز له احمد بزهو فقال كرم بابتسامه تحمل حياء ذكوري ملموس……
“انا عارف يا احمد….بس انا بفكر اكلم نور وخليها تيجي معايا…..عشان كمان انا محتاج اشتري كام طقم لزوم الشغل وقدام زميلي وكده….وهي شاطره في الحاجات دي وفهمه اكتر مني……”
تنحنح وهو يعدل ياقة قميصه بعد ان رأى عينان احمد ثاقبتان عليه……
“انت بتبصلي كدا ليه……..انا قولت حاجة غلط…”
رفع الاخر حاجبه بتساؤل وبمنتهى
الهدوء.. “نور !!…. غريبه….”
بلع كرم ريقه بحرج…..
“اي الغريب……… مش فاهم……”
ابتسم احمد قائلاً بلؤم…..
“بدأت تحلم يابو المكارم……والشغلانه الجديدة
قوة قلبك………”
أسبل عيناه وقال بانكار…. “انت فاهم غلط انا……..”
قاطعه احمد باستهجان…
“إيه هتصاحبها شويه وتسبها…..”
قال كرم بقوة…..”انا مش كده يا احمد…..وبذات
مع نور…..”
اوما الاخر ببرود قائلاً……
“آآه يبقا حددت انت عايز إيه……صح…….”
مرر كرم اصابعه على شعره بحيرة قائلاً
بتيه…..
“مش عارف…..لسه مش عارف….. ”
انكسرت قشرة الصمت والبرود على وجه أحمد
وهدر من بين اسنانه بغضب…….
“مانت لازم تعرف متعلقهاش بيك…..عايزها ولا لا…”
نظر له كرم بدهشة ممزوجه بالغضب….
“انت بتكلمني كدا ليه يا احمد انت ولي امرها يعني……”
لمعة عينا أحمد بحزم قائلا…..
“بقولك اي ياكرم كلمه أبرك مع عشرة…عايزها ولا لا………”
اهتزت حدقتي كرم فقال بضيق…..
“مش عايزها…….انت عارف اننا مش مناسبين لبعض……..”
مط احمد شفتيه بقسوة قائلاً…..
“وطالما انت مش مناسب ليها بتعلقها بيك ليه…”
انتفخت اوداج كرم فنهض بتشنج
قائلاً
“انت هتقرفني ليه……… انا ماشي……”
لحق به احمد ومسك ذراعه بقوة قائلا
بصلابه…..
“قبل ماتمشي……لازم تعرفني انت عايز من
البت ايه…….”
نفض كرم يده وصاح بغيرة…..
“وانت مالك يا احمد……مالك بيها…. ”
حينما أدرك غيرته قال موضحاً بعصبية…..
“مالي ازاي انت مفكر نور دي اخت يوسف لوحدها دي اختي انا كمان……”
اردف كرم بسخط…….
“وانت بتقول بقا الكلمتين دول عشان خايف عليها…الله يرحم كلامك زمان…من خمس سنين
فاتوا فاكر كنت بتقولي اي……”
وكانه غرز خنجر في قلبه…… فقال وهو يهز
راسه ساخراً………
“كنت عبيط….مفكر انها سهله تحب وتتساب…..
اصعب حاجة لما اللي بتحبه يجي مرة واحده ويقولك بح شطبنا…….لا بقيت عايزك ولا عايز
حبك…..وكأنه كان بيتسلى من الأول وانت اللي
غبي ومفهمتش………”شعر كرم بحرج ولم يجد
كلاماً مناسباً يحسن صورته فقال احمد وهو
يربت على كتفه بدعم…….
“اسمع ياكرم انا مش هسيبك تطلع من هنا…غير لما اعرف نيتك من ناحيتها إيه…….لو عايزها يبقا تتشجع وتروح تفاتح ابوها في الموضوع….وحتى لو رفضك
زي مانت حاطت في دماغك يكفي انك حاولت ومعشتش طول عمرك خايف تاخد الخطوة دي…..”
ثم رفع حاجبه وتابع بنبرة كالفولاذ الصلب…..
“ولو نيتك من ناحيتها انك تلعب بيها شويه وتسبها….يبقا بلاش عشان انا اللي هقف في
وشك…..”
زفر كرم وهو يعترف بوجوم…..
“عايز الخلاصه انا بحبها وهتجوزها…بس لم المسلسل اللي شغال فيه ده ينجح ساعتها
هيبقا لي عين أروح اطلبها من أبوها…..”
لوى احمد شفتيه من زاويه واحده ثم عقب
بحنق شديد……….. “انت جبان يالا……..”
انصدم كرم بتساؤل….. “نعم…….ليه بقا ان شاء الله…….”
قال أحمد بجدية وهو يتجه للمكتب مجدداً…..
“روح اتقدملها دلوقتي احسلك…على الأقل لما ابوها
يوافق عليك هتعرف هو اوفق عليك ليه….يافنان…”
استدار له كرم بأساً…..
“متتريقش……….افرض رفضني……”
زم احمد شفتيه قائلا ببساطه….
“يبقا تروح تتقدملها تاني وانت فنان…..وأكيد هيوافق عليك….لو طلع راجل مادي وبيحسبها
بالقرش زي مانت شايف…….”حينما رأى اليأس
والعجز يلمع في عينا صديقه تحدث من منظوره
هو فقال……
“توفيق الشامي مش كده…..توفيق راجل بيفهم كويس اوي في ناس…..ولو شايف انك طمعان فيهم من الاول خالص كان منع يوسف يمشي معاك في حته كان منعك تدخل بيته….. كان منعك تشتغل
هنا في شركته……انت اللي مخك صغير ومش
عارف تحسبها صح……”
التوت شفتي كرم بسخرية……
“والله وكبرنا ياحمد……”
قال أحمد بزهو بارد……
“عقلنا يابو المكارم………لكن احنا طول عمرنا كبار
ولا إيه…….”فتح احمد الملف قائلاً بهدوء….
“فكر في كلامي ياكرم…… وخد خطوة لقدام…..”
لم يرد كرم بل شرد مجدداً في حديثه…..
وفي تلك اللحظة طُرق على الباب ودخلت ماهي بابتسامة مشرقة جميلة وملابسها مهندمه
باناقة فاتنه كالعادة…..
“صباح الخير يابشمهدسين…….”
رد أحمد بإبتسامة عادية…..
“صباح النور………….تعالي ياماهي……”
قال كرم وهو يستأذن منهم…..
“انا خارج انا عشان اشوف شغلي……”
قالت ماهي مبتسمه بود….
“استني ياكرم انا لسه معزمتكش…..”
سالها بحاجب مرفوع……. “تعزميني… على إيه…..”
قالت ماهي بصوتٍ رقيق…..
“عيد ميلادي…..الخميس الجاي ياريت تيجي ياكرم…”
“ان شاء آلله……كل سنه وانتي طيبه…. “ثم
نظر لاحمد قائلاً…..
“اشوفك اخر النهار…….”خرج بعد تلك الجملة
فقالت ماهي وهي تجلس على المقعد المقابل
لأحمد……
“أكيد هتيجي عيد ميلادي….صح……”
هز احمد راسه حائراً……
“مش عارف بصراحة……..هشوف ظروفي….”
هتفت بلهفة…….
“لا يا احمد…..لازم تيجي…….بابي عايز يتعرف عليك ومامي كمان….انا كلمتهم عنك كتير…….”عضت على باطن شفتيها بعد نظرات أحمد المشدوهة فاخذت نفساً عميقاً وقالت بخجل…..
“يعني انا حكتلهم عنك اكتر….عشان يقبلوا فكرة سفري ويطمنوا…..خصوصا اني هسافر معاك…وهما
حبين يتعرفوا عليك عشان يطمنوا اكتر……”
حاول التغاضي عن الأمر وهو يجيب بالباقة…..
“مفيش مشكله ان شاء الله اظبط اموري واجي عيد ميلادك….كل سنة وانتي طيبه…… تحبي اجبلك هديه معينه…… انا معرفش انتي بتحبي إيه…. ”
لمعة رماديتاها بالحب وقالت بوضوح
“هديتي انك تحضر عيد ميلادي…….”
لم يجاري نظراتها بل قال بمزاح يقطر
زهوٍ………
“لدرجادي وجودي مهم……..انا كده هتغر عليكي….”
ضحكت وهي تقول بنعومة……
“دا هيكون احسن عيد ميلاد مرا عليا….. عشان انت بس موجود فيه…….عايزه اخد صوره للذكرى معاك عشان افتكر اليوم دا علطول….مع اني واثقه اني عمري ماهنساه……..”
أسبل أحمد عيناه وهو يشعر بالاختناق وعدم الارتياح لمشاعرها الجميلة التي من الغباء ان
يرفضها وهو بحاجة لها….خصوصا انها باهتمامها تعوضه عن جرح كسر قلبه وثقته في الحب……
تحدث بتردد……..
“ماهي……..انا عايز أقولك حاجة……انا…..”توقف
وكأن جرس الإنذار صدح داخله فلجم وصمت…
فتسأءلت هي بعد صمته بقلق……
“انت إي يا أحمد……كمل……..”
رفع عيناه عليها فرأى لهفة تتوهج في رماديتاها
لذا قال بثبات يحسد عليه……
“مش دلوقتي……..هحكيلك لما يجي وقتها….”
نهضت وهي تعطي له حرية شخصية في البوح
عن ما يريد ان تعرفه……..
“زي ماتحب….وانا هستنا…..عن اذنك هروح اعزم بقيت زميلنا…….”ثم نظرت لعيناه وقالت
بترجي راقي……
“اوعدني انك هتيجي عيد ميلادي……..”
قال بابتسامة هادئة…. “من غير وعود……اكيد هاجي………”
اومات براسها وهي تلقي عليه نظرة اخيره قبل ان تخرج من المكتب……
……………………………………………………………..
عندما دخلت ماهي المكتب نظرت الى مجدي الذي كان ياكل كيس من المقرمشات وهو يعمل على الحاسوب…….حركت حدقتيها على حبيبة التي كانت تعمل هي أيضاً لكن تختلس لها النظر بين الحين والاخر وكانها خصم لا يجب الاستهانة به…..
انها تتعجب جداً من نظرات حبيبة والعدائية الغريبة
حينما تقترب منها…….لكنها قررت ان تبتعد عنها
نهائياً حتى لا تحرج نفسها مرة أخرى معها…….
اتجهت بخطوات خيلاء والحذاء العالي يقرع على الأرض الامعه برقة تذيب القلوب….جلست باناقة
على المقعد خلف مكتبها وبدات بالعمل……
فسمعت صوت حبيبة يخترق صمت العمل الممل قائلة……
“انا آسفة……..”
رفع مجدي عيناه وهو يكبش من كيس المقرمشات بيده ويتناوله دفعه واحده…….
رفعت ماهي عيناها الرمادية على حبيبة لبرهة…ظنت بهم حبيبة انها ستتكبر في الرد عليها او تحرجها وتسالها عن سر اعتذارها…….لكنها وجدت ماهي
تقول بمنتهى المحبة……
“انا مش زعلانه منك ياحبيبة…بالعكس انا بطلت اتكلم معاكي بس عشان متحسيش اني متطفله
وقصده احشر نفسي في حياتك…..انا بس كنت قلقانه عليكي عشان كده سألتك مالك……بس انا
اللي آسفه مش هتتكرر تاني……”
قالت حبيبة بتزمر……
“هو انا بقولك كده….عشان تقوليلي مش هتكرر تاني……….”ثم نظرت حبيبة لمجدي قائلة بغيظ…
“ماتعمل حاجة يامجدي بدل الأكل…..”
زم مجدي شفتيه تارك المقرمشات
جانباً…..
“ياساتر عليكي سديتي نفسي……”
قالت حبيبة ببراءة الأطفال…..
“الحمدلله انها اتسدت…..قول لماهي اني مقصدش…… ”
لوى مجدي شفتيه هازئاً وهو ينظر لماهي…..
“قال بشمهندسة قال……دي طلعت عيله ياماهي…..”
صاحت حبيبة بشراسة….. “مجدي…….”
تراجع وهو يحدث ماهي بسخط…..
“هي فعلاً متقصدش…انتي مش شيفاها…عايزه اللي يصلح لها غلطتها إزاي……نقص اعتذر مكانها….”
قالت حبيبة بمسكنه……
“آلله مش انت بتعتبرني زي اختك الصغيرة…..”
تدخلت ماهي قائلة بابتسامة ودوده…..
“كلنا بنعتبرك زي اختنا الصغيرة….وانا مش زعلانه منك ياحبيبة……..خالص…….”
قالت حبيبة سريعاً بمكر والغيرة تحرق صدرها…..
“بجد….امال ليه…كنتي وقفه بتشتكي لأحمد مني ساعة ماطلعتي المكتب بعد الكلمتين اللي قولتهم…..”
قالت ماهي بتعجب…..
“هو كلمك ولا إيه…انا والله ماقولت حاجة…..يعني
الموضوع مش مستاهل اني اشتكي عن حاجه زي دي…انا بس كنت بكلمه عن ماما وعيط غصب عني……”
يتوهج شعور الغيره بداخلها اكثر من السابق
لذا قالت بعدائية خفيه……
“مامتك لا الف سلامه عليها…… عشان كده بقا كان
بيطبط عليكي…….وشكله كان زعلان عشانك اوي… ”
اومات ماهي وهي ترجع خصلة من شعرها الناعم خلف اذنها……
“آآه…..اصل احمد طيب اوي ومش بيحب يشوفني بعيط……..بيتأثر…….”
لمعة عينا حبيبة بالغضب وقالت….
“بجد بيتأثر ؟!….سبحان الله قلبه رهيف…..”
ابتسمت ماهي بخجل قائلة…..
“يعني….المهم بما اننا اتصلحنا….انا عزماكي على
عيد ميلادي الخميس الجاي…..ها هتيجي……”
قالت حبيبة بابتسامة بارده…. “مش عارفه على حسب ظروفي……بس عمتاً كل سنه وانتي طيبة ”
قالت ماهي بدهشة….. “نفس الجمله اللي قالهالي أحمد…. انتوا حافظين من بعض ولا إيه……”
انعقد حاجبي حبيبة متسائلة….. “اي ده هو احمد جاي…..”
قالت ماهي بفتور……
“آآه وعدني انه هيجي……..ها مقولتيش هتيجي ولا………”
قالت حبيبة بهدوء…….
“لما استأذنهم الأول في البيت يمكن ميرضوش…..”
قالت ماهي مستنكرة….
“إزاي بس ميرضوش هو انتي صغيره……”
قالت حبيبة موضحة بهدوء….
“ملهاش علاقة بسن…على حسب ماتعودت وتربية…”
اومات ماهي بتفهم قائلة….. “تمام ان شاء الله يوفقه…….وانت يامجدي….”
حولت انظارها لمجدي الذي قال بغلاظة……
“في بوفيه ولا اجيب اكل معايا…….”
قالت ماهي بابتسامة رقيقة…..
“متقلقش يامجدي في بوفيه وكل الأكل اللي بتحبه…..”
قال مجدي بمناغشة……
“انا كده اطمنت…..يبقا هاجي…..ومعايا احلى هديه كمان……بتحبي نوع اكل معين……..في تورته كباب انما إيه حكاية ولا تحبي تورتة ورق العنب بالحمه الضاني……”
قالت ماهي ساخرة…….
“انا أصلا نباتيه يامجدي……..وانت عارف….. ”
قال مجدي ببرود….
“خلاص هجبلك حزمتين خص معايا…….”
ضحكت ماهي قائلة بغيظ…. “آآه ياعشوائي……….”
كان حبيبة تقف تتابع حديث مجدي بزهول
خصوصاً مع اقتراح الهدايا الغير لائقة بالمرة…
مما جعل ماهي تبتسم وهي تقول لها….
“اوعي تصدقي ياحبيبة مجدي ذوقه هايل في الهدايا في عيد ميلادي اللي فات كان جايب نوع برفيوم يجنن خدت منه اسمه ومبقتش بستعمل غيره….بس هو طريقته عشوائيه زي اختياروا
في الاكل كده… ”
“مالو اختياري في الاكل دا انا ليه الجنة عشان
قاعد معاكم واحده بتاكل شبيسي بطعم البروكلي…
وبسكوت مملح….. والتانيه نباتيه عايشه على الخص والجرجير…….اسكتوا انت بتسدوا نفسي كل ما بشوفكم……..”بدأ يبحث عن شيءٍ ما في الإدراج فسالته حبيبة بمناغشة…..
“بدور على اي يامجدي……..تحب اساعدك…. ”
“خليكي مكانك…. انا كنت سايب طبق كشري هنا
راح فين….. اهوه…” ابتسم بسعادة وكانه وجد
كنزه الثمين ففتح العلبة وبدأ بالاكل وهو ينظر
لهم بقرف….
فضحكت ماهي وهي تنظر لحبيبة التي شاركتها الضحكة بدهشة ممزوجة بالاستمتاع برؤية مجدي يأكل بنهم بينما يزمجر فيهم بانزعاج….منتقد طريقة اكلهم وزوقهم السيء في الطعام…….
……………………………………………………………..
توسعت ابتسامتها جمالاً وهي تتحسس اطار السيارة من الخارج… كانت سيارة رمادية فخمة اشارة عليها وهي تنظر الى كرم الذي يوليها ظهره وهو يتحدث
مع صاحب معرض السيارات…..صاحت كالمجنونه…
“هي دي ياكرم…..هي دي……..”
استدار كرم اليها بهلع ليجدها تدور حول السيارة
صائحة بسعادة…….
“بجد ياكرم الماركه دي هايله انا عربيتي نفس الماركة دي بظبط………واوو…… ”
اعتذر كرم من الرجل وذهب إليها قائلاً برزانه….
“صوتك عالي يامجنونه….اي متعرفيش تكوني
عاقله ولو نص ساعة……..”
سالته بحماقة……. “عاقلة ازاي يعني……..”
زفر باستياء وهو يضع يده بخصره……
“عاقله ازاي زي الناس يانور……..انا مش جايبك هنا عشان ننقي العربية الجديدة سوا…ونشتري الهدوم اللي قولتلك عليها…….يبقا المفروض نبقى إيه….”
“عقلين……”فتحت باب السيارة ودخلت بمنتهى التكبر وهي ترفع النظارة الشمسية أعلى رأسها
قائلة بدلال لذيذ…..
“بس انا مش بعتمد الكلام ده……..سوري….انا
مجنونه ياكرم…….”
ضحك وهو يميل بوجهه لناحية الاخرى
قائلاً بيقين……..
“والله ما تصدمت اصلي عارف….”
مسكت عجلة القيادة وهي تقول بحماس….
“كويس يلا بقا أركب جمبي……خليني اجرب
عربيتك الجديدة….”
انكمشت ملامحه قائلاً بزهول……
“نعم……هو احنا لسه اتفقنا مع صاحب المعرض….”
اشارت له بان يتقدم ففعل ومالى عليها
فهمست له بتهور…….. “كرم اي رايك نسرقها……”
نظر لها مشدوهاً وقال هازئاً……
“ولما البوليس يجري ورانا ياهبله……”
ضربت على عجلة السيارة وهي تقول بابتهاج…..
“ياي هنعيش مطارده محصلتش……..انا بموت
في الاكشن…….واوووو… ”
مط شفتيه بقرف قائلاً…..
“واوو….. انا بقا نفسي بتموع منه…..انزلي يانور…وبعدين أصلاً مين قالك انك هتسوقي عربيتي……”
قالت بترجي كالاطفال…..
“لا انا اللي هسوقها……..بالله عليك ياكرم……”
قال كرم بحنق……
“بس ياماما انا لسه مدفعتش أول قسط فيها…..عشان تخبطيها…. ”
قالت نور سريعاً ببلاهة…..
“ولي تدفع قسط….صاحب المعرض يعرفني كويس
وبتعامل معاه بقالي كام سنة….انا ممكن ادفع جزء من القسط مكانك والباقي انت سدده بعد كده…..”
أشاح وجهه لناحية الأخرى وهو يزفر
بغضب….
“نور اطلعي من العربية وروحي……”
خرجت من السيارة وهي تقول بحزن..
“لي بس كده ياكرم……. انا قولت اي زعلك…..”
نظر لعيناها الجميلة وقال بعتاب….
“كل حاجة بتقوليها بتزعلني……..”
قالت نور معتذرة برقة…..
“طب انا اسفه حقك عليا انا مقصدتش حاجة
والله….”
قال كرم بانزعاج……
“متكرريش حوار الفلوس دا تاني يانور لو
سمحت….”
حاولت رضاه فقالت سريعاً بانصياع….
“خلاص اوعدك مش هكرره تاني……..انا اسفه…..”
قال كرم بهدوء………
“حصل خير….وكده كده يعني مصير قسطها تخلص…..مش كده…….”
اومات براسها وهي تتبسم لعيناه البنية بحب….
قال كرم لها قبل ان يرحل……
“هكلم صاحب المعرض نطلع بالعربية مشوارنا
على مايكون هو ظبط الأوراق……”
صعدت جواره بسيارة وبدأ في تدويرها وهو يسمي آلله فقالت نور وهي تراقبه باستمتاع…..
“بتعرف تسوق ولا نص نص……”
اجابها وهو ينطلق بسيارة بحذر……
“لا بعرف اسوق…..من وانا عندي سبعتاشر سنه…كنت باجر العربيات اللي يعني على قدها بس ملاكي وانزل انا واحمد نعاكس البنات على طريق الـ…..”أنتبه انه
تعمق في الرد فتنحنح قائلاً……
“يعني متعلم سواقه من زمان…….”
قالت نور بغيرة وهي تنظر اليه بطرف
عينيها….
“هما كانوا حلوين البنات اللي بتعاكسهم دول….”
قال بصراحة….. “هو انا مكنتش ببص على وشهم أصلا…….”
سالته بسخط….. “امال كنت بتبص على إيه……”
أبتسم كرم بمكر وهو يوضح الأمر بنظره بسيطه
على جسدها………..زحفت الحمرة لوجنتي نور
وهي تصيح بغضب……
“انت قليل الأدب…….”
ضحك كرم قائلاً وعيناه على الطريق….
“الله مش انتي اللي سألتي……”
قالت بانزعاج…..
“وحتى لو سألت……..إزاي تبصلي زي ما بتبصلهم…”
قال كرم بجدية…..
“بطلي هبل انتي حاجه تانيه……..اوعي تشبهي
نفسك بحد اتفقنا…….”
سالته بفضول……
“اتفقنا…….بس هو انت لسه بتعمل كده……”
نظر لها بطرف عيناه وقال بمزاح غليظ….
“لسه بعمل إيه بروح الاماكن دي عشان اعاكس
ومتع عيني….لا لا انا كبرت يانور…..وبقا معايا
تلفون تاتش دلوقتي وفي كل حاجة……”
لكزته في كتفه وقد احمر وجهها
بالغضب…..
“اي الهزار الغلس ده……..قليل الأدب…. ”
من بين ضحكاته قال بصعوبة…..
“هكلم بجد خلاص….هو بصراحه اللي كان بيشجعني على الحاجات دي زمان أحمد لكن دلوقتي بقيت
راجل مسئول وليا معجبيني……”
مطت شفتيها بغيرة قائلة….
“وجهت نظر برضو……….ينفع اسألك سؤال
مجنون…..”
قال وعيناه مثبته على الطريق…..
“اسألي يامجنونة……”
قالت بجراءة…..
“هو انت عمرك بوسة واحده قبل كده…….”
من شدة الصدمة فقد تركيزه وكاد ان يصطدم بسيارة اتيه عليه لولا انتباهه ومهارته في تخطي السيارة
في آخر لحظة…….. وحينما تمالك اعصابه صاح
بدهشة ممزوجه بالغضب…..
“الله يخربيتك يانور………كنت هلبس في العربية..
دا سؤال…….”
قالت بحرج….. “قولتلك سؤال مجنون……”
قال من بين اسنانه بشراسة…..
“لا دا مش مجنون دا عايز يتربى وبشبشب…..”
لوت شفتيها قائلة بحنق….
“الله انا غلطانه اني سالتك….”
قال بانزعاج وهو ينظر اليها….
“متسأليش تاني……”
لم تمر الدقيقة إلا وقالت مندفعه بفضول
انثوي……. “لا مانت هترد……”
ابتسم وهو يهز راسه باستياء…
“وتدفعي كام بقا عشان أرد……”
قالت ببساطه…… “مية جنية…….”
رفض قائلاً….. “لا مش بلعب على فلوس…….”
سالته حائرة…… “امال عايز إيه………”
نظر اليها وقال بإبتسامة رائعة خطفت قلبها
معها…. “صوره……….صوره معاكي……..”
قالت مبتسمة لعيناه….. “ماشي اتفقنا……….”
اوقف السيارة وهو يقول بغلاظة…… “اي يابنتي السهوله دي……”قالت وهي تضع ذراعها على كتفه كي يلتقط الصوره على هاتفه…….
“بطل غلاسه………….”
قال بمناكفة…… “نفسي مرة تقولي لا……..”
قالت بحب يضوي في عينيها
وصوتها……
“ساعتها هتزعل وانا مبحبش ازعلك……..”
تعلقت عيناه بعينيها وهو يسالها بهمسٍ
أجش…
“بتحبيني لدرجادي يانور……….”
صمتت لبرهة امام عناق عيناه…. وحينما طال
الصمت وانتظار اجابتها بقلب عاشق متلهف لها
قالت بهروب من عيناه وسؤاله……
“بص للكاميرا……..”
اشاح بعيناه عنها بصعوبة وهو ينظر للهاتف وتم التقاط الصورة وهي تبتسم بشرود حزين متذكرة رفضه الدائم لها ولحبها…….. لماذا يطلب الان
اعتراف تخشى البوح به مجدداً……
ابتعدت عنه وهي تنظر لناحية الاخرى بصمت
لتجده يقول بهدوء…….
“انا عمري ما قربت من واحده باي شكل من الأشكال
يعني كان اخري مكالمة وخروجه….وساعات كنت بمسك ايدها بس…….”
قالت ساخرة وهي تقلب حدقتيها للناحية
الأخرى. “بجد……محترم ياكرم…….”
ضحك بزهو وهو يؤكد على سخريتها…..
“انا بقول كده برضو…..بس يعني كانت ايام شقاوة والواحد كان واخدها تسليه….واللي كنا بنخرج معاهم كانوا بيتسلوا برضو زينا…….”
نظرت اليه متسائلة….
“كنا بنخرج !!…..قصدك انت وأحمد……”
اوما براسه وهو يدير السيارة ثم قال…..
“هخرج مع مين غيره….انا محدش بوظني غير الود أحمد……….بقولك إيه….. احنا نطلع على المول نتغدى وبعدين نلف فيه شويه ونجيب الكام الطقم اللي عايزهم……. ”
اكتفت بايماءة بسيطه تليها ابتسامة صافية كحبها
كطباعها كمعدنها…….. صافية الروح والحب
كـ نور توفيق الشامي……..

بداخل المول جلسا على أحد الطاولات المستديرة
امامهم شطيرتين من البرجر بالمقبلات والعصائر
إرجعت نور خصلة من شعرها للخلف وهي تخرج هاتفها من حقيبتها الصغيرة جداً……..سألها كرم
وهو يضع واحده من البطاطس في فمه…..
“انتي بتعملي إيه…….هو دا وقت تلفون……”
“هصور الأكل……. شيل إيدك……”قالتها وهي تلتقط صورة للطعام الموضوع امامهم….مما جعل كرم
يلوي شفتيه بقرف قائلاً……
“اي ده انتي طلعتي منهم….”
رفعت الهاتف عليها والطعام جوارها وتم التقاط الصورة وهي تمد شفتيها كالبطه بمنتهى الطافة
والجمال……قالت وهي تشاهد الصور……
“انا بحب اتصور في كل خروجه…….حاجة للذكرى…وكمان عشان انزلها على الاستوري……”
ثم نظرت إليه وقالت وهي تبدأ بمسك شطيرة البرجر…….
“مش هتاكل……..هتفضل تبصلي كتير……..”
استقام في جلسته ومد يده هو أيضاً للشطيرة قائلاً…. “لا هاكل……..”
بدءا ياكلوا الطعام بصمت لا يخلو من النظرات المتبادلة…..حتى قطع الصمت صوت كرم الذي
أراد البوح ببعض الأشياء عنه…….
“تعرفي اني بدأت تصوير في مسلسل جديد…يعتبر
بطل تاني فيه…….”
قالت ببرود…… “مبروك……”
انعقد حاجبيه متسائلاً……
“مبروك !!…….كانك مش متفاجئه يعني…..”
قالت بضجر وهي تمسح فمها بالمنديل……
“فانزك قايم بالواجب……كل اخبارك بتوصلي من الصفحات بتاعتهم……..”
لمعة عيناه بصلف فقال
“يسلام هما كتير فانزي دول…….”
قالت بصوتٍ ناعم مغتاظ…….
“السؤال ده تساله لنفسك…..اكيد عارف هما قد إيه………”
قال باستهانه وهو يرتشف من كوب العصير….
“يامه ولا شويه مش فرقلي أصلا…….”
قالت نور ممتعضه وهي تنظر إليه بغيرة……
“يسلام حتى لو قولتلك ان في واحده طلعت لايف بتعيط عشان نفسها تجوزك وانها شيفاك فارس أحلامها……. ”
ضحك ضحكة تقطر زهوٍ ليس بسبب القصة الحمقاء التي تحكيها بل بسبب تلك الامعة المجنونه التي تتوهج بعينيها الجميلة معبره عن غيرتها عليه….
“لا والله واي كمان……..”
قالت نور بحرقة وهي تشيح عيناها عنه
بقرف…..
“وواحده تانيه طلعت قالت انكم بتحبوا بعض وبتكلموا على الشات دايما……..ولايف كمان…..”
رفع حاجبه سائلا بدهشة حقيقيه….
“بجد واي كمان…….”
“وفي واحده قالت انها حامل منك……”
لفظت الجملة بصوتٍ عالي انتبه لها الجميع….
لم يعطي كرم للاعين المحيطه بهم اهتماماً…….
بل سالها بصدمة قوية…..
“ينهار أسود…………قولي والله…….”
اومات برأسها موضحه وهي تصارع انفاسها العالية غضباً وغيرة…….
“ااه والله بس في الاخر طلعت بتعمل دا كله عشان تلم ريتش على قفاك………”
زفر كرم بارتياح قائلاً بخبث……
“شوفتي إزاي انا مظلوم……….من فنزاتي……”
قالت بتبرم والغيرة تتوهج بعينيها وقلبها….
“أيوا مظلوم….. بس ده يدل انك نجحت تعلقهم بيك…….”
قال وهو يداعبها بعيناه البنيه الشقيه…..
“مظلوم يانوري……انا عمري ما علقت واحده بيا…
هي واحده بس اللي خطفت قلبي من وهي عيله بضفاير……”
قالت بتذمر وهي تضرب كفه المرتاح على
الطاولة…. “بس متقولش عيله……..”
نظر لكفه ثم عاد لعينيها بتساؤل
ماكر….
“اي ده هو انتي تعرفيها…….”
قالت بكذب وهي ترجع خصلة من شعرها
للخلف….
“انا خالص….انا حتى كنت هسألك مين دي……”
ابتسم بعبث قائلاً…. “بجد……يعني مش عرفاها……”
قالت بنفي وهي تدعي البراءة….
“هعرفها منين…….يعني ممكن تقولي اسمها أسهل….
أو أول حرف من اسمها……..”
لوى كرم شفتيه قائلاً بتفكير عميق….
“أول حرف….تقريباً عين او او غين…..مش عارف نسيت……..”
اصابها الاحباط لذا نهضت وهي تعقب بوجوم…. “والله…….دمك خفيف أوي…….”
نظر لوقوفها بحيرة…… “راحه فين يانور…….”
قالت وهي تبعد المقعد للخلف قليلاً…….
“هغسل ايدي……..شويه وجايه……..”
عندما عادت بعد دقائق ورفعت عيناها على الطاولة
الخاصه بهم وجدته محاط ببعض الفتيات اللواتي
بدا في التصوير معه بينما جزء آخر يبدأ معه فقرة الميوعة……..
زمت نور شفتيها واشتعل صدرها كأتون ساخن وهي تقف مكانها تتابع ما يحدث بوجهاً مكفهر…وحينما ابصرها كرم تبسم لها بحرج وعيناه تعتذر عن ما يحدث…..وقبل ان يناديها كي تقترب منه قالت
فتاه مائعه بجواره وهي تحرك راسه نحوها…….
“بص للكاميرا ياكرم……أرجوك…….وياريت تضحك بصراحة ضحكتك تجنن….دا غير صوتك وهزارك
في لايف بجد واوو جنتل مان….. ”
قالت فتاه اخرى بنعومه مقصوده…..
“كرم هو انت ليه بطلت تنزل حاجات على
التيك توك……”
قالت فتاه أخرى بتأثر مائع نحوه…..
“ايوا ياكرم….التيك توك مضلم من غيرك…بجد انا بقيت اعيد فيديوهاتك كلها من تاني……”
تدخلت فتاه اخرى وهي تلتصق بكرم بخبث
حنى تلفت انظاره لها……
“انا بقا ياكرم……حفظتهم صم……تحب
اسمعهوملك……”
غمز لها كرم وهو يقول بمزاح….
“لا خليها الحصه الجايه لحسان جرس الفصحه ضرب….”
ضحكت الفتيات بقوة وبدأت بوابل الإعجاب منهن تنزل عليه كالمطر…وهو بينهم يوزع الابتسامات
ويرد بالباقة حتى لا يكسر قلب معجباتوا
السخيفات……..
انفجرت مرارة نور امام هذه السخافة والميوعة الزائده عن الحد….واثناء وقوفها وتفكير في اخراجه من بين هذا الحشد الانثوي وجدت من تضع يدها على كتفه اثناء التصوير لذا صاحت وهي تدعي الاغماء قائلة بميوعه تنافسهن قوة فهي حركة
قلب العاشق نحوها بقوة……
“آآه كرم الحقني…….”
وضعت يدها على راسها وهي تترك جسدها تستقبله الارض الصلبه لكن قبل ان تفعل التقطها كرم بين ذراعيه وهو يمهس بقلق نابع من قلبه…..
“نور……….حبيبتي انتي كويسه……”
خفق قلبها بجنون مما جعلها تكمل وصلة التمثيل
بمكر انثوي……لتجده يميل عليها هامساً وهو يلفح وجهها بانفاسه الساخنة……
“نور……حبيبتي ردي عليا….اي اللي حصلك بس….”
اتت واحده من الفتيات ومعها زجاجة ماء….أخذ كرم منها القليل ووضعه على وجه نور التي فتحت عينيها
ببطء وحركت حدقتيها وهي تقول بتيه……
“اي ده………. انا فين……”
زفر كرم بارتياح وهو يسندها كي تقف على
الأرض اكثر….. “الحمدلله انك فوقتي…يلا بينا
نروح المستشفى عشان اطمن عليكي….”
قالت بامتناع وهي تبلع ريقها بتوتر…..
“مستشفى….لا لا انا كويسه…دي دوخه بسيطه
مش مستاهله……..”
قال كرم بتصميم….
“هو إيه اللي مش مستاهله يلا بينا يانور…..”
اقتربت منه امام اعين الفتيات وقالت وهي تضع يدها على لحيته النابته والمنمقه كذلك…..
“ياحبيبي والله انا كويسة صدقني…..”
بلع كرم ريقه وقد ضاع بين لمسة يدها بل تناسى من حوله وبقت عيناه متسمرة عليها بقوة اشبه بسحر
القى عليه للتو فجمده…..بينما هي نظرت الى
الفتيات ببرود وهي تضع يدها بيده ثابته ملكيتها له…….
سالها وعيناه مسحورة بتأمل وجهها الجميل….
“بجد كويسه يانور……….حسى انك لسه دايخه…. ”
ابتسمت بدلال…..وهي تشعر باشتعال الاعين من حولهم…….
“والله مافي حاجة ياكرم……يلا بقا بينا عشان نكمل الشوبنج بتاعنا……..”
مسكت يده بيدها وسحبته معها لسلم الكهربائي
بينما هو يسير معها بتوله……..ومزالت لمستها على صدغه وكلمة (حبيبي)تذيب حواسه وقلبه معها…..
بدات تبحث له بتأني وتركيز عالي عن ملابس كاجول انيقة شبابيه تضاهي ذوقه الخاص……. بينما هو يقف
يشاهد ما تفعله برضا تام وعيناه تذوب حبٍ عندها…
كانت انيقه جداً بفستانها الفيروزي وشعرها الأسود الطويل الناعم والذي يداعب خصرها بدلال رغم انها ترفعه على شكل ذيل حصان…….جميلة الاميرة ذات الملامح الاغريقية التي تضج بهاء ودلال……بجسد ملفوف كعارضات الازياء بل هي اكثر فتنه منهن….
كانت تسير بخطوات انيقه لها ايقاع يخفق قلبه معها
يشعرهُ انها لا تسير على الأرض بل تسير على حافة قلبه وتزيد عذابه وشقاءه في حبها المعذب لفؤاده……
آآه يانوري…..كيف امتلككِ ياحبيبتي أريد ان المسك
يانور اقبلك بقوة اعانقك بشدة أريد ان اشتم رائحتك وان ادفن وجهي بجيدك الناعم….اريد ان أبحر بشفتي على وجهك اتذوق طعم الشهد بملامست بشرتك الناعمة………نوري أريد انا اسمعكِ
تتأوهِ باسمي وانا انهال منكِ مفرغ اشواقي داخل احضانك الدافئة……….
ولكن أريد ان أفعل كل هذا معكِ في الحلال هل
هذا يدل على اني قديس في حبك…..ام انه يدل
على اني وقح لعين لا يعرف كيف يسيطر على مشاعره أمام جمالك سيدتي…….فانتي بلمسة تخلقي فوضى لذيذة الشعور ولكن جموحها يزداد كلما ازداد
الحرمان ؟!……فكوني بخيله معي ولا تتركي
لشيطاني العبث بنا معاً…………
استدارت له نور وهي تحمل بين يداها طاقم
شبابي أنيق وقالت بإبتسامة رائعة……
“اي رأيك في ده…..”
اوما براسه وهو ينظر للطاقم بين يدها بصمت….انعقد حاجبي نور اثناء صمته الغريب
هذا فقالت بشك وهي تنظر للطاقم مرة أخرى…..
“شكله مش عاجبك….هشوفلك حاجة تاني….”
ذاب شروده وهو يقترب منها قائلاً
بخشونة…
“لا كويس……. هاتي اقيسوا…….”
قالت بحماسية…. “هتطلع تورهوني…….”
اكتفى بايماءه وهو يبتسم لها مغلق الستائر عليه
في الجحر الخاص بقياس الملابس…..
وبعد مدة خرج وهو يرتدي الطاقم الذي ازداد به وسامة وتغير به بشكلاً ملحوظ….. وكما توقع لها
ذوق رائع ساعده على التجدد في تغير نمط لبسه المعتاد…..
اقتربت منه نور بابتسامة تقطر عسلاً وهي
تقول بفخر……
“اي رايك ياكرم….بجد حلو اوي عليك….”اثناء حديثها بدأت تعدل ياقة القميص وتشد القميص برفق من ناحية الاكتاف وهي تقول بتذكر….
“آآه نسيت البليزر…….استنى……”
ابتعدت خطوتين واتت بسترة عصرية الشكل
باللون الجملي……وساعدته في إرتداء السترة
وهي تقول……..
“هتبقى شيك اوي على القميص بس استنى….”
حينما ارتدى السترة مسكت ذراع السترة وبدأت تعكفها له وهي تقول بتركيز شديد تنافس بهذا
الاهتمام والدقة مصممة أزياء تعمل بجد كي
تنال إعجاب جميع زبائنها !!……
“هتبقى اشيك لو رفعت الكمام شويه……اي
رايك كده……..”
اشارت على المرآة جواره فنظر لها وهو يهندم ياقة السترة وطل الرضا والاعجاب من عيناه فقال
لها…….
“حلو اوي يانور……….تسلم إيدك…. انتي كده هتخليني اطمع فيكي واخدك في المشاوير
اللي زي دي……..”
قالت بابتهاج وهي تنظر إليه…..
“ياريت انا بحب اوي اشتري البس وبذات
الاستيل الرجالي…. بحب الاستيل بتاعتكم اوي….
انا اوقات بسرق من يوسف الهدوم بتاعته…….”
تنهد بوله وهو ينظر للمرآى مجدداً بعذاب….
“عقبال ما تسرقي مني انا كمان…… انا مش
همانع أبداً…….”
جارته بالحديث بجسارة….”خالص…….”
ابتسم بجاذبية وهو ينظر اليها
بصدق….
“خالص والله…….بس قولي يارب… ”
قالت بتساؤل…… “يارب…. بس على إيه……”
قال بتوله وعيناه تعانق عينيها…..
“اللي نفسي فيه يتحقق…….”
مجدداً تساءلت الاميرة الجريئة….
“وإيه بقا اللي نفسك فيه….”
هرب منه الإجابة وهو ينظر للملابس المرصوصه
امام باهتمام……
“احنا هنقعد اليوم كله في طقم واحد ولا ايه
نقي اللي بعضو بقا يانوري……حاجة على ذوقك
كده زي اللي فات….. ”
اومات براسها قائلة بجدية……
“ماشي بس نختار سوا….بلاش تفضل واقف كده تتفرج عليا…….”
هز رأسه بالموافقة وهو يقترب منها وبدءا الاثنين في اختيار الملابس بجو مفعم بالحب لا يخلو من المزاح والحديث المبطن منه والذي يدل على انه
بدأ ينهزم امام جسارة حبها………..
…………………………………………………………….
جلس ابراهيم على المقعد وهو ينظر لعمار الجالس في الجهة الآخر والذي قال حائراً وهو يحرك المسواك على اسنانه بحركة رتيبه تدل على التفكير العميق….
“يعني أرن عليها من على تلفوني… وهقولها إيه……”
مالى ابراهيم للامام سانداً بساعديه على سطح المكتب وهو يجيب ببرود……
“اي حاجة المهم اتأكد من صوتها…….ساعتها اجبها قدامي هنا وشوف مين اللي زقها عليا……”
حرك عمار المسواك اكثر على اسنانه وهو يقول بحياء…
“مانا برضو ياخي مينفعش اكلم واحده في التلفون وتلاعب بيها دي مش اخلاقي…… عذراً…”
زمجر ابراهيم بغيظٍ منه فهو يحاول اقناعه منذ
ساعة…..
“جرالك اي ياعمار مانا لو كلمتها هتعرف صوتي…. والخطه هتبوظ وساعتها مش هعرف هي ولا مش
هي…..”
حرك عمار المسواك على اسنانه قائلاً بشرود
مفكراً بعمق…..
“لا إله إلا الله… استغفر الله العظيم……. لا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم………”
زمجر ابراهيم مجدداً بنفاذ صبر…..
“لا كده كتير في اي ياشيخ……هو انا بقولك امشي معاها في الحرام…. دي مكالمة تلفون مش هتكمل دقيقة…. ”
قال عمار بضيق…….
“استغفر الله العظيم……. انا هكلمها كلمتين وهقفل….
اتفقنا……”
اوما ابراهيم باستحسان للفكرة….. “اتفقنا….”
أجرى عمار اتصال بالرقم الذي اخذه من احد العاملات… والخاص بسهيله فتح مكبر الصوت وبدءا الاثنين بانتظار الرد……فُتح الخط بعد دقيقة
فتنحنح عمار بحرج قائلاً..
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…. الاخت سهيلة….”
انساب صوت سهيلة بتوجس……
(ايوا……. انا……)
نظر عمار الى ابراهيم مخبره بالاشارة انه سيغلق الخط بعد ان سمع صوتها ولكن ابراهيم رمقه بقوة كي يتابع المكالمة للتأكد اكثر من هاوية الصوت….. تنحنح عمار مجدداً وهو يفكر في مد المكالمة
اكثر…..
“حضرتك اسمك سهيلة محمود عبدالباري……”
قالت بنفي وهي تصلح خلفه….
(لا لا يافندم… انا سهيلة اشرف عبد الباري….. انت
بقا مين……..)
لفظ سريعاً قبل ان ينكشف امره….. “انا معجب…….”
توسعت عينا ابراهيم وهو ينظر لعمار بدهشة والذي أحمر وجهه بحياء ذكوري وهو يسمع سهيلة تقول باستنكار…..
(معجب !!….معجب بيا انا…..انت تعرفني منين أصلا…..)
قال عمار بهدوء محاول حبكة الكذبة….
“سمعتك عنكِ كل خير ياخت سهيلة…. اولاد الحلال دلوني عليكِ فانا قصدي شريف والله………”
اجابته سهيلة بدهاء انثوي…..
(صادق ياخويا…. بس برضو انت مقولتليش انت مين……)
قال عمار بتلعثم…. “انا……. انا واحد ابن حلال……”
مصمصت بشفتيها قائلة بحنق…(عجايب……المقدمه دي عرفاها كويس هتطلع في الاخر عايش في عشه فوق السطح يام مع امك في اوضه… وفي الآخر هتقولي بس انا ابن حلال وشاري……..)
قال عمار بخشونة….
“اينعم انا ابن حلال وشاري…… ”
ظهر امتعاض سهيلة وهي تنهي المكالمة…..
(يفتح الله…. ومن غير ما اعرف اسمك سلام يابن الحلال…….)
اغلقت الهاتف في وجه عمار…. فقال ابراهيم ساخراً رغم الغضب البادي عليه بعد التأكد من انها هي التي تلاعبه منذ اسابيع بمكالمتها الرخيصة……
“انت اخر مرة كلمت واحده ست كانت امته…..”
قال عمار منزعجاً…….
“من غير تريقه… احمد ربنا اني وفقت اطول في المكالمة شويه…… ها قولي هتعمل إيه…….”
اردف ابراهيم بنبرة سوداوية……
“انت تتصل ببتاع الامن تحت يطلعها على هنا… خليني اعرف بقا مين اللي زقها عليه…….”
بالفعل بعد دقائق كانت الفتاه تطرق على باب مكتب ابراهيم وكان عمار يجلس معه يعملون على بعض الملفات…….
دخلت الفتاه فنظر لها ابراهيم سريعاً كانت فتاه في عمر الثامنة عشر من عمرها ترتدي بنطال جينز يبرز ساقيها الممتلئة عليه ستره من اللون البني الخاصه بالشركة لكنها فصلتها بشكلاً ملفت جعلتها ملتصقها بجزءها العلوي اكثر لتبرز جسدها الممتلاء بمبالغه وقحة….. كانت تغطي شعرها بـ(تربون…)وباقي
رقبتها مكشوفه حتى اذنيها يتدلى منها الاقراط الطويل الملفت..
كانت حالة غير مريحة للنفس سواء بطلتها وملابسها
ونظراتها……نظراتها كانت معلقه عليه تداعبه في الخفاء وبمنتهى الحيل والدهاء الانثوي تجاريه بنظرات لعله يسابقها لوعةٍ……
تحدث ابراهيم وعيناه ثاقبة عليها…..
“انتي سهيلة…….”
قالت بميوعه وهي تهتز بوقاحة….
“خدمتك سهيلة……”
نظر لها عمار نظرة واحده ثم اخفض انظاره بحرج وهو يستغفر ﷲ………
اسبل ابراهيم عيناه وهو ياخذ هاتفه ويجري اتصال على نفس الرقم الذي يطارده الاسابيع السابقه…..
حينما صدح هاتفها معلن عن إستقبال اتصال امامهم توترت حدقتي سهيلة وهي تنظر إليهم……..
فقال إبراهيم ببرود……
“افتحي ياسهيلة……رقمي ده….اكيد مسجلاه عندك…..”
اخرجت سهيلة الهاتف وهي تنظر الى رقمها الذي تحفظه على ظهر قلبها……….
انتهى الرنين بين نظرات قوية من إبراهيم وهلع من سهيلة التي بدأت تتوتر اكثر وينتفض قلبها بخوف……
نظر ابراهيم اليها بقوة مخيفه سائلا إياها سؤال محدد……
“مين بقا ياحلوة اللي زقك عليا……وجبتي
رقمي منين….”
نظرت الفتاه لعمار قائلة حرج……..
“ينفع نتكلم لوحدنا…….”
كان سينهض عمار لكن ابراهيم اوقفه وهو ينظر
للفتاه باقتضاب……..
“هاتي اللي عندك…………مين اللي مسلطك بقا عشان
تعملي الفيلم دا…….. ”
قالت الفتاه بوقاحة وتباهي ولم تهتم بوجود عمار الذي رفض النظر اليها مجدداً……
” محدش مسلطني ولا انا بعمل فيلم عليك…..انا بحبك ياسي ابراهيم…..ومعنديش مشكلة خالص اكون زوجة تانيه او حتى تالته…..زي ماتحب
المهم تجوزني وانا اعيش خدامه تحت
رجيلك………”
انصدم ابراهيم من جراءتها المستفزة لحواسه فقال
بغضب مكبوت……..
“انتي شربه حاجة….. واعيه للكلام اللي بتقوليه…….”
ازدادت وقاحة وهي تخبره بمكر……
“والله واعيه…..سي ابراهيم انا بحبك والله ونفسي اكون خدمتك……..انا مستعده اعمل اي حاجة بس متبعدنيش عنك ……”
زفر بوجوم وهو يتحدث بنبرة كالفولاذ
الصلب…….
“استغفر الله العظيم……خدي بقيت حسابك وامشي…وانا هنسى اللي حصل……بس لو فكرتي تاني تلعبي معايا لعبه رخيصه زي دي هتزعلي مني….وهتزعلي جامد كمان…..انا مش محتاج خدامه ياشاطره ولا انا عايز اتجوز لا تاني ولا تالت……..مراتي اللي كلمتيها في التلفون وسمعتيها كلام ملوش لازمه…. ماليه عليا حياتي وعيني وقلبي….وانا مش بريل يعني عشان أول ماتيجي عيله زيك تعرض نفسها عليا اقولها آمين…….انا راجل متجوز ومعايا عيال…..وتقريبا لو كنت اتجوزت من عشرين سنه كنت جبت عيال قدك…..فانا هعدي الهبل اللي عملتيه ده…….عارفه ليه……”
نزلت دموع الفتاه وهي تنظر اليه بقلب
مكسور……فتابع ابراهيم بعد ان أدرك عمرها الحقيقي…….
“عشان انتي عيله صغيره………وعارف ومتأكد انك كنتي بتتسلي……….”
نزلت دموعها وهي تقول ببكاء
ماكر…..
“انا مش بتسلى ياسي ابراهيم انا………”
اشار لها انت تصمت وهو يقول بقرف…..
“خلصنا خدي حسابك وامشي……عمار…..اديها
الملف بتاعها ومشيها………”
نهض عمار قائلا وهو يشير للفتاه بالخروج…….فنظرت الفتاة لابراهيم بحسرة فهي خسرت زيجة كانت من الممكن ان تنشلها من الفقر هي وعائلتها…….ربما فشلت في تصويب الهدف واختارت بغباء فريسة اقوى من ايقاعها بالفخ…..
مرر ابراهيم يده على وجهه وهو يزفر بقرف…..كيف تغيرت الأخلاق بتلك الطريقة وأصبحت المرأة هي من تعرض نفسها على الرجل بل أحياناً تسعى
لخراب حياته الزوجية لتحتفظ به لنفسها……..
………………………………………………………………
بعد يوماً طويل من العمل اوقف السيارة امام مبنى البيت وترجل منها وهو يرفع عيناه على شرفة شقته
فوجد الظلام يخيم المكان…..اخرج تنهيدة غيظٍ وهو متوقع انها ذهبت لمنزلها مما جعله يرفع عيناه في لحظة على شرفة شقة والدتها ليجد ظل بيتعد عن الستاره سريعاً…….
زفر بحنق وهو يشعل سجارته سانداً بظهره على حائط مبنى منزلهم وعيناه معلقه على الشرفة المغطى بالستائر……….مسك هاتفه واجرى اتصال
بها…….فتحت الخط سريعاً وهي تدعي الإزعاج….
(الو…….خير…….)
كبح غيظه منها وهو ينفث من سجارته
بشراهة قائلاً…….
“انتي فين ياهانم………”
قالت سمر بتهكم……
(عند اهلي….زي مانت عايز…….مش قولتلي روحي عند أهلك…..)
وضع السجارة بين اسنانه وهو يقول ساخراً….
“بسم الله ماشاء الله دانتي طلعتي شاطره و بتسمعي الكلام اهوه……..اشمعنا في دي
سمعتي الكلام…..”
اخرجت تنهيدة متعبه وهي تساله
بغيرة…..
(متغيرش الموضوع انت كنت فين…..عندها….)
زفر الدخان رمادي ببرود قائلاً…. “تقريباً……”
صاحت كالمجنونه باسمه والغيرة تتغذى
على احشائها….(ابراهيم……)
رد بهدوء غريب وكان مابينهما أعمق من محوه
بخصام………
“بطلي جنان انتي عارفه كويس اني كنت في الشغل…..لا بروح يمين ولا شمال……..بقولك إيه… ”
قالت بصوتٍ متهدج…….(عايز إيه……)
قال وهو ينظر للشرفة بشوق ينبض في صوته وعيناه…. “ارجعي ياسمر………روحي البيت انتي ومكه……”
تغلب العناد عليها فقالت بكبرياء….
(مش هرجع يابراهيم غير لما اعرف مين دي
وعايزه منك إيه……)
اخبرها بصوتٍ هادئ….
“لم ترجعي هقولك….اسمعي الكلام وكفايه جنان.. ”
قالت بحرقة وهي تبلع غصة البكاء…..
(الجنان الحقيقي اني ارجع بعد اللي قولته…..انت طردتني يابن راضي كان هاين عليك ترميني برا شقتك…….)
انعقد حاجبيه وهتف بغضب هائل….
“اي الهبل اللي بتقولي ده……”
قالت باكيه….
(آآه مانت مشوفتش نفسك كنت بتكلمني إزاي…)
تحدث ابراهيم بعصبية معاتباً إياها….
“وانتي عملتي اي ياسمر…عملتي اي بعد مسمعتي المكالمة….صدقتيها….وكدبتيني وكدبتي كل اللي
بينا بعد كلام اهبل ميدخلش ذمتي بنكله……..”
صاحت سمر بغيرة وهي تمسح دموعها من الناحية الاخرى…..
(كنت هموت من الغيرة عليك حط نفسك مكاني ياخي واعذرني……دا بدل ماتخدني في حضنك وطبطب عليا……. وطمني…….تسبني وتخرج
بعد ما سمعتني كلام ملوش لازمه…..انا مبقتش قدره اتحمل عصبيتك يابراهيم مبقتش قادره اتحملها…)
عاتبها بوجع……وهو يدعس السجارة تحت
حذاءه……
“مش قادره تتحمليني ياسمر…..دا اخر كلام
عندك……”
اجابته بتبرم…..
(ايوا اعمل نفسك انت اللي زعلان وانا اللي
المفروض ارضيك……..)
تحدث بغيظٍ وهو يشعل سجارة أخرى……
“انا مش عايزك تراضيني براحتك البيت مفتوح….
منين مابيتك يوحشك تعالي…….”
بعد صمت طال ولم يغلق احداً منهم الهاتف
فقالت سمر بتردد……..(هتنام……..)
“وانا من امتى بعرف انام وانتي ومكه بعيد عني……برضو مش هترجعي……..”اجابها بصوتٍ أجش زلزل وجدانها فذابت عينيها بالحب
معه…….وطال صمتها ولم تجد رداً مناسباً
فقال هو بجزع لها…..وقد تحكمت به
طباعه الحادة مجدداً……..
“خليكي براحتك ياسمر بس لعلمك انا مش
هاجي اخدك…..زي ما خرجتي ترجعي…..”
اشتعلت عيناها سريعاً بالغيظ فقالت
بتحدي…
(وانا مش هرجع يابراهيم……..)
“هترجعي ياسمر…. ولوحدك…….” صمت
قليلاً ثم قال…….
“فين مكه…….”
ردت بحنق…..(موجوده……)
“خليها توقفلي في البلكونه….. ونزللها السَبَت….
هديها حاجة…….” ثم تحدث سريعاً بغيرة…..
“البسي حاجة مقفوله وانتي طالعه البلكونه…….
ولمي شعرك…….. ”
أرادت اغاظته فردت بلسان معوج….
(ممم أفكر……)
زفر وهو يحدثها بحزم……
“متستفزنيش يابنت الناس….. اسمعي الكلام……..”
بعد دقيقة خرجت الى الشرفة وبيدها الصغيرة مكه التي نادت عليه ضاحكة بعد ان حملتها امها على يدها….
كانت البهيه ترتدي عباءه بيتي بنصف كم تخفي ذراعيها بشالها الأسود المحيط منكبيها وكان شعرها
الغجري مرفوع للاعلى بفوضويه خلقت لكي تفتن عيناه ويضيع تأملاً معها…….
رمقته بنظرة عتاب وهي تنزل السَبَت إليه…. فتقدم منهم ووقف أسفل الشرفة يداعب صغيرته بعدة كلمات… قائلاً في النهاية لها وهو يضع قطعتين
من الشوكلاته البيضاء المغلفة في السَبَت….
“كوكي الشوكلاته دي عشانك انتي وماما….”
نظر لسمر مجدداً فرفضت ان تجاري نظراته وهي ترفع السَبَت للأعلى لتجد قطعتين من الشوكلاته المغلفة به ومبلغ من المال…….
مسكت سمر رزمة الاموال بيدها وسألته بالاشارة
عنها….. فقال هو بهدوء……
“خليهم معاكي…… عشان لو عوزتي حاجة انتي مكه……”
اومات براسها دون ان تبتسم فوجدته يشير لها بتملك ان تدخل الشقة ففعلت بوجهاً مكفهر متمتمه…..
“تحكمات حتى وانا بعيد عنك………”
………………………………………………………………
صعدت على السلالم بقلبٍ يخفق بقوة جنونيه بينما تعابير وجهها جامدة ثابته لأبعد حد لا تحكي عن فوضى مشاعرها الداخليه….عندما وقفت امام باب
الشقة حانت منها نظرة على حقيبة الملابس الصغيرة بين يدها ثم رفعت عينيها الزيتونية على الباب وعدة من واحد لعشرة في سرها ثم اطرقت على الباب وهي تتمنى ان يكون خارج المنزل فهي
لأ تريد رؤيته الآن…….يكفي انها تراه صباحاً بصحبة (ماهي) فتكن هي في مزاج سيىء طوال اليوم…
بينما هو يتمتع بصحبة أخرى……انها تكاد ان تنفجر في وجهه بعد ان علمت انه سيحضر حفل
ميلادها…..ويزيد عذابها كلما تذكرت سؤاله السخيف عن ارتباطها بيوسف…….الذي من استنتاج عقله
المختال فقط………
كيف يشكك في حبها……هل قست عليه في
سابق لهذه الدرجة……
انها كانت تهرب من ذنباً وقعت به قبله…….
انها تخلصت من ذنبها وتركته هو يغرق في ذنوب
اخرى ؟!……ولم تساعده بل ساعدت نفسها بالهروب منه……..ولهذا بداخلها رغبة قوية في الاقتراب منه
ومداواة جرحه مزال قلبها يخفق لأجله ولم يبدد الحب كرهاً حتى بعد حديثه……..
لذلك تقبل بعتابه بقسوته لكن لن تقبل بالبعد طالما مزال يحبها كما تشعر دوماً معه…….
اغمضت عينيها بعذاب وهي تحاول نسيان حديثه
أمس والذي كان كالخنجر يخترق اذنيها ويطعن قلبها طوال الليل….الليل الذي لم تتذوق به طعم الراحة ولم تغمض جفنيها إلا لدقائق معدودة وعادت
تتعذب بحديثه القاسي……..
(فكراها سهله اوي كده……مفيش مشكله نبقى مع بعض صحاب…..وانت حب فيا زي مانت عايز انا
مش ممانعه……..وبعدها لا يا أحمد انا زهقت منك
انت طلعت حشاش ووحش وبتاع بنات……اي ده
دا احمد اتخرج من الكلية….. واشتغل يبقا نرجع
بقا عادي…..)
شعرت بالوهن يدب في اصولها وهي تحاول بقوة
ان ترفع يدها لتطرق مجدداً على باب شقته…..وحديثه يتردد في اذنيها كالصاعقة القاسية ويزيد غصة المرارة في حلقها كالعلقم المُر……..
لم يكن أوان رؤيته الآن لماذا الصدف تزيد شقاء قلبها مع هذا الحب…….. اهتزت حدقتيها امام
نظراته المندهشة من رؤيتها فوق ملامحه
الجامدة الصلبة…..
زحفت حمرة الخجل لوجنتي حبيبة وهي تنظر الى مايرتديه فقد فتح الباب ببنطال بيتي بسيط وفانلة
حمالات كحلية اللون……… تبرز جسده الرياضي الصلب وذراعه القوية و……..
رفعت حاجبيها بصدمة وجحظت عيناها التي تعلقت بوشم صغير في كتفه عليه حرف (H..)….. هل خاص بها ام لفتاه أخرى ومتى دق حرفها على ذراعه……
انتبه أحمد الى نظراتها المتعلقة بالوشم…. فقال بقسوة اقرب لحبيب سادي يريد رؤية الألم في
عينا من يحب…..
“رسمه قديمة هيجي عليها وقت وتتشال زي ما شالت صاحبتها بظبط….. من قلبي وعقلي….”
أسبلت حبيبة عينيها وهي تعدل حجابها بحرج شاعره بقلبها يتلوى مع كلماته الجافة…….لتجده
يدقق النظر بها وهو يقول بغلاظة…..
“جايه ليا على الصبح كده……..خير……”
امتنعت عن النظر لعيناه مباشرةً بل رفعت الحقيبة اليه قائلة بصوتٍ خافت يماثله جفاءاً…….
“الشنطه دي سمر طلبتها مني فيها هدوم مكه….خد ادهالها…….”
ابتعد عن الباب قائلاً بلا مبالاة…..
“ادخلي انتي ادهالها بنفسك….هي في اوضتها….
ومكه معاها…..”
دخل لاحد الأركان وتركها واقفه على عتبت الباب…جزت على اسنانها وهي تحدث نفسها
سراً بحيرة من عجزها في الرد عليه كل مرة…..
“هو انا مالي…..بقف قدامه شبه الكتكوت المبلول
كدا ليه….. وكاني مذنبه وهو عنده حق في كل اللي بيعمله فيا….مالي كده مش عارفه اوجعه ليه زي
ما بيعمل معايا……..جرالي إيه….وكانه مش أحمد
حد تاني غريب عليا !!…….”
خطت خطواته للداخل بحرج واغلقت الباب خلفها متجهه لغرفة سمر…..اطرقت على الباب قبل
الدخول ثم رفعت عينيها لتجد سمر تقف امام النافذة تتحدث في الهاتف بينما مكه تجلس على الفراش تلعب بالدمى…….
انتبهت سمر لوجود حبيبة وللحقيبة التي بين يدها
فقالت للمتصلة…..
“استني ياعفاف ثواني…….”ثم تقدمت من حبيبة وسلمت عليها قائلة…..
“عامله اي ياحبيبة…..جبتي الشنطه….حطيتي فيها الهدوم اللي قولتلك عليها…….”
اومات حبيبة براسها قائلة….
“أيوا كل حاجة فيها….هو انتي وابراهيم متخانقين…
لي قعده هنا….وسايبه شقتك…….”
هربت سمر من السؤال قائلة….
“بعدين ياحبيبة بعدين….هخلص المكالمة دي
وهقعد معاكي……..”
قالت حبيبة بامتناع وحرج…..
“لا خليكي….انا كدا كده نازله…….لاني مصدعه وعايزه اروح أنام………”
“تحبي اجبلك برشام للصداع…..احمد عنده…..استني… “قالت سمر للمتصلة
بتشتت…..
“استني ياعفاف ثواني بس…….”
قبل ان تمنعها حبيبة عن الخروج قد خرجت وهي تنادي أحمد قائلة من خارج الغرفة…..
“احمد معندكش برشام للصداع…..”
عقد أحمد حاجبيه قائلاً…..
“معايا بس انتي مينفعش تاخدي برشام صداع….
انتي ناسيه انك حملك……”
قالت سمر بنفي…..
“مش ليا يابني…دا لحبيبة اصلها مصدعه شويه….”
انتفضت ملامحه بقلق قائلاً بلهفة عنوة
عنه….
“مالها حبيبة ياسمر…. ماكانت كويسه من شويه….”
قالت سمر بهدوء…..
“شوية صداع يا أحمد…. معاك برشام للصداع ولا لا……..”
قال وهو يحك في شعره…..
“هدورلك…. مش عارف…….”
اومات سمر براسها وهي تعود للغرفة لتجد حبيبة تجلس على الفراش تلاعب مكه الصغيرة بدمى…
فحينما ابصرتها حبيبة نهضت قائلة…..
“سمر انا لازم امشي……”
قالت سمر بعتاب…..
“تمشي فين بس….. خليكي قعده معايا شويه
هخلص المكالمة دي وفضالك……..”
عادت سمر ووقفت امام النافذة منشغلة بالمكالمة الهاتفية الخاصة بالعمل……
زفرت حبيبة وهي تنظر الى مكه التي قالت بصوتٍ
طفولي…….
“حبيبة…… عايزه أشرب…….”
بحثت حبيبة بعينيها عن كوب ماء ولكن لم تجده فنظرت الى سمر فوجدتها بدأت تتحدث بعصبية
عبر الهاتف…. فقالت لمكه بهدوء…..
“هخرج اجبلك كوباية مايه خليكي هنا…..”
اتجهت الى المطبخ بسهولة فهي تعرف مكانه جيداً
لكنها تفاجئت بوجوده بداخل يقف امام الموقد
يعد القهوة…….. تلاقت أعينهما لبرهة قبل ان تشيح هي عينيها قائلة بحرج……
“مكه عايزه مايه……”
بدون رد اتجه للصنبور وملئ كوب من الماء واعطاه لها ثم وضع يده في جيبه واعطاها قرص مغلف
نظرت اليه مقطبة الجبين…..
“اي ده بقا…….”
رد ساخراً….
“مخدرات……”
رفعت عيناها عليه بغيظ فقال هو
ببرود…..
“مش مصدعه دا برشام صداع……”
قالت بغيظٍ وهي تاخذ منه الكوب….
“مش عايزه منك حاجة……”
“براحتك…….”ألقاه على الرخامه خلفها باهمال
أوجع قلبها…..
فارت اعصابها وتحكمت بها الغيرة والغضب وكبح مشاعرها لاربع سنوات ونصف كاملة… فوضعت الكوب على الرخامة واستدارت له قائلة بحنق شديد….
“انت بتعمل معايا كده ليا يا أحمد… بتعمل معايا
كدا ليه……… انت مش عارف انت بتوجعني ازاي بالمعاملة دي…… عارف ولا مش عارف…….حرام عليك……..”
مسكها من ذراعها بقوة وصرخ في وجهها
قائلاً بعنف مخيف كملامحه تماماً في تلك
اللحظة……
“حرام عليا انا….. وانتي….. وانتي إيه… انا
مش فاهمك….. بتحبي مين فينا… عايزه مين…
عايزاني انا ولا عيزاه هو……. ولو عيزاني سبتيني
ليه من الأول… ولو كان غصب عنك ليه بقيتي
معاه هو ……. ليه……”
نزلت دموعها وهي تنظر لعيناه القاسية
بضعف….
“قولتلك مفيش حاجة بينا والله مافي حاجة…”
صاح بصوتٍ متعذب يخفي بين طياته انكسر
قلبه……….
“وليه جابك على الشركة ولي وفقتي….. ولي
ساعة الاستراحة بتتقبله عند سلم الطوارئ
بعيد عن المواظفين والناس…. وجودك كل شويه عنده في المكتب معنى إيه…. والكلام اللي مابينكم ونظراتكم إيه ها……كل ده مفيش حاجة بينكم…… امال لو فيه ياحبيبة…… امال لو فيه بقا…….”
نزلت دموعها وارتجف جسدها وهي تقول بصوتٍ
متهدج…… “أحمد اقسم بالله انت فاهم غلط أنا……”
قال وهو ينظر لعيناها الباكية بتعب
حقيقي….
“انا عايز انساكي ياحبيبة…..قوليلي إزاي انساكي..”
قالت بضعف وهي تنظر لعيناه بتوله….
“بس انا مش عيزاك تنساني ياحمد…. انا لسه بـ……”
قاطعها بنبرة سوداوية قاتمة….
“انتي عمرك ما حبتيني….لا دلوقتي ولا بعدين….
انتي بتحبيه هو وعيزاه هو… وهو كمان عايزك…
انا في القصة دي كومبارس انتهت حكايته
مسافة مقفلتي الباب في وشه وقولتيله
مننفعش نكون لبعض……. ”
صاحت وهي تسحب ذراعها بقوة من بين
قبضته القوية……
“عشان كده هتسافر معاها……. هي اللي بيها
تقدر تنساني….. مش كده……..”
القى عليها نظرة قاتمة وهو يقول بجفاء…..
“تعرفي اني اوقات بتمنى أحبها واكمل معاها زي مانتي ما عملتي بظبط…….”
“بجد…… يبقا لازم تحاول تحبها عشان تنساني بسرعة….ربنا يوفقك معاها…. “قالتها وهي تدفعه بقوة كي تخرج من المطبخ بل من الشقة بأكملها
وهو يقف مكانه كتمثال رخامي خالي من الروح
بينما يمتلك قلب حي يتلوى على جمار الغيرة
والشك من أول حب دخل قلبه وابى تركه
رغم معافرته في النسيان……..
أحياناً نرى في البعد خيراً………أحياناً كثيرة يكون الحب الأول قصة خيالية جميلة تظل ذكرى في العقول اما على أرض الواقع فلا يوجد لها
آثر ؟!….
…………………………………………………………..
في مقهى جوار الشركة جلس أحمد وامامه كوب من
النسكافيه بينما عيناه بين الحين والاخر تتعلق بعينا حبيبة التي تجلس على احد الطاولات برفقة ماهي
وبعض الموظفات…….
كانت أيضاً تجلس ترتشف مشروبها المفضل شوكلاته
ساخنة(هوت شوكلت….) وعينيها الحزينة كانت تسترق النظر اليه من تحت جفونها…..
مراقبة جلوسه وصمته الرجولي الجذاب… تراقب المهندس أحمد جمال والذي تغير معها وباتت لا تعرفه جيداً…… أصبح غريب….وقلبها الابله متعلق
بالغريب…….اين حبيبها المراهق خفيف الظل
اين العابث الذي كان دوماً يسعى لقربها….
الذي كان يتلهف لسماع كلمة رومانسية
منها تعبر عن حبها له….
انقلبت الأدوار فجأه وباتت هي من تتمنى ان يعود لعهده…….. تعود لهفة حبه لها يعود حسه الفكاهي ويغرقها في نوبات ضحك و في نوبات خجل
حينما يغازلها ويدلل اسمها بابسط الكلمات…
اين انت…. ولماذا ابحث عنك بعد كل تلك
القسوة…….
رغم ضعف مشاعرها وقلبها الذي يهفو اليه قررت
بعد حديثهما آخر مرة ان تبتعد عنه وتقبل بفكرة
انفصالهما للأبد….وهذا ما تحاول فعله امامه على الأقل………اما في عزلتها فلها حق الانهيار كما
تريد فليس على قلبها سلطان في هذا…..
واقف شرودها صوت ماهي بعتاب….
“أزاي مش هتيجي عيد ميلادي ياحبيبة…انتي قولتيلي انك جايه……..حاولي عشان خاطري…”
اعتذرت حبيبة بشكلاً لطيف…..
“معلشي ماهي اعفيني…..يعني مش هقدر…”
قالت ماهي بتصميم…..
“مفيش حاجة اسمها مش هقدر…عيد ميلادي بكرة ياحبيبة….ارجوكي حولي تيجي….ماتقوللها حاجة
يابنات…..”
قالت احد الموظفات الانيقات شكلا واسلوباً….
“ياريت ياحبيبة تيجي هننبسط اوي صدقيني وبعدين ماهي هتعمل الحفلة في النادي….يعني
مكان عام…..وكلنا هنبقا مع بعض وصدقيني
هننبسط أوي…. ”
قالت زميلة اخرى بإبتسامة ودوده….
“ايوا ياحبيبة….فكري تيجي بجد هيبقى يوم لذيذ وهنخرج من مود الشغل الخنيق ده……”
اومات حبيبة بحرج وهي تنظر الى ماهي ثم
للفتيات وقالت…..
“خلاص ان شاء الله هاجي…….بعد ماخد منك عنوان النادي…..”
قالت ماهي بحماس….
“هبعتهولك في رسالة………”
اومات حبيبة براسها مجدداً وهي تعود بعيناها لأحمد
لكن بنظرة ملحوظه منها وقد تفاجئت انه هو أيضاً كان ينظر إليها………وتعلقت نظراتهما ببعضهما لبرهة حل صمتٍ غريب هادئ بينهما مخالف ضجيج
المقهى و أصوات البشر المتداخله من حولهم……
حوار قوي صامت يحكي عن قلوب انهكت من
حرب الصمت وطريق الوحدة….قلوب تتلهف
لعناق يدوم للأبد به عهد موثق انهما لن يفترقا
مجدداً مهما حدث………
لكن من سيبدأ بهذا العهد ليطمئن قلب الطرف
الاخر من منهما قادر على كسر الصمت والانهزام
امام من يحب للأبد……. من ؟….
انتبهت ماهي لنظرات حبيبة المتعلقة باحمد…فعقدت
حاجبيها بحيرة وهي ترى احمد يبادلها كذلك النظرات بشكلاً غريب وكان بينهما سراً عميق….
او عتاب عنيف صامت تتولاه النظرات فقط…….
اخفضت حبيبة جفنيها بصعوبة بعدما انتبهت لنظرات ماهي وتابعت ارتشف مشروبها قبل ان
تنتهي وقت الاستراحة المخصصه للموظفين…
عقد أحمد حاجبيه وهو يرى يوسف يدخل المقهى يبحث عن شيءٍ ما أسبل احمد جفنيه وهو يشعر بغصة تخنق حلقه…… ويضيق صدره بغضب
كلما وجد يوسف يقترب منها…..بداخله شعور
اجرامي في ضرب يوسف……واختطافها لأبعد
مكان في الأرض….عقاباً لها على عذاب قلبه
وعقاب على رغبتها الغبية سابقاً في الإبتعاد عنه…
لكن مزال هذا الشيطان ينسج له الف حكاية عن خيانتها له……واختيارها للانسب………
“كنت بدور عليك يابني…..”
رفع راسه سريعاً ليجد يوسف يجلس أمامه بعد
تلك الجملة…..ليجد سريعاً النادل احضر له قهوته الصباحية فشكره يوسف بالباقة وهو يعود
لاحمد قائلاً….
“مالك مبلم كدا ليه……إيه قطعتك عن حاجة
مهمه…”نظر يوسف للخلف فساله أحمد بشك…
“قطعتني عن اي بظبط……”
عاد يوسف اليه قائلاً وهو يغمز له…
“عن مراقبة الجو…..ماهي مثلاً……”
أردف احمد متعجباً……
“ماهي !!…..لا انت فاهم غلط مفيش حاجه بينا…”
قال يوسف ببساطه……
“ولا في عادي….المهم انا كنت عايز اكلمك في
حاجة مهمه……”
تحدث أحمد بعملية…..
“حاجة بخصوص المجمع اللي مسكين مقولته…”
قال يوسف بنفي….. “لا حاجة برا الشغل……”
نظر له احمد يدفعه للتحدث….فقال يوسف
بحرج وهو يخطف نظرة سريعة للخلف قبل
ان يعود لاحمد قائلا بخفوت…..
“انا……انا معجب اوي بحبيبة…..وعايز اتقدملها….”
تسمر جسده مع جمود ملامحه وكانتا عيناه غائمة
في الحزن و الصدمة بينما قلبه يخفق بشكلاً مؤلم
حانت منه نظره عليها فكانت هي أيضاً تنظر
إليهم وقد انتبهت لاضطراب وجهه وتوهج عيناه
بومض مخيف….وكانه سينقض على يوسف
وعليها الآن……
لا تعرف لماذا شعرت بهذا لكن كانت نظراته مخيفة ومؤذية تصيبها بالخوف يؤدي لاضطراب يصيبها
بالم قوي في امعائها…….وكانه يركلها بمعدتها بتلك النظرات…….
بلعت ريقها وهي تشيح نظراتها عنه بخوف تملك
من قلبها…….
فقال يوسف من الناحية الأخرى ……
“مالك يابني بتبصلي كدا ليه…هو انا قولت حاجة غلط….انا غرضي شريف وعايزها في الحلال…وحبيت اكلمك انت عشان تمهد الموضوع ليها ولاهلها…..بما
انكم تعتبروا قرايب يعني…..”
ضم احمد قبضته بقوة الساند بها على ركبته اسفل الطاولة ظل يقبض عليها بقوة حتى ابيضت
مفاصلة بشكلاً مؤذي وعنيف…. بينما احمرت
عيناه بشكلاً مخيف وهو ينظر الى يوسف
الذي عقد حاجبيه بقلق…..سائلا……
“هو في اي بظبط يا أحمد…..ساكت ليه….”
أخيراً تحدث بصوتٍ خشن بين طياته
انفعال عنيف…..
“عايزني اقول اي يعني…….”
تحدث يوسف بلهفة وبصوتٍ خافت…..
“جرلك اي ياحمد….انت صاحبي ولازم تقف معايا…..
انا عايزك تمهد الموضوع لحبيبة….عايزك تشكر فيا وتحكلها عني….بحس اني لما افتحها في الموضوع
يكون فيه قبول منها……”
ساله احمد ببرود….
“وزي عايز تتقدم لها وانت مش متاكد من ردها….”
تحدث يوسف موضحاً الامر أكثر……
“انا واثق انها هتوافق….. مش شكرانيه في نفسي…بس هي هترفضني ليه……..يعني انا مستوايا كويس ومهندس معماري وشغال في شركة والدي
اللي هي تعتبر تحت تصرفي…..هترفضني لي بقا..
إلا لو كان في حياتها حد تاني…..ودا انا اتأكدت منه بنفسي لما سألتها……..وقالت ان مفيش حد في حياتها….. ”
سأله احمد بهدوء زائف….
“هي قالتلك كده…….”
أكد يوسف…… “أيوا……”
رفع احمد كوب النسكافية وارتشف منه وهو
يخفي انفعالاته……. قائلاً.. “تمام….. مبروك………”
عقد يوسف حاجبيه….
“هو اي اللي مبروك…. مش هتكلمها….”
قال احمد بصوتٍ بارد يزيد الم قلبه….
“ان شاء آلله هكلمها…….. طالما انت لمحتلها وهي قالتلك مفيش حد في حياتها…. يبقا اكيد
موفقة…..هكلمها اتأكد منها…..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى