روايات

رواية شخص آخر الفصل الثامن 8 بقلم هدير محمد

رواية شخص آخر الفصل الثامن 8 بقلم هدير محمد

رواية شخص آخر الجزء الثامن

رواية شخص آخر البارت الثامن

رواية شخص آخر الحلقة الثامنة

البارت الثامن من رواية #شخص_آخر
” انتي كويسة ؟!
اومأت له إيجابًا… لكن كانت خائفة مما حدث الآن أمامها و شفتاها تتخبط في بعضهما من الخوف و جسدها يرتعش… لاحظ يحيى انها خائفة كثيرا… لم يعرف ماذا يفعل حتى تهدأ… ف قام بضمها إليه و عانقها و ربت على شعرها برفق… تفاجئت رهف من عانقه لها و ظنت انها تتخيل مثل العادة… لكن لا… هذا العناق حقيقي… اغمضت عيناها و سندت رأسها على صدره حتى هدأ قلبها رويدًا رويدًا…
كان عمر لا يستطيع النهوض لانه قوته نفذت… استشاط غضبًا عندما رأى يحيى يعانق رهف… نظر الى جانبه وجد مسد*س مُلقى على الارض سقط من إحدى رجاله… زحف حتى وصل الى مسد*س … شد الزناد و قال
* يحيى…
نظر له يحيى و بحركة سريعة ضغط على المسد*س و أصاب يحيى !!
صرخت رهف قائلة
‘ يحيى !!
تنا*ثر الد*م من جسد يحيى و فقد توازنه و وقع على الارض !!
وضعت رهف يدها على فمها ولا تصدق ما جرى الآن… و الدموع تغلغت في عيناها عندما رأته أُصيب أمامها… نهض عمر بصعوبة و اقترب من رهف… امسك يدها و قال
* هتيجي معايا… مستحيل اسيبك للحيو*ان ده…
غضبت رهف لانه امسك يدها… و بحركة سريعة سحبت المسد*س من بنطاله و دفعته بعيدا عنها و وجهت المسد*س عليه و قالت بغضب
‘ لو ممشيش من هنا يا عمر.. هقـ,ـتلك… والله هقـ,ـتلك !!
* نزلي المسد*س ده يارهف و اهدي… خلينا نتكلم بهدوء…
‘ نتكلم ايييه ؟! انت قـ,ـتلته !!
* كان لازم يمو*ت… قولتلك مفيش حد على الدنيا كلها هياخدك مني…
‘ خَدك إبليـ,ـس يا *****…. بقولك ايه… لو مبعدتش عني هقـ,ـتلك !!
* انتي تقـ,ـتلي ؟ ده انتي بسكوتة و بتخافي من ضِلك…
‘ مفكرني بهزر ؟
ضر*بت طلقـ,ـة من المسد*س على الارض و كانت على وشك ان تصيبه بالفعل… ذعر عمر… انها فقدت صوابها بالفعل… رجع للوراء و قال
* ماشي يا رهف… هنتقابل تاني… بس و رحمة أمي ما هرحمك !!
تراجع و ركب سيارته و ذهب… أخرجت رهف منديل من جيبها و مسحت بصماتها من المسد*س ثم ألقته على الزرع… عادت ليحيى… جست على ركبتيها و امسكت رأسه اسندتها على رجلها… وضعت يدها على وجهه و قالت
‘ يحيى… قوم… قوم و النبي…
ضغط يحيى على جَرحه بيده حتى اصبحت كلها مليئة بد*مِه… لكن يحاول ان يسطر على نز*يفه… أصدر أنين متألمًا ف عرفت انه مستيقظ…
‘ ثواني و جاية حالًا…
ذهبت لسيارته… امسكت حقيبتها و اخرجت منها هاتفها لتتصل على الاسعاف… هنا كانت المشكلة… شبكة الاتصال معدومة في تلك المنطقة… اخذت هاتف يحيى لترى الشبكة… نفس الشيء… ليس هنا إرسال…
ركبت السيارة و حاولت ان تشغلها… لكن لم تعمل… ظنت أن البنزين قد فرغ… فتحت تانك الوقود وجدت ان به وقود كثيرا ولا تحتاج السيارة لأي وقود… أدركت أن الاصطدام الذي حدث منذ قليل ضَرَ بالسيارة… كيف ستنقذه ؟!
عادت إليه و ظلت تحركه
‘ يحيى… مفيش شبكة هنا و العربية عطلت… هنخرج ازاي من هنا ؟
سمعت صوت عواء ذئاب… خافت كثيرا… فتح عينيه بصعوبة و يحاول إلتقاط أنفاسه
” مينف… مينفعش نقعد في الشارع كده… المن… المنطة دي خطر…
‘ طب اعمل ايه ؟!
” ساعديني اقوم…
اومأت له و امسكت ذراعه اسندته على كتفها و ساعدته على النهوض… اخذته للسيارة… جلس على كُرسي القيادة و أشار لها أن تركب هي أيضا… ركبت و اغلقت الباب جيدًا… رغم ألمه لكن تحمل و حاول تشغيل السيارة لكن لم تعمل و ظل يحاول مراتٍ عِدة
‘ يحيى مينفعش تتحرك كده… انت بتنز*ف !
ترك دراجة القيادة و اسند ظهره للخلف و ظل يأخذ شهيقًا و زفيرًا متتاليًا… رهف غلبتها دموعها ولا تعرف ماذا تفعل… نظر لها يحيى و قال بتعب
” متعيطيش…
‘ انت نز*فت كتير و مازلت بتنز*ف… لازم تروح المستشفى…
” شكلنا مش هنخرج من هنا… بصي… الرصاصة لو قعدت في جسمي اكتر من 40 دقيقة… دمي هيتصفى و همو*ت…
‘ طب هنعمل ايه ؟!
” انتي هتخرجي الرصاصة…
‘ ايه !!
” في الكنبة اللي ورا هتلاقي صندوق إسعافات… هاتيه و افتحيه و هتلاقي فيه كل اللي يساعدك…
‘ مش هعرف… انا معرفش حاجة في الطِب… مش هعرف اخرج الرصاصة…
” لازم تخرجيها…
‘ مقدرش !
” يا رهف اسمعي… انا مش قادر اتكلم… اعملي اللي بقولك عليه…
‘ افرض فشلت ؟
” انتي عايزة تساعديني ولا لا ؟
‘ اكيد عايزة اساعدك…
” يبقى لازم تنجحي و تخرجيها من جسمي…
‘ بس….
امسك يدها و قال بأ*لم
” يا رهف أرجوكي… مفيش وقت للكلام… دمي بيتصفى !!
اومأت له و مسحت دموعها… اخذت صندوق الاسعافات و فتحته و فتحت نور السيارة… ضغطت زِر كرسيه حتى يمسل قليلا للوراء… فتحت الصندوق و نظرت لكل الموجود فيه…
‘ معقم الجر*وح فاضي و مفيش مخـ,ـدر…
” مش مهم… المهم تخرجي الرصاصة…
‘ طب لازم المخـ,ـدر… مش هتستحمل ألمـ,ـها…
” هستحمل…
لا تعرف كيف سيتحمل ألمهـ,ـا… لكن ليس بيدها شيء… فتحت زُرار قميصه برفق و ابعدته عن الجر*ح… رأت مكان الرصاصة… انها في صدره الأيمن…
‘ انا مش عارفة اعمل ايه !
” المَلقاط الطبي اللي عندك… امسكي بيه الرصاصة و خرجيها…
‘ معتقدش اني هعرف اعمل كده…
” رهف اعملي اللي بقولك عليه و اخلصي !
لم تجد جدوى من التراجع و الخوف… يجب أن تنقذه و توقف ذلك النز*يف… أمسكت المُلقاط و اقترب منه… مجرد ما لمـ,ـس المُلقاط جر*حه… صرخ متألمًا… رجعت رهف للوراء و تركت المُلقاط من يدها
‘ انا آسفة اوي… مقصدش او*جعك… قولتلك لازم المخـ,ـدر…
” ملكيش دعوة يا رهف… خرجيها من جسمي… هاتي أي قُماشة اعـ,ـض فيها لحد ما تخرجيها…
اومأت له و ظلت تبحث حولها عن أي قُماشة لكن لو تجد… فتحت حقيبتها و أخرجت منها شال صوف و مررته له… اخذه منها و وضعه في فمه ليكتم صوت صراخه… أشار لها بيده أن تبدأ… امسكت المُلقاط مجددا… و ظلت تمسح الدم بالقطن حتى ترى الرصاصة… رأتها أخيرا… قرّبت منه المُلقاط و دخل في جرحه… تحرك بأ*لم و يصرخ و هو يـ,ـعُض الشال الذي في فمه و عروق جبهته برزت من الأ*لم الذي يشعر به… تمالكت رهف اعصابها و لم تتراجع هذه المرة… ضغطت على جر*حه بيدها و حاولت قدر الإمكان أن لا تخطئ… بعد تدقيق الرؤية لدقائق اخيرا امسكت الرصاصة بالمُلقاط و اخرجتها من جسده برفق… نظر يحيى للسقف تصبب العرق من جبهته و صدره يعلو و يهبط… أحس ان روحه تُسحب من جسده في تلك اللحظة بسبب ما شعر به من الأ*لم…
نظر لرهف بعيناه المتعبتان و قال
” نجحتي…
ابتسمت له رهف… هذه اللحظة الصعبة مرة اخيرا… اعادت كل شيء لمكانه… فتحت كيس قُطن آخر و مسحت كل الد*م مكان الرصاصة و حول جَر*حه… ربطت جَر*حه بالقُماش جيدًا حتى لا ينز*ف مجددا… و مسحت العرق من جبهته و على رقبته و فتحت زجاجة المياة و وضعت يدها تحت رأسه لتساعده في شُربها…
‘ في حاجة تاني اعملها ؟!
نفى برأسه بمعنى لا
” شكرا يا رهف…
‘ انا اللي مش عارفة اشكرك لانك حميتني منه ولا اتأسفلك لان كل ده حصل بسببي…
” انتي ملكيش ذنب في أي حاجة… هحميكي منه دايما… سامحيني يا رهف !!
سكتت قليلا ولا تعرف ماذا تقول…
” أنا عارف اني غلطت في حقك… أنا آسف… سامحيني…
‘ مش وقته الكلام ده… المهم انت كويس ؟
” كويس… و هبقى احسن لو سامحتيني…
‘ الكلام الكتير غلط عليك…
” رهف… متتهربيش مني…
ابعدت عيناها عنه و مثَلت انها تبحث عن شيء بداخل حقيبتها
” رهف…
‘ كنت حطاه هنا… راح فين ؟
” يا رهف…
‘ معقول نسيته عند حبيبة ؟
” رهف… بصيلي…
‘ ولا ممكن اكون نسيته في السوبر ماركت ؟ يلهوي !!
” رهف انا بكلمك !!
‘ شكله كده وقع مني في الشارع…
ضجِر من تجاهلها له… امسك يدها و شدها إليه… نظر لعيناها و قال
” بتتجاهليني ليه ؟
‘ مش بتجاهلك…
” والله ؟ واضح اوي…
‘ جعان ؟
” رهف فكك مني… اديني إجابة واضحة… هتسامحيني ولا لا ؟
‘ لا…
تعجب من سرعة إجابتها…
‘ طول الشهر اللي عدى ده… انا عانيت كتير بسببك… مع اني مكنتش استحق كده… لكن انت مسمعتنيش… مدتنيش فرصة حتى ادافع عن نفسي… بقيت في نظر كل زمايلي وحدة حرا*مية و اطردت عشان مديت ايدي على فلوس مش فلوسي…
” صدقيني… ساعتها انا كنت مخلبط و تايه و مش عارف انا بعمل ايه…
‘ اه و تقوم تفرغ عصبيتك فيا انا بعمل كل اللي عملته معاك ؟
” عارف اني غلطت… انا رجعتلك عشان تسامحيني… اوعدك إني مش هعمل كده تاني… سامحيني و ارجعي الشركة… مكانك لسه موجود…
‘ مش هرجع الشركة… مش هرجع لمكان متقدرش فيه تعبي و شغلي و كمان اطعـ,ـن فيه شرفي و اتهمت فيه بالسر*قة…
” رهف انا…
‘ انت لسه تعبان… كفاية كلام عشان متتعبش اكتر…
عَرف انها لا تريد التحدث معه… تنهد بحزن و صمت…
اخرجت من حقيبتها زجاجة عصير فراولة… مررتها له و قالت
‘ يعوض شوية من الد*م اللي نز*فته… اتفضل اشرب…
” مش عايز…
‘ مش وقت تنا*كة و وسوسة حوار مش بشرب مكان حد… انت تعبان و لازم تستعيد قوتك من تاني… لسه هنقول إزازتك و إزازتي ؟
ابتسم من طريقتها… نظر إليها ف قالت
‘ امسك…
” يعني لسه قايم من عملية من غير مُخـ,ـدر و اتأ*لمت اوي… أكيد مش قادر اتحرك… لما اتصا*بت من شوية وقعت جامد عليها… ف وجعـ,ـتني…
‘ و ايدك التانية ؟
” زعلت لما ايدي الاولى تعبت ف تعبت هي كمان…
‘ والله ؟
” اه والله…
‘ يحيى بطل تصرفات الاطفال دي…
” انا ملاحظ انك شيلتي الرسميات… بقيتي تقولي يحيى على طول كده…
‘ لأني مبقتش موظفة عندك… ف أقول اللي أقوله براحتي… هتشرب ولا لا ؟
” بقولك ايديا الاتنين وجـ,ـعِني… مفروض تحسي بيا شوية…
‘ يعني اعمل ايه ؟
” شربيني انتي…
‘ انت بتتكلم بجد ؟
” اه بتكلم بجد…
‘ اشربك ليه ؟ شايفني الدادة بتاعتك ؟
” معلش استحمليني… ده هي مرة وحدة…
‘ اوووف… طيب…
فتحت الزجاجة و اقتربت منه و اشربته لها بنفسها… و هو طوال الوقت ينظر لعيناها السوداتين
” ده معمول في البيت…
‘ اه معمول في البيت… مستغرب ليه ؟
” انا بستدرك بس… طعمه حلو…
‘ تمام…
اغلقت الزجاجة و اخرجت من حقيبتها كرواسون محشو بالشيكولاتة… اكلت منه و هو كان ينظر لها و هي تأكل
” بقولك يا رهف ؟
‘ نعم ؟
” ما تجيبي حتة من اللي بتاكليه ده…
‘ مش كنت بتقر*ف تاكل مكان حد ؟… لسه ضا*ربة سجارتين حشيش.. اسكت لاحسن اضُرك…
ضحك يحيى من كلامها و حاول التحرك لكن تأ*لم… لاحظت رهف و بسرعة تركت ما بيدها اقتربت منه و قالت بخوف
‘ فيه ايه ؟ مالك ؟
” مفيش… بحاول اقعد كويس…
‘ لا خليك مرتاح كده…
اومأ لها و هي ساعدته أن يتكأ للوراء جيدا… نظر لعيناها و هي نظرت لعينيه… وجد يحيى حتة شيكولاتة بجانب فمِها… قرّب يده منها و مسحها… شعرت رهف بالحرج لانه لمـ,ـس وجهها… ابتعدت في الحال و عادت لتأكل… استغل يحيى انشغالها بالأكل… أكل قطعة الشيكولاتة التي مسحها من جانب فمها و ابتسم… نظرت له رهف و قطـ,ـعت نصف الكرواسون و اطعمته له بيدها و لم يرفض و أكله… و قبل ان تبعد يدها عنه امسكها و وضعها على وجهه… توترت رهف و قالت
‘ ايدي…
” ايدك دافية…
حرّك وجهه على يدها كأنه يستشعر دفئها… لكن رهف سحبت يدها من على وجهه و قالت
‘ انت بردان ؟
” شوية يعني…
جلبت معطفه من الخلف و كانت ستساعده على إرتدائه لكنه رفض
” جمبي اليمين كله وا*جعني… مقدرش اتحرك و ألبسه… غطيني بيه…
اومأت له و غَطته جيدا به
‘ كده تمام ؟
” تمام… شكرا يا رهف…
‘ العفو… هو احنا هنفضل هنا كتير ؟
” مش عارف… نستنى لحد بكره اكون بقيت احسن من كده عشان اشوف العربية مالها…
‘ اه… ماشي
” لو عايزة تنامي… نامي…
‘ و انت هتفضل صاحي ؟
” لو جالي نوم هنام…
‘ تمام…
إلتفت رهف للجانب الآخر… اغمضت عيناها و هي تحاول النوم لانها تعبت كثيرا اليوم… أما يحيى لم يُنم… ظل مُستيقظًا… يراقبها… أو يشبع برؤيتها… فقد اشتاق لها كثيرا لكن قلبه لا يعترف بهذا…
* اخوك فين يا عاصم ؟
– روحتله الشركة ملقتهوش… و كذلك الفندق… سألت خالد قالي انه مشي من عنده من الساعة 10…
* الساعة 3 دلوقتي… و هو مش متعود يفضل لحد دلوقتي بره… مش بيتأخر غير لو كان عنده شغل كتير لسه مخلصهوش… طالما مش قاعد في الشركة ولا الفندق ولا عند خالد و تليفونه مقفول… هيكون راح فين ؟
– مش عارف يا بابا…
قالت ناهد
• طب اتصلوا برهف… هي السكرتيرة بتاعته و معظم وقتها معاه… ممكن حصلت مشكلة في الشركة و بيحلوها…
* يحيى طرد رهف من الشركة…
• اييه ؟! امتى ده ؟
* من شهر تقريبا…
• طردها ليه ؟
* في فلوس اتسر*قت من الشركة… تقريباً هي عملت كده ف طردها…
• مستحيل… رهف بنت طيوبة و غلبانة… بعدين هو موظفها عنده امبارح ؟ ده عدى سنتين و هي موجودة في الشركة… لو كانت هتسر*ق كانت عملت كده من زمان…
* معرفش هو ده اللي عرفته… المهم يحيى فين دلوقتي ؟!
رن جرس القصر… فتحت إسراء الباب و كان خالد…
* خالد… فين يحيى ؟
– معرفش… مشي من بدري من عندي…
* طب مقالش رايح فين ؟
– لا… انا جيت لما عاصم قالي انه لحد الآن مرجعش البيت… اتصلتوا عليه ؟
* اه… تليفونه مقفول…
– كده في مشكلة… يحيى مش متعود يقفل تليفونه…
* عشان كده انا خوفت… اتأخر اوي…
– إن شاء الله يرجع بخير… هروح اسأل صحابه عنه… تعالى معايا يا عاصم
اومأ له و ذهب خالد و عاصم ليبحثوا عند اصدقائه و في اي مكان يذهب إليه يحيى…
* اووف بقا… برضو تليفونها مقفول… روحتي فين بس يا رهف ! متخوفنيش عليكي… يارب تكوني بخير…
طُرق باب الشقة… منْ سيأتي في ذلك الوقت ؟ صَعِد الخوف لقبها… أيعقل عمر عرف مكان هذه الشقة ؟ امسكت حبيبة الطاسة الحديد الثقيلة… وقفت خلف الباب و قالت
* مين على الباب ؟
– افتحي يا آنسة يا حبيبة…
* استاذ خالد ؟
– ايوة انا…
نزعت القفل و فتحت الباب وجدت خالد و عاصم
* استاذ خالد… خير في حاجة ؟
– معلش اني جيت في الوقت ده… جاي اسألك على رهف…
* رهف ؟! انت شوفتها ؟! هي فين ؟!
– هي فين ؟! هي مش موجودة ؟
* لا… مفروض تكون رجعت البيت من بدري اوي… بس اتأخرت… معرفش هي فين و تليفونها مقفول… خايفة ليكون الز*فت اللي اسمه عمر ده لقيها و عملها حاجة…
– غريب…
* ايه الغريب ؟!
– يحيى برضو تليفونه مقفول و مش عارفين هو فين… انا كنت جاي اسألك اذا كانت رهف تعرف عنه أي حاجة…
* ايه ؟! ييقى هو اللي خـ,ـطفها… والله لو عملها حاجة هقتـ,ـله… مش كفاية اللي عمله فيها… كان قلبي حاسس… هو سبب اختفائها ده…
– اهدي و بالراحة كده… يحيى هيخـ,ـطف رهف ليه اصلا ؟ و قصدك ايه باللي عمله فيها ؟
* اتهمها بالسر*قة و طردها و مش كده و بس… قطع رزقها من الشركات التانية و في الآخر بقت كاشير في سوبر ماركت… و النهاردة كان اول يوم ليها في الوظيفة الجديدة… كلمتها و هي الشارع و قالت مستنية مواصلة ترجعها البيت… الساعة 3 اهو و لحد الآن مرجعتش…
– يحيى كان عندي و مشي الساعة 10 و لحد الآن مرجعش بيته… و مش موجود في الشركة ولا الفندق ولا عند حد من صحابه… و رهف نفس الحوار… يمكن هم الاتنين واقعين بمشكلة ؟!
* يلهوي… رهف لا… رجعولي رهف…
– إن شاء الله تكون بخير… انا همشي هندور عليهم انا و عاصم… لو عرفت اي جديد… هبلغك…
* ماشي…
ذهبوا و حبيبة اغلقت الباب
* يارب رهف تكون بخير… يارب احميها…
” مش عارفة تنامي ؟
‘ و انت عرفت ازاي اني مش عارفة انام ؟
” بتتحركي كتير…
‘ مبحبش اغير مكان نومي…
” ولا انا… طب بقولك ايه… طالما احنا الاتنين مش عارفين ننام… تعالي نرغي…
إلتفت و نظرت له
‘ نرغي في ايه مثلا ؟
” اي حاجة… بتفكري في ايه دلوقتي ؟
‘ حبيبة… تلاقيها هتمو*ت من القلق عليا… كله بسببك انت… لو مكنتش طردتني كان زمانا لسه بنشتغل سوا ولا البهدلة دي…
” الآه ؟ ما انا اتأسفتلك كذا مرة و قولتلك ارجعي الشركة…
‘ بعد ايه ؟ مش راجعة… مبسوطة بوظيفتي الجديدة…
” واضح الانبساط…
‘ بقولك ايه… متتكلمش معايا…
” انا قولتلك نرغي مش نتخانق…
‘ اهو اللي زيك كده مينفعش معاه غير الخناق… متكـ,ـبر و مغـ,ـرور و كمان موسوس !!
إلتفتت و اعطته ظهرها… ضحك يحيى على طريقتها… ساد الهدوء بينهما لبعض دقائق… يحيى ينظر لها و ينتظر ان تقول اي شيء… فهو لم يتعاد على هدوئها… فجأة إلتفتت له و قالت
‘ اقولك سِر ؟
ابتسم و قال
” قولي…
‘ زمان و انا صغيرة… كنت في تالتة ابتدائي… عضيـ,ـت ايد المُدرسة بتاعتي…
” اوبااا… ليه كده ؟
‘ لانها كانت مسـ,ـتفزة… كل ده عشان اخدت تليفون ماما المدرسة اوريه لصحابي… شافته و سحبته مني… عِندًا فيا مسحت الصور اللي اتصورتها مع صحابي… حتى صور اللي صورتها لزرع المدرسة مسحتها… اتعصبت اوي… قومت عضيـ,ـت ايدها عَـ,ـضة… سابت علامة حَمرة اد كده في ايدها…
” يخربيتك… و هي عملت ايه ؟
‘ صرخت و لَمِت المدرسة كلها عليا… و المديرة كتبتلي استدعاء ولي أمر… و ماما جات المدرسة بهدلتني… مع اني كنت غلطانة بس مندمتش عشان هي مسحت كل الصور… و في الأخر لمِت كل الناس عليا كأني أكلت كِليتها مش عضيـ,ـتها بس… و بطلت تدرّس للفصل بتاعي بعد الحوار ده… مكنتش عَـ,ـضة يعني… دي هي مأڤورة…
ضحك يحيى بشدة و رهف سرحت في ضحكته… فهذه اول تراه يضحك أمامها… ضَحك من قلبه ليس بتصنع مثلما كان يفعل دائما… ظل يضحك كثيرا لدرجة أنه دفع رهف أن تضحك مثله…
” بطني وجعتني من الضحك… كل ده يطلع منك انتي ؟ و كمان بتقولي عليها انها مأڤورة ؟
‘ اه والله مأڤورة…
” لا مش مأڤورة…
‘ ليه بقا ؟
” بصي لأنياب سنانك الحـ,ـادة و تعرفي…
‘ تحب اعـ,ـضك بيهم ؟
” لا يا عم اهدي عليا… انا لسه تعبان…
‘ خلاص المرة الجاية…
نظر لها مبتسمًا…
” رهف…
‘ اها ؟
” تسمحيلي اقولك حاجة ؟
‘ قول…
” متتغيريش…
‘ مش فاهمة قصدك ؟
” بقولك متتغيريش… مهما حصل في حياتك اوعي تغيري نفسك… احتفظي بروحك الحلوة دي لآخر نفس… متخليش الظروف تقـ,ـتلها… اتمسكي بيها عشان لو اتغيرتي هتبقي شخص تاني مش هيعجبك… خليكي زي ما انتي مهما حصل…
‘ و ايه مناسية الكلام ده ؟
” عادي… اعتبريه نصيحة…
‘ تمام…
” على فكرة… انا يوم ميلادي النهاردة
‘ بجد ؟ تميت كام سنة ؟
” 31 سنة…
‘ كل سنة و انت طيب و بخير…
” و انتي طيبة… بس انا عايز هدية…
‘ محبوسين في ام العربية في منطقة مقطوعة و الاستاذ يقولي هدية !! حاضر لما نخرج من هنا هجبلك هدية…
” لا انا عايزها دلوقتي…
‘ اجبهالك من فين دي ؟
” اتصرفي…
‘ ايه البرود ده ؟
” طب الاقل احتفليلي بيوم ميلادي…
‘ و دي اعملها ازاي دي ؟
” هاتيلي تورتة عليها شمع…
‘ و اجيبها من فين دي ؟
” اتصرفي…
‘ اوووف… طيب اصبر 🤌
فتحت حقيبتها و أخرجت منها قطعة cap cake و شمعة صغيرة… وضعت الشمعة فوق الـ cap cake…
‘ نعتبر إن دي تورتة…
” و مالها مسخوطة كده ليه ؟
‘ هو جاية كده في الكيس… محتاجين كابر*يت أو ولاعـ,ـة نو*لع بيها الشمعة دي…
” و انتي مش معاكي والعـ,ـة ؟
‘ لا والله يا بني… أصل توتب و بطلت حشيـ,ـش… انت هتهزر معايا ؟ ولاعـ,ـة ايه اللي تكون معايا ؟ شايفني بد*خن ولا ايه…
” مش بعيدة عليكي…
‘ بتقول حاجة ؟
” بقولك افتحي تابلو العربية… يمكن في كابر*يت أو ولاعـ,ـة هنا ولا هنا…
فتحت تابلو السيارة و وجدت الولاعـ,ـة
‘ ايه ده… هو انت بتد*خن ؟
” لا… انا تخصص مخـ,ـدرات بس…
‘ واضح عليك…
ابتسم يحيى و قبل أن تشعِل رهف الشمعة… اوقفها و قال
” استني !!
‘ ايه ؟
ضغط على الزِر و اغلق نور السيارة
” عشان يكمل الجو و كده…
‘ اوكي…
فتحت رهف الولاعة و أشعلت الشمعة… غَنت له أغنية يوم الميلاد… تفاجئ من صوتها الجميل و سرِح في جماله… هو سَعِد كثيرا بما فعلته لأجله…
‘ كل سنة وانت طيب… اتمنى أمنية و اطفي الشمعة…
ابتسم لها و بدأ في تمني أمنيته… لكن لم ينظر للشمعة بل نظر رهف و شفتاها تتحرك… بعد ما انهى من تمني أمنيته… اطفأ الشمعة…
‘ يلا افتح نور العربية عشان بخاف من الضلمة…
فتح النور… وجد رهف تفتح الـ cap cake و تأكله
” النهاردة يوم ميلادي انا… مفروض انا اللي أكل الـ cap cake…
‘ بس انا اللي مشترياها…
” طب هاتي حتة…
‘ ياربي… ما تبطل تسَول يا يحيى !
” تسَول ؟!
‘ ايوة… ايه كل مرة اطلع حاجة من شنطتي تاكلها معايا ؟ اهدى عشان متتخنش…
” ماشي…
نظر للأمام و ظل صامتًا
‘ ايه ده انت زعلت ؟
” لو سمحتي متتكلميش معايا…
‘ وه ؟! بقا عندك دم و بتحس ولا ايه…
” اشبعي بالـ cap cake لوحدك…
‘ طب خلاص متتقمص ( قسمتها لنصفين ) امسك نصها اهو…
” مش عايز…
‘ على فكرة… انت كبرت سنة مش صغرت عشر سنين… بطل حركات العيال دي…
” كمان بتتريقي عليا ؟ متكلمنيش تاني…
‘ يوووه… طب اعمل ايه ؟
” عايزاني أكلها… أكليهالي بنفسك…
‘ بقا انت عامل ده كله عشان أكلك ؟
” اه…
‘ الشارع اللي وراه…
” متهزريش معايا…
‘ طب خلاص متزعلش…
مررتها له و أكلها من يدها… امسكت المنديل و مسحت بقايا الأكل من فمه… كان يحيى لا يستطيع إبعاد عينه من عليها… ينظر لها و يراقب كل حركاتها… كان سعيدا للغاية بوجودها معه… ولا يريد أن ينتهي ذلك اليوم
” ارجعي الشركة…
‘ لا
” يا رهف…
‘ لو سمحت متضغطش عليا… انا لو عايزة أرجع… هرجع من غير ما تقول… بس انا مش عايزة…
” لسه مسامحتنيش ؟
صمت و إلتفتت للجانب الآخر و هو فهم معنى صمتها هذا… لن تسامحه… ألهذا الحَد جر*حها دون أن يعِي ماذا يفعل ؟
تاني يوم……
فتحت رهف عيناها بتثاقل… تشعر بصداع في رأسها… اعتدلت و قالت
‘ صدقت ما عرفت انام كام ساعة… بس صحيت بصداع رهيب في دماغي… اوووف…
نظرت الى جانبها وجدت يحيى مازال نائمًا… سرحت في شكله برئ و هو نائم
‘ شايف شكلك بيبقى ازاي كيوت و طيوب لما تبقى نايم… عثول اوي…
نظرت حوالها… حَلَ الصباح اخيرا… هكذا سيعرفون ان يخرجوا من تلك المنطقة… نادت على يحيى و قالت
‘ يحيى… قوم… الشمس طلعت… قوم عشان نمشي من هنا…
لم يرد عليها…
‘ يحيى بطل كسل… يلا عشان كل واحد يرجع بيته… تلاقي حبيبة ما*تت من القلق عليا… و انت كمان… اهلك اكيد حسوا بغيابك و قِلقوا عليك… يلا اصحى…
لم يستيقظ… نظرت له و لاحظت أن لون شفتاه قد تغير و أصبح أزرقًا… تسلل الخوف لقلبها و وضعت يدها على يداه… وجدته بارد جدا… ظلت تحركه و تقول
‘ يحيى اصحى… يا يحيى !
لم تجد رد منه أو أي رد فعل منه… فقد برِد كثيرا… نزعت المعطف من عليه و فَكت الشريط لترى الجر*ح… صُدمت حين رأته… فقد انتفـ,ـخ و تعَفـ,ـن و نز*ف من جديد… اقتربت من صدره لتسمع دقات قلبه التي تكاد أن تنعِدم… وضعت يدها على فمها بصدمة و تغلغت الدموع في عيناها
‘ لا… مستحيل…
حاوطت وجهه بيداها و تبكي
‘ قوم يا يحيى… متمو*تش… اصحى أرجوك !
لم تجد جدوى من محاولتها تلك… فهو ڪالجثة النائمة… ظلت رهف تبكي و تتشنج في بكائها و تنادي عليه…
‘ أرجوك قوم يا يحيى… متسبنيش لوحدي…
ضمَته إليها و امسكت يده وضعتها على وجهها… لعلى يأخذ جسده بِضع من حرارتها و يدفأ قليلًا… نظر الى وجه الخالي من ملامح الحياة… تسأل نفسها كيف حدث ؟ كان جيدًا بالأمس… كيف برِد جسمه لهذا الحَد ؟! دمعتها وقعت على خده و ضمته إليها أكثر… اسندت رأسها على رأسه و قالت
‘ متسبنيش… أرجوك افتح عيونك… يحيى قوم !
شعرت بالذعر… أنه يترك هذه الحياة !!
امسكت هاتفها و لكن اللعنـ,ـة… مجددا لا يوجد إرسال !!
اسندت يحيى على الكرسي برفق…
‘ متقلقش… هاجي تاني… هجيب حد يساعدك… انت هتعيش… مش هسمحلك تسيبني…
فتحت باب السيارة و نزلت منها… وقفت في منتصف الشارع تنظر في كل ركن ولا تعرف ماذا تفعل ولا أين ستذهب… ركضت بكل سرعتها على العُشب… تدخل في مناطق لا تعرفها… كانت تبكي بشدة و دموعها لا تسمح لها بالرؤية جيدًا… تعثرت بجحر و وقعت على الارض و انجر*حت يدها… صرخت متأ*لمة و نظرت للسماء
‘ يارب لا… انا عيزاه… متاخدوش مني زي ما اخدت ماما مني… هيعيش… يحيى هيعيش !!
نهضت رغم ألمـ,ـها… مسحت دموعها بيدها و اكملت ركض… ظلت تركض كثيرا حتى تعبت لكن لم تتوقف و واصلت طريقها… و لكن تعبت أكثر و اسندت يدها على شحرة لتأخذ نفسها قليلًا… نظرت أمامها وجدت طريق عمومي… أكيد هناك سيارات تمُر منه… ركضت حتى وصلت إليه… وجدت سيارة آتيه من بعيد ڪأمل سينقذها… ابتسمت وسط دموعها… مسحت دموعها و ركضت نحوها… وقفت أمام السيارة تشير لها بيدها حتى وقفت بالفعل… ذهبت للسائق و قالت و هي تلتقط أنفاسها و تبكي
‘ تع… تعالى… إلح… إلحقه…
نزل الرجل من السيارة و قال
* في ايه يا بنتي ؟ و ايه جايبك في المنطقة المقطوعة دي لوحدك ؟
‘ انا مش لوحدي… بيمو*ت… تعالى إلحقه…
* مين اللي بيموت ؟
‘ يحيى… ارجوك ساعدني…
* متعيطيش… هساعدك… فينه يحيى ده ؟
‘ تعالى معايا…
بالفعل ذهب معها و حتى وصلت مجددا عند سيارة يحيى… رآه الرجل و وضع يده على رقبته
* فيه نبض بس قليل… و جسمه متلج و كمان مجر*وح… لازم يتنقل على المستشفى حالًا… ساعديني نقومه…
اومأت له و ساعدته… اخذوا يحيى الى سيارة ذلك الرجل و ذهبا… طوال الطريق رهف تنظر إليه و خائفة جدا أن لا ينجو…
‘ عمو… ممكن تسرع شوية ؟ خايفة اخسره…
* حاضر يا بنتي… متقلقيش إن شاء الله خير…
بعد دقائق وصلوا للمشفى… نادى الرجل على الممرضين بأن هناك حالة طارئة… أسرعوا الممرضين بإحضار السرير الناقل و وضعوا يحيى عليه و دخلوا به للمشفى… رهف كانت معه… فجأة وجدت منْ يُمسك بيدها… نظرت إليه… فتح نصف عيناه بصعوبة و قال بتعب
” انا آسف على كل اللي عملته… سامحيني يا رهف…
بمجرد ما قالها… يداه تركت يداها و فقد وعيه تمامًا… بكَت رهف و الطبيب قال
* دخلوه غرفة الطوارئ بسرعة !!
اخذوه على الطوارئ و كانت رهف ستدخل معه لكن منعوها… ظلت بالخارج… اسندت ظهرها على الحائط… نظرت ليداها المُلطخة بد*مِه و بكت بشِدة… و تذكرت جملته الأخيرة… بالرغم من كَم الأ*لم الذي يشعر به… يريدها أن تسامحه !!
‘ سامحتك يا يحيى… سامحتك والله بس ارجعلي بخير !!
ذهبت رهف للحمام… غسلت يداها و وجهها جيدًا… ثم عادت للانتظام أمام غرفة الطوارئ… ظلت تتمشى ذهابًا و إيابًا بجانب الغرفة و تنتظر خروج الطبيب… مرت ساعة… خرج الطبيب و هي ركضت إليه
‘ هااا يا دكتور ؟ يحيى كويس صح ؟
– الحمد لله لحقناه… اظن لو كان اتأخر عن كده كان هيبقى الوضع غير مُحتكم فيه…
تنهدت رهف براحة كبيرة ف اكمل كلامه
– مُصاب في صدره الأيمن برصاصة… بس الرصاصة مش موجودة…
‘ ما انا خرجتها… بس معقمتش الجر*ح ولا عرفت اسيطر على النز*يف…
– اه عشان كده… الجر*ح اتلو*ث جدا و جسمه برِد… احنا نضفنا الجر*ح و عمقناه و ربطناه كويس و عوضناه بد*م مكان اللي خسره… حالته استقرت… تدريجيًا هيرجع يستعيد حرارة جسمه… ألف سلامة عليه…
‘ الله يسلمك… اقدر ادخله ؟
– ساعة كده هننقله من الطوارئ للاوضة اللي هيقعد فيها و تقدري تشوفيه
‘ شكرا اوي يا دكتور…
– العفو…
ذهب الطيب و رهف ابتسمت و وضعت يدها على قلبها…
‘ الحمد لله… اشكرك يارب…
لم تعرف رهف اذا تتصل على عائلته أم لا… احتارت كثيرا و اتصلت على خالد صديقه و اعطته عنوان المشفى… مَر الوقت و تم نقل يحيى الى الغرفة…
* علقتله المحلول… و ركبتله الكانولا… تؤمري بحاجة تاني ؟
‘ شكرا بس هو هيفوق امتى ؟
* بالكتير على الليل كده… متقلقيش هو كويس…
شكرت الممرضة و خرجت… سحبت رهف كرسي و وضعته جانب سرير يحيى و جلست عليه… ظلت تنظر إليه… امسكت يده و وجدت أن حرارته الطبيعية عادت…
‘ مبسوطة اوي لانك بقيت كويس… الحمد لله عدت على خير…
ظلت تتأمله… وضعت يدها على شعره و مسدت عليه برفق و الابتسامة لم تفارق وجهها…
‘ خلاص الكـ,ـابوس ده عدى… انت هنا بخير…
وضعت يدها على وجهه لتلا*مس ملامحه
‘ مش عارفة ازاي طلقيتك فرطت بيك بسهولة… لما لمسـ,ـت وشك بإيدي و استشعرت حرارتك و لقيتك ساقع و نبضك قليل… كان قلبي هيتخلع من مكانه… قلبي وجـ,ـعني نفس الو*جع اللي حسيته لما ماما ما*تت… جسمها كان ساقع زيك أو أكتر شوية… قعدت انادي عليها مردتش عليا و عرفت انها راحت مني… حسيت ان الدنيا ضاقت بيا اوي لما حسيت اني هخسرك… ازاي ريم قدرت تفرط فيك و تخو*نك بالشكل ده ؟
* لأن ريم مكنتش بتحبه يا رهف…
إلتفت لذلك الصوت وجدت والد يحيى… ابتعدت عن يحيى و نهضت…
‘ استاذ آسر !
* اقعدي… قومتي ليه ؟
‘ انا مقصدش…
* بقولك اقعدي…
جلست رهف و هو جلس أمامها
* ريم محبتش يحيى… حتى يحيى مكنش بيحبها…
‘ مش فاهمة… ازاي مكنش بيحبها ؟
* يحيى محبهاش… هو اقنع نفسه انه بيحبها… لأن في الوقت اللي ظهرت ريم فيه هو كان محتاج حد جمبه… يحسسه بالحنان و بالإهتمام… و هي استغلت الحتة دي و عرفت ترسم الدور عليه كويس و نجحت و اتجوزته… و هو افتكر ان كده خلاص… و اني دي حُب حياته و اللي هتكمل معاه… تعرفي ؟ اول ما يحيى عرفني عليها و قالي انه هيتجوزها… انا رفضت تمامًا… عمري ما استريحتلها… اتخانقنا انا و يحيى خناقات كوم من تحت راسها… عمل اللي في دماغه برضو و اتجوزها و قاطعني عشان مش متقبلها و عاش بعيد عني… في الآخر خا*نته… تعرفي لما يحيى اكتشف خيا*نتها… حاول ينتـ,ـحر…
‘ ايه !!
* ايوة… حاول ينتـ,ـحر… لما منعته انه يقـ,ـتلها و خليته يطلقها و يسجنها… هربت… ساعتها اتجنن… حر*ق بيته و قعد في وسط النار عشان يمو*ت… كان اصعب يوم عشته هو اليوم ده… لو كنت اتأخرت كان زمان يحيى ما*ت من 3 سنين… حسيت نفس الاحساس اللي انتي حستيه… حسيت اني هخسره في لحظة… ضميته لحضني و قعدت افوقه… الحمد لله ان اليوم ده عدى… بس اليوم ده عمري ما هنساه… عمري ما هنسى ان ريم دفعته يعمل كده في نفسه… عشان مهما عدت السنين… عمري ما هسامحها حتى لو شوفتها بتطلع الروح قدامي…
نظرت رهف ل يحيى بحزن… أمازال قلبه مجر*وحًا ؟!
‘ انا آسفة… المرة دي كان هيتأذى بسببي…
* بتحبيه ؟
نظرت له بتفاجئ و عجز لسانها عن الرد
* لو مش بتحبيه ابعدي عنه بهدوء و سبيه في حاله… مش هسمح لأي وحدة تكسـ,ـر قلبه تاني…
‘ مش عارفة…
* ابعدي عنه… ابني مش هيستحمل صدمة تاني…
‘ انا مستحيل اجر*حه…
* مستحيل تجر*حيه ؟ اومال هو نايم على السرير ده ليه ؟ يعني ريم سببتله أذ*ى نفسي… و انتي سببتيله أذ*ى جسدي ؟!
خجلت رهف كثيرا و تمنت أن تنفتح الأرض و تبتلعها… فكلام والده صحيح… هي السبب في أن يدخل يحيى في تلك المشاكل مع عمر…
* حاولي تفهميني… أنا أب و خايف على ابني… ابعدي عنه بهدوء… انا مقدرتش امنع ريم بسبب عِند يحيى… أظن مفيش حاجة بينكم عشان يتمسك بيكي… فرجاءًا… امشي و سبيه…
‘ مش عايزة اسيبه !
قالتها و عيناها غارقتان في الدموع و اكملت
‘ ماشي انا معاك في اني سبب اللي حصله ده… بس أنا بحب يحيى… مش بإيدي… حبيته و مش عايزة اسيبه… لو تسمحلي بس اثبتلك اني بحبه بجد… هتفهم اني مش بقول مجرد كلام…
* يا بنتي افهمي المُحب مش بيأ*ذي حبيبه بأي شكل… بسبب اللي اسمه عمر ده يحيى دخل في قتـ,ـل مشروع…
‘ قتـ,ـل مشروع ؟! بس عمر هو اللي ضر*ب يحيى…
* بس يحيى هو اللي بدأ معاه… صا*به في رجله و بسبب يحيى… عمر مش هيمشي على رجله تاني زي زمان… عشان كده عمر انتقـ,ـم منه و يحيى هنا…
اتصدمت رهف مما سمعته
* طبعا يحيى مقالكيش حاجة… كنت عارف انه مش هيقولك… بصي يا بنتي… اظن كفاية لحد هنا… انا محتاج ابني جمبي و وسط عيلته… كفاية مشاكل… ابعدي عنه…
نظرت رهف ل يحيى و ظلت تبكي… تجاهل والده دموعها و قال
* هعوضك عن كل اللي خسرتيه… هجبلك وظيفة احسن من الاولى بمليون مرة… و المبلغ اللي هتطلبيه هدهولك و كاش كمان…
‘ مش عايزة حاجة… مش الوظيفة ولا الفلوس اللي هتعوضني عن يحيى… عن اذنك…
فتحت باب الغرفة و خرجت… تركته و تركت قلبها معه… تركت روحها معه… تركته بإرداتها لانها تحبه… كلام والده صحيح…” المحُب لا يأ*ذي حبيبه بأي شكل ”
استيقظ يحيى و نزع جهاز التنفس من على وجهه و نهض… وجد خالد و ياسر بجانبه
* حمد على سلامتك يا بني…
– حمد لله على سلامتك يا بطل…
ابتسم لهم ابتسامة خفيفة… ظل ينظر في كل ركن في الغرفة يبحث عنها… لكن لم يجدها !!
في الليل……
كان يحيى في غرفته… يمسك بهاتفه… رن على رهف لكن مازلت حاظرة رقمه… يسأل نفسه منذ الصباح… لِما ذهبت و تركته ؟! حتى لم تسأل عنه !
بعد 4 أيام…….
* متأكدة من قرارك ؟
‘ اه… هستقر مع سهيلة و هشوف وظيفة هناك…
* يعني مش هشوفك تاني ؟!
دمعت عيناها و عانقتها بقوة
‘ أنا آسفة بس ده احسن للكل…
* مش احسن ليا…
‘ لازم امشي… لازم انساه… و مش هنساه غير لما ابعد عن هنا…
* ياريت متنسنيش انا كمان…
‘ انتي عبيطة ؟ ده انتي صاحبة عمري… هكلمك على طول لحد ما تزهقي…
* عمري ما بزهق منك… احلى أيام عشتها في الشقة دي لما انتي جيتي قعدتي معايا…
‘ بحبك اوي…
* انا أكتر…
عانقوا بعضهم العناق الاخير… اخذت رهف حقيبتها و ابتسمت لها و ودعتها و ذهبت…
* ممكن اشوف باسبور حضرتك ؟
‘ اتفضلي…
اعطتها الباسبور و فحصته
* تمام… تقدري تاخدي شنطتك و تستني في الطيارة…
‘ شكرا…
اخذت منها الباسبور و وضعته في حقيبتها… وضعت شنطة ثيابها على الأرض و قامت بجرّها ورائها…
” رهف !!
إلتفت وجدت يحيى ورائها… ابتسم لها و أسرع بضمها لحضنه… لم تصدق أنها آتى و كيف عرف انها ستذهب… لم تتحمل عذاب حُبها و بادلته العناق تشبست فيه بقوة ولا تريد أن تتركه… رَبت على شعرها و اشمته بإدمان… فقد إشتاق لرائحتها كثيرا… ظلا يعانقان بعضهم لدقائق… فجأة افاقت رهف لِما تفعله الآن و ابتعدت عنه في الحال… لم يفهم سبب ابتعادها عنه
” بعدتي عني ليه ؟ و هتسافري ليه اصلا ؟
‘ ابعد عني زي ما انا بعدت…
” ابعد ليه ؟ هو احنا قربنا من بعض اصلا ؟ انتي سبتيني في المستشفى و مشيتي و عملالي بلوك في كل حتة… و رافضة تقابليني… و في الآخر اعرف انك مسافرة ؟ بتعملي ليه ده كله ؟!
‘ عشان ده الصح…
” انا عملت حاجة ضا*يقتك ؟
‘ لا…
” يبقى بتبعدي عني ليه ؟
‘ عشان تبقى كويس…
” مش هبقى كويس ببُعدك عني… انتي مدتنيش فرصة لأي حاجة… تعالي نمشي من هنا و تفهميني كل حاجة بهدوء…
امسك يدها لكن سرعان ما ابتعدت عنه
” انتي خايفة مني ؟
‘ امشي يا يحيى…
أمسكت حقيبتها و إلتفتت لتذهب… لكن وقفت عندما قال
” يا رهف انا بحبك !!
لم تستطع كَبت دموعها أكثر من ذلك و نزلت ڪالشلال على وجهها… وضعت يدها على فمها حتى لا يسمع أنين بكائها… أحست أن روحها ستخرج من جسدها في تلك اللحظة… لا تصدق ما سمعته الآن… انه يبادلها نفس الشعور… كانت تريد أن تركض إليه و تختبئ في حِضنه الذي وجدت فيه الحُب و الأمان الذي افتقدته من سنين… لا تعرف أن تحزن ولا تفرح… لكن الذي تعرفه جيدا أن علاقتهم مستحيلة… لا يوجد رهف و يحيى في نفس الرواية… هذا الحُب لم و لن ينتصر على الظروف لأنه سيتسبب بحزنهم فقط…
لم تلتف إليه حتى و ذهبت… لم يصدق يحيى أنها ذهبت رغم ما قاله… فكان يظن أن اعترافه لها سيغير الكثير… لكن لم يتغير شيء !
ركض ليلحقها لكن الأمن منعه
* معلش يا استاذ المكان ده بيدخله ركاب الطيارة… لو سمحت ارجع لوراء…
وقف يحيى ينظر لها و هي تذهب ولا تبالي له ولا لأي شيء مما قاله… خرج من المطار و هو لا يصدق انها تركته بإرداتها… وجد الطيارة حلقت في السماء و انطلقت… نظر لها و جمع قبضته بغضب و قال
” مش هسامحك يا رهف !!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شخص آخر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى