روايات

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطيما يوسف

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطيما يوسف

رواية بين الحقيقة والسراب الجزء الثامن عشر

رواية بين الحقيقة والسراب البارت الثامن عشر

رواية بين الحقيقة والسراب الحلقة الثامنة عشر

أخبروها بأن عيناي تنتظر رؤيا طيفها هائمة،
أخبروها بأن أنفاسي متلهفة للمساتها الناعمة ،
أخبروها بأنها عشقي الأبدي وحياتي بدونها قاتمة،
أخبروها بأنها روحي ودقات قلبي بنارها مغرمة
خواطر رحيم المالكي
بقلمي فاطيما يوسف
في منزل راندا الجمال تجلس على هاتفها تتصفحه بالساعات كعادتها وكأنه أصبح وسيلة ملاذها التي تضيع فيها برضا تام إذ بها تأتيها رسالة علي الواتساب وكان عبارة عن مقطعِ فيديو ، فتحت الفيديو وجحظت عيناها من ما رأته ، لقد كان الفيديو لسما ابنتها وهي ترتدي هوت شورت وناثرة شعرها علي كتفيها ووجهها يكسوه المكياج الخفيف الذي أبرز جمالها بشدة ،
صعقت حقا مما رأته أمامها والذي كان عبارة عن إلقاء أغنية تقلد فيها الصوت بحركات الشفاه المغرية وحركات الجسد السافرة ،
في مشهد يزلزل القلب والعقل والروح ،صغيرتها ومدللتها أصبحت من العاهرات ومن العجب أيضاً أنها تجمع مايقرب من نصف مليون مشاهدة على ذاك الفيديو والذي كان من شهر تقريباً ، رفعت عينيها لأعلي الفيديو كي تري ماذ تسمي نفسها ،
زادت الخيبات والحسرات عندما وجدتها مدونة اسمها ب “سمكة الشقية 😉😉”
خرجت من الواتساب وفتحت الفيسبوك وبحثت عنها ولم تجدها ، ظلت تبحث عنها ولم تصل إليها وازدادت حيرتها وفي النهاية استنتجت أنها تضعها في قائمة الحظر كي لاتراها ،
وفي نفس التوقيت أتتها رسالة من نفس الرقم المجهول محتواها :
_ كلنا بقينا في الهوا سوا ياطنط وبنتك بقت متفرقش عن البنات الصايعة إللي مش متربية زي ماكنتي بتلقبينا وتقعدي في club وتقولي محاضرات فينا وأنا كنت ببقي سامعاكي ،
مبقاش حد أحسن من حد ولو عملتي أكونت تاني ادخلي وشوفي إبداعات سمكة وهتنبهري أووي ، أصلك مش هتشوفيها من الحظر إللي هي عامله لك .
ألقت الهاتف جانبها بإهمال واستندت علي جزعيها وهي تضع وجهها بين يديها تحدث حالها :
_ ياإلهي أتلك ابنتي التي ربيتها سنوات وأفنيت عمري لها!
أتلك ابنتي البريئة النقية الطفلة التي أصبحت بجسد أنثي !
كيف لها أن تفعل هذا الهراء شهوراً وأنا لاعلم ولا دراية بتلك المهزلة ،
أمن الممكن أن تكون وصلت إلي مستوي من الانحراف الذي نسمع عنه أعلي من ذاك !
الأن قد علمت ماذا تفعل في غرفتها بالساعات وهي تغلق الباب علي حالها وتستمع إلي الأغاني عبر مسجل الصوت ،
انتفضت من مكانها وهبت واقفة وصعدت الأدراج وهي تغلي كالبركان وقفت أمام غرفة ابنتها وقبضت على الباب كي تفتحه وتدلف دون استئذان كما عودتها وجدت الباب مغلق ،
اشتعلت النيران داخلها وبقبضة قوية دقت على الباب بعنف مما ازعج ابنتها فقامت على الفور وفتحت الباب كي تري لماذا تدق والدتها الباب بهذا العنف ،
رددت وهي تفرك عيناها أثر النوم بانزعاج:
_ في إيه ياماما علي الصبح ، في حد بيخبط علي حد بالطريقه دي ؟
لم تتفوه ببنت شفة وهبطت بيديها على وجهها بصفعه من شدتها وقعت ارضا ،
ثم هدرت بها بحده:
_ السفلة السهلة الرخيصة ، اللي اتقلبت من بنت بريئة ربيتها على ايدي وعلمتها ازاي تحافظ على نفسها من وهي صغيرة لواحده ما بقتش عارفاها ،
واستطردت وهي تهزها من كتفيها بعنف:
_ من امته اتحولتي وبقيتي بالبشاعة والسفالة دي يابنت ؟
وضعت سما يدها علي وجهها تدلكه من أثر الصفعة وأجابتها وهي تجز على أسنانها :
_ من ساعه إنتي كمان ما اتحولتي وبقيتي مش فاضيه لنا وفرقتينا ،واذا كنت انا اتدمرت ووصلت للمرحلة اللي إنتي بتتكلمي عنها دي فيبقى بفضلك انتي يا ماما .
جحظت عينيها ولمعت بالدموع وهدرت بها وهي تشير بكلتا يديها بتعجب:
_ليه انا عملت ايه علشان تقولي الكلام ده؟
ابوكم هو السبب هو اللي عمل فينا كده هو اللي دمرني وهو اللي جنى عليا وهو اللي خاني وجرحني وفي الآخر بتلومي علي انا
إن انا اللي دمرت البيت ووصلتك للمرحلة المنحطة دي !
جلست سما بإهمال على تختها وتحدثت بقسوة:
_ايوه إنتي وما فيش غيرك السبب في اللي وصلنا له ده ،
وتابعت بنفس القسوة:
_ما هو طلقها وجالك واعتذر بدل المره 20 وإنتي راندا هانم اللي ما ينفعش تتنازل .
أمسكتها من تلابيب ملابسها ونطقت بحسرة:
_ بقي بتجيبي اللوم عليا أنا ! بعد ماضيعتي عمري وشبابي وجمالي عليكم ،
بعد ماكنت ليكم الأب والأم والكل وهو هناك بيتنعم في حضن واحدة وعايش حياته عادي وأنا هنا الدادة إللي بتربي العيال .
رفعت حاجبيها وتحدثت بنفس القسوة :
_بس في الأخر عملتي زي إللي فضلت تطبخ لولادها أحسن أكل وتعبت طول النهار وجت علي أخر اليوم قبل مايكلوا حرقت الأكل وبقي ولا له طعم ولا لون ولا ريحة وفي الأخر تعبها راح ولا هي اتهنت بيه ولا ولادها إللي كانو طول اليوم بيضحكوا وبيلعبوا وكل شوية يشاغبوها أكلوا وناموا جعانين .
اتسع بؤبؤ عينيها وردت بدهشة:
_ بقي أنا كدة ياسما !
ردت بهدوء :
_ أيون ياماما كدة وأكتر من كدة كمان ، أنا بقيت مش لاقياكي ولا لاقية بابا اللي عمل كل اللي في وسعه علشان ميسبناش ، وخلي بالك مش أنا لوحدي اللي ضعت مهاب كمان دخل طريق الضياع اللي أي حد بيدخل فيه مبيطلعش إلا وهو علي نقالة .
تتوالى الصدمات على قلبها كالرياح التي سكنت مدة طويلة وبدون سابق انذار هبت واقتلعت في طريقها أشد الجبال الراسخة ،
وهتفت بعدم تصديق:
_ إنتي بتقولي ايه ! مهاب ماله ؟
اهتز فكها بسخرية وأجابتها بنفس القسوة ولم ترعى حالها الذي تنشق له القلوب:
_ مهاب بقى سهر وشرب مخدرات وكباريهات يومياً وبيرجع نص الليل وانتي نايمة ومصدقاه وهو بيقول لك إنه جه بدري ومبتابعيش وراه .
لم تصدقها وصفعتها علي وجنتيها الأخري مرددة باستنكار:
_ إنتي كدابة مهاب لايمكن يعمل كدة أبدا!
مهاب متربي إنتي بتفتري عليه علشان تداري علي عملتك السودا.
الأن تبدل وجه البنت القاسية التي رسمته ببراعة على وجهها وكشفت وجه الطفلة البريئة التي دنستها قسوة الحياة بعدما كانت مدللة أبيها وأمها ، ورددت بانهيار:
_ أنا عمري ماكنت كذابة ياماما بس بقيت كذابه ، أنا مبقتش سما الطفلة البريئة إللي إنتي خلفتيها وربتيها ،
انا بقيت مشوهه من جوه ومن بره واتدمرت وحياتي القديمة الجميلة اندفنت ومش هعرف ارجع لها تاني .
مسحت راندا دموع عينيها بحدة ونظرت اليها بأعين دامية وهي تحاوطها من كتفيها ورددت بحيره:
_ليه كده يا سما ليه عملتي فينا وفي نفسك كده؟
واسترسلت بتساؤل مغلف بنفس الحيرة:
_ليه عملتي لي حظر انطقي ؟
أجابتها باستفاضة وهي تجلس على التخت بإهمال وتضع وجهها بين كفيها:
_ومش بس إنتي يا ماما اللي عملت لك حظر انا عملت لجدو ولتيتي ولخالو ولخالتو ولمهاب ولبابا وكله مفكر ان انا قفلت صفحتي علشان خاطر حالتي النفسيه بسبب اللي حصل لنا ،
لكن أنا خدعت الكل .
وضعت رندا يدها على صدرها وهي تحاول ان تهدئ من ضربات قلبها السريعة التي تنتابها كلما استمعت الى كلمات ابنتها البشعة ،
وأكملت استفساراتها والتي من الواضح أنها لن تنتهي :
_ اتعلمتي ده كله من مين وامته ؟
سما بلا مبالاة:
_ ياه ياماما دي الدنيا إللي حوالينا مسرح كبير اتعلمت منه وإنتي بعيدة عننا وعايشة جوة دوامة الشوبينح وصالونات التجميل والخروج والفسح وبعدتي أووي .
أحست بأن الكون يدور حولها مما علمته عن أبنائها وصارت تضرب وجهيها كالجهلاء من شدة الصدمة وجلست أرضاً وهي تنتحب :
_ يامرارك ياراندا ومصيبتك إللي وقعت فوق دماغك ،
وأكملت نحيبها:
_ ليه يارب يجرالي أنا كدة دونا عن الخلق كلهم!
ليه يكون اللي باقي من عمري كله قهر ووجع واللي فات عشته أم وأب ودفنتي نفسي سنين في الدوامة وملحقتش نصيبي من الفرح .
جلست سما بجانبها كالقرفصاء تضم ساقيها وتضع رأسها بينهم وهي تنتحب كوالدتها بشدة،
كيف تموت المرأة حية ؟
قال :
غابرييل_غارسيا_ماركيز :
رأيت امرأة ميتة يوم أمس، وكانت تتنفس مثلنا،
ولكن كيف تموت المرأة ؟ وكيف تراها تحتضر ؟؟
تموت إذا فارقت وجهها الابتسامة، إذا لم تعد تهتم بجمالها، إذا لم تتمسك بأيدي أحد ما بقوة، وإن لم تعد تنتظر عناق أحد، وإن أعتلت وجهها ابتسامة ساخرة إذا مر عليها حديث الحب، نعم هكذا تموت المرأة !!
نعم تموت المرأة وهي حية ترزَق، تعلن الحداد داخلها، تعيش مراسم دفنها لوحدها ثم تنهض، ترتّب شكلها، تمسح الكحل السائل تحت عينيها، تعيد وضعه، ثم تخرج للعالم، واقفة بكامل أناقتها، تتنفس وربما مبتسمة وتضحك، لكنها ميتة ولا أحد يعلم !
فكم من امرأةٍ تعيش بيننا تتنفس، لكنها ماتت منذ زمن،
انطفاء بريق الأمل والقوة في عينيها هو أولى علامات الموت .
_______________________________
والله أنا دماغي محتاجها فعلاً بسبب دوشة الطلبة في الجامعة ، واتصالات ريما اللي داوشاني بيها من الصبح .
نظر مالك وعلي إلي بعضهما باندهاش مرددين بصوت واحد :
_ ريما !
تحدثت بابتسامة هادئة:
_ أيوة يامستر مالك ريما ستور .
نطق الاثنان بذهول :
_ إزاي ده ! معقولة !
ابتسمت علي ذهولهم الغير مفهوم لها وهتفت باندهاش :
_ الله هو في ايه غير معقول في إللي أنا بقوله ؟
أجابها علي مبتسماً:
_ معلش اعذرينا أصل إحنا كنا مفكرين ريما ستور امرأة أربعينية محنكة .
أنهي كلامه وهو يضع يده علي فمه مبتسما ،
وأكمل مالك باندهاش:
_ والله أنا مش مصدق إن إللي بتبعت لنا التصاميم اللي بالدقة والروعة دي طول الخمس سنين إللي فاتو تطلع سنها صغير كدة .
ابتسم رحيم عليهم ونظر إلى ريما مرددا بتفاخر مغلف بالمداعبة:
_ الله دي إنتي طلعتي هيرو بقي وليكي صيت ومحدش قدك ومش هنعرف نكلمك بعد كدة .
لكزته بقدميها بخفة وهي تنظر له بحدة وتحدثت إليهم باعتذار :
_ معلش يامستر مالك رحيم أخويا بيحب الهزار والضحك ،
واسترسلت بتأني:
_انا جيت لحضرتك النهارده علشان ما كانش ينفع اقبل عرض الشغل على الواتس فلازم كنت اجي علشان ابلغكم اني موافقة انضم لمجموعة مالك الجوهري .
ابتسم ذلك العلي علي موافقتها وأردف بترحيب هائل:
_ياه اخيرا ريما ستور هتنضم رسميا لمجموعة مالك الجوهري من زمان واحنا نفسنا في الخطوة دي معاكي سبحان الله كل تاخيره وفيها خيره .
اما مالك فقد شعر بفرحة شديدة منذ ان أدلت عليهم بموافقتها فهو كان منتظرا لتلك اللحظة فوجودها بينهم بتصميماتها المبدعة سيرفع من شأن المجموعة وخاصة انها مميزة في عالم الفاشون والجميع يتساءل عنها،
اهتز فكه بسعادة وهتف بترحيب:
_شرفتينا يا مدام ريم واهلا بيكي انا سعيد جدا لانضمامك لينا وان احنا نشتغل مع بعض وجها لوجه وبكده ممكن نضيف للشغل افضل ما يمكن بوجودك هنا ،
وتابع حديثه بإبانة:
_عايز أوضح لك حاجة مهمه جدا ان احنا هنا في المجموعة ما بنتعاملش كالمدير واللي شغالين عنده خالص مجموعة مالك الجوهري كلها بتشتغل ايد واحده مع بعضها علشان خاطر نرفع من شأن المجموعة وسط سوق الفاشون ،
علشان كده اي حاجه تضايقك لازم تعرضيها عليا انا شخصيا لأني حابب ان احنا نفضل نتعامل مع بعض،
واستطرد حديثه برجاء:
_علشان كده بطلب منك وقت ما تحسي ان شغلك مش مجزي ماديا ليكي ما عنديش مانع ان احنا نتفاهم لكن اللي يضايقني جدا ان إنتي تيجي في وسط الطريق وتقولي لي ان جالك عرض افضل وتسيبي المجموعة ساعتها انا هبقى متضايق جدا .
كانت تستمع اليه بآذان صاغية وتفهمت كلماته وأجابته باستجواد:
_ما تقلقش من الناحية دي يا مستر مالك انا من النوع اللي لما بشتغل في مكان بتعلق بيه جدا والناحية المادية ما تفرقش معايا لأني انا بشتغل مش عشان خاطر أجمع فلوس كتير خالص انا بشتغل علشان انا حابه مجال fashion designer،
يعني من النهاية انا آخر حاجه أفكر فيها الماديات،
واسترسلت بتوضيح:
_بس حاجة مهمة برده اني مش بحب حد يتدخل في تصميماتي أو يعدل عليها انا التصميم بتاعي بشتغل عليه من البداية للنهاية لتعديلاته،
ودي اكتر حاجة هي اللي تضايقني في الشغل غير كده مش هنختلف بإذن الله يافندم.
طمأنها أنه لن يتدخل أحدا في التصميم الخاص بها وعلى الفور استدعي مدير الشؤون القانونية وطلب منه ان يكتب عقد التعامل بينهم بدون شروط على الطرفين فمالك كلمته كلمه رجل وليس ذكر وريم من النوع الذي لم يغدر ابدا وتمتلك من الوفاء ما يجعل الطرف الآخر مطمئنا لها،
بعد انهاء التوقيعات على العقد ناوله إياها قائلا بابتسامة ظهرت على معالم وجهه:
_اتفضلي يا مدام نورتي مجموعة الجوهري وأهلا بيكي من بكره ان شاء الله هتيجي هتلاقي مكتبك جاهز هشرف عليه بنفسي من النهارده.
تناولوا المباركات فيما بينهم وبعد مدة غادرت ريم المكتب،
زفر مالك أنفاسه بارتياح وتحدث بسعادة:
_اخيرا يا علي ما تتصورش دي هتفرق معانا ازاي في المجموعة الكل مستني ظهور ريما ستور وخاصة الفنانين اللي كانوا عايزين يتعاملوا معاها وجها لوجه مصممين عليها هتبقى مكسب رائع جدا لينا.
حرك علي رأسه وعلى وجهه علامات الابتسامه قائلا :
_ أوي أوي سبحان الله ياأخي بعد ما فقدنا الأمل ربنا يبعته لنا واحنا لا على البال ولا الخاطر ،
واستطرد حديثه وهو ينتصب واقفا :
_ هروح بقي أجهز لها المكتب إللي جمبك مباشرة .
تحدث مالك مشجعا:
_ تمام علي بركة الله ربنا يجعله فتحة خير يارب.
أما في سيارة رحيم يشاكس ريم مرددا بمداعبة:
_ والله وبقينا مهمين وهنقعد علي مكاتب وهنتعامل مع فنانين والشهرة جاية لنا راكبة طيارة ياروميتي .
ضحكت بشدة حتي أدمعت عيناها من دعابة أخيها وهتفت متمتمة بآية الاستعاذة:
_ “قل أعوذ برب الفلق” ايه هتقر عليا وأنا لسه بقول ياهادي ، عيب يادكترة ميصحش كدة .
مط شفتيه مدعياً الغضب وهتف بنبرة عتاب مصطنعة:
_ أنا الدكتور رحيم باشا إللي مدوب بنات الجامعه هحسدك إنتي ياريم هزلت والله، مكنش العشم كدة ياقلب أخوكي .
ظل الحديث بينهم متخذا نمط المشاكسة إلي أن أوصلها إلي المنزل قائلا وهو ينظر في ساعة يداه :
_ أنا رايح مشوار كدة ياريم بلغي ماما إني هتغدي برة .
غمزت بإحدي عينيها بشقاوة مرددة :
_ أيون شكلك كدة رايح تشم هوا ينعنش قلبك اللي جاله جفاف ياعين أختك .
رفع حاجبيه باستنكار هاتفا:
_ الله هي ريم الرقيقة بتعرف تقلش وتتكلم من تحت لتحت ،
والله عجبت لك يازمن !
ضحكت من كلماته وأشارت له أن ينطلق بسيارته ودلفت الي قرة عينيها اللذان استوحشتهم كثيرا ،
_________________________________
في منزل باهر الجمال تجلس اعتماد تغلي نارا وهي تردد لولدها:
_ البت مبقاش حد قادر عليها ، قلعت الأسود ورجعت تتشيك علي سنجة عشرة ولا كأن إللي مات كلب ولا يسوى .
تأفف زاهر من حديث والدته وسألها :
_ وإنتي عرفتي منين يا أمي هو إنتي شفتيها ؟
أجابته وهي تضرب بكلتا يديها علي فخذيها:
_ من المحروق إللي اسمه الفيس ياأخويا منزله علي القصة بتاعتها صورتها وهي قاعدة بترسم رسومتها الهبلة إللي خسرتها بيتها وجوزها ،
واسترسلت بنبرة شيطانية:
_ دي طلعت ولا أصل ولا فصل وأهلها معرفوش يربوها ، ده أنا لحد دلوقتي مقلعتش الأسود علي أبوك الله يرحمه .
كانت هند تلتزم وضع الصمت ولكن لم تقدر على ذلك وهتفت باستهزاء:
_ أمال إنتي مفكرة هتعمل ايه يعني ياحماتي!
دي لسه شابة صغيرة وجميلة وأكيد لازم تخرج للدنيا وتعيش حياتها ، مش هتدفن نفسها بالحيا يعني .
_تصدقي بالله انك معندكيش ذرة إحساس وجبلة … جملة تهكمية قالتها اعتماد لهند وأكملت بغضب :
_ الا لو إنتي إللي في موقفها كفي الله الشر علي إبني ربنا يحميه ويحرسه يارب كنتي عملتي كدة زي اللي ماتتسمي دي ؟!
لوت شفتيها بامتعاض وتحدثت:
_ بعد الشر عليا من الهم والحزن ياحماتي ،
ماتفوليش عليا وترمليني بدري بدري كدة .
قطب زاهر جبينه ولم يعجبه ردها وأردف ساخرا:
_ لا يامراتي طلعتي ست ولا كل الستات!
بدل ماتردي تقولي بعد الشر علي جوزي وربنا يخليه لي وتدعي لي بطولة العمر لاااا كل إللي همك انك متلبسيش أسود ولا تترملي وإنتي صغيرة ! ده إنتي دبش دبش مفيش كلام .
كادت أن تعترض علي كلامه إلا ان اعتماد أشارت اليهم بحدة :
_ بقولكم إيه هو انتو كل لما أكلمكم كلمتين علي إللي ينخفي اسمها وصورتها تتخانقوا وتقلبوها لي نكد هنا ؟!
واسترسلت وهي تمسك هاتفها وبدأت بفتح تطبيق الواتساب:
_ والله لابعت لها رسالة وأحر.ق دم.ها البعيدة وأخليها تغل.ي نا.ر من جواها ولا أسييهاش تتهني وابني ضنايا مرمي في تربته .
لم يوقفها زاهر فهو ضعيف الشخصية أمام والدته ولن يقدر أن يراجعها ولا أن يمنعها ،
أما هند كانت تنظر اليها نظرات احتقار علي ماتفعله ،
دونت رسالتها والتي احتوت علي :
_ ازي الكونتيسة ريم هانم اللي دايرة علي حل شعرها وشكل لما تكون صدقت جوزها مات ،
دي انتي طلعتي معدومة الأصل لا ده إنتي معندكيش أصل أصلاً .
استلمت ريم رسالتها وقرأتها وهي تستشيط غضبا ولكن استعملت معها منطق البرود التام وأرسلت لها إيموشن تأكيد ولم تعيرها اهتمام ،
استشاطت اعتماد من تجاهلها فهي كانت قاصدة أن تكيدها ولكن هي التي وقعت في مكيدتها ورددت بغضب وهي تجز علي أسنانها:
_ أه يانا من بنت المحرو.ق دي بت باردة ولا بتحس ،
قال جيت أكيد الناس كدت أنا نفسي ،
واسترسلت بوعيد:
_ والله ماهسيبها تتهني ولازم أخلي اللي مايشتري يتفرج عليها ست حلويات دي .
وظلت تتآكل غضبا جما كاد أن يفتك برأسها وهم يستمعون إليها دون اعتراض.
_____________________________
في منزل مالك الجوهري تجلس تلك الراقية مع ابنتها التي تحدثت باستفسار:
_ يعني ياماما مالك ربنا شفاه من المرض إللي كان مانعه من الخلفة خالص ؟
تنهدت بارتياح وأجابتها بابتسامه تشع حمدا:
_ أه يابنتي ربنا تم شفاه علي خير الحمد لله وجبر بخاطره ،
واسترسلت وهي تنظر للسماء بدعاء:
_ ويارب يرزقه ببنت الحلال إللي تعوضه مر العمر إللي ياحبة عيني بيمر بيه وملحقش يعيش من لحظاته ولا ساعه هنية .
عقدت هيام حاجبيها باندهاش وأردفت بتعجب :
_ طيب إزاي خف خالص بالسهولة دي ؟
اندهشت عبير من تساؤلها ونطقت باستنكار:
_ يعني ايه ازاي ياهيام مش فاهمة سؤالك ده ؟
بدل ما تقولي الحمدلله إن ربنا شفاه.
ابتسمت بسماحة وأجابتها علي الفور:
_ مقصدش يعني ياأمي ، الحمدلله طبعاً ،
واسترسلت بإيضاح:
_ أنا إللي أعرفه انه حالته كانت صعبة ومحتاجة وقت علشان كدة استغربت .
اندهشت عبير أكثر وسألتها:
_ وإنتي عرفتي منين ان الحالة صعبة ومحتاجة وقت ؟! أنا عمري ماجبت لحد سيرة.
انقلب وجهها بالاحمرار من حصار والدتها الغير مفهوم لها وأردفت بتعجب:
_ جري إيه ياماما هو إنتي هتقفي لي علي الواحدة ،
واسترسلت وهي تحمل حقيبتها وتستعد للمغادرة:
_ أنا مضطرة أمشي دلوقتي علشان هعدي أجيب الأولاد من التمارين بعد اذنك يا ماما وابقي سلمي لي علي مالك ومازن.
كانت عبير تنظر علي أثرها بقلب يدق بخوف مما وصل إليه تفكيرها وأرعبها بشدة ،
ولكن نفضت ذاك التفكير عن بالها واستنكرته تماما واستدعت الهدوء وعادت إلي مسبحتها تستغفر الله .
___________________________
في مصنع مالك الجوهري كان يتجول في الطرقات وإذا به يستمع إلي صوت أخيه يقف مع إحداهن ووجد نفسه يقترب أكثر كي يسمع مايقال بينهم دون أن يروه ،
مروان بغمزة :
_ بس ايه يابت الطقم الجامد ده عود البطل بصحيح .
ضحكت بأنوثة مثيرة وأردفت بدلع:
_ والله طول عمري شياكة وأناقة ياموري مش جديده عليا يعني .
ربع ساعديه حول صدره وتابع بمشاغبة:
_ ده إنتي باينك كنتي بطلة الملاعب بقي يامزة .
مطت شفتاها بإغراء ويدها تعبث بخصلات شعرها الحريري وتحدثت بمراوغة:
_ ياه متفكرنيش بقي ياموري بالأيام الحلوة حكم انا بقي عندي جفاف عاطفي علي الأخر.
ابتسم بعبوس علي حديثها و هتف بزعل مصطنع:
_ الله هما عمي ولا ايه والنظر عندهم ضعف ،
هما مش شايفين الجمال والدلال ده ولا ايه ؟
كادت أن تجيبه إلا أن مالك ظهر من العدم ناهرا إياه بحدة :
_ اتفضل علي مكتبي حالا استناني هناك ومتتحركش منه أرجع لك ،
واسترسل حديثه وهو ينظر إليها باشمئزاز هادرا بها بعضب جم :
_ ده إنتي طلعتي قذرة ومقرفة أوي ياشيخة ،
سبحان الله الزمن مغيرش فيكي حاجة غير إنه خلاكي أوسخ من الأول ،
أنا مش من النوع إللي بحب قطع الأرزاق بس معاكي قطع رزقك عين الحلال والصح ،
١٠ دقايق بالظبط ومشفش وشك هنا تاني وإلا هخلي الأمن يطلعك بره .
أنهي حديثه اللاذع لها وخطي من أمامها بخطوات مسرعة غاضبة قاصداً مكتبه ،
كان مروان يجلس وعلي وجهه علامات الذعر من أخيه وما إن رأه حتي أردف معتذرا وهو يومئ رأسه لأسفل:
_ أنا أسف يامالك واعتبر دي أخر مرة يحصل كدة .
زفر مالك أنفاسه بتعب من أخيه وفضل أن لا ينفعل وأن يفهمه خطأه بكل هدوء مرددا:
_شوف يا مروان انا ممكن اسيبك تعمل اللي على كيفك وزي ما انت ماعايز بس مع البني ادمه دي بالذات ابعد عنها خالص لأن لا هي شبهك ولا انت شبهها ،
دي واحدة مطلقة لسبب ما إنت متعرفهوش وبتتكلم بأسلوب قذر فمن الأفضل ان انت تبعد عنها خالص ،
وتابع حديثه وهو على نفس الهدوء بتحذير:
_انا مش جايبك هنا الشغل علشان تشقط البنات وتشغلهم انا جايبك علشان تشتغل وتبقى راجل يعتمد عليه ارجوك ما تخلينيش اتعامل معاك بطريقه انت مش بتحبها وكبرت عليها .
حرك راسه بموافقه دون اي اعتراض وأردف بندم :
_ماشي حقك عليا يا اخويا ما تزعلش مني انت عندك حق في كل كلمه قلتها واوعدك اني مش هعمل كده تاني .
هز مالك رأسه بابتسامة وتحدث وهو يربت على يده الموضوعة علي المكتب:
_تمام يا مروان وانا مصدقك لأنك راجل والراجل معروف بكلمته وما بيكذبش ابدا اتفضل على شغلك واعمل حسابك هنتعشى مع بعض النهارده ومفيش خروج .
انتصب مروان واقفا وهو يردد بموافقه :
_تمام يا فندم علم و ينفذ .
_______________________________
وصل رحيم البنك ودلف بخطواته المسرعة قاصدا مكتب محبوبته التي لم يراها منذ اكثر من عشرة ايام ولا طاقه له تحتمل وحشتها اكثر من ذلك،
قبل ان يصل الى المكتب الذي كان بابه مفتوحا استمع الى احدهم يردد:
_فكرتي في الموضوع اللي انا قلت لك عليه يا آنسه مريم ولا لسه ؟
أجابته مريم بخجل:
_اظن انا رديت عليك يا باشمهندس على طول في نفس الوقت اللي عرضت عليا فيه الموضوع وقلت لك رايي .
انزعج الآخر من ردها وهتف برجاء:
_طب ازاي ترفضي من غير ما تدينا فرصه نتعرف على بعض وإنتي اصلا ما تعرفينيش؟
قبل ان ينطق فاهها الإجابة استمعوا الى حديث ذاك الغاضب مرددا بحده:
_علشان الآنسه مريم في حكم المخطوبة يا باشمهندس وان شاء الله قريب جدا هنعزمك واحنا بنلبس الدبل .
انقلب وجه ذاك الجالس علامات الطيف وأخذ يحرك رابطة عنقه دليلاً علي احراجه واضطرابه من ذاك الموقف المهين واستجمع الكلمات بصعوبه علي فمه ونطق باستفسار وهو ينظر لمريم :
_ إنتي ليه معرفتنيش يامريم إنك مخطوبة أول ماعرضت عليكي طلبي وردك عليا كان يوحي بأنك ممكن توافقي .
كاد قلبها أن يهوي بين قدميها من نظرات رحيم الواقف أمامها فنظراته كانت كالبركان علي وشك الانفجار ، ولم تقدر أن تتفوه بحرف وكأن لسانها ابتلع من شده نظراته ،
ولكن استجمعت حالها وكادت أن تجيبه إلا أن رحيم أشار إليها أن تصمت وأردف ببرود:
_ ويخصك في ايه حضرتك تعرف إذا كانت مخطوبة ولا لأ ، هي ملزمة تعرفك حياتها الشخصية ولا حاجة ،
وتابع بنبره تحمل الاستهزاء:
_ ماهي قالت لك إنها مش موافقه انت اللي عشمت نفسك بحاجة مرفوضة من البداية.
انتصب ذاك الشاب واقفا بانزعاج وهو يردد بغضب:
_ أنا لايمكن أستحمل الإهانة دي أكتر من كدة ، ليكي مدير بنك هنا يرد لي اهانتي دي .
ثم خرج بغضب ولكنه استمع لكلمات رحيم الأخيرة :
_ مع السلامه والقلب داعي لك ياأخويا،
ثم نظر إلي مريم مرددا بغضب:
_ والله عال ياست مريم هانم بيتقدم لك عرسان وأنا المغفل إللي نايم علي ودانه .
قال أخر كلماته وهو يضرب علي المكتب بعنف جعلها ترتعب من غضبه الشديد الذي تراه لأول مرة ، هدأت من حالها وأجابته بثبات اصطنعته بأعجوبة:
_ هو أنا يعني مش بنت زي البنات ولا ايه وطبيعي جداً إني يتقدم لي عرسان يادكتور .
اتسع بؤبؤ عينيه من ردها وهتف بحدة :
_ ايه الكلام اللي إنتي بتقوليه ده يا مريم فوقي لنفسك أنا رحيم .
استجمعت شجاعتها وهتفت باستنكار:
_هو انا قلت ايه يعني يخليك تزهق عليا وتغضب ويبقى شكلك بالمنظر ده وكأني عملت عاملة ولا كأنك دخلت لقيتني واقفه في حضنه مثلا .
قاطع حديثها بحدة وهدر به بنظرة غاضبة:
_ والله عال وكمان مش معترفة بغلطك وبتتريقي كمان ياهانم !
وتابع حديثه بتصميم:
_ اعملي حسابك انت هتسيبي الشغل في البنك وترجعي الجامعة ويبقى مكان شغلنا واحد انا اصلا مش موافق على شغلك في البنك من البداية .
جزت علي أسنانها وصاحت به:
_ بأي حق تقرر عني وبأي حق تمنعني من شغلي إللي أنا بحبه .
صمت لثوان ثم حدق في عينيها وأردف بنبرة عتاب مغلفة بالهدوء:
_ بحق الحب إللي بينا يامريم إللي وصل لمرحلة العشق ،
بحق الأيام والليالي إللي بحلم نكون فيها مع بعض ، بحق قلبي إللي امتكلتيه وعقلي اللي مشغول بيكي ليل نهار ،
بحق الوعود والعهود إللي بينا اننا نكون قلب واحد ورأي واحد وكيان واحد ،
واسترسل بنبرة ممزوجه بالحزن:
_ ياتري بعد كل إللي قلته ليا حق ولا مليش يامريم ؟
زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن ممزوج بدلال وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :
_ ماهو انت إللي دخلت فيا شمال وحمرت لي عيونك ورعبتني وخليت قلبي طب في رجلي أعمل إيه يعني ،
وأكملت وهي تتمتم بصوت خفيض:
_ مستحملتش يارحيم ولقتني بقول أي كلام .
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتابع باستفسار:
_ طيب قلتي ايه يامريم عايزك تشتغلي معايا في الجامعة وتبقي مع بعض ؟
تنهدت وتحدثت باستجواد:
_ أنا حبيت الشغل هنا أوي يارحيم ولقيت نفسي في المكان ده وفي الشهور القليلة دي بفضل الله اكتسبت خبرة تعبت جدا علشان أوصل لها أرجوك ياحبيبي أقف جمبي وادعمني ومتخليش موقف تافه زي ده يأثر عليك .
احمرت عيناه من جديد ونطق غاضباً:
_ والله إنتي شايفه إن ده موقف تافه ؟!
ابتسمت وهي تشير إليه بكف يدها أن يهدأ:
_ طيب اهدي بقي ومترجعش لحالتك دي تاني وأوعدك إن ده لو حصل تاني هقول لك والله .
زفر بسأم وتحدث باعتراض:
_ يعني برده مصممة اننا نكون بعاد عن بعض ؟
أجابته بتوضيح:
_ كدة أحسن علشان طنط متظنش فيا السوء أكتر ، أنا كدة مرتاحة ومريحة ،
واسترسلت بحب نابع من قلبها:
_ بس سيبك انت شكلك قمرر وانت واقف كدة ترد علي معتز والغيره عليا خلت قلبي يرفرف من السعادة.
قطب جبينه وتحدث باستنكار:
_ وكمان بتنطقي اسمه قدامي! بقولك ايه يامريم اتقي شري النهاردة علشان أنا عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي .
ضحكت بشدة رغماً عنها ثم هدأت وتحدثت بطاعة:
_ حاضر ياقلبي أنا مش هتكلم تاني .
نظر إليها بقلب يدق بعنف وردد بوله:
_ بجد ياقلب رحيم بتحبيني قد ما بحبك ؟
أجابته بعيون ولهة وهي تشير إلي قلبها:
_ والله مادق لحد قبلك ولا هيدق لحد بعدك وكأن دقاته اتوصمت ليك انت وبس ياقلب مريم.
تنهد وبعيناي عاشقة أومأ لها بأهدابه وتحدث بتلبية:
_ خلاص أنا موافق تفضلي هنا ومش بس كدة تعملي حسابك في خلال عشر أيام بالكتير هاجي أخطبك كفايه كدة الشهور دي كلها تأجيل ، جبت أخري خلاص ومبقتش قادر أستحمل متبقيش علي اسمي وملكي .
اعترى الخجل جسدها بأكمله وصارت دقات قلبها أكثر عنفاً ونطقت بنبرة يملؤها الشجن:
_ خايفة أصدق وأرتب وأجهز نفسي وفي الاخر أنصدم .
لاحظ حزنها الشديد فطمأنها بتأكيد:
_ مش واثقه فيا وفي كلامي يامريم ؟
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :
_ مش قصة ثقة فيك انت لااا ده في إللي حواليك وفي المجتمع نفسه إللي شايفني مستحقش أعيش وأحب وأتحب من إللي قلبي اختاره .
رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر عشقاً تحدث شارحاً:
_ ومين يقدر يبعدني عنك ولا يغير تفكيري في القرب منك وانا كلي بيناديكي تسكنيه ،
وتابع بتأكيد:
_ أنا كنت مخليها مفاجأة ليكي بس علشان نظرات الحزن اللي في عيونك دي وقله الثقه اللي محاوطه بيها نفسك هقول لك ،
انا بقى لي اكتر من شهرين انا وريم وبابا بنقنع ماما وخلاص قربنا نقنعها ، وعايز أعرفك كمان إنها مش هتبقي خطوبة لاااا إحنا هنكتب كتابنا علطول ياعمري .
انتفضت بسعادة بالغة من كلماته وأردفت بتساؤل:
_ بجد يا قلبي كلامك دة ولا بتصبرني وخلاص .
استدار بكامل جسده وأجابها وهو ينظر داخل عيناها:
_بجد جداً ياعمري ، ياه نفسي بقي اليوم ده يجي بسرعه علشان نفسي أوي أتنفس عطرك عن قرب وأضمك لحضني ياقلبي.
خجلت بشدة من كلماته وهتفت بهدوء:
_ بعد إذنك يارحيم بلاش تتكلم معايا بالطريقة دي والعلاقة مابينا تاخد منحني أنا مش حاباه أو بمعنى أصح يغضب ربنا كفايه كلامنا مع بعض بدون رابط شرعي ده في حد ذاته حرام وهنتحاسب عليه ،
واسترسلت حديثها بابتسامه نابعه من قلبها الجميل:
_ أنا نفسي أي شعور وأي نبضة من قلبي ليك أحسه في الحلال علشان أعرف أدوق حلاوته من غير ماألوم نفسي.
بادلها نفس الابتسامه وردد بحالمية:
_ طيب هحبك أكتر من كدة إيه يابنت قلبي وروحي ،
لا ده أنا عديت مراحل الحب والعشق والغرام وخلصتهم فيكي .
ابتسمت وهي ترمش بأهدابها خجلاً من كلماته وما إن رأي علامات الخجل علي وجهها ردد بعشق جارف:
_ لا ده أنا كدة هدوب وقلبي مش هيستحمل ياروما .
قطبت جبينها وهتفت باندهاش:
_ بردو مفيش فايدة ده كأني مبقولش حاجة ،
إنت وجودك دلوقتي هنا بقي خطر كبير اتفضل يالا روح شوف وراك ايه علشان أنا كمان أشوف ورايا ايه.
جلس يشاغبها بخفة ظله قليلاً ثم ودعها بقلب حزين ولكن وعد حاله أن لا ينقضي ذالك الأسبوع إلا وهي امرأته ، وظل هائما بها ويردد داخله بكلمات عشقه لها ،
أخبروها بأن عيناي تنتظر رؤيا طيفها هائمة،
أخبروها بأن أنفاسي متلهفة للمساتها الناعمة ،
أخبروها بأنها عشقي الأبدي وحياتي بدونها قاتمة،
أخبروها بأنها روحي ودقات قلبي بنارها مغرمة .
________________________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين الحقيقة والسراب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى