روايات

رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم أمل نصر

رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم أمل نصر

رواية عينيكي وطني وعنواني الجزء التاسع والثلاثون

رواية عينيكي وطني وعنواني البارت التاسع والثلاثون

رواية عينيكي وطني وعنواني الحلقة التاسعة والثلاثون

دلفت لداخل الشقة تجر أقدامها جرًا وقد اهلكها التعب..متجهة على الفور نحو غرفتها..متجاهلة الرد على الفتاة التي فتحت لها وسألتها عن سبب تأخرها في العودة للمنزل.. وهل كان بخطرها التلكأ بالشوارع بعد رحلة طويلة من العدو.. لوحت بكف يدها تلقي التحية على خالتها محاسن الجالسة مع فتياتها بوسط الصالة بملابسهم العارية تومئ براسها دون التفوه بنت شفاة.
من وقت أن غادروا السيارة التي تركوها مضطرين هربًا من مطاردة علاء وبعض سيارات الشرطة.. هي لا تصدق حتى الاَن انها قد تمكنت من النجاة من براثن الشرطة وأدهم، بعد ان اوقعهم علاء في الفخ.. ولكن مهلًا مازال الخطر مستمر مادامت هنا في نفس المدينة معهم..
ارتمت على تختها وخلعت حذائها تدلك قدميها لبعض الوقت حتى تخفف عنهم الألم ثم استلقت وهي تتناول هاتفها تتصل به.. وكان رده سريعًا:
– ايوة يانيرمين.. انتٍ وصلتي البيت ولا لسة؟
– ايوة وصلت اخيرًا.. بعد ما اتهلكت من الجري في الشوارع ياسعد.. وانت بقى وصلت ولا لسة؟
– انا وصلت اؤضتي عالسطح من يجي الساعة كدة.. المهم بقى حد حس ولا سألك انتِ اتاخرتي ليه؟
ردت بسأم :
– والنبي ما تجيبلي سيرة حد ولا سبت.. انا فيا اللي مكفيني.. اتصرف بسرعة ياسعد انا عايزة اخرج من البلد دي واروح أي مصيبة بعيد عن هنا.. بعد اللي حصل النهاردة ماينفعش نتأخر اكتر من كدة.

– خلاص يابت.
قال بمقاطعة ثم تابع :
– هما ليلتين بس اكون جهزت ورقي وورقك عشان نسافر ونخلص من الهم دا كله.. المهم بقى البت دي عاملة ايه عندك؟ بتخرج ولا لأ؟
زفرت متأففة؛
– ياعم واحنا مالنا بيها بس؟ خلينا في همنا.
وصلها صوت انفاسه الحادة وهو يتكلم من بين اسنانه:
– ماهو كله يبقى همنا يازفتة انتي.. ولا نسيتي انها هي السبب في كل اللي حصل لما جرجرتك زي البهيمة على شقتي وخلت حسين يسجلك ويسجلها.. دا انا الدم بيغلي في نفوخي وجسمي كله عشان ماعرفرفتش انتقم من حسين النهاردة.. وهاموت لو مشيت من غير ما افش غليلي في حد منهم.. سبب النصايب دول .
………………………….
متكومة على نفسها على سريرها بداخل غرفتها التي أغلقتها عليها من وقت ان عادت لمنزلهم .. رافضة الكلام مع احد وحتى الطعام لم تعد لها شهية فيه.. هي فقط اكتفت بالإطمئنان على شقيقتها وبعد ذلك دلفت الغرفة تكتم احزانها مع نفسها كالعادة.. ولكن هذه المرة كان الألم قويًا يكاد ان يمزق أحشائها.. ألم الفقدان.. تشعر بقرب بفقدانه كلما تذكرت تعابير وجهه المنغلقة وهي تسرد عليه كل ماحدث معها الأيام الماضية بدايةً منذ اللقاء الذي دبرته عمتها مع فاتن.. حتى ماحدث هذا اليوم في النادي ولقاءهم بعصام.
كان يستمع لها وهو واجمًا لا ينطق ببنت شفاه وهي تسرد متعمقة النظر بملامح وجهه تريد ان تستشف ردة فعل واحدة تمكنها من معرفة ما يفكر به.. ولكنه لم يريحها أبدًا.. كما انه لم يثور كما توقعت.. حتى أسئلته كانت هادئة بشكل غريب حتى انهى الجلسة بطلبه اللقاء بها كي يتأكد.
لقد وضحت لها فاتن في العديد من المرات انها تناست عشق المراهقة لما تبعه من ويلات وماَسي عانتها بسببه.. ورحبت بزواجها هي من علاء.. ولكن هو ماذا سوف يكون رد فعله حين يراها؟ ترى سوف يحن ويرق قلبه لقصته القديمة معها؟ وماذا عن عشقه لها هي؟ هل كان سرابًا وسوف يتبخر في الهواء مع ظهور العشق الحقيقي؟
تشعر براسها على وشك الانفجار وهي تدفنها بشكل متكرر في الوسادة.. وتتجاهل الرد حتى على اتصالات سحر العديدة.
فليس لديها قدرة على الأستماع ولا التفوه بالكلمات.. فكيف ترد وعقلها معلق باللقاء المصيري غدًا بينها وببن فاتن وعلاء وعصام!
…………………………..
كانت في سبات نومها العميق حينما شعرت بلمسات بدأت خفيفة على اقدامها كانت تتجاهلها مع ثقل رأسها ثم تطورات لمريبة حينما ارتفعت لباقي جسدها مما جعلها تعتدل بجسدها مفزوعة..فجحظت عيناها وهي ترى هذا الظل الضخم أمامها.. كادت ان تصرخ ولكنها تفاجأت بارتمائه بجوارها على التخت يكمم فمها ببده الغليظة وهو يهمس:
– اهدي الله يخرب بيتك.. انتِ هاتجرسينا يابت ولا إيه؟
ذامت من تحت كفه برعب ولكنه اجفلها بإشعال ضوء المصباح المجاور لتختها.. فظهرت ملامح وجهه بالكامل لها.. هدأت حركتها بريبة وقد توسعت عيناها مزبهلة من المفاجأة.. رفع كفه والتمعت أسنانه التي ظهرت من تحت ابتسامة بعرض وجهه:
– مدام هديتي كدة.. يبقى افتكرتي حبيب قلبك القديم صح!

قال بغمزة وهي ابتعلت ريقها وعيناها تنتقل منه والى باب الغرفة:
– اسماعيل! هو انت ايه اللي جابك هنا وفي اؤضتي كمان ؟
خلع قميصه فجأة واقترب يلف ذراعه عليها ليقربها منه وهو يهمس بإغواء:
– الاسم طالع من بوقك زي العسل.. وحشتيني يانرمين ووحشتني لياليكي الحلوة يابت .
انتفضت وهي تحاول لنزع ذراعيه عنها وجسدها يرتجف بأكمله:
– ابعد ايديك دي عني يااسماعيل.. هو انت ايه اللي جابك هنا الله يخرب بيتك؟
شدد بذراعيه عليها أكثر وهو يردف بعينين تشتعل بالرغبة :
– ابعد إيه بس؟ بقولك وحشتني لياليكي.. دا انا مصدقتش نفسي لما عرفت من صحابي انك رجعتي من تاني.. ربنا يخليلنا خالتي محاسن يارب.
ازداد نفورها منه ومن رائحة التبغ الفائحة من فمه وهو يجول بشفتاه على وجهها وعنقها دون استئذان.. حاولت مجارته كي تكسب بعض الوقت قبل ان تتمكن من الهروب منه.. وقد فهمت مضمون كلماته فلا تستطيع الصراخ او المقاومة مع رجل كانت تعرفه قديمًا وتعرف حجم اجرامه و في بيت كهذا ومع امرأة مثل خالتها قبصت الثمن:
– طب خليني افوق الأول ولا اقوم اغسل وشي.
– لا انتي كدة حلوة اوي.
اردف مابين قبلاته وهي تفكر في حجة اخرى ولكنها انتبهت على صيحات وصرخات تأتي من خارج الغرفة وقبل ان تستوعب تفاجأت باندفاع باب الغرفة بقوة ليدلف امامها لداخل الغرفة رجلين عرفتهم جيدًا من هيئتهم، فلطمت على وجهها تهتف بجزع :
– يانهار اسود بوليس.
………………………….
في اليوم التالي
وهي داخل زنزانة النساء كانت تبكي وتنوح بجوار خالتها وبقية الفتيايات والنزيلات ينظرن لها بحنق من صوتها العالي والمزعج في الندب.
– منك لله ياخالتي منك لله.. ضيعتي مستقبلي ولبستنينى مصيبة وانا اللي طول عمري عايشة ورافعة راسي.. منك لله ياخالتي منك لله .
مصمصت محاسن تعوج شفتيها باستنكار:
– ياختي ماتفضيها بقى.. عمالة تدعي عليا من امبارح .. دا اللي يسمعك كدة يقول انك شريفة بحق
هبت عليها صارخة:
– ايوة شريفة ياختي.. ولولا عملتك انتِ السودة والداء الزفت اللي فيكي ماكنتش هاتحط في المصيبة دي ولا اقعد القعدة دي جمبكم.
لوحت بيدها عليهم فتجاهلتها محاسن تشيح بوجهها عنها.. تابعت بصرخة اكبر :
– بس انا اللي عايزة افهموا منك دلوقتي بالظبط؟ ايه اللي دخل اسماعيل سبرتوا عندي ودخل الرجالة مع النسوان في بقية الأوض وانا منبهة عليكي ان مافيش شغل في البيت؟ ماطمرش فيكي الفلوس اللي بديهالك عشان تنبطي وتسمعي كلامي.. دول هما يومين وكنت هاسيبك.. مكنتيش قادرة تصبري؟
نفخت محاسن من انفها بعمق ثم ضربت بكفيها وهي ترد بحدة:
– لا ياختي كنت صابرة وساكتة.. بس اعمل ايه بقى؟ ليلة امبارح لقيت اسماعيل ورجالته دخلوا عليا فجأة وقالي عايز بنات للرجالة وانت كان جايلك مخصوص.. وقبل ما افتح بقي لقيتوا رمى الفلوس في حجري ودخلك .. هاقدر اوقفوا ازاي ده بقى قوليلي؟ وانت عارفاه ولا نسيتي؟
فغرت فاهها تستوعب فحوى كلماتها ولكنها اجفلت على نداء رجل الأمن بإسمها.. وقبل ان تنهض تذكرت تسأل محاسن وعيناه تجوب جميع النساء حولها:
– هي البت امينة فين؟ هي مجاتش معانا ولا إيه؟

– امينة ياختى كانت عند الدكتور امبارح بتفك تجبيرة دراعها.
…………………………….
دفعها رجل الأمن بخشونة وقوة داخل غرفة الظابظ حتى كادت ان تقع غمغمت حانقة ببعض الكلمات النابية نحوه قبل ان ترفع رأسها للدخل فاصطدمت عيناه بعيناه ذات النظرة الصقيرة.. ارتدت للخلف بخوف لتفاجأ بظابط الامن وهو ينهض مغادرًا:
– خد وقتك ياحج بس ياريت ماتتاخرش
اردف الظابط ليخرج على الفور.. تبعته هي بعيناها وكانها تترجاه لعدم الذهاب وتركها معه.. حينما صفق الظابط الباب أجفلها الاَخر بندائه :
– ايه باعين خالتك؟ مكسوفة ماتبصي في وشي ولا إيه؟
التفت اليها منتفضة وهي بجوار الباب.. هتف عليها بامر:
– اتحركي يابت من جمب الباب وتعالي هنا.
انصاعت مضطرة تتحرك بأقدام مرتعشة حتى وصلت للمكتب أمامه ..وهو يتفحصها مضيقًا عيناه.. انتظرت أمامه للحظات مروا عليها كالدهر.. مطرقة رأسها وهو يتلاعب بسبحته بهدوء مريب.. فتحت فاهاها لتقطع الصمت ولكنها انتفضت مرتدة للخلف حينما وجدته ينهض عن مقعده:
– والنبي ياادهم أنا ماعملت حاجة والتهمة دي متلفاقالي ظلم .
اردفت بها وهي تنتفض من الخوف أمامه لتفاجأ به متبسمًا بزواية فمه قائلًا:
– انه تهمة بالظبط يانرمين؟خطف شروق ولا خيانتك واستغفالك ليا مع سعد ولا تهمة امبارح لما العساكر جرجروكي من حضن حبيبك القديم اسماعيل اسبرتوا
فغرت فاهاها بصدمة وانفاسها تتلاحق بحدة لا تقوى على الدفاع عن نفسها أمامه والخوف شل تفكيرها.
امال برأسه نحوها وعيناه تطلق شررًا عليها:
– مكنتيش متوقعة صح؟
صمت قليلًا واصبح ينتفس بخشونة من انفه يحارب للسيطرة غضبه :
– بقى انا.. ادهم المصري اللي يتهزلوا شنبات تيجي واحدة زيك وتعمل معايا كدة؟ تعرفي يابت لولا بس اني عامل حساب سمعة عيالي لكنت دفنتك حية مع الكل…. اللي اسمه سعد.. احمدي ربنا بقى انك هنا اهو تكفري شوية عن ذنوبك.
هم ليتحرك ولكنه استوقفته تتكلم بتلعثم:
– هو انت.. عرفت اسماعيل منين؟
قال بسخرية :
– تاريخك يامحترمة هو اللي دلني عليه.. و من خلاله عرفت بحكاية خالتك اللي اول مااسماعيل رمى في حجرها الفلوس.. كان هاين عليها هي نفسها تخدمه .
– بس انا مراتك وسمعتي من سمعتك.
اردفت بتحدي فحرك رأسه هو بسأم :
– هو انتِ فاكراني اهبل يابت؟ انتِ مطلقة غيابي من ساعة مامشيتي.. يعني ماتخصنيس بشئ دلوقت من قريب ولا من بعيد.. والمهم بقى قبل ما انسى وامشي.
على حين غرة تفاجات بصغعة قوية منه على وجنتها كادت ان تسقطها أرضًا لولا أنها تماسكت..
– دي بقى عشان شروق مرات ابني ستك وتاج راسك.-
اردف بها قبل ان يخرج ويتركها تشهق باكية الم الخسارة لكل شئ .
………… ……………………

في نفس مكان الأمس كان جالسًا عصام حول الطاولة الخشبية ولكن هذه المرة كان بجانبه علاء الذي كان يدخن بشراهة وفي الناحية الأخرى فجر وهي كالتائهة تنظر امامها بشرود في اننظار القادم .
قطع الصمت عصام ؛
– ايه الحكاية ياجماعة؟ هو انتوا واكلين سد الحنك انهاردة ولا إيه؟
– في ايه عصام مالك بس؟
قالها علاء بسأم فرد الاَخر:
– يابني ماانا عمال ارغي وماحدش معبرني خالص؟ لا انت ولا الست فجر.. اللي كانت بتجري ورا العيال امبارح وكأنها زيهم.
رمقت علاء بنظرة ذات مغزى قبل ان تجيب ؛
– معلش ياعصام.. ماهو امبارح كان شئ والنهاردة شئ تاني.. ويعالم بكرة هايبقى آيه؟
تجاهل علاء نبرتها المتهكمة ورد عصام وكأنه يريد طمأنتها:
– ان شاء الله خير يافجر.. ربنا ما بيجبش غير الخير.
– السلام عليكم .
ارتفعت رؤس الثلاثة فجاة نحوها بعد أن أتت بطفلها كالعادة..
ردد عصام وفجر التحية اما علاء فتصلب مكانه مسهمًا بها وكأنه لايصدق وقوفها امامه .
– اتأكدت بقى انها عايشة.
قالتها فجر بنبرة على وشك البكاء وهي ترى نظراته المركزة عليها .. وتابعت .
– اقعدي يافاتن هو انتِ هاتفضلي واقفة ولا إيه؟
خلعت نظارتها فظهر كامل وجهها وهي تجلس امامهم وسألته:
– عامل ايه ياعلاء؟.
اومأ برأسهِ نحو الصغير:
– ماشاء الله.. ابنك ده؟
تدخل عصام بدعابة:
– امال يعني هايكون ابن الجيران مثلا؟ في آيه علاء انت مش شايف الشبه ؟
اومأ بشبه ابتسامة قائلًا:
– معلش ياعصام ممكن تقوم انت وفجر خمس دقايق بعيد عن هنا.
تفاجأ الثلاثة بمطلبه وكان الرد سريعًا من فجر التي قامت منتفضة :
– يالا بينا ياعصام .. خدوا راحتكم
قالت فلم تنتظر عصام فقد تحركت مسرعة ذاهبة ما أمامهم.. اسرع عصام خلفها :
– استني يافجر.. هو انتِ مركبة قطر في رجليكي؟
تتبعتهم فاتن بعيناها ثم اللتفتت اليه سائلة:
– هو في إيه بالظبط؟ وانت مشيتهم ليه؟
تجاهل الرد وسألها :
– انتِ عاملة إيه يافاتن ؟
…………………………….

على طاولة أخرى بعيدة عنهم بمسافة كافية جلست مع عصام على مضض بعد أن كانت مصممة على المغادرة من النادي.. تقضم على اطراف اظافرها وتهز بأقدامها تحت الطاولة دون ان تشعر بنفسها:
– براحة يافجر على نفسك.. هو إيه اللي حصل بس عشان تتعصبي كدة؟
قال عصام وكان ردها بتشنج:
– لهوا انت مش واخد بالك ؟ دا قومنا من جمبهم من غير مايراعي شعوري ولا شعورك حتى.. هو احنا عيال صغيرين عشان يقومنا؟ ولا هو ناسي اني مراته؟ ولا يمكن عايز يحل نفسه مني؟
تمتم عصام باندهاش:
– يانهار اسود.. ايه كل التحليلات دي يافجر؟ ماحصلش حاجة لسة يابنتي.. ثم ان اللقاء ده كان لازم يتم مهما بعدت المدة او قصرت.
أشاحت بوجهها حتى كي تخفي هذا الألم عنه
– عندك حق.. اللقاء كان لازم وضروي يتم وحمد لله اننا لسة في اولها عشان يقرر براحته.
ضيق عينيه يسألها بحيرة:
– قصدك إيه مش فاهم ؟
نهضت فجأة مغادرة:
– قصدي اني عايزة امشي دلوقتي حالًا.. لو افتكر يسأل عليا بعد مايخلص جلسته معاها .. قولوا روحت وهي متقبلة منك أي قرار .. ماشي
هم ليوقفها ولكنها لم تعطه فرصة بذهابها السريع.. عاد يجلس مرة أخرى وهو يفكر بفحوى كلماتها بوجوم .
بعد عدة دقائق أتى اليه علاء:
– خلصت جلستك مع فاتن ؟
اوما براسه بابتسامة راضية قبل أن يسأله ؛
– هي فجر راحت فين؟
أجابه عصام:
– فجر بصراحة مشيت ومرديتش تستنى.. وبتقولك خد قرارك براحتك وهي متقبلة منك اي شئ.
– بقى هي قالتلك كدة؟
قال باستنكار وهو يهز رأسه بيأس قبل ان يتحرك مغادرًا :
– انا رايح اشوف المجنونة دي.. وانت بقى خليك مع فاتن معلش .
ارتسمت راحة على ملامح وجهه حاول اخفاءها وهو يردد:
– ماشي تمام.. روح انت شوف خطيبتك وانا هاضطر اقعد مع فاتن !
……………………….
على ارض صلبة في مكان يبدوا كمصنع مهجور كانت جالسة في إحدى اركانه.. ضامة ركبتيها الى صدرها تبكي وتنوح حظها السئ الذي لم يفارقها منذ مولدها.. حينما اتت الى الدنيا من أم لم ترغب بها فلا تعير العيب او الحرام او ألأصول ادنى اهتمام..و لطالما قاست هي بسببها في عيشها من أعين الرجال الطامعة بها لمجرد معرفتهم بأن والدتها هي محاسن.. عملت في عدة مهن حتى لايصبح مصيرها مثلها فتمنت من قلبها ان تتزوج من رجل في الحلال فينتشلها من هذه البيئة الموبؤة فتعيش كبقية النساء ولكن حتى هذه كانت غالية عليها.. فكان نصيبها الزواج من رجل مدمن على المخدرات والتي سُجن بسببها.. وعادت هي لوالدتها مرة اخرى .
رفعت رأسها تكفكف دموعها وتحمد الخالق انه نجاها من القبض عليها امس حينما عادت متأخرة من عيادة الطبيب.. ولكنها عادت للتشرد وهي لا تجد مكان يأويها..

تنهدت قانطة وهي تنظر للهاتف الذي اوشك شحن بطاريته على النفاذ وهو يصدح باتصاله.. فتحت على المكالمة تجيب بياس:
– ايوة ياسعد عايز ايه تاني؟ مش ناوي تحل عن دماغي بقى؟
وصلها صوته:
– مالك بس ياامينة؟ دي جزاتي يعني اني عايز اطمن عليكي بعد ماعرفت باللي حصل لوالدتك و نيرمين لما كبست عليهم الحكومة لليلة امبارح.
– لا بصراحة قلبك طيب قوي.. فيكي الخير.
– الله يسامحك ياامينة.. انا مش هارد عليكي.. بس اسمحيلي اسالك بحكم العشرة.. عاملة آيه؟ وبتباتي فين دلوقتي بعد مااخوات جوزك كمان استولوا على بيتك؟
رفعت رأسها للسماء قائلة بدموعٍ حارقة :
– حتى دي عرفتها؟ …
قطعت الجملة وازداد نشيج بكاءها فاستغلها فرصة ليلقي عليها الكلمات المواسية .
– خلاص ياامينة.. اهدي يابت الناس.. انت بس لو تقوليلي على مكانك كنت اساعدك .
– في المصنع القديم.
انتفض منتبهًا على جملتها:
– ايه؟ بتقولي فين ياأمينة ؟
اردفت صارخة :
– بقولك في المصنع القديم.. اللي في اخر الشارع عندكم.. واللي كنا بنشتغل فيه زمان انا والبنات قبل مايفلس.. شوفت الدنيا بقى؟ اهي لما داقت عليا ملقتش غيره.
– معلش ياأمينة ماتزعليش .. هادبرلك انا حتة تاني تنامي فيها .
اغلقت المكالمة وهي تتمنى بداخلها ان يفي بوعده معها.. فقد احتمت هي بجدارن المصنع لمعرفتها الأكيدة من مداخله ومخارجه ولكن البرودة نخرت عظامها ليلة أمس ولا تريد تكرار مأساتها .. ولكن مهلًا .. هذا سعد!
انسيت هي من هو سعد؟
انتفضت فجأة تتناول هاتفها بدون تفكير لتضغط على احد ارقامه سريعًا.. فاجابها الطرف الاَخر.
– الوو… ابوة ياأمينة ازيك.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عينيكي وطني وعنواني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى