روايات

رواية رحمه تقي الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الجزء الحادي والعشرون

رواية رحمه تقي البارت الحادي والعشرون

رواية رحمه تقي الحلقة الحادية والعشرون

الفصل الحادي و العشرون من رحمه تَقِي
ترجلت من السيارة و هي تصرخ بصوت عالى و خلعت حذائها الآخر و ألقته على الحارث و هي تقول
– أفتح الباب يا حيوان ده بيتي و بيت أبويا
ليركض الحارس و أختبىء داخل غرفته و أغلق الباب و وضع خلفه الأريكة الخشبية الكبيرة و جلس فوقها و هو يقول
– مقدرتش على الحمار جايه تتشطر على البردعه
ظلت تضرب الباب بقوة و غضب و هي تصرخ ثم توجهت إلى البوابه المقفوله بقفل كبير و كأنها خاليه من سكانها و ظلت تنادي على عبد السميع و تسبه بأقذر الألفاظ و تتوعده أن تنتقم منه شر إنتقام
و لكن و كأنها تتصارع مع الرياح لم تجد أحد يرد عليها لتعود إلى السيارة بعد إرتدائها الحذاء و أمرت السائق بالذهاب إلى المستشفى
~~~~~~~~~~~~
بعد مرور يومان كان عبدالرحمن علم كل ما حدث من ريحانه خاصة حين حضرت إلى المستشفى في ذلك اليوم حمد الله أن تَقِي قد غادر المستشفى ليحضر بعض الأشياء
حين حضرت ريحانه إلى المستشفى و حين لم تجد غازي نظرت إلى عبد الرحمن و قالت بغضب
– أنت السبب أنت الملاك البرىء إللى قادر تدحلب لأي حد زي الحيه تخرب الدنيا و تحقق إللى أنت عايزه من غير ما حد يحس مش كده
أقتربت كريمه و رحمه من عبد الرحمن حاوطاه و هم ينظران لريحان باندهاش و صدمه و أبتعدت رُبىٰ و لمياء قليلاً
و وقفت سعاده ، ووالدها و غيث يشاهدان ما يحدث بصدمه كبيرة
حين قال عبدالرحمن ببعض الغضب
– أيه إللى أنتِ بتقوليه ده يا مرات أخويا … عيب أوى كده
– عيب و أنت و بنتك و مراتك تعرفوا العيب
قالتها بصوت عالي و غضب كبير و صوت أصطكاك أسنانها يصل إلى الجميع
و أكملت من بين أسنانها
– فاكر يوم ما كان راضي بيقولك أنه عايز يتجوزني و أنت قولتله لأ … فاكر مش نسياها ليك يا عبدالرحمن و لا عمري هنساها ليك
ليقطب جبينه بحيره و قال و بصدمه
– يااااااه على سواد قلبك و هو كلامى وقتها فرق مع راضي ما أنتوا أتجوزتوا في أيه لده كله يا ريحانه أيه إللى حصل يخليكى تعملي كده فى ولادك و جوزك
لتضحك بصوت عالي و بدأت تزداد عصبيه و غضب و صوتها يعلوا أكثر حتى أجتمع بعض الممرضات و الدكاتره اللذين يشاهدون حالتها و يحللونها بينهم و هي تصرخ فى الجميع بهستيريا … تقف أمام سعاده تحاول التقليل منها لكنها وجدت غيث يقف بينهم يخبىء سعاده خلفه وينظر إليها بشر تراجعت لتقف أمام رحمه و قالت من بين أسنانها
– لو فاكره أن إبني بعد مطلق مراته هيتجوزك تبقي غلطانه
لتشهق بصدمه و هي تنظر إلى سعاده بزهول الأن قد فهمت سبب صمتها و نظراتها إليها وقت ذهبت إليها و تحدثت معها
لاحظ الأطباء طريقتها الغير سوية فى الحديث حتى خطواتها و طريقة سيرها و حركات يديها فتحرك أحدهم و همس إلى إحدى الممرضات بشىء ما تحركت من فورها تنفذه
و بعد عدة ثواني كانت ريحانه نائمه فوق السرير النقال متوجه إلى إحدى الغرف حين وقف الطبيب أمام عبد الرحمن يسأله بعض الأسئلة
أنزوت سعاده فى إحدى الأركان البعيده
عاد عبدالرحمن من أفكاره .. وهو يفكر فيما حدث بعد ذلك .. حين أقتربت رحمه من سعاده ووقفت سعاده تنظر إليها بترقب .. لتقول رحمه سريعاً
-أنتِ بجد إنسانه محترمه و أخلاقك عاليه .. رغم إنفصالك عنه إلا إنك جيتي و مستنيه تطمني عليه
شعرت سعاده بالصدمه من كلمات رحمه .. و لم تستطيع الرد لعدة ثواني ثم قالت ببعض التوتر
-ماهر عشره سنين و أبو ولادي و كان في بينا عشره طيبه وموده
أبتسمت رحمه من وراء نقابها .. و مدت يدها تمسك يد سعاده و قالت بصدق
-أنا بجد فخوره بيكي .. بس معلش عندي سؤال لو ممكن تجاوبيني عليه
أومئت سعاده بنعم و قلبها يرتعش خوفاً من أن تسألها تفسير كلمات ريحانه .. لتقول رحمه
-هي مرات عمي كانت تقصد أيه بكلمها ليا ؟
-معرفش يا رحمه .. هي بتقول كلام كتير .. و بتشوف الموضوع من وجهة نظرها هي و زي ما هي عايزه تمشي المواضيع
أجابتها سعاده سريعاً .. بنصف الحقيقه و أخفت الجزء الآخر منها حتى لا تثير الجدل حول ماهر و هو في تلك الحاله .. أو تسبب حرج فى تعاملهم معه خاصه و لم يبقى له الأن إلا هم .
إنتبه من أفكاره على صوت الطبيب الذي غادر غرفة غازي و هو يبتسم وقال بشكل مباشر
الحمد لله .. أستاذ غازي بقى كويس جدا وعايز يشوف مراته
ركضت رُبىٰ حتى تدخل إليه ليوقها عبد الرحمن و هو يقول
-أوعى تتكلمي معاه فى أي حاجه من إللى حصلت خليه بس يقوم بالسلامه و بعدين نحكي ليه كل إللى حصل
أومئت بنعم و قالت بخفوت
-متقلقش
و تحركت لتدخل إليه .. حين شعر بها إبتسم بسعادة و هو ينظر إليها بحب و مد يده لها و قال
-وحشتيني اوي
ركضت إليه و جثت على ركبتيا جوار السرير و أمسكت يده و هي تقول
-حمدالله على سلامتك يا غازي .. وحشتني اوى و خوفتني عليك اوي اوي
-حقك عليا … بس بجد إللى حصل اليومين إللى فاتوا دول يهدوا جبال .. مش غازي بس
أجابها بحب و صدق .. و ألم قوي يسكن عينيه لتقبل يديه و هي تقول
-أنا جمبك يا غازي .. شاركني وجعك و ألمك .. شاركني مشاكلك و حملك التقيل نشيله مع بعض
ليرفع يديها إلى فمه يقبلها بحب و قال بصدق
-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي
ظلت جواره حين دخل الجميع إليه يطمئنون عليه .. ليقول عبد الرحمن بعد عدة دقائق
-الدكتور قالي أنه في أستجابه كويسه من ماهر .. و النهارده هيفوقه
-ربنا يطمنا عليه .. بابا فى أخبار عن بابا
لتقول رُبىٰ سريعاً ..
-وهاد أتصلت بيك مرتين .. أول مره علشان تطمن على ماهر و تطمنك على عمي راضي .. و المره التانيه علشان تطمن عليك و تقولك أن عمو فاق و مش عارفه تقوله إللى حصل لماهر و لا لأ
ظل صامت لا يعلم ماذا عليه أن يفعل .. إن والده لن يتحمل كل هذا .. و لكن أيضا عدم معرفته بالأمر سوف تشعره بالعجز و أنه كُسِر أمام أولاده و لم يصبح له قيمة أو شأن بينهم
وقبل أن تجاوب كان صوت هاتفه الموجود بحقيبة رُبىٰ يعلوا و إسم وهاد يظهر على شاشته
أعطته رُبىٰ الهاتف و ساعدته في الجلوس ليجيب على الهاتف
-السلام عليكم .. أخبار الحج أيه ؟
صمت يستمع إلى ردها
-الحمد لله هو دلوقتي كويس جداً و الدكتور كان لسه موجود عنده و أطمن عليه و قال أنه تمام
كان يستمع لكلماتها … و هو يفكر .. ماذا عليه أن يفعل الأن لكن وهاد قطعت حبل أفكاره و هي تكمل كلماتها قائله
-هو عرف أن الأستاذ ماهر عمل حادثه و مصمم يروح له المستشفي
ليعتدل في جلسته و قال لها برجاء
-أرجوكي خليكي معاه .. أنا خايف عليه جداً و مش هقدر أجيله دلوقتي
-متقلقش حضرتك أنا معاه
أجابته سريعاً و أغلقت الهاتف و عادت إلى الغرفة .. فلم تجده .. خرجت مره أخرى تبحث عنه لتسمع صوته من غرفة فى آخر الرواق
توجهت إليها و طرقت الباب .. ليصلها صوته يسمح لها بالدخول .. كان قد أبدل ملابسه و جالس فوق السرير يحاول إرتداء حذائه .. لتقترب منه سريعاً .. و ساعدته فى إرتدائه … ليشكرها بأبتسامه حانيه و حين أعتدلت واقفه قال لها
-لو سمحتي قولي لفوزيه .. تقول للسواق يجهز العربيه
أومئت بنعم وهي تغادر الغرفة حتى تنفذ ما قاله لها .. و في نفس الوقت عادت إلى غرفة ماهر و التى كانت تراعي الحج راضي بها .. أخذت حقيبتها و أغراضها و ذلك الشيء من فوق الكومود .. خبئته سريعاً داخل حقيبتها .. و هي تدعوا الله أن يغفر لها تلك الفعله
**********************
وقبل أن يصل راضي إلى المستشفى جلس عبدالرحمن مع غازي و أخبره بكل ما حدث من والدته و إن الأطباء يتعاملون مع حالتها حتي يتحدثوا معهم و يعلموا كل شيء
الهم الكبير و أكبر مشاكله .. لكن ليطمئن أولاً على والده و أخيه ..و بعده يتفرغ تماماً لها و يرى ما يجب فعله لها
كان الجميع يقف أمام غرفة الرعاية .. لم يغادر أحد المستشفى إلا عبد الرحمن ذهب إلى البيت و معه لمياء لاحضار ملابس … و عادت سعاده إلى أولادها و كل صباح تعود إلى المستشفى و في المساء تعود إلى أولادها
كذلك غيث يذهب ليرى الأرض و مال العائلة .. و يعود .. و تَقِي يذهب إلى الجامعه و يعود في المساء .. و معه طعام و بعض العصير
كان الجميع ينتظر خروج الطبيب حتى يطمئنوا عليه .. القلوب جميعها أجتمعت على دعاء واحد .. الجميع الأن ترك كل شيء بعيد و أجتمعوا على خوفهم و دعائهم له
حين وصل الحج راضي و وهاد إلى المستشفى كان الطبيب قد خرج من غرفة الرعاية كانت نظرات الجميع مترقبه خائفة .. دقات قلبهم متصارعه و متلاحقه
كان القلق يرتسم على ملامح الجميع خاصه مع صمت الطبيب الطويل و الذي جعل أسوء التخيلات ترتسم فى عقولهم
وأخيراً قال الطبيب
– الحمد لله الأستاذ ماهر فاق بس
أقترب الحج راضي و هو يقول بوهن تدعمه يد وهاد
– بس أيه ؟ إبني ماله أيه إللى حصله ؟
أخفض الطبيب رأسه و قال بعد أن أخذ نفس عميق
– الحادثه سببت كسر فى آخر العمود الفقري و قطع فى النخاع الشوكي .
لتشهق وهاد بصدمه لينظر إليها الجميع برعب و قال غازي بصوت مرتعش
– أيوه أنت قولت لينا الكلام ده قبل كده … بس تأثيره يعني على ماهر أيه ؟
– دكتور ماهر أصيب بشلل نصفى
لتكتم وهاد صوت بكائها بيديها حين إجابه الطبيب دون أن ينظر إليه ثم أكمل قائلاً
– القطع جه فى منطقه القطنيه و ده سبب شلل نصفي و ده بيكون تأثيره فقدان القدره على الحركه فقدان الإحساس و اللمس و تميز الحراره و البروده كمان عدم القدره فى التحكم فى عمليه الإخراج بعض التشنجات و ردات فعل غير إيراديه ألم و نخذ بسبب تلف الألياف العصبيه فى الحبل الشوكي و كمان ممكن يكون فيه مشكلة فى الوظيفة الجنسية و الإنجاب
شرح الطبيب الأمر بوضوح ليشعر راضي ببعض الدوار و كاد أن يسقط أرضا إلا أن يد وهاد دعمته و أقترب عبدالرحمن يساعده حتى يجلس .. حين أغمض غازي عينيه بقوة و هو يحرك رأسه يمينًا و يسارًا بصدمه و أقتربت منه رُبىٰ تحاول دعمه لكنها تشعر بالعجز ماذا تقول أمام تلك الكارثة الكبيرة … كانت سعاده تحاول التنفس و لكنها تشعر أن فوق صدرها صخرة كبيرة تحجب الهواء أن يصل إلى رئتيها ساعدها غيث على الجلوس و هو يهمس لها أن تذكر الله
ليكمل الطبيب كلماته
– أحنى عملنا كل إللى نقدر عليه … لكن رحمة الله وسعت كل شىء و وحده قادر أنه … أنه
لم يستطع أن يكمل كلماته ليخفض رأسه من جديد و قال و هو يغادر
– حمدالله على سلامته
وقفت رحمه تنظر لكل ما يحدث حولها بصدمه … ما كل هذا … لماذا يحدث مع ماهر كل هذا
ما هو ذنبه الكبير الذي أراد الله أن يغفره له بتلك الطريقة و بهذه الصعوبه الجميع يجلس فى حاله حزن أو يستند على الجدران حتى لا يسقط أرضا لتقف هي فى منتصف الممر و هي تتذكر قوله تعالى (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )) لتجد نفسها تقول بصوت عالي
– اللهم أجرنا فى مصيبتنا و أخلفنا خيراً منها …. اللهم أجرنا في مصيبتنا و أخلفنا خيرًا منها …. أنا لله و إنا اليه راجعون ….. أنا لله و إنا اليه راجعون … الحمد لله عند الصدمه الأولى الحمد لله عند الصدمه الأولى
بدء الجميع فى الترديد خلفها و دموعهم تغرق وجههم .. ولكنهم جميعاً يعلمون الآيه الكريمه (( وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ))
مرت عدة دقائق لا يعلمون أن كانت كثيره أو قليله .. لكن الصمت كان سيد الموقف … إلا من شهقات بكاء و تسبيح و دعاء و همسات بحزن على ما أصاب تلك العائلة
لكن فى وسط كل هذا كانت دموعها الأغرب … و بقائها يثير التسائل … و لكنها لم تهتم و ظلت تنظر من خلف النافذة الزجاجية على جسده الرياضي الثابت دون حراك .. و تلك الضماضات البيضاء التى تحيط جسده و الأسلاك التي تشير إلى بقائه حيًا و دموعها لا تتوقف
كان يسيطر عليها إحساس واحد … رغبه قويه فى الدخول إليه و الإمساك بيده … و تقبلها و تخبره أنها جواره … تطلب منه التماسك و القوة و الثبات … و محاربة كل تلك الأشياء أن يحقق معجزه كبيرة و يقف الأن على قدميه
لتقسم بداخلها أنها ستقبلها مرارا و تكرارا و تقبل الأرض أسفل قدميه مع كل خطوه له
لكنها تعلم جيداً أن هذا أصبح مستحيل لكنها أبداً لن تبتعد … لقد أتت لها الفرصه و لن تبتعد
نظرت حولها و أنتهزت فرصة أن الجميع منشغل في صدمته و دلفت إليه
أقتربت منها الممرضه تحاول إخراجها لكنها ترجتها بكل ذلك الوجع بداخل قلبها و روحها لتسمح لها ببضع دقائق
أقتربت بخطوات متثاقله .. و كأن قدميها مقيدان بقيود من حديد راسخه في الأرض تنزف دون توقف و لكن ألم قلبها أقوى
وقفت عند نهاية السرير تنظر إلى قدميه التى أصبحت الأن عاجزه عن الحركة و هي تتذكر أول يوم شاهدته حين كان يترجل من سيارته أمام المستشفي بهيبه تخطف الأنفاس خطوات قدميه فوق الأرض المصقلة تقرع داخل قلبها كطبول الحرب … يرتعش قلبها و هو يسقط دون إيرادته في هواه
تحركت خطوتان لتكون بجانب السرير لتمرر أطراف أصابعها فوق كاحله برفق و الدموع تنحدر من عينيها … خطوه أخرى و عيونها ترتفع إلى عينيه الذي فتحهم من أول دخولها لكنها لم تشعر به أو تنتبه … ظل صامت لأنه لا يعلم من هي و لا يعلم سبب تلك الدموع في عيونها … و لماذا كانت ترجوا الممرضة بتلك الطريقة حتى كادت أن تقبل يديها حتى تسنح لها بالأقتراب منه
توقع أنها شخص يعرفه كطبيب و قد أشفقت على وضعه بعد ما علمت بالحادث كل ذلك كان يدور فى عقله أقتربت منه و جلست على ركبتيها أرضا و هي تضع يديها فوق يديه و قالت من بين دموعها
– ألف سلامه عليك يا دكتور ماهر … متقلقش أنا جمبك كل الصعب هيعدي كله هيبقى كويس صدقني
و أنحنت تقبل يديه بحب و هو يشعر بالأندهاش و الصدمه و قال بصوت متحشرج حزين
– أنتِ مين ؟
لتبتسم بحزن و هي تقول
– أنا ملاكك الحارس إللى مش هيفارقك من النهارده و هبقي انا مكان رجليك …. متقلقش
و أنحنت تقبل يده من جديد و هي تقف على قدميها و قالت
– هجيلك تاني … و على فكره كل الناس بره مستنينك أخوك و مراته و والدك و عمك و مراته و بنته و خطيبها حتى طليقتك و عيلتها الكل بيحبك و معاك وجمبك
لقد طعنته بلا رحمه و دون أن تعلم … و لكن ماذا كان بيده أن يفعل و هل بعد ما حدث له كان هناك فرصه مع رحمه … حتى أنه فكر أن الله جعل كل تلك التطورات تحدث بينه و بين سعاده حتى لا تظل طوال حياتها مع رجل عاجز مثله … كان غارق في أفكاره حتى أنه لم يشعر بتلك الفتاة الغريبة و هي تغادر الغرفة ليتنهد بتثاقل و أغمض عينيه من جديد و أستسلام يحيط قلبه وروحه و يقيدهم بقيود من حديد
~~~~~~~~~~~~~~~
توجه غازي لمكان جلوس سعاده لتقف تنظر إليه دون تعابير واضحه ليقول هو بشكل مباشر
– شكراً على وقفتك معانا يا سعاده بجد … و ده المتوقع من بنت أصول زيك .. بس الدكتور مانع الزيارة عنه و قاعدتك هنا مش ضروري ولادك محتاجينك أكتر و محتاجين تمهدي ليهم إللى حصل لابوهم
أخفضت رأسها وهي تقول بهم
– أنا مش عارفه هقولهم إزاى الموقف صعب … عارفه كمان أن وجودي بعد الطلاق يعنى
ليقاطعها غازي و هو يقول بصدق
– أنتِ مرحب بيكي و وجودك ده فوق دماغنا يا سعاده أنتِ بنت أصول .. و الطلاق مش نهاية العلاقة بينك و بين ماهر في بينكم أولاد و دول أهم من أي حاجة تانية
ليقترب غيث من وقفتهم و قال
– طبعاً نفسية الولاد و علاقتهم بماهر وسعاده لازم تكون مستقره علشان نفسيتهم ولما الولاد يكون ليهم عم زيك منخفش عليهم أبداً
ليربت غازي على كتف غيث و هو يقول بشكر
– تسلم يا غيث … يلا وصل سعاده البيت و أنا هتواصل معاكي كل يوم و أطمنك و هشوف الدكتور و أنهى وقت مناسب نخلي الولاد يزوروا أبوهم
أومئت بنعم و توجهت تلقى السلام على راضى و عبد الرحمن و أسرته و تحدثت قليلاً مع رُبىٰ و رحمه ثم غادرت
~~~~~~~~~~~~~~
وقف غازي ينظر إلى كل الأشخاص المتواجدين أمام غرفة أخيه و المجتمعين جميعهم بحب و صدق نوايا … عمه الذي كانت والدته دائماً تحاول إبعادهم عنه … إبنة عمه التى وقفت بجانبه و ساندته فى موضوع إرتباطه برُبىٰ و كم أظهرت إحترام لنفسها و والدها حين مرض و دلف إلى المستشفى
لم يرى طمع أو سؤال عن المال حتى من بعيد ، سعاده و وقفتها مع أخيه حتى بعد كل ما قام به من إيذاء نفسي لها و كسر قلبها و روحها
الخوف الساكن فى عينيها يخبره أنها حتى تلك اللحظة مازالت تحبه … لكنها أبداً لن تعود إليه
اليوم أصبح فوق عاتقيه هم كبير والدته و أخيه و لا يعلم ماذا عليه أن يفعل
قدميه لا تطاوعه حتى يصعد إليها … لقد وضعت حاجز كبير بينهم … خسرت ذلك الحق الفطري الموجود داخل كل إبن و أمه و أصبح هناك حاجز عالي و كبير … غير قادر على إختراقه أو حتى تسلقه
وقف أمام النافذة ينظر إلى السماء و عقله يكاد يصيبه الجنون بسبب كثرة التفكير
ليلتفت حين شعر بيدها الصغيره فوق كتفه إبتسم إبتسامه صغيرة لتقول هي بشكل مباشر و دون تردد فحالته أصبحت تؤلم قلبها
هو عالق بين ما حدث من والدته و بين ما أصاب أخيه
– علشان ترتاح لازم تقفل المواضيع المتعلقه يا غازي .. كل حاجة لما بتوضح و بتبان بنرتاح بنفهم السبب فقلوبنا ترتاح
أخفض رأسه و نظر أرضا و هو يقول بهم
– أنا مش عارف أنتِ عارفه أيه ، أو شايفه الموضوع إزاى بس أنا لأول مره أحس إني عاجز .. آخر مره حسيت فيها بالقوة يوم ما قدرت أخدك بالقوة من بيت عمك … و من بعدها وقفت عاجز قدام كل إللى بيحصل أكتشفت أن الإنسان بيكون قوي و قادر يكسر الدنيا علشان كل الناس و وقت الموضوع ما بيتعلق بأمه بيرجع عيل صغير تايه و ضايع و حاسس بالوحده و أنه ضعيف اوووى
كانت تستمع إلى كلماته و هي تتألم قلبها يتهشم إلى قطع صغيرة و هي ترى ذلك الرجل صاحب الهيبه الذي يجبر كل من يراه على الأحترام .. يجعل الجميع يشعرون بالأمان و الثقه و الدعم الكامل أصبح هو من يحتاج الأن إلى الدعم
مدت يدها تمسك يديه و قالت
– خليك فاكر أنى جمبك و معاك و أيدي فى إيدك و هكون ديماً فى ظهرك خلينا نعدي أي صعب مع بعض ممكن ؟!
إبتسم ببعض الراحه و أومىء بنعم لتقول من جديد
– خلينا نطلع لها و نشوف الدكتور … صدقني لما تحل مشكلتها و تطمن عليها هترتاح
ظل ينظر إليها وهو يحسد نفسه على تلك الفتاة التى رزقه الله بها و كانت نعم الزوجة ليمسك يديها و قال
– أنتِ معاكي حق خلينا نخلص الحكاية دي لأني هفضل تعبان فعلاً طول ما الموضوع متعلق و متعب
لتومىء بنعم لينظر هو فى إتجاه والده ليطمئن عليه بين أخيه و إبنة عمه و والدتها و لمياء وأيضاً وهاد ليأخذ نفس عميق و هو يستعين بالله فيما هو مقدم عليه
~~~~~~~~~~~~~~~
ظلت تراقبهم حتى شعرت بكامل إنشغالهم عنها و إن لا أحد يراها و دخلت إلى غرفته من جديد فمنذ دخولها له صباحاً و ها هم قد أقتربا على المغرب لم تراه
و لم يدخل أحد له بآمر الطبيب لكنها لن تتركه و سوف تدخل إليه تسانده و تدعمه
تحركت بهدوء … حتى وقفت بجانب الباب تنظر من تلك النافذة الصغيرة إلى جسده المتألم … و عيونه المغلقه باستسلام هي تعلم جيداً فيما يفكر و لن تسمح له بالأستسلام و فقدان الأمل
خرجت الممرضة و هي تحمل بين يديها بعض الأغراض الطبية
لتدلف إلى الداخل سريعاً و أغلقت الباب
أستندت بظهرها إلى الباب و أخذت نفس عميق فهي كانت تكتم أنفاسها حتى دلفت إلى الغرفة
أقتربت بهدوء و على أطراف أصابعها عيونها ثابته على عينيه المغلقه باسترخاء
جثت على ركبتيها جوار السرير و هي تتأمل ملامحه شديدة الوسامة بشكل يتعب قلبها و يؤثر على كل جوارحها
همست بأسمه لتشعر بحركة يديه أسفل يديها نادته مره أخرى ليفتح عينيه ينظر إليها باندهاش
لقد عادت … لقد ظن أنها كانت مجرد حلم … خيال يائس تجسد على هيئة فتاة جميلة و أختفت
لكنها أكملت كلماتها و قالت
– أنا جيت ليك تاني .. و هفضل أجيلك كل شوية و حتى لو مش قدام عينيك قلبى معاك هنا … قاعد جمب رجلك لآخر العمر
كان ينظر إليها بصدمه و إندهاش إحساس من داخله جميل يزرع صحراء قلبه وروحه بزهور ذات رائحة مميزه و أمل فى حياة فقدها و إلى الأبد
– أنتِ مين ؟
– وهاد
أجابته مباشرة بأبتسامه لطيفه و أكملت بمرح
– وقبل ما تسألني معناه إيه أنا أقولك (( وهاد جمع وهدة و معناه الأرض المنخفضه أو الحفرة ، و ممكن كمان يكون معناه تجهيز يعني زي مثلا وهد الفراش يعني مهد الفراش يعني وهّد تعني طمأنه )) فهمت حاجة
ليضحك ضحكة صغيرة و هو يحرك رأسه يمينًا و يسارًا بلا معنى حين دخلت الممرضه و قالت ببعض الغضب
– أنتِ برضوا دخلتي تاني … يا وهاد أنا كده هترفد بسببك
لتقف وهاد و هي تقول
– بعد الشر يا أنعام يا قمر أنتِ أنا خارجه أهو
ثم نظرت إلى ماهر و قالت بابتسامة واسعة
– همشي دلوقتي بس هرجع ليك تاني … سلام مؤقت يا دكتور
و تركت يديه و توجهت لتغادر الغرفة حين سمعت همسته بأسمها
– وهاد
لتلتفت إليه بأجمل إبتسامه قد يراها فى حياته إبتسامة عاشقه بكل ما بها و بكل ذره من كيانها تعشقه ليبتسم إبتسامة صغيرة لتشير له بيدها ليرفع أصابعه لها ليقفز قلبها بسعاده و هي تهنىء نفسها على ما وصلت له معه
~~~~~~~~~~~~~~~~
وصل غازي إلى غرفة الطبيب
يشعر بالتردد فى الدخول إليه لكن رُبىٰ شجعته بعيونها ليطرق الباب ثم دلف و خلفه رُبىٰ التي أغلقت الباب خلفها
جلس غازي أمام الطبيب وهو يشعر بالتوتر لتقول رُبىٰ محاوله حمل معه ذلك الحمل و تخفيف عنه
– أحنى عايزين نطمن على والدة غازي الست ريحانه من فضلك فهمنا حالتها إيه بالظبط
أومىء الطبيب بنعم و قال بعمليه شديدة
– أحنى أتعاملنا مع الحاله على حسب الحاجات إللى شوفناها منها و التصرفات إللى حصلت قدام الجميع فى المستشفى كمان كلامها و إللى قالته بعد ما فاقت من الحقنه المهدئة و كنت منتظر حضرتك تيجي و نتكلم شويه عن باقي التفاصيل
أومىء غازي بنعم و بدء فى سرد كل ما حدث من والدته و الأشياء التي كانت تقوم بها دون أن يلاحظوها أو ينتبهوا لها على كونها أمور عاديه و أتضح عكس ذلك
أومىء الطبيب بنعم و أبعد نظارته الطبيه و وضعها فوق المكتب و قال بعمليه
– حضرتك أسمعنى كويس … كده المريضة مصابه (( بارنويا الشخصيه النرجسيه )) ده أضطراب يتضخم فيه شعور الشخص بأهميته ويتولد جواه حاجة ماسة أنه يكون موضع الإعجاب عند الجميع، تقل عنده مشاعر التعاطف مع الآخرين، كمان بيُعرف بجنون الإرتياب أو جنون العظمة، أو هذيان الإضطهاد هو مرض نفسي وعصبي شائع بيتلخص في شك المصاب بشكل دائم بكل إللى حوليه ، مع رسم السيناريوهات الأسوأ، ده بيكون ناتج عن الشعور الغير منطقي بفقد الثقة بالأشخاص والريبة منهم والأعتقاد بوجود تهديد بأي شكل مثل الإحساس بأن هناك ناس بيراقبوه ، أو بيحاولوا أنهم يؤذه أو وجود مؤامرة خفيه أو أنهم بيتأمروا عليه و بيسخروا منه، بالرغم من عدم وجود دليل على ده ، ده تطور للشخصية النرجسية، فهو شخص عنيد لا يقبل النقاش والإيضاحات والتفسيرات من قبل الغير، و بيكون مقتنع بعدم حقيقة كل إللى حواليه ، ده بيحول أي شخص بيكلمه بالموضوع إلى متآمر جديد، و ده بيزود الأمور تعقيداً، وعلى حسب كل الأبحاث الطبية و أراء الأطباء النفسين هي أقصى مرحلة في النرجسية، يعاني من يصاب به من سيطرة أفكار ومعتقدات لها منطق خاص من إختراعه، ويتسم سلوك مريض البارانويا بالشك والريبة والعناد المبالغ فيه لإثبات صحة معتقداته وأفكاره، وتكون ردود أفعال المريض مبالغًا فيها تجاه أي تصرف وإن كان طبيعيًّا من الأشخاص الآخرين‏، وتتأثر شخصيته بشدة بالقلق أو الخوف إلى حد التسبب بالوهم واللاعقلانية.
شعر غازي بالصدمه … و كأن من يتحدث عنها شخص آخر غير والدته كيف تكون تلك الشخصية الذي يتحدث عنها الطبيب هي شخصية والدته ليقول باستفهام
– و ده سببه إيه ؟
ليجيبه الطبيب بتوضيح
– البيئه سوء العلاقه بين الأباء و الأبناء عن طريق الإعجاب المفرط أو الأنتقاد المفرط كمان العوامل الوراثية و الصفات الموروثه .. كمان البيولوجيا العصبيه يعني الصلع بين المخ و السلوك التفكيري من أشد مضاعفات المرض ده أفكار و سلوكيات منحرفه و للأسف من إللى أنت حكيته هي وصلت لده
نظر غازي إلى رُبىٰ بعجز لتمد يدها تمسك يديه تدعمه ليقول بصوت يملئه الحزن يرتعش من محاولته المستميته ألا يبكي
– ليها علاج ؟
– يعتمد علاج أضطراب الشخصية النرجسية على العلاج بالمحادثة، والمعروف باسم العلاج النفسي. ممكن للعلاج النفسي مساعدة المريض فى تحسين التواصل مع الآخرين بحيث تكون علاقتهم أكثر حميميةً ومتعةً وإرضاءً و كمان فهم أسباب إنفعالاته والباعث الأساسي على منافسة الآخرين أو إنعدام الثقة فيهم أو يمكن إحتقار نفسه والآخرين و ممكن نحتاج شوية أدويه علشان نقدر نسيطر على الحاله و السلوك
إجابه الطبيب بشكل تفصيلي و واضح ثم قال
– علشان كده محتاجين ست ريحانه معانا فى المستشفى شوية وقت علشان تكون تحت الملاحظه و كمان علشان نقدر نختبر كل ردود أفعالها و نبعدها عن أي ضغط عصبي أو أي مؤثرات خارجية
ليغمض غازي عينيه و هو يشعر بألم قوي فى قلبه … و مازالت الصدمات تتوالى

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحمه تقي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى