روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الثالث 3 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الثالث 3 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الجزء الثالث

رواية عازف بنيران قلبي البارت الثالث

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة الثالثة

لو سمحت عايزة أعرف بابا فين
نهض الضابط مضيقًا عيناه فتسائل:
– إنتِ بتسألي على مين… قاطعه آسر عندما أردف:
– الشرطة من ساعتين قبضوا على واحد اسمه عاصم المحجوب بتهمة الأختلاس وعرفنا أنه هنا
أومأ الضابط برأسه ثم تحدث:
– آه دا شكله مزقوق عليه من ناس واصلة.. ياريت تجيبوله محامي كويس.. أصله دخل على وكيل النيابة على طول
قطب آسر حاجبيه وتسائل
– ممكن توضح أكتر… جلس الضابط وهو ينادي على المسؤل عن مكتبه (العسكري)
– ياعسكري.. دلف أحدهم فأشار الضابط على ليلى وآسر
– وديهم مكتب وكيل النيابة يابني.. في قضية الراجل المغتلس
أرتجفت أوصالها من حديث الضابط ووصف والدها بالمغتلس
تحركت سريعا خلف الشرطي إلى أن وصلت الغرفة المنشودة… فأشار الشرطي:
– دا مكتب وكيل النيابة.. وقت مايخلصوا هيطلعوا.. خليكوا هنا
تحركت ليلى متجه لباب المكتب.. جذبها آسر
– ليلى بلاش تهور.. استني نشوف إيه اللي هيحصل.. .. إستني نشوف مين وكيل النيابة.. وأنا هكلم صاحبي ممكن يدخل ونعرف المشكلة
قاطعهم خروج والدها وتُوضع بيديه السلاسل الحديدية.. أسرعت إليه وهي تضمه وتبكي بنشيج وقلب محترق بابا:
– بابا حبيبي.. إيه اللي حصل ومين اللي عمل كدا.. جذبه الشرطي
– إتحرك يامتهم يلا… بكت ليلى وهي تجذب والدها.. وصاحت بغضب مرتفع:
– بابا مش متهم.. وأبعد ايدك عنه.. قالتها بقهر… رفع آسر نظره للعسكري
– “مين وكيل النيابة هنا ؟ ”
– المستشار راكان البنداري هذا ماقاله الشرطي… ضمت ليلى والدها وظلت تبكي وتدفع العسكري.. حاول آسر التحدث مع العسكري ولكنه جذب والدها بعنف.. صرخت ليلى:
– بابا مش هسبهم ياخدوك.. ربت على ظهرها وأردف بنبرة حنونة:
– حبيبتي ماتخافيش أنا كويس.. روحي وطمني ماما زمانها قلقانة.. والسكر بتاعها علي عليها
هزت رأسها بالرفض وبدأت تصرخ في وجهه الشرطي
– سيب بابا.. بابا مظلوم.. دفعت الشرطي من أمامها بقوة وهي تصيح بغضب:
– بابا حبيبي مين اللي عمل فيك كدا
أدى صوت صراخها إلى خروج راكان وهو يتسائل بغضب:
– إيه اللي بيحصل هنا.. إيه الدوشة دي؟
أسرعت ليلى إليه وهي تزيل دموعها بكف يديها كالأطفال:
– لو سمحت يافندم بابا برئ… بابا مستحيل يعمل كدا
طالعها بغموض وتسائل
– إنتِ مين وباباكِ مين..؟ أسرعت لوالدها.. وهي تجذبه ناحية راكان ودموعها مازالت تتساقط بقوة…
رفعت بصرها إليه وتحدثت بعيونا راجية
– والله بابا مظلوم.. عمره مايعمل كدا
عقد حاجبيه وتحدث :
– آه قولتيلي بابا مظلوم.. آشار للعسكري
– خده على الحجز.. هو أي حد يعيط شويةوينزل دموع التماسيح توقفله…دا متهم والقانون هيحاسبه على جريمته اتحرك
توسعت بؤبوتها وهي تنظر إليه بسخط.. تحركت إلى ان تقلصت المسافة بينهما وهي ترمقه بإزدراء
– لا يافندم مش كل واحد يعيط يبقى مظلوم.. ولو تفكر أنا بستعطفك بدموعي تبقى غلطان
بنبرة مختنقة تحدثت :
– أنا ابويا أشرف راجل في الدنيا.. مش محتاج دموع التماسيح اللي حضرتك بتقول عليها
صمتت برهة ثم اكملت
– مش مستنية رأي حضرتك في أبويا علشان تقول عليه متهم
في تلك الأثناء وصل نوح إليهم..
– ليلى ايه اللي حصل؟ رفع بصره لراكان اتجه إليه ليسلم عليه… ثم تحدث :
– فيه إيه!! وايه تهمة عمو عاصم ياراكان…
قطب راكان حاجبيه وتسائل؟
– أنت تعرفه.. دا متهم بالاختلاس في الشركة اللي بيعمل فيها… اسرعت ليلى إليه وبدأت تصيح كالمجنونة
– حضرتك ليه مُصر تقنع نفسك واللي قدامك إن بابا متهم.. . بابا انضف واحد.. ومستحيل يقبل على نفسه يأكلنا بقرش حرام…
مسحت دموعها بغضب لتساقطها أمامه وأكملت
– مش من حق حضرتك تقول عليه متهم غير لما تتحقق.. مش كل بلاغ نرمي الناس بيه بالباطل ياحضرة النايب.. قالتها بعيون حزينة
وضع يديه بجيب بنطاله وهو يطالعها بهدوء
– وطي صوتك.. أنا مقدر حالتك.. لكن والدك حرامي
-اخرس… قالتها بضجر…آهات ملتاعة صاحبتها نبرة مرتعشة وعينيها تطلق شرزا..
– أنا بقول لحضرتك لو سمحت بلاش تظلم بابا.. ولا إنت تبعهم.. ماهو اكيد تبعهم
توقف نوح أمامها عندما وجد حالتها:
– ليلى اهدي..دا قسم شرطة..اتمالكي أعصابك لو سمحتي…
قالها نوح بنظرة رجاء من عينيه ثم هز رأسه:
أنا هعرف إيه اللي بيحصل تمام .. ممكن تهدي..
رفعت يديها نحوه وصاحت بغضب
– أهدى إزاي يانوح وهو عمال يقول بابا حرامي.. يعرف إيه عن أبويا علشان يقول عليه كدا… هو علشان وكيل نيابة يدوس على خلق الله بالباطل
❈-❈-❈
توهجت عينيه قائلاً بغضب ولهجة صارمة
– صوتك.. يابنت.. أبوكي هنا متهم
تحركت بغضب وهي تكاد أن تقبض على عنقه حتى لم ولن يتفوه بكلماته القاتلة لقلبها … جذبها نوح وحاول تهدئتها
– وبعدين ياليلى؟
طلعته بعيناها الباكية وتحدثت بصوتا باكي:
– انت ممكن تصدق يانوح إن بابا حرامي.. بابا مستحيل يعمل كدا.. تلاقي حضرة النايب تبعهم.. لكن ماتخافش ياحضرة المستشار
– لينا ربنا أحسن منك ومن غيرك.. وأنا هعرف اطلع أبوي
دلف راكان لمكتبه وهو يصيح بغضب
– البنت دي لو مابطلتش تصرخ وقفلت بوقها هحبسها.. نوح سكتها يااما خليها تمشي من هنا.. قالها مزمجرا بغضب
هز نوح رأسه بالرفض من أفعال ليلى… فجذب كفيها وأجلسها.. وطلب كوباً من مياه
– ليلى ممكن تهدي.. أنا أوعدك والدك مش هيبات في الحجز.. هدخل أشوف راكان وهطلعلك
نظرت إليه بأمل وبعيون مترجية:
– نوح بابا ممكن يحصله حاجة لو بات هنا.. إنت أكيد مصدق أنه مش كدا
رفع بصره لأسر الصامت
– خليك معاها.. وأنا هدخل أشوف راكان
أومأ رأسه بالموافقة..
داخل المكتب.. دلف نوح ووجده عيناه كالجحيم
– إيه البنت قليلة الإحترام دي..ازاي تعلي صوتها كدا وحياة ربنا لولا وجودك لكنت حبستها
تبسم نوح وهو يرمقه بنظراته المستعطفة
– ايه ياحضرة النايب أول مرة تشوف بنت كدا… المهم سيبك من ليلى
– إيه موضوع الاختلاس دا… الراجل دا عمره مايعمل كدا
اشعل تبغه وبدأ ينفثه بهدوء ناظرا لنوح
– تعرفه منين يانوح… مسح نوح على رأسه وأرجع خصلاته بغضب من برود صديقه
– راكان متهزرش.. بلاش برودك دلوقتي وقولي الراجل دا اتحبس ليه!!
سند بذراعيه على المكتب وهو يرمق نوح
– علشان حرامي ومتسمعش كلام البنت اللي برة دي.. ودلوقتي هتقولي إيه علاقتك بالراجل الحرامي دا؟
هب نوح كالملسوع ولوح بيده
– على مهلك ياحضرة المستشار.. دا بيكون جوز خالتو.. يعني عِشرة سنين.. والراجل دا هو اللي مربيني.. فأكيد البلاغ كيدي
رجع بظهره على المقعد وتحدث بإبانة:
– نوح الشهود كلها شهدت أنه سرق فلوس خزنة الشركة .. غير الكاميرا مصوراه وهو بيدخل المكتب
ظل نوح يزرع المكتب ذهابا. وإيابا ثم تحدث مستطرداً
– مستحيل ياراكان.. عايزة أقولك إنك تشك فيا أما عمو عاصم بعيد عن الشبهات
جلس نوح وتحدث
– أكيد فيه حاجة غلط.. دور عليها وأنا بأكدلك على ضمانتي إن الراجل دا برئ
زفر بإختناق وتحدث
– يابني بقولك التهمة لابساه… أمال نوح بجسده ساندا بذراعيه على المكتب
– الراجل دا أضمنه برقبتي ياراكان.. اكيد حد مزقوق عليه.. فأنت من واجبك تدور عليها ياصاحبي يابتاع القانون
أومأ برأسه وتحدث قائلا
– حاضر هدور ورا الشهود.. وأراجع… كدا أرتحت.. ليه بتحسسني انا اللي عمله قضية… تنهد وأكمل:
أكيد إنت عارفني مستحيل أقبل بالظلم
تذكر شيئا فتحدث
– البنت بنته دي مستحيل تكون عاقلة إيه دي عاملة زي القطر.. يخربيتها خرجتني عن شعوري وكل شوية بابا مظلوم
ابتسم نوح وأجابه
– ليلى دي سكرة يابني.. بس هي حزينة واتعصبت علشان والدها.. متزعلش منها أمسحها فيّا
جز على فكيه اغتياظا
– امسح فيك ايه يابني آدم.. ماهو لولاك كانت زمانها مرمية في السجن
أتسعت ابتسامة نوح وهو يغمز بعينيه
– من إمتى الحنية ياحنين.. دا إحنا دافنينه سوا.. ولا يمكن العصفور بيطير حوالين القفص..
انفجر راكان ضاحكا ثم دنى منه
– عصافيري كتير ووقت ماازهق هعرفك ياقط..
ضرب نوح يديه ببعضهما وأشار بيديه
– طيب دا اقوله ايه هو انا في ايه ولا في ايه.. الراجل محبوس بتهمة خطيرة يابني
سحب نفسا وهو يطالعه بهدوء
– طلب اخير ياصاحبي.. قهقهه راكان وتحدث
– مش هينفع.. دا ضد مبادئ.. لازم يبات في الحجز.. وأنا أوعدك هباشر القضية بنفسي وأسهر عليها
هز رأسه بالرفض
– مستحيل ياراكان اخلي الراجل دا يبات مع المجرمين.. وعد مني هجبهولك الصبح
زفر راكان بغضب.. وبدأ ينقر على مكتبه ثم رفع بصره إلى نوح:
– أنا ممكن اخدمك أنه يبات في مكتب الظابط غير كدا ماوعدكش ياصاحبي.. صعب والله صعب انه يخرج علشان الدلايل كلها ضده
– أنا كلمت حمزة وهو زمانه على وصول.. إنت عارف انه هيعرف يتصرف اكتر مني
– ألتوت زواية فمه بعبث ثم تحدث وهو يرمقه:
– دا الموضوع مش مجرد جوز خالتك.. أي هو إحنا سبنا أسما ومسكنا في القطر اللي برة
شهق حمزة وهو يطالعه بصدمة
– يخربيتك إنت قصدك إيه.. ليلى زي اختي يَلاَ لا دا بقيت صعب لا تحتمل
– خلاص هو انا غلطت في البخاري.. شكيت في إهتمامك.. أنا الأول وبعدين حمزة فقولت يمكن الموضوع فيه إن
إنزعج نوح من كلماته فأجابه:
– لا إن ولا كان قالها متحركا للخارج متجها إلى ليلى… توقف لدى باب المكتب واتجه بأنظاره إلى راكان
– طيب خليهم يجيبوه علشان بنته تقعد معاه شوية.. وخليه زي ماقولت حرام راجل زي دا يبات مع المجرمين
تحرك بخطواته الهادئة متجها مع نوح للخارج… هرولت ليلى لنوح ووزعت نظراتها بينهما
– بابا هيخرج مش كدا يانوح.. إنت وعدتني صح
ربت نوح على كتفها:
– إهدي ياليلى.. بابا كويس وهيجي وتشوفيه.. هو بس هيبات الليلة هنا وبكرة هيروح مش كدا ياراكان
كان راكان يتحدث مع الضابط المسؤل لمبيت عاصم بمكتبه.. تحرك متجها اليهم
فوقف أمامها وهو يشير بيديه على نوح
– أنا هعمل معاه واجب علشان نوح مش أكتر.. قالها وهو يتجول بنظراته عليها
قطعت المسافة بينهما بخطوة واحدة ونظرت لمقلتيه:
– لا ياحضرة وكيل النيابة.. متفكرش إنك بتشفق علينا.. حضرتك لو عندك ذرة شك أن والدي متهم مكنتش عملت كدا
ظل يتابعها بعينيه الصقرية الحادة.. كل حركة وحرف يخرج من بين شفتيها يراقبه بتلذذ..
تبسم بمكر وطالعها بشموخه
– غلطانة يا… هز رأسه وهو ينظر لنوح فتحدث بسخرية
– قولتلي إسمها ايه يانوح.. رفع كفيه يمسد على لحيته وتحدث:
– “ليلى” قالها بتهكم ثم تحرك مغادرا وهو يرمق نوح
– مش هتلاقي وكيل نيابة حنين وطيوب زي كدا يانوح… أفتكر دا
تهكم نوح مبتسما بسخرية:
– عارف والله!! وصل حمزة بتلك الأثناء يوزع نظراته بينهم.
– فيه إيه يانوح وقضية إيه اللي بتقول عليها دي
رفع بصره للتي تجلس تضع رأسها بين يديها تنتظر والدها ثم اتجه لحمزة
– نوح قريبه متهم بالأختلاس ياسيدي وجايبك علشان تجبله البراءة.. رفع يديه يربت على كتفه ثم تحدث متهكما: ياله ياحضرة المحامي الشهم وريني شطارتك وقولي إزاي هطلع الحرامي من السجن
هبت فزعة عندما استمعت لحديثه: ووصلت إليه وتحدثت بغضب عارم
– هو ليه حضرتك مش عايز تصدق ان بابا مظلوم.. ليه مُصّر على الظلم.. مش من واجب حضرتك ترد المظالم.. ولا الدنيا اتشقلب حالها وبقيتوا تحكموا بالظلم ولا خلاص
استدار ورمقها بتهكم كأن كلامها لم يرف له جفن متجاهلاً حديثها تماما.. فاتجه لحمزة وحدثه:
– عرف الأستاذة ياحمزة أننا بنحكم بالدلائل والشهود.. وقولها إن كل الشهود ضد والدها.. مش معقول كلهم ظالمينه قالها وتحرك للخارج
جلست ودموعها تغرق وجنتيها بقوة وهي تتمتم:
– بابا مظلوم… وصل والدها إليها.. بينما اتجه حمزة ونوح لضابط المسؤل للأطلاع على أوراق القضية
❈-❈-❈
بعد ثلاث أيام وتحري حمزة وتحريات راكان وضغطه على الشهود.. جلس عاصم أمام راكان.. فاتجه راكان للكاتب الخاص بكتابة القضايا وتحدث:
– بعد التحقق من الأدلة قررنا نحن وكيل نيابة ( ) راكان أسعد البنداري.. الأفراج عن المدعو.. عاصم سيد المحجوب وذلك بناءا على عدم وجود الأدلة الكافية التي تدينه بهذه التهمة إذ لم يطلب على قضايا أخرى
تبسم عاصم بإرتياح وهو يحمد ربه ناظرا لحمزة:
– شكرا ياأستاذة حمزة.. مش عارف أشكرك إزاي يابني.. ابتسم حمزة بحبور وهو ينظر لراكان:
– الشكر لحضرة المستشار ياأستاذ عاصم هو اللي أدلنا على أول الخيط.. قاطعه راكان متسائلا:
– ليه الراجل دا بيتهمك… دي تهمة كبيرة هنا توقف عاصم وهو يطالع راكان
– معرفش ربنا يهدي عبيده.. أشكرك ياحضرة النايب.. ممكن أخرج علشان بنتي زمانها قلقانة
أومأ برأسه دون حديث.. ولكن تابعه بعيناه حتى خرج… توقف حمزة أمامه
– تفتكر الراجل صاحب الشركة عمل كدا ليه في الراجل دا
مط شفتيه رافعا منكبيه:
– الله وأعلم بس الراجل دا شكله متهدد بحاجة اللي يخليه ساكت كدا ومرديش يقدم بلاغ فيه تعويض على اللي حصله… هنا اقتحمت ليلى الباب وهي تدفع الشرطي الذي يقف أمام الباب
توقفت أمامه تنظر اليه بإزدراء
– شوفت حضرتك بابا طلع برئ مش زي ماكنت بتقول تحت السواهي دواهي.. بيقولوا عليكم بتنصفوا المظاليم وانتوا أكتر ناس بتظلموا
أخذ نفسا من سيجارته ورفع بصره إليها عندما تصاعد غضبه ولكنه تحكم بغضبه عندما جذبها والدها وهو يهز رأسه لراكان
– أسف ياحضرة المستشار.. بنتي لسة صغيرة ومش عارفة حاجة.. قالها والدها وهو يحاول أن يجذبها
انتزعت نفسها من والدها ووقفت تطرق بقوة على مكتبه:
– دلوقتي ممكن تجبلي حق كرامة أبويا والشرطة وخداه وبتعامله كمجرم.. دلوقتي تقدر تجيب كرامتي بين زمايلي في الشغل والكل بيبص إني بنت الحرامي المختلس
هتقدر ترجع وجعنا طول تلات أيام اللي فاتوا وأنا بحاول أقنع حضرتك إن والدي برئ وحضرتك كل اللي بتقوله.. القانون مابيخدش بسيرة الناس إحنا اهم حاجة عندنا دلايل
دنت منه حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى سنتيمترات وهي تنظر داخل مقلتيه ثم أردفت
– إنما ايه أخبار دلايلك ياحضرة المستشار… قالتها بتهكم.. ثم سحبت والدها الذي حاول إيقافها ولكن كأنها صم لا تسمع شيئا
وقف حمزة ونوح الذي وصل للتو أمامها
– آنسة ليلى والدك خرج بفضل سيادة المستشار المفروض تشكريه.. علشان هو اللي وصلنا للدليل الأقوى ولولا الدليل دا مكنش والدك خرج
تنهد حمزة وهو ينظر لنوح بهزة من رأسه:
– قولها يانوح لولا مساعدة راكان اللي وصلني للمجرم الحقيقي كان زمان الاستاذ عاصم محبوس
انكمشت ملامح وجهها بإمتعاض ولمعت عيناها بذهول عندما استمعت لحديث نوح فاردفت بين نفسها
– معقول المغرور دا هو السبب في براءة بابا.. هزت رأسها رافضة فاتجهت ببصرها لوالدها.. الذي أطبق على جفنيه وهو يهز رأسه بالموافقة
حل الصمت بالغرفة بينهم للحظات حمحم نوح وهو يرفع حاجبه لليلى:
– اعتذري ياليلى.. قالها هامسا
هنا اعتصرت عينيها بألما ورغم ذلك لم تستدر إليه وضمت ذراع والدها الذي علم بحالة ابنته.. رفع بصره لراكان:
-أنا آسف بناءا عن بنتي ياسيادة المستشار
أومأ برأسه دون حديث
( نهاية الفلاش) خرجت من شرودها عندما أستمعت لرنين هاتفها
– أيوة ياآسر.. لا أنا بشتغل عليه مفيش داعي.. إن شاءلله بكرة هيكون خلصان
باليوم التالي… بمزرعة نوح
صباح لاح بالأفق ليعلن عن شروق شمس جديدة… تستيقظ كعادتها مبكرا.. تقوم بأداء روتينها اليومي من قضاء فريضتها ثم جلست تذكر ربها لبعضا من الوقت
❈-❈-❈
بعد فترة اتجهت بين الحقول تنعش بالهواء المنعش النقي… ظلت تتحرك وتنظر باستمتاع للحقول والطيور التي تغرد في الصباح الباكر إلى أن وصلت لمكانها المعتاد
جلست بوجه يكسوه الحزن عندما تذكرت حديث والدها بالأمس… وضعت يديها على صدرها تحاول أن تتنفس بهدوء… وكأنها تريد البوح عما يعتريها من الآم الماضى
قطع شرودها رنين هاتفها:
– صباح الخير يالي لي… دا الصباح الجميل دا…. على الجانب الاخر أجابتها ليلى
– كنت عارفة هلاقيكي صاحية دلوقتي… عاملة إيه.. معرفتش أكلمك امبارح خلصت التصميم متأخر ونمت ودلوقتي بجهز ونازلة..
أرتسمت أسما إبتسامة هادئة على ملامحها الجميلة فتسائلت بهدوء
– مقولتيش.. عملتي إيه مع راكان.. قالك حاجة
أطبقت ليلى على جفنيها.. ثم سحبت نفسا طويلا وطردته بهدوء
– كنت مفكرة إنه نسي.. ابتسمت وأكملت
– طلع فكرني وبيقولي الأولى تعتذري
ضحكت أسما بصخب فتحدثت متهكمة أنهي اعتذار بالظبط يالولا.. بتاع الحفلة ولا بتاع قسم الشرطة.. معرفش يابنتي حاسة أني هشوف بينكم حب أفلاطوني
هزة عنيفة أصابت عمودها الفقري من حديث أسما.. وشعور بسعادة يدغدغ قلبها لا تعرف لما شعرت بذاك.. ورغم ماأحسته
صاحت بصوت متقطع
– أسما.. إيه اللي بتقوليه دا.. أنا يوم ماأحب أحب الطاووس دا.. دا عليه غرور يابنتي زي غرور فرعون وهو بيقول أنا ربكم الأعلى… إلهي يعدمه ياشيخة
قهقهت أسما على حديثها.. ثم صمتت فجأة وأردفت:
– بس عيونك مابتقولش كدا ياليلى.. إيه هتخبي على أسما..
اتجهت أسما بأنظارها للحدائق الواسعه تستنشق رائحة الزهور والخضرة بها ثم أكملت حديثها:
– شوفت نظرة إعجاب منك له يوم الحفلة.. على رغم إنك متكلمتؤش بحاجة.. بس شوفت لهفة عيونك عليه.. صمتت للحظات ثم أستطردت ماجعل قلب ليلى يخفق بشدة
– ليلى إيه حكاية راكان البنداري…. أوعي الراجل دا يشدك..انا حاسة إنك معجبة بيه.. حاسة بيكي.. هو يتحب الصراحة.. لكن حياته غير حياتنا.. وأنا حكتلك عنه وعرفتك بنزواته
جلست ليلى على فراشها وهي تضع يديها على صدرها حينما أختلج صدرها بكثيرا من المشاعر المتناقضة حوله.. حب أم كره
ولكن هناك حقيقة حدثها قلبها بها
-“لماذا يخفق هذا القلب بعنف بجانبه..؟ ”
أغمضت عيناها ثم تحدثت بصوت متقطع
– أسما إتأخرت على الشغل.. هكلمك بعدين
أومأت أسما برأسها دون حديث.. وظلت جالسة بمكانها.. ثم همست لنفسها
– للأسف ياليلى حبه باين في عيونك ياصاحبتي.. ربنا يستر عليكي من القلب المطعون
في الشركة وخاصة بمكتب راكان
كان سليم يجلس بجوار راكان على طاولة دائرية وأمامهم الكثير من الأوراق المتعلقة بالشركة
جذبت نورسين مقعد جلست بجواره تضع ساقا فوق الاخرى وأضافت بنبرة ذات مغذى تدرك إنها ستنجي ثمارها
– المهندسة الجديدة دي ياسيلم كله بتمسح فيها ليه… وحساها كدا مش كويسة
قاطعها سليم
– نورسين متنسيش إنك بتتكلمي عن مهندسة في شركة البنداري وبعدين ليلى مش جديدة ليلى بقالها تمن شهور هنا والكل بيحترمها غير حبهم ليها
عقدت ذراعيها
– اي ياسليم اللي يشوفك يقول إنها عجباك… هنا اعتدل راكان مضيقا عيناه.
– إيه يانور ماسكة البنت من ساعة ماشوفتيها كأنها عدوتك… رفعت حاجبها بسخرية وتحدثت
– والله مين بيتكلم… روكا حبيبي أنزل يديها من على كتفه ووقف يردف بغضب
– ميت مرة أقولك بلاش أسلوب الإستهبال دا… وبعدين أنا معرفش إنتِ هتفضلي لحد إمتى كدا… ايه حبيبي دي
قاطعهم سليم
– ممكن تهدوا مفيش حاجه حصلت لدا كله
قاطعهم دلوف يونس
– ازيكم ياولاد البنداري.. جذب مقعد وجلس بجوار نورسين.. ثم ضيق عيناه مالكم انتوا كنتوا بتضربوا بعض وأنا قطعتكم
رمقه راكان بنظرة غاضبة أخرصته… قاطعهم حينما دلفت ليلى بعد السماح لها بالدخول…
عزمت امرها ودلفت حيث مكان جلوسهم
وضعت بعض عملها أمامها سليم على المكتب
– حضرتك دا شغل المهندسة نورسين… طلعت منه بعض الديفوهات… وكمان المهندس عامر…اعترض علي بعض النقط… ودا شغلي المهندس أسر هو اللي راجعه
هبت نورسين متجه لها:
– اتجننتي إنتِ ولا إيه… إنتِ مين علشان تطلعي ديفوهات في تصميماتي… دا انا نورسين النمساوي أكبر مهندسة هنا
❈-❈-❈
تدخل يونس عندما وجد الغضب على وجه سليم … أمسك يديها وتحدث
– نور تعالي نشرب قهوة فيه موضوع عايزة أخد رأيك
دفعت ذراعه وتحدثت بغضب:
– إيه يايونس إنت مش شايف المهزلة دي… سليم جايب حتة عيلة من برة بتعمل عليا ريسة وبتراجع ورا نورسين النمساوي
كان يجلس يطالعهم بهدوئه غير المعتاد
اتخذت نفسا طويلا تشحن رئيتها باالاكسجين ثم نظرت لها وتحدثت بثقة
– اولاً حضرتك غلطي فيّا مرتين.. فدا مش مسموح… إنك أهنتيني بعملي الوظيفي بغض النظر أنا قولت إيه عن الشغل اللي مطلوب مني،… ثانيا ودا الأهم
– حضرتك ياريت بدل ماتعلي صوتك وتسمعي الناس كلها عندنا حاجة إسمها ثقافة الحوار… تقولي الغلط بس باسلوب مهذب… ثالثا ودا من عندي ياحضرة البشمهندسة… أنا مش عيلة قدامك أنا مهندسة كبيرة وواعية عندها ستةوعشرين سنة يعني مش عيلة… والعيلة اللي حضرتك بتتريقي عليها دي واخدة دكتوراه في الهندسة يعني من شغلها تراجع ورا اللي بيغلطوا… اتجهت بنظرها لسليم
– آسفة حضرتك بس كان لازم أعرف الباشمهندسة إزاي تعرف تتعامل مع اللي قدامها
أمسكتها من ذراعها تحدجها والشرر يتطاير من مقلتيها
– إنتِ اتجننتِ يابت إنتِ… متعرفيش بتتكلمي عن مين… دا إنت لسة مكملتيش غير كام شهر هنا… لا فوقي ياقلبي وأعرفي انك واقفة قدام نورسين النمساوي
اللي بتاخدي مرتبك منها
دنت ليلى منها وتحدثت
– وأنا متنازلة من المرتب اللي حضرتك بتدهولي نظير تعبي ومجهودي مش صدقة منك..
إقتربت منها نورسين وتطلق إليها نظرات نارية لو تُقتل لقتلتها
ثم دفعتها بقوة حتى تسقط على الارض إهانة لها… وتحدثت بنبرة شيطانية
– دلوقتي اعرفك إزاي تغلطي في أسيادك
ولكن تلاقها بذراعيه عندما وقف متجها إليهما حين علم بنية نورسين
تلاقها حتى أصبحت بأحضانه بالكامل…
رفعت نظرها للذي حاوطها بذراعيه ورائحته تغزو رئتيها… تقابلت نظراتهما للحظات… تناسا العالم حولهما حتى أصبح عالمهما دقات القلوب لبعض اللحظات
ترنح جسدها وأحست أن ساقيها فقدت القدرة على حملهاو عدم قدرتها على التنفس بسبب رائحته التي ملئت رئتيها
اعتدلت سريعا عندما طالعها بنظراته ثم أردف بهدوء ماقبل العاصفة
– إنتِ كويسة..!!
اومأت براسها بنعم… حمحمت بصوتها حتى يخرج … ثم استجمعت شتات نفسها وقوتها وتحركت للخارج سريعا عندما فقدت قدرتها بالكامل أمامه
اقترب راكان من سيلين وطالعها بغضب
– إيه اللي كنتِ ناوية تعمليه دا.. ايه قالها بصوتا مرتفع غاضب
فركت يديها وأجابته
– إنت مسمعتهاش بتقول إيه.. قاطعها سليم وتسائل
– هي قالت إيه يانور.. ياريت ماتدخليش في موظفيني تاني.. بلاش تخليني أخرج عن شعوري يانور
ابتسمت بتهكم ورفعت حاجبها بسخرية
– ليه بتحسسوني إني غلطت في كوين ايطاليا.. دي واحدة متساويش
– نوووور.. صرخ بها راكان ورفع بسبابته
– إهانة للموظفين مش مسموح.. وإنتِ هنا زيك زيها… قاطعهم دلوف ليلى دون الأستئذان
-آسفة يابشمهندس سليم…إتفضل استقالتي حضرتك… المكان اللي إتهان فيه ماينفعش أكمل فيه
دوى صوت ضحكات نورسين الذي انشطر قلب ليلى لاستهزائها
– شوفوا بتعمل إيه مفكرة إننا هنتحايل عليها.. جود باي قاطعها راكان وصاح بغضب عارم
– اعتذري… قالها وهو يرمقها شرزا
جحظت عيناها وتحدثت بغضب:
– تقصد إيه ياراكان…!! عايزني اعتذر، لدي
أخرج تبغه وبدأ يشعل سيجاره
– غلطي يانور ومن الأفضل إنك تعتذري
صرخت بصوتها:
– مستحيل اعتذر من دي… وقف سليم واتجه لليلى
– أنا آسف ياليلى حقك عليا أنا… ونور مستحيل تتعرضلك بكلمة تانية…
بلغ الغضب دروب راكان بعد فعلة سليم
– قولت اعتذري يانور، منها إنت غلطتي
إتجهت له وألقت نفسها بأحضانه
– كدا ياراكان… وأنا اللي فكرت إنك تاخد حق حبيبتك
أخرجها بهدوء
– قولت اعتذري يانور.. مش هعيد كلامي
اتجهت ليلى لباب الغرفة وضعت كفها المرتعش على مقبض الباب لمحاولة الهروب من حصارهم اللعين عليها
إستني عندك… أنا مسمحتش إنك تمشي
قالها راكان عندما ازدادت وتيرة أنفاسه من غضبه… إنتفض جسدها من صوته المرتفع..
تدخل يونس سريعا لفض الاشتباك:
– اهدى ياراكان الموضوع مش مستاهل العصبية دي كلها
– خلاص آسفة ياراكان كدا حلو
الأسف مش ليا يانور إنتِ مغلطيش فيا ولا تقدري تغلطي اصلا
استدارت ليلى بجسدها ونظرت إليه
– وأنا مش محتاجة أسف من حد…
نفث دخان سيجاره بغضب وتحدث دون النظر إليها
– مش إنتِ اللي تقولي اعمل إيه.. إنتِ هنا بتشتغلي في شركة البنداري
رفعت سبابتها أمامه… أنا شغالة تحت اشراف الباشمهندس سليم والتعامل معه بس خليها تبعد عني قالتها بحدة… لا تعلم لماذا تفوهت بها
خطى إليها حتى وقف أمامها
– إنتِ مين علشان تعلى صوتك وأنا موجود
بصي يا… مش مهم إسمك إيه.. أنا مبحبش الظلم وهي غلطت وهتتأسف.. وكمان مبحبش أكرر كلامي مرتين…إحنا مش في حصة… وممنوع صوتك يعلى
ارتفعت دقات قلبها وارتجف جسدها عندما رأت نظراته النارية التي تفننها أمامها… ساد الصمت للحظات.. ابتلعت غصتها وتحدثت
– وأنا مستحيل أفضل في شركة زي دي
تدخل سليم لتلطيف الأجواء
– راكان اهدى.. ليلى مهندسة محترمة متقصدش كلامها
ولا تقصد ياسليم فيه هنا قوانين للشغل لازم الكل يلتزم بيها
احتدت نبرة صوتها وهي ترمقه بنظرات غاضبة:
– أنا معرفش حضرتك… ولا … قاطعها
أنا اللي صاحب الشغل اللي حضرتك بتخططيله… وكلامي اللي يتسمع هنا بس
ثم استدار سليم
– إيه ياسليم ماقولتش للمهندسة القوانين اللي مفروض تلتزم بيها وتعرفها إنها ماضية عقود احتكار لشركتنا…
جحظت عيناها من أسلوبه المستفز كما وصفته…
– حضرتك تقصد اي؟
اتجه لمقعده جالسا ينفث تبغه حتى غطى وجه خلف دخانه
– قصدي إنك مينفعش تسيبي الشغل غير بعد تلات سنين دا مبدأي وراجعي على العقد اللي حضرتك مضتيه كويس… أما عن موضوع الإهانة اللي اتكلمتي عنه
فنورسين فهعتذر
إتجه بنظره لنورسين فتحدثت نورسين عندما وجدت نظراته النارية
– آسفة يابشمهندسة قالتها بتحفز نورسين
نفخ دخانه ونظر إليها ببرود
– ودلوقتي على شغلك ومفيش حاجة إسمها استقالة إلا إذا دفعتي الشرط الجزائي… وبلاش شغل البنات بتوع الكرامة دول..
فرت دمعة فوق وجنتيها ببطئ مسحتها سريعا.. نظرت اليه والصدمة تجتاحها فظلت تناظره مدوهشة وهو يبادلها نظراتها باخرى قاتمة
ابتسمت بسخرية… عندما تصاعد غضبها حتى أعماها فلم تتمالك نفسها عندما قالت
– تمام يا… معرفش إسمك إيه…. قالتها ثم خرجت صافعة الباب بقوة خلفها
جحظت اعين يونس وسليم اللذان كانا يجلسان صامتين منذ نشب الخلاف
في فيلا خالد البنداري
تنام سارة على فراشها عارية ولا يسترها سوى شرشف خفيف… وتقوم عاملة المساچ بتدليك جسدها… اغمضت عيناها وهي تتحدث بالهاتف مع ابنة عمها سلمى
– وبعدين ياسلمى أخوكي هيفضل سايق عليا الدلال لحد إمتى… مش قولتي هساعدك
نفخت سلمى وجنتيها بضجر…
-ماهو انتِ عارفة يونس أكتر مني ياسارة.. صرخت عندما ضغطت العاملة على جسدها
اه.. براحة ياحمارة
أجابتها سلمى هي مين دي اللي حمارة ياابلة سارة:
ضحكت سارة بسخرية:
– مش قصدي عليكي ياهبلة قصدي على بتاعة المساج دي
وقفت مسرعة متجه لباب غرفتها
– عندك بتاعة المساج متخلهاش تمشي لما اجيلك محتاجها تمام… ثم أغلقت الهاتف
ضيقت سارة عيناها وتسائلت:
– هي مالها المجنونة دي ومن إمتى وهي بتهتم بالمساج.. نظرت للعاملة…
– اشتغلي حلو جايلك زبونة جديدة
❈-❈-❈
في شركة البنداري:
ظل يجوب المكتب ذهابا وايابا كلما تذكر نظراتها.. يصل الغضب والحنق بين طياته… ضغط على قبضته بغضب حتى أبيضت مفاصلها
– انا يتقالي ياا…
مسح على وجهه بغضب وهو ينظر شرزا ليونس الذي رفع يديه متهكما من حالته
– ابعد عني يايونس هولع فيك… ولا أقولك أنا هسبهالك على بعضها
خرج من مكتب أخيه وكأن شيطانيه تتطارده… وجدها تجلس مع آسر وتضحك وكأن لم يحدث شيئا
تصاعد غضبه حتى أسودت عيناه ولكنه تحكم بنفسه بصعوبة… واتجه لجلستهم
– ايه اطلبلكم حاجة ساقعة تطري القاعدة..
وقف أسر وحمحم حتى يخرج صوته:
– إحنا خلصنا ومستنين الباشهمندس سليم
فتحت حقيبتها وأمسكت هاتفها كأن الذي أمامها لم يكن:
– ايوة يادرة… لا حبيبتي كويسة… تمام نص ساعة وعدي عليا
استشاط داخله من طريقتها المستفزة وأردف ببرود ليحرق روحها
– عندنا شغل لأربع ساعات قدام… مفيش خروج دلوقتي… وياريت تشوفي شغلك بدل ماقاعدة تضحكي مع دا ودا
بنفس ملامحها الهادئة ونبرتها المتزنة أجابته:
– لو حضرتك شايفني مقصرة في شغلي ممكن تمشيني من الشغل…
قالتها ثم حملت أشيائها متجه للخارج
– آسر بلغ الباشمهندس سليم إني خلصت شغلي زي مااتفقنا وسلمه المشروع… ثم رفعت نظرها للواقف يضع يديه بجيب بنطاله وينظر لها بملامح غامضة:
– لو حضرتك خلصت إهانة ممكن أمشي.. قالتها متحركة للخارج
اخترقت كلماتها أعماقه و كلماتها التي أشعلت بجوفه نيران التحدي
– استني عندك أنا مش لسة قايل قدامنا أربع ساعات شغل… وصل يونس وسليم في تلك الاثناء
– في ايه ياراكان مالك..؟ ظل ينظر لها شرزا
اخرجت زفرة حادة من جوفها علها تهدأ من روعها حتى لا تغضب احدا شيئا… اتجهت بنظرها لسليم
– فيه لسة حاجة مطلوبة مني يابشمهندس
أشار بيديه إتجاه الباب:
– لا ياليلى ممكن تمشي دلوقتي
في فيلا جلال البنداري
تجلس فريال بجوار الجد توفيق
– يعني أي ياعمي هتسبنا وتروح تقعد عند أسعد
كانت ملامحه قاسية ونظراته غاضبه… تحدث إلى فريال
– فريال لازم أوقف راكان عند حده… الولد أبوه سايبه يطيح في الكل
يعني هتقدر تقعد عند زينب وعيالها ياعمي
ضرب بعصاه على الارض وتحدث بغضب
– أنا هقعد في بيت ابني محدش له عندي حاجة
امتقع لونها بشده وانسحبت الدماء من اوردتها وبدأت تهمهم
– خايفة تروح هناك وزينب تضحك عليك بسهوكتها اللي خلت اسعد يسيب الدنيا كلها علشان… خايفة تنسى ابنك محمود الله يرحمه اللي هي السبب في موته
صباح يوم جديد
كانت تجلس بحديقة منزلهم.. وتقوم برياضة اليوجا.. جلسة وهي مغمضة العينين تضع يديها على ساقيها… وصل وجلس بجوارها يرسم ملامحها الجميلة بعينيه.. كانت خصلاتها تتطاير بفعل الرياح
دنى يستنشق رائحتها طاردا زفيره.. عندما تسللت رائحتها التي تشبه رائحة الأطفال رئتيه… استنشقت رائحة تحفظها جيدا ففتحت عيناها سريعا تنظر للذي يجلس بجوارها
اقترب بجوارها للحد الغير مسموح وهمس بصوته الرجولي
– بتاخدي العقل ياسيلين.. بتخلي قلبي عايز يطلع من صدري.. رفع خصلاتها التي تطير على وجهها وقربها لأنفه
– بموت في ريحة شعرك بتفكرني لما كنتي طفلة وكنتي بتنامي في حضني فاكرة الأيام دي ولا نستيها
رجفة قوية مرت بسائر جسدها فهزتها من اقترابه وتناست العالم من حولها حتى أصبح هو عالمها الوحيد.. ابتسمت بحبور من كلاماته
– لسة فاكر الأيام دي يايونس.. وضع كفيه على وجنتيها يلامس نعومتها التي أرسلت إليه قشعريرة لذيذة
– عمري ماأنسيت حاجة تخصنا ياسيلين.. أقترب منها متعمد خفض صوته الذي جعل جعل جسدها يرتعش بالكامل.. فحبست أنفاسها عندما منعت تنفسها
– يونس إبعد.. إنت بتقرب ليه
قرص وجنتيها مردفا والسعادة تتملكه
– قلب يونس وحياته كلها ياسيليني
رفعت بصرها تنظر إليه بسحر وهيام من كلماته التي أخذ قلبها
تشعر بتدفقات تتوغل في أوردتها فاحمرت
وجنتيها بحمرة الخجل واردفت بصوت متقطع
– بس يايونس عيب كدا.. ايه اللي بتقوله دا… قهقه عليها ثم غمز بعينيه
– هو أنا لسة قولت حاجة
عند أسما وليلى
ضيقت أسما عيناها مستفهمة
– إيه اللي حصل… اوعي يكون اتخنقتي مع سليم… دا كيوت خالص
ضحكت عليها ليلى وأردفت من بين ضحكاتها
– يابنتي إركزي على واحد علشان أعرف أرد عليكي.. إنتِ مع سليم ولا نوح ولا يونس ههه
ابتسمت بحزن على ذكرى نوح
– دي مش عايزة كلام صديقتي العزيزة
إرتدت ليلى حذائها الرياضي وهي تتحدث بهاتفها.
إنتِ فين دلوقتي في المزرعة ولا في الشقة
أخذت شهيقا عميقا ثم زفرته:
– نزلت اتمشى في المزرعة إنتِ عارفة أنا بحب الجو دا دلوقتي
– تمام أنا هنزل أجري شوية وأعدي عليكي في الكافيه بتاعنا تمام
تمام ياليلى
في فيلا سميحة
استيقظت يارا ابنتها متجهة لغرفة والدتها
– ماما عايزة اتكلم معاكي شوية
أشارت والدتها التي كانت تقرأ بمصحفها
تعالي ياحبيبتي
– ماما أنا عايزة أنزل الشغل في الشركة مع ولاد خالي
وضعت والدتها مصحفها:
– تعالي جنبي يايارا عايزة اتكلم معاكي شوية…. اتجهت ابنتها وجلست بجوارها
مسدت والدتها عليها بحنان
– كبرتي يايارا وعايزة تشتغلي.. بس لو كنتي نازلة الشغل علشانه فبلاش ياحبيبتي
وزعت نظرها بين والدتها وبين هاتفها الذي قام بالرنين.. سألتها والدتها
– مين بيتصل بيكي دلوقتي
حمحمت وأجابتها:
– دي فرح بنت خالو خالد.. كانت عايزة ننزل النادي نعمل رياضة
أومأت والدتها برأسها
– بصي ياحبيبتي أنا مش مع جدك في اللي قاله.. لاني عارفة ولاد أسعد أكتر من أي حد… دول أبوهم وأمهم ربوهم إن قرراتهم من نفسهم محدش يقدر يفرض رأيه عليهم وخصوصا راكان… هو عنده والدته فوق الكل… تخيلى بقى واحد عنده امه فوق كل حاجة… ويجي اللي كل شوية يهنها يجبره على حاجة يعملها
فركت يديها ببعضها وسألتها:
– ليه بتقولي كدا ياماما… أنا شايفة راكان بيكنلي مشاعر… يعني مش مغصوب من حد
ابتسمت والدتها وربطت على كتفها:
– بيحبك زي أخته مش أكتر… وبعدين دا عصبي ومش هيسعدك… غير البنات اللي حواليه
– إنت اللي بتقولي على راكان كدا ياماما… مش دا اللي دايما تقولي مفيش غيره في ولاد اخواتك
– وأنا لسة عند رأيي يابنتي… راكان هو أجدع واحد فيهم وكمان متحمل مسؤلية من صغره والعز اللي فيه أبوه دا كله بسببه متنسيش كان واقف من صغره مع أبوه… وهو اللي استلم شركات والدته ورغم مش مجال تعليمه لكن الحقيقة خلاها من أكبر الشركات..حتى الشركة العائلية
ضيقت عيناها وتسائلت
– أنا مش قادرة أفهمك ياماما بتقولي الكلمة وعكسها
أنا بقولك أنه يكون اخوكي أحسن ميت مرة لما تخليه يتغصب على جوازك وفي الاخر مش هيتجوزك… ومتنسيش سلمى وأمها بيرسموا عليه مش حبا فيه لا علشان فلوسه… ثم أكملت مفسره راكان له النصيب الاكبر في الشركة هو لوحده اربعين في المية والعيلة كلها الباقي غير نسبة عمه محمود اللي هو بيديرها من ورا جدك… وفريال مش هتسيب زينب تتهنى بولادها فهمتيني
إنسدلت دموع يارا على وجنتيها
– بس أنا بحبه وأنا اكتر واحدة أولى بيه أنا مردتش أتجوز ياماما السنين دي كلها… ودخلت الكلية اللي كان نفسه يدخلها علشان يحبني
ضمتها والدتها لأحضانها
– عارفة يابنتي دا كله بس صدقيني إنتِ اللي هتتعبي.. راكان لسة تجربته متعلجش منها هيفضل يعاني ويشك في كل اللي حواليه متخلهوش يكهرهك يابنتي اسمعي من أمك أنا ماليش غيرك…
مسحت دموعها وشعرت بنيران تكوي قلبها لآلام إبنتها… رفعت ذقنها وأردفت
– أنا هتكلم معه والله يابنتي لو فيه أمل أنه يحبك كزوجة هوافق على جوازكم بس أنا مش عايزاكي تتعشمي فيه
في إحدى الكافيهات على النيل
وصلت ليلى وجدت أسما تنتظرها
صباح الورد ياوردة… وحشتيني أوي ياأسما
ابتسمت لها وهي تحاوطها بنظراتها
– وأنتِ كمان ياحضرة الدكتورة المهندسة الكبيرة
قهقهت عليها وهي تجلس:
– إيه يابنتي التعريف الاخباري الشاشتوي دا… ضحكت الفتيات
نظرت ليلى بهدوء لأسما
– إيه أخبارك… وباباكي رجع يحوم حواليكي تاني ليه
آهة خفيضة تحررت من بين شفتيها يتبعها حزن بعيون دامعة.. نظرت أسما للخارج وتساقطت دموعها رغما عنها:
– كالعادة ياليلى عريس من الاديشه وعايز يتمم الصفقة… ماهو مفلس ومحتاج فلوس… وأمي صحتها معادتش بتيجي على الشغل
ربتت ليلى على ذراعها بحنو وتحدثت لكي تخفف عن صديقتها:
– ربك هيحلها زي كل مرة… ولا تزعلي نفسك والله يابنتي أبوكي دا نفسي مش عارفه أقولك إيه
تنهدت أسما بحزن
– ابويا مُصر يسرق أحلامي كلها… سرق حلمي بكليتي .. وسرق حبيب عمري ودلوقتي جاي يسرق شغلى وباقي حياتي الحزينة
احتوت ليلى وجهها بين راحتيها
– أسما محدش هيقدر يسرق منك حاجة تانية وأنا لسة عند رأيي لازم تحكي لنوح مش تفضلي تتفرجي من برة… لسة ممكن تنقذي حبيبك
أطبقت جفنيها الحزينتين تاركة لدموعها حرية الإنسياب
– إنتِ اللي بتقولي كدا ياليلي عايزة أقل من نفسي أكتر من أنا قليلة في نظره.. عايزاني أروح اعترفله وهو في الاخر يدبحني… لا أنا راضية بحياتي كدا… راضية أحبه في صمت وبس … أنهت كلماتها وقلبها ينشق لنصفين
تمتت ليلى بكلمات مستاءة من حياتهما البائسة في الحب
رفعت أسما حاجبها وسألتها
– بتقولي أي ياليلى اتجننتي بتكلمي نفسك ياقلبي
ضربت ليلى كفها ببعضهما واضعة خديها فوق كفها:
– مش أنا قابلت الطاووس تاني امبارح واتخنقنا.. وشكله هيقعدلي على أنفاسي
برقت أسما أعينها من كلاماتها
– اتقابلتوا تاني واتخانقتوا..!!
مسحت ليلى على وجهها بعنف
– أهو من حظي الأسود… تخيلي طلع زي مارسمته بالضبط من يوم القسم … تنك تناكة يخربيت ابو تناكته ياشيخة… دا بيقول ياارض إتهدي مع عليكي أدي
نظرت لها وبدأت تقلد صوته
– انت اتجننتي بترفعي صوتك قدامي..
ضحكت أسما عليها وعلى مظهرها وهي تقوم بتقليده
– ياخبيتك ياليلى.. يعني يوم ماتقبليه تتخنقي معاه… وفجأة توقفت عن الحديث
– استني إنتِ شوفتيه فين… وليه اتخانقتوا ياخايبة
ارتسمت خابتسامة واسعة على محياها
– الشركة ياقلبي من حظي الحلو نزل الشغل بسمع كدا… لا وكمان عاملي فيها فلانتينو… فيه هناك البت الصفرا اللي شوفناها يوم الحفلة
ابتسم ثغرها عندما تذكرت ماصفعته به وبدأت تقص لها ماصار
وضعت أسما يديها على فمها من الصدمة وأردفت بسخط
– يخرب عقلك ياليلى دا إنت المرأة الحديدية يابت
كتمت صوت ضحكاتها وهي تنظر لصديقتها:
– ليلى إنتِ متأكدة أنه هو اللي كان في الحفلة وفي القسم
كزت ليلى على شفتيها السفلية بغل تود أن تراه أمامها الآن ثم رفعت نظرها لأسما التي مازالت تضحك
– هو بغروره وحياتك… تعرفي أول مادخلت الشركة وعرفت إنها بتعتهم كنت بدعي ربنا إني أقابله تاني… بس بعد مقابلته الزفت دي… بدعي ربنا ماشفوش تاني قدامي…. ثم اكملت مفسرة:
– والله ياأسما معرفش المرة الجاية هعمل إيه لا والآنسة نورسين رايحة جاية حبيبي
دققت أسما النظر اليها
– أيوة حبيبتي عارفة إنك متغاظة.. نفسك تكوني مكانها صمتت لحظات وهي تهز رأسها ثم تمتمت بتقطع :
– مش ملاحظة كل أسئلتك حول راكان ياأسما قالتها وهي ترفع كوبها ثم أرتشفت قهوتها
انعقد حاجبيها
– أيوة ياليلى… مش دا اللي كنتي عايزة تعرفي كل حاجة عنه من خلال نوح
ألتوى ثغرها ساخرا:
– دا لما شوفت الكاميرات كلها حواليه والعيون محاصراه… كنت عايزة أعرف مين الشخصية المهمة دي وخصوصا لما أنه صديق نوح بس مش أكتر.. ولما جت قضية بابا فأنا عرفته أكتر ياحبيبتي.. ومن وقتها وأنا كرهت سيرته
إنكشمت ملامح أسما وأردفت:
– اكيد بتهزري ياليلى… دا اللي يشوفك وانت بتبحثي عنه يقول إنك معجبة
قاطعتها ليلى:
– ابداً إنتِ عارفة أنا بحب أعرف كل حاجة عن الشخصيات المهمة أو بمعنى أصح اللي عليها علامة استفهام ودا قبل ماأقابله في النيابة
تمتمت أسما بكلامات منخفضة
– ايوة فعلا بتحبي تعرفي محور الكون
سامعاكي على فكرة ياأسما… قالتها بابتسامتها البريئة
اتسعت ابتسامتها ثم اقتربت متكأة على المنضدة
– طيب عيني في عينك كدا… إنك مش مغرمة بحضرة البشكاتب… دا حتى كنا لسة بنحكي على أحضان وريحة تدوخ
رمقتها ليلى بنظرة تحذيرية:
– أسما إياكِ تقولي كدا قدامي… إنتِ على فكرة بتدليني للرزيلة
قهقهت أسما بصوتها كاملا وصدى صوت ضحكاتها حتى نظر ماحولهم اليهما
رفعت ليلى نظرها بتوبيخ
– ينفع كدا خليتي الناس تبص علينا يقولوا إيه… وضعت يديها على فمها تكتم ضحكاتها
– والله انتِ مصيبة يابنتي… ثم تذكرت شيئا
– هو مفيش شغل النهارده ولا إيه… الساعة تمانية وحضرتك لسة بلبس الرياضة ولا شكلك ناوية تروحي تكملي تدريبك مع اسم الله عليه الحليوة اسمه ايه
تناست العالم حولها عندما تذكرت نفسها وهي داخل احضانه… أغمضت عيناها كأنها تستنشق رائحته التى ملئت رئتيها بعبقه
طرقت أسما أصابعها أمام وجهها
– الجميل راح مني فين!!
اعتدلت واقفة هاربة من نظرات أسما التفحصية:
– أنا يادوب أمشي وزي ماحضرتك لسة قايلة عندي شغل… مش عايزة أتأخر
وقفت معها متجهة للخارج بعد دفع الحساب…
– بقولك ياسوسو مايبقى تعدي عليا في الشركة ونخرج زي زمان…
قطبت جبينها
– امتى؟ انتِ عارفة بخلص شغلي على اربعة وأنتِ بتخلصي امتى؟
– والله ياحبيبتي على المواعيد بتاعة الباشمهندس سليم تلاتة… بس لو حضرة البشكاتب هيستمر في الشركة تقدري تقولي ممكن اتناشر بالليل
جحظت أعين أسما وأردفت:
– بتهزري… ثم ربتت على ذراعها
– متخافيش أنا أعرف أنه بيخرج كتير برة القاهرة لقواضي سمعته مرة بيتكلم مع نوح
أومات برأسها متفهمة:
– ولو مخرجش ميهمنيش أنا قولت للباشمهندس سليم إمبارح شغلى معه
أستقلت سيارة الأجرة التي أوقفتها:
– على تليفون ونكمل كلامنا بعدين سلام
أشارت لها أسما وتحركت مغادرة للمزرعة التي تبعد عدة أمتار
في فيلا جلال البنداري على مائدة الافطار
نظر الجد ليونس وتحدث
– ماقولتليش تعمل خطوبتك إمتى على سارة يادكتور
قبضة قوية اعتصرت قلبه عندما تحدث الجد مرة آخرى… ورغم ذلك وزع نظراته لوالدته التي تحثه على القبول وبين جده الذي ينظر له بترقب ووالده الذي يستهين بالأمر
– الأيام دي مشغول أوي عندي حجز كتير في العيادة وكمان محاضرات في الجامعة
وقت ماأفضى هعرف حضرتك… قالها ثم نصب عوده يلملم أشيائه الخاصة مردتيا نظارته الطبية… وتحرك مغادرا
بعد مغادرته نظرت فريال له حتى اختفى.. ثم توجهت للجد:
– يونس مستحيل يكسر كلمتك ياعمى وزي ماحضرتك شوفت اهو قالك يفضى بس من زحمة شغله
أومأ براسه وهو يناظر ابنه الذي منشغل بهاتفه
– ايه اخبار شغلك ياجلال
زفر جلال بغضب:
– البورصة يوم عن يوم بتنزل وأسهمنا بقت في الأرض… معرفش أسعد دايما أسهمه بتطلع وأنا وولادي لا
اتجه عدي الذي نزل للتو… جود مورننيج على الجميع
ابتسمت والدته بهدوء:
– طبعا عدي طول الليل سهران للمذاكرة علشان كدا لسة صاحي
نظر جلال لابنه بغضب:
– مين دا اللي سهران يذاكر ياهانم ابنك راجع البيت وش الفجر… لا وكمان مش همه حد… ياريته يخلص كليته اللي بقاله سبع سنين فيها لما خلص على فلوسي
ضغطت فريال على يديه وابتسمت بخبث أمام والده:
– هو كلمني وقال بيذاكر مع واحد صاحبه
نظر الجد له شرزاً وتحدث بغضب
– معرفش مفيش حد فيكم نجيب ليه… ولاد زينب حرمتهم من اللقمة وشوفوا هما فين وانتوا فين واحد وكيل نيابة والتاني دكتوراة في الهندسة حتى بنت الشوارع اللي بيربوها دخلت هندسة كمان… ثم اكمل مستطردا:
– وانتوا الفلوس كلها تحت رجليكم وياريت حد فيكم نجب غير يونس..ولولا زينب اللي كانت بتواليه مع راكان كان زمانه فاشل… وياريته دلوقتي فالح طالع مزاجاني معرفش لمين… قولت أهو واخد الشطارة من ابن زينب وحرمت ابن زينب من الهندسة ودخلت يونس طب قولت علشان يدوس عليه بتعليمه… اتضحلي ان التاني اللي بيدوس على الكل… قالها بغضب ثم وقف متجها للخارج
– هاتلي شنطة هدومي ياجلال روح اقعد عند اسعد يمكن حالكم ينصلح انت وخالد
توقفت فريال تسائله بغموض
– حضرتك قصدك على مين بنت شوارع ياعمي… رمقها بسخرية ثم تحرك متجها لفيلا أسعد
❈-❈-❈
❈-❈-❈
في فيلا أسعد البنداري بغرفة راكان
استيقظ وعلامات الغضب ترتسم على ملامح وجهه منذ الأمس…كلما تذكر حديثها وتصديها له وهو يجن
أمسك هاتفه وقام الاتصال بصديقه
– أيوة ياعزيز عندي قضية بكرة في إسكندرية محتاجك تروح مكاني… فيه مشكلة في الشغل ولازم أكون موجود
أجابه على الطرف الاخر:
– تمام ياحضرة المستشار
بعد قليل اتجه للأسفل لتناول افطاره مع عائلته
قام بتقبيل رأس والدته ككل صباح ثم اتجه لوالده
-صباح الخير يابابا
رد تحيته بحنان أبوي
– صباح الخير ياحبيبي.. إيه شكلك منمتش باين على وشك الإرهاق
نظر حوله وتجاهل أسئلة والده وتسائل
– فين سليم وسيلين مش باينين ليه؟
– سليم راح الشركة ياحبيبي… وسلين فوق بتجهز لكليتها
أومأ برأسه وهو ينظر إلى طعامه…
حمحمت زينب وهي تمسد على رأسه:
– جدك جاي يقعد عندنا كام يوم ياراكان علشان خاطري ياحبيبي استحمله لو بتعزني زي مابتقول… قالتها زينب بتعاطف
امسك يديها وقبلها:
– ماما علشان خاطرك إهد الدنيا… حاضر طول ماهو بعيد عنك أنا كمان مش هتكلم… إنتِ عارفة خلافي معه على ايه… أنا مش بكرهه ابدا والله… دا مهما كان جدي وعارف ومتأكد أنه بيحبني كمان بس التعبير في الحب عنده مختلف.. هومفكر الحب جبروت وعايز يتملك في الكل
زفر وأكمل
– وتملكه وجبروته بيخليه يعمل حاجات عقله بيصورله إنه صح
– صدقت والله يابن أسعد… فعلا جدك بيحبك بس مابيعرفش يعبر، عن حبه له
قوس فمه وأجاب والده:
– يعني تركت كل كلامي وممسكتش غير في الكلمتين دول يابابا ثم وقف عندما استمع صوت توفيق
اتجه متحركا للخارج فقابله وقف أمامه وهو يرتدي نظارته الشمسية ناظرا إليه:
– أهلاً ياتوفيق باشا البيت نور طبعا بوجودك… وأكيد كلنا فرحانين بوجودك وسطينا.. ثم دنى منه
– يارب حضرتك اللي تتبسط مننا
أومأ الجد برأسه له
– عارف يابن ثم سكت متجها بنظره لزينب وأكمل ياراكان يابن أسعد
ناظره راكان بنظراته الصقرية عله يكتشف بما يفكر به ولكنه لم يصل لشئ ثم اتجه متحركا للخارج طالعه الجد
– دا اللي سمعته جد… إنك هتواظب في الشركة وتنسى شغل القواضي
توقف لدى باب الفيلا وأستدار ينظر إليه من تحت نظراته
– مش بالضبط… أنا بواصل هنا وهنا…دي شطارة ياتوفيق باشا…واكيد حضرتك عارف الشغل من زمان سايبه كله لسليم وهو كتر خيره مااشتكاش… جه الوقت اللي أساعده علشان يرتاح
رمقه الجد وأردف:
– عارف إنك شاطر ياحفيدي.. ولكن قبل دا كله لازم تتجوزوا ونفرح بيكم مش كدا ياحضرة المستشار
تحرك راكان للخارج وتحدث
– لسة لما اقابل بنت الحلال اللي تقدر تسعدني… قاطعه الجد
– وبنت الحلال دي قولتلك عليها… استدار وهو يرمقه شرزا
– بنت الحلال اللي تعجب راكان ياتوفيق باشا… قالها ثم تحرك مغادرا
زفر الجد بغضب ونظر لأسعد
– ابنك من إمتى هيحترم الكبار ياأسعد
وقفت زينب وتحدثت
– هعملكم قهوتكم
صاح الجد بغضب
– استني عندك… روحي ربي ولادك الأول وبعد كده اعرفي شوفي القهوة.. ولا علشان الولد مش ابنك بتعلميه يبقى قليل الأدب وميحترمش حد… قاطعه اسعد بهدوء
– بابا لو سمحت مينفعش كدا… هي قصرت في إيه كل شوية تغلط فيها ليه… ليه مش عايز تتغير… ومن إمتى زينب قصرت في تربيته.. راكان زيه زي سليم
– انت بتعلي صوتك على أبوك ياأسعد أقوم أرجع عند خالد ولا جلال ولا اروح لسميحة
في الشركة وصل إلى جراج السيارات
ودلف إلى المصعد الخاص بملاك الشركة أسرعت بعدما تركها المصعد الآخر
دلفت سريعا ولم يخطر بذهنها أنه موجود به… حاولت أن تتنفس بهدوء بسبب سرعتها ولكن انتعشت تنفسها برائحته التى مازالت عالقة برئتيها
استدارت سريعا تنظر للذي خلفها يطالعها بنظراته ماكرة
– اهلا بحضرة الباشمهندسة النشيطة المتأخرة على عملها نص ساعة كاملة
شعرت بأنفاسه تضرب وجنتيها وهو يتحدث… رعشة لذيذة أصابت جسدها ولم تقو على الحديث كأنها لم تعرف الحروف
حاولت التفوة ولكن الصمت سيد موقفها
اقترب منها ونظر لداخل عيناها لأول مرة
تذكر أنه رأى تلك العيون التي تشبه عيون الغزال بل سواد الليل.. قبل مقابلته لها بالنيابة ولكن أين لا يعلم
– كنتي بتقولي إيه امبارح… عايز اسمع
ارتجفت شفتياها ولاتعلم مالذي صار لها
اقترب للحد الغير مسموح وكلا منهما ناسيا أو تناسا إنهما بالمصعد فهمس
– أنا شوفتك فين قبل القضية.. إحنا أتقابلنا في مكان تاني صح
طالعته بصمت وكأن دقات قلبه العنيفة تسحبه دون أن يدري اتجهاها
– “ليلى” قالها بتلذذ بين شفتيه
رفعت نظرها له وكل خلية بجسدها تنتفض لقربه…
حاصرها بذراعيه بالمصعد وهي ترتعش كأنها فقدت الحركة… ورغم ذلك ايقظها عقلها سريعا
– ابعد انت اتجننت… رفع حاجبه بسخرية
– اتجننت يانهار أبيض أنا شكلي بتهزأ
رفعت حاجبها مثله:
– اومال اللي يقرب على بنت لوحدها في الاسانسير دا إيه… فجأة توقف الاسانسير وأظلم المكان بالكامل… تراجعت بزاوية الأسانسير وبدأت تتمتم بكلمات مش مفهومة
– قولهم يشغلوا البتاع دا…
دي شركة كبيرة ازاي اسانسير يتعطل فيها
رأف بحالتها كأن التي أمامه الآن ليس هي منذ لحظات فقط
صرخت بصوتها كله
– حد يفتح الباب دا…
– ليلى اهدي من فضلك… هتصل متوترنيش
– نظرت له في الظلام
– راكان لو سمحت قولهم يشغلوا البتاع دا بسرعة… قالتها ودموعها تنسدل بقوة على وجنتيها… ورغم ماقلته إلا أن نطقها لاسمه ذلذل كيانه ومن غير مايشعر اقترب يحتوي كفيها ويربت عليهما
– وهو يردف لها كلمات تشعرها بالطمأنينة
فجأة اشتغل المصعد مرة أخرى… هنا فاقت من الصدمة التي كانت تحاصرها وهي بالقرب منه .. انتزعت كفيها بقوة
ثم أشارت بسبابتها
– إنت مين أدالك الحق تمسك إيدي.. أنا مش من معجبينك ياحضرة النايب
قالتها وهي تنظر لمقلتيه بغضب لا تعلم غضب من نفسها بالسماح له من الأقتراب ولا غضب منه وهو يتلذذ بتحطيم غرورها الأنثوي
توقف المصعد أمام الطابق المنشود وخرجت سريعا تمسح دموعها بغضب… وهي تسب نفسها… أما هو الذي وقف للحظات جاحظا عيناه من تلك المتمردة.. كيف تطاولت عليه بذلك.. لا تعلم من يكون
كز على شفتيه بغضب كاد أن يدميها ثم أردف لنفسه
– فوق دي حتة بنت لا راحت ولا جت.. إنت كل يوم بتقابل أحسن منها.. خطى بعض الخطوات ولكن توسعت عيناه عندما رآها بتلك الحالة

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى