روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الحادي والأربعون

رواية غمرة عشقك البارت الحادي والأربعون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الحادية والأربعون

كل شيءٍ يتغير وأحياناً يختلط مع مرور الوقت… دوماً يقال ان الايام كفيلة بنسيان ، ونظل نسعى كالحمقى في دائرة مغلقة ظناً منا اننا نجيد لعب الدور…. لكن مع أول اصطدام حقيقي تقع الاقنعة وينكشف الستار عن مشاعر لم تدفن مع مرور
السنوات بل انها ترعرعت داخلنا وقوى
جزعها و اصبح الخلاص منها بموتنا ؟!….
عدل ياقة قميصه امام المرآة ثم رش عطره المفضل
من ايام المراهقة حتى الآن لا يضع إلا هو…..
دندن بصوتٍ نشاز وهو يرتدي جاكت الحلة الرسمية
هندمها جيداً ثم ارتدى ساعة اليد الشبابية الانيقة
وهو مزال يدندن بصوتٍ خشن بشع….. لدرجة انه
سمع الباب يدفع بقوة والخطوات الصغيرة تتقدم
منه بحنق……
لم يكلف نفسه عناء النظر خلفه بل انتظرها كي تتقدم وتصعد على حافة الفراش كما تفعل كلما أرادت محادثته بجدية………صرخت الصغيرة بوجهاً
عابس بعد ان صعدت على حافة الفراش لتزداد
طولاً……….
” صوتك وحش……..”
ابتسم أحمد ولم يرد عليها بل تابع غناء
فصرخت قائلة بمنتهى الطفولة والبراءة……
“اسكت……هقول لبابا…….صوتك وحش…….”
لم ينظر اليها بل قال ساخراً…..
“ولما تقولي لبابا هيعملي إيه……”
قالت الصغيرة بغضب……. “هيضربك…….”
ابتسم على تلك الكلمة فتقدم منها وجلس على حافة
فراشة يجذب الحذاء الامع من اسفل السرير……
قائلاً ببراءة……..
“واهون عليكي ياكوكي……..”
زمت شفتيها الحمراء الصغيرة وقالت
أمره……”بطل غنى…….”
اوما براسه بانصياع بعدما ارتدى حذاءه ثم مالى بكليته نحوها معطيها كامل تركيزه وهو يسالها بمناغشة………
“حاضر……….قوليلي انتي اي اللي جابك الصبح
كده عندنا…….عايزه إيه…….”
نظرت اليه ببراءة وعيناها السوداء الشبيهة بعيني امها تبرق برجاء الأطفال حينما قالت بهمساً
لطيف….
“قطه………….يا احمد…….”
ادعى الملل وقال بوجهاً مكفهر…….
“هو انتي مبتنسيش أبداً…..طب عايزه قطة لونها إيه…..”
مطت شفتيها بعدم فهم وقالت مجدداً…..
“قطة…….”
هز راسه ثم مد يده وتحسس نعومة شعرها
الاسود القصير وهو يومأ برأسه قائلاً بمرح
“خلاص…. وانا راجع من الشغل هجبلك قطة…. بس
بشرط تديني البوسه بتاعتي……. ”
هزت الصغيرة راسها وهي تتذكر شيءٍ
هام…….
“ماما قالت عيب……….الأولاد لا…….”
عقد احمد حاجبه بدهشة وقال مبرراً
الأمر ببراءة…
“بس انا مش أولاد….انا خالو……بوسة لخالو…..”
ابتسمت الصغيرة ومالت عليه وطبعت قبلة على وجنته…..فقال أحمد بمرح وهو ينقض عليها
كالوحش……….
“الله عالبوسة….انا عايز واحده كمان…..واحده
كمان ياكوكي………..”
“لا….لا……”كانت تهتف بها الصغيرة بشقاوة وهي تتلوى ضاكحة على الفراش بينما هو يدغدغها ويقبلها بمحبة……فكانت جميلة بشكلاً يسر العين وحجمها الصغير شيءٍ مضاف الى جمالها ولطفها….
كانت تشبه والدتها اكثر نسخة من سمر شكلاً وجمالاً وشقاوة….. مثلها هي في مرحها وحبها ربما الشيء الوحيد الذي حصلت عليه من ابيها عبوس وجهه
عند الغضب……هذا ماتم اكتشافه حتى الآن فهي مزالت في عمر الثلاث سنوات وعدت أشهر…….
ام عن لسانها فهذا يضاف له عمراً اخر يتناقض
مع سنها ؟!…..
نادت زينب عليهما بحنق شديد قائلة…..
“يا أحمد… الفطار يابني………بت يامكه…..مكه
تعالي هنا كملي كوبية اللبن بتاعتك……..”
خرجت مكه من الغرفة صارخة بتمرد……
“لا……..مش عايزه…. ”
قالت زينب بتوعد……
“والله يامكه لو ما جيتي شربتي اللبن وسمعتي الكلام هتصل بسمر تطلع تاخدك…….”
زفرت الصغيرة بحنق وهي تتجه الى جدتها وتجلس جوارها على المقعد لتاخذ الكوب وتشرب منه على مضض……
ضحك عارف الذي كان يراقب الموقف من بدايته
وهو جالس على مقعد السفرة…..فمد يده وقرص وجنة مكه قائلاً بمرح…….
“اشربي اللبن يالمضه وسمعي الكلام…….عارفه لو شربتي اللبن ده كله هجبلك شوكلاته اي رأيك…….”
ابتهج وجه الصغيرة فقالت…… “بالحليب…….”
اوما عارف ضاحكاً……. “بالحليب……..”
فغرت زينب شفتيها بدهشة وقالت للصغيرة….
“شوكلاته اي بس…..دي كوباية اللبن اللي قدامك
دي فيها الفايدة كلها……”
لم ترد عليها الصغيرة بل مدت يدها وبدات في اكل شرائح الخيار عابسة الوجه……… صاحت زينب
بتعب من كثرة الكلام معها……
“اسمعي الكلام يامكه…. واشربي كوباية اللبن الأول…….”
خرج أحمد من الغرفة قائلاً بأمر للصغيرة…..
“اشربي كوباية اللبن يامكه واسمعي كلام تيته
عشان اجبلك القطه بليل……”
اومات الصغيرة برأسها وهي تمسك الكوب الصغير وتبدأ في الشرب بتمهل……
زفرة زينب بارتياح وهي تجلس على المقعد ناظرة لابنها في وقفته قائلة……
“قعد يا احمد….. كُل لقمه قبل ماتنزل الشغل….”
قال أحمد بهدوء وهو يراسل كرم من على الهاتف
برسالة مختصرة…….
“مش هينفع يازوزو….. انا لازم انزل دلوقتي… عشان هطلع اجيب العربية من المعرض قبل ما طلع على الشغل…….”
سالته زينب وهي تضع اللقمه في
فمها…..
“انت خلاص دفعت فلوسها……”
قال احمد مبتسماً……..
“من فترة… وهستلمها النهاردة…….. ادعيلي بقا يازوزو………انتي عارفه اني من ساعة ما بدأت
اشتغل وانا بحلم اشتري عربية…… ”
قالت زينب بلمحة حزن……
“وربنا حققلك حلمك…… عقبال العروسة……”
استدار مغادراً الشقة وهو يقول…..
“بدأنا…….. انا ماشي عشان اتأخرت…….”
صاحت زينب من خلفه بغيظٍ……
“استنى يا أحمد…. طب والله العظيم العروسه اللي انا جيبهالك متترفضش…… استنى ياواد….”
لم تسمع إلا إغلاق الباب رداً عليها… اخرجت زفرة حنق وهي تنظر لاخيها عارف الذي قال
بفتور…….
“ريحي نفسك يازينب……. وطلعي حوار الجواز ده من دماغك….. ابنك متخرج يجي من سنه ونص يعني لسه المشوار قدامه طويل على حوار الجواز ده…….”
قالت زينب بنبىة كالفولاذ الصلب….
“مشوار إيه اللي طويل ياعارف…….. الكلام ده لو هيشتري شقة… لكن شقته اهيه موجوده…. يتجوز هنا معانا…..والعروسه اللي جيبهاله موافقة على كده…. ”
“بس هو مش موافق……..”عاد عارف للطعام بعد
تلك الجملة…. فتنهدت زينب بحيرة فهي تسعى
بشدة لرؤيته مستقر في حياته كاخته…….
……………………………………………………………..
لوح احمد بالمفاتيح بين اصابعه وهو ينظر لصديقه قائلاً بزهوٍ……
“ها اي رأيك………”
نظر كرم للسيارة البيضاء الفخمه بسقفها
المكشوف باناقة…….فرد عليه بحفاوة….
“اقسم بالله فاخر من الاخر……..دي بكام دي يابو حميد…. ”
قال احمد بسماجة….
“بفلوس كتير……. معاك تعد……..”
حك كرم في شعره الغزير قائلاً باستياء…..
“لا مش معايا….مانت عارف السنه ونص اللي عدت في الشغل كل اللي خدته صرفته على جهاز اخواتي البنات……”
انتبه أحمد لزجاج السيارة المغبر فاخرج منديلاً
ورقياً وبدا بمسحها باهتمام وهو يرد على
صديقه……
“الحمدلله انك خلصت بكرة تفوق……بس اي الدربكه دي الاتنين اتخطبه واتجوزه في نفس السنة…..”
ضحك كرم قائلاً بسخط…..
“ما دا اللي بيقوله عليه عفريت العلبة…….”
القى احمد المنديل أرضاً ونفض يداه في بعضها
وهو يقول لصديقه بمودة……
“ياعم بكرة تروق وتحلى……..وبعدين انا وانت اي ياكرم……..العربية قدامك اهيه اتفضلها…….”
اتسعت ابتسامة كرم باستغلال
وقال…..
“اتفضلها بجد………”
فتح احمد الباب واحتل مقعد القيادة قائلاً
بغلاظة….
“انت هتستهبل دي عزومة مركبيه….اركب جمبي خلينا نخلع………”
صعد كرم جواره وساله
بانتشاء….
“هتودينا على فين ياحمادة……”
ادار أحمد محرك السيارة قائلاً بجدية بائسة….
“أكيد مش هنتسرمح…… وقت العمل يابو المكارم…”
زفر كريم ببؤس قائلاً…..
“هو العمل ده مبيخلصش أبداً كل يوم….كل يوم……..اطلع بينا على الزفت……..”
ضحك أحمد قائلاً بعقلانية….
“يابني حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب……..”
قال كرم واجماً……
“والله العظيم انا بكره الاتنين….. اطلع ياعم على الشغل خلينا نخلص ام الساعتين دول ونروح……”
انطلق احمد بسيارة ضاحكاً……اثناء القيادة نظر كرم لسقف السيارة المكشوف بضيق فقالت بتافف….
“هو السقف ده مبيتقفلش…….”
نظر له احمد بطرف عيناه….. “سقعان ولا إيه…….”
قال كرم بسخط……
“تقريباً احنا في شهر اتنين……عز الشتا……”
قال أحمد بهدوء وعيناه معلقة
على الطريق…. “الجوو مش سقعه……”
قال كرم بتململ….. “بس انا سقعان ياخي……..”
اتكا احمد على الزر لاغلاق السقف وهو يقول بوجوم……
“انا مش عارف انا جبتك معايا ليه……اكتمنا اكتر
ما احنا مكتومين……..”
ادعى كرم الحقد قائلاً بمناكفة…..
“واي اللي كاتم سيادتك مانت لسه شاري عربية جديدة لا واي موديل السنادي……”
رمقه احمد شزراً قائلاً بقرف….
“قر…… قر بقا ياكرم…..خليها تتقلب بينا ونخلص…..”
رد كرم بمزاح ثقيل…….
“ياعم بعد الشر عليا…….انا لسه صغير……..”
تمتم أحمد بانزعاج…… “بارد…….”
ضحك كرم ثم بعد لحظات تلاشت ضحكاته
متذكراً شيءٍ هام………
“بقولك صحيح عملت اي في حوار دبي ده….هتسافر فعلاً تستلم فرع الشركة زي ما توفيق بيه عايز ولا هتفضل شغال هنا……”
أومأ أحمد مفكراً مع صديقة بصوتٍ عالٍ……
“بيني وبينك الفرصة حلوه اوي ياكرم…..مرتب اكبر
منصب اعلى……..خصوصاً اني هبقا مسئول عن الفرع كله الموظفين هيبقوا تحت ايدي ……..بس حتة
اني استقر برا مصر دي صعبه عليا….خصوصاً امي وخالي……..ما عليك من سمر هي مستقره مع جوزها
وحياتها تمام…..بس امي وخالي مين هيرعاهم في غيابي وفرض حصلهم اي حاجة في غيابي..هسامح نفسي إزاي……..”
نظر كرم اليه بطرف عيناه قائلاً
بلؤم……
“العقبه كلها في امك وخالك…….بس…..”
نظر له احمد سريعاً سائلاً بقوة…
“قصدك اي ياكرم…….”
هز كرم راسه بتراجع بعد نظرات أحمد
القوية… “ولا حاجة…….”
ضرب احمد على عجلة القيادة قائلاً بخشونة..
“مش كل مرة هنفتح الموضوع ده….ما تقفل
السيرة دي بقا وفكنا…….”
حدثه كرم بجدية اكبر…..
“انا نفسي افهم انت واقف مستني إيه…حياتك متظبطه واديك اتخرجت واشتغلت علطول
وامورك بقت تمام……ما تروح تتقدملها……”
صاح أحمد بتشنج…… “لا…….لا ياكرم……..”
رفع كرم حاجبه بدهشة…..
“لا ليه……مانت بتحبها وهي بتحبك…….”
لوى احمد شفتيه ساخراً من الجملة…..
“بتحبني ؟!….اللي عملته اكدلي فعلاً انها بتحبني…..”
دافع كرم عنها قائلاً بعقلانية…..
“كُنت عايزها تعمل إيه….انتوا كنتوا لسه صغيرين
يا احمد وبتدرسه………لكن دلوقتي… ”
قاطعه أحمد بصلابة….. “دلوقتي زي زمان…….”
تنهد كرم وهو ينصحه برفق…..
“متعندش يا أحمد….البنت ممكن تتجوز في اي
لحظة وتضيع من بين ايدك……..”
لمعة عينا أحمد بومض الغضب وانتفض قلبه
بوجع لكنه قال ببرود…..
“هي ضايعه من زمان مش لسه هضيع…..فكك من الحوار ده…. انا طلقت صنف الحريم بتلاته….”
لوى كرم شفتيه وهو يقول بنزق…..
“ياراجل و ماهي مش من الصنف……..”
قال أحمد سريعاً وعيناه معلقة على الطريق
بتركيز…..
“دماغك متروحش لبعيد اللي بينا زمالة شغل
مش اكتر……..”
ضيق عليه كرم بالاسئلة قائلاً باستجواب…..
“باين……بامارة اهتمامها بيك….خصوصاً في وقت البريك………”
ضحك احمد باستخفاف وهو يقول
هازئاً…..
“والله انا حساس اني قعد مع مراتي وبتحقق معايا……”
لوح كرم بيده بقرف…….
“ياعم اولع انت وهي انا بفتح عينك بس ان البت هتموت عليك……….وانت مصدر الطناش…..”
قال احمد بصوتٍ خالي من المشاعر……
“خليها تموت زي اللي قبلها……انا مفيش بيني وبينها غير زمالة شغل وبس……وشكراً………”
اوما كرم برأسه قائلاً……
“واضح انك طلقت الصنف بتلاته فعلاً……عقبالي…”
سخر احمد قائلاً بمناكفة مرحه…..
“معتقدش يافنان……دا احنا مش بنروح في حته غير لما نلاقي النسوان في ديلنا….قال إيه عايزين صوره مع الفنان…………مينفعش صحاب الفنان بالمرة… لا الفنان بس….وكلها ولعه يافنان……..”
قال كرم ضاحكاً بغرور…….
“شوفت مين اللي بيقر على مين دلوقتي…..”
عدل احمد ياقة قميصه قائلاً بابتسامه تقطر
زهوٍ……….
“اقر على مين يابني انا لو عايز ادخل الميديا دي بعون الله اتشهر بصورة واحده…….”
اكمل كرم قائلاً بمزاح…….
“وهنكتب فوقيها سبحان الله انسان براس كلب……”
لم يتلقى كرم جوباً الا صفعة على مؤخرة عنقه….
بعد دقائق وصلا الى مقر الشركة وقد قابلا في طريقهما يوسف الذي اتى عليهم بحلة فخمه انيقة
وبين يداه كان يحمل احد الملفات……..
وقفا الثلاثة في الممر وبدأ تبادل السلامات ثم سال
يوسف أحمد باهتمام……
“الاجتماع كمان ربع ساعة…….توفيق الشامي على آخره وعايز ملف المجمع السكني اللي ماسكه
الشركة مقولته………الملف معاك يا احمد مش
كده….”
اوما أحمد برأسه وهو يخرج من شنطة الحاسوب
الملف قائلاً بعملية………
“معايا متقلقش وسهرت عليه امبارح وقريته كويس وضفت كم حاجة كده نظام تحديث للعقارات اللي فيه……وحذفت حاجات ملهاش لازمه…..”
بدات بودار الازعاج على وجه يوسف وهو يقول متاففاً بقلق……
“انت كده عملت دراسة جدوى من جديد…. حذف وتحديث مانت عارف ان توفيق الشامي مبيحبش حد يعدل وراه…….وكمان حذفت يا أحمد….دي
طلبات العميل بتحذف طلباته إزاي بس…. ”
تحدث احمد بمنتهى الهدوء الجاد قائلاً….
“اسمعني يا يوسف العميل هيبقا حاضر الاجتماع معانا عشان يشوف اخر تطوير المجمع من ناحية البنى وانا هشرح وجهة نظري سواء في الحاجات اللي حذفتها او اللي ضفتها وهو في نهاية حُر
موافق تمام مش موافق خلاص نسخة الملف القديمه مسجلها على الاب توب عندي هبقا ابعتها لتوفيق بيه بعد الاجتماع…….”
قال يوسف بقلة حيلة…..
“انا مش عارف اقولك إيه…..بس وريني الملف اللي في إيدك ده اشوف عدلت في إيه…..”زفر يوسف باختناق وهو يشد ربطة عنقه قليلاً وبدأ في التوتر
فلو غضب العميل من تصرف أحمد بعد ان حذف طلباته بل واضاف أيضاً من رأسه اشياءاً اخرى
لربما تخسر الشركة العميل للأبد………..
تقدمت منهم خطوات انثوية سريعة تهمس
بتعجل….
“انتوا وقفين هنا والاجتماع بدأ…..يابشمهندسين توفيق بيه على أخرى……. واي تأخير مش في صالحنا….”
استدار لها يوسف وكذلك كرم اما احمد رفع عيناه عليها بهدوء….توترت حدقتيها من نظراته واصيب قلبها بخلل غير طبيعي……
نظر لها أحمد سريعاً ككل يوم انيقة هادئة عملية
(ماهي….)الفتاة الاكثر رقة وانوثة وهدوء…….
حانت منه نظرة فاترة على ملابسها كانت ترتدي طاقم كلاسيكي أنيق مصففه شعرها البني للخلف بلفة رائعة…….. عيناها رماديه لامعه ببشرة
حنطية وملامح انثوية جذابة…….
انتبه لصوت يوسف يقول بتعجل….
“احنا فعلاً اتاخرنا والكلام سرقنا……يلا بينا يا
احمد يلا يا كرم……..”اتجه كرم مع يوسف
بينما نظرت ماهي لاحمد وسارت بجواره قائلة
بنعومة…….
“صباح الخير يا احمد…….”
رد عليها بهدوء…….
“صباح النور…….مش هتحضري الاجتماع ولا إيه…”
اومات براسها بهدوء…… “اكيد هحضره…….”
“تمام يلا بينا…….”قالها ولحق بها لغرفة الاجتماع…
وقفت مكانها تاخذ انفاسها بهدوء محاولة تهدأت نبضات قلبها العالية…….الى متى سيظل ينبض بجنون كلما وقعت عيناها على عيناه العابثة
الدافئة الـ……..المتألمة…….كيف لشخصٍ رائع
مثله ان يتألم……..ولماذا ومض الحياة في
عيناه منطفئ بخيبة أمل كبيرة……..
وكيف لها ان تفسر حالته في خلال سنه ونصف
فقط……..وكيف تحب شخصاً تكبره بثلاثة أعوام…..
استقامت واقفة وهندمت جاكت الطاقم بيداها ثم سحبت نفساً طويلاً ودخلت غرفة الاجتماع……
كانت طريقة تحاوره متقنة بها لمحة من الاستيلاء على العقول وفرض شخصيته العملية على شد انتباه كل من حوله لدرجة ان العميل كان منبهر من بعض الاقترحات التي اضيفت للمجمع السكني وقد انتبه للكوارث التي كانت غائبة عن عقله بعد ان وضح له احمد لماذا استغنى عن بعض الأشياء
المضافة في المشروع….
حتى توفيق الشامي كان ينظر الى احمد بفخر واعجاب وهو يجلس بهدوء يتابع بعيناه شرح أحمد عن كيفية تولي هذا المشروع بطرق ابسط من هذا التعقيد…… تمنى توفيق حينها ان يكون ابنه مكان احمد سيكون الفخر اكبر والفرحة عارمة…. لكن يوسف رغم جمال شخصيته وهدوءه العملي لا يحب المجازفة ولا يفكر بالابتكار يسير على نهج عائلة الشامي السير على حسب الدرب المحدد ……عكس هذا الشاب والواقف امامه الان رغم ضعف امكانياته المادية إلا ان توفيق يراهن بشدة ان أدار مجموعة بمفرده ستكون الاشهر والأفضل فهو فوق شهادته الجامعية يحب عمله ويبتكر فيه لوضع بصمة خاصة به…..هذا هو ( أحمد جمال) الذي تمسك به من اول يوم راه فيه فنظرته الثاقبة لا تخيب أبداً…….هذا الشاب له مستقبل باهر ولكنه يحتاج فرصة وهو قد اعطاها له حينما عرض عليه العمل في فرع الشركة الجديدة في دبي ومزال ينتظر رده…….
ابتسمت ماهي باعجاب وهي ترى أحمد يحصل على مقابل هذا الشرح العميق مثل موافقة العميل بشدة على معظم اقترحاته التي اضافها وموافقة توفيق الشامي كذلك على رأيه…….وقد بدأ كرم ويوسف في الارتياح بعد ان هدأت الاجواء والجميع بدا مرتاح للأمر ولم تحصل كارثة كما توقع البعض باستثناء
هي كانت واثقه انه يجيد ما يفعله…وانه يحب عمله جداً………ومن يحب عمله يتقن فيه بتفاني…..
ابتسمت ماهي وهزت راسها قائلة بابتسامة
هادئة مهنئة……
“مبروك يابشمهندس……..شرحك كان هايل.. ”
رد على المجاملة بابتسامة هادئة وكلمة شكر…..
سمع احمد صوت توفيق الخشن وهو يخبره بهدوء بعد رحيل العميل……
“المجمع ده مسئول منكم انتوا التلاته اي غلط هيكون برقبتكم……سامعين…..وخصوصاً انت يابشمنهدس…”نظر لاحمد بعيون ثاقبة وقال
بجدية المدير…….
“انت اول واحد مسئول قدامي….وريني بقا هتخلص مشروع زي ده إزاي في المهلة اللي حددها العميل….”
ابتسم أحمد قائلاً بثقة…..
“ان شاء الله هنلحق وهتستلم شغل زي الفل……”
ضحكت ماهي على جملته……..عليها ان تذكر أيضاً انها مغرمة بروح الدعابة التي يتمتع بها…….
ابتسم توفيق متاففاً بحنق…..
“انت مهندس ولا محار…….”
حك احمد في شعره قائلاً بحرج…..
“تقريباً الإتنين………”
ربت توفيق على كتفه قائلاً بهدوء….
“انا واثق فيك…….وعارف انك قدها….”صمت
توفيق قليلاً ثم قال بتذكر……
“صحيح فكرت في شغلك في الفرع اللي في دبي……”
تردد أحمد في الاجابة….لكنه قال بعدها
بتمهل….
“بصراحة لسه….يعني اخلص الشغل اللي في ايدي…وهرد عليك علطول……”
قال توفيق بحزم…..
“الموضوع مش مستاهل تأجيل….ماهي كمان ناويه تسافر وتشتغل هناك……..”نظر توفيق لماهي التي شعرت بالحرج وهي تقول بصوتها الهادئ…….
“دا طبعاً لو احمد وافق عشان مبقاش لوحدي……..”
انتفضت ملامح احمد بدهشة وحانت منه نظره على كرم الذي هز راسه وغمز له كعلامة على جملة شهيرة (شوفت…….مش قولتلك……..)
خرج توفيق من غرفة الاجتماعات وبعدها لحقت به ماهي بخطوات خرقاء من شدة الحرج بعد الجملة التي خرجت منها بعفوية اقرب للغباء امام من يهدد ثباتها بنظرة واحده من عيناه…….
هتف يوسف بارتياح وهو ينهض عن
مقعده……
“الحمدلله كسبنا الصفقة والعميل…..اه عدت……”
اوما كرم براسه بارتياح وهو يقول بملل…..
“الحمدلله عدى الاجتماع عقبال ساعتين الشغل……”
قال احمد مبتسماً…… “يابني حب ما تعمل حـ……”
“قولتلك بكره الاتنين….سبني بقا……..”قالها كرم بحنق وهو يخرج من غرفة الاجتماع…..ضحك احمد ويوسف من خلفه بقوة………
………………………………………………………………
صفت سيارتها الحمراء امام مقر الشركة وخرجت
من السيارة بكامل اناقتها مرتديه كنزة شتوية
أنيقة باللون البني الفاتح معها بنطال جينز ضيق
يحدد ساقاها النحيفة برشاقة….كانت تخفي عيناها السوداء الامعة بنظارة أنيقة غالية الماركة ككل
شيءٍ ترتديه فهي باختصار( نور توفيق الشامي)
والدها صاحب اكبر موسسة مقاولة في مجال
بناء المشاريع الضخمة وتاسيسها كم يكون وله
اسم تاريخيّ في مجاله……
يتارجح شعرها الأسود الناعم بجمالاً خلف ظهرها
يلفت الانظار رغم ان جمالها وطلتها جذابة إلا ان دوماً لهذا الشعر الطويل مزيج اخر للانجذاب….
اوقات ترى نظرة الحقد من اعين الإناث ام الرجال
فهي ترى في أعينهم قصائد من الغزل…. وكم يرضيها
هذا ويعالج جزء بسيط من جرح لم يشفى مع مرور السنوات بل كلما زاد البعد زادت الأوجاع زاد الغيظ والتعند……..
كيف يرفضها وهي مطمع للجميع….كيف ينفر منها
وغيره يشتهي نظر من عيناها………كيف يوهمها
ويخيفها منه في هذا اليوم المشئوم وكيف صدقت
وكيف بكت أمامه……..
اربع سنوات ولم تقابله إلا ثلاث مرات وكانوا صدف تنتهي بسلام فاتر ونظرة كالغرباء……
أهان كرامتها بتلك المعاملة ومزال قلبها الابلة يخفق عند ذكر اسمه او عند رؤياه……أصبح وسيم بشكلاً يخطف قلبها وعقلها……كيف مع السنوات يتغير الشخص ويزداد نضوج وجمال…. قد حفرة وسامة الرجال على جسده فزاد طولاً وبرزت عضلات ذراعه
قليلاً اصبحت اكثر صلابة رغم انها متاكده انه لم يذهب يوماً لصالة رياضة وهذا واضح على جسده النحيف الصلب……..حفرة الوسامة على ملامحه
أصبح رجلاً جذاب يخفق القلب عند حضورة فالحضورة هيبة رغم بساطة شخصيته…….
زفرة نور وهي تنظر لمكتب اخيها في آخر الرواق
خطت خطواتها بالعكب العالي صادرة خلفها
نغمة ناعمة تحكي عن رقة وكبرياء انثوي تتمتع
به صغيرة في عمر الواحد والعشرون عام جمالها
كجمال اميرة خرجت من الاساطير للتو
ومثل اي أميرة تحب المعاناة وتعشق المغامرة وقعت في الحب مع شاب بأس اصابها من البؤس انهار فلم تزداد إلا تعند وتمسك بالحب بجسارة محاولة النيل منه بالقدر المطلوب حتى وان كان مرفوض ؟!……
دخلت مكتب اخيها بعد الاستاذان……
أستقبلها يوسف بابتسامة مرحبه وهو مسترخي
في جلسته بهدوء وقد القى سؤاله عليها
بلهفة….
“ها كلمتيها……. زي ما قولتلك….. ”
قلبت نور شفتيها بغيرة من اهتمام اخيها المبالغ
فيه بصديقتها…….
جلست على المقعد المقابل لمكتبه ثم وضعت ساق على أخرى وقالت بترفع بارد……
“أطلبلي حاجة اشربها طالما نسيت تقولي ازيك….”
رد يوسف عليها من بين اسنانه
بغيظٍ شديد……
“احنا كنا بنفطر مع بعض من ساعتين…..”
رمقته نور بقرف قائلة…..
“دا مبرر انك متقوليش ازيك يانور…….”
صاح متململاً بتافف….. “ازيك يازفته……”
نهضت نور عن مقعدها قائلة بتشنج….
“انا زفته……….. طب مش هقولك قالتلي إيه…..”
اجبر نفسه على التبسم قائلاً من تحت
اسنانه….
“لا لا يانور…. دانتي حبيبتي…….متزعليش… ”
مدت يدها اليه ببرود….. “بوس وانا مزعلش……”
“اطلعي برا……”ضربها على ظهر يدها الممدود له
ثم عاد جالساً على مقعده…….
تنحنحت بحرج وهي تعود للجلوس مكانها
قائلة بمزاح…….
“عفوت عنك……. ها أقولك قالتلي إيه… ولا لم تشربني حاجة الأول…….”
رفع سماعة الهاتف على اذنه وسالها بنفاذ
صبر….
“قولي على ما طلبلك عايزه تشربي إيه……”
ارجعت خصلة من شعرها للخلف وهي تقول
بترفع…. “عصير برتقال فرش……”
“تمام…… كوبية عصير برتقال فرش…….” اعطى طلبه للساعي ثم وضع السماعه مكانها واعطى بعدها كل
تركيزه لها سائلاً بلهفة….
“قالتلك إيه……”
مطت شفتيها بأستغراب من تلك اللهفة فقالت
بهدوء حتى لا تثير غضبه……
“وفقت طبعاً بعد الحاح شديد مني……”
مال للامام قليلاً سائلاً بهدوء…..
“وقالتلها تيجي تعمل الإنترفيو امتى….”
ردت حبيبة بتراقب…..
“يوم الإتنين زي مانت قولتلي…..بس انا عندي
سؤال بسيط…….”
سحب نفساً طويلاً كاد ان يقتلع ازرار قميصه وهو يسمح لها بالجدال معه……. “اتفضلي….”
هزت راسها متسائلة بحيرة….
“انت ليه عايز حبيبة تشتغل هنا……”
قال بهدوء…..
“محتاج مهندسة برمجة زي ما قولتلك…..”
قالت نور سريعاً……
“ايوا بس حبيبة معندهاش خبرة دي لسه متخرجه من فترة…….وانها تشتغل هنا فرصة يستحقها حد عند خبرة وفاهم اكتر في الشغل ولا انا غلطانه….. ”
زفر يوسف بملل قائلاً بخشونة…..
“شامم ريحة تحقيق يانور…..عايزه تقولي إيه….”
قالت نور بجدية……
“اشمعنا حبيبة يايوسف اللي رشحتها للوظيفة دي…
رغم انها مش جديرة بيها والشهادة دون خبره ولا ليها اي لازمه وانت عارف كده كويس…….دا حتى انت وصحابك أخدتوا فترة تدريب طويله على ما
توظفته بشكل رسمي ؟!……”
أثناء حديثها كان يرتب المبررات المقنعه التي لا تكشف أمره وهدفه الأساسي في عملها هنا……
“لو المشكله عندك في التدريب فاهي كده كدا
هتاخد فترة تدريب زيها زي اي حد متوظف جديد في الشركة لحد مانشوف شغلها وتقرر الإدارة
توظفها رسمي ولا لا…….”ثم رمقها باستفهام
مضيف بأستغراب…..
“وبعدين انا عايز افهم هي مش صاحبتك…..مش المفروض انك تكوني مبسوطه بتوظفها في شركة
زي شركتنا…..وهي اولى من الغريب ولا إيه……”
اخرجت نور تنهيدة متعبه وهي تنظر لسطح
المكتب بحيرة قائلة بشرود…….
“انت عمرك ما هتفهمني يايوسف……الشغل
هنا معنى بداية….بداية جديدة ليها هي اضعف
من انها تقف قدامها…….”
انعقد حاجبي يوسف وهو ينظر لاخته بقوة
فحديثها اثار الريبه في قلبه المتلهف لتلك
الخطوة الحاسمه……..
“مش فاهم حاجة هو الشغل معانا صعب
لدرجادي…..ولا هي رفضت أصلاً الشغل معانا…. ”
انتبهت نور لحديث اخيها فرفعت عيناها قائلة باختصار…….
“كل اللي اعرفه انها وفقت……معرفش اكتر من كده…….”
سالها يوسف ومزال الحديث يتردد في أذانه…..
“والكلام اللي قولتيه في الاول ده معنى إيه…بداية
اي اللي هي اضعف من انها تقف قدامها…….”
نهضت نور فجاه وكان حية لدغتها وقالت
بدهشة……
“انا قولت كده…. انا مش فاكره اني قولت حاجة
زي دي…….”
لم ينهض خلفها بل نظر لها بتحذير قائلاً بقوة….
“لا قولتي………..نور……”
خبطت نور على جبهتها وهي تقول بتذكر….
“صدقني الأمور دخلت في بعضها شكلي كنت بتكلم على شاهندا صاحبتي اصلها صدعتني بمشاكلها مع خطبها……..تصور كل شويه يفركشوا ويرجعوا…تحب احكيلك سبها ليه المرادي………”
ارتخت اعصابه بعد ردها فاسكتها وهو يعود
للأوراق المكرسه أمامه….
“هشش مش عايز اعرف…… خدي بعضك وروحي
وكلها ساعتين ونتقابل على الغدى……”
رفعت كفها اليه بإبتسامة واسعة تخفي خلفها
انتصار عظيم…….. “اوك……. باي……”
خرجت سريعاً من المكتب وهي تاخذ انفاسها بصعوبة….. ثم تاففت بحنق من نفسها…. قائلة
ببراءة……
“مش بعرف استر على حد…… بيقوله اي في
المواقف اللي زي دي…… آآه مش بيتبل في
بوقي فوله…..”لم تلبث إلا ان مطت شفتيها
قائلة بتقزز….
” يع وليه يتبل الفول في بوقي أصلاً…. اي
الامثال الغريبة دي…..”
سارت مبتعده عن المكان واثناء سيرها لاحت منها نظرة على نافذة زجاجيه لأحد المكاتب الخاصة
فوجدت كرم يوليها ظهره ويتحدث عبر الهاتف
باهتمام شديد…….
اشاحت وجهها سريعاً وهي تتابع سيرها عنوة عن هذا القلب الخافق الذي أشتاق لرؤياه وتامله ولو
حتى من بعيد……
شعر انها تحت المراقبة استدار ناظراً بعيناه على النافذة الزجاجية المغلقة فلم يجد إلا طيف يبتعد عنه بخطوات مسرعه ولم توضح معالمه…..
عاد للمتصل قائلاً بابتسامة واسعه…..
“ياعم يعني هنتكلم في الشغل في مكان زي ده…”
صمت قليلاً ثم قال ضاحكاً بخبث….
“مكان كله نسوان وخمرة…..بقولك اي خلينا
نتقابل في مكان هادي عشان افهم منك……”
صمت قليلاً يعطي فرصة للمتصل…….
“يعني بجد هتشبطني معاك ولا كلام زي كل
مرة…..”سكت ثم لم يلبث إلا وقال سريعاً…
“خلاص ياهيثم هجيلك……بس العنوان من تاني
عشان سقط منك……….”صمت قليلاً ثم اوما برأسه
“آآه تمام…….لا أحمد مش هيرضى يجي….”..
ضحك كرم قائلاً بسخرية….
“ايوا احمد بقا مهندس محترم إلا ربع كده……يعني
ممكن تلاقيه معانا على خط ومش معانا في نفس الوقت إللي هو بقت دماغه محتاجه كتلوج عشان تتفهم…”صمت لبرهة ثم قال بتفاخر صبياني……
“انا !!…. لا انا ياسطا دايس في اي حاجة معاد الدخان…آآه نسوان تمام بس على الخفيف كده….
انت عرفني لو طولت مع واحده ممكن احبها وانا قلبي قدام الحب ضعيف…..” ضحك حينما سمع
صديقه يخرج كلمة وقحة….
“ماشي ياصاحبي نتقابله هناك….بس ربعايه
وهمشي عشان بصحى بدري للشغل…..اشطه سلام…….”
………………………………………………………………
تمر السنوات علينا تحمل عدة مشاعر مختلفة ولحظات اغلبها رويتنيه والآخرى متجددة…. نتغير كثيراً لاجل من نحب أحياناً نتنازل لكي تبحر
السفينة ويبقى الحب في الأثر…..
ربما لا تزال شامخة الأنف قوية في الدفاع عن حبها ومن أحبت ربما مزالت تحمل نفس الكبرياء الانثوي وتصلب في الرأي لكن شيءٍ تغير داخلها نضجت أكثر أصبحت تراعي الفرق الشاسع في علاقتهما انه رجل وهي امرأته
هل التغير لأجل انها اصبحت في الواحد والثلاثون من عمرها ربما الدخول للثلاثينات أمرا مرعب لاي أمرأه لكنه حقاً السن الذي يراوض بعضنا من عنفوان العشرينات ، فهي به ازدادت جمالاً ازدادت تفهماً لحياتها الزوجية ازدادت امومة لطفله في عمر الثلاث سنوات…وقريباً ستكون ام لطفل ثاني عمره فقط اسابيع ينمو في احشائها……
أربع سنوات مرت بعد خبر حملها…..منهم لحظات روتينية ولحظات مميزة ولحظات جافة يجتاحها الفراق والخصام ولحظات العودة العناق القبلات الساخنة المتلهفه ثم التحام الأجساد باشتياق حار………
لن تنسى لحظات العائلة وجود طفل فالبيت يجدد من روح الحياة الزوجية ، الضحك واللعب الكلمات التي تنطق لأول مرة من هذا الصغير الذي وجوده امتن من الحب الذي يزعم عشاقه انه أفضل
دون شريك ؟!….
روحاً منها ومنه تحملها طفلة صغيرة بروح جميلة
تشبهها شكلا وتشبهه روحاً وفي الطباع هي نسخة
من والدها هادئه حانيه قليلة الكلام متزمرة أحياناً لكن عندما تتبسم تنير الحياة بروحها الشقية
كوالدها وكامها في الدلال…..مكه ابراهيم راضي..
تلك الصغيرة اصبحت روح والدها وعيون امها وحبيبة جدتها وجدها والمحبوبة
بين العائلتين لخفة روحها…..تراها دوماً كنسمة
هواء اتت لتنعش القلوب بحضورها………..
ابتسمت سمر وهي تنظر للصغيرة تتكور من
البرد جوارها وتشاهد التلفاز وهي تضع راسها على ساق امها…..تخللت سمر شعر الصغيرة باصابعها
وهي تعود لمشاهدة الكرتون باستمتاع غريب رغم انها تشاهد إجباري لاجل عيون الصغيرة……
همست مكه قائلة بشرود وهي تتابع التلفاز….
“ماما انا عايزة شوكلاته…..”
ابتسمت سمر قائلة….
“بابا هيجبلك وهو جاي…..”ثم حدثتها بعتاب….
“على فكره تيته زعلانه منك عشان مش بتاكلي كويس وبتغلبيها……”
قالت مكه بتزمر جميل…. “مش بحب اللبن ……”
نظرت لها سمر قائلة بابتسامة مشجعه…..
“ليه دا طعمه حلو اوي مش بتشفوني انا وبابا بنشربه…”
هزت مكه راسها بنفي وقالت….
“بابا بيشرب شاي…….”
ابتسمت سمر ذاهلة وهي تهز راسها باستياء من
هذا الجيل ؟!……
سمعا الاثنان شخشخت المفاتيح نفضت مكه الغطى عنها سريعاً ثم ركضت للخارج لتستقبل ابيها ككل يوم لحقت بها سمر لكن بخطوات متمهلة….
صاحت الصغير بابتهاج…..
“بابا…. بابا… بابا…..”
أستقبلها ابراهيم بين ذراعيه وضمها لصدره وهو يقبل وجنتها هامساً بصوتٍ حنون…..
“عمله إيه كوكا……… وحشتيني……..” قبلها عدت قبلات متفارقة على وجهها وهو يسال الصغيرة
بلهفة لم تنضب يوماً من قلب متيم بحبها…….
“فين ماما…….. مختفيه ليه……”
اتى صوتها بالقرب منه قائلة بصوتها الانثوي الخبيث……
“انا اهوه ياحبيب ماما…….”
رفع ابراهيم عيناه عليها فوجدها امامه ترتدي طاقم
شتوي قطعة وآحده (جمبسوت.) باللون جلد
النمر……. وكانت تخفي شعرها بغطاء الرأس
الخاص بالطقم والذي يخرج منه اذنين تشبه
اذان النمر…..كان الطقم غاية في الروعة
على جسدها الرشيق وقد برز مفاتنها بجمالاً
يخطف الأعين……..
ابتلع ريقه وهو يعود لعيونها البراقة التي ظللت بنظرة تقطر عسل بها اشتياق وحب يجعله أسعد
رجلاً في العالم……..
عقب ابراهيم بمزاح حينما وجدها تقترب
منه…….
“اي الحلاوة دي يانمر……….”
وجد مكه تجذب راسه قائلة بغيرة وهي تشير على غطاء راسها الشبيه بأذن أرنب وردي
“بابا وانا كمان…. “……ضحك ابراهيم وهو ينتبه
الى ما ترتديه الصغيرة طاقم يشبه امها لكنه اكثر طفولة وبراءة كان من اللون الأبيض والوردي
على شكل أرنب لطيف يليق بها…..
كما يليق طاقم النمر بهذه الشرسة الفاتنة……..
قبل الصغيرة ثم اخرج قطعة من الشوكلاته البيضاء المغلفة واعطاها لها…… قائلاً بمرح….
“انتي مفيش حد شبهك ياروح بابا……احلى
شوكلاته لأحلى مكه…… ”
خطفت الصغيرة قطعة الشوكولاته وهي تضحك بسعادة ثم نزلت من بين ذراعي والدها راكضة
لمشاهدة الكرتون……
بعدما ابتعدت ابنته نظر لسمر في وقفتها البعيدة
عنه وهمس بصوتٍ مفعم بالعواطف…….
“تعال ياشبح……….وقف كدا ليه…. ”
تقدمت منه بتلك الإبتسامة اللعوبه وهي تقول
بدلال……..
“طبيعي دوري بيجي متأخر…….مكه خدت
الحب كله…….”
حينما وقفت امامه مسك خصرها بين راحتيه
هامساً بصوتٍ مسحورٍ بها وهو يتاملها…….
“الحب يجي عندك انتي ويقلب عشق تعالي في حضني وحشتيني……”
تنهدت براحة وهي ترتاح على صدره النابض وقد ضمتها ذراعاه القوية لتشعرها بالامان والدفء…..
وجدته يهمس بتافف بعد ان فصل هذا العناق
المفضل لديها…..
“تعرفي ان ضهري وجعني اوي…..”
ابتسمت بخبث انثوي قائلة وهي
تتحسس ذراعاه القوية بشوق دافئ….
“ابقى اعملك مساج بليل لما مكة تنام…….”
قطف من وجنتها قبله حارة وهو يقول بمكر…
“يبقى نتعشى ونكمل سهرتنا في اوضتنا…..”ثم اتجه الى غرفة النوم وهي خلفه….. بدا في تبديل ملابسه قائلاً بروتينيه……..
“عملتي اي في الشغل النهارده…..”
ردت وهي تاخذ منه جاكت
البذلة لتعلقه…….
“زي كل يوم الامور تمام…….وانت؟…..”
رد وهو يخلع أزرار قميصه وعيناه عليها….
“الحمدلله…….الأرباح بتزيد واسم المنتجات بتاعتنا بقت مسمعه….. وحاليا بفكر اشتري أرض كبيرة وبني عليها المصنع اللي عايزه… لان الإيجار كل سنه بيزيد الضعف…..”
قالت سمر بجدية…..
“مفيش احسن من انك تبقى مالك حر…..وقولتلك كده كذا مرة…..”
قال وهو يخلع قميصه ثم الفانلة الداخلية…..
“مكنش فيه فلوس ياسمر…..بس الحمدلله قدرت اجمع جزء كبير منها وهبدا اشتري الأرض وبني المصنع عليها……”
اقترحت عليه مشجعه تلك الخطوة
الهامه……
“اشتري الأرض…..وانا هكلم احمد انت عارف ان مهندس معماري ويفهم اكتر مننا في المواضيع دي…..”
قال ابراهيم بتمهل……
“بلاش تسبقي الأحداث اشتري الأرض الأول في المكان اللي عايزة والجاي سهل…..”
اقتربت منه قائلة بتمني…….
“ربنا هيسهلها ان شاء الله ياحبيبي…..قول بس يارب….”
عانق خصرها بيداه متحسسٍ اياه بشوقٍ وهو
يقول بصوتٍ أجش……
“يارب….اي اخبار حملك……تعبانه…..”
وضعت يداها على صدره العاري وقاربت راسها
منه هامسة……
“شويه…..مش قوي لسه مدخلناش في الجد…..”
قال ابراهيم مبتسماً باتزان……
“الجد بتاعك بيتعبني انا…. فاكرة ساعة ولادة مكه… انا كان قلبي هيقف وانا واقف برا…….. صويتك كان جايب اخر المستشفى…….”
زمت شفتيها متزمرة من تعليقه وقالت
بتافف…..
“بولد…..بولد طبيعي يابن راضي مش عايزني اصوت…..”
لاحت على شفتيه ابتسامة ذاهلة وهو يقول
بتذكر….
“هو دا كان صويت ياسمر…. دي كانت خناقة…..
دانتي ضربتي الدكتورة….”
احمرت وجنتيها وهي تقول بحنق شديد بعد تذكر هذا المشهد…..
“ما هي اللي باردة…. كل شويه تقولي خدي نفس اهدي….. اهدي… اهدى إزاي بس وانا بولد……”
زفر وهو يقول بارتياح…….
“الحمدلله انها عدت يمكن المرة الجايه تكون أسهل…….” صمت قليلاً ثم نظر لغطاء الرأس الذي يخفي شعرها فمد يده وابعده عن رأسها ثم تخلل باصابعه شعرها الأسود المموج بجنون وعيناه تمرا
على جسدها بشوق من خلال هذا الطاقم المثير
سواء في لونه او تصميمه رغم انه لا يكشف اي
جزء من جسدها إلا انه يبرز مفاتن جسدها
بشكلا يثير عيناه وجسده……
همست سمر بتزمر وهي تشعر بخطٍ من الصقيع يتخلل رأسها……
“ابراهيم بس بقا انا سقعت…….”ثم تحسست
صدره العاري وهي تقول بقلق……
“وبعدين انت واقف كدا ليه هتبرد……انت مش سقعان…….”
هز راسه وهو يقول
بوقاحة…..
“بالعكس ان حران اوي……”
مررت يداها على صدره العاري وهي تقول
بدلال……
“بطل قلة آدب…..مكه ممكن تدخل في اي لحظة…”
دفعها في احضانه اكثر وهو يميل عليها براسه
قائلاً بمراوغه….
“مكه قدام التلفزيون بتنسى نفسها ركزي معايا بقولك حران……..”
ضحكت بعد هذا الحصار الحميمي فقالت
بتغنج.. “والعمل ياعم الحران…….”
“اي حاجة تطري على قلبي ياشبح……”
قالها وهو يبتسم لها بحب بينما عيناه تشعانِ
عشقاً يريح قلبها ويخمد صراعها الداخلي
تلك الفترة……….
لذا قالت له مبتسمة……
“تعرف اني بحبك وانت رايق كده…..مش بحبك وانت مضايق او وانت متعصب بتقلب حد تاني اوقات بخاف منه…….”
رفع حاجبيه بدهشة……معقباً بغرابة….
“سمر بتخاف……..جديده دي……”
اجابته بتأكيد….
“انا معرفتش الخوف غير لما حبيتك ياهيما….”
رمقها بعتاب قائلاً….
“المفروض افرح بالكلام ده ؟!…….”
حينما فك وثاقها ابتعدت خطوتين مستديره عنه
وهي تقول بتردد…..
“مش عارفه بس بصراحه اوقات بخاف على حبنا…
بخاف من كل مرة بنبعد فيها…….”
قال من خلف ظهرها باتزان وثقة
الرجال…..
“اي بيت في مشاكل ياسمر…واكيد لا انا ولا انتي بنبقا قصدين نوصل لكده……انتي عارفه اني بحبك
وروحي فيكي ياسمر ومهما بعدت عنك برجعلك…”
إدراة ظهرها اليه واقتربت منه لتكن امامه وهي
تقول بصوتٍ متعب……..
“وانا والله العظيم بحبك….ومعرفتش الخوف غير لما حبيتك عشان كده بقيت بخاف على حبنا….دا غالي اوي عندي يابراهيم…….”
مسك ابراهيم كفها وقبله ثم وجنتها وهو يقول بصوتٍ رخيم هادئ……
“وانتي اغلى عندي من كنوز الدنيا…. انتي ومكه كل حياتي….فاوعي تخافي لاني عمري ما هبعد حتى
لو انتي اللي عايزه كده………”
قالت بحب وهي تحيط عنقه بذراعيها….
“انا عمري ما هكون عايزه غير حضنك…..وحبك ياهيما….. ”
لم يرد عليها بل اكتفى بالتقاط شفتيها في قبلة
ناعم حسيه تحمل مشاعر عديدة مطمئنه لقلبها
الذي بدأ يقلق من كثرة خلافاتهما التي تنتهي
دوماً قبل حتى ان تبدأ ؟!…
غرزت اصابعها في شعره وجذبت راسه اكثر لها وهي تئن باللذة تلك اللحظة لتجده يترك شفتيها يغوص في عنقها بينما يداه تجريا بوقاحة على مفاتنها
من فوق طاقم التايجر الذي أشعل النار في جسده فور رؤيتها به………
همس بصوتٍ مسحور مفعم بالعواطف وشفتاه
تسيرا على وجهها بشوقٍ مجنون…..
“بعشقك ياسمر………بعشقك…..”
ابتلعت ريقها بحرارة وقد تفاعل معه كل
حواسها وهي تقبله كذلك بشوق قائلة…..
“وانا بموت فيك ياحبيبي……..بحبك وانت
عارف كده كويس………”
التقط شفتيها بقوة وهو يحجز وجهها بين يداه…..فتاوهت وهي تشعر ان الأمر أصبح
خارج عن السيطرة اما ان تخبره ان يتوقف
حتى لا تدخل عليهما الصغيرة او تتركه وتحيا
تلك اللحظة معه خصوصاً ان الباب مغلق ومكه
لا تستطيع فتحه…….
تركت العنان لرغبات وتركت لقلبها حرية الخفق بجنون معه…. فاغمضت عيناها بدلال وهي تراها يحملها على الفراش ويفرغ اشواقه وعشقه لها…
ربما لا يجيد إلا الافعال كي يقحم في رأسها انها روحه ومهما حدث لن يفترقا طالما في صدره
نفساً يتردد…..
بعد مدة كانا الاثنين يجلسا على (الركنة)في غرفتهما المفضلة امام التلفاز وكانت مكه الصغيرة تجلس بينهما بين يداها طبق كبير من الفشار تاكل منه بنهم بينما ابراهيم يرتشف من كوب الشاي وتشاركه سمر الجلسه وبين يداها كوب من النسكافيه……..
قال ابراهيم متذكراً……
“هو انا قولتلك ان حبيبة لاقت شغل…..”
اعطت سمر كل تركيزها له وهي تقول بسعادة…
“بجد لقت شغل مبروك….بقالها كام شهر بدور مع انك
عرضت عليها تشتغل معاك…….مقولتليش صحيح هي ليه رفضت تشتغل معاك…… ”
اجابها وعيناه معلقه على التلفاز…..
“عايزه توسع مجالها وتكسب خبره….هي عارفه ان شغلها معايا بشهادتها دي مش هيضيف حاجة خصوصاً انه مصنع الامكانيات الإدارية فيه
محدوده……وبصراحه لما رفضت مضغطش
عليها لان انا كدا هبقى بدفنها بشغل معايا……”
سالته وهي تدس حبة فشار في فمها ثم
الاخرى داخل فمه…”ومتعرفش هتشتغل فين……..”
اجابها بإختصار…….
“مقالتش قالت شركة كويسه صاحبتها جيبالها
فيها وظيفه لقطه……هتروح تعمل مقابله يوم الاتنين…….”
اومات سمر برأسها وهي تقول بفتور….
“ربنا يوفقها…..حبيبة طيبه وتستاهل كل خير……”
مال ابراهيم براسه نحوها
متسائلاً…..
“سمر كنت عايز اسالك هما لسه……”
تنهدت سمر وهي تقاطعه بملل…..
“كل فتره بتسالني نفس السؤال وانا برد عليك وبقولك أنهم مش مع بعض وكل واحد راح لحاله من ساعتها وانت اتاكدت من ده بنفسك……وبعدين انت خايف عليها من اي يابراهيم حبيبة مبقتش صغيرة عشان تحتاج رقيب عليها…..”
اجابها ابراهيم بخشونة صلبة……
“مهما كبرت هتفضل تحت راعيتي وعيني عليها..لحد ما تجوز وسلمها لجوزها……..”
لوت شفتيها والغيرة تحرق صدرها
لذا عقبت ببرود….
“اللي هو اكيد مش هيكون أحمد…….”
ظلمة عينا ابراهيم فقال بغضب
مكبوت…..
“اخوكي لو شريها كان جه اتقدملها ياسمر…
انا كنت مستني الخطوة دي منه من ساعة ما توظف…لكنه اكدلي ان كان بيلعب فعلاً بيها
واني كان عندي حق لما بعدته عنها…….”
دافعت عن اخيها وهي تنظر لعيناه
بحنق شديد….
“انت متعرفش ظروفه إيه……..يمكن
مستني يكون نفسه………”
قال بصوتٍ كالجليد المسنن…….
“براحته انا بنت عمي الف مين يتمناها هي مش
بيره ومش مستنياه……..”
هتفت سمر بعدائية…..
“بلاش كلامك دا يابراهيم…..كل ما بدافع عنها بتخنقني انا……انت بطرقتك دي هتخلق بيني
وبينها عداوة من مفيش….. ”
رفع ابراهيم حاجباه بدهشة……قائلاً بغرابة….
“ولي دا كله…..كام مره قولتلك انها زي اختي
وانها عيله بنسبالي……..”
لوت سمر شفتاها قائلة بغيرة…..
“العيلة كبرت واتخرجت وبقت مهندسة وانت
بنفسك لسه قايل الف مين يتمناها…….”
“ودا ليه علاقة بيا………انا اتمنيت مرة واحده بس
وكنتي انتي النصيب الحلو من الدنيا وربنا قسمك
ليا بعد مشوار طويل كان كل واحد فينا ماشي فيه لوحده من غير التاني……..”نظر لعيناها وقال وهو يعانق كفها بين راحتيه…..
“لو غيرانه من حبيبة تبقي عبيطه……اي كلمة بقولها
معاكي بحسن نيه مش قصدي حاجة يامجنونة….
وبعدين لو متكلمتش معاكي براحتي من غير ما خاف انك تزعلي او تضايقي هتكلم مع مين بس ياسمر….”
رق قلبها اليه وزال الغضب في لحظة وهي تتكا على كفه قائلة بصوتٍ مختنق بالغيرة وضعيف من تأثير
قربه مع حديثه……..
“اتكلم زي مانت عايز يابراهيم انا مستعده اسمعك من هنا للصبح بس عشان خاطري بلاش تكلم عنها كده قدامي راعي يابراهيم اني بحبك وبغير عليك……انا بغير اوي يابراهيم….واي حد مكاني هيحس بنفس الإحساس ده…انا مش ببقى مبسوطه وانت بتكلم عنها كده…..انا حتى مبقدرش ابلع الكلام……بالله عليك بلاش تكلم عنها كده قدامي……”
قال بقلة صبر وهو ينظر لعيناها الحزينة….
“خلاص ياسمر طالما الموضوع مضايقك اوي كده مش هتكلم معاكي تاني في اي حاجة تخصها…”
اومات براسها بصمت دون جدال…….فسحبها لاحضانه وضمها لصدره وهو يقول هامساً
باعتذار……
“حقك عليا………واضح اني زودتها…..”
اومات براسها وهي داخل احضانه….
“زودتها أوي……..”
ابتسم على ردها فهمس وهو يطبع قبلة على قمة راسها…….بينما انفه تستنشق العطر المسكِ
بنهم……..
“يسلام يعني لسه زعلانه……”
تحسست صدره وهي تقول
بحب….
“انا مقدرش ازعل منك ابداً………”
انتبهت الصغيرة لهذا العناق فنهضت وهي
تلامس ذراع ابيها مهاتفه……. “بابا……….بابا…….”
تنهد ابراهيم بتعب منهن فقال لابنته بإبتسامة
حانيه……….
“ادي الست مكه غيرانه هي كمان تعالي الجمب التاني……عشان بصالح ماما……..”

دست الصغيرة راسها في الكتف الآخر وهي تضحك فضحكت سمر لها وقرصتها من وجنتها ثم اغمضت عينيها وهي تنعم في احضانه الدافئه القوية
وصدى نبضات قلبه يضرب وجنتها بخفة
فتهمس لقلبه سراً………
“انت حبيبي………”
…………………………………………………………..
في صباح اليوم الثاني بعد ان وصل المصنع دخل الى المكتب وبدا بفتح الملفات……ليسمع صوت طرقاتٍ على الباب يليها دخول الساعي الذي احضر له قهوة الصباح……قال الساعي بصوتٍ هادئ…
“صباح الخير يابراهيم يابني……”
رد ابراهيم التحية ببشاشة…..
“صباح النور ياعم عوض……عاملي النهاردة….الف
مبروك صحيح سمعت ان ابنك فرحه الأسبوع الجاي…….”
وضع الساعة فنجان القهوة قائلاً بصوتٍ
ضعيف…….
“الله يبارك فيك يابراهيم يابني….اكيد هتشرفنا بقا…..”
قال ابراهيم بجدية…….
“من غير ما تقول ياعم عوض انا مش محتاج عزومة……ياسين دا اخويا وانت في مقام والدي…..ربنا يتمم على خير…”اخرج ابراهيم
عدت اوراق مالية واعطاها للرجل قائلاً……
“خد ياعم عوض دي نقطة ياسين ابنك……”
امتنع الرجل قائلاً بعتاب…..
“نقطة اي بس يابني……..خيرك مغرقني…..”
صمم ابراهيم وهو يقول بود……
“متقولش كده احنا اهل وانا لسه قايلك ياسين دا اخويا….وانا بفرح اخويا…أديلو دول خلي يشتري اللي نقصه…….”
اخذها الرجل بحرج وهو يقول بامتنان……
“كتر خيرك يابني….ربنا يزيدك كمان وكمان…وبياركلك في مراتك وبنتك….. ”
خرج الساعي…..فعاد ابراهيم للأوراق أمامه…ليجد الهاتف يرن على سطح مكتبه…..نظر للرقم الغير مسجل لبرهة ثم فتح الخط قائلاً بخشونة….
“الو……..”
اتى صوتٍ ناعماً كخرير القطط تقول بميوعه مقصوده……
(وحشتني……)
عقد حاجبيه متسائلاً…..
“مين معايا……”
انساب الصوت المائع قائلاً……
(واحده رهن اشارة من ايدك…….بس انت شاور……)
قال ابراهيم هاكماً وهو يقلب حدقتيه بملل….
“هو احنا هنهزر على الصبح….ماتنطقي انتي مين…”
اتى صوتها المائع باللهفة…..
(انا واحده بحبك……..ومن زمان اوي………)
فقد المتبقي من صبره فقال بنزق…..
“بقولك ايه انا مش فاضي للقرف ده……سكتك خضرة…… ”
قالت المتصلة بسرعة…….
“استني يابراهيم………حرام تقفل الخط في وشي…انا
تعبت اوي لحد ماجبت رقمك……”
عقد حاجبيه وازدادت عيناه ظلمة قاسية وهو
يسالها بتمهل………
“ابراهيم !!…..لا افهم بقا انتي مين…. وجبتي رقمي منين………”
قالت المتصلة بوله…….
(مش مهم المهم اني جبته وسمعت صوتك أخيراً…..)
“واضح انك عايزه تتهزقي……يلا يا ××××… من هنا…”
اغلق الخط بعصبية واخرج زفرة حنق فقد تعكر مزاجه سريعاً من وقاحة تلك المرأة المائعة…….
أما عن عيناه فكانتا قاتمة تنظر للرقم بقوة وكانه
يود اختراقه حتى يعرف صاحبته………رفع الهاتف مرة اخرى واجرى اتصال بصديقة عمار وعندما فتح الخط قال دون سلامات…….
“عايز امليك رقم تسالي عليه في شركة الإتصالات
انا اعرف ان ليك حبايب كتير هناك ويتمنوا خدمتك….تمام اكتب عندك ٠١……….
…………………………………………………………….
نظر للمكان من حولها بعدم ارتياح فكان ملهى لليلي
يحتوي على شباب تنعم برفاهية و رخاء يلمع في
عيون لم تعرف يوماً للشقاء مذاق……..
مط شفتيه وهو يجول بعيناه على المكان الركن المحتوي على المشروبات اغلبها تمتزج مع الخمر……هنا الفتيات شبه عاريات بتلك الملابس المثيرة التي إثارة اشمئزازة ونفوره منهن…..تتلوى كلهن على الأغاني الغربية بجنون وبين احضانهن
تستقر الشباب والتي لم تتوقف ايديهم وشفتيهم
عن ملامستهم بطريقة مثيرة ومع ذلك اغلب الفتيات
غير واعية بسبب شرب الخمر الذي سكر حواسهم
بأكملها………
رفع كرم عيناه على صديقه وهو يقول
بمرح…
“هي الشباب باظت كدا ليه ياصاحبي……”
قال هيثم وعيناه متعلقة على ساحة الرقص…..
“باظت بس دي خربت…..انا بحب المكان ده
اوي عارف ليه……”
ضحك كرم قائلا بمكر…… “ليه يامنحرف……..”
ضحك الأخر قائلا دون مناورة…….
“دماغ الناس دي عاليه شبهي….هو أحمد مجاش معاك ليه……”
رد كرم باختصار…..
“مقولتلوش……المهم مصلحة اي اللي لقتهالي…..”
نظر له هيثم وقال بهدوء حاسم…….
“انت عارف اني شغال مع مساعدة مخرج….وهو داخل في مسلسل جديد المخرج بتاعه راجل دماغه عالية والمنتج أي عمل بيموله بيبقا في الجوون
يعني من الآخر راجل مش بيرمي فلوسه في الهيافه……”
ساله كرم بحيرة……
“مش فاهم ياهيثم… انا اي دخلي في القصة دي……”
قال هيثم بجدية وهو يوضح اكثر…..
“ياسطا انت اصل الحكاية المخرج ده بيدور على وجه جديد ياخد بطولة تانيه قصاد البطل…الوجه
الجديد ده قصته مؤثرة وهتشد الجمهور اكتر من البطل ذات نفسه…..وطبعاً الراجل اللي انا شغال
معاه اقترح عليا الموضوع فرشحتك ليه وشاف كام
فيديو ليك على التيك توك وعجبته وقال هو ده…..”
ثم اخرج هيثم الكارت من جيبه وهو يعطيه
لكرم قائلاً…….
“ودا ياسيدي الكارت بتاعه وفي ضهر الكارت عنوان الوكيشن بتاع التصوير يوم التلات تعدي عليه وتقعد معاه وتفهم منه اكتر……..وااه جهز نفسك كده عشان ممكن يختبرك قدام مخرج العمل الرئيسي……”
نظر كرم للكارت وهو يسال صديقه
بدهشة…..
“انت بتكلم بجد ياهيثم….هو وافق عليا بجد….”
اخبره هيثم بخشونة…..
“مساعد المخرج وافق جداً عليك لكن المخرج لسه….
بس باذن الله يوافق أصلا طالما دخلت دماغ سامي بيه هتدخل دماغ التخين أطمن…… الراجل اللي انا شغاله معاه ده دماغه عاليه ويطلع الفنان من بين الف… وانت ياض ياكرم فنان… وشغلك على الميديا
ده هو اللي هيوصلك للنجومية….اسمع مني دي أول خطوة في سلم المجد…”
نظر كرم مرة اخرى للكارت قائلاً
بدهشة…
“انا مش مصدق…..”
ضحك هيثم وهو يربت على ركتبه بتشجيع….
“لا صدق….. بس ابقى افتكرني لما توصل يافنان….”
قال كرم بابتهاج……
“اول واحد ياهيثم….وانا هنسى وقفتك جمبي برضو……”
ابتسم هيثم وهو يقول بمحبة…..
“انت تستاهل كل خير ياكرم…..دا احنا صحاب
وولاد حته واحده……..”
اوما كرم براسه وهو يساله بتردد…..
“ربنا يديم المعروف……….بقولك هو انت هتبقا يوم التلات موجود في الاوكيشن ولا هقبله لوحدي…”
طمئنه هيثم قائلاً بشهامه……
“ياسطا متخفش انا في ضهرك….مش هسيبك غير لما تعرف الناس كلها وساعتها اتعامل انت بقا يافنان….”
اوما كرم وهو يبتسم براحه…..
“ان شآء الله خير…….”
عادت عينا هيثم على ساحة الرقص فجذب انتباهه
شابة جميلة تتمايل بين يدي شاب كانت تتمتع
بجسد انثوي متناسق وملامح تجمع بين الطفولة والانوثة بشعرٍ طويل أسود كليل حالك……..ابتلع هيثم ريقه وهو يشير بعيناه على تلك الفرسة الجامحة قائلاً بانتشاء…..
“آآه ياجمالو ياجمالو….شايف الفرسة دي ياكرم….
تحل من على حبل المشنقه……..”
بعد حديث هيثم رفع عيناه على الساحة ممتعضاً..
وقد جذبت انتباهه تلك الشابة التي توليه ظهرها
وشعرها الأسود الناعم طليق حر يتأرجح حتى
اخر خصرها……..
شعر ان قلبه هبط من مكانه محطماً لاشلاء وصوت
الحطام صم اذناه…. فعندما استدارت تلك الفتاة تتلوى بجنون على الأغاني الغربية ظهر وجهها
لعيناه بوضوح وتأكد من ظنونه فصعق من رؤيتها
هنا ، وقد أصيب بشلل للحظات امام هذا المشهد المريب…..والذي لم يتوقعه يوماً ولا حتى في
اسواء الكوابيس………
انتفض كرم وافقاً وكان حيه لدغته….بينما احتقن وجهه بدهشة الألم….شعر ان رجولته تزأر بوجع
هل هي هنا في هذا المكان بين تلك المجموعة التي
ألقى عليهم نظرة نفور منذ دقائق…. كيف تاتي لهنا
وكيف سمح لها اخيها وابيها بالخروج ليلاً ولهذا المكان اي كذبه اخترعتها لهم…. ام انها من الاساس
لا رقيب عليها……. ومن هذا الذي يعانق خصرها ويتمايل معها كنساء……….
انتبه هيثم لوقوف صديقه فسأله بشكٍ…..
“في اي ياكرم…..وقفت كدا ليه…. انت تعرفها؟!….”
شعر بصدره يحترق كأتون مشتعل يتوهج داخله
بجنون…… قبض كف يده بقوة حتى أبيضة مفاصله وهو يسمع ضحكاتها المائعة وتمايلها الرخيص مع
هذا السمج…….عصفت عيناه البنية بشكلاً
مخيف……..وهو يتجه إليها بخطوات تنذر بالشر
والخطر من غضب لأول مرة يختبره معها…..
حينما اقترب منها سحبها من ذراعها بقوة ولكم الشاب باليد الأخرى فصرخت نور وهي تنظر إليه
وحينما ابصارته ارتجف جسدها بخوف وصدم
من وجوده هنا……..
سار مبتعداً عن المكان وهي بين قبضته يشدها خلفه بقوة كي تلاحق خطواتها الغاضبة…..لذا حاولت نور التملص منه وهي تقول بتمرد….
“سبني ياكرم……انت مالك ومالي….واي اللي انت عملته جوا ده انت اتجننت………”
لم تتخيل ان الرد عليها سيكون صفعه منه….فقد استدار اليها وفي لحظة هبط كفه على وجنتها الصغيرة الناعمة……..صفعة اصابت قلبها في مقتله
فتصلبت مكانها وهي تضع يدها على وجنتها وتنظر اليه بعيون متحجرة بدموع……….
نظر اليها بنفور ولم يلبث إلا وصاح بغضب….
“هاتي مفتاح عربيتك…….”
لم تتحرك عضلة بوجهها بل ظلت متسمرة مكانها ترمقه بصدمة وألم ودموع تجري على وجنتيها بصمت………وجدته يثور غاضباً وهو يرمقها
بقرف….
“هتفضلي بصالي كتير هاتي الزفت……خليني اوديكي لأهلك وهما يتصرفه معاكي…..أكيد اخوكي
نايم على ودانه وميعرفش اللي بيحصل من
وراه……لكن انا هعرفه وهنوره عشان يلحق اخته
اللي ماشيه على حل شعرها وجايه مكان زي ده… وريحة الخمرة فايحه من بوقها لا واي بتترقص
في حضن عيل ***…….”..
اتكأ على ذراعها هادراً بغيرة…..
“اي اللي بينك وبين الولا ده…..مين دا يانور….”
شدت ذراعها من بين قبضته بالقوة وهي تصيح بتحدي مستفز……
“ملكش دعوة بيا…….روح قول اللي تقوله انا مش فارق معايا حد……وبعدين الولا اللي مش عجبك ده بيحبني مش هو بس في كتير اوي بيحبوني وانا
مش بحب غيرك…….تعرف ليه عشان حمارة…..بحب
واحد مش بيحب غير نفسه…….”مسكته من ياقة قميصة تشده نحوها وهي تقترب منه بترنح
بسيط قائلة بتوبيخ وعدم اتزان واضح في الحديث……
“باي حق تميد ايدك عليا ها باي حق……انت عارف
انا لو قولت لبابي هيعمل فيك إيه….هيطردك من الشركة بتاعتنا……ومش هعرف اشوفك تاني…….انا بحب أروح الشركة عشان اشوفك ياكرم ولو حتى
من بعيد…….”
نظر لها بنفور وهتف ممتعضاً……
“انتي لازم تفوقي من القرف اللي انتي شرباه ده…..”
صاحت وهي تشير باصبعها كي يصمت….
“هشش… انت اللي لازم تفوق……..بتضربني…دا بدل ما تاخدني في حضنك…….”تركت ياقة قميصه واحاطت بيداها عنقه وهي تقترب منه بشكلاً
عاطفياً لذا عنوة عنه خفق قلبه إليها متفاعلاً بكل حواسه معها رغم الغضب الذي يتفاقم في صدره
بعد رؤيتها بهذا الوضع المخزي…..
“لي مش بتحبني…….اي فيا ناقص…انا غنية اوي ومعايا فلوس كتير وعربية كمان… وجميلة جميلة اوي… وبحبك أوي……..اي اللي مش عجبك فيا
وانا اغيره…..اي اللي مش بتحبه فيا……. رغم
اني بموت فيك……”
بلع ريقه بعد ان تحسست وجنته بأناملها الناعمة
في اخر جملة قالتها بهمساً مجنون…. وكانتا
عيناها التي تبرق عند حضوره تراسله باللغة
الحب لعله يفهم مقدار الألم الذي
يسببه لها……….
كيف يصل عشقها لهذا الحد وكيف يرفض هو بمنتهى الاستهانه……داخلها جرح غائر من رجل رفضها يوماً
وكي تكرهه اكثر ادعى انه يريدها بشكلاً يلوث حبها له وكل هذا لأجل ان تتركه وتبتعد وفعلت يومها بقلب محطم من حبيب رفضها رغم انها فرصة
ذهبية لاي رجلاً…………
نفض يدها عنه وهو يقول بغضب……
“انتي سكرانه ولازم تفوقي من القرف ده…….”
هزت راسها بنفي وهي تقترب منه باغواء….
“انا مش سكرانه انا فايقه اوي فايقه جداً……انت اللي محتاج تسكر عشان تفوق زيي……”
ابعدها عنه بقوة وهو ينظر لمدخل المكان الواقفين فيه…..أعاد ادراجه ذاهباً بها للحمام…دخل حمام النساء وحمد الله ان لا يوجد احد به….. جذبها
من ذراعها ثم فتح صنبور الماء وبدأ يغسل وجهها
بالاجبار….. صاحت نور منزعجة وهي تقول
بتهكم…..
“سبني يامجنون بتعمل إيه…….”
من كثرة الحركة والانفعال شعرت بالاختناق لذلك ركضت للحمام واغلقته عليها وبدأت بالتقيؤ
بصوتٍ عالٍ…..
صاح كرم من خلف الباب باستهجان….
“واضح انك اول مرة تشربي…….لسه متعودتيش
مش كده………”
سمعها تتقيأ بقوة وهي تدخل في نوبة بكاءٍ مرير…..
اتجه للباب المغلق وطرق عليه بقوة وهو يصيح
بقلق يشوبه الغضب……
“افتحي يانور…..افتحي بدل ما كسر الباب على دماغك…….”
فتحت الباب سريعاً لكنها لم تنظر اليه بل مرت من جواره واتجهت للصنبور لتغسل وجهها عدت مرات امام عيناه القاتمة….. ثم خرجت من الحمام بصمت امام نظراته المشدوهة وكانه غير مرئي !!..
لحق بها سريعاً وخرج خلفها ليجدها تستلقي
سيارتها وهي تبكي….. اوقفها وهو يقول
بتهكم…….
“هتسوقي إزاي وانتي سكرانه كده……”
صاحت عليه بانفعال…..
“انا مش سكرانه…….ابعد عني…. ”
اخرجها من السيارة عنوةٍ عنها فصرخت وهي تحاول مقاومته فاتى حراس المكان أصحاب الأجساد الرياضية الضخمه والطول الفارع على صوت الصراخ ودون تفكير لكم احدهم كرم أسفل فكه كي ينزع ذراع نور من بين يداه……. صرخت نور سريعاً عليهم وهي تبعدهم عنه قبل ان ينال الأكثر…….
“محدش يلمسه دا معايا…….”
سألها الحارس بدهشة….
“حضرِتك كنتي بتصوتي….. احنا لقينا بيخرجك من
عربيتك بالعافية……”
صاحت بنفاذ صبر……
“محصلش احنا بس كنا بنتكلم…. ارجوكم ابعدوا عنه…… قولتلكم دا معايا……”
تركا الرجال كرم واقع أرضاً… بينما مسح كرم فمه من الدماء وهو ينظر اليهم بغضب……. اتجهت اليه نور في لحظة وجلست على ركبتيها جواره وهي تساله بقلق……
“انت كويس ياكرم……”
اتكأ على اسنانه وهو يقول بغضب مكبوت
وعيناه ترفض النظر إليها……..
“هاتي الزفت خلينا نمشي من هنا…….”
اعطتها المفتاح بخوف وهي تستقيم واقفه كما فعل هو….. احتل مقعد القيادة وهي جواره…. وسريعاً انطلق بسيارة بسرعة تفوق الوصف كغضبه الذي
قارب على الانفجار كلما تذكر رقصها بين احضان
هذا الشاب وشربها للخمر وتواجدها في هذا
المكان القذر…..
خفق قلب نور بخوف وهي ترى السرعة تزداد
برعب صرخت بفزع……
“عشان خاطري ياكرم…… هدي السرعة شوية… العربية ممكن تتقلب بينا…….”
صاح بوجوم مرير…….
“ياريت اهو اخلص منك ومن نفسي…..”
لم تسيطر على لسانها حينما قالت سريعاً….
“بعد الشر عليك……”
ضرب عجلة القيادة وهو يصيح بغضب والغيرة تنهش في صدره……..
“اخرسي يانور…. اخرسي…. بتحبيني ها….. انتي كدابة……. كدابة وخاينة…….كنتي مبسوطه وانتي في حضنه…. ردي عليا…….. كنتي مبسوطه وهو حاطت ايده عليكي……. حصل بينكم إيه……. ردي عليا اي اللي بينكم……” مسكها من ذراعها بقوة وعيناه
تضجان شرراً……..
اعترفت برعب وهي تحاول تحرير ذراعها من بين قبضته القوية……
“انا معرفوش ياكرم…. والله ما أعرفه… هو طلب يرقص معايا وانا وفقت دي كل الحكاية….”
عقب بضجر وهو يؤذيها بنظراته
السامة……
“لا محترمه وانا ظلمتك…..وكنتي جاي هنا
مع مين….. ”
قالت بتردد بعد ان حرر وثاقها…….
“مع ناس صحابي….كلهم بنات…انا أول مرة اجي هنا………”
رد هازئاً والنفور داخل يزيد نحوها في تلك اللحظة……
“اول مرة واكيد مكنتش هتكون الاخيرة…..عجبك الجو مش كده……”
همست من بين نحيبها المرير…..
“كرم انا آسفه……..انا غلط…..”
هتف بقسوة وهو يشيح عيناه عنها….
“غلطي لنفسك اتصلح حالك لنفسك….انتي نزلتي
من نظري خلاص……”
همست بعجز…. “كرم……انا……..”
قاطعه وهو يدير راسه اليها هاتفاً بنفور منها….
“متقوليش انك بتحبيني….اللي بيحب حد مبيحبش يشوف نفسه مع غيره…….”
صاحت نور بتمرد قائلة…..
“يعني انا غلطانه وانت كمان مش غلطان…. انت كنت في نفس المكان ياكرم…..”
هز راسه مع تذكر وجوده في هذا المكان فقال
ساخراً…….
“صح……. وكان سبب اني اجي وشوفك…. وشوفك للمره الاولى صح……… المفروض اشكر هيثم مرتين مش مرة واحده…….”
سالته بحماقة…..
“هيثم مين انا مش فاهمه حاجة…..”
قال بنبرة جليديه مسننة……
“مش لازم تفهمي……..كفايه انا فهمت كل حاجة…”
لم تعقب على حديثه بل اشاحت بوجهها للناحية الأخرى وهي تبكي بصمت…….
اوقف السيارة بعيداً عن المجمع السكني الذي تتواجد بها فيلا توفيق الشامي…….
بعد ان أوقف السيارة نظر إليها وقال بخشونة حاسمة……
“انا هنزل من العربية دلوقتي…وانتي هتكملي الشوية دول وتدخلي الكمبوند وعلى بيتكم عدل يانور….سمعه…”
قالت نور بتردد…..
“مش هينفع تنزل كده من غير ما تسمعني….”
عقب باستهانة قاسية……
“اي كلام هيتقال بعد اللي شوفته ملوش اي لازمه بينا……”
قالت نور من بين دموعها بحرج……
“لا ليه لازمه……..كرم متكرهنيش….انا مش وحشه كده……انا بس غلط….ومشيت ورا شيطاني…صدقني
انا مش بحب الجو ده……بس الفضول خلاني اجرب……..”
رفع حاجبه بضجر قائلاً….. “وجربتي يانور……..”
قالت بوهن مرير……
“كرم أرجوك بلاش تقسى عليا….إلا انت ياكرم….”
نظر لوجنتها الحمراء وتذكر فعلته الغبية معها…
فقال باعتذار غير مقروء…….ونظراته كانت باردة نحوها خاليه من اي تعبير إنساني………
“انا اسف اني مديت ايدي عليكي….انا عارف انه
مش من حقي اعمل كده…….بس انا اعتبرت نفسي زي يوسف ويوسف لو مكاني يمكن كان عمل كده وأكتر……..واكيد الضرب مش حل ومينفعش انتي
بذات يتعمل معاكي كده…..بس انا مقدرتش اسيطر
على نفسي………كان غصب عني انا آسف يانور…..”
وجدته يفتح باب السيارة من جواره لذا مسكت ذراعه سريعاً وقالت بتوسل…….
“كرم عشان خاطري استنى…….”
نظر ليدها القابضة على ذراعه فابعدها ببرود وهو ينظر لعيناها قائلاً…….
“روحي يانور….الوقت اتأخر…….وانا كمان عندي شغل بدري الصبح في الشركة بتاعتكم….. ”
هزت راسها بحرج وهي تهتف معتذرة……
“كرم انا مكنش قصدي انا اسفه…. انا مش عارفه
انا قولت كده إزاي……”
اجابها بصوتٍ باهت المعاني……
“قولتي الحقيقة الفرق الكبير اللي بينا اللي انت بتوهمي نفسك انك مش واخده بالك منه…..”
صاحت بنفاذ صبر قائلة بجنون يتناقض مع كل
ما حدث……
“انت ليه بتحب توجعني…….إيه مفكر اني لسه نور الهبله اللي وقعه في حبك وانت ولا معبرها….فوق
الكلام اللي كنت بقوله من كام سنه ده كان اي هبل
انا مش بحبك…..ومستحيل احب واحد زيك….مش عشان الفرق الكبير اللي ما بينا زي ما بتقول….
عشان انت أناني وندل و……”توقفت بصدمة حينما رأته يخرج من السيارة قائلاً
“كفايه كده انا ماشي…..سلام…. “اشار لها بيده وهو يبتعد خطوتين ثم أشار لها على باب المجمع الكبير كي تدخل منه…….
ودت بشدة ان تتحداه وتذهب لاي مكان آخر…بعيداً
عن المجمع السكني الذي يشير اليه بأمر ان تدخله…
لكن التاخير اكثر لن يكون في صالحها فهي كذبت على الجميع وادعت انها عند خالتها وهي في الحقيقة تتسكع في أماكن قذرة لأول مرة تدخل اليها
ولسوء حظها وجدته في وجهها بعد ساعة فقط من دخولها هذا المكان……
ادارة محرك السيارة ودخلت المجمع من البوابة الكبيرة بعد ان فتحها أفراد الأمن… بعدها انغلقت
البوابة بعد مرور سيارته…. زفر كرم بارتياح وهو يستند على عمود الانارة وعيناه معلقة على
المجمع السكني الفخم التي تعيش فيه من
عذبة قلبه في حبها……….
……………………………………………………………
سكبت من الركوة في فنجان القهوة ثم وضعتها
جانباً وهو تقدم الفنجان لنوال قائلة بابتسامة
هادئه…..
“اتفضلي ياماما…….”
قالت نوال وهي تمشط شعر مكه التي تجلس في حجرها ساكنة تلهو في الهاتف الخاص بامها….
“خليه عندك ياسمر……..”
وضعت سمر الفنجان جانباً وظلت تتابع ما يحدث بعينين متبسمتين بسعادة فدوماً لمكه حصه اكبر من الاهتمام والحنان لدى العائلتين وهذا يرضيها كام ويريح قلبها………
قالت سمر بهدوء لها…..
“بلاش تربطيه ياماما…. مكه بتحب تسيب شعرها كده……..”
اومات لها نوال وهي تعانق حفيدتها بعد ان انتهت من تمشيط شعرها وسألتها بحنان الجدة قائلة….
“ها ياست مكه عايزاني اعملك اي النهارة على الغدى……..”
قالت سمر بابتسامة فاتره…..
“متتعبيش نفسك ياماما…ماهي بتاكل معانا فوق…”
قالت نوال بحزم…….
“ومالوا تاكل فوق وتاكل تحت…. هو مش بيت جدها ولا إيه……..” ثم قرصت وجنتي الصغيرة بلطف والتي كانت تنظر اليها مبتسمة وهي تقول
بدلال الأطفال…..
“تيته……….. شوكلاته…….”
قالت سمر بضجر……
“مش كل شويه شوكلاته يامكه هتتعبي…..”
دافعت عنها نوال بضيق كالعادة وهي توبخ سمر قائلة…….
“الله ما تسبيها تاكل براحتها بلاش تخنقوها انتي وابوها….. قومي هاتلها وحدة شوكلاته من العلبة
اللي شريهالها مخصوص يلا اسمعي الكلام……”
نهضت سمر وهي تزفر
بوجوم….
“ياماما دلعك ده هو اللي بيبوظها…….”
قالت نوال وهي تقبل الصغيرة المبتسمة
بسعادة……
“ادلعها مدلعهاش ليه دي بنت الغالي لازم تاخد
الدلع كله…”
حينما ابتعدت سمر عنهن بقلة حيلة سألت
نوال الصغيرة باهتمام حاني……
“ها قوليلي بقا عايزه تاكلي إيه…..”
قالت الصغيرة وهي تبتسم…. “مكرونه ياتيته……”
عبس وجه نوال لبرهة ثم اقترحت عليها
برفق…….
“هو كل شويه مكرونة…. اي رايك اعملك بسلة باللحمة هتحبيها اوي……”
هزت الصغيرة راسها بنفي وبان التذمر عليها فداعبتها نوال هامسة بحنان الجدة….
“دانتي هتحبيها من ايد تيته…….. طعمها احلى من اللي أمك بتعملها……”
اتت عليهم سمر وقد سمعت جزء من حديثهما
فقالت ضاحكة…..
“طبعاً ياحماتي انتي الأكل من إيدك لا يقاوم……”
اعطت سمر قطعة الشوكلاته المغلفة للنوال
فاخذتها نوال واعطتها للصغيرة وهي تسأل
سمر باهتمام……
“مجبتيش شوكلاتيه لنفسك ليه……”
ردت سمر ممتنعه….. “لا ياماما مش عايزه….”
اصرت نوال قائلة….
“لا روحي هاتيها حلوة عشان اللي في بطنك……..”
هزت سمر راسها قائلة بلين…..
“ياماما لما اعوز هروح اخد مش هتكسف يعني…”
قالت نوال باهتمام الأم….
“طب قومي جيبي حتة كيكه من اللي انا عملاها جوه كُليها مع كوباية الشاي اللي قدامك دي حلوة…….”
إبتسمت سمر وهي ترد عليها بمحبة…
“والله ياماما ما جعانه فطرت قبل ما نزال وآلله…..
هو فين بابا راضي صحيح….. ”
اجابتها نوال بهدوء….
“اهو صلى ودخل يقرأ في المصحف………”ثم
اشارت نوال للصغيرة قائلة بحنان…..
“ادخلي لجدو يامكه…….قعدي جمبه واسمعي
القرآن…. ”
كانت نادراً ما تستجيب لحديث امها وابيها ولكن حديث جدتها ينفذ دون عناد او رفض لطالما
شعرت سمر ببوادر الغيظ من تلك النقطة لكنها
على يقين ان هناك ترابط قوي في علاقة الاحفاد
بجدتهم فهي أكثر من ام بنسبة لهم……..
حينما اختفت الصغيرة بدات نوال في شرب
القهوة وهي تسألها برفق……
“اي اخبار حملك صحيح……..”
قالت سمر مبتسمة وهي تتحسس
بطنها المسطحة…..
“الحمدلله لحد دلوقتي تمام……”
سالتها نوال بمكر……. “لس مفيش وحم……”
ضحكت سمر وهي تفهم قصدها فقالت…..
“بس ياماما ونبي لحسان انا بتوحم على حاجات غريبة………”
ارتشفت نوال من القهوة قائلة بتذكر…..
“في حمل مكه كان نفسك تاكلي معجون سنان………يترى في ده هتتوحمي على إيه…….”
ضحكت سمر وهي تهز راسها بحرج
متذكرة…..
“فاكره أليوم ده……كان مسخرة وانا عماله ازعق ومصممه اكل أنبوبة المعجون…….”
قالت نوال وهي تهز راسها بدهشة…..
“انا مصدقتش يومها…. انا اعرف اللي بيتوحم
ده بيتوحم على فاكهة قبل أوانها… على اكله على
او حاجة بتشرب…..لكن يتوحم على معجون
سنان جديده دي…….”
ضحكت سمر بقوة قائلة بمزاح…..
“الحمل كان جاي بتخلف وقتها…….”
قالت نوال بطريقة الحموات وهي تمازحها…..
“اهي عدت ربنا يستر المرادي ومتطلعيش
بتتوحمي في حاجة تجبلي جلطه انا وابني……”
ضحكت سمر قائلة بحرج……..
“بعد الشر عليكم….ان شاء الله اتوحم زي الناس الطبيعية……..”
في تلك الأوقات طرق على باب الشقة فنهضت
سمر قائلة…..
“خليكي ياماما هفتح الباب انا…..”
فتحت سمر الباب فوجدت حبيبة امامها ترتدي عباءة بيتي شتوية أنيقة تفصل جسدها الانثوي النحيف الذي ازداد تفاصيل أنثوية غاية في الرقة والجمال ومزالت بشرتها ناضرة تلمع ببياض
كملكة الثلج وعيونها الزيتونية تبراق بسحرٍ
خالص…….
ابتسمت حبيبة وهي تسلم على سمر
قائلة بمودة…
“عامله اي ياسمر…….اي اخبار……”
عانقتها سمر وهي تقول بعتاب……
“عاش من شافك ياست حبيبة…. بقالي أسبوعين مشوفتكيش مع اننا عايشين في نفس البيت……”
قالت حبيبة وهي تفصل العناق…..
“معلش الفترة اللي فاتت كنت تعبانه شويه…جالي درو برد رقدني في السرير……”
قالت سمر بتأثر……
“لا الف سلامة عليكي محدش قالي وآلله…..”
اومات حبيبة براسها بهدوء سائلة…..
“الله يسلمك ياسمر ولا يهمك……..هي مرات عمي جواه…”
ابتعدت سمر عن الباب قائلة…..
“آآه جوا…. ادخلي……..”
دخلت حبيبة للداخل واثناء سيرها انتبهت لمن تستقبلها بصيحة طفولية مرحة…….
“بيبة…….”
توسعت ابتسامة حبيبة وهو تفتح ذراعاها لمكه وهي تميل للأمام بشقاوة فاندفعت الصغيرة نحوها
وهي تعانقها فضمتها حبيبة قائلة وهي
تقبلها…..
“عامله اي ياموكا…….ريحتك شوكلت…..شربتيه
من غيري…….”
اجابتها الصغيرة بطريقة طفولية….
“لا دي شوكلاته بالحيلب……”
تبسمت حبيبة ثم طبعت قبلة على وجنتة
الصغيرة قائلة بلطف….. “مم ماشي ياموكا……
بالف هنا……”
حينما تركت الصغيرة اتجهت لزوجة عمها وسلمت عليها فقالت نوال بحنان…..
“الف سلامة عليكي ياحبيبتي….بقيتي احسن دلوقتي…….”
جلست حبيبة جوارها قائلة باستياء….
“الحمدلله يامرات عمي…..انتي عارفه الناس الطبيعية بيجالها برد في الشتا بس… انا البرد
بيفضل معايا طول السنه……..”
قالت نوال بتوبيخ…….
“ماحنا برد لسه في شتا…… بس تعرفي كل ده عشان منعتك ضعيفة ونحيفه…..عارفه لو تاكلي هتبقي زي الفل وجسمك هيطرد المرض……”
قالت حبيبة بقلة حيلة….
“هعمل اي يعني يامرات عمي مانا باكل بس
الحرق عندي عالي……..”
قالت نوال بياساً…..
“ولا بتاكلي ولا بتعملي هو انا مش بشوفك يعني…….” صمتت نوال قليلاً ثم قالت بتذكر…
“صحيح مبروك على الشغل امك قالتلي امبارح….”
ضحكت حبيبة ذاهلة…..
“هي لحقت ماما قالتلك دا انا لسه هعمل مقابله ويعالم هتقبل ولا هترفض……”
لكزتها نوال قائلة بفخر بها….
“ان شآء الله هتتقابلي امل الشهادة اللي معاكي دي لازمتها اي يابشمهندسه……”
اخرجت حبيبة زفرة بائسه وهي توضح
لها…….
“الشهادة ليها لازمه طبعاً بس الخبرة هي اللي
بتحكم وانا مشتغلتش قبل كده…. والشركة اللي رايحا اشتغل فيها شركة كبير اوي يامرات
عمي….معتقدش انهم هيقبلوني بس عشان الشهادة…..”
قالت نوال باستفهام……
“بس انتي قولتي انك رآحه بالوسطه من واحده صاحبتك……”
اومات حبيبة براسها قائلة….
“ايوا…….. هي قالتلي كده………”
تدخلت سمر فالحديث والتي كانت تتابعه في
البداية بصمت والآن سألتها بفتور…..
“هي اسمها اي الشركة دي ياحبيبة……”
اهتزت حدقتي حبيبة وهي تنتبه لسؤال
سمر وقبل ان تفتح فمها كان الباب يطرق……
اتجهت اليه سمر بهدوء كي تفتحه ولم تلاحظ من كانت خلفها تسحب انفاسها بصعوبة من شدة الاضطراب بعد سؤال سمر الفاتر….. ربما لم تكن وظيفة عادية انها وافقت فقط لكي تكون قريبة منه وهذا نوعاً جديداً من الرخص تعيشه معه ان تسعى
إليه وهو يسعى للهروب من كل شيءٍ كان يخصهم معاً في الماضي……
انها لم تراه إلا مرات معدودة خلال فترة فراقهما والتي أصبحت تعادل أربع سنوات ونصف من
الهجر……
كيف عاشت وكيف تابعت حياتها دونه… أحياناً كثيرة كان تتلهف لرؤياه سماع اخباره من بعيد سواء من نور صديقتها المقربة او سمر التي تخبرها بطريقة غيرة مباشرة انهُ بأفضل حال ؟!….
بأفضل حال دونها !!….
هذا واضح فقد تخرج منذ سنة ونصف وفي خلالهم هو يكرس حياته للعمل هذا ما تسمعه من الجميع لكن قلبها يشكك في الأمر ويحترق على نيران الغيرة..
وداخلها شيءٍ يخبرها انه نساها بأخرى جميلة احبها
بجنون وهي تبادلها بهوس والآن ينعم الاثنان
في أحضان بعضهما بل قريباً جداً تتوقع سماع
خبر خطبته او زواجه اي شيءٍ يأكد شكوكها……..
خفق قلبها بجنون عندما استمعت لصوته عند باب الشقة….. هل هو هنا ام انها تتوهم…….. لكنها تأكدت
حينما ركضت مكه الصغيرة مناديه على أسمه
بشقاوة محببة للقلب……وقتها سمعت صوته
المرحب بصغيرة وقبلاته على خدها……..
حينها اغمضت عينيها بعذاب تريد الهروب الآن
فهي غير مستعده لرؤياه…….
تريد الهروب وهي بعد يومين ستعمل معه في
نفس المكان….كيف لها ان تتحمل كل هذا الضغط ؟!…
ولماذا تجلد نفسها بمنتهى القسوة ولا تشفق على قلبها من العذاب ؟!…….وياليتها قادرة على النسيان انها قد فشلت بكل الطرق……..
نادت نوال بصوتٍ عالٍ مرحبٍ بعد ان سمعت صوت أحمد كذلك……
“تعالي يا احمد ياحبيبي واقف على الباب ليه…دخليه ياسمر……”
عند الباب اجابتها سمر…..
“مش عايز يدخل ياماما………مستعجل……”
اتى صوت نوال بتحذير……
“والله لو ما دخلت يا احمد لكون زعلانه منك….يرضيك أزعل يابشمهندس……”
سحبته سمر بالاجبار وهي تقول بلهفة…….
“ادخل سلم عليها وامشي….عشان متزعلش عيب…”
سحب احمد ذراعه بقوة وهو يقول
بارتياع….
“خلاص هدخل سيبي كم الجاكت هيتقطع…”
تركت سمر الكم ضاحكة بدهشة ثم ممرت يدها
مكان الكرمشة وهي تقول بمحبة…..
“حلو كده يابشمهندس……”
رد بمرحه المعتاد……
“زي الفل ياشقي……”ثم نظر للصغيرة الذي يحملها بذراع واحده وقال وهو يشير على القفص
الحديدي المركون جواره……
“تعرفي في اي دا ياكوكي…….”
رمقته الصغيرة بتساؤل فضولي بينما كشف أحمد
عن انيابه كي يخيفها وهو يقول بصوتٍ خافت مرعب………..
“في فرخه……”
انفرجت مكه في البكاء سريعاً وهي ترفع يداها نحو امها كي تاخذها لاحضانها……
ضحك أحمد عليها وحاول ان يهدأ من
روعها فقال……..
“متخفيش مش فرخة بهزر……. بهزر…….”
لكزته سمر بتوبيخ وهي تاخذ ابنتها لاحضانها
وتربت على ظهرها بحنان…..
“والله انت رخم يا احمد….مانت عارف انها
بتترعب من الفراخ……..”
رفع حاجبه بغلاظة………
“بتترعب من الفراخ والقطط عادي……”
انتهبت سمر لحديثه فقالت
بجذل…..
“بجد جبتلها القطه……”
“أجمل قطه…..”ثم تحسس ظهر الصغيرة قائلاً بمداعبه حنونه كي تنظر اليه وتتوقف عن
البكاء….
“كوكي….ياكوكي دي قطه ياابا…..قطة ياحبيب
خالو……” نظرت اليه الصغيرة بعيون مبللة
بدموع فابتسم احمد وهو يسحبها من احضان
امها قائلا…… “ياروح احمد انتي….. تعالي
ياجبانه….بعد كده لو مسمعتيش كلام ماما
و زوزو هجبلك الفرخة….. ”
زمجرت الصغيرة بخوف فربت على ظهرها وهو
يقول ضاحكاً…..
“بهزر امشي يافرخة…. امشي….. احنا جبنا قطه خلاص للبت كوكي…….”
رفعت الصغيرة راسها عن احضانه وقد توقفت عن البكاء نهائياً….. فقال لها أحمد مبتسماً بشقاوة….
“تحبي تشوفي القطة……”
اومات الصغيرة براسها فدوى صوت نوال مرة
اخرى من الداخل فاقترحت سمر بهدوء……
“أدخل ياحمد جوا الأول سلم على حماتي وبعدين ابقى وري مكه القطه…….”
اوما براسه وهو يتافف قائلاً…..
“ماشي اتفضلي قدامي كله منك… لو كنتي قعده في شقتك مكنتش اضطريت انزل اخبط على الناس….”
قالت سمر بعتاب…..
“متصلتش بيا ليه قبلها كنت هطلع استناك فوق….”
حك في شعره قائلاً…… “نسيت……”
ضحكت وهي تداعب شعره الغزير باصابعها
قائلة بمحبة شقيه….
“يبقا انت اللي غلطان…….وحشتني اوي على
فكرة….اي رايك بعد ما تسلم عليها اخدك ونطلع نقعد انا وانت ومكه فوق عندي في التلاجه صنية مكرونه بالجمبري انما اي حكاية……… ”
امتنع قائلاً بهدوء….
“لا اعفيني المرادي انا ورايا مشوار مهم……”
ضمت شفتيها بجزع قائلة….
“انت علطول مستعجل كده……”
رد احمد معتذراً برفق….
“غصب عني شغل والله ياسمر…..”
قالت بتفهم وهي تربت على كتفه……
“ربنا يقويك ياحبيبي……”
عندما دخل غرفة الصالون وجد نوال تجلس على الاريكة بمفردها سلم عليها قائلاً…..
“ازايك يامي……. عامله إيه……”
ربتت نوال على كتفه قائلة بمودة…..
“الحمدلله ياحبيبي انت اي أخبارك….وامك
عامله إيه…. ”
اوما أحمد براسه وهو يجلس على
المقعد….. “الحمدلله تمام…….وامي كويسه
بتسلم عليكي…… ”
ردت نوال….. “الله يسلمك ويسلمها…..”
عقدت سمر حاجبيها وهي ترى الغرفة فارغة من حبيبة…….. أين ذهبت ؟!…….
عندما جلس أحمد فتح القفص وأخرج القطة الصغيرة والتي كانت تمتزج بألون الرمادي
والابيض صغيرة الحجم بشكلاً لطيف يسر العين وصوت الموء الخاصة بها كان نغمة ناعمة لطيفة
ضحكت مكة وصفقت بفرح وهي تحمل القطة
بين ذراعيها الصغيرة سالها احمد وهو يبتسم
لها بشقاوة…..
“اي رأيك في البسبوسه الصغيرة دي…..”
اردفت سمر ضاحكة….
“انت كمان سمتها بسبوسه؟!…….”
ضحك أحمد سائلا مكه….
“اي رايك حلو بسبوسة ياكوكي مش كده……”
فسالت سمر الصغيرة ببطئ كي
تستوعب….
“كوكي….. اي رأيك نسيمي القطه بسبوسة…..”
اومات الصغيرة وهي تتحسس فرو القطه
بيداها مغمغمة بسعادة…..
“بسبوسة…….”
ضحكت سمر وهي تنظر لاخيها…..
“مبروك علينا…….. كده وفقت…….”
قال بزهو مرح….. “متقدرش توقعلي كلمة……..”
تدخلت نوال في الحديث قائلة بمرح……
“عشان جبتلها القطه بس…..شويه كده وهتقلب
عليك وعلينا…….. ”
ضحك أحمد وهو ينهض من مكانه قائلاً
بهدوء….
“طب استأذن انا بقا….عشان عندي مشوار مهم…”
قالت نوال بضيق من تعجله…..
“يابني هو انت لحقت تقعد….طب استنى اشرب حاجة ولا حتى قعد اتغدى معانا ما شوفي اخوكي ياسمر……”
زفرة سمر باستياء قائلة…..
“والله ياماما بتحايل عليه من بدري هو أصلا مكنش عايز يدخل بس دخل عشان خاطرك……”
عندما وقف أحمد تحدث بملاطفة….
“المره الجايه ان شاء الله هاجي قعد واشرب كمان…….يلا عايزين حاجة….. ”
قالت نوال برفق……
“عايزين سلمتك ياحبيبي……نورتنا…. ”
“سلام عليكم……”ثم نظر لمكة الجالسة على الاريكة
تداعب القطة وهي في كامل الانسجام معها….
” سلام ياكوكي……. ”
لم تنظر اليه الصغيرة وكانها لم تسمعه…
فضحكت سمر قائلة بمزاح…..
“انسى ولا هتعبرك…….خلاص كده قلبتك…..”
اتى في عقله شيءٍ ما فقال ساخراً….
“واطيه أوي زيها……..”
سالته سمر بغرابة….. “زي مين……..”
قال وهو يدير وجهه مبتعداً
عنهم….
“متاخديش في بالك…….سلام…. ”
عندما أغلق الباب عادت سمر جالسه جوار
نوال وهي تسالها بحيرة…..
“هي حبيبة فين ياماما……”
اجابتها نوال بهدوء وهي تشير على غرفة راضي
الذي يصلي ويقرأ القرآن بها……
“دخلت عند عمها…….قالت عيزاه في حاجة مهمة….”
نظرت سمر للباب المغلق بصدمة….فهي لم تتوقع ان تظل حبيبة تحمل لاخيها نفس المشاعر التي انتهت امامهما يوماً منذ أربع سنوات ونصف ؟!..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى