روايات

رواية رمضان كريم الفصل الثالث 3 بقلم شمس محمد

رواية رمضان كريم الفصل الثالث 3 بقلم شمس محمد

رواية رمضان كريم الجزء الثالث

رواية رمضان كريم البارت الثالث

رمضان كريم
رمضان كريم

رواية رمضان كريم الحلقة الثالثة

“رمضان كريم”
“تعافيت بك_الجمعة الثالثة”
_________________
“قريبًا ستزول همومنا ، إن رمضآن آتٍ
لا بأس، رمضان آتٍ،
ليمحو أحزاننا،
ويُعيد طمأنينتنا الغائبة من جديد
“لَا بَأْسَ لِكُلِّ آلَامِ العَامِ؛ رَمَضَانُ آتٍ.”
__________________________________
لكل هموم العام وثُقل النفس أبشر إن رمضان آتٍ..
سيأتي للعباد لنشر البهجة والفرح والسرور في نفوس أثقلتها هموم الأيام، شهر الرحمة والمغفرة للعباد، الشهر التي بمجرد اقتراب أيامه تصبح النفس حُرة بسعادةٍ كما حرية الطير في السماء الواسعة…
كان المظهر العام في الشارع ماهو إلا لوحة فنية قلما تراها أمام عينيكَ في أي مكانٍ غير ذلك، امتلأ الشارع في ساعتين تقريبًا بالشباب ومعهم صغارهم ومعهم الشرائط الملونة اللامعة، حينها وقف “عامر” بين الصغار يقوم بتوزيع الشرائط اللامعة لكي يمسكونها مع بعضهم، وكذلك الفتيات الصغيرات، بينما “ياسر” فجلس على الدرجات الصغيرة أمام أحد المحال التجارية وهو يتمم على صنع الفانوس الورقي المُزين بالقماش الخيامي الأحمر ذي النقوش الزرقاء..
جلس “يونس” يعاون “ياسر” في صنع الفانوس الكبير ومعهما “يـزن” أيضًا الذي أمسك القطع الورقية الصغيرة يساعدهما فيما يفعلان سويًا، وفي هذه اللحظة وقف “ياسين” برفقة “خالد” يقوما سويًا بتوصيل الأسلاك الكهربية معًا، لحظة مرت على الجميع أثناء انشغالهم فيما يفعلون وقد تبعها مرور بعض الرجال في أيديهم آلات كبيرة الحجم خاصة بالعزف الموسيقي وحينها أرتفع صوت الصغار في الحارة فارحين بالصوت الذي ملأ المكان وحينها التفت “عـامر” خلفه بضحكةٍ واسعة فوجد ابنه يسأله بتعجبٍ:
_بابا هما مين دول فيه فرح هنا؟.
تدخل “زين” ابن “ياسر” يهتف بنبرةٍ ضاحكة:
_ماشيين بيغنوا ويطبلوا ويقولوا رمضان كريم، يكونوا مين يعني؟.
حينها قلب “عمر” شفتيه ثم تشدق بسخريةٍ:
_أهلًا وسهلًا، ولاد رمضان كريم يعني؟ مين دول ياعم؟.
ضحك الجميع على سخريته فيما نطق “ياسر” بنبرة هادئة يفسر له عمل الآخرين بقوله:
_دول ناس على باب الله، بيلفوا كدا يقولوا ذِكر وأغاني رمضان والناس بتراضيهم، غلابة يعني في الدنيا.
تدخل “يـونس” يهتف بنبرةٍ هادئة بعدما ابتسم:
_كلنا غلابة في الدنيا دي يا عمو “ياسر” والله.
في هذه اللحظة تحديدًا اقتربت منهم مجموعة الرجال وهم يطرقون على الطبول وخلفهم سار الصغار من أنحاء الحارة بل المنطقة بأكملها فتحرك “عامر” نحوهم يبتسم لهم ثم تحدث لأحدهم بنبرةٍ هادئة وهو يقول:
_خليك بقى هنا واقف فرح العيال دي كلها وأنا عيوني ليك، كل سنة وأنتَ طيب يا ريس، رمضان كريم عليكم.
أنهى حديثه وعقبها وجد الصغار يتقافزون بمرحٍ مُهللين فرحًا بهذا الحديث الذي ألقاه عمهم وقد بدأت البهجة الحقيقة حيث بدأ “ياسين” يتحرك على السلم الخشبي وهو يقوم بربط الأسلاك الكهربائية في حديد الشُرفات وخلفه يسير “خالد” وهو يعاونه حاملًا السلم ومعه “عمر” و “زين”…
أما “ياسر” فقد أنهى صناعة الفانوس الخشبي الكبير وأنهى تزيينه بالأقمشة الخيامية كما يطلق عليها، في نفس لحظة ارتفاع صوت الرجال وسط الصغار لتكون مساعدة في نشر البهجة من خلال ارتفاع الكلمات:
_أهو جه يا ولاد…
هيصوا يا ولاد..
أهو جه يا ولاد
زقططوا يا ولاد…
في كل عام ويانا معاد،
وعمره مبيخلفش معاد،
في كل عام ويانا معاد
وعمره مبيخلفش معاد..
أهو جه يا ولاد.. أهو جه يا ولاد..
أهو جه يا ولاد أهو جه يا ولاد.
في هذه اللحظة رفعوا الصغار أصواتهم مع الرجال وقد قام حينها “خالد” بإضاءة الفرع الكهربي الأول ليزداد صوت الصغار بنفس كلمات التهليل معًا، بينما “ياسين” وصل إلى شرفة شقة “ميمي” التي جلست في الشرفة كعادتها تتابع الشباب بصغارهم وما إن صعد هو على درجات السلم ضحكت له بسخريةٍ تمازحه بقوله:
_ها يا عم روميو؟ خلصتوا؟.
جاوبها هو بنبرةٍ ضاحكة أثناء انشغاله بربط الفرع الكهربي:
_دعواتك يا غالية، خلينا نخلص.
ضحكت هي له وقد أتت “خديجة” من الداخل وهي تمسك مشروب الينسون الخاص بـ “ميمي” وحينها وجدت “ياسين” يظهر بجذعه العلوي وحينها شهقت بصدمة ثم هتفت تعاتبه بقولها:
_يا شيخ حرام عليك خضتني، طلعت إمتى؟.
حرك عينيه نحوها وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
_إيه اللي طلعت إمتى دي؟ هو القمر بيطلع إمتى يعني يا ست الكل؟.
ضحكت رغمًا عنها ثم وضعت الكوب أمام “ميمي” التي هتفت بنبرةٍ ضاحكة وهي تستند على عصاها:
_أنا هدخل الحمام وأجي، عن إذنكم.
كادت “خديجة” أن تساندها لكنها رفضت وسارت بنفسها إلى هناك فيما أقتربت “خديجة” منه تسأله بنبرةٍ ضاحكة:
_مش محتاج مساعدة يا مهلبية؟.
ضحك لها على هذا اللقب ثم هتف بنبرةٍ هادئة يشاكسها:
_هاتي بوسة يا “خديجة”.
تلاشت بمستها ولكزته في كتفه وهي تكتم ضحكتها فيما أنهى هو ما يفعله سريعًا ثم حرك رأسه ملتفتًا بها نحو الأسفل وهو يقول بصوتٍ عالٍ:
_جرب كدا يا “خالد” ووصل السلك؟.
استمع له رفيقه ثم تحرك نحو السلك الكهربي يقوم بتوصيله وقد ظهرت الإضاءة في لحظتها لتضحك “خديجة” بسعادةٍ وصفقت بكفيها معًا وحينها طالعها “ياسين” مبتسم الوجه وهو يقول بنبرةٍ هادئة قبل أن ينزل للأسفل:
_رمضان كريم عليكِ يا كتكوتة.
_الله أكرم يا “ياسين”.
جاوبته بابتسامة واسعة وهي تودعه فيما هتف هو بنبرةٍ هادئة يمازحها بقولهِ:
_يلا يا بنت المحظوظة، علشان تعرفي إنك خدتيني بكل الأشكال وأخر حاجة أهو عملتلك فيها روميو، زيطي بقى وزيطيني معاكي.
ضحكت بصوتٍ عالٍ فيما نزل هو بعدما غمز لها بعبثٍ ونزل يكمل ما بدأ فعله وحينها أخذ الفانوس الكبير من رفيقه ثم بدأ في وضعه بمنتصف الحارة وسط صوت مجموعة الرجال أثناء غنائهم بالكلمات التالية:
_رمضان.. رمضان
ولا بعودة يا رمضان،
رمضان..رمضان
ولا بعودة يا رمضان،
يا شهر العبادة والخير والسعادة
والرضا والغفران…رمضان..
يا مجمع قلوبنا على سنة حبيبنا
وبهدي القرآن…رمضان.
في هذه اللحظة أضاءت الحارة بأكملها وسط الشرائط الملونة اللامعة تزامنًا مع إرتفاع صوت الهواء وهو يحرك تلك الشرائط بحرية نتج عنها أصوات عالية مع الهواء تبعث في النفس أمانًا يتعجب المرء في بعض الأحيان كيف يكون الأمان متمثلًا في صوتٍ وفقط، لكنه صوت عُرف في مصر باسم “صوت الزينة” هذا الصوت الذي ننتظره من العام للعام…
__________________________________
هي حقًا عائلة مجنونة..
هذه الجملة التي تنطبق على عائلة “الرشيد” حيث من المفترض أن تجد الكِبار قدوةً للصغار لكن هنا ستجد الصغار مع الكبار في نفس الموقف دون أن تجد قدوة واحدة لهم..
هنا حيث “مرتضى” الذي وقف وسط الأحفاد يقوم بإشعال الألعاب النارية بمختلف أنواعها وكذلك قطع السلك المعدني الذي أشعله الصغار مع بعضهم لينتج عنه الشرر المُشتعل، وحينها كان الليل أسدل ستائره لتظهر النيران والشرر المشتعل نتيجة اشتعال السلك والخامات المعدنية وسط الضحكات العالية منهم…
في هذه اللحظة وقف “وئام” بمحاذاة “حسن” والإثنان يقوما بتزيين السطح وحوائطه وإضاءته العالية، وعاونهم في ذلك “طارق” أيضًا وهو يتابع تركيب الكهرباء، أما “وليد” و “أحمد” فكلاهما قام بنقل منتجات التعبئة لحقائب رمضان، وعاونهم في ذلك “فارس” و “زياد” على عكس البقية التزموا باللعب مع بعضهم برئاسة “محمود” الجد الكبير هنا…
صعد “محمود” وخلفه بقية أخوته ليقع بصره على “مرتضى” يحمل “رُحـيم” ابن “أحمد” وهو يتابع الصغار أثناء لعبهم وقد ضحك وسطهم وكأنه بذلك يدعمهم لكن صوت شقيقه أوقفه قائلًا بنبرةٍ جامدة:
_يا أخي أشق هدومي منك؟ بدل ما تزعق ليهم واقف تضحك وشايل الواد على إيدك؟ ربنا يهديك يا “مرتضى”.
زفر الآخر بقوةٍ وهو يشعر بالملل من حديث شقيقه الذي يتكرر دومًا، بينما الأخر أوقف الصغار عما يفعلون ليظهر الهدوء في البيت بمجرد وقوف الصغار عن هذا الضجيج أضاف “محمود” بنبرةٍ أهدأ من السابق:
_عاوزكم كدا تهدوا وتوقفوا لعب علشان كدا غلط، صحيح هي شكلها حلو بس لو أذت حد فيكم هتعرفوا إن مش كل اللعب تناسب أي سن، عاوزكم كبار زي ما أنتوا وعاقلين دايمًا علشان مزعلش منكم، جربتوا من نفسكم ووعد محدش يكرر دا تاني، تمام؟.
أدلوا الصغار بالموافقة وحينها عاد الهدوء من جديد لكن “وليد” تحرك صوب الموائد الخشبية كبيرة الحجم ثم وضعها في المنتصف وأشار للصغار بقولهِ:
_تعالوا بقى نستغل شوية الطاقة اللي عندكم وساعدوا معانا في تعبية الشنط والحاجة، يلا أهو تاخدوا ثواب معانا أنتوا كمان يلا.
ركضوا الصغار نحوه مُهللين بسعادةٍ فيما أجلسهم هو وعاد “حسن” يجاوره بقولهِ الهاديء:
_بصوا بقى !! دلوقتي هنحط قصاد كل واحد فيكم صنف وهو يحط في الشنطة منه كيس ويركن الشنطة وراه، وأنا وعمكم “أحمد” هنعدي عليكم نراجع الشنط ونلم من وراكم.
أومأ الصغار له وبعدها بدأت العائلة تجتمع فوق سطح البيت وكأنها مناسبة منتظرة ببالغ الشوق وفارغ الصبر حتى للنساء معهم، وقد أجتمعوا فوق سطح البيت ومعهم الرجال أيضًا وبدأوا الصغار في تعبئة الحقائب بمساعدة الشباب وإشرافهم على حركة الصغار والحقائب خلفهم، بينما “وليد” تحرك صوب مشغل الصوت ثم رفع الصوت ووضع هاتفه وهو يضحك وظهر الصوت من خلفه عاليًا:
_جه الدور عليكم، تجملوا أيامكم بأيديكم..
متعيشوش في اللي فات واخلقوا ذكريات
تكون لايقة عليكم…
مش هيعدي علينا رمضان…
غير لما نزين زي زمان،
هنحافظ على اللي فات،
ونزود عليه حاجات ونديها لولادنا..
خيوط من نور تجمعنا
من كل زمان ومكان، خيوط رابطة قلوبنا
بنزين بيها رمضان وتكمل لمتنا..
بدأ العمل بحماسٍ أكبر من الجميع حيث مشاركة الصغار مع الكبار في هذا الثواب العظيم بكل حب خالص خرج من القلب للقلب الأخر، وقد وقف حينها “وئام” برفقة “طارق” ثم أمسك كلاهما فانوسًا خشبيًا صغير الحجم وهتف الأول بنبرةٍ هادئة وهو يقول:
_الفوانيس دي تحطوا منها في الشنط، واحد خشب من هنا وواحد صغير من عند “حسن” قدام، بالراحة علشان محدش يكسر حاجة وياريت محدش يكمر حاجة، خليكوا عيال متربية.
تدخل “مازن” يهتف بنبرةٍ ضاحكة:
_هنسرق في رمضان؟ طب لو ليلة العيد مشيها.
هنا تدخل “زياد” توأمه يرد خلفه:
_لأ ليلة العيد دي ليها طقوس خاصة لو سمحت، بعدين يعني يوم ما أسرق هسرق فانوس يا عمو “وئام”؟ أنا يوم ما أسرق هاخد حاجة تقيلة، حاجة تستاهل.
لاحظ “طارق” نظرته له وتلميحه المبطن فيما سأله “حسن” بنبرةٍ ضاحكة وهو يقوم بعقد الحقيبة البلاستيكية:
_ياترى هتسرق إيه بقى يا ابن “وليد”؟.
جاوبه الآخر بثباتٍ دون أن تظهر تعابيره المرحة على وجهه:
_قلب أحدهم إن شاء الله.
انتشرت الضحكات عليه وعلى مرحه فيما مالت “عبلة” على أذن زوجها وهي تهتف بيأسٍ منهم:
_أقسم بالله لو خسرت أخويا هيكون بسببك وبسبب عيالك، سكت الواد عديم الرباية اللي طالعلك دا، سكته أبوس إيدك.
هتف هو بسخريةٍ ردًا عليها:
_يعني هتخسري كاس الأمم الأفريقية؟ بعدين ماله؟ هذا الشبل من ذاك الأسد، وأخوكِ رخم بصراحة لازم حد رخم زيه، أنا عن نفسي ماليش دعوة، الواد مع خاله يعمل ما بداله.
لوت فمها بسخريةٍ فيما بدأوا الجميع في تعبئة الحقائب لتهتف “جميلة” بنبرةٍ هادئة وهي تبتسم لهم جميعًا:
_مش عاوزين ننسى إن الأعمال بالنيات وإن كلنا هنا بنعمل خير مع بعض، جددوا نوايا كتير، في الوقت والصحة والجهد لأن كل دا هنتسأل عنه، متنسوش إن إحنا هنتسأل عن وقتنا وفلوسنا وصحتنا، إحنا هنا بنجهز الشنط مع بعض ودا وقت وصحة ومجهود في سبيل الله، وفلوس خدناها من مصروفكم ودا من مالكم، وإن شاء الله رمضان يكون شهر ندخله ناس ونخرج منه ناس تانية، وافتكروا حديث سيدنا محمد حينما قال رسول الله ﷺ:
“لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ”
سكتت لثوانٍ ثم هتفت بنبرةٍ هادئة:
_عاوزين بقى طول رمضان نستغل كل دا ونجاهد بوقتنا وفلوسنا وصحتنا في سبيل الله والخير علشان نتعود على كدا، ونحاول على قد ما نقدر نلتزم بعد رمضان بكل دا علشان تكون الطاعات دي عادات لينا.
حينها سألها “فارس” بنبرةٍ حائرة:
_خالتو هو لو حد عرف الناس إن رمضان قرب كدا هيدخل الجنة والنار تحرم عليه؟ دا حديث سيدنا محمد ﷺ قاله؟..
ابتسمت هي له ثم هتفت بنبرةٍ أعربت عن حكمتها:
_بص فيه ناس بتنشر حاجات من غير ما تعرف أصلها، انتشر في الأخر حديث غلط والناس كلها ماشية وراه بس دا محصلش، لأن سيدنا محمد مقالش كدا، وهل بقى لو حد عرف الناس رمضان إمتى كدا مش هيخش النار؟ طب ما ممكن واحد يهودي يعمل كدا بس برضه مش هيدخل الجنة لأنه كفر بكتاب الله ورسوله، وحديث
” من أبلغ عبادي بشهر رمضان لن يمت حتي ابشره بالجنه ️غير صحيح”
أولا: نحن عباد لله فقط ولا يصح أن يقول رسول الله ﷺ ذلك
ثانيا : الحديث مكذوب وغير صحيح ولا وجود له في كتب السنه
واللي بينزل أي شئ بدون لا يأخذه من أهل العلم أو من مصادر موثوقة هيتحاسب والدليل قول رسول الله ﷺ:
“إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ”
_يعني مينفعش حد يكذب في كلام الله ورسوله ولو مش عارف يبقى يتأكد الأول لأن الغلط بينتشر بسرعة وكل ما انتشر بقى صعب السيطرة عليه واننا نتحكم فيه، وبالتالي الغلط هيكتر ويزيد خصوصا لو في حاجة زي دي، فعلشان كدا أول ما نشوف حاجة زي دي نتأكد منها قبل ما ننشرها لأن الذنب هيقع علينا كلنا في كل مرة ينتشر فيها الكذب دا.
أنهت حديثها وهي تبتسم لهم وكذلك هم فيما أضاف “أحمد” بنبرةٍ أعربت فخره بها وسعادته بما وصلت إليه شخصيتها:
_أقسم بالله فخر العيلة، الواحد عاوز يعملك بوستر هنا بس نخاف من “طارق” يقوم يضربنا كلنا ويكسر السطح فوق راسنا.
ابتسمت هي له ثم أخفضت رأسها بخجلٍ وحينها تلاقت نظراتها بنظرات “طارق” الذي ابتسم هو الآخر ثم لثم وجنة ابنته الصغرى وشدد ضمته لها فيما عاد الجميع إلى ما يفعل وكان المظهر الخارجي للبيت يشبه زهرة يافعة وسط حقل زهور ذابلة، البيت الوحيد المُضيء وسط الشارع المظلم، والبيت الوحيد الذي لازالت الروح به، حيث البيت المضيء والمُزين والبقية اكتسحه الظلام..
__________________________________
عودة إلى الأماكن المحببة من جديد…
في الحارة التي وقف بها الشباب استمروا في تزيين الشارع الذي ملئته الأضواء بتعامدها على الأوراق اللامعة مع صوت تحريك الهواء لها وقد تعاونوا معًا في هذا الفعل وحينها ظهر “عمار” من مقدمة الشارع وهو يحمل صغيره “عُـمير” وبجوار جهة اليمين سارت “خلود” وجهة اليسار سار “عبدالرحمن” رفيقه الذي ضحك عند رؤيته للصغار يركضون نحوه ونحو رفيقه…
حينها رد هو على تحيتهم وترحيبهم به مبتسم الوجه فيما أخذت “خلود” الصغير من على ذراع زوجها ثم ودعت البقية وصعدت للأعلى ومعها الفتيات الصغيرات عدا “جاسمين” ظلت مكانها فيما ركضن الفتيات نحو الأعلى ترحيبًا بمجيء الصغير..
وحينها وقف “يزن” ابن “ياسين” بجوار “عبدالرحمن” وهو يسأله بنبرةٍ ضاحكة:
_”عبدالرحمن” متنساش إنك هتخليني ظابط، يا كدا يا مش هتاخد فانوسك اللي ليك عندنا.
تدخلت “جاسمين” تهتف بسخريةٍ:
_هو فيه ظابط صغير كدا؟ بعدين أنتَ عاوز تكون ظابط علشان متصومش معانا صح؟.
تدخل “عمار” يسأل الجميع بنبرةٍ ضاحكة:
_هو تكليف الصيام أترفع من وزارة الداخلية؟ محدش قالي والله يا جماعة.
تدخل “ياسين” حينها بنبرةٍ ضاحكة يجاوبه:
_هو الشهادة لله المفروض وزارة الداخلية كلها تصوم طول السنة اتنين وخميس جنب شهر رمضان، وأي حاجة فيها ريحة الحكومة ودا تكفيرًا لذنوب طول السنة في الناس.
ألقى حديثه الساخر بسخطٍ فيما نظر له “خالد” وهو يسأله بمنتهى الجدية:
_قولي بقى، تحب الحلاوة سادة ولا بمكسرات؟.
ضحك البقية عليهم وحينها هتف “يونس” يمازحه:
_علينا إحنا دي، حتى تتخصم من المواسم بعد كدا.
ألقى جملته وهو يغمز لـ “ياسين” الذي خطفه من تلابيبه وهو يتوعده بقولهِ:
_شكلك مش هتلحق تجيبها، عارف ليه؟ علشان هتلاقيهم بيوزعوا قرص على روح المرحوم يا ابن “خالد”.
في الأعلى صعدت “خلود” للفتيات تجلس معهن برفقة شقيقتها وقد وجدت معها “إيمان” و “ريهام” وحينها زادت الجلسة سعادة وضحكات مرحة تبعها قول “خلود” بنبرةٍ حائرة:
_والله ضحكتوني أوي وأنا من ساعة ما خلفت مش عارفة أضحك، خلقي بقى ضيق أوي ومش طايقة حد، حاسة نفسي حياتي بتتغير، هو دا اكتئاب ما بعد الولادة؟ أنا عاوزة أصرخ على حياتي اللي اتقلبت دي، أنا اللي جيبته لنفسي وحبيت وأتجوزت، مخي كان فين؟.
تدخلت “خديجة” تجاوبها بنبرةٍ ساخرة:
_كان في راسك يا سكر، بعدين مش دا اللي كنتي هتموتي وتشيليه؟ وعاوزة تحسي إحساس الأمومة؟ أهو يا حبيبتي اديكي بتحسي أهو، حسي بالجامد علشان كلنا جربنا المرار دا هنا.
ضيقت “خلود” جفونها فيما صدح صوت هاتف “خديجة” التي سحبته وهي تجاوب بنبرةٍ حماسية:
_أيوة يا “هند”؟ عاملة إيه كل سنة وأنتِ طيبة.
وصلها الحديث من رفيقتها واستمعت لها وحينها تابعت هي المكالمة ثم هتفت بنبرةٍ هادئة:
_تمام يا “هند” هأكد عليكِ برضه، وهشوف “فاطمة” وأكلمها وأرد عليكي وآكد اللي عاوزاه، ربنا ييسر.
أغلقت معها المكالمة فيما سألتها “ريهام” عن المكالمة وحينها جاوبت هي بنبرة هادئة:
_دول صحابي المتطوعين في الجمعية اللي بروحها “هند” وفيه بنوتة كمان بحبها اسمها “فاطمة رضا” وبنقولها “توتا” الاتنين بيسألوني هروح معاهم قبل رمضان ولا لأ، بس أنا هشوف البيت الأول والعيال لو عرفت هاخدهم يوم ونروح وأهو يتعلموا حاجة جديدة ويكون يوم لله، يقدروا فيه النعم اللي عندهم.
لاحظت “خلود” حديثها وحينها اندفعت تسألها بنبرةٍ حماسية:
_ينفع آجي معاكم؟ وآخد “عمار” كمان؟.
ابتسمت لها “خديجة” وهي تقول بنبرةٍ هادئة مرحبة بهذه الفكرة بحماسٍ شديد:
_ياريت وأهو برضه تقدري النعم اللي عندك بدل الجحود دا.
هتفت جملتها بنبرةٍ ضاحكة جعلت الجميع يضحك عليها فيما فكرت “خلود” بحماس في هذه الفكرة الأكثر من رائعة لعلها بذلك تحاول التخلص من الاكتئاب المزمن الذي شارف على استوطان حياتها لعل هذا الفعل البسيط يحمل خلفه الكثير..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رمضان كريم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى