روايات

رواية رحمه تقي الفصل الخامس عشر 15 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الفصل الخامس عشر 15 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الجزء الخامس عشر

رواية رحمه تقي البارت الخامس عشر

رواية رحمه تقي الحلقة الخامسة عشر

ساعدت رحمه رُبىٰ ووالدتها فى ترتيب البيت وتنظيفه ووضع أغراضهم فى مكانها .. كما أعدت كريمه لهم وجبة غداء فاخرة .. وصنعت لهم قالب من الكيك .. حضرت أيضًا بعض العصائر الطازجة .. في المساء جلست رحمه و رُبىٰ فى غرفة الأخيرة يتحدثون تقص كل منهم إلى الأخرى ما حدث معها
حين أنتهت رُبىٰ من سرد كل ما حدث من غازي صفقت رحمه بسعاده و هي تقول
-أيوه بقى يا أبن عمي يا جامد
ثم رفعت أصبعها و هي تقول
-رجلاً .. رجلاً و الرجال قليل
لتبتسم رُبىٰ بسعاده و هي تقول بحب
-حقيقي هو راجل و سيد الرجاله كمان
لترفع رحمه ذراعيها على شكل آلة الكمان و بدأت فى إصدار بعض الأصوات الموسيقيه لتضربها رُبىٰ على كتفها ببعض اللوم المصطنع .. ثم أقتربت منها قليلاً و قالت
-وأنتِ بقى يا حلوة .. أيه ؟
-أيه ؟
رددت رحمه ببعض المرح لترفع رُبىٰ حاجبيها بتحزير لترفع رحمه يديها باستسلام و قصت كل ما حدث و على وجهها إبتسامة رقيقة سعيدة لتقول رُبىٰ بمرح
-أنتِ وقعتي و لا الهوا إللى رماكي
-الهوا إللى جبني على بوزي
اجابتها رحمه بهيام ثم أنتبهت لنفسها و قالت
-صوته يا بت يا رورو و هو بيقرأ القرآن هو إللى جابني .. حلمت إني بصلي وراه و بسمعه كل يوم و هو بيقرأ عايزه كده أعمل زي ما بيعملوا فى الروايات نصلي الفجر و يسبح على أيدي علشان ناخد الثواب سوا .
كانت رُبى تضع يديها أسفل ذقنها تنظر إلى رحمه بهيام و إبتسامة بلهاء ترتسم على وجهها لتكمل رحمه دون أن تنتبه لصديقتها او إلى حالتها
-دقنه يا بت يا رورو .. و لا عنيه يا لهوى
لتضربها رُبىٰ على قدميها بقوة للتئوه رحمه و هي تنظر إليها باندهاش لتقول بغضب مصطنع
-أيه إللى أنتِ بتقوليه ده يا هانم حرام يا ماما .. لما يبقى زوجك و قرة عينك أبقى أتغزلي فيه يا آنسه
لتضحك رحمه بصوت عالى و قالت وهى تضم يديها الأثنان إلى صدرها
-هيبقى ان شاء الله
لكنها عادت لتصمت و ظهر على ملامحها التفكير و القلق لتقول رُبىٰ باستفهام
-مالك يا رحمه ؟
نظرت لها رحمه و قالت ببعض الخوف
-تفتكري أيه الماضي إللى عنده .. و ليه أول حاجة قالها ليا و ليه كانت عيونه كلها خوف
ظلت رُبىٰ تنظر إلى صديقتها بصمت لا تعلم ماذا تقول لها .. فهو حقاً أمر غريب أحين يحضر شخص لخطبة فتاة و من الواضح أنه معجب بها بشده .. تكون أول كلماته لها أن لديه ماضي لكنها أرادت أن تطمئنها فقالت
-يمكن يعني كان له علاقات مع بنات قبل ما ربنا يتوب عليه .. و خايف لا ربنا يعاقبه فيكي
-تفتكري ؟!
قالتها رحمه برجاء لتومئ رُبىٰ بنعم و قالت
-أكيد مفيش غير كده
لتقول رحمه برجاء
-يارب يا رُبىٰ يارب
***********************
دلف ماهر إلى غرفة والديه يحاوط كتف والدته التى مازالت على حالة الصدمه و عدم التصديق مما حدث معها .. اليوم خسرت كل شيء .. لم يبقى لها من كل ما كانت تريده و تسعى إليه سوا الهواء .. وصلت إلى نهاية الطريق بيد خاوية .. زوجها الذي كان يتمنى رضاها أصبح الأن يتجرأ عليها و صفعها مره و اليوم ضربها بالعصى .. و إبنها الكبير و الذى أصبح كبير العائلة بسبب هيبته .. و شخصيته القوية .. من كانت تشد ظهرها به .. و تتفاخر بأنه و رغم أن الجميع يسير حسب رغباته و أوامره .. إلا أنه يسير خلفها و يستشيرها فى كل شيء .. الأن يقف فى وجهها يصرخ بأسم تلك الفتاة التى تزوجها .. و يخبرها أنها خط أحمر .. و ممنوع الأقتراب منها .. و صغيرها الذي كان منذ يومين فقط يمسك بطرف ثوبها يتمنى رضاها .. يسعى أن يكون المقرب منها .. الأن يقوم بما يريد دون أن يعود إليها … يغلق الأبواب التي ظلت طوال تلك السنوات تسعى أن تظل مفتوحه .. هل يظن أنها لم تشعر بحبه لرحمه ..هل يظن أن زواجه من سعاده كان فقط لمجرد أنها من عائلة كبيرة .. لا كان زواجه من سعاده .. حاجز الأمان الذى لا يستطيع تخطيه و العبور إلى رحمه في الجهه الأخرى .. هل الأن عليها تقبل رحمه إبنة عبدالرحمن زوجة لأبنها .
خرجت من أفكارها على صوت ماهر الجالس أرضاً أسفل قدميها ينظر إليها بقلق
-أمي أنتِ كويسه ؟
نظرت إليه بغضب شديد خاصة مع إنضمام حاجبيها .. و تلك النيران المشتعله داخل عينيها .. أبعدت يده المستريحه فوق ركبتها و قالت
-أخرج بره .. لا أنت إبني و لا أعرفك .. أخرج بره قلبي غضبان عليك أنت و أخوك ليوم الدين .
ظل ينظر إليها بصدمه .. و حزن .. فرغم كل شيء هي أمه .. لا يحب أن يغضبها أو أن تكون على هذا الوضع لكن والدته دفعت يده بقوة ليسقط أرضاً و هو ينظر لها بأندهاش و هي تكمل كلماتها
-أمشي بره .. أنا مش عايزه أشوف وشك تاني .. من النهارده ملكش أم .. من النهارده كلمه أمي دي مش عايزه أسمعها منك .. أطلع بره .. أطلع بره أنا مبقاش عندي ولاد .. عليه العوض و منه العوض .. عليه العوض و منه العوض في عمري إللى ضاع عليكم .
وقف ماهر و هو يشعر بحزن شديد ألم قوي داخل صدره .. نار حارقه تلتهم قلبه و دمائه .. هل لأنه و لأول مره يفكر فيما يريد .. يفكر أن يسعد نفسه يكون هذا ما يواجهه غضب والدته .. أن تخرجه من جنتها .. لكنه لم يحتمل أن يظل أكثر فى الغرفة و كلماتها التى تشبه النصال الحاده تشق قلبه بلا رحمه
لكن ما جعل تلك الدمعه تغادر عينيه .. حين وصله صوتها و هي تدعوا الله عليه و على أخيه و أبيه .. منذ متى و والدته داخلها كل هذا الحقد و الغضب تجاهه و تجاه أخيه ووالده .. كيف أستطاعت أن تدعوا بتلك الدعوات على أولادها و زوجها الذى لم ترى منه طوال حياتها إلا كل خير
غادر الغرفة و أغلق الباب ليجد والده يقترب منه ليتوجه إليه سريعاً و قال
-بقولك أيه يا حج .. تعال أقعد الليله دي معايا فى الأوضة .. سيبها هي ترتاح
لينظر راضي إلى ولده ببعض الشك و قال
-هي إللى قالتلك كده
-لا و الله .. أنا بس سايبها فى حالة عصبية صعبه أوى .. مش عايزين المواضيع تكبر أكتر من كده .. علشان خاطري
إجابه ماهر سريعاً محاولاً بكل الطرق جعل والده يستجيب لكلماته .. ليومئ راضي بنعم و سار عائداً مع ماهر إلى غرفة الأخير .. هو بالأساس كان يحمل هم تلك الليلة .. و ما كان سيحدث بينهم .. أخذ نفس عميق و هو يشكر ماهر فى سره .. و يقول لنفسه (( الحمد لله لقد كفى الله المؤمنين شر القتال ))
*************************
في صباح اليوم التالي .. كان كل من غازي و والده يجلسان فى المجعد الكبير .. يراجعوا كل الأوراق الخاصة بالشراكة مع عبد السميع .. و يبحثون جيداً كيف سينهون الأمر دون خسائر كبيرة
-​كل ده فعل أمك .. أنا عارفها و عارف خالك .. دماغه متجبهوش يفك الشراكة معانا .. ده مُنى عينه الراحه
قال راضي بضيق شديد .. ليقول غازي بهدوء رغم أنه يشعر بنفس الضيق .. و الخسارة ستكون قاسمه
-​خلينا نخلص من الموضوع ده .. و أنا هتصل بعمي و أفهمه
-​لأ
قالها راضي سريعاً .. ثم أخفض صوته و قال
-​أنت ناسي أنه تعبان و الظروف إللى حكى عليها .. مش عايزينه يشيل الهم .. عمك عيان ليزعل و الجلطه ترد عليه تاني
أومئ غازي بنعم وعلى وجهه الإدراك يرتسم ثم قال
-​خير ان شاء الله … نخلص حكايه خالي و مشوار سعاده .. و ربنا كريم
طرقات على باب المجعد و دخل ماهر و هو يقول
-​أمي بتلم هدومها .. وقالت لما خالي يجي هتمشي معاه علشان عايزه تطلق
أراح راضي رأسه على عصاته … و لم يعلق و لكن غازي وقف و هو يقول بغضب
-​طلاق أيه ؟ لا حول و لا قوة إلا بالله
ثم وقف و هو يكمل
-​أنا هطلع لها
-​لأ
قالها راضي بصوت قاطع لينظر إليه الأثنان بأهتمام
-​أنا إللى هطلع لها .. كده الموضوع بيني أنا وهي و بس .. محدش منكم يدخل
و غادر المجعد بتثاقل .. يعلم أن كرامتها فوق كل شي و وقوف ولديها أمامها .. و خروج الأمور التى كانت تسيرها كما تشاء أو كما كانت تظن أنها تسيرها عن سيطرتها أمر ليس بالهين أبدا .. ليشعر ماهر بالشفقه على والده .. و أيضاً يشعر بخوف من رد فعل والدته فهو الوحيد الذي سمع حديثها .. بالأمس و دعواتها
أما غازي فعاد ليجلس مكانه و الهم يتصاعد و يتراكم فوق كتفيه و المسؤلية
أغمض عينيه لثواني و أخرج هاتفه يتصل بها .. عله يجد معها بعض الهدوء و التشجيع لأستكمال كل تلك المصائب و ما يمر به
******************
جلس على إحدى الكراسي الموجودة فى حديقة المنزل ببعض الأسترخاء
و أخرج هاتفه ليتصل بها كان من المفترض أن يتصل بها بالأمس و لكن ما حدث جعله ينسى ذلك و أيضاً إرهاق اليوم و كل ما مر به من أمور تضغط على الأعصاب و توتره جعله حين لمس السرير سقط فى النوم مباشرة
و حين أستيقظ وجد والده غارق فى الهم بسبب إنهاء الشراكة و الأن رغبة والدته فى الطلاق
وصله صوتها الناعس ليبتسم براحه و هو يقول
– صباح الخير يا حبيبتي
– صباح الخير
قالتها بخجل لتتسع إبتسامته و هو يقول بحب
– وحشتيني أوى … بجد مش قادر أصدق إنك بقيتي خلاص مراتي
لم يتلقى منها أي رد لكنه يستمع إلى صوت أنفاسها و ذلك جعله يسترخي أكثر فى جلسته و أكمل قائلاً
– كان المفروض أتصل بيكي إمبارح بس حقك عليا كنت راجع تعبان جداً و جيت كمان لقيت أخويا عنده مشكله مع مراته و أنشغلت معاه
– يا خبر ان شاء الله تكون مشكلة صغيرة و تقدر تصالحهم
أجابته بخجل واضح و صوت مرتعش ليقول هو بابتسامة صغيرة
– سيبك منهم بقولك وحشتيني يا رُبىٰ
عادت إلى صمتها من جديد ليقطب جبينه ببعض المرح الذي يرتسم على وجهه وقال
– هو أنتِ يا بنتي متجوزاني غصب
لتضحك بصوت مكتوم ليكمل هو كلماته الغاضبه
– مفيش كلمه حلوة مفيش ضحكة رقيعة أنا جوزك يا بنتي و الله و حلال حلال حلال
لتضحك بصوت عالي ليقول هو بمرح و سعادة
– اللهم صل على النبي … أيوه يا كده أفتحي الشبابيك و البيبان و خلي شمس ربنا تطلع و تنور حياتي …. يا حيااااتي
لتعود و تضحك من جديد حين دلفت والدتها و هي تقول
– صحيتي يا رُبىٰ ؟
لتغلق رُبىٰ الهاتف سريعاً بخجل لينظر غازي إلى الهاتف بزهول و هو يقول
– المجنونه قفلت في وشي السكه هو أنا بكلمها من ورى أهلها … صبرني يارب
قالها بصوت عالي و هو يعيد الإتصال بها
فى تلك اللحظة كانت رُبىٰ تجلس على السرير تنظر إلى والدتها بقلق دون أن ترد عليها و على كلماتها حين علا صوت هاتفها من جديد لتنظر إلى الإسم و يتلون وجهها باللون الأحمر من كثرة الخجل و الخوف لتقف لمياء أمامها و قالت باستفهام
– أنتِ مش سامعه التليفون ؟
فتحت فمها لتجيب والدتها لكنها من كثرة الخوف لم تستطع لتقول لمياء من جديد و هي تمد يدها تمسك الهاتف ترى من يتصل
– ده غازي ما تردي يا بنتي على جوزك
و تركتها و غادرت … و عيون رُبىٰ تلاحقها باندهاش و قالت بعد عده ثواني
– أمي أنحرفت … عادي كده تسيبني أكلم رجاله
و لم تكن تنتبه أنها قد أجابت بالفعل على غازي الذي أستمع إلى حديثها ليقول بصوت عالي
– رجالة مين يا هبله أنا جوزك … جوزك أنتِ فاهمه يعني أيه جوزك
– انت بتزعقلي
قالتها بصوت شبه باكي ليقول هو بهدوء
– و أنا أقدر …. وحشتيني
لتضحك تلك المره بصوت عالي لتتسع إبتسامته و هو يستمع إلى ضحكتها و حديثها و تبريرها لخجلها و ظل يتحدث معها أكثر من نصف ساعة دون أن يشعر بالوقت و دون أن يفكر فيما يفعل والده فوق مع والدته و كيف سينتهي الأمر
********************
وقف راضي أمام باب الغرفة لعدة دقائق ينظر إليه و هو يتذكر سنوات زواجه التى تخطت الخمس و ثلاثون .. كل يوم كان يرى جبروت ريحانه يزداد و يرتفع .. يخرج عن السيطرة و التحكم و لكنه لم يحرك ساكناً… معتقداً أنها لن تتخطى الحدود الحمراء و الأصول فى التعامل معه .. لكنها الأن أصبحت كشخص كاسر .. لا يستطيع أحد الوقوف أمامه .. لذلك لابد من إنهاء الأمر .. لابد من عودة كل شيء لطبيعته و لابد لها أن تعلم أن للبيت كبير واحد و رجل واحد فقط و مؤكد ليس هي
فتح الباب و دلف ليجدها تجلس على السرير تعطيه ظهرها تخرج بعض الأغراض من درج الكومود .. و من حركتها يبدوا عليها العصبية الشديدة
أغلق الباب بقوة .. لتلتفت إليه تنظر له بغضب شديد .. لكنها تجاهلته و عادت من جديد تخرج الأغراض .. ما تريده تضعه جانبها و ما لا تريده تلقيه أرضا .. ليلاحظ أن الغرفة بأكملها مليئه بالأغراض الملقاه فى جميع الأتجاهات ومنها أغراضه الشخصية .. و ملابسه .. أقترب منها قليلاً و قال بصوت قوي
-محتاجين نتكلم يا ريحانه
وقفت يدها عما كانت تقوم به .. لعدة ثواني و لكنها تجاهلته من جديد .. و كأنها لم تسمعه من الأساس .. ولكنها كانت تلقي الأغراض بعصبيه شديدة .. ليقول من جديد
-ريحانه لازم نتكلم
لتقف تنظر إليه بغضب وجهها عليه تعابير بغيضه .. غضب و حقد و كره كبير و كأن التي تقف أمامه الأن ليست تلك السيدة التى عاشت معه سنوات عمره كامله .. و حين تحدثت كانت النهاية مع كلماتها القاسية و التي تحمل الكثير من الإهانة
-نتكلم في أيه ؟ مبقاش في بينا كلام .. أنت هطلقني .. علشان أنا ميشرفنيش أعيش مع راجل دلدول زيك .. لو راجل طلقني
ليرفع يديه و صفعها بقوة على وجنتها .. لتصرخ من الألم و المفاجئة .. و أقترب منها يمسكها من خصلات شعرها و سار بها خارج الغرفة .. قوة لا يعلم من أين أتت له .. حتى هي من الصدمه لم تستطع أن تقاومه أو تبتعد عنه .. كان يسير بها في إتجاه السلم و هو يقول
-الست إللى متحترمش جوزها … و شيفاه دلدول .. يبقى ما تستاهلش تقعد فى بيته دقيقه واحده .
كان ينزل بها درجات السلم و هي تصرخ ليقف ماهر سريعاً ينظر لما يحدث بصدمه في نفس الوقت الذى دلف غازي فيها من الباب بعد أن أنهى مكالمته الهاتفيه … لتجحظ عيناه بصدمه و ركض سريعاً فى إتجاه والديه حين وصل راضي إلى آخر السلم و دفع ريحانه بقوة ليمسكها غازي قبل أن تسقط أرضاً
-أنتِ طالق يا ريحانه .. طالق .
صمت لثواني أمام نظرات الجميع الزاهله و المصدومه .. ليكمل كلماته الغاضبه
-بره بيتي .. ملكيش فيه مكان .. بره
و تركهم و عاد صاعداً إلى الأعلى .. يستند على ترابزين السلم فلقد ترك عصاته فوق .. و من الأساس لم يعد يرى جيداً .. عيونه ممتلئه بالدموع .. ليست دموع الضعف .. لكن أن يجد فجأة سنوات عمره بأكملها قد ذهبت دون فائدة .. وفي الهواء و رفيقة دربه و حياته تراه بتلك الصوره المهينه .. و بعد كل تلك السنوات تقف أمامه و تقول له تلك الكلمات الجارحه لا تحترمه و تراه شخص ضعيف و حين وضع قدمه على أخر درجات السلم سقط أرضاً ليركض إليه ماهر سريعاً و هو ينظر إلى أخيه بحيره بين والدته التى خرجت من المنزل بتلك الهيئه و بين والدهم الذي سقط أرضاً مغشي عليه
********************
في إحدى المستشفيات كان مرسي يجلس على إحدى الكراسي الموجوده فى الممر الطويل .. أمام غرفه إبنه الذى فى حاله يرثى لها .. يضع رأسه بين يديه بهم أنه يشعر بالخوف من ردة فعل غازي لذلك حين حضرت الشرطة أخبرهم أنه لا يعرف من فعل هذا بأبنه و لا يهتم للأمر ما يهمه الأن هو أن يطيب إبنه و يعود كما كان
رفع رأسه ليضرب بيديه فوق فخذيه بخوف حقيقي .. من أين يأتي لربى بالمال و حقها فى الميراث .. إن كل شيء متداخل .. و إذا فكر فى البيع خسر هو كل شيء .. رفع عيونه إلى الأعلى والرعب يرتسم في ملامحه فكل الطرق تؤدي إلى الخسارة المؤكدة
******************
بعد أكثر من ربع ساعه خرج الطبيب من غرفة ماهر الذى نقلوه فيها هي الأقرب إلى السلم و أيضاً لا يعلمون ماذا داخل غرفة والديهم بعد تلك الأزمه الكبيرة .. كان عبد السميع يتصل بغازي كل دقيقة و أخرى و لكنه لم يستطع الرد عليه إلا بعد أن يطمئن على والده
-الضغط عالى جداً .. بس الحمد لله لحقنا الحكاية أنا أديته حقنه و ركبت محلول .. و ان شاء الله هيكون بخير .. بس مش عايزين أي حاجة تضايقه أو أي ضغط نفسي
وكتب بعض الوصفات الطبية و أعطاها لماهر الذي ظل صامت طوال ذلك الوقت يشعر بالذنب و أنه هو سبب ما يحدث الأن لولا عصيانه .. و خروجه عن طوع والدته لما وصلت الأمور إلى هنا .. غادر الطبيب بعد أن طلب من غازي إرسال ممرضه لتهتم بوالده .. بسبب غياب والدته .. و بداخله كان يفكر أن عليه الذهاب إلى بيت الحج متولي .. و أيضاً الذهاب إلى منزل خاله .. ليرى والدته و يحاول أن ينهي الأمر بشكل لائق بوالديه و به
أقترب من غازي و قال بهدوء قدر أستطاعته
-الأمور بتخرج عن السيطرة يا ماهر و لازم نلمها .. الموضوع مبقاش ينفع فيه تأجيل
نظر إليه ماهر و قال
-هنعمل أيه ؟
-أول ما الممرضه توصل .. هنروح على بيت خالك علشان نلم الحكاية .. و بعدين نروح على بيت الحج متولي نخلص موضوعك أنت و سعاده
قال غازي بتفكير .. ثم عاد ينظر إلى ماهر وقال
-قرار طلاقك أنت و سعاده ده نهائي يا ماهر
أومئ ماهر بنعم و قال
-بصرف النظر عن كل حاجة .. سعاده تستاهل راجل يحبها و يقدرها .. يفرش لها الأرض ورد تحت رجليها .. يحترمها قبل كل حاجة
يعلم غازي جيداً صدق كلمات أخيه .. و يعلم أنه محق في هذا .. هو لم يستطع أن يحبها رغم حبها الكبير له .. و لذلك بالفعل هذا هو الحل الأمثل
*******************
تجلس في غرفتها على تلك الأريكة .. أسفل النافذة التى تطل على الأرض الزراعية الواسعة خلف سور بيتهم الكبير .. تضع يديها أسفل ذقنها .. تفكر فى كل ما حدث معها .. و كيف لعبت معها الحياة تلك اللعبة الكبيرة .. نظرت إلى ولديها يلعبان أرضاً بهدوء كما أعتادا .. أبتسمت ببعض الحزن و عادت تنظر إلى الأرض الزراعية من جديد و لكن تلك المره لاحظت جلوس والدها مع إبن عمها غيث .. ذلك الشاب الذى أصبح كبير العائلة بعد وفاة والده و تنازل والدها بسبب مرضه .. فإدارة أمور العائلة تحتاج إلى شاب قوي قادر على الأهتمام بكل الأمور .. و يستطيع متابعة الأعمال كلها بنفس الدرجة
عاد عقلها إلى ذلك اليوم الذي تقدم فيه غيث لخطبتها .. و لكنها رفضته .. و بعد زواجها بماهر تزوج هو من إبنة أحد الأقارب .. و لكن لم يستمر زواجهم كثيراً بسبب عدم الإنجاب .. و بداء كل الناس فى الحديث عن كونه لا ينجب و لذلك هي تركته .. لكنه أبدا لم يهتم بكل تلك الأحاديث .. لذلك صمت الجميع .. إلا من بعض الأحاديث الجانبيه التى تحدث بين النساء
طرقات على باب غرفتها أخرجتها من أفكارها .. ثم دخول والدته بوجهها الحاني المبتسم بطبيعته تقول بحب
-قاعده لوحدك ليه يا سعاده
-إلا يا أمي أنت ليه سمتيني سعاده ؟
سألتها سعاده مباشرة و كأن السؤال كان يلح عليها بشكل لم تستطع معه صبراً ألا تسأله
لتضحك الحجة راضيه و هي تقول
-علشان أنتِ كل السعاده يوم ما ربنا رزقني بيكي
رفعت سعاده حاجبيها و قالت ببعض شك
-أنتِ متأكدة يا أمي ؟
جلست الحجه راضيه بجوار إبنتها بعد أن داعبت أحفادها قليلاً و قالت
-أيوه طبعاً .. أصل يوميها أبوكي كان ناوي يروح يخطب .. علشان أبوه حلف عليه أني لو مخلفتش يتجوز عليا .. يوميها من كل الخوف و الزعل مبطلتش عياط .. و أبوكي بيلبس و خارج .. وقف قدامي يقولي حقك عليا يا راضيه .. و الله غصب عني .. و أنا مكنتش سمعاه أصلاً .. و قبل ما يخرج من الأوضة كنت أنا مغمي عليا
لتضحك ببعض الخجل و أكملت قائله
-لغي المعاد .. و جاب الدكتور إللى قاله إني حامل .. أبوكي وقتها وقف يرقص ولا كأنه فى فرحه
كانت سعاده تضع يديها أسفل ذقنها تستمع إلى والدتها بتركيز شديد و على وجهها إبتسامة صغيرة حين أكملت راضيه قائله
-ساعتها قالي لو ولد هسميه سعيد و لو بنت سعاده .. و ربنا رزقنا بالسعاده .. و جدك مات بعد ما أتولدتي بسنه .. علشان كده أبوكي متجوزش عليا .. عرفتي بقى إنك كل السعاده
لتضحك سعاده بصوت عالى و هي تقول
-أنا جيت مصلحه ليكي يعني .. اااه أنتِ سعيدة أنا مالي بقى .. و بعدين أسمى مش لايق عليا يا أمي
لتقترب الحجه راضيه من إبنتها وقالت بأبتسامة حانية
-مين قال كده لكل إنسان من إسمه نصيب .. و أنتِ نصيبك من إسمك موجود يا بنتي في ولادك و في حياتك إللى جايه
لوت سعاده فمها و هي تقول
-هو لسه في حياة جاية .. ماهر قتل كل حاجة حلوة جوايا
لتربت الحجه راضيه على قدم إبنتها بحنان و من داخلها تدعوا الله لها بالسعاده و راحه البال و إن يرزقها الخير بزوج يقدر قلبها الطيب .. و جمال روحها قبل وجهها
***********************
يستمع لكلمات عمه بتركيز شديد و رغم أن قلبه يرقص الأن بسعادة و فرح إلا أن وجهه لا يظهر أي شيء .. فهو الأن كبير العائلة .. ووقاره من الأمور الواجبه لكنه لو كان يستطيع لوقف الأن يحطب بالعصا … و صعد فوق حصانه يرقص بسعادة
قد أصبحت سعاده الأن حره .. هل يمني نفسه بقربها .. أم سيظل ماهر عقبه فى طريقة .. إنتبه من أفكاره على صوت عمه و هو يقول
-هو وعد وانا بثق فيه
-وانا موجود يا عمي ومش هسمح ان اي حاجه تحصل عكس اللي انتوا عايزينه
قالها غيث بثبات وقوه ليربت متولي على كتف إبن أخيه بموده و قال
-كتر خيرك يا ابني .. راجل بجد و على حق .
وقف غيث و عدل عبائته فوق كتفه و قال
-أنا هروح أطل على الأرض .. و هكون موجود لما يوصلوا ان شاء الله
-ان شاء الله
قالها متولي و هو يمد يديه لإبن أخيه بسلام .. و تحرك غيث ليغادر لكنه قبل ذلك رفع عينيه إلى نافذتها و بداخله يمني نفسه بقرب تحقيق الحلم الذي تمناه كثيراً و لسنوات .. و الذي بسببه حرم نفسه من الأولاد .. و قبل على رجولته تلك الكلمات الجارحه التي يسمعها تهمس في الخفاء .. و من خلف ظهره .. و لكن كله من أجلها يهون

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحمه تقي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى