روايات

رواية خطايا بريئة الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم ميرا كرم

رواية خطايا بريئة الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم ميرا كرم

رواية خطايا بريئة الجزء الثالث والثلاثون

رواية خطايا بريئة البارت الثالث والثلاثون

رواية خطايا بريئة
رواية خطايا بريئة

رواية خطايا بريئة الحلقة الثالثة والثلاثون

تبدو بعض التغييرات سلبية على السطح ، لكنك ستدرك قريبًا أنه يتم إنشاء مساحة في حياتك لظهور شيء جديد.
-إيكهارت تول
——————
احضرتهم اليوم لمنزل “ثريا” وقبل الموعد المتفق عليه وها هي تجلس داخل سيارتها بزاوية بعيدة تنتظر حضوره والتوتر والقلق يكاد يفتك بها فتلك المرة الأولى التي يجتمعون بها معه منذ طلاقهم وحقًا تكاد تموت رعبة أن يخبرهم شيء يفوق استيعابهم كعادته ويخرب نفسيتهم ويضيع ذلك المجهود الجبار التي تؤديه هي في إصلاح ما أفسده.
لمحته من بعيد يهرول في طريق المنزل بخطوات مسرعة استشفت لهفتها من تلك البسمة الواسعة التي تعتلي وجهه … وحينها شجعت ذاتها وغادرت لعملها ولكن بأعصاب تالفة للغاية…
بينما هو فور استقبال “ثريا” له و دخوله من باب البيت جثى على ركبتيه فاتح ذراعيه لأبنائه مرحبًا بعناقهم ولكن هم ظلوا يتناوبون النظرات بينهم بتردد لحين شجعتهم “ثريا” قائلة:
-سلموا على ابوكم يا ولاد مالكم!

غامت عينه وهو يدرك أنهم خائفين منه ورغم ذلك حاول طمأنتهم:
-متخافوش يا حبايبي …قربوا أنتوا وحشتوني أوي

هزت “شيري” رأسها وحثت “شريف” على التقدم وما أن أصبحوا أمامه ضمهم له وظل يغدقهم بقبلات خاطفة تنم عن شوقه العارم لهم…قائلًا بندم:
-حقكم عليا والله ما هزعلكم تاني ولا هبعد عنكم تاني أنا غلطت سامحوني..

ليعقب “شريف” :
-انت وحشتنا يا بابي واحنا خلاص مش زعلانين منك
دثرهم من جديد بأحضانه وظل يصرح بحبه لهم ومدي اشتياقه…بينما “ثريا” رغم حالة الحزن التي سيطرت عليها إلا أن بسمتها تزين ثغرها تأثرًا بلقائهم
وكم تمنت عودة ذلك الغائب قبل فوات الآوان… فا إلى الآن لم يعود ولا علم له بما حدث فيبدو أنه مازال لا يريد أن يعطي عقله الثائر هُدنة رادعة ليتنحى عن رأيه.
—————–
أما عن صاحب القناعات الراسخة فقد كاد يجن ليطمئن عليها وخاصًة بعدما هاتفته مُربيتها واخبرته بأعتراض ابيها وحبسه لها ومنعها من الخروج أو التواصل معه رغم أن ذلك كان متوقع إلا أنه ايقن أن مهمته ليست بيسيرة بالمرة ولكن لا يهم هو على أتم الاستعداد لتحمل العواقب وها هو يقف أمام قصر أبيها حامل باقة كبيرة من الورود واتى خصيصًا كي يصدق على وعد قلبه فقد

زفر انفاسه دفعة واحدة ليشجع ذاته ثم طرق عدة طرقات منتظمة على باب القصر بعدما سمح له الحارس على البوابة الرئيسية بالفوت دون عناء كونه يعرفه معرفة وثيقة من فترة عمله معهم.

استقبلته الخادمة حين طلب بأدب مقابلة “فاضل” لتسمح له وتجلسه بغرفة الصالون التي رغم انه دخل القصر لعدة مرات أثناء عمله هنا ولكن تلك المرة الأولى التي يدخل بها تلك الغرفة التي فور أن أصبح داخلها شعر كونه في قصر من قصور ملوك العصر القديم من شدة الترف وما تحويه الغرفة من فضيات و مقتنيات وتحف ثمينة تضج بالفخامة والرقي

وبالطبع لا يوجد أي مقارنة بين حياته وحياتها وذلك ما جعله يرتبك قليلًا ويزفر أنفاسه دفعة واحدة و يمرر يده على مؤخرة عنقه كي يخفف من ربكته ويهدأ حاله ولكن تناهى إلى مسامعه صوت طرقات حذاء انثوي تقترب من موقعه زادته ربكة على ربكته حين علم هوية صاحبتها فمن غيرها تلك الصفراء التي يقطر الخبث من عيناها…نهض من جلسته ينظر لها نظرة عميقة مطولة ذات مغزى

جعلت بسمة مستخفة تعلو ثغرها وهي تراه متأنق بشدة و باقة الورود التي جلبها مسنودة على الطاولة الصغيرة، لتطالعه بتكبر وتقول ببسمة مستفزة:

-ليك عين تيجي لغاية هنا؟

زفر بقوة وقال بكامل صوته الأجش بكل ثقة:

-انا جاي اقابل “فاضل” بيه ياريت تديله خبر

قهقهت هي بإستفزاز وتهكمت:

-أنت مجنون رسمي…أنت فاكر “فاضل” ممكن يسمعك اصلًا

-لازم يسمعني ومش همشي من هنا غير لما اقابله

إصراره اغاظها لذلك قالت متهكمة كي تذكره:

-يظهر أن العلقة اللي اخدتها مكنتش كفاية علشان تعقلك

جز على نواجذه بقوة وهز رأسه قائلًا بغيظ:

-ويظهر برضو شوية العيال اللي بعتيهم ليا مقالولكيش إني طحنتهم وعلمت عليهم و لو مكنوش خدوني من ظهري وعلى خوانة كنت سلمتهم بأيدي وخليتهم يعترفوا أنك أنتِ اللي وراهم…

زاغت نظراتها وشحب وجهها حين أضاف ايضًا بكل ثقة:

-بس متقلقيش ملحوقة اصل الواد اللي اعتمدتي عليه واد خايب ومفضوح وليه صحيفة سوابق تسد عين الشمس وانا اديت اوصافه بالملي للبوليس وعرفنا هو مين…ليبتسم بسمة واثقة للغاية ويقول متهكمًا:

-قريب اوي “سنقر”هيتقبض عليه ودورك جاي يا “دعاء” هانم

هزت قدميها بحركة متوترة وقالت بتبجح:

-مش هتعرف تثبت حاجة يا جربوع وتصدق أنا غلطانة كان لازم اقولهم يخلصوا عليك ويدفنوك في الصحرا علشان تكون عبرة لأمثالك

قهقه “محمد” بكامل صوته الأجش مستخفًا من تهديدها… لتستشيط هي غيظًا قائلة:

-انت…

كادت تسبه لولآ صوت “فاضل” الذي نفضها:

-دعااااااااااء….

تعالت انفاسها وتلبست دور البراءة قائلة كي تداري على فعلتها مغيرة سير الحديث:

-تعالى يا “فاضل” شوف بجاحة البيه السواق جاي عايز يقابلك

نظر لها “فاضل” نظرة مطولة لم تتفهم منها شيء ثم أمرها بإنفعال:

-اتفضلي سبيني معاه…

-هو انت هتسمعه اصلا وتقعد معاه!

هز رأسه وكرر بملامح لاتفسر:

-اتفضلي يا “دعاء”

دبت الأرض بكعب حذائها وغادرت الغرفة ليجلس “فاضل” و يدعوه للجلوس قائلًا بجدية:

-جاي ليه اتكلم من غير مقدمات..

اجلى “محمد” صوته وقال بشجاعة وهو يجلس من جديد :

– بصراحة انا جاي اطلب ايد بنت حضرتك

استنكر “فاضل”:

-افندم…

تمسك “محمد” برزانته واستفاض بهدوء وبكل ادب:

-انا…عارف أن طلبي غريب وزمان حضرتك بتقول إني مجنون ونسيت الفوارق بينا بس أنا محتاج حضرتك تفهمني أنا دخلت من الباب وبطلب ايدها رسمي من حضرتك….انا للأسف معنديش ضمانات بس كل اللي اقدر اقوله لحضرتك إني هكون أمين عليها وهصونها وهتقي الله فيها أنا دلوقتي شغال في شركة كبيرة والحمد لله اثبت جدارة وبشتغل كمان شغلانة تانية علشان ازود دخلي… وانا طموحي ملوش أخر وإن شاء الله ربنا هيكرمني

-أنت جريء…وطلبك أجرأ…وللأسف مقولتش حاجة اقنعتني مهما كان اللي وصلتله أو اللي هتوصله مش هيغير حقيقة أنك كنت سواق عندي وأنا لا يمكن اجوز بنتي الوحيدة لواحد زيك…

مسد ” محمد”جبهه بأبهامه وسبابته مرتبك من رفضه الصريح له ولكنه لم ييأس وقال بإصرار:

-“فاضل” بيه أنا مقدر موقفك كأب وعارف ممكن تكون أخد فكرة غلط عني وتكون مفكر إني طمعان فيها وففلوسك…أنا الحمد لله عيني مليانة وعمري ما طمعت في حاجة مش بتاعتي ولو حضرتك عايز تاخد أي ضمانات عليا أنا معنديش أي مانع علشان اثبتلك حُسن نيتي…ليضيف بحرج شديد وهو منكس الرأس:

-أنا طالب حلال ربنا وعندي أمل فيه كبير وبتمنى تديني فرصه اثبتلك أن فكرتك عني مش في محلها

-طلبك مرفوض أنا معنديش بنات للجواز وأي حاجة هتحاول تثبتها متشغلنيش أنا اللي يهمني الشكل الاجتماعي وأظن أنك عارف حجمك كويس ومتخلنيش اجرح فيك اكتر من كده

تناول نفس عميق يحفز به ذاته ويحثها على المثابرة ثم استمات قائلًا حين رأه يهب واقفًا ينهي المقابلة:

-“فاضل” بيه ارجوك…بلاش يكون حكمك قاسي عليا وعليها اديني فرصه…

-المقابلة انتهت أنا معنديش وقت اضيعه اكتر من كده…عن اذنك عندي شغل ومتهيئلي أنت عارف باب الخروج منين

قالها “فاضل” وهو ينسحب من الغرفة ولكن “محمد” لحق به وقال راجيًا بخوف حقيقي وبأهتمام أثار دهشة “فاضل”:

-“فاضل” بيه…هخرج بس لو سمحت بلاش تقسى عليها هي ملهاش ذنب لو عايز تعاقب حد عاقبني انا بس بلاش تحبسها…”ميرال” مينفعش تفضل لوحدها…

ضيق “فاضل “عيناه مستغربًا من ذلك الأهتمام والقلق الذي يقطر من حديثه ويظهر جلي بداخل عيناه…مما جعله يشكك قائلًا:

-يظهر أنك تعرف حاجات كتير عن بنتي!

اجابه” محمد” بنوايا بريئة لا يكمن خلفها سوى خوف عظيم على مالكة قلبه:

-اعرف اللي حضرتك متعرفهوش علشان كده بترجاك بلاش تقسى عليها و تحبسها…

نظر له “فاضل” نظرة عميقة يستنكر ثقته التي تحدث بها فلا لا أحد يعلم عن ابنته اكثر منه أو هكذا يظن بينما في ظل تلك الأفكر التي تداهم “فاضل” كان “محمد” لا يستطيع تفسير نظراته إلا حين قال” فاضل” بإصرار :

-“ميرال” بنتي الوحيدة ومش من حق أي حد يقولي اعاملها ازاي…

ذلك أخر ما تفوه به قبل أن يتركه ويدخل غرفة مكتبه

ليزفر “محمد “مستغفرًا بسره ويكسو الحزن معالم وجهه ويقف ينظر لآثاره بخيبة أمل شديدة اكتملت بأقترابها من جديد و قولها بشماتة وكيد لا مثيل له:

-مستني ايه…..براااااااااااااااا

قالتها بطريقة مهينة وهي تؤشر على الباب بكل عجرفة…مما جعل دمائه الحامية تتدفق لرأسه ويكاد يفعل ما يخشى عقباه ولكنه تماسك وظل محتفظ برزانته المعهودة حتى لا يفسد الأمر أكثر ثم غادر بخطوات ثابتة للخارج وهو يجر خلفه اذيال الخيبة تاركها تربع يدها ويعتلي ثغرها بسمة منتشية متشفية.
——————–
-اتفضلي…

قالتها “رهف” وهي تضع عدة رسومات وملف مرفق معهم على مكتب “سارة” التي قالت مستفسرة:

-ايه ده يا “رهف”

-ده مخطط عيادة الدكتور ودي تكلفة الخامات محتاجة توقيع حضرته

-طيب وجيبهالي انا ليه…ده Client بتاعك وانتِ اللي مسؤولة عن شغله

-“سارة” الله يخليكِ اعفيني…الدكتور ده غريب اوي وطريقته اغرب والنهارده بالذات انا اعصابي مشدودة ومضمنش نفسي

تركت “سارة “مقعدها وجلست مواجه لها تربت على ساقها متسائلة:

-اعصابك مشدودة ليه؟

تنهدت هي بضيق واخبرتها:

-الولاد راحوا يشوفوا ابوهم النهاردة وبصراحة متوترة خايفة يبوظ الدنيا زي عوايده ويقول كلام ميعرفوش يستوعبوه ويأثر عليهم بالسلب

-“رهف” أكيد هو عنده عقل وبعدين أنتِ قولتي أن خالته قالتلك انه ندم واتغير وأنهم وحشوه وعرف قيمتهم…متقلقيش وسيبيها على ربنا

هزت “رهف” رأسها بينما استأنفت “سارة”:

-نرجع لسيرة الدكتور قوليلي عملك ايه؟

زفرت “رهف” انفاسها وبررت:

-كل كلامه هزار ومبيتكلمش كلمتين جد وانتِ عارفة مبحبش الاستظراف ومبحبش حد يتعدى حدوده معايا تحت أي ظرف

تنهدت “سارة” وداعبتها:

-أنتِ هتقوليلي عقد من يومك يا حبيبتي

رفعت “رهف”حاجبيها مستاءة لتستأنف الأخرى بتراجع:

-خلاص…خلاص هتكتم

-اتصلي بيه انتِ وخدي توقيعه وانا بعد كده هشرف على الشغل وامري لله

تقلصت معالم “سارة” وقالت متحججة:
-يا “رهف” علشان خاطري انا الشغل متلتل فوق راسي… والله ده الدكتور زي العسل وعلى فكرة هو طريقته كده مع الكل مش معاكِ بس…وبعدين انا شايفة ان زي ما حكتيلي هو متعداش حدوده ولا حاجة انتِ بس اللي بقيتي حساسة اوي تجاه الرجالة ومش بطيقي حد يوجه ليكِ كلام بعد طلاقك

زاغت نظراتها لثوانٍ وتسائلت معاتبة وهي تفرك يدها بشيء من الأرتباك:

-قصدك إني بقيت معقدة مش كده يا “سارة”

نفت “سارة” برأسها مستنكرة وردت :

-والله ما اقصد يا “رهف” انا عارفة أنك قوية و بتحاولي تتخطتي الأزمة بطريقتك وعلشان كده كارهة كل حاجة بتفكرك بكسرتك وباللي حصلك وانا عذراكِ… بس لو عايزة رأي طالما قررتي تشتغلي وتحتكِ بالناس يبقى لازم يكون عندك مرونة أكتر من كده

زفرت هي بضيق وقالت حقيقة تهربها:

– يمكن عندك حق…الدكتور ده كان شاهد على اكتر وقت كنت مكسورة فيه وبصراحة فكرة أنه شالني وانا بنزف ولحقني بتخليني عايزة الأرض تنشق وتبلعني من الأحراج…

نظرت لها “سارة” بتعاطف و واستها قائلة:

-هو كان مضطر لكده يومها وانتِ مكنتيش في وعيك وبعدين كتر خير الراجل انه ساعدك يا “رهف” أنتِ مفروض تشكريه مش تعامليه بقلة ذوق في كل مرة ويمكن الصدفة الغريبة دي حصلت علشان تردي جميله اللي في رقبتك

تنهدت بقوة مقتنعة بعض الشيء بحديثها الذي يشابه حديث “سعاد” لحد كبير ثم قالت بحيرة:

-كلامك نفس كلام “سعاد”… بس مش عارفة انا متلخبطة… لتغمض عيناها تستعيد شيء من شجاعتها قائلة:

-بصي انا هكلمه بس مضمنش نفسي…

ابتسمت “سارة” بسمة هادئة تنم عن ثقتها بتقديرها للأمور ثم شجعتها قائلة وهي تتناول هاتفها وتخرج رقمه من قائمة الأسماء:

-تمام خدي رقمه وكلميه

تنهدت هي واخرجت هاتفها تسجل رقمه ناقله اياه من على شاشة الهاتف الأخر ثم اعطتها اياه، لتقول “سارة” راجية:

-“رهف” علشان خاطري وخاطر مصلحة الشركة طولي بالك وحاولي متبقيش قليلة الذوق معاه

تنهدت “رهف” حانقة من تلك السيرة بأكملها ثم عقبت:

-هحاول…
——————–
أما عن تلك الصفراء التي يقطر الخبث من عيناها فقد استغلت الأمر وباشرت في تنفيذ خطتها حين صدح صوتها مناديًا على “مُحبة” وجاءتها قائلة:
-أأمري يا هانم

تصنعت “دعاء” الاهتمام قائلة:
-طمنيني على “ميرال” يا “محبة” دي صعبانة عليا موت

حركت “مُحبة “شفتيها يمينًا ويسارًا واجابتها متهكمة:
-لما “فاضل” بيه بيفتحلي الباب علشان أَشقر عليها بلاقيها قاطعة الزاد ودمعتها منشفتش من على خدها…بس هقول ايه منه لله المؤذي اللي كان السبب..

-قصدك ايه ! انا مقلتلوش يحبسها وبعدين هي غلطت فيا ومدت ايدها عليا ومع ذلك علشان أنا قلبي طيب سامحتها واخدت من “فاضل” المفتاح علشان أخرجها

جحظت عين “مُحبة “بعدم تصديق ولكن “دعاء” مدت لها المفتاح مؤكدة:

-خدي طلعيها وبتمنى تعقل وتعرف أن أنا و باباها عايزين مصلحتها

احتضنت “مُحبة” المفتاح بين راحتها وعقبت بتوجس مستغربة ما يبدر منها:

-ربنا يهدي…

ابتسمت “دعاء” بإصفرار وراوغتها لعدة دقائق أخرى لحين أتت خادمتها التابعة لها التي تنقل لها كل شيء بغيابها داخل القصر

لتسمح ل “مُحبة “بالمغادرة بينما الأخرى اقتربت منها قائلة بطاعة:

-عملت اللي قولتيلي عليه يا هانم…

حانت من “دعاء “بسمة متخابثة ثم قالت بسعادة كونها ستنفذ غايتها التي طال انتظارها:

-برافو عليكِ
————–
هاتفته وحاولت قدر المستطاع أن لا تكون فظة معه فقد اخبرته بإقتضاب شديد أن يحضر لمقر الشركة لأمر هام وبالفعل هاهو يصل لتوه وتنهض مصافحة اياه بتحفظ شديد قائلة:

-اهلا يا دكتور اتفضل

جلس” نضال” بالمقعد المواجه لمكتبها بملامح بشوشة قائلًا:

-خير يا بشمهندسة

اجابته هي بعملية وهي تمد المخطط له والملف المرفق معه:

-ممكن تطلع على الملف ده هتلاقي الميزانية التقريبية للتنفيذ بتمنى تناسبك

ظل محتفظ ببشاشته وأومأ لها ثم سحب الملف يطلع عليه بعيون مدققة… بينما هي انتظرت تعقيبه او ابداء رأيه وهي تطرق بقلمها على سطح المكتب بحركة هادئة تزايدت وتيرتها شيء فشيء عندما كان يتمعن بالورق ويهز رأسه بطريقة استفزتها للغاية وكم تمنت لو تفوه بشيء يعبر عن استحسانه بدلًا من صمته المقيت ذلك … وكأنه كان يستمع لأفكارها لذلك تحدث دون أن يرفع عينه من على الملف:

-شاي بحليب

ألقت القلم من يدها مستغربة ما تفوه به:

-افندم

رفع منكبيه بكل عفوية وقال وهو يمط فمه:

– اشرب شاي بحليب …هو انا قولت حاجة غلط مش كنتِ هتسأليني اشرب ايه ولا أنتِ بخيلة يا بشمهندسة

قلبت عيناها بنفاذ صبر من طريقته المستخفة وردوده الغير متوقعة دائمًا بكل شيء ولكنها صمدت بأعجوبة كما وصتها “سارة” من اجل مصلحة العمل وتناولت سماعة الهاتف قائلة من بين اسنانها:

-واحد شاي بحليب في مكتبي

أضاف هو بهدوء استفزها:

-و واحد ليمون

رمشت عدة مرات حين برر هو:

-ليكِ مش ليا علشان حاسك متوترة

حسنًا هو محق هي تحتاج شيء يهدئ من اعصابها قبل أن تنقض عليه وتقوم بطرده من المكان بأكمله…

-و واحد ليمون

وضعت السماعة تزامنًا مع وضعه للملف من جديد أمامها لتتساءل بعملية شديدة:

-هااا بتمنى اسمع رأيك ولو عندك اعتراض او تعديل اتفضل قول

نفى برأسه واخبرها ببساطة دون تعقيد:

– لأ دي تمام اوي…

تنهدت وكررت سؤالها:

-يا دكتور لو سمحت حضرتك لو عندك أي تعديل تقدر تقوله علشان هيبقى صعب بعد كده نعدل

رفع نظارته ومسد منحدر أنفه قائلًا ببساطة وثقة متناهية عززت ثقتها بذاتها:

-بصراحة أنا ميشغلنيش كل ده ومش لازم تشركيني في التفاصيل أنا واثق في ذوقك وقولتلك اعملي الأنسب أنا معنديش أي مشكلة…

قالها تزامنًا مع دخول عامل البوفيه إليهم واضعًا الصينية بيده على المكتب بأدب لتشكره “رهف” ببسمة هادئة ممتنة له غافلة عن عيون الأخر التي جمدت عليها:

-شكرًا يا عم “راضي”

أومأ لها الرجل قائلًا:

-تحت أمرك يا ست الكل تأمريني بحاجة تانية

نفت برأسها وشكرته ليستأذن هو وما أن خرج وئدت بسمتها وعادت لتحفظها حين ادركت كونه كان يتابعها ليخفض هو عيناه بحرج ويمد يده يتناول كوب الشاي بالحليب خاصته قائلًا باستحسان بعدما رشف منه:

-عم “راضي” ده فنان انا مدمن شاي بحليب بس بصراحة اول مرة يعجبني كده

لم تعطي اطراءه أو سير حديثه أهمية بل هدرت بإقتضاب وهي تمد عدة اوراق له ملتزمة بعمليتها ورسمية الوضع:

-تمام يا دكتور ممكن حضرتك توقع هنا

اعتلى حاجبيه من تلك الرسميات القاتلة التي لا تكف عنها وقال وهو يضع الكوب من يده ببسمة بشوشة للغاية:

-بغض النظر عن حضرتك الرخمة دي اللي مبتنزليش من زور بس تمام همضي

تنهدت هي بضيق وظلت محافظة على تحفظها حين هدرت دون تفكير:

-متعودتش اشيل التكليف بيني وبين أي حد…ومش من حق حد يطفل على حياتي ويفرض عليا اقول ايه ومقولش ايه ولو سمحت وقع الورق ومضيعش وقتي اكتر من كده

قالتها بعجرفة شديدة دون أن تكلف ذاتها عناء المجاملة وهي تظن بذلك ستجعله يلتزم حدوده معها ولا يتعداها بينما هو

تجهمت معالم وجهه وغابت بشاشة وجهه وتحمحم بحرج وهو ينصاع لرغبتها واضعًا توقيعه تحت نظراتها الثابتة:

-تمام …

بس ممكن اعرف هتبدأو شغل امتى؟

اجابته برسمية وبنبرة استشف هو بها حدة غير مبررة وهي ترتب الأوراق فور انتهائه منها:

-اسبوع بالكتير انا ملتزمة بتنفيذ اماكن تانية و مضغوطة انا لولآ “سارة “أصرت مكنتش ألتزمت بحاجة في التوقيت ده

هز رأسه بتفهم وقال بجدية قلما ما يتحدث بها:

-تمام بس لازم تحطي اولوية لعيادتي انا فضلت منتظر تلت شهور وبتأجلوا فيا…

بررت بعدم اكتراث:

-التأجيل مكنش مني كان بسبب رفض المهندسين اللي قبلي واظن حضرتك عارف السبب كويس

عقد حاجبيه غير راضي عن تهكمها ورد وهو محتفظ بهدوء اعصابه:

-ايه السبب علشان المكان في حتة شعبية مش كده و البيت قديم شوية…ايه المشكلة!

اجابته مندفعة دون تفكير وبهجوم شرس غير مبرر غافلة كون صوتها وصل لكل من بالشركة:

-المشكلة أن أي مهندس بيدور على مكان يظهر شغله بصورة أفضل بحيث يبقى دعاية ليه ويتنسب لأسمه في المجال ومتهيألي عيادة حضرتك مفهاش أي حاجة من اللي ذكرتها واصلا اختيار موقعها مش موفق ابدًا فياريت تحمد ربنا إن شركة زي شركتنا وافقت في تنفيذها

لم يحبذ بتاتًا الصوت العالي يثير اعصابه لذلك هدر بثبات وهو يتحكم ببراعة في ردود افعاله:

-منفعلة ليه كده! وبعدين شركتك اللي أنتِ عايزاني احمد ربنا انها قبلت تجهز عيادتي مش هتنفذها ببلاش

هنا هرولت “سارة” إليهم كي تلاحق الأمر بعدما لفت صراخهم انتباه الجميع:

-في ايه؟كده يا “رهف” ده اللي وصيتك عليه

-وصتيني ايه يا “سارة “ده حد غريب جدًا

-انا اللي غريب ولا انتِ اللي منخيرك في السما ومش طايقة حد يكلمك… ليمرر يده بخصلاته الشقراء ويسترسل يوضح بنبرة ثابتة رغم ضيقه من استخفافها:

-ايه المشكلة يا بشمهندسة في مكان العيادة أنا أقدر أخد عيادة في احسن مكان في البلد زي ما كل زمايلي بيعملوا بس انا ليا وجهة نظر عيادتي هتبقى خيرية هقدم فيها مساعدات للناس اللي فعلاً تستحقها انا مدرستش الطب علشان يكون منفعة ولا علشان استغل بيه المرضى أنا درست طب علشان رسالة سامية ومهنة إنسانية وميثاق شرف مسؤول عنه ضميري في المقام الأول …ولو في حاجة مش موفقة في اختياري فهو اختياري لشركتكم

تلجم لسانها وزاغت نظراتها فور حديثه المنطقي والانساني لحد كبير وكم لعنت ذاتها وتسرعها بالحكم عليه في حين صاحت “سارة” تلاحق الأمر:

-دكتور” نضال” ارجوك اهدى هي اكيد متقصدش

رد هو بجدية ملتزم بضبط ردود أفعاله:

-انا هادي بس للأسف يا مدام “سارة” يظهر إني غلطت لما وكلت شركتك و وثقت في اخيارك

لينظر ل “رهف” نظرة اخيرة اربكتها ويضيف قبل أن يغادر مكتبها:

-عن اذنك يا بشمهندسة…ومن غير حضرتك

وضعت “سارة” يدها على فمها غير مستوعبة ما حدث للتو ونظرت لها معاتبة:

-طيرتي ال Client …ده اللي اتفقنا عليه…

زفرت هي بقوة وبررت مرتبكة:

-“سارة” هو…

-قاطعتها “سارة” بضيق:

-لأول مرة تخذليني يا “رهف”…كنت فاكرة عندك تقدير للأمور اكتر من كده…لكن للأسف

ذلك اخر ما قالته” سارة” تاركة اياها ترتمي على مقعدها وتنحني تسند رأسها على حافة المكتب وهي تلعن تسرعها

فلا تعلم ما أصابها فكلما ارادت ضبط انفعالاتها لا تستطيع وتصدر منها بمنتهى العجرفة وحقًا ذلك الأمر يرهقها فيبدو أن حديث “سارة” السابق ينطبق عليها و يبدو أيضًا أن نكبتها وما مرت به جعلها مندفعة ، متأهبة، بل ومتسرعة ايضًا تحكم على ظواهر الأمور دون أن تكلف ذاتها عناء استكشاف بواطنها وذلك الشيء كان يحزنها فتلك ليست طباعها ولذلك ادركت أن صديقتها مُحقة كونها أصبحت بالفعل مُعقدة.

—————-

تناولت نفس عميق وهي مغمضة العين حين لفحها ذلك الهواء العليل الذي داعب شعرها وجعله يتراقص معه في سنفونية ممزوجة بالشجن الحزين، فكانت تقف أمام تلك الشرفة المُطله على ذلك الجمال الساحر وتلك المساحات الشاسعة التي ينتشر بها الحقول الخضراء المبهجة التي فور النظر لها تجذب طاقتك السلبية وتمدك بالراحة …ولكن غالبًا لا يؤثر هذا بها كثيرًا فلم تحظى بالراحة منذ أن

رافقت خالها تظل ملازمة لغرفتها ولا تغادرها إلا للضرورة عندما يلحون عليها…نعم تنال ترحيب من الجميع ولكن شعور غريب من عدم الراحة يرافقها….

-واه ما هتمليش من جعدت الشُباك دي

قالتها “قمر” بود وبطيبة استشعرتها “نادين” بها منذ اول وهلة لها ببيت خالها فقد احبتها كثيرًا لعفويتها وجمال روحها الذي ينعكس على كل طباعها ، قطعت شرودها الدائم قائلة بملامح ذابلة وعيون سكن بها الحزن:

– أصل المنظر حلو أوي يا “قمر” والهوا تحسي انه نضيف يريح الأعصاب.

عقبت” قمر” بخفة تشاكسها كي تخرجها من تلك الهالة الكئيبة التي تحاوطها:

-واه وانا اعصابي معتروجش ليه ما أنا بجالي سنين أهنه ومحستش بحاجة واصل

ابتسمت “نادين” ببهوت واجابتها:

-لو كُنتِ عيشتي في القاهرة مكنتيش هتقولي كده كنتِ هتعرفي الفرق.

-انا اندليت لهناك مرة مع “حامد” وبصراحة عندك حج القاهرة چميلة بس زحمة جوي وهواها يطبج على النفس

-فعلا القاهرة زحمة وهواها مختلف عن هنا…

لتقول “قمر” سبب مجيئها :

-طب يلا همي معاي عمي شيعني ليكِ عشان تجعدي معانا على الغدا

تنهدت” نادين” وعقبت وهي تشعر بتقلص معدتها:

-مليش نفس يا “قمر” ومش عايزة انزل

أصرت عليها “قمر” وأخذت تلح ولكن “نادين” كان ليس لديها أي رغبة في ترك غرفتها ولا شهية لتناول الطعام، طرقات الباب وصوت خالها الذي صدح من الخارج اجفلهم سويًا:

-يلا يا بتي الوكل هيبرد

سحبت “قمر” طرف وشاحها الأسود وغطت به فمها قائلة وهي تهم بالخروج من الغرفة:

-اهو چالك اتلجي وعدك بجى

تنهدت هي وقامت من جلستها حين دلف “عبد الرحيم” وقال بعدم رضا:

-وبعدهالك يا بت “غالية” هتفضلي حابسة حالك إكده

فركت “نادين” يدها واجابته متحججة:

-انا مش حابسة نفسي بس..

قاطعها هو بإصرار:

-من غير اعذار هِمي مش هحط لجمة في خشمي من غيرك

تنهدت بقلة حيلة وأومأت له بطاعة

وهاهي تجلس بينهم شاردة بوادٍ اخر تعبث فقط بطبقها دون أن تمسسه حين هدر صوت “ونيسة” زوجة خالها وهي تلوي شفاهها:

-هو الوكل مش عاچبك ولا إيه؟

انتبهت لحديثها وردت بهدوء مجاملة:

-لأ يا طنط الأكل جميل يسلم ايدك

لم تلقِ بال لإطراءها بل كل ماشغلها هو:

-واه ايه طنط الماسخة دي جوليلي ياما “ونيسة “كيف باجي الخلج ولا انتِ مستعلية تجوليها يا بت غالية

ابتلعت “نادين” غصه بحلقها من أسلوب زوجة خالها القاسي والخالي تمامًا من أي لين وقد استشعرته ما أن وطأة قدميها ذلك المنزل فهي تتعمد أن تلقي بالحديث المتهكم عليها.
وكونها تريد استرجاع قوة “نادين” القديمة اجابتها:

– متعودتش اقول الكلمة دي لأي حد

هنا زغرها “عبد الرحيم” بنظراته وقال بمسايرة:

-هملي البِنية يا ونيسة هي كيف ما تعودت

اعترضت” ونيسة “متهكمة وهي تطالع “نادين” بنظرات تقطر بالحقد:

-اهملها كيف هي العجربة احسن مني في ايه علشان تقولها يا أما وانا لع

تناوبت “قمر” النظرات بينهم وهي تعلم أن والدة زوجها لن تمرر الأمر مرور الكرام بينما حاول “حامد” التدخل:

-ياما ملناش صالح بحد وبعدين بنت عمتي لساتها مخدتش عليكِ

-كيف يعني؟

اعترضت” ونيسة “على دفاع ولدها في حين فاض الكيل ب “نادين” لتلقي بمعلقتها داخل الطبق محدثة صوت عالي لفت أنظار المحيطين لها وقالت بنبرة ثابتة تخالف ارتجاف دواخلها وذلك الخواء التي تشعر به، صامدة كي توقف تلك السيدة عند حدها بعدما اهانت لتوها أكثر شخص يعني لها:

-العقربة اللي بتتكلمي عنها هي اللي ربتني وافضالها مغرقاني وعشت سنين معاها عمرها ما جرحتني بكلمة وكانت بتسامح ورغم إني عشت سنين بعاملها على انها عدوتي بس عمري ما حسيت بغربة معاها زي ما أن حاسة وانا بينكم…

قالت أخر جملة بعيون يتحجر بهم الدمع ولكنها تماسكت لأخر لحظة و هرولت لغرفتها تاركتهم يتناوبون النظرات بينهم ليصدر صوت “عبد الرحيم” ناهرًا زوجته:

-عچبك إكده يا غراب البِين مش جادرة تحطي لسانك اللي بينجط سم ده في خشمك

لوحت “ونيسة” بيدها وقالت بلا اكتراث:

-انا معحبش الدلع الماسخ ده من يوم ما جبتها وهي عاملة علينا هانم وراسها لفوج

جز “عبد الرحيم” على نواجذه بغيظ واخبرها بصرامة وبصوت جهوري جعلها تنتفض فوق مقعدها:

-اسمعي ملكيش صالح بيها واصل و خشمك ده تجفليه على الأخر وهي صوح ست الهوانم دي تحتكم على اللي اهلك كلتهم ميحتكموش على ربعه فاهمة ولا لع يا غراب البِين

هزت “ونيسة” رأسها وهي تلوي فمها بينما “قمر” كانت تطرق برأسها وتتناول طعامها خوفًا ان ينالها نصيب من حديثه اللاذع

الذي وجهه للتو ل “حامد” دون أن يعير وجودها أي اهمية:

-وانت يا ولدي رايدك تاخد الكرتة و تاخدها تلفلفها بالبلد عشان تغير لها چو… فرچها على الأراضي وعرفها أن احنا حدانا كتير بَردك زيها عشان متستجلش بينا

لم يلقِ حديث أبيه على استحسانه لذلك اعترض قائلًا:

-كيف بس يا بوي رايدني اخرج بيها إكده جدام الخلج وألفلف بيها بصفتي ايه انت عاوز الخلج تلسن علينا…

-جطع لسانتهم محدش يجدر يجول كلمة أنت ولد خالها ومفهاش حاچة

تعالت وتيرة انفاس” قمر” ولاحظ “حامد “ما اصابها ليمد يده من تحت الطاولة ويتمسك بيدها قائلًا:

-خلاص يا بوي اللي تشوفه بس هاخد “جمر” ويانا وهي فرصة هي كمان محتاچة تغير چو بجالها شهور من وجت ما رچعت من سوهاچ وهي مخرجتش من الدار

لوت “ونيسة” شدقيها بينما عقب “عبد الرحيم” بجبروت:

-وماله لما متهملش الدار مش احسن ما تلفلف على الحُكمة وتعشمك بالباطل

-يابوي عشان خاطر ربنا بلاش حديت ملوش داعي انا جولت رأي ولو معوزش تقدر تاخد أنت بت عمتي وتلفلفها بالبلد على كيفك

-صوح أنت اولآ بيها يا عمي

قالتها “قمر” بتسرع نابع من غيرتها قبل أن تطرق رأسها وتخفي فمها بطرف وشاحها بخوف بعدما تداركت نظرات “عبد الرحيم” المرعبة حين نهرها قائلًا:

– الرأي أهنه رأي انا وانا اللي اجول ايه اللي يصوح وإيه لأ مبجاش ناجص غيرك يا أرض پور اللي تجوليلي اعمل ايه.

شحب وجهها ولم تعقب بل غادرت طاولة الطعام وهي تبتلع غصة حارقة بجوفها من إهانته المتكررة التي تعذبها و تصيبها بالصميم وكأنه لم يكتفي بقلة حيلتها بل أجبراها على الأنقطاع عن المتابعة مع الطبيبة بحجة ان لا نفع منها وبالطبع زوجها رغم عدم رضاه عن ذلك القرار إلا انه لم يعترض كونه لا يستطيع اغضابه فزوجها طباعه مناقضة لطباع ابيه بكل شيء ورغم ذلك كان لوالديه سُلطة مهيمنة عليه، أما هي فمازال الأمل ينبض بداخلها ولم تيأس ومنذ أخر زيارة لها للطبيبة من عدة شهور وهي تأمل في عطاء الله.

زفر “حامد” بضيق وهو ينظر لأثارها ورد على أبيه مدافعًا عنها:

-ليه إكده يا بوي هي مغلطتش لما غارت عليا دي مرتي ويحجلها

زمجر “عبد الرحيم “واجابه ساخطًا :

-لع ميحجلهاش لما تبجى مرة صوح وكاملة زي بجيت الحريم وتجيب عيال يبجى يحجلها

-بكفياك يا بوي مرتي مش ناجصة النجص بعجولنا اللي مش جادرة تستوعب ان مش بيدها

-زفر “عبد الرحيم” حانقًا من دفاع ولده المستمت وقد أدرك أنه حان الوقت ليفاتحه بالأمر ويستغل نقطة ضعفه لصالحه لذلك هدر وهو ينهض ويتوجه لمندرة البيت:

-سوي الشاي الغطيس يا “ونيسة” وچبيه على المندرة عشان رايد ولدك في كلمتين

ليوجه نظراته ل” حامد “أمرًا اياه:

-حَصلني يا ولدي

حاول “حامد” التملص كي يذهب لأرضاء زوجته:

-بس يا بوي اني…

قاطعه “عبد الرحيم” بحدة أَمر اياه بكل تجبرت:

-كلمة ومش هتنيها يا “حامد ” هِم جدامي

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطايا بريئة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!