روايات

رواية خطايا بريئة الفصل السادس 6 بقلم ميرا كرم

رواية خطايا بريئة الفصل السادس 6 بقلم ميرا كرم

رواية خطايا بريئة الجزء السادس

رواية خطايا بريئة البارت السادس

رواية خطايا بريئة
رواية خطايا بريئة

رواية خطايا بريئة الحلقة السادسة

لا يمكن أن تصل لليقين دون شك ولا نجاح بدون فشل ولا للسكينة دون اضطراب ولا لأي شيء دون حب
—————–
“نااااااااااااااااادين ”
صرخ هو بها بِنبرة جهورية، بعيون يتطاير منها الشرار وهو يقف خلفها مما جعلها تنتفض و يسقط الهاتف من يدها وهي تشعر بقلبها يهوي بين ضلوعها من شدة ذعرها ولكنها تماسكت وادعت الثبات قائلة :
– في ايه ؟؟
قبض على يدها وتسأل من بين أسنانه :
– فين مفتاح الباب الوراني …….أنتِ بتخرجي وانا مش هنا صح؟!
تنفست الصعداء كونه لم ينتبه لمحادثتها واستغرق الأمر منها ثانية واحدة كي تجيبه وهي تدعي البراءة :
– لأ طبعًا أخرج أيه ….وبعدين مفتاح ايه اللي بتسأل عنه أنا ماخدتش حاجة
لم يقنعه جوابها وصرخ بوجهها بِغضب قاتل وهو يؤرجحها بقوة بين قبضته :
– كداااااااابة …….ومش مصدقك المفتاح مش في مكانه ومحدش بيدخل مكتبي غيرك انتِ وأمي
نزعت يدها من بين قبضته بقوة وقالت بنبرة متمردة ثابتة :
– مش هكدب عليك ومعرفش مفتاح ايه اللي بتسأل عنه
مرر يده على ذقنه وهو يشعر أنه يكاد يخرج عن طوره و الشكوك تعصف برأسه مما جعله يهدر بنبرة حادة قاطعة تعلم هي جيدًا ان لا رجعة بها :
– اقسم بالله يا “نادين” لو اللي في دماغي طلع صح هيكون حسابك عسير معايا وساعتها متلوميش غير نفسك
ابتلعت غصة بِحلق جاف من تحذيره الصريح لها ولكنها ألتزمت الثبات وتساءلت بدهاء كي تحول الحديث لدفتها كعادتها :
– أيه اللي في دماغك!!! انت بتشك فيا؟؟
جز على نواجذه وهز رأسه دون أي تفكير وقال :
– أنا مكنتش بشك فيكِ بس من هنا ورايح هشك يا “نادين” وصدقيني مش هيبقى في مصلحتك ابدًا
ليغادر غرفتها بِخطوات قاسية يأكلها الغضب بينما هي زاغت نظراتها وارتمت على الفراش وهي تلعن غبائها كون لم يسنح لها الوقت لكي تعيد المفتاح لمكانه، لتنفخ أوداجها عندما سقطت عيناها على هاتفها الملقي على الأرض ولحسن الحظ لم يصيبه ضرر لتنحني تلتقطه وهي تلعن ذلك ال “طارق” هو ايضًا فكاد يفضح أمرها
—————————
بينما في أحد قرى الصعيد كان يجلس رجل في عقده السادس ذات لحية وشارب كث وبنية عريضة وهيئة قاسية لا تعرف اللين، تجعل كافة أهل
قريتهم تهابه وتحسب له ألف حساب، فكان يجلس داخل مندرة داره حين دلف إليه أخاه سائلًا بوجل:
– كيفك يا أخوي ؟
نظر له “عبد الرحيم” واجابه بِعجرفة :
– أحسن منِك يا جلب أخوك خير چاي ليه ؟!
أجابه “سعيد” شقيقه الأصغر في قلة حيلة :
– والله يا خوي وشي منِك في الأرض …..بس أعمل ايه الحوچة واعرة و أني محتاج جرشين انت عارف مصاريف الدوا والحُكمة كتير وانا مبقاش حيلتي غير خلجاتي اللي عليا
زغره” عبد الرحيم “واطلق ضحكة صفراء متشفية قائلاً :
– واه أني مش عارف أيه العشم ده چايبه منين عاد! بعد اللي حُصل منِك، دلوقت چاي تطلب مساعدتي نسيت إنك عصيتني و وجفت مع چوز خيتك ضدي وغصبتوني اسلمه أرضها
تأهب “سعيد” وهو يتذكر ذلك الحدث منذ سنوات ورد بِصدق دون ادنى مجاملة :
– العشم ده علشان انت اخوي ولا دي كمان نسيتها يا “عبد الرحيم” وايوة انا وجفت مع “عادل” چوز خيتك علشان ده حج ربنا وأنت كنت عايز تضلله وتقبل تاكل حقها في الأرض
سطع الحقد بعين الأخر وقال من بين أسنانه :
– وأنت كنت مفكر حالك حامي الحمى أنت والبومة مرتك لما وجفتوا جصادي
احتدت نظرات “سعيد” عند ذكر زوجته وهدر منفعلًا :
– انا مقدر أنك اخوي الكبير بس ميصُحش تتعدى الأصول وتجيب سيرة مرتي، وبعدين انت عارف ان “هانم” كانت أجرب واحدة لخيتك وكانت على علم بكل حاچة وعلشان إكده كانت بترد غيبتها
صدر من فمه صوت ساخر متهكم وأضاف وهو ينهض من جلسته ويربت على منكب أخيه :
– ياريت تكونوا مرتاحين بعد ما كل حاچة ما راحت؛ أهو چوزها خد كل املاكه واملاك اختك وكتبها بأسم واحد غريب عنِنا وكمان چوزه البنية وخلاه يكوش على كل حاچة بأس المره السو اللي اتجوزها
ضرب “سعيد” كف على أخر وقال بعدم رضا :
– دع الخلج للخالج ملناش صالح والبت مرتاحة مع جوزها واظن انت كل فترة بتروح تطل عليهم بنفسك
أومأ له “عبد الرحيم” بِحنق من سذاجة أخيه ثم رفع طرف جلبابه وجلس مرة أخرى على الأريكة بأريحية أكبر قائلًا بمسايرة كي يفض ذلك الحديث الذي لم يروقه بالمره :
– ربنا يسعدهم يا خوي، وأعذرني مش هعرف افك ضيجتك أنا داخل على انتخابات ومحتاج كل جرش معايا
أطرق” سعيد” رأسه في حرج وقال وشعور الخذلان يفتك به:
-عذرك معاك يا خوي …..عن اذنك ألحج صلاة الظهر في الچامع
= مع السلامة يا خوي والجلب داعيلك
قالها “عبد الرحيم” بِبسمة مصطنعة وملامح مقتضبة وهو يتتبع أخاه بعينه إلى أن غادر ليهمس بغيظ وبِعيون يسطع بهم المكر :
– ورحمة “غالية” بنت امي وابوي لأرجع مالها تحت يدي تاني وأطرد الغريب من العز اللي عايش فيه هو وأمه
——————–
ظلت الشكوك تعصف به حين لم يجد المفتاح الذي اكتشف اختفائه بالصدفة، حين اتاه الحارس صباح اليوم وطلبه منه كي يهذب النباتات النامية عليه ويزيل الحشائش الضارة كيفما يفعل كل فترة وآخرى كي لا تعيق فتح الباب إن لزم الأمر، وحين لم يجده بدرج مكتبه ثارت ثائرته ولم يتحمل تلك الشكوك التي داهمته، و رغم نكرانها إلا أن قلبه يخبره أنها هي وراء اختفائه، ولكن كيف!؟
هل حقًا تخرج دون علمه!؟
وإن صدق حدسه فإلي أين تذهب ومع من!؟
ظلت الشكوك تتأكل رأسه مما جعله يشعر أنه سيهوي على حافة الجنون إن لم يجد تفسير منطقي للأمر، انتشله من حالته تلك دخول الحارس له مهرولًا ومنكس الرأس :
– لامؤاخذة يا بيه والله ما عارف عقلي خرب ولا ايه؟!
عقد “يامن” حاجبيه بوجه متجهم للغاية جعل الأخر يبتلع ريقه بتوجس قائلًا وهو يمد يده له :
– لقيت المفتاح معايا …….والله يا بيه ما فاكر خدته امتى من جنابك بس الحمد لله أننا لقيناه قبل ما الصنايعية يجوا يركبوا الباب الجديد
تعلقت ناعستيه الثائرة بالمفتاح لثوانٍ معدودة قبل أن يلمح طيف خلف باب مكتبه، ليتنهد في عمق ويقول بنبرة ثابتة تخالف ضجيج رأسه :
– حصل خير يا “مُسعد “وملوش لزوم تخليهم يغيروا الباب تقدر تنضف الزرع اللي حوليه وبعدين ترجعلي المفتاح تاني
وعند سماعها لجملته الأخيرة تسللت لغرفتها وأقفلت بابها بِحرص شديد ثم تنفست بإرتياح وكأنها أزاحت حمل ثقيل عن كاهلها، لتحل رابطة شعرها وتبعثره بيدها وهي ترتمي على الفراش تتذكر كيف حاكت مكيدتها بعد خروجه من غرفتها بالصباح
Flash back
فقد تسللت دون ان يلحظها أحد إلى موضع جلسة الحارس الذي ما أن لمحها هرول مترقب لأوامرها، لتأمره هي بنظرات زائغة وهي تمسد جبهتها مدعية الألم :
– عم “مسعد” عندي صداع ممكن تجبلي حاجة من الصيدلية
= تحت أمرك يا هانم ثواني والدوا يكون عندك
قالها وهو يرفع طرف جلبابه ويهرول خارج بوابة المنزل مسرعًا، بينما هي تقدمت بِخطوات حريصة بعدما أمنت محيطها وتقدمت لغرفته الملاصقة للبوابة تبحث بعينيها عن سلسلة مفاتيحه وما أن وجدتها زفرت بارتياح وهي تتمم ما خططت له كي تغطي على فعلتها
End flash back
عادت مرة آخرى للوقت الحالي وهي تبتسم بسمة متهكمة منتصرة لأبعد حد وهي تخرج من تحت وسادتها تلك النسخة المستخرجة حديثًا من ذلك المفتاح المنشود الذي بسببه تأخرت في إعادة النسخة الأصلية منه، لتتسع بسمتها وهي تظن أن لا أحد يضاهي مكرها ولكن مهلًا افعلي ما تشائين وسوف تتأكدي بنفسك انك أغبى أنثى على وجه الأرض ولا أحد يتمنى ان يكون بموضعك حينها
—————————-
مرت بضع ايام عليه منذ عمله معها يوصلها لجامعتها ويعود بها دون اي جديد تصعد للسيارة ثم تسند رأسها على زجاج النافذه وتظل شاردة وكأنها مغيبة بعالم آخر فقط تتأمل الطريق بعيون خاوية يفيض منها الحزن، حاول مرارًا وتكراًر أن يجذب معها أطراف الحديث ولكنها تجيبه بإقتضاب شديد ولم تلقِ له بال مما جعله يقرر ان يكف عن ذلك الفضول اللعين الذي ينتابه نحوها ولكن كيف وهو يلمح من مرآته الأمامية الآن دمعاتها تنسل من عيناها وملامحها باهتة بشدة جعلته يتحمحم يجلي صوته الأجش كي يصدر لين ولا يفزعها ككل مرة :
– حضرتك فطرتي ؟؟
لم يريد ان يسألها مباشرةً كي لا تتخذ موضع الهجوم بل فضل أن يراوغها بطريقة أخرى كي يسبر اغوارها وبالفعل حاز على انتباهها حين رفعت فيروزتها تطالع عينه المُسلطة عليها في المرآة وهزت رأسها ب لا ، ليبتسم هو ويقول في حماس غير عادي :
– ولا انا بصراحه هموت من الجوع
ممكن نخبط طبقين فول من على العربية لو تحبي……؟! وبيتهيئلي لسة معانا وقت قال جملته الأخيرة وهو يتفقد الوقت بساعة يده
= فول !!!
قالتها بِتلقائية وهي تعتدل بجلستها
مما جعله يشعر بسخريتها ويؤكد بدفاع :
– اه فول ……..ماله الفول ده هو مسمار البطن زي ما بيقولوا وكله بروتين احسن من اللحمة والفراخ
نفت برأسها بعدما شعرت انه سيتفهم أنها تتعالى عليه :
– مش قصدي والله انا باكله عادي وداده “مُحبة” تعملهولي علطول بس متعودتش أكله من برة وخصوصًا من على عربية يعني
جعد حاجبيه الكثيفين وأخبرها بِحماس وبنبرة مشاكسة بعض الشيء كي يحفذها :
– لأ لعلمك بقى من على العربية بيكون ليه طعم تاني ويا سلام بقى لو معاه بصلتين كده يااااااه والله جوعتيني قال أخر جملة وهو يضغط على شفاه السفلية
فكانت تعبير وجهه المنعكسة بالمرآة ونبرته تلك كافية لتجعلها تبتسم دون وعي مما جعله يأخذها أشارة لموافقتها ويؤكد وهو يسحب عدة محارم ورقية وناولها لها دون أن يلتفت كي لا يخجلها :
-لو في دموع تانية أجليها للبصل الله يخليكِ إلا العربية هتغرق بينا
اتسعت بسمتها وتناولت منه المحارم تمسح وجهها قائلة :
– ماشي بس على ضمانتك
أجابها هو ببسمة مشاكسة :
– متقلقيش لو حصلك تسمم؛ غسيل المعدة عليا
————————-
نظرت نظرة مترددة إلى الطعام الموضوع أمامها وهي تراه يأكل بشهية غريبة ويلوك الطعام باستمتاع جعلها تتساءل هل حقًا شهي لذلك الحد، تنهدت وهي تستند على مقعدها الخشبي الذي يتوسط الرصيف أمام عربة الطعام وهي تنوي تذوقه والتأكد بذاتها وإن كادت تشرع بالأكل فانتفضت مذعورة من صوت مذياع أحد البائعين المتجولين وهو يصيح :
– روبابيكيا
ابتسم وهو يبتلع ما بفمه وقال كي يطمئنها:
– متخافيش يا آنسة دي ناس على باب الله وبتسعى على أكل عيشها
هزت رأسها وهي تتمعن بذلك البائع وما تحويه عربته الخشبية من قطع متهالكة وإن صح القول خردة بالية لا نفع منها، عقدت حاجبيها مستغربة وهي تلحظ وجه الرجل الذي لفحته الشمس ويبدو عليه الأرهاق الشديد ورغم ذلك لن ييأس ويظل يهتف بتلك الكلمة الغريبة على مسامعها، بتفاني غريب جعل نظراتها تتبع عربته الخشبية إلى ان اختفى عن ناظريها وحل محله هؤلاء الأطفال بالجانب الآخر من الشارع؛ فكانوا يمررون الطابة لبعضهم والحماس جلي على وجههم لتبتسم بسمة عابرة على سعادتهم وحماسهم البادي عليهم، في حين هتف أحد الصبية على زميله بتعصب:
– تعال العب معانا هيغلبونا
رد الآخر عليه وهو يركض نحو فرن الخبز القريب :
– هجيب عيش لأمي الأول، استنوني يا عيال
كانت تتبع الصبي بعيناها
حين وجدته يحشر وسط حشد من الناس يقفون بصفوف غير منتظمة ويجاهدون وهم ينتظروا دورهم في الحصول على ذلك الخبز الذي هو من وجه نظرها لا يستحق العناء للحصول عليه
لاحظ هو شرودها وتتبع نظراتها قائلًا :
– متركزيش يا انسه ويلا مدي ايدك علشان هنتأخر على جامعتك
تعلقت عيناها به وتسألت من وجهة نظرها السطحية للأمور :
– هما ليه بيتعذبوا كده في الشمس ومتحملين الأنتظار ما يقدرو يشترو عيش من السوبر ماركت ومن غير تعب عادي
قهقه هو بقوة حتى بانت غمازته مما جعل نظراتها تحتد وهي تشعر انه يهينها بسخريته، بينما هو أجابها مبرر بعدما تهادت ضحكاته :
– الناس دي غلابة يا انسة وهما هنا علشان الدولة مدعمة العيش ليهم؛ علشان يسد جوعهم، ده في منهم بياكلوه حاف من غير غموص و بيباتوا حامدين شاكرين
اشرأبت برأسها وسألت بتلقائية لم تتعمدها :
– ليه هو طعمه حلو اوي كده ؟؟!
كبت ضحكته بِصعوبة وأجابها متهكمًا وهو يرفع حاجبيه ساخرًا :
– أمال ايه ده مليان فيتامين
هزت رأسها مرة أخرى واستندت على ظهر مقعدها وهي تشرع بلأكل حين قال بنبرة راضية مفعمة بالكبرياء :
– على فكرة انا واحد من الناس الغلابة دي وعلشان كده بقولك أن اللقمة اللي بتيجي بعد تعب و جوع بيبقى ليها طعم مختلف محدش يعرفه غير اللي عارفين قيمة الصبر والرضا
أبتسمت من تحليله البسيط للأمور و تلقائيته معها وقالت وهي تغمس طرف المعلقة بطبق الفول وتدسها بفمها :
– هو انا اكيد مجربتش اللي بتقول عليه ده بس طعمه حلو
هز رأسه وأخبرها مشاكسًا :
– لا انتِ فاهمة غلط انا مش عازمك عند الخواجة كنتاكي انتِ لازم تواكبي المكان
عقدت حاجبيها غير مستوعبة شيء من حديثه، بينما هو كان يقطع لقمة كبيرة من رغيفه قائلًا بِحماس ادهشها :
– بصي لازم تعملي مركبة كبيرة وتغطسيها في الطبق زي كده هتحسي بطعمه احلى
قالها وهو يدس لقمته بفمه ويحسها بعينه أن تجرب مما جعلها بالفعل تقلده وهي تبتسم بسمة واسعة لا تعرف كيف تسربت من كآبتها المعتادة .
—————————-
كانت الأجواء هادئة بينهم بعد آخر مشادة فهي تتصنع الغضب وهو يتجاهلها حتى انه ينفرد بغرفته طوال الوقت كي لا يتصادم معها وتخرجه عن طوره كعادتها، خرج من شروده على صوت والدته التي انتهت مكالمتها مع “رهف” لتوها :
– “رهف” صوتها مش عاجبني …….
انتبه لحديثها وسألها :
– ليه يا أمي بتقولي كده!! هي قالتلك حاجة
أجابته بِفطنة :
– يظهر أن “حسن” مزعلها
وهي انا عارفاها طول عمرها كتومة وعمرها ما هتشتكي
اجابها بِحسرة على حال صديقه :
– “حسن “غبي وبيستغل ان “رهف” ملهاش حد غيره ومش هتقدر تسيبه
لتؤيده” ثريا “بِحزن على حال تلك المسكينة :
– بس ليها طاقة وبني أدمة لازم يراعيها ويحترم نفسه ده لو لف الدنيا ميلقيش حد زيها، أنا مش هسكت انا بعز “رهف “زي بنتي ولازم أبهدله دي ملهاش غيرنا بعد موت أهلها
تنهد هو وقال في ضيق :
-ياريت يا امي تعرفي تفوقيه قبل فوات الآوان
—————————
أما عنها فقد وضعت الهاتف من يدها وظلت شاردة بعيون تفيض بالأسى فكم أرادت ان تبوح وتخفف عبء قلبها ولكن دائمًا ما تخشى على صورته أمام احد حتى ولو كانت لتلك السيدة الحنون التي بمثابة والدته، تنهدت بعمق بعدما لفت انتباهها صراخ أبنها على شقيقته؛ يؤنبها على كسرها لأحد ألعابه في حين صغيرتها كانت تبكي بقوة آلمت قلبها وجعلتها تتدخل كي توجهه وهي تحتضنها وتمسد على ظهرها :
– حبيبي متزعقش لأختك عيب كده هتزعلها منك وهي بتحبك …….
ليرد الصغير بِتلقائية :
– هي غلطت، وانا بزعق زي بابي
افحمها حديثه وجعلها تشعر أن الأرض تدور بها، بينما خرجت ابنتها من بين أحضانها وأخبرته بِنبرة باكية :
– مش كان قصدي وبلاش تزعقلي علشان مش هكلمك تاني
ليجيبها الصغير :
– طب مش تزعلي مني …..واعملي زي مامي
غامت عيناها تحاول ان تتمالك اعصابها فكم أستطاع ابنها رغم صغر سنه إلا أنه ذكرها انها تقدم كبريائها تحت قدم أبيه، نفضت افكارها بعدما تدخل قلبها اللين كالعادة وقالت معاتبة لأطفالها :
– احنا مينفعش نقلد الكبار يا “شريف”
وأخر مرة تزعل اختك ….العبوا مع بعض ….واللعبة اللي اتكسرت هجبلك غيرها …..يلا صالحها
راضى” شريف” شقيقته لتبتسم الآخرى بأسنانها المنقوصة وتخبره في مرح :
– تعال نلعب استغماية
= بس انتِ اللي تستخبي وانا هدور عليكِ
لتشجعهم “رهف “وتقترح :
– طيب ايه رأيكم انا هلعب معاكم وانتو الاتنين تستخبوا
ليهللون بسعادة ويذهبون من أمامها لتنظر آثارهم بحزن شديد على ما توصل له حال زوجها ويؤثر بالسلب عليها وعلى أطفالها، فقد تفاقم الأمر بينهم حتى انه أصبح غير محتمل …. طوال الوقت شارد، حزين، لا تعلم ما حل به، ينفعل من كلمة صغيرة وتثور ثورته إِن حاولت الأقتراب منه، بل والأنكى من هذا انه يتصيد لها الأخطاء ويظل يؤنبها مما جعلها …بائسة منطفأة طوال الوقت تدعوا الله ان يفك كربتها
———————
استعدت للذهاب لجامعتها بِحماس كبير على غير عادتها، ربما لكونها طوال الليل تسترجع أحداث أمس المثيرة بالنسبة لها وجعلت الفضول يدفعها نحو كل شيء وقعت عيناها عليه، أبتسمت بسمة عابرة وهي تتذكر أحاديثه العفوية التي تحمل منطق غريب خاص به ورغم أنها لم تستوعب الكثير؛ إلا أن منطقه راقها وكم شعرت بالخزي من سطحية أفكارها مقارنة به هزت رأسها تنفضه عنها كي تستأنف تصفيف شعرها أمام مرآتها كي لا تتأخر ولكن، اجفلها صوت إشعار قادم من هاتفها من ذلك الحساب الوهمي التي انشأته خصيصًا كي تتبع به شخص بعينه دون ان يعلم هويتها، تقلصت ملامحها وهي تطالع
شاشة هاتفها تنظر إلى تلك الصورة العائلية التي تضم سيدة جميلة ذات فيروزتان تشابه خاصتها، ورجل ذات وجه بشوش للغاية يحاوط خصرها من جهة وصبي وفتاة من جهة أخرى، فكم كانت الصورة مفعمة بالألفة وكم كانت نظرات السيدة لأبنائها وزوجها مفعمة بالفخر والأعتزاز، شهقة قوية خرجت من جوفها تنعي حالها وتبعها صراخها بقوة وقذفها لأنينة العطر خاصتها بالمرآة تهشمها محدثة ضجة قوية جعلتها تصرخ وتصرخ وهي تضع يدها على اذنها وتنهار جاثية على ركبتيها غير عابئة بقطع الزجاج المتناثرة حولها وهي تنتحب بألم و بحرقة جثت على صدرها فماذا فعلت هي كي تتخلى عنها وتكتفي بهم؟!
أليس من حقها ان تتمتع بذلك القرب مثل ابنائها؟!
على ماذا تعاقب هي لاتعلم ولكن كل ما تعلمه أن لا يوجد احد يهتم بها ولا بحياتها لا احد يشعر كم ان شعور التخلي والوحدة قاتل بالنسبة لها، ظلت الأفكار السوداوية تداهمها إلى أن وجدت ذاتها تلتقط أحد قطع الزجاج بين يدها وترفعها أمام نظراتها الضائعة تنوي فعل ما هيأه لها شيطانها، فإذا هم يستطيعون التخلي بتلك البساطة، فالآن حان دورها وحقًا هي غير عابئة حتى لو كان الثمن حياتها

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطايا بريئة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى