روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الأربعون 40 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الأربعون 40 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الأربعون

رواية غمرة عشقك البارت الأربعون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الأربعون

مرر الكرة بين قدميه بسهولة ثم وجهها لقلب المرمى وركلها فاصابت الهدف سريعاً…….
زفر يوسف بتعب بينما انحنى كرم قليلاً ساند بيداه على ركبتاه ملتقط انفاسه بصعوبة…..قال كرم بغيظٍ
“يابن اللعيبه محدش قادر عليك……..”
أبتسم أحمد وهو يغمز له ثم القى نفسه على الأرض
بداخل حديقة فيلا توفيق الشامي……. رفع زجاجة الماء وشرب منها قليلاً ثم القى الباقي على راسه
باهمال……..
تبادلا يوسف وكرم النظرات بحيرة…. فقد مر أربعة اشهر من يوم ان عرفا بامر تعاطي أحمد للمخدرات
بعدها جلسا سوياً وحصلت بينهم محادثة تكاد تكون جلد الذات لأحمد حتى تاكده من نيته الصادقة في الابتعاد عن هذا الطريق والمتابعة في حياته من جديد…. فهو اكتشف بعد تلك الغمة ان لا احد يستحق ضياع مستقبله لأجله….. فاذا باعه الحب
لن يشتريه هو مرة أخرى !!…….
حتى الان لم يذكر احمد اسم الفتاة التي كانت السبب فيما وصل احمد إليه قبل اربعة أشهر….. ولم يحب أحمد ذكر اسمها كل ما قاله ليوسف بأختصار….
(مش مناسبين لبعض…… هي شايفه كده… وعندها
حق……….)
جلس يوسف جوار أحمد وربت على كتفه يساله بمرح ليقتل كآبة الجو من حولهم….
“اي يابو حميد مالك………انت زعلان اننا كسبناك ولا إيه…….”
اخرج ابتسامة بعيدة عن المرح وهز رأسه قائلاً…
“تقريباً محدش دخل اجوان غيري…. بس نمشيها
انك انت اللي كسبتني عشان في بيتك بس….”
اوما يوسف براسه ضاحكاً وهو ينظر لهم….
“جدع…….بقولكم إيه….. الجو حر أوي تعالوا
ننزل المايه شويه……..”
اعترض أحمد سريعاً…
“لا لا ياعم مع نفسكم…..انا قعد هنا شوية……..”
نظر يوسف لكرم…. “تيجي ياكرم……”
انتصب كرم في وقفته قائلاً وهو يضع يده على صدره……
“انا نقطة ضعفي الماية أصلا بس اكيد مش هنزل بهدومي…….مرة تانيه اكون عامل حسابي..”
قال يوسف بخشونة….
“ياعم هجبلك من عندي حاجه تنزل بيها… تعالى معايا عشان تغير…. ”
اعترض كرم بحرج….
“لا لا انا هغير ورا اي شجرة……”
انعقد حاجبي يوسف سائلاً بغرابة….
“لي يعني هو في بعبع جوا…..”
ابتلع كرم ريقه قائلاً بتردد……
“لا بس امك واختك جوا مينفعش طبعاً…..”
قال يوسف ببساطه…
“كل واحد في اوضته تعالى ياعم المحترم البس وانزل……… متخفش مش هتغرغر بيك……”
مط كرم شفتيه بتقزز متمتماً…..
“استغر الله العظيم……. انا كده قلقت اكتر……”
ضحك يوسف قائلاً بمزاح…..
“عيب عليك…… اماااان……… ” دخل يوسف فلحق به كرم بتردد من رؤية الاميرة الصغيرة…….
فتح أحمد هاتفه ودخل من عليه الى صفحتها كما يفعل منذ اربعة أشهر….. رآها نشرة منشور جديد
منذ ساعة تقريباً عليه صورة لقلب مهشم…. وكتبت
فوقها عبارة اصابته في الصميم…
(ربما يراني البعض قوية طموحه لا انهزم في معارك الحياة ولا انكسر عند الفراق لكنها واجهة هشة
اخفي خلفها قلبٍ محطماً من خذلان البشر…….)
لوى شفتيه في إبتسامة هازئة…… ودخل على التعليقات فوجد أربع تعليقات من بعض الأصدقاء
المعروفين في تفاعل معها على اي شيءٍ تقوم
بنشره وكلهن فتيات من ضمنهن (شذى وهنا..)
لكنه انتبه لتعليق الخامس كان غريباً في تواجده
هنا…..وقد هبط الإسم كالصاعقة على عيناه
فتمتم بغير استيعاب…….
“يوسف……”
…………………………………………………………
على الناحية الأخرى عقدت حبيبة حاجبيها وهي ترى
تعليق من صفحة شخصية ليست من الاصدقاء تحمل اسمٍ بالانجليزي كتب ( Youssef Shami.)….
(كلام معبر… لكن في ناس قلة معرفتها أحسن…
وميستهلوش نزعل عليهم…….)
جرت على الكلمات مجدداً…. اول مرة يعلق على حسابها….. انه شقيق نور تتذكره جيداً…. لكن من اعطى له الحق بتعليق على صفحتها الشخصية
ما هذا التطفل……تمتمت بغيظٍ وهي تنظر
للتعليق بعجز…….
“ابراهيم لو شاف الكومنت ده… هيحرمني امسك تلفون تاني……..”
عضت على شفتيها وهي تنظر الى الهاتف الجديد
بين يداها بقلق……
قد اشترى ابراهيم لها هاتف جديد واعطاه لسمر لكي توصله لها…. مع تعليمات مشددة إلا تختلط مع أحمد او اي شابٍ غيره……… ويجب ان تحترم خطوته في السماح لها بمسك هاتف مجدداً بعد ما حدث منها….
يومها حذرتها سمر إلا تتهاون في الأمر فابراهيم تلك المرة اكثر جدية وخطورة ولن يحميها احداً منه ان فكرة فقط ان تتلاعب معه……..فهي تحت مراقبته هي والهاتف الجديد واي غلطة ستقع في ورطة مع ابن عمها وثورة غضبه ومادراك حين يغضب ابن راضي تنقلب الدنيا راسٍ على عقب………وهي رأت جزءاً بسيطٍ في اليوم المشئوم ؟!……..
دخلت مجدداً على التعليقات بكل حزم لحذف التعليق وحظر هذا السمج………ولكنها تفاجئت
باختفاء التعليق من عندها سريعاً وكان صاحبه
تردد او اجبره احد على حذفه ؟!…….
شرد ذهنها لأحمد هل ممكن ان يكون رأى التعليق وغار عليها فضرب هذا الأحمق واجبره على مسح التعليق…..ابتسمت بوله ثم اكتشفت انحدار
تفكيرها بسذاجة…….فهزت راسها سريعاً قائلة
لنفسها بحزم…..
“لا…. لا…..الموضوع اتقفل……..”تنهدت بثقل وهي ترفع عينيها الزيتونية لسقف غرفتها لتجده يحتل
تفكيرها مجدداً فهزت راسها وهي تصيح بجنون
كالمغيبه..
“متطلع من دماغي بقا……..”
“هو مين ده اللي عيزاه يطلع من دماغك….”رفعت
حبيبة عينيها لتجد ابيها يدلف للغرفة وينظر اليها بصمتٍ حاني……..
شحب وجهها وهي تنظر لابيها بتراقب وقد حمدت الله سراً انها لم تنطق اسمه في غفوة جنونها……
“بابا……….انت جيت من الشغل…..ازيك……”
عانقها والدها وهو يقول بنبرة حانيه وملامح بشوشة…..
“الحمدلله ياحبيبتي….انتي عامله إيه…..واي اخبار الجامعة….”
اومات براسها تغتصب الابتسامة….قائلة…
“الحمدلله يابابا…….كله تمام…… على فكرة ماما مش هنا… عند مرات عمي تحت…. تحب اندلها عشان نتغدا سوا….. ”
قال حامد وهو يجلس على حافة فراشها مشير لها
بهدوء ان تقترب……
“لا خليها……. هي شوية وهتطلع….تعالي قعدي عايز اتكلم معاكي شوية…….صحيح انتي كنتي بتقولي إيه
وانا داخل على الباب…. مين دا اللي عيزاه يطلع من دماغك…..في حد مضايقك؟!… ”
شحب وجهها اكثر لكنها تماسكت قائلة بكذب متقن
كما تعودت من يوم ان أحببت…..
“لا أبداً يابابا….دي مسألة في مادة باخدها في الجامعه معصلجه معايا حبتين كل ما احلها احس
انها غلط….ورجع افكر في حلها من تاني……لحد
ما زهقت……”
نظر لها والدها بهدوء وتساءل…..
“ولقيتي ليها حل……”
اطرقت برأسها بحرج وكانها مكشوفة امام والدها
من يوم ان عرف ابراهيم بالقصة وهي تضع يدها
على قلبها كلما أراد والدها ان يتحدث معها….
تعيش رعباً حقيقياً ومشاعر مختلطه متعبه…قالت
بتمهل……
“قريب…..قريب هحلها او استعين بمساعدة دكتور المادة هيفدني اكتر…….حضرتك كنت عايزني في ايه….. ”
ادعى حامد التذكر وهو ينظر لها بلؤم…..
” كنت عايزك في إيه….. كنت عايزك في إيه….آآه
في عريس متقدملك…….”
رفعت راسها بصدمة وكانها تلقت رصاصة
طائشة اصابتها بشلل تام……..
“إيه…….عريس ؟!!….مين دا يابابا ؟!….”
قال حامد وهو ينظر لها بقوة وتراقب يتشفى كل
رد فعل اثناء قوله……
“دا دكتور……. في اخر سنة ليه في كلية الطب
ابوه صاحبي من زمان….. وهو اللي كلمني عنك…… وحابب نعمل قعدت تعارف……. انتي اي رايك……..”
ازدردت ريقها وهي تنهض من مكانها قائلة بحرج…
“بس انا مش عايزه اتجوز دلوقتي يابابا…. انا لسه بدرس…..”
قال حامد بجدية اصابتها في مقتلها…..
“مين قال انك هتتجوزي دلوقتي…… ابوه بيقول انه هيعمل خطوبة سنة… وبعدها هتتجوزه وطمني من ناحية دراستك الولد متفهم جداً وهو أصلا عايز واحده متعلمة ومستوى تعلمها قريب من
مستوى…….. يعني مش معترض انك تكملي دراستك…….”
توترت اكثر وشعرت بالاختناق وهي تقول بصوتٍ
متهدج من شدة الانفعال الداخلي لديها……
“اتجوز ازاي بس انا لسه عندي تستعتاشر سنة….
ارجوك يابابا انا مش عايزه ارتبط دلوقتي لا خطوبة ولا جواز انا مش بفكر غير في دراستي….. انا عايزة اتخرج واشتغل….. أكيد تعب السنين دا كلها
مش عشان في الآخر احقق حلم واحد عايز بس يتجوز واحده متعلمه ومستواها قريب من مستواه………. اكيد لا……. انت مترضاش
ليا بحاجة زي دي…… مش كده يابابا ؟….”
رمقته بحدقتين متسألتين بتردد……
اتسعت ابتسامة حامد فخرٍ فمد يده وربت على
كتفها قائلاً بابتهاج أب…..
“جدعه ياحبيبة هي دي بنتي……. انا مش عايزك
تفكري غير في دراستك ومستقبلك……عايزك كده
دايما مفيش حاجة تشغلك عن دراستك و حلمك
لا جواز ولا حب…..فهماني……”
نظرت له حبيبة بعدم فهم متسائلة باستفهام….
“فاهمه يابابا كلامك…. بس انا مش فاهمة انت مبسوط اني رفضت العريس…. رغم ان حضرتك
باين انك كنت موافق عليه…..”
قال حامد بابتسامة لئيمه…..
“العريس مرفوض من أول ما ابوه فتح معايا الموضوع………”
انعقد حاجبيها بحيرة…..وتساءلت
“حضرتك رفضته؟!..طب وليه قولتلي في الأول؟..”
قال حامد باختصار……
“عشان اعرف بنتي بعد ما دخلت الجامعة اتغير تفكيرها ومبداها ولا لا…….. بقالك فترة متغيره وده
كان قلقني بس انا كده اطمنت……..”مرر يده على شعرها قائلاً برفقاً….
” مش عايز حاجة تعطلك عن دراستك ولا تشغلك عنها…. مفيش اهم منها دلوقتي…. سمعاني ياحبيبة….. ”
اومات حبيبة بتأكيد وهي تسحب الهواء الى
رئيتيها بارتياح…….
“سمعاك يابابا…. واطمن انا مفيش حاجة في دماغي غير دراستي…..”
سمعا في الخارج صوت أغلق الباب وبعدها
صوت صفاء تقول بلهفة…..
“انت جيت يا حاامد…….”
همس حامد لحبيبة سريعاً….
“اقفلي على الموضوع ده…. واوعي امك تعرف حاجة عنه……. انتي عرفاها ما هتصدق تمسك حاجة تنكد علينا بيها……”
اومات حبيبة بطريقة عسكرية مضحكة….
“طبعاً انا مش مستغنيه عن نفسي لو قولتلها…..سرك في بير…… ”
ابتسم حامد وهو يجيب زوجته بصوتٍ
عالٍ….
“انا هنا ياصفاء في اوضة حبيبة….”
دخلت صفاء وهي تخلع الحجاب عن راسها ناظرة لهما بشك……
“مالكم ساكتين كدا ليه…… كنتوا بتكلموا في حاجة
مش عايزني اعرفها ولا إيه…..”
نظرت حبيبة لوالدها بتوجس ثم لامها ونهضت سريعاً قائلة بتهرب…..
“حاجه….. حاجة إيه ياماما مفيش اي حاجه…كنا بنتكلم عادي….. انا هروح احضر الغدى على السفرة…..لحسان بابا جايا من برا واقع من
الجوع……. مش كده يابابا… ”
اوما حامد براسه ببراءة يخفي إبتسامة عابثة…..
بينما راقبت صفاء بعينين ثاقبتين خروج ابنتها من جوارها فعادت بعينيها لزوجها سائلة بحاجب
مرفوع بفضول…….
“في اي ياحامد….. شكلكم مخبيين عني حاجة…”
قال حامد بصوتٍ رخيم……..
“هنخبي إيه يعني ياصفاء… مفيش حاجة…. كلام عادي….. قوليلي انتي كنتي تحت بتعملي إيه…..”
اجابته صفاء وهي تجلس جواره كما كانت تجلس حبيبة منذ دقائق…….
“عادي كنت قعده مع نوال شويه…..غريبة يعني انك بتسألني…..عمرك ما عملتها…..”
قال حامد بنبرة أمر…..
“خفي رجلك عند نوال شويه ياصفاء… منعنا للوش
والمشاكل…….”
نظرت له صفاء بدهشة وقالت بمسكنة……
“اخص عليك يا حامد وانا هعملهم مشاكل برضو..
مانت عارف اني بقيت في حالي من اخر مرة اتكلمنا فيها….. مانت عارفني مقدرش اكسر كلمتك أبداً يابو حبيبة…. ”
عاد يكرر امره بصلابة حازمة…..
“خفي رجلك وخلاص ياصفاء…..بيت راضي معدش زي الأول….وانتي ومرات ابراهيم مش صافيين لبعض…..والكل عارف كده…..”
رفعت يداها سريعاً بطريقة مسرحية وقالت بمسكنة……..
“هي ياخويا….هي اللي مش بتبلع ليا كلمة….سوده
اوي من جوا ياخويا بتشيل جامد…رغم اني بتعامل معاها بما يرضي الله……يلا ربنا يهدي……”
عاد الحزم يشع من عينا حامد وقال حاسماً
الجدال معها…..
“اديكي قولتي شايله منك….خفي رجلك ياصفاء…انا مش عايز اخسر اخويا ولا ولاد اخويا…ومش هعدي
كلمة وحشة تتقال في حقك…….ماشي ياصفاء…”
قالت صفاء سريعاً بانصياع…..
“اللي تشوفه يابو حبيبة لو عايزني اقطعهم خالص هعمل كده……”
لانت ملامح حامد قليلاً وقال بنفي موضحاً…..
“مش لدرجادي….دا اخويا ومفيش حاجة في دنيا تستاهل اني اقطعه لا هو ولا عياله……لكن
هتخفي رجلك من عندهم……منعاً للوش ياصفاء…..سامعه… ”
اومات براسها باحترام…..
“سامعه ياحامد…. اللي تشوفه انا هنفذه…..”
ربت على كتف زوجته بمحبة قائلاً…..
“ربنا يكملك بعقلك يام حبيبة ادخلي بقا حضري الغدى مع البت على ما غير هدومي…..”
نهضت سريعاً وهي تشير على عيناها برضا
ونظراتها تشعانِ حبٍ واهتمام له وحده…….
“عنيا…….. هحضرلك الحمام… وبعدين اروح احضر معاها الغدى…….”ابتعدت عنه خارجه من الغرفة
بينما زفر حامد بجهد وهو يدعي لهن لعلى باله
يرتاح عليهن يوماً…….
“ربنا يهديكي ياصفاء……. ويحميكي ياحبيبة…”
…………………………………………………………….
مط شفتيه بتردد وهو يحذف التعليق سريعاً بعد ان نشره على المنشور الخاص بصفحة حبيبة
الشخصية…….شعر ببعض الانزعاج من نفسه بعد ان انتهك خصوصية الغير……لم يكن في طبعه الاحتكاك بفتاه بتلك الطريقة الاقرب لتطفل……
ضغط على التعليقات مجدداً وهو يراها ترد على تعليقات اصدقاءها……فحدث نفسه بحرج وعدم ارتياح للأمر……
“يترى قالت اي عليا….ويترى عرفتني……اكيد ملحقتش تشوف الكومنت………”زفر بحنق وهو يرجع شعره للخلف بقوة ناظراً لقائمة التعليقات بعجز…..
“اي اللي انا هببته ده…..هتقول اي دلوقتي عليا…”
“هتقول عليك ناقص ربايه…..”لفظ كرم تلك الجملة وهو يخرج من الحمام المتواجد بقلب غرفة يوسف ولم يرتدي إلا شورت للسباحة الذي اخرجه له
يوسف منذ دقائق…….
قال يوسف منزعجاً وهو مزال معلق عيناه على شاشة الهاتف…..
“مش ناقص تقل دمك يا كرم……..”
لوى كرم شفتيه في ضحكة ساخرة وهو يقف امام المرآة يمشط شعره باصابعه سائلا اياه بتشكيك…
“مالك انت كمان…..بتحب زي اخينا اللي تحت….”
رفع يوسف عيناه قائلاً بحيرة من هذا الانجذاب
الذي لا يجد رادع له…
“مش حب…..مش متأكد يعني….بس انا معجب بواحده وعايز اكلمها…….’
قال كرم بغلاظة…..
“ما بلاش ياچوو…… عملها احمد قبلك وخد
الخزوق التمام…… ”
قال يوسف بجدية……
“يابني انا غير أحمد…..يعني احمد بيقول ان البت اللي حبها دي مكنتش مناسبه ليه……بس انا
حساس انها مناسبه اوي ليا……..”
رفع كرم عيناه سريعاً عليه وقد وقع قلبه خوفاً
على صداقتهم……”تقصد مين بظبط………..”
وكانه أطلق رصاصة الرحمة فقال موضحاً….
“مش اللي في دماغك….اعرف منين مُنى دي…انا بتكلم عن البنت اللي انا معجب بيها….وعايز
اكلمها… ”
تنهد كرم بارتياح وهو يعود للمرآة ناظراً لكومة
الشعر أعلى راسه والتي تعطي له مظهراً متناقض ومميز كذلك وللعجب تزيد جاذبيته اكثر وتليق
على ملامحه السمراء الوسيمة………
“عايز تكلمها ربنا معاك……طلعني من حواراتكم دي…كلموا….. حبوا….انا الحمدلله شايل ايدي العشرة من الحاجات اللي بتوقف حال البنادم دي…وبصراحه
بعد تجربة أحمد اتاكدت ان اللي زينا مينفعوش لحاجة خالص حتى الڤلڤا مش سكتهم……”
زفر يوسف بضيقٍ…….
“يخربيت التشأم مش عايز منك حاجة اسكت…”
ساد الصمت قليلاً ثم ساله كرم باهتمام لسماع
رأيه…..
“شوفت الفيديو اللي نزل على التيك توك…..”
اوما يوسف وهو يغلق الهاتف ويركز في الحديث
اكثر مع صديقه……..
“شوفته….حلو….جايب مشاهدات عاليه دا غير التفاعل اللي عليه…..واضح انك هتعدي يا كرم…..وبكره ياخدك منتج ولا مخرج في فيلم ولا مسلسل زي ما بنشوف اليومين دول….. بقا معظم الممثلين الشباب كانوا أصلا مشاهير على الميديا الأول……وتعرفه من هنا……. ”
جفل كرم وهو يقول بتعجب….
“ممثل !! مش لدرجادي ياجدع…….دا انا بلعب اي فيديو بنزله غرضه الضحك ولعب مش اكتر…..”
قال يوسف بلؤم…..
“بس واضح ان اللعبه هتقلب بجد يافنان…..”
لمعة عينا كرم بومض مبتهج وسأله…. “تفتكر………”
أومأ يوسف وهو يذكر صديقه عن ما بدر بسبب شهرته في تلك الاشهر الأخيرة……بعد ان احتل
منصة التيك توك بحضوره البسيط الكوميدي في فيديوهات لا تتعدى الدقيقة………واكثرها تمثيل على مشاهد كوميديه او تقليد ممثل معين بشكلاً متقن ينتهي ببصمة (كرم صلاح)المميزة كما يراها
الكثيرون……….
“افتكر اوي….انت ناسي الاسبوع اللي فات لم كنا في
كافية (….)وواحده جت من ورانا وطلبت صوره معاك…… وطلعت معجبه جداً بيك ومش بتفوتلك
حاجة سواء على الانستجرام او التيك توك…..
دا غير الجروب اللي اتعمل من يومين باسمك
دخلت عليه لقيت اغلبه بنات معجبه اوي بقصة شعرك……..اليوم ده انا وأحمد مبطلناش ضحك من الصدمة……وحقيقي فكرت اغير قصة شعري وقلدك
يمكن نعجب……” اخر جملة قصد يوسف ان يخرجها
بغيرة وهو يرمقه بقرف………
رفع كرم راسه بغرور قائلاً بصلف…..
“قلد من هنا لبكره مش هتعرف تعمل الفرمه دي
أبداً…”
مرر يوسف يده على شعره الناعم الغزير وقال
هاكماً……
“ياشيخ اتنيل على اساس انها عجباني يعني…..”
حاول كرم نفض تلك الأحلام من راسه وهو
يقول باستهانه……..
“بس تعرف مش فرقلي كل ده……..انا اهم حاجة عندي السنين تجري بسرعة واتخرج على خير وبعدين اشتغل…وفرح اهلي بقا……اما بقا شهره وجروبات وبنات مش في دماغي……حتى التمثيل مش في دماغي لان انا أصلا مبعرفش امثل……..”
هز يوسف راسه بنفي وقال من منظورة
هو…..
“بالعكس انت موهوب يابني وعندك قبول كمان….بجد لو الفرصة جتلك اوعى تضيعها…….”
صدح هاتف يوسف في تلك الأوقات فرفع الهاتف على اذنه وهو يقول……..
“ايوا يابابا………”دلف يوسف الى شرفة غرفته بعد
ان أشار لكرم بالبقاء…….
لكن كرم لم يبقى بالغرفة بل خرج سريعاً كي
يجلس مع أحمد فوجوده بداخل البيت يربكه
قليلاً ويخشى ان يصطدم بها ولو بالخطأ…..فبعد
ما حدث يشعر بالحرج والعجز امام جسارة حبها
له……
كم يعشق جرأتها في الحب كم يعشق براءة
عيناها وملامحها الصغيرة الجامعة بين الطفولة
ومشارف الأنوثة…..يتذكر انها اتممت عامها الثامن عشر……..وكلما زادت في العمر يوماً زادت حلاوة
وباتت فتنة متحركة امامه…….كيف يكون حازم وقديس بهذا الشكل امام جمالها امام عيناها
السوداء الامعة بالحب والتي ترجوه بجسارة ان يقترب وينغمس في حبها………كيف يكون قديس بهذا الشكل….وهو لم يكن يوماً منيع عن الجنس
الأخرى بل كان يلبي طلبهن ان أرادوا اقترابه…..
إلا هي يشعر معها بالعجز…. بالحرج…. بالتوتر
تنولد داخله مشاعر غريبة مختلطه تجعله ابله احمق قديس لا يقترب من اللذات……آآه انها أجمل لذة قدمت اليه ورفضها في لحظة دون اي تأنيب ضمير……..
سحب نفساً طويلا وهو يهبط على سلالم الفيلا
وعند اخر درجتين وجد نفسه في لحظة ينجذب من ذراعاً رفيعه صغيرة سحبته لاسفل الدرج……..
رفع حاجبه وهو ينظر اليها مشدوهاً بينما قلبه ينبض بقوة لرؤيتها………بعد ان استوعب ما يحدث تنحنح
وهو ينظر اليها بحيرة…..
“في اي يانور…..شدتيني كدا ليه……في إيه…..”
جزت على اسنانها وعيناها تخرج شررٍ وملامحها الجميلة الرقيقة تنذر بشر شيطاني……رفعت هاتفها امام وجهه قائلة بغيرة وتملك مجنون….
“مين اللي عمل الجروب ده…وازاي البنات دي تحب فيك كده…….وجابه منين صورك……”
رد كرم بهدوء وهو يبتلع ريقه بصعوبة فكان عطرها وانفاسها الساخنة غضباً تغزو انفه…….وكان اقترابها بعد تلك الأشهر التي لم يرى فيها طيفها لهو الاختبار الاصعب لقديس على وشك السقوط في لذة الذنوب…….
“جابوا صوري من على الانستجرام…..ثانياً انا مدخلتش الجروب رغم ان اتعملي دعوة عليه بس انا لحد دلوقتي لا دخلت ولا اعرف بينزله اي عليه…..”
قالت باستهزاء يلوح بالغيرة……
“هيكون بينزله إيه…….. بيحبو فيك ياستاذ……”
عقد حاجبيه وقلبه يخفق بجنون بقربها….
“وانتي مضايقه ليه…….”
قالت سريعاً بجسارة وهي تنظر لعيناه البنية
بقوة…. “عشان بغير عليك…..”
مالى بوجهه للناحية الأخرى
باستياء…..معقباً…..
“تاني يانور…….احنا قولنا اي اخر مرة….”
قالت بتمرد مراهقة……..
“قول اللي تقوله…….انت بتسأل وانا
بجوبك……وبعدين كلامك اخر مرة لسه فكراه
وحفظاه كمان……..بس دا ميمنعش اني بغيرك
عليك….مش معقول هكرهك من يوم وليله…”
نظر اليها بدهشة وقد ارتسم خطٍ من الالم بعيناه فقال بعدها بصعوبة…..
“بس انا مش عايزك تكرهيني….انا بس عايزك تنسي الكلام الفارغ ده…..”
وكانه صفعها بأدب…..فقالت بحزن…..
“حبي ليك مش كلام فارغ ياكرم……”كانت تنوي الابتعاد عنه راكضاً لكنه مسكها من خصرها بقوة
فسندت بكفي يداها على صدره العاري…..لتفوق
سريعاً من غيبوبة الغيرة وتنتبه الى ما يرتديه
او ما لا يرتديه….فلم يكن امامها الا بشورت
السباحة…….
وقد سحر عيناها بجسده الأسمر النحيف بصلابة وذراعه الاكثر صلابة وقوة والنابته بعضلات الشباب التي لم تنضج بحمل الاوزان الثقيلة كما يفعل من
في سنة بهوس……..
خفق قلبها بجنون وقد احمر وجهها بشدة وهي تنظر اليه بتردد……هامسة بخوف……
“كرم سبني….لو سمحت…….”
اظلمت عينا كرم وهو يسحبها لاحضانه هامساً بنفاذ
صبر وقد أصبح على حافة التهور…….
“نور انا عايز اخدك في حضني……”
شحب وجهها سريعاً وشعرت بالخطر فقالت وهي تحاول التملص منه……..
“إيه……. انت اتجننت ابعد عني ياكرم……ابعد عني بقولك…….”
شدها لعنده بقوة قائلاً بوحشية…..
“ليه مش بتقولي انك بتحبيني….اللي بيحب حد بيديله اللي هو عايزه من غير ما يفكر……”
لسعة حدقتيها الدموع… وهي تنظر اليه
مشدوهة…..وقالت بتألم….
“مش دا الحب اللي انا عيزاه……”
قال كرم بقسوة وهو يقبض على ذراعاها بقوة
بين يداه…….
“امال ايه اللي انتي عيزاه….كلام بس…ميكلش معايا
كلام وافعال هو ده الحب بنسبالي…….”
توسعت عيناها بصدمة وشعرت بكسرة قلبها
وهي تساله بصوتٍ متهدج مشدوهاً……
“كرم………انت اتجننت…….انا نور……”
قال بصوتٍ مليء برغبة المقرفة….
“ما عشان انتي نور……هيبقا سهل اخد اللي انا عايزه…….”
أصيبت بقشعريرة نفور نحوه وهي تقول
بوهن…..
“كرم…… حرام عليك…حرام عليك يا كرم سبني.. ”
حررها من قيده الصلب سريعاً واستعاد نبرة صوته الطبيعية ببساطة وهو يحقن قلبها بقسوة مميته
هامساً بتعب من الامتناع عن لذة اقترابها رغم
دعوتها الصريحة في الاقتراب منه….
“حرام عليكي انتي يانور…… انا مش ملاك يانور….
ان ممكن في اي لحظة اغلط….وخليكي تكرهيني وتكرهي الحب وسيرته….. افهمي انا منفعش للحب ولا لجواز ويوم ما تجوز هتجوز واحده من
توبي….. سمعه…..” حين انهى حديثه وجدها
تنتفض عدة مرات برعبٍ………اغلق جفنيه بقوة
وهو يلوم نفسه فيبدو انهُ اخافها اكثر من المعتاد…….قال بخفوت من بين انفاسه
الغاضبة…..
“اطلعي على اوضتك يانور…….اطلعي…..”
نزلت دموعها وخرجت من بين شفتيها شهقة بكاء اوجعت قلبه ليجدها تنسحب سريعاً من امامه جرياً……اغمض عيناه بقوة وهو يلوم نفسه لتواجده هنا……يجب ان يمتنع عن رؤية يوسف في بيته…..
ويقطع عهد على نفسه ألا يدخل هذا البيت مجدداً….فهذا افضل له ولها….والايام كفيله بنسيان وهمٍ يدعى حبٍ…….
……………………………………………………………..
افرغت كل ما بي معدتها بقوة وهي تشعر بروحها تنسحب منها…… تاوهت بتعب وهي تتحسس بطنها
ثم ساعدتها عفاف وغسلت وجهها وهي تقول بابتسامة واسعة……
“الف مبروك يا سمر….. اكيد حامل…….”
مدت سمر يدها وسحبت عدت مناديل ورقية
وبدات بمسح وجهها وفمها وهي تقول بتألم…..
“الشهر اللي فات قولتي نفس الكلام ياعفاف… ولما عملت تحليل مطلعش حامل…. ولما كشفت بعدها طلع برد في معدتي….. واكيد خدت برد في
معدتي من تاني….”
قالت عفاف باستنكار وهي تصطحبها
للخارج…..
“برد إيه صلي على النبي…..المرادي حمل…..انا متاكده انه حمل….تعالي نطلع اخر النهار نعمل
تحليل……..”
قالت سمر بامتناع وهي تجلس على المقعد امام
مكتبها الصغير الانيق والمتواجد في قلب صالون التجميل……
“مش وقته ياعفاف…….ابراهيم هيعدي عليا اخر النهار عشان نروح سوا…….”
“خلاص خليها بكره….انا هروح اعملك حاجة دافيه
تهدي معدتك شويه……”همت عفاف بالانصراف بعد تلك الجملة………..
صدح هاتف سمر ففتحت الخط بابتسامة جميلة بعد رؤية اسمه يضيء الشاشة……..
“اي ياحبيبي عامل ايه…….”
اتى صوته بلهفة…..
“طمنيني عنك انتي لسه تعبانه……”
اومات براسها برفقاً قائلة…..
“لا الحمدلله……..انا كويسه مفيش اي حاجه……”
زفر ابراهيم على الناحية الأخرى بحنق…..قائلاً
“مش عارف يعني هيحصل اي لو خدتي اجازة
من شغلك……الدنيا مش هتقف يعني ياسمر…. ”
قالت بهدوء محاولة امتصاص غضبه…..
“أكيد مش هتقف بس الموضوع مش مستاهل…انا كويسه والله ياحبيبي…. هتيجي تاخدني امتى… ”
غيرت مجرى الحديث سريعاً بينما رد عليها هو بوجوم………
“كمان ساعة حضري نفسك عشان هنتغدى برا النهاردة…….”
اتسعت ابتسامتها وسالته بدلال….
“وهتاكلني إيه بقا…..”
قال بصوتٍ أجش……
“اللي انتي بتحبي تاكليه هناكله سوا…اتفقنا…..”
ضحكة سمر بنعومة قائلة….
“يسلام اي الدلع دا كله…….”
انساب صوته المرح عبر الهاتف……
“عشان تعرف بس ياشبح اني بضحي عشانك قد إيه……..”
“يسلملي حبيبي المضحي……” قالتها برقة أذأبت قلبه…..
لذا رد عليها بهمساً……. “بحبك……”
خفق قلبها هامسة بتنهيدة حارة….
“وانا بموتك فيك…… بعشقك ياهيما……”
بعد مدة خرجت من صالون التجميل فوجدته ينتظرها بداخل سيارته….. تلاقت اعينهما بعناق
محبب للقلوب……. ثم خفق قلبها وهي تهديه اجمل ابتسامة لا تخرج إلا له واقتربت بعدها منه بخطوات
واثقة تشع انوثة وحلاوة خصوصاً مع اطلالتها
الناعمة فكانت ترتدي طاقم كلاسيكي قمة في الأنوثة والاناقة حتى شعرها كان مرفوع للأعلى بجمالاً يخطف الانظار هو ولؤلؤتي عينيها
السوداوين……وملامحها التي تحمل جاذبية
غير عادية ويظل عند تاملها شارد الذهن
ضائع في إبداع الخالق….تمتم بشرود وعيناه لا
تحيد عنها…….
“سبحان من صورك……..”
ود في تلك اللحظة ان يخفيها عن العيون…الجميلة
الشرسة…… قطعة السكر الذائبة رغم صلابتها المعهودة…..تظل تذوب معه بكلمة بنظره بلمسه…
مر خمسة أشهر على زواجهما كانوا الافضل الأروع الاكثر دفئاً و راحه وحب…. كان يخشى ان يكمل حياته دونها وها هو الآن ينعم باحضانها كل ليلة…. ياكل من تحت يداها…… يتسامر معها ليلاً…..
يتجادلا ويختلفا كثيراً ولكنه لم يخشى البعد
يوماً…. فمهم ابتعد عنها سيعود فهي مسكنه
الأمن……
عقد حاجبه واشتعل صدره فجأه وهو يراها قد توقفت عن متابعة السير بعد ان اوقفها رجلاً
فارع الطول وسيم الشكل يرتدي حلة فخمة…….
كانا يتحدثا سوياً وقبل ان يبدأ الرجل كلامه رحب بها بابتسامة واسعة ومد يده لها بترحيب….
عند هذه النقطة توحشة نظرات ابراهيم عليهما وبداخله اقسم بمنتهى الهمجيه على كسر يد
الرجل ان لامسها…….
تركت سمر يد الرجل معلقة في الهواء ثم رفعت عينيها عليه بارتياع وكانها شعرت بغضبه يلوح
في الأفق…..
هزت راسها بتحيه للرجل دون ان تضع يدها بيده
ثم فتحت مجال للحديث والذي لم يسمع ابراهيم
منه شيءٍ بسبب المسافة بينهم……
قبض على عجلة القيادة بقوة حتى ابيضة مفاصل
يداه ونظر امامه بغضب محاول كبت رغبته في
الخروج وافتعال الفضائح……
عادت عيناه عليهما فوجد سمر تبتعد عن الرجل بلباقة وتقترب من السياره وهي تنظر اليه
باختلاس…….
دخلت السيارة وجلست جواره ثم مالت عليه وطبعت قبلة على خده وقالت بصوتٍ مرح يحمل ارتجاف ملموس………
“اي ياحبيبي…….عامل إيه…….”
كانت عيناه مثبته للأمام وهو يسألها بخشونة…
“مين اللي كان واقف معاكي ده…..”
قالت بهدوء….. “دا…….. دا زبون……..”
رفع عيناه الحادة عليها قائلاً
باستفهام
“زبون؟…… انا اعرف ان زبينك كلهم نسوان…..”
تمتمت بتعجب وهي تحاول التغاضي عن
سوقية حديثه حينما يتملك منه الغضب…….
“نسوان !!….هما كلهم ستات بس دا والد بنوته
عيد ميلادها النهاردة وكان حابب نعملها ميكب سيمبل كده يليق بسنها……..وكان بياكد عليا فقولتله ان عفاف جوا وهي اللي هتعملها الميكب و دخل
لها… ”
زاد اشتعال عيناه سائلا بتجهم……
“واشمعنا هو اللي جاي يتفق في الحاجات دي…
فين مراته……”
حركت كتفيها بحيرة قائلة بوجوم…..
“مش عارفه…..يمكن مطلق او أرمل…اكيد مش هسأله
فين مراتك انا مالي….الراجل اتكلم معايا بكل احترام وادب وخلاص خلصنا…… متكبرش الموضوع….”
في لحظة اجفل حواسها حينما ضرب على عجلة القيادة وهو يرمقها بعينين مظلمتين بشدة
تكاد تبتلعها دفعه واحده….. وهو يصيح
فيها بغضب…..
“كل مرة متكبرش الموضوع مفيش حاجة مستهله
امال اي اللي يستاهل بنسبالك……”
زفرت سمر بوجوم معقبة……
“هو انت عايز تتعارك وخلاص اي اللي حصل لده كله……..”
وكانها تحدث نفسها….. وجدته يهدر ساخراً….
“ولولا اني وقف كانت حطت ايديها في ايده وردت السلام…….”حرك راسه نحوها كرصاصٍ طائش ولوح بيده سائلا بتشنج……” من امتى وانتي بتسلمي
على رجالة بالايد ياسمر…… من أمتى…… ”
رجعت بظهرها للخلف ملتصقه بنافذة السيارة
وهي تصيح بارتعاد…..
“انا مبسلمش على رجاله والله……. ممكن تهدى وتبطل تشوح بايدك هتعميني…….”
توسعت عيناه بصدمة وجفل قائلاً…..
“هو دا اللي فارق عندك دلوقتي….اني اعميكي….”
وجدت مخرج للهروب من الشجار فقالت بمرح
مغتصبه اياه بصعوبة…..
“ايوا طبعاً يرضيك اتعمي وتسبني وتروح تتجوز
واحده تانيه……..”
رمقها بقوة معقب بغلاظة…. “انا مبهزرش يا سمر…….”
قالت سمر بمسكنة متقنة……
“ولا انا بذمتك مش لو حصلي اي حاجه هتسبني…”
رد بوجوم يحمل مصداقية لم يقدر الغضب على محوها داخله…….
“لو حصلك اي حاجة افديكي بعمري كله….. مش
بس عيني……”
مدت يدها ووضعتها على ركبته وهي تقول بهمساً
انثوي عذب………
“يطولي في عمرك وتسلملي عينك…. ياقلب سمر…”
سحب يده بغضب وهو يقول باختناق….
“الحوار مش هيخلص كده ياسمر…..”
صاحت في لحظة بنفاذ صبر…..
“وبعدين معاك بقا يابراهيم… هو انت كل يوم
عايز تتخانق……”
قال باستهزاء…… “انا برضو ولا انتي….”
رفعت راسها بإباء وقالت…..
“انا…. انا الحمدلله مش بغير نص الغيرة اللي
بتغيرها دي…… بجد بتافور اوي……”
جز على اسنانه هاكماً…. “تاني هتعوجي لسانك……”
جفلت للحظة ثم هتفت بتراجع……
“مش قصدي…. قصدي يعني انك بتكبر الحوار….”
لسانها لا يجيد الإصلاح أبداً مهم وصل غضبه ردها يستفزه اكثر لذا قال بجزع…….
“اسكتي ياسمر……. اسكتي عشان مضربكيش….”
فقدت الأمل من إصلاح الأمر فقالت
باستياء……..
“اتكتمت يابراهيم هتروحني ولا هطفحني…..”
قال باقتضاب…… “هطفحك…….. هتطفحي إيه……”
قالت ببرود…….
“في مطعم كويس فاتح جديد على الكورنيش…. تعالى نطفح فيه……”
زفر بوجوم وهو يحذرها بحزم……
“اعدلي لسانك…..اقسم بالله انا على اخري منك….”
لوحت بيدها بقرف واستهانه بحديثه…..فوجدته في لحظة يمسكها من ياقة قميصها بيد واحده ثم قربها منه وهو يسألها بنبرة خطرة……
“بتشوحي لمين بايدك كده…….”
امام نظراته القوية دب الرعب في اصولها لذا
اجابت بجبن وهي تلوح بكفها بتوتر……
“مش انت……..مش انت….دا الدبان هششش….. هششش…….فظيع……. افتح الشباك شويه…….”
لفحها بانفاسه الغاضبة وهو يرمقها بقوة ثم بعد دقيقة متعبه لاعصابها تركها واشعل محرك السيارة
منطلق بها وقتها ضربته في صدره وهو تصيح بشجاعه مفرطه……
“بطل تمسكني مسكت المخبرين دي….اقسم بالله المرة الجايه لكون عـ…….”
انكتمت بعد ان القى عليها نظرة اخرستها فجزت على اسنانها وهي تسال نفسها بعصبية
متى باتت تخاف نظراته وتعمل الف حساب لوجوده……..متى وكيف راوض الفرسة الجامحة
بداخلها وجعلها تنساق على دربٍ محدد لها
متى ؟!…..
…………………………………………………………….
دخلا من باب المطعم سوياً ايديهم متشبكه ببعضها
بحبٍ وتناغم رومانسياً ، وان راهم احد هكذا وحكي له عن شجارهم في السيارة منذ دقائق فقط لن يصدق مهما قيل……..
كانوا يليقُ ببعضهما جداً….تناغم رائع ومزيج من الدفء والحب ينتشر في المكان لمجرد دخولهم
معاً………
وصلا لأحد الطاولات الفارغة……وجلسا على مقاعدها ثم اتى النادل وقدم لهم منيو الطعام …….
مسكت سمر المنيو وفتحت اياه ونظرت له باهتمام شديد تختار الانسب لها…….بينما ابراهيم مسكه
بملل شديد…..
لم يكن صعب التعرف على الأطعمة فهو مطعم رغم فخامته إلا ان اكلاته شعبية جداً……
لكنه رغماً عنه شعر بالتيه داخل هذا المنيو لذا وضع المنيو جانباً واكتفى بنظر إليها…….
كانت تنظر باهتمام وتمعن وعيناها تجري على اسامي الأطعمة وصورها……. ويبدو انها قررت ما ستتناولة
لدرجة انها بدأت تختار طبق الحلوى ؟!!…..
ابتسم ابراهيم بحنان وهو يراقب كل حركة ونظرة صادره منها بمنتهى الاهتمام النابع من قلبٍ عاشق اليها لأبعد حدود…..
شرد بعيناه بالخطأ على طاولة خلف سمر
وكانت عليها ثلاث نساء غاية في الجمال
والاناقة من ضمنهن امراه كانت عيناها عليه باغواء من وقت دخوله وعندما جلسا بالقرب من الطاولة بدات تداعبه بعينيها بمنتهى الوقاحة والرخص…….
انتبه ابراهيم اكثر لنظراتها المغويه وقد فهم انها لا تقصد احد غيره بها… لذا اشاح عيناه بنفور…عاد بنظراته لسمر التي انتبهت له أخيراً ورفعت عينيها عن المنيو متسائلة باهتمام……
“اختارت انت هتاكل إيه يابراهيم……”
فرد يده على سطح امامها فوضعت المنيو جانباً ومدت يدها اليه اطبق ابراهيم على كفها برفقاً
وهو يقول بعينين حانية……
“محتار اختار إيه……اختاريلي على ذوقك……”
اهدته ابتسامة تقطر عسلاً وهي تسحب يدها من بين يده برفقاً ثم فتحت المنيو مجدداً وهي تشير على احد الاكلات لتاخذ رأيه بها…..
“انا اختارت طبق رز بشعرية وطاجن ارانب بالبصل….
وكم نوع سلطه كده…… اي رايك اختارلك زيي…..”
اكتفى بايماءة بسيطه لتتسع ابتسامتها حلاوة وهي تسأله بحماسية وعيناها معلقة على المنيو التي
تفتح اياه بينهما….
“تحب تحلي بأيه……..في كذا حاجة……”
رفعت عينيها عليه منتظره رده لتجده يغمز لها بشقاوة قائلاً……..
“انا بحلي في البيت مانتي عارفه…….”
احمرت وجنتيها وهي تستوي في جلستها أكثر….. محاولة إخفاء تورد وجنتيها وكبح ابتسامة خاصة فقط بالحديث عن قلة الأدب معه……….
عادت عينا ابراهيم على الطاولة من خلف سمر ليجد المرأه بمنتهى الوقاحة تغمز له وهي تضحك بميوعه
لم يرف له جفن بل اشاح بعيناه عاداً لسمر بعد ان القى عليها نظرة ازدراء لو كانت امرأة تمتلك ذرة من المشاعر والكرامة لخرجت من المكان دون عودة….
لكنها أحبت الأمر اكثر بعد ان أدركت انها تلعب
مع عاشق يهيم عشقاً بمن تشاركه الجلسة……
اتى الطعام وبدأ بالاكل بصمتٍ………مدت سمر يدها واخذت كوباً من الماء وارتشفت منه قليلاً وعيناها على إبراهيم وكانت رنة اساورها الذهبية ألحن
المميز الذي يخترق الصمت بينهما…… سالته بأستغراب…….
“مالك ياحبيبي….. انت ساكت ليه… لسه زعلان…”
هز راسه وهو يقول بهدوء….
“لا مفيش حاجة الموضوع انتهى….. خلصي
اكلك بس خلينا نمشي…… تعالي نتمشى على الكورنيش شوية…. احنا بقالنا يامه مروحناش هناك……”
فغرت سمر شفتيها بعدم فهم معقبة…
“نمشي !!…..احنا ملحقناش نقعد يابراهيم… وبعدين المكان هنا حلو أوي……. انت في حاجة مضايقاك…”
قال ابراهيم بنبرةٍ عادية……
“هيكون اي اللي مضايقني مفيش حاجة….خلاص
لو حبى المكان اوي كده خلينا شوية…… “عاد للطعام
بهدوء…….
شعرت سمر بعدم الارتياح لحديثه لذا رفعت عينيها على الطاولات المحيطه بهم لتجد معظمها عائلات
او فتيات مراهقات برفقة بعضهم باستثناء طاولة واحده كانت خلفها مباشرةً لثلاث نساء اثنانٍ منهن مندمجين بالحديث معاً وواحده بشعرٍ مصبوغ بالاشقر ووجه مندمج بألوان تصيب نفور في النفس
اما ملابسها فكانت تحكي عن اخلاقها ببساطه ؟!…..
جزت سمر على اسنانها وهي ترى نظرات المرأه الوقحة على زوجها وحين انتبهت لمراقبة سمر ضحكة بشماته وهي ترجع خصلة من شعرها للخلف بتغنج…….
رفعت سمر حاجبها وشعرت بنيران تتوهج بصدرها
لذا عادت عينيها كرصاصٍ طائش على إبراهيم الذي كان مزال يضع عيناه على الطعام ياكل بصمت وهدوء يخفي خلفه رجل مقيد بسبب نظرات احدهن وتعرضه لموقف حساساً الصمت فيه افضل الحلول امام زوجته وامام الجميع….
سيطرت سمر على مشاعرها وهي تقول بهدوء…
” إبراهيم ياحبيبي…. ينفع تبدل مكانك….. ”
رفع إبراهيم راسه عاقداً حاجبيه بتعجب…
“تبدلي المكان ليه……”
نهضت وهي تقول بحسم والغيرة تشع من
عينيها…
“حبه قعد مكانك مش مرتاحه على الكرسي ده…”
نهض ابراهيم بهدوء واجلسها مكانه وجلس مكانها وبدأ يشعر ببعض الارتياح قليلاً……وهذا ظهر على ملامحه الصخرية التي بدات تلين وترتخي
بهدوء… فابتسمت سمر وهي تبدل الاطباق قائلة بحنان….
“كُل ياحبيبي…. انت مكلتش كويس من ساعة
مالاكل اتحط…….”
تلك المرة تحدث بصوتٍ رخيم مرتخي….
“انتي عارفه اني مبحبش الأكل في المطاعم…. مفيش احسن من البيت بنبقا براحتنا…..” انهى
حديقه بغمزة عابثة…….
فقالت سمر بتأكيد بعد ان رمقت تلك المرأه
بغيظ….
“عندك حق….. بعد كده لو اضطرينا نبقا نشتري اكل جاهز ونتغدى في بيتنا……”
ثم عادت عينيها الى المرأة التي كانت تداعب زوجها بنظرات الوقحة لتجدها نهضت من مكانها ودخلت
في رواق يوصل لحمام النساء…..
نهضت سريعاً والغضب يتفاقم داخلها…..نظر ابراهيم لوقفتها باستفهام…..فارتجفت شفتيها في شبه إبتسامة قائلة بفتور…..
“هدخل الحمام وجايه علطول………”
انتفضت ملامح ابراهيم بقلق…
“تعبتي تاني………حسى انك عايزه ترجعي….”
قالت بنفي وهي تقول بسرعة وعيناها على الرواق تدعي الله ان تلحق بتلك المرأه الوقحة قبل ان تخرج…..
“لا لا يابراهيم انا كويسه…. شويه وجايه…..”
دخلت الحمام وعند دخولها كانت المرأه على وشك الخروج مما جعل سمر تخبط في كتفها عن قصد…
وقفت المرأة وهي تقول بحنق متحسسه كتفها
مكان الخبطه بتألم…..
“اي ده………. مش تاخدي بالك……”
ربتت سمر على كتف المرأة بغل وهي تقول بفحيح
يشبه الأفعى………
“لمؤخده ياحلوة انتي اللي خبطي فيا…والمفروض انتي اللي تاخدي بالك…وتبصي قدامك بعد كده….”
ابعدت المرأه يد سمر وهي تقول بحقدٍ
واضح…..
“اي قلة الذوق دي ابعدي ايدك عني… ياي… بقا الرجالة الحلوة دي تقع في ايد ستات من النوعيه دي……..”
ها قد وصلت معها للنهاية الحتمية فصرخة
سمر بغضبٍ……
“امال هتقع في سكتك انتي يام اربعه واربعين….”
شدتها سمر من شعرها الاشقر لتجده خرج في يداها
فصرخت المرأه وهي تضع يدها على شعرها الأسود القصير………بعد ان خرجت الباروكه في يد سمر….
صاحت سمر وهي تعود وتمسكها من شعرها
بقوة وغل…..
“وكمان طلعت بروكه………ياقرعه….. ”
مسكت سمر راس المرأه بين يداها وقالت
وعينيها تشع كرهاً وغضباً……..
“خدي دي ياحلوة مني…… تذكار…… “خبطت سمر جبهتها بجبهة المرأه بقوة لتقع المرأه أرضاً على ارضية الحمام وهي تصرخ باستغاثة كي يلحقها
احد من بين يدي تلك المجنونة المتوحشة……..
كان مزال جالس مكانه ياكل بتاني بانتظارها….فوجد النادل يخترق الهدوء من حوله وهو يقول بوجهاً
شاحب……
“الحقنا يافندم المدام اللي جت مع حضرتك بتموت
واحده في الحمام……”
وقف الطعام في حلق ابراهيم فسعل بقوة وهو يشير
باختناق للنادل بان يعطيه الماء….فاعطاه كوب من الماء سريعاً….
ارتشف ابراهيم الماء دفعه واحده ومزال غير مستوعب ما قيل…….فوضع اصبعه في آذنه ورجها
قليلاً وهو يعود بعيناه للنادل سائلاً بتوجس….
“بتقول مراتي بتموت مين في الحمام……”
قال النادل بتوتر وهو ينظر للزبائن التي بدأت تنتبه للواقعه……….
“مش عارف بس في واحده بتصوت والمدام اللي
مع حضرتك قعده عليها وخنقاها….ومحدش عارف يسلكها من بين ايديها…….نطلب الشرطه ولا
حضرتك هتدخل… ”
ذأبت الصدمة عند تلك النقطة فقفز ابراهيم من مكانه سريعاً وسأله…..
“فين الحمام ده…..”
ارشده النادل وهو يذهب معه……
بعد مدة ادخلها السيارة بقوة ودخل جوارها وانطلق بسيارة سريعاً ثم بعد لحظات اوقف السيارة في مكاناً شبه مقطوع…. من القمة ترى العاصمة باكملها
والظلام بها عبارة عن أنوار بعيدة مختلفة الألوان والاشكال تضيء العماير والبيوت بشكلاً
ساحر…….
خرجت سمر من السيارة صافقة الباب خلفها بقوة
ثم صعدت على مقدمة السيارة وجلست ببساطة وهي تزم شفتيها بقوة ترفض البكاء ولكن امام الهدوء وسكون الليل والهواء البارد من حولها
بكت…. بكت آثر تلك الخلوة الرائعة التي تشجعها على الانفجار بشكلاً طبيعي دون الحرج من ان
يراها أحد….
توقفت عن البكاء حينما رأته يخرج من السيارة
واقفاً جوارها…… ثم بعد لحظة من الصمت
سألها بانزعاج….
“ممكن اعرف بتعيطي ليه…..”
نزلت دموعها وهي تنظر اليه
بغضب….
“إزاي تديها فلوس بعد اللي عملته…..”
اطبق ابراهيم على أسنانه وهو يقول بقلة
صبر……
“انتي هتجننيني دا انتي شرحتي الوليه…..وكانت مصممه تطلع تعملك محضر…… ”
صاحت بجنون…. “تقوم تديها فلوس…….”
اظلمة عيناه وهو يقول بحزم……
“اديها كل اللي معايا ولا اننا ندخل المكان دا تاني..”
سبت سمر وهي تهدر بمقت……
“دي قليلة الادب… بنت ستين كلب….. تديها لي فلوس…….دي ما شلتش عينها من عليك من
ساعة ما دخلنا…. ”
همس ابراهيم ذاهلاً وهو يكتشف السبب الرئيسي لثورة غضبها على المرأه……
“يعني انتي ضربتيها عشان كده…. ولما سالتك في المطعم قولتيلي انها قلة ادبها عليكي وانتي داخله الحمام…..”
بلعت ريقها بحرج وهي تستعيد حديث المرأه
قائلة بتبرم……
“ماهي فعلاً قلة ادبها عليا…. قال إيه الرجاله الحلوة دي تقع مع النوعيه دي…..مش عجباها انا وهي أصلا وشها يقطع الخميرة من البيت…. ”
عدل ياقة قميصه بزهو قائلاً بغرور…..
“معقول قالت عليا حلو…. بتفهم الست دي أوي….”
احتدت نظرات سمر عليه فقالت بانفعال……
“يسلام…. ااه مانت عجبك الحوار أوي… وكنت خايف عليها عشان كده بعدتني عنها…..”
قال ابراهيم باقتضاب….
“بعدتك عنها خوف عليكي….الست كانت هتموت
في ايدك يامجنونة…….ياللي بتعيطي وكانك
انتي اللي مضروبه…… ”
هتفت سمر بعنفٍ وهي ترفع قبضتها امامها
وتلوح بها بقوة…….
“تموت ولا تولع المهم اشفي غليلي منها…. انا لحد دلوقتي هطق يابراهيم……. هطق وانت السبب
ملحقتش اخد حقي منها…..”
نظر اليها بطرف عيناه وقال بلؤم…..
“كل ده وملحقتيش…….. مش شايفه انك مافوره شويه…… مش كده ياشبح الموضوع مش
مستاهل…..”
جزت على اسنانها بقوة…..قائلة بغيظٍ…….
“بتردهالي يابراهيم….. بتردهالي…..”
همس بطرف عيناه بسماجة….
“بضايق صح…….”
لفظت بغل…. “مستفز…….”
ضحك عليها قائلاً…… “مجنونة…….” حينما تلاشت ضحكته قال صوتٍ حاني…..
“ممكن تبطلي عياط…..”
عقدت ذراعاها امام صدرها قائلة باقتضاب
“ملكش دعوة بيا يابراهيم…….”
وضع إبراهيم يده في خصره بحنق ونظر امامه
وهو يقول بتعجب….
” بطلي عياط ياسمر….امال لو مكنتيش انتي اللي ضرباها كنتي عملتي إيه…….. دي الوليه طلعه
متشرحه من تحت إيدك….. وانتي ولا خروبش…….”
برقة عينا سمر وهتفت بشراسة…..
“وتخربش ليه…. انا اخربش بس متخربش…..”
ضحك إبراهيم ذاهلاً معقباً باعجاب…..
“يخربيتك…….شبح والله شبح…….”
زمت شفتيها وهي تقول بغيرة…..
“ملكش دعوة بيا….. عجبتك صح…..قلة ادب… دلوقتي الرجالة هي اللي بتتشقط…..”
قال إبراهيم بمزاح ثقيل…..
“احترمي نفسك انا اقشط آآه…. بس متشقطش….”
برقة عينيها بغيرة وسائلة بشراهة…
“وهتشقط مين بقا ان شاء الله…..”
غمز لها بعيناه وهو يلكزها بقبضة يده بخفه
قائلاً بمداعبة جميلة……
“هو في غيرك…….. شاقط وخاطف قلبي وعقلي
من اول خناقه…….”ابتس

غمز لها بعيناه وهو يلكزها بقبضة يده بخفه
قائلاً بمداعبة جميلة……
“هو في غيرك…….. شاقط وخاطف قلبي وعقلي
من اول خناقه…….”ابتسمت عنوة عنها فضحك إبراهيم وهو يخرج منديلاً ورقياً من جيبه…….
“ايوا كده اضحكي….وكفايه عياط…..خدي المنديل
ده امسحي دموعك…… على ما جبلك مايه من
العربية….. ”
قالت سمر وهي تمسح دموعها…..وهي تنتبه
اكثر للمكان من حولهم……
“حلو المكان دا اوي يابراهيم…….
قال إبراهيم وهو يغلق باب السيارة بعد ان
أحضر زجاجة الماء…….
” اي رأيك…… بحب اعدي عليه كل فتره …
والمرادي كنتي معايا….. ”
وامات بتفهم وبعضٍ من الراحة بعد ان داعبها الهواء البارد وطار شعرها كالامواج الثائره…….
اعطاها زجاجة الماء فشربت منها واعطاتها له… اخذها وارتوى بالقليل منها ثم اغلقها ووضعها
جانباً وسالها وهو يستند على مقدمة السيارة
وهي تجلس اعلاها بخفه وراحه…..
“بقيتي احسن……”
“الحمدلله…..” ثم بلعت ريقها وهي تنظر لعيناه
بتردد ثم سالته…..
“ابراهيم….هو انت اتاثرت من نظرات الست الحربوقة دي……”
رد بصوته الخشن الحازم….
“ولا هزت فيا شعره……..انتي مش وثقه فيا ولا إيه…….”
اهتزت حدقتيها وهي تقول
بتردد…….
“اكيد واثقه فيك………بس يعني….”
قاطعها إبراهيم بجدية صلبة……
“الرخيص مش مقامي ياسمر ……خلينا ننسى الموضوع يابنت الناس…. هي خدت نصيبها وانتي قومتي بالواجب…..واكيد مرتاحه….. ”
صاحت بتملك انثوي…….
“طبعاً مرتاحه اللي تقربلك اكلها بسناني… انت
بتاعي انا لوحدي………”
أبتسم ابراهيم بحبٍ وهو يفرد ذراعه لها كي
تنزل من مكانها وتقترب منه…..
“يخربيت جنانك……. تعالي في حضني…….”
تنهدت سمر بلوعة وهي تنزل عن مقدمة
السيارة ثم دست جسدها بين ذراعيه هامسه
بعد ان ضمها بقوة لصدره النابض بجنون….
“بحبك ياهيما…….. بحبك اوي…..”
أخرج تنهيدة حارة وهو يشدها لاحضانه أكثر
وعيناه تعلقت بالعماير المضيئة من حولهم
بالاسفل……..والهواء الرطب مع اليل الحالك
حولهما اعطى للجو وهي تتشبث في احضانه
شعورٍ آخر…… خصوصاً مع همسها بالحب وقد
ذأب قلبه وعيناه عشقاً فهمس في غمرة
عشقها……….
“وانا بعشقك ياسمر……. خليكي عارفه انك العشق بتاع ابراهيم راضي…… من اول مرة وقعت عيني عليكي……. ”
رفعت سمر راسها قليلاً وعانقت عيناه بنظراتٍ
تشع عشقٍ خالص……..ثم همست بما يجول
بخاطرها دون تردد فهذا الجو ساعد في اخراج
ما يجيش في الصدور…….واصبحت البلاغة
في الاعتراف لا تحتاج نهج معين فيكفي
انها اتت من قلبها وعبرت على قلبه…..
“وانت حبيبي وسندي ورجلي وابويا واخويا
وكل حاجة ليا في دنيا دي …….ربنا
يخليك ليا يا حبيبي…..وميحرمناش من
بعض أبداً……..”
عادت وسندت راسها على صدره فوجدت
خفقاته تزيد جنوناً وشعرت به يضمها في وقفتهما
أكثر بل ويغرز انفه بشعرها الغجري الرائع الذي
يفوح مسكٍ طيب الرائحة……..يذوب فيه حبٍ
هو وصاحبته ، صاحبة الشعر الغجري والعينين الشبيهتين بلؤلؤتين سوداوين براقتين……
وشفتيها الشهيتين بجمالاً…..مع القوام الممشوق بفتون………وأخيراً رائحة المسك والعنبر….التي تتميز بها الشرسة التي باتت قوتها وشراستها أحد اسباب غرامه بها……..ويبدو انه لم يقع في غرامها شكلاً
فقط…….. بل وقع في غرام طباعها العطبه قبل
الصالحة ؟!……
……………………………………………………………
كانت ممده على الاريكة بقلب غرفة النوم تقلب في احد المجلات بملل….حانت منها نظرة على كاحلها
المتورم من اثار الحمل ثم رفعت عيناها على بطنها
المنتفخه فقد اصبحت في شهرها السابع وظهرت
اعراض الحمل اكثر على جسدها……
تركت المجلة بحنق ونهضت من مكانها متجهه الى المرآة الكبيرة…… للوقوف امامها ككل ساعتين تظل
تتأمل شكل جسدها بحسرة فقد ازداد وزنها قليلاً
في مناطق معينه من جسدها……ربما زادتها حلاوة
وفتنه لكنها ترى بعينيها العكس…… انها اصبحت ثمينة !…..
ورغم ان الطبيبة اكدت لها ان جسدها سيعود طبيعياً بعد الولادة خصوصاً ان اتبعت حمية غذائية معينة
إلا انها تخشى ان تظل بهذا الجسد حتى بعد الولادة
كانت تضع يدها على بطنها المنتفخة وكانها تسندها كي لا تقع من شدة ثقلها…….ثم تلتفت من كذا زاوية
لترى شكل جسدها بصورة أوضح وفي كل إتجاه تشعر بالحنق والاستياء لوصولها لهذا الجسد في أربعة اشهر فقط…….
كيف تركت لمعدتها حرية الإستيلاء على عقلها… أصبحت لا تفعل شيءٍ غير الأكل…..الأكل والجلوس
امام التلفاز…. والبكاء !!…..
ابتسمت بحرج من نفسها متذكرة من يومين تقريباً حينما دخل عز الدين عليها وجدها منهارة وفي نوبة
بكاءٍ غير طبيعية…….
غامت عينيها في الحزن وبدات الدموع تعرف مسار لوجنتيها…..فمسكت المنديل الورقي وبدات بمسح وجهها حينها دخل عز الدين اليها في الصالون عاقد الحاجبين وهو يقترب منها جالساً جوارها ثم سألها
بقلق ظاهراً بعيناه…..
(مالك ياحنين بتعيطي كدا ليه….. اي اللي حصل..)
قالت باستياء حزين وهي تنظر
لجسدها……
(عز انا اتخنت اوي…… شايف جسمي…….)
رد مصدوماً وهو يمسح دموعها بيده…..
(ماله جسمك يامجنونه.. دا طبيعي عشان الحمل…)
قالت ببلاهة كطفلة يائسة….
(ايوا عارفه بس انا تخنت اوي…. انا باكل يامه اوي ياعز….. ومش بتحرك كتير……..)
بلع ريقه تاثراً وكانتا عيناه تسافر على منحنيات جسدها الممتلئ بجمالا فاتن يسيل له العاب….
(فين التخن دا ياحنين…… انتي فعلاً زادتي بس في الأماكن الصح….. وكده احلى بكتير……)
لكزته في كتفه بحنقٍ…..
(بطل قلة أدب…… انا بتكلم بجد……)
اكد بصوتٍ شغوف والابتسامة متعلقه بعيناه….
(وانا كمان بتكلم بجد…….. انتي زايده بحلاوة ياحنين وعجباني كده… ولو اكتر من كده انا راضي……..)
شعرت بعدم الارتياح فقالت بتشنج…..
(بس انا مش عجبه نفسي…. مش عجبه نفسي
ياعز… وانت كده بتجبر بخاطري…..)
نهض عز الدين من جوارها وهو يقول بخفوتٍ
يشع عشقاً لها…….
(والله أبداً انتي كده عجباني… وزي القمر وبعدين كل التغيرات دي عشان الحمل لم تولدي هترجعي زي الاول واحسن وفي الحالتين انتي حنيني وعيوني
وكفايه نكد بقا وقومي يلا عشان نخرج نتمشى
شويه انتي سمعتي الدكتوره قالت اي امبارح…..)
تبادلا النظرات لبرهة بصمت فاخرج تنهيدة متعبه وهو يعود جالساً بالقرب منها قرص وجنتها وهو يقول بصوتٍ حاني…….
(حنين كفاية عياط اللي خايفه منه عمره ما
هيحصل انا بحبك ياحنين ومفيش واحده تملى
عيني وقلبي غيرك……. سامعه……)
حينما تحدث اطرقت براسها بحرج وعند الانتهاء مسك فكها ورفع راسها اليه فداهم عيناها الجميلتين
الشبيهة بالوزتين حلوتين ذائبتين بعسل عيناه…..
(بصي في عيني ياحنين شايفه حد غيرك….)
هزت راسها بنفي فقال هو بخشونة…..
(طب وليه منكده عليا وعلى نفسك مش عشان زادتي شويه صغيرين تفتكري اني ممكن اتجوز
السته….. مع انها فكرة مش بطاله…..)
توسعت عينا حنين بصدمة وشرٍ فضحك
عز الدين قائلاً….
(بس انا توبة وبقيت راجل محترم……)
قلبت شفتيها في لحظة وهي ترمقه
باستنكار….. لذا ضحك عز الدين بخبثٍ قائلاً بوقاحة…..
(اكيد مينفعش اكون محترم معاكي يا عيوني…
تيجي إزاي بس يام آدم…….)
ابتسمت برقة ورطبة شفتيها وهي تسأله
(خلاص قررت تسمي آدم…….)
قال بصوتٍ حنون متلهف…….
(اي رايك آدم عز الدين الخولي…….. حلوو….)
اومات براسها وقالت مبتسمة…..
(حلو طبعاً…..بس انا كان نفسي اسميه يزيد……..)
قال بسماجة مدعي المرح…..
(يزيد ولا ينقص آدم احسن…….)
قلبت وجهها بغيظٍ…..معقبة بسخرية….
(يسلام على خفة الدم…….)
اجابها عز الدين بزهوٍ…..
(عارف ان دمي خفيف…..)
قالت بوجهاً عابس…….(بس انا مضحكتش……)
(يسلام بسيطه…… دلوقتي تضحكي ياعيوني……)
اقترب منها وبات يدغدغها باصابعه بخفة حتى انفجرت ضاحكة وهي تصرخ بفزع رغم القهقهة العالية بصخب السعادة……
(كفاية ياعز…….انا كده هولد…..بطني وجعتني من كتر الضحك…..آه)ضحكت اكثر واكثر حتى امتلأ
المكان بصوت ضحكاتها العالية بعد ان كان بكاءها
الغريب يخيم على المكان بالكآبة…تبدد كما تبدد
حالها وكل ذلك بفضل الحب…. والأجمل من التقاء الحب ان تجد من يحبك ويكن شغوف بك رغم
كل تغيراتك الجسدية والنفسية……..
فاقت من شرودها على صوت باب الغرفة يفتح
أدارت وجهها وهي تتبسم فقد داهم انفها عطرة
القوي….المميز……..
تلاقت اعينهما فابتسم عز الدين اليها واقترب منها قائلاً وهو يعانقها……
“وقفه تاني قدام المرايا….احنا قولنا إيه المرة اللي فاتت…….”
فصل العناق ناظراً لعيناها بينما هي قالت بفتور….
“عادي يعني ياعز……اي المشكله لما ابص على
نفسي في المرايا…….”
مرر يداه على كتفيها قائلاً بحنان….
“انا مرايتك….وبقولك انك النهاردة احلى من إمبارح……”
قالت بابتسامة مرحة….. “واي كمان يابو آدم…….”
نظر لساقاها ثم سحبها للاريكة برفقٍ…..
“كويس انك فكرتيني…..تعالي اشوف رجلك….قولتي
في التلفون انها ورمت اكتر عن امبارح……”
تمددت بساقيها امامه على الاريكة بينما جلس
هو في اخر الاريكه…….عند ساقيها مستمع
لحديثها باهتمامٍ…..
“ايو شوية الدكتوره قالت ان طبيعي يحصل كده عشان احنا في اخر شهور الحمل بيقولوا اسمها الوذمة…هي قالتلي على كذا حاجة كده اعملها
عشان اخفف الورم والوجع ده……..”
سالها بهدوء…… “اللي هي ايه……”
قالت باختصارٍ…..
“اخفف الوقوف فتره طويله…لما اجي قعد احط رجلي تحت حاجة عالية…..وكمدات وتدليك
اساسي عشان يخفف ضغط الوجع……”
لامس اصابع قدميها بحنانٍ متسائلاً….
“بتوجعك اوي…….”
قالت متالمه……
“اوي ياعز وحسى انها تقيله أوي…….”
جفلة حواسها وهي تراها يضع وسادة تحت
قدميها المتورمه وبدأ بتدليك كاحلها برفقٍ…
اغمضت عينيها ببعضٍ من الراحة وهي تنظر لجلوسه جوار ساقيها بحرج…..
يذكرها هذا المشهد بحفل عيد ميلاد( علي)
حينما تورم كاحلها بسبب الحذاء العالي وجلس يدلكه لها في مكتبه حينها دخلت ميرال وصفعها عندما تتطاولت عليها في الكلام ومن بعدها تلت أحداث كثيرة انتهت بوقوعها بالعشق…….. ولم يكن اي عشق…. فقد وقعت في هوى رجلٍ تعددت علاقاته النسائيه حتى بات صعب السيطرة عليه…….لكن كيف سيطرة عليه…. وكيف وقع في الهوى وازد الشغف
بها ؟!….
حتى الان لا تعرف لعلاقتهما جوباً مقنعاً لكنها
على يقين ان الحب وهبه من الله يضعها في قلوب
تعبت من الدوران……
وهو رغم كل شيءٍ كان تائه متعب وهي مثله فكانا
الاثنان السكن الأمن والدافئ لبعضهما…….
“وشك أحمر كدا ليه……بصيلي ياعيوني….
بتوجعك اوي كده….. تحبي نروح للدكتورة…. ”
فاقت على صوته الحاني فنظرت له بعيون تشع
حبٍ وقالت بوجهاً أحمر…….
“انا كويسه ياعز…. بس…… يعني القعده دي…
مش حلوه انك تقعد تحت رجلي كده…….”
قال بوجهاً مستنكر حديثها الغبي……
“واي فيها…… لو انا تعبان مش هتعملي كده….”
قالت بالهفة خفق قلبه معها…..
“بعد الشر عليك…. دا انا اخدمك برموش عنيا….”
مرر يداه بحنان على كاحلها قائلاً بصوتٍ ممتلئ
حبٍ…….
“تسلملي رموشك وعيونك ياحنيني….اديكي رديتي على نفسك……. مش عايز ولا كلمه اسكتي
وسبيني اركز…….”
ضحكت بنعومة ثم همست برقة وهي تتأمله
بشغفٍ………
“انا بحبك اوي ياعز…….”
رفع وجهه لها قائلاً بمرح…….
“ايوا كدا هو دا الكلام اللي يفتح النفس….بتحبيني اوي ولا نص نص……..”
قالت بسرعة…..
“ينهار ابيض دا انا بموت فيك……”
قال بزهوٍ ويداه تعمل على تدليك كاحلها
بمهارة….
“عارف عارف دا واضح من اول يوم شوفتك فيه….”
ضحكت وهي تتذكر مراحل الكراهية التي كانت تشعر بها من اول لقاء به……فقالت بمزاح…..
“يسلام كان باين عليا اوي كده……”
مرر يده على انفه قائلاً بقرف واضح……
“اوي……ريحة البصل لسه متعلقة في مناخيري….”
عقدت حاجبيها باستفهام…..
“بصل………..بصل إيه ؟!……”
قال بإبتسامة عذبة وهو يرفع يداه عن
كاحلها…
“لا دا موضوع يطول شرحه وانا جعان…….”
قالت بحنان وهي تعتدل في جلستها أكثر…..
“وانا طبختلك اكله انما إيه هتاكل صوابعك وراها..”
انقلب وجهه عابساً وقال…..
“طبختي؟!…….عشان كده رجلك ورمت اكتر…….”
قالت سريعاً بنفي…..
“موقفتش كتير والله شويه صغيرين….ونيرة كانت بتساعدني…….مش عايز تعرف طبختلك إيه…. ”
مسك يدها وقبلها قائلاً بحب…
“اي حاجة هتبقا من ايدك لا تقاوم……”
قالت بعيون تبرق عشقاً…..
“عملتلك طاجن بمية بالحمة الضاني…. ورز معمر……”
قال بتشجيع وهو يضع يده على بطنه
بشكلاً مضحك…..
“ياسيدي……ياسيدي…..انا كده جوعت اكتر…….”
“على ما تغير هدومك هكون حضرتلك الغدا…”كانت
تنوي النهوض لكنه منعها بحزمٍ قائلاً……
“خليكي مكانك انا هقولهم يطلعوا الاكل على هنا متتحركيش عشان رجلك…….”
اخرجت تنهيدة حانية وهي تراه يخرج من الغرفة امام ابصارها…..فقالت داعيه بقلبٍ محب………
“ربنا يباركلي فيك ياحبيبي……..ويزيد حبي في
قلبك كمان وكمان……”
………………………………………………………….
في المساء شعرت بالم قوي يداهم معدتها منعها
من النوم بشكلاً طبيعياً….. لذا نهضت مضطرة
للسير قليلاً في انحاء الغرفة او الشرفة كما تفعل
كل ليلة من يوم ان بدأت في شهرها السابع وهي لا تتذوق طعم الراحة إلا قليلاً حتى النوم حرم عليها
من شدة التعب…….
سارت في انحاء الغرفة واضعه يدها خلف ظهرها
واليد الآخرى تضعها على بطنها كنوع من الدعم لها
وان يشعر بها الصغير في نفس الوقت…….
اغمضت عينيها بتعب… التعب يزيد احياناً ثم يختفي قليلاً ويعود أقوى……. ماذا تفعل هل تيقظ عز الدين
لتذهب للطبيبة ام تتحمل قليلاً حتى طلوع الشمس
حانت منها نظرة على عز الدين الغارق في النوم على السرير ولا يشعر باي شيءٍ من حوله……
وضعت يدها على فمها سريعاً وهي تكتم صارخة قوية احمر عندها وجهها بقوة من كثرة احتباس الألم
لتجد في نفس اللحظة الماء ينساب اسفلها بقوة….
شهقت بصدمة وتوسعت عينيها بفزع….من هذا المنظر لذا توجهت سريعاً لعزالدين وايقظتها
بقوة وهي تبكي من شدة الوجع…..
“عز…..قوم ياعز الحقني……عز….قوم انا بولد…..”
انتفض عز الدين من نومه وهو ينظر اليها بعينين ناعستين………
“في اي ياحنين مالك…..انتي تعبانه ولا إيه……”
قالت حنين متالمه….
“عز الله يخليك قوم الحقني……انا بولد……”
نهض بهلع قائلاً بتوتر……
“بتولدي !!…..طب اعمل إيه….اعمل إيه……”
“اتصل بامي……..”كان سيذهب لكنها اوقفته قائلة وهي تكتم الوجع بصعوبة…….
“بلاش تتصل بامي…….هي مش هتقدر تجيلي بسرعة
اتصل بسمر……اتصل بسمر خليها تجيلي على هنا…”
اوما براسه وقد بدا يتعرق من كثرة التوتر فحاول الذهاب لكنها منعته مجدداً قائلة وهي تتأوه…
“آآآه مش قادرة…..استنى بلاش سمر تيجي على هنا انا مش هقدر استحمل لحد ما تيجي….اديها عنوان المستشفى اللي هنروحها…… انا لازم اروح المستشفى دلوقتي مش هقدر استحمل…… مش هقدر استحمل آآه الحقنيي…..”
زاد تعرقاً وشحب وجهه اكثر وهو يشعر بالعجز فقد امسك كفها سانداً اياها بقلق وهو يقول بتوتر…..
“قعدي مكانك ياحنين وانا هتصل بيهم وبعدين
اغيرلك هدومك عشان نروح المستشفى…..”
قالت بتعب وهي تشعر بضغط الوجع يزيد
عليها…….
“اتصل بخالتي زينب…….هي مش معاها تلفون
رقم أحمد معايا كلمه وقوله خليها تجيلي على المستشفى…..”
تجهم عز الدين قائلاً بضيق…
“ورقم الزفت ده بيعمل اي معاكي…….”
صاحت حنين بوجع وهي تنحني قليلاً……
“هو دا وقته بذمتك دا وقته….بولد ياخي
حس بيا آآه…….”
جز على اسنانه يكبح تلك الغيرة الحمقاء وهو يقول
بحنق…….
“هبقى اقول لصاحبتك دي تبلغ امها…..مع اني شايف ان وجودهم ملوش لازمه…..الدكتره هتقوم بلازم…”
خيم عليها الحزن والكآبة وهي تبكي قائلة
بتشأم………
“انا عايزه اهلي جمبي…وامي اول واحده تبقى معايا
متنساش تقولها……..انا خايفه اموت من قبل ما شوفهم………”
انتفض قلب عز الدين بفزع لكنه تماسك قائلاً
بوجوم……
“تموتي إيه……اي التشأم ده….. هو انتي داخله
حرب دي ولاده……..”
نزلت دموعها وهي تقول بغضب…..
“آآه مانا ممكن اموت برضو….وساعتها هتجوز غيري وتجيب لابني مرات اب تبهدله…….”
اشار عز الدين على الفراش هاكماً وهو
يمسك يدها بوجوم…..
“لا انتي تقعدي على السرير هنا ترتاحي شويه وبالمرة تقولي كل اللي في نفسك……..”
نظرت اليه بغيظٍ قائلة بحنق…..
“قعد هي لسه فيها قعده……انا بولد ياعز بولد يابنادم…….”
اجابها عز الدين بقلة صبر…..
“عرفنا انك هتولدي…..ممكن بقا تسكتي وتسبيني البسك خلينا ننزل…….”
مسكت معصمه قبل ان يبتعد قائلة بتذكر….
“طب متنساش الشنطه اللي حضرناها سوا……”
زفر عز الدين قائلاً بنفاذ صبر وهو يخلص
معصمه من يدها…..
“حاضر………حاضر اللي انتي عيزاه سيبي ايدي بقا خليني اشوف هعمل إيه…….”
بعد مدة كان يقود السيارة بسرعة تكاد تقسم انه كاد يتسبب في عدة حوادث لا نهاية لها…..
بدات تراقبه في جلستها بتوتر ازداد مع سرعة القيادة فكلما قاربا على الاقتراب من المشفى زاد تقلص امعائها بخوف وكانها ذاهبة بلا عودة…..
رغم لهفتها القوية لرؤية ابنها الذي تعجل على النزول في السابع فيبدو انه غير مرتاح بداخل….او أشتاق
اليها كما اشتاقت هي إليه بشدة……
تحسست بطنها بحنان وهي تهمس داعيه ان تخرج
من تلك الولادة سالمة كي تتمكن من رؤية ابنها وضمه لاحضانها وشم رائحته كما تمنت من يوم ان حملت به………
نظر عز الدين لوجهها الشاحب المتعب بقلقٍ
سائلاً بتوتر…..
“قربنا نوصل ياحنين……استحملي……..”
اومات براسها وهي تبتسم اليه بصعوبة بل ومدت يدها ولامست يده الممسكه بعجلة القيادة…..وقالت
بصوتٍ حاني ينساب منه الدفء……
“هبقى كويسه ياعز…….متقلقش ياحبيبي….انا وابنك هنبقى بخير…….”
ترقرقت الدموع بعيناه وارتجف قلبه بين اضلعه فمسك كفها الذي لامسه بحنان وطبع قبلة
داخله طويلة عميقة المعاني صادقة لامست
قلبها بقوة….ولم يجد جملة توفي تعبيراً عن الخوف والحب نحوها لها ولمن كان سبب في ربط حبهما
للأبد بحبلا امتن من نزعه ؟!….
اغمضت عينيها برضا رغم التعب الذي يصعب تحمله لكنها كانت من القوى ان تتحمل لأجل عيون من يموت قلقاً عليها رغم صمته وجمود ملامحه…..
قد دخلت سمر المشفى بصحبة ابراهيم
في الوقت التي خرجت منه حنين من السياره…. وحين راتها سمر اقتربت منها وساندتها وهي تسالها بقلق…
“اي ياحنين عامله اي دلوقتي…. متاكده انها ولاده…”
قالت حنين وهي تسند عليها
باعياء…..
“تقريباً ياسمر ……. لم ندخل هنشوف……”
دخلا غرفة الكشف سريعاً وكانت سمر برفقة حنين
في اي مكان حتى تمت الاجراءات سريعاً في انها ستخوض عملية قيصريه لتتمكن من وضع
طفلها فوضعها لا يسمح بالولادة بشكلاً
طبيعي……..
بدأ تجهيز غرفة العمليات وقد حضر الجميع معها والدتها (ماجدة)وشقيقها المراهق الاكبر سناً من
بين اخواتها(محمود)وكذلك حضرة والدة سمر (زينب)والكل ينتظر خارج غرفة العمليات بقلق وكلما زادت الدقائق زاد الجو توتراً……..
كان عز الدين واقفاً جوار غرفة العمليات يعد الثواني
ليراها خارجه من تلك الغرفة سالمة هي وطفلهما…
حديثها عن الموت قبل خروجهما من البيت اثار الرعب في قلبه فبات القلق يلتهم الصبر لديه
أصبح يتلوى على نيران الرعب من فقدانها
فان فقدها سيفقد الحياة معها…. نفض افكاره سريعاً
وهو يدعي ان تعود له سالمه فهذا بات كل ما يتمناه
الآن ان تعود حنين تعود عيونه ليرى النور من خلالهم……….
شعرت سمر اثناء شرودها بمن يمسح دموعها وهو يحيط كتفها بيده مقربها من صدره هامساً بحنان…
“كفايه عياط ياسمر…. ادعلها ياحبيبتي…. ان شاء
الله تقوم بسلامه هي وابنها……”
ارتمت في احضانه هامسه من بين دموعها المنسابة
“حنين كانت تعبانه اوي يابراهيم… انا مش عايزه
احمل يابراهيم….. مش عايزة……”
ضحك مدعي الموافقه على حديثها…..
“زي ماتحبي ياسمر…… بلاش عيال خالص……”
رفعت راسها اليه وهي تزم شفتيها حائرة ثم قالت بتململ…….
“ازاي يعني…. انا عايزه اخلف حداشر عيل وجبهم كلهم شبهك…….. بس في نفس الوقت مش عايزه احمل عشان متعبش….تفتكر اجبهم ازاي……”
قال ابراهيم بسماجة…..
“سهله بيتباعوا بالكيلو في السوق… هبقى
اجبلك شويه……..”
قالت منزعجة…..
“انت بتهزر هو دا وقته…….”
قال ابراهيم بوجوم…….
“وقته طبعاً….. مش كفايه مصحياني من النوم وجيباني على ملى وشي عشان صاحبتك….”
رق قلبها فمسكت يده وقالت
بحرج…..
“حقك عليا ياحبيبي بس مكنش ينفع اجي لوحدي……..”
ربت على كفها وهو يقول بتفهم…..
“وانا مكنتش هسيبك تخرجي لوحدك… على
العموم خير ان شاء الله…..دلوقتي تخرج وتطمني عليها….” ثم اشار بعيناه على عز الدين الواقف امامهما وسأل…….
“دا جوزها مش كده…..”
اومات سمر براسها بوجوم……..
“ايوا هو…….. عايز منه إيه…….. اوعى تقرب منه لحسان يعديك……”
رفع ابراهيم حاجبه بدهشة سائلاً….
“ليه هو عند إيه؟…….”
قالت سمر بقرف وهي ترمق عز الدين من اسفل رموشها الكثيفه………
“عنده داء الرمرمه…. تصور كان متجوز قبل
حنين اربعه……”
قال ابراهيم متفهماً…… “قبلها مش معاها…..”
قلبت سمر شفتيها بمقت…… “هتفرق يعني……”
اوما مؤكداً…..
“طبعاً تفرق……. تفرق كتير……”
زاد عبوس وجهها فقالت هاكمه…..
“دافع عنه مانتوا رجالة زي بعض……”
اسكتها بحزم قائلاً بصلابة…..
“اسكتي ياسمر….. احنا في إيه ولا إيه… مش شايفه الراجل عامل إزاي……. خليكي حسيسه…..”
رفعت حاجبها بتعجب…..
“حسيسه ؟!…. بتقولي انا الكلام دا يابراهيم….”
اشار لها في وقفته بان تظل مكانها وهو يقول
بخشونة…….
“خليكي هنا…. هخرج اشرب سجارة برا… وهاخد جوز صاحبتك ده لحسان لو سبناه اكتر من كده ممكن يقع من طوله……”
همست سمر هازئة ببحة حافته جداً…….
“يقع من طوله بقولك اتجوز قبلها اربعه يعني المواقف اللي زي دي متاثرش فيه…..”
هز ابراهيم راسه مستنكراً وهو يخبرها
ببساطه…
“بالعكس احنا بتاثر فينا اقل حاجة بس مش لازم نعيط ونولول ونتكلم عشان تحسوا بينا….. شويه ورجعلك……”
لوت شفتيها بعدم ارتياح قائلة…….
“مالوا ده بيدفع عنه ولا كانه من بقيت عيلته…”
اتجه الى عز الدين الواقف جوار غرفة العمليات منحني الرأس وكأن الخوف والتفكير تكوم فوق عاتقه فبات الحمل اثقل من المعتاد……
ربت ابراهيم على كتفه قائلاً بصوتٍ خشن
داعم…
“هون على نفسك ان شاء الله تقوم بسلامه…”
رفع عز الدين راسه ناظراً الى هذا الرجل بتجهم
فكان كائن ضخم همجي شكلاً شعبي في
الاسلوب….ساله سريعاً بوجوم….
“انت مين…….”
شعر ابراهيم ببعضٍ من الحرج فتنحنح قائلاً
بهدوء…
“جوز سمر صاحبة مراتك….. معلش ان كنت بحضر حاجة خاصة زي دي انا عارف انه ميصحش بس
مكنش ينفع اخرج مراتي الساعه اتنين بليل لوحدها
فوصلتها لحد هنا بنفسي………”
اوما عز الدين بتفهم قائلاً هو تلك المرة
بحرج اكبر منه…
“انا اللي بعتذرلك…. يعني قلقناكم…. بس دي رغبة حنين…… هي وسمر صحاب من زمان….وانت فاهم بقا……. ”
قال ابراهيم بتفهم……
“فاهم طبعاً وانا مقدر ده……. ربنا يقومهالك بسلامة….”
شكره عز الدين بعدت كلمات مقتضبة فهو ليس في مزاج جيد للتحدث مع الغرباء……
تنحنح ابراهيم مجدداً قائلاً باقتراح…..
“بقولك إيه…بلاش الوقفه اللي تتعب الاعصاب دي.. تعالى ننزل الكفتريا تحت نشرب حاجة سوا… لحد
ما يدونا خبر انها خرجت من العمليات…..”
تردد عز الدين من ترك المكان قائلاً….. “بس ا…….”
زفر ابراهيم تلك المرة بنفاذ صبر قائلاً دون مقدمات……..
“بلاش بسبسه الله يرضا عليك الوقفه دي لا بتقدم ولا بتاخر تعالى نقعد خمساية تحت نشرب فنجان
قهوة وسجارة تظبط دماغنا… لحسان انا قومت من احلاها نومه عشان خاطر مراتك…..”
صدم عز الدين من رده فنظر لها بذهول…
“نعم……”
أومأ ابراهيم بخشونة مؤكداً…
“إيه ما دي الحقيقه…… هكدب يعني…..ابنك دا بيستهبل جاي ينزل في السابع لا وإيه الفجر….
مين فاضيله…. ”
عند تلك النقطة ذابت الدهشة وابتسم عز الدين
وهز راسه مؤكداً على حديث هذا الضخم……
“هو فعلاً بيستهبل………. غشيم…….”
اصطحبه بعدها ابراهيم بعيداً عن هذا المكان
بعد الحاح قوياً منه….وبينما كانا يسيرا جوار
بعضهم للخارج مد ابراهيم يده لعز الدين قائلاً بتعريف عن نفسه…….
“اسمي ابراهيم راضي……..”
وضع عز الدين يده بكف ابراهيم مرحباً به
بهدوء وهو يقول…….
“تشرفنا يابراهيم……..وانا عز الدين الخولي……”
حدث كل هذا امام عينا سمر المشدوهة والتي بعد
اختفاء الاثنان……. تمتمت بارتياع…..
“انتوا اتعرفتوا على بعض…..ربنا يستر وملقكش مدخل عليا ضرة يابن راضي……”
……………………………………………………
فتحت حنين عينيها بصعوبة وهي تشعر بخمول جسدها باستثناء وجع بطنها وراسها………تاوهت وهي تحرك راسها للناحية الأخرى بصعوبة بينما تحاول بجد فتح عينيها بشكلاً صحيح كي تتمكن من رؤية الاشخاص التي تتحدث جوارها…….
شعرت بمن يعانق كف يدها بمنتهى الدفء هامساً
بالقرب من اذنها بحنان……
“حمدالله على سلامتك ياعيوني…….”
إبتسمت بصعوبة من شدة التعب والارهاق البادي عليها وتركت لجفنيها حرية الارتياح وذهبت في
ثباتٍ عميق لكن قبل ان تسحبها تلك الدوامه المظلمه سألته بصوتٍ مجهد…..
“ابننا ياعز……آدم……ادم كويس……..”
انساب صوته في اذنها مطمئن قلبها ومخدرٍ لكل حواسها……..التي خارت بارتياح بعدما قال…..
“بخير ياحنين ارتاحي…….انا جمبك…. ومعاه….اطمني… ”
(انا جمبك…..ومعاه…….اطمني……)ترددت تلك العبارة المتقطعه طول نومها فلم تشعر الى بمزيج من الراحة والأمان……وكانها عادت لبيتها بين احضانه ولم يلمس
جسدها مشرطٍ وآحد………
لا تعرف كم ساعة نامت كل ما تشعر به انها استيقظت عدت مرات وكلما استيقظت تجده جوارها
يطمئنها بصوته الحاني بعذوبةٍ تريح النفس…..فتاخذ
قسطٍ اخر من الراحة وتستيقظ فتجده جوارها يعيد الكرة مع صوته المسكن لحواسها والمطمئن لقلبها
المتعب………
تلك المرة استيقظت من نومها فلم تجده جوارها فخفق قلبها بفزع لكنها ارتاحت حينما رأت سمر
جوارها تتحسس راسها بحنو وهي تهمس لها بحنان…..
“حمدالله على سلامتك يانونا………قلقتينا عليكي….”
بلعت ريقها الجاف وهي تقول بامتنان…….
“الله يسلمك ياسمر……تعبتك معايا……”
طبعت سمر قبلة على جبهة حنين وهي تقول
بابتسامة مشرقة……
“تعب اي ياهبله دا انتي أختي…….الحمدلله انك قومتي بسلامة…….حتى آدم ماشاءالله زي القمر…
ومتقلقيش عليه هو زي الفل والممرضه راحت
تجيبه وكويس انك صحيتي عشان تاخديه في حضنك كده وترضعيه …… ”
رمشت حنين عدت مرات وهي تسالها بصعوبة…
“عز فين ياسمر…….”
قالت سمر باقتضاب……
“تحت بيشرب سجارة هو وابراهيم…….”
اومات حنين بتعب وهي تطلب منها باجهاد….
“سمر…..تعالي اعدليني عشان قعد عايزة ارفع نفسي شويه ضهري وجعني أوي……….”
“عيني يانونا….هرفعلك السرير شوية….”بالفعل بدات في سندها ثم رفعت فراش المشفى قليلاً….
فارتفع ظهر حنين للأمام قليلاً…….تاوهت حنين قائلة….
“كفايه ياسمر……..بطني وجعاني اوي…انا مش
حسى برجلي…..”
ربتت سمر على كتفها قائلة بحنان……
“معلش القيصري بيقوله انه صعب…..غير الطبيعي تولدي من هنا وتقومي تجري من هنا……بس ان شاء الله تخفي اسبوع كده وتبقي احسن من الأول الجرح
بس لسه في اوله لما ينشف ويلم هتتعملي عادي….”
اومات حنين بتفهم…… “ان شاء الله……”
دخلت الممرضة في تلك الأوقات وهي تحمل
الصغير فاخذته منها سمر بلهفة وحرصٍ ثم اعطتها
ورقة من المال وقالت بإبتسامة مشجعه……
“عقبال عوضك ياحبيبتي…….”
ابتسمت الممرضة بحرج وهي تضع المال في
جيبها….
“شكراً يافندم كتر خيرك…….حمدلله على سلامة المدام حنين……. ”
اغلقت الممرضة الباب خلفها فهمست سمر للصغير
بحبٍ وهي تتأمل حركت يده الصغيرة وعيناه التي
يحاول فتحهم بصعوبة بسبب الضوء المسلط عليه
وضعت سمر كفها لتحجب الضوء عنه ففتح الصغير عيناه لها فابتسمت اكثر وهي تقول بترحيب
مرح…..
“اهلاً ياستاذ آدم….. عارف انا مين… انا خالتك… ايوا خالتك…. مستغرب ليه…..اسمي سمر……نورت الدنيا كلها ياحفيد الخولي………”
طبعت قبله على وجنته الصغيرة جداً والناعمة جداً جداً….. همست بعيون تلمع بدموع الفرح…..
“الله اكبر ربنا يحفظك……”ثم نظرت لحنين
قائلة باستغراب يحمل طيفٍ من الرقة……..
“مش مصدقة اني شايله ابنك ياحنين…. معقول السنين جريت بسرعة كده إزاي؟…. دا كانه إمبارح…….”
رفعت حنين يدها قائلة بلهفة الأم….
“سمر هاتي اشيله شويه…….وحشني اوي…..قوليلي هو شبهي ولا شبه عز……..”
نظرت سمر الى الصغير مجدداً وهي تقول
لها باستنكار….
“شبه عز مين……دا نسخه منك….زي القمر……”
حينما اقتربت سمر اعطتها أياه بحرصٍ وهي تسمي آلله……. فحملته حنين بين يداها برفقٍ ثم ضمته لصدرها وهي تقبله قائلة بدهشة……بعد ان نظرت لوجه الصغير عن قرب…….
“فين دا اللي نسخة مني؟!… دا كل عز……دا حته
منه ياسمر…”
داعبت حنين الصغير بهمساً قائلة
برقة…..
“مش انتَ نسخة من بابا ياحبيبي……”
لم تجد رداً إلا بكاء الصغير بصريخ عالٍ لا تصدق انه يخرج من هذا الحجم الضئيل…..مطت سمر شفتيها
قائلة بتشفي…
“شوفتي اهو الكلام مجاش على هواه…….”
زمت حنين شفتيها بعدم رضا قائلة وهي تهدهد صغيرها برفق……
“ساعديني عشان ارضعه……وبطلي كلامك ده عز ممكن يزعل منك……”
قالت سمر بسخرية….
“لا وانا مقدرش على زعله أبداً…. ”
في تلك الأوقات دخلت زينب والدة سمر وماجده والدة حنين………والتي قالت بلهفة لابنتها…….
“حمدلله على سلامتك يابنتي….عامله اي دلوقتي ياحنين…….”
نظرت حنين لوجه امها الشاحب المجهد
فقالت بقلق عليها……
“الحمدلله ياماما……..قعدي ياحبيبتي شكلك تعبانه….”
قالت ماجدة بصوتٍ حاني…..
“انا كويسه ياحنين متقلقيش عليا….المهم انتي…..”
اجابتها حنين مبتسمة…..
“الحمدلله ياماما……… والله كويسه…..”
فقالت زينب بمحببة وهي تربت على
كتف حنين…..
“حمدالله على سلامتك ياحنين…يتربى في حضنك
وفي خير أبوه………”تحسست كتف الصغير
وهي تطلع عليه ثم قالت بابتسامه
حانيه…..
“بسم الله ماشاء الله….. زي القمر ياحنين……..نسخه من أبوه……”
اتسعت ابتسمت حنين برضا وهي تنظر لسمر بتحدي فلم تجد منها إلا التواء شفتيها بعدم اقتناع…..
مصممه انه يشبهها هي أكثر……….
دخل عز الدين في تلك الاوقات فراها استيقظت وبين يداها الصغير تحاول اطعامه من ثديها لكنه
يأبى القبول رغم صرخة الجوع التي تصدر منه….
قبل ان يصل اليها عرقل وصوله المباركة التي
اتت على لسان ماجدة وزينب وبعدها أتت
مباركة سمر باقتضاب واضح فرد عليها بنفس اسلوبها فهو لا يطيقها من أول يوماً راها فيه….
رغم جاذبيتها المعهودة إلا انها بها شيءٍ يستفزه فيجعله ينفر منها……
مع ان زوجها (ابراهيم راضي) أفضل منها بكثير فبعد تبادل الاحاديث معه اكتشف انه رجلاً سوي
في المعاملة مريح في الحديث متفهم رغم خشونة أسلوبه الشعبي………
هذا النمط الذي لاول مرة يتعامل معه بصورة اوضح……..
خرج الجميع من الغرفة واعطوا مساحة لهما…..
حينما اقترب عز الدين من فراشها مالى عليها وطبع قبله على شفتيها ثم همس امام وجهها بحنان….
“حمدالله على سلامتك ياعيوني…. عامله اي دلوقتي…….”
قالت بعتابٍ…..
“الحمدلله…. كنت فين ياعز…. صحيت ملقتكش جمبي……”
قال معتذراً وهو ينظر لها باهتمام….
“كنت بشرب سجارة برا…… اتاخرت عليكي…”
“شويه……” ثم اعطته الصغير وهي تقول
بصوتٍ متألم……….
“خد ادم شويه الجرح شد عليا……”
حمل الصغير على يداه وقبله ثم كبر في اذنه
برفقاً فقالت حنين مبتسمة بتعب……
“اي رايك في آدم…….. حلو…….”
قال بصوتٍ عذب مفعم برضا والفرح وهو يوزع نظراته عليهما…..
“زي القمر ياحنين…. حمدالله على سلامتك وسلامته…….”
ثم قبل الصغير مرة اخرى محدثه بمحبة
الأب….
“نورت الدنيا كلها ياحبيب بابا…….”
مطت حنين شفتيها وسالته بدلال….
“هو بس اللي حبيبك……..”
نظر عز الدين اليها بعينين تشع حبٍ
وقال……..
“انتي الاصل ياعيوني….. انتي الحب كله……”
ابتسمت حنين قائلة بصوتٍ مفعم بالحب
والامتنان لوجودهم بحياتها……..
“وانت حبيبي…. ربنا يخليكم ليا….. ويدمكم
نعمة في حياتي……..”
مالى عز الدين على شفتيها وطبع قبله سطحية
عليها ثم قال بهمساً سري…….
“بموت فيكي ياحنين…….”
بكى الصغير بعد تلك الجملة فضحك عز الدين مشدوهاً وهو ينظر اليه محدثه بمزاح……
“الله !!….. هنبدأ نغير من دلوقتي ياستاذ آدم…”
فردت حنين ذراعها وهي تضحك
بخفوت…….
“هاته ياعز….. شكله جعان….. هحاول ارضعه
تاني….. يمكن يلاقي رزقه…….” ضمت الصغير لاحضانها وحاولت ارضاعه بينما كان عز الدين يتابعهما وهو يتمتم لله شاكرا نعمته…………
……………………………………………………………
دخل من باب شقة والده بالمفتاح فوجد والدته تجلس في صالون امام التلفاز على احد الارائك
ممددت الساقين وبين ذراعيها تندس راس سمر التي
كانت تهمس لها بشيءٍ فتضحك امه وقد تهلل وجهها
المجعد بسعادة وبدات عينيها تلمع بومضٍ غريب…..
تنحنح ابراهيم بخشونة وهو يتجه اليهن……
خرجت سمر من احضان نوال وهي تتبسم في وجهه بحب وقد نهضت في استقباله بعناقها المعتاد……
ضمها لصدره وقبل جبهتها وهو يهمس بخفوت….
“عامله إيه……وحشتيني……روحتي بدري يعني النهاردة……..”
اجابته وهي تبتعد عنه قليلاً….
“كنت تعبانه شويه فقولت أروح ارتاح في البيت….”
انتفضت ملامحه بقلق وسالها وهو يلامس
وجنتها بيده……
“تعبانه ؟!….تعبانه عندك إيه…….”
اسبلت جفنيها ثم ارجعت خصلة ملتويه من
شعرها للخلف وقالت بحرج………
“شوية تعب كده……..يعني لما نطلع هقولك……”
وزع نظراته بين ترددها وحرجها النادر وبين ابتسمت امه الشقية التي تحاول كبحها بصعوبة لكنه لمحها
بطرف عيناه……….. سائلهن سريعاً بشك……
“هو انتوا مخبين عني حاجة……شكل في حاجة
مش مطمنلكم……”
ضحكت والدته تلك الضحكة الئيمه وهي تنهض مربته على كتفه بفخرٍ قائلة……
“اطمن ياحبيبي كل خير…….الف مبروك…..”
صاحت سمر وهي متسعة الاعين….
“ياماما………. ماما احنا قولنا إيه…….”
وضعت نوال يدها على فمها تكبح ضحكتها ولسانها
وقالت معتذرة كالاطفال…..
“يووه حقك عليا…. احنا متفقين انك انتي اللي تقوليله…… خلاص سكت…….”
مال ابراهيم براسه نحو زوجته ينظر لها بعينين حائرتين……
“تقولي؟…..تقولي اي بظبط …….. هو في حاجة حصلت انا معرفهش………وبعدين انتي تعبانه
عندك إيه.. ”
ربتت نوال مجدداً على كتفه قائلة ببهجة….
“عندها الخير كله ياحبيبي…… ربنا يقومها بسلام يارب…. ويعدي الشهور دي على خير….. ويبعد عنها
العين……..” ثم هتفت متذكرة وهي تبتعد
عنهما بسرعة…..
“تصدقي ياسمر نسيت ابخرك….. انا هروح
اجيب المبخرة……..”
ركضت خلفها سمر تمنعها وقد ابتعدا عن ابراهيم قليلاً فهمست سمر لها بتوجس…..
“ياماما مش وقته لما انزلك تاني اعملي اللي انتي عيزاه…. انا هطلع انا وابراهيم دلوقتي عشان اقوله
ماشي……….”خفق قلب سمر واتسعت ابتسامتها
بحماس وهي تنظر لنوال التي قالت لها
بتمهل…….
“ماشي قوليله بس على مهلك عليه…..”
قالت سمر باستغراب….
“هو انا هكله يعني ياماما…..”
مسكت نوال ذراعها هامسه لها بخفوت مفعم بالحب وسعادة الأم…….
“لا يعني قصدي مهدي كده للحوار عشان يستوعب الخبر….. انا لحد دلوقتي مش مصدقه….اني هبقى تيته……هي مش اول مرة بس ابن ابراهيم او بنته
هتبقى حاجة تانيه دي من صلب صلب راضي….ياحبيبي ياراضي دا انا مستنياه على نار عشان اقوله الخبر….. هيفرح اوي…… دا احنا كنا بنحلم باليوم ده من قبل حتى ما ابراهيم يتجوز…… ربنا يتمملك بخير ياحبيبتي…….” تحسست شعر
سمر وهي تقول بعيون تلمع بدموع الفرح…..
“انا عيزاكي تاخدي بالك من نفسك كده……ومتتحركيش كتير اقولك تعالي قعدي
معايا هنا لحد ما تولدي…….”
ضحكت سمر ذاهلة وهي تقول بتمهل….
“ياماما انا كويسه مش تعبانه والله وبعدين الكلام ده سابق لاوانه……..انا حامل في شهر……في شهر واحد………”
اوقفتها نوال بحزم……
“والله لو حامل في عشرة ايام تاخذي بالك من
نفسك برضو……..اتفقنا……..”
لمحة سمر اقترب ابراهيم منهم فقالت سريعاً
بارتباك……..
“ماشي ماشي خلاص….عشان ابراهيم قرب مننا….”
انحنى ابراهيم برأسه عليهن بحركة مضحكة
لقصر قامتهن وهو يسأل بحنق…..
“انتوا بتكلموا في اي بظبط……”
انتفضت سمر بفزع وكذلك نوال التي قالت بحنق
من ابنها……
“هنكون بنتكلم في إيه…….بوصيها تاخد بالها من نفسها عشان التعب اللي بيجلها ده……”
تفقد كلتاهما بحركة سريعة من عيناه سائلا
باستفهام……
“ايوا………..تعب إيه بقا اللي بيجلها……”
في غمرة السهوة كانت ستعترف نوال بكل شيءٍ
لكن سمر لحقت بها وهي تسحب ابراهيم من ذراعه
قائلة بسرعة……..
“تعالى نطلع فوق يابراهيم……هقولك على كل حاجة…….”
سار معها للخارج ولكن حانت منه نظرة لامه يسألها
بعيناه فاشارت نوال على بطنها فقال ابراهيم بغباء…….
“مالها بطنها؟!…….”
انتبهت سمر لتلك الجملة فادارة راسها وعينيها
على نوال تحذرها باستياء حزين……
“ياماما……..”
نظرت نوال للأعلى قائلة ببراءة…..
“انا مقولتش حاجة……..”
فضحك ابراهيم عليهن وهو يحك في راسه مفكراً باشارة أمه……محاول ربط الخيوط ببعضها……
صاحت نوال بقلق من خلفهما حينما وجدت سمر تسرع الخطى على سلالم البيت…..
“على مهلك ياسمر وانتي طلعه…..براحة الجري والتنطيط مش حلو عشان بطنك……”
قال ابراهيم عابساً وقد بدات بوادر الغضب تطوف على وجهه………
“مالها بطنك ياسمر…… متفهميني في ايه…. بدل
مانا وقف كده زي العبيط وسطكم………..”
قالت بارتباك وهي تنظر لباب شقتهما المغلق………
“هقولك دلوقتي…….. افتح بس الباب……”
تمتم بوجهاً مكفهراً وهو يضع المفتاح في المزلاج……..
“استغفر الله العظيم…. ”
حينما دخلت من الشقة معه مسك ذراعها سريعاً
وهو يسالها بحنق…….
“فهميني اي اللي حصل تحت ده….وانتي تعبانه عندك إيه……..”
قالت بتراجع…. “معنديش حاجة……”
سالها بتشنج……
“ازاي يعني امال مالها بطنك…….”
رطبت شفتيها وهي تنظر لعيناه بهدوء فطال الصمت بينهما لبرهة فقال ابراهيم وهو يزفر بنفاذ صبر فقد بدأت الافكار السوداء ترتسم امام عيناه بشكلا مفجع
للقلب…….لذا مسك ذراعيها بين يداه وهو يسالها برفق……..
“مالك ياسمر…..انتي تعبانه عندك إيه…….مخبي
عني إيه……..”
قد قرات افكاره سريعاً لذا رق قلبها وهي تخبره
بصوتٍ حاني مطمئن…….
“مفيش حاجة ياحبيبي……..دماغك راحت فين…….اطمن……”
اصر والقلق متربع في عيناه وصوته
“طمنيني انتي مالك……”
مسكت كف يده سريعاً ثم وضعته على بطنها وقالت
بهمساً متمهل يحمل رقة العالم في كلماتها…
“انا حامل………انا حامل يابراهيم…..”
ارتجفت ملامحه بغير استيعاب وعيناه متعلقة بلؤلؤتيها البراقة…..سائلا مجدداً وهو ينظر لموضع
يده……
“بتقولي إيه ؟!……..”
انساب صوتها الناعم وهي تهدي عنياه أجمل
ابتسامة تقطر صادقاً وعشقٍ……..
“بقولك انا حامل………انا حامل ياحبيبي……عملت تحليل دم النهاردة وتاكدت اني حامل…….”
الان أبتسم لها ابتسامة خفق قلبها معها وقد لمعة عيناه القاتمة بسعادة وعدم تصديق وهو يهمس بصوتٍ أجش…….
“بجد حامل ياسمر……..حامل بجد…….”
نزلت دموعها وهي تهز راسها قال بحرارة….
“والله حامل……والله حامل…..حامل يابراهيم….حـ…”
سحبها بقوة لاحضانه وقد ارتفعت قدميها عن الأرض
في عناق مجنون يحمل دفء العالم وحب يغطي الكون وامتنان لن توفي الكلمات حقه……همس
بصوتٍ متحشرج تشعر انه بكى في احضانها
او انها تتوهم……..
“الف مبروك ياحبيبتي….مبروك….مش مصدق….لسه
مش مصدق انك حامل……”
خرجت من احضانه وهي تمسح دموعها بظهر
يدها…..قائلة بوله….
“ولا انا يابراهيم…..انا مش مصدقه وكاني بقالي سنين مستنياه….مع اننا بقالنا بس خمس شهور متجوزين……….”تحسست بطنها المسطحه امام
عيناه وهي تقول بابتهاج واضح بصوتها…..
“انا نفسي الشهور تجري بسرعه وشيله بين ايدي…نفسي اخده في حضني وشم ريحته….
البسه بنفسي واكله وجبلك كل حاجة نفسه فيها ابراهيم انا عيزاه يبقى نسخه منك…….لا وكمان نفسي اجيب توأم ولد وبنت…..تصور لو عندنا
توأم…… الله….الله يابراهيم…….”
دارة حول نفسها وهي تقول بعيون لامعه بسعادة ترسم أحلام وردية دافئه ناعمة جميلة مثلها
تلك البهية ستنجب طفلاً منه…..سيكون بينهما
رابط آخر امتن من بتره……
ابتسم اكثر وهو يسمعها تقول بجذل مفعم في صوتها الانثوي الجميل………
“تصور لما يبداو يحبو…..ويطلعوا على الكنبه دي…..وشويه على التربيزة……تصور لم تعدي كام
سنه ويبداه ياكله زينا……ويقعدوا معانا على السفرة……” نظرت اليه بحب وقالت بتذكر…
“ياريت ياخده حنيتك……”
اضاف هو بصوتٍ دافئ…..
“وياخده جمالك وحبك……..وقلبك الأبيض……”
اقتربت منه سريعاً ودست جسدها في
احضانه…..هامسه بحرارة الحب….
“بحبك……..بحبك اوي يابراهيم…….”
ضمها لاحضانه اكثر وقال بهمساً عذب……
“وانا بعشقك ياسمر……مبروك ياحبيبتي….مبروك
ياشبح………” اخرجها من احضانه ومسك فكها بين اصابعه وهو يقول بمرح مداعب عينيها الجميلة
بعدما ارتفعت بنظر اليه….. “عايزين شبح صغير
زيك كده يتعبني زي مانتي تعباني………”
مطت شفتيها بدلال سائلة….
“بذمتك انا تعباك ياهيما…….”
أجابها ساخراً……
“لا إزاي دا انا من يوم ما عرفتك وانا مرتاح…….”
“بتتريق طب انا مخصماك…….متكلمنيش… “لكزته
في صدره وهي تبتعد عنه فلحق بها سريعاً قائلاً
“تعالي هنا ياسمر…..”سحبها بقوة من يدها ثم
حملها في لحظة بين ذراعيه القوية وقال لعيناها بوقاحة……
“راحه فين……احنا عندنا مناسبه حلوة مش
لازم نتحفل بيها ولا إيه…….” غمز لها بشقاوة
رنة ضحكتها في انحاء الشقة وهي
تقول بتغنج……..
” يابراهيم………. انا حامل………”
ادعى الدهشة قائلاً بمزاح….
“اي دا بجد…….. مبروك ياشبح……..”
ضحكت بدلال وتعلقت يداها في عنقه وهو يدخل بها غرفة النوم ثم أغلق الباب عليهما وبدأ الاحتفال
بأول طفلاً بينهما……….
……………………………………………………………..
بعد مرور أربع سنوات….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!