روايات

رواية بنت المعلم الفصل الثامن عشر 18 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الفصل الثامن عشر 18 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثامن عشر

رواية بنت المعلم البارت الثامن عشر

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الحلقة الثامنة عشر

كان يري حلم سهر عليه ليالي ومضي العمر في تحقيقه ليصبح اسمه يصدي في أنحاء الجمهورية، تلتهب النيران كل شيء أمام عينه ويقف مكتوف اليدين، لن يشعر أحد بلهيب صدره من عجزه، عطر لسانه بترديد جملة واحده برضي تام لقضاء الله :
لا حول ولا قوه الا بالله
اجتمع كل من في القرية يحاولوا إطفاء تلك النيران الملتهبة التي وصلت شرارتها الي نهاية مرمي بصرهم،
بدأت مكبرات المساجد بالاستغاثة بأبناء القرية والقري المجاورة لمحاولة السيطرة علي الوضع، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتي تأتي سيارة المطافئ، حالة من الهلع والفزع وصوت صراخ مرتفع، من المأكد ليلة لن تنسي في تاريخ أهالي القرية، ليبدأ من تلك اللحظة فتح باب لن ينتهي إلا بسلسال دماء، من يجرء علي إشعال النيران في مصنع سالم سويلم إلا وكانت حياته قد أصبحت في أيام معدودة،
وقف عبده وجابر يساندوا اخوهم الأكبر بحزن بالغ، وبجانبهم الحاج صبري والمعلم عزيز وبعض من كبراء القرية، بالرغم من محاولة الشباب في السيطرة علي النيران إلا أن الوضع أصبح اسوء،
ساعة، ساعتين، ومازالوا يحاولون إطفاء ألسن ملتهبة باءت بالإخماد حتي تترك الحطام ورماد الحقد والغل أثر لها، وأخيراً صدح صوت إنذار سيارة المطافئ بعد أن أتت من أقرب مكان تلبيه لإغاثتهم، رتب عزيز علي كتفه محاولا مواساته :
ربنا يعوض عليك يا سالم
أمأ إليه في صمت ثم دار يغادر المكان، حاول عبده إيقافه أو اللحاق به ولكن منعه جابر كي يتركوا علي راحته، واعطاءه مساحة كافية، اقتضبت ملامح صبري ما أن رأي بنات المعلم يقتربن منهم، اقترب من جابر يهمس بجانب أذنه بحده :
روح يا جابر مشي بنات اخوك، ايه جابهم في نص الليالي
لم يروق أسلوب صبري إليه، ليجيبه بضيق :
مش مال ابوهم دا
ثم تركه واتجه إليهن، ما أن اقترب تقدمت هند تسأله بخوف :
فين بابا
أجابها بحنو :
متخفيش هو كويس

 

 

تأملهن بحزن أعينهن متورمه من كثرة البكاء وعلامات الكسرة التي اقتسمت ملامحهن، هتف بهدوء :
ارجعوا ملوش لازمه وقفتكم هنا
هتفت مها بصوت محشرج :
لحقوا حاجه
رفأ بحالهن فأردف بكذب :
لسا بيحاولوا
ثم أكمل هو يشير إلي سعد :
يلا سعد هيرجعكم واحنا هنلحقكم
اختطفت كل واحده نظره تحفيرها داخل عقلها، ثم تحركن خلف سعد بهدوء ما بعد العاصفة،
بعد ساعة ونصف تقريباً أعلنت مكبرات المساجد عن أذان الفجر، هدوء تام عم المكان بعد أن سيطرت سيارات المطافئ علي الحريق، بعد الكثير من المساواة من أهل القرية رحلوا إلي منازلهم فلم ينم صغير ولا كبير في تلك الليلة المشؤومة،
لم يتبقى سواه بعد أن عاد حين علومه بإخماد النيران، اختار واجهة المصنع ليقف مستند علي عصاه براحة يديه، متأمل المكان بنظرات خلت منها المشاعر، خرجت تنهيده هادئة من راتيه عكس النيران الملتهبة بداخل صدره،
تتهاوى أطراف جلبابه مع نسمات بارده علونا لحضور فصل الخريف، ظلام دامس احتل عينيه عندما تذكر حديث رجاله بوجود علب من الصفيح لمادة شديدة الاشتعال بالقرب من المصنع، ليكن خير دليل أن الفاعل لم يكتفي فقط بإتمام خطته بل يريد إعلان التحدي، وعدم خوفه لترك دليل لمعرفة إن خصمه ليس بضعيف، ولكن هيهات والوقت الفاصل بينه وبين قبره كما أعلن المعلم،
( مش كفايا كدا يا سالم وتروح ترتاح)
دار إليه مردف بجمود :
روحوا انتو أنا رايح المسجد
عاد صبري إلي جابر وعبده وعزيز الواقفين علي بُعد قليل، أخبرهم برده ثم اتجه كل واحد إلي منزله، ربما ستكون آخر ليلة تذق أعينهم الراحة،
؛ **********
بسمته العريضة لم تختفي منذ ما يقارب أربع ساعات بل كانت تتحول الي قهقه صاخبة بعض الأحيان وكأنه مختل عقليا، اختار مقعد مريح وصعد به إلي سطح منزله ليستطيع مشاهدة ثماره تنضج بعد أن نثر سُمه بها، كان يري لهيب النيران بسعادة غامرة واستمتاع شديد خاصة كلما ارتفعت أكثر وأكثر، نهيك عن ضحكاته وتصفيقه عندما يستمع لصوت انفجار أو صياح بعيد لأهل القرية، لم يعرف قدر سعادة قلبه عندما استمع لمكبر مسجد في قريته بطلب إغاثة مصنع المعلم سالم سويلم من حريق ضخم، وقف يستنشق رائحة الحطام وكأنه وردة مزهرة في بستان جميل، أبتسم بنصر وقرر ذبح أكبر ماشية موجودة وتوزيع اللحم علي الجميع، فالليلة ليلة عيد بالنسبة إليه، وأخيراً شعر بالراحة لينعم بها من صلب تلك العائلة،
؛ **************
بعد أن احتل قرص الشمس مكانه، يزيح ستائر ليلة كانت طويلة ومظلمة، جلس عزيز مستند علي المعقد بعد أن ذهب النوم من عينه ربما لتذكره بليلة تعيسة مرت علي تلك القرية منذ أكثر من عشرون عاماً، أو لحزنه ليما حدث مع سالم، وضعت حسنيه كوب الشاي أمامه هاتفه :
يعني مش كنت كلتلك لقمه معانا بدل الشاي علي لحم بطنك كدا
اجابها مقتصر :
مش عايز
ثم أكمل متسائلاً :
يعقوب صحي
أشارت إلي الغرفة المجاورة وقالت :
ايوا، بيصلي جوه
أمأ بهدوء، بينما نهضت حسنيه بعد أن انتهت الفتيات من تحضير الفطور، انضم عبدالله إلي عزيز بعد أن هبط من شقته، ألقي التحية ثم جلس منتظر انتهاء حسنيه من فحص الطاولة وهبوط علي هو الآخر، خرج يعقوب ملقي السلام ثم انضم إليهم، هتف عزيز :
يعقوب عايزك تشوف حساباتنا ويكون في فايض عشان أرض الجناين والباقي هاته للمعلم سالم
نظر عبدالله إلي يعقوب متسائلا :
هو ابوك بيتكلم جد
أردف عزيز بحنق :
وههزر ليه يا خويا

 

 

هتف عبدالله مستنكر حديث والده :
احنا هنساعد سالم عشان يقفلنا في البيعه
اقتضبت ملامح عزيز مجيبه :
أنت عايز تتشطر علي ضعيف
رفع عبدالله حاجبيه مردد بدهشه:
المعلم سالم الـ البلد كلها بأسمه بقا ضعيف
احتدت نبرة عزيز مردف :
حقك تقول كدا اصلك متعبتش في حاجة وطالع لاقي كله تحت إيدك، تفهم ايه أنت في شقي العمر، وطلبيات الناس بتمن قد كدا، وفلوس اشي وشيوات تروح رماد قدام عينك
ثم أكمل بحزن كسي صوته :
وبعدين منساش وقفته معايا في ميتت اخويا والعمله مش شويه
وقفت حسنيه عن رص الخبر متطلعه إلي عزيز بتهكم قائلة :
اومال لو مكنش هو سبب موته كنت عملت ايه
صدمه ألجمت الجميع ذهول ودهشه، المعلم سالم سبب موت عمهم الأصغر الذي توفي قبل مجيئهم؟!
وقف عزيز يرمقها بغضب فقد حذرها مراراً ذكر اي شيء يخص الواقعة أمام أحد التي انتهت بالغاز ردمت بسنين العمر :
لو حد السبب في موت اخويا فـ هو أنتِ
جحظت أعينهم بذهول للمرة المتتالية، ألف سؤال يدور في رأسهم ولا يجدوا الإجابة، ما دخل والدتهم في موت عمهم، وليما المعلم سالم كان سبب في موته، انكمشت ملامح حسنيه هاتفه باستنكار :
أنا، ليه هو أنا الـ قتلت توفيق عزب
خطي عزيز ليقف أمامها يعنفها بحده :
أنا مش قولت السيرة دي متتفتحش في بيتي طول ما انا عايش
نهض يعقوب مردف بهدوء :
صلي علي النبي يابا
رد عزيز قبل أن يخرج إلي البهو :
عليه أفضل الصلاة والسلام
ما كاد أن يخطو ليستمع لصوت عبدالله :
مين توفيق عزب دا وايه دخله في عليتنا؟
وأكمل علي متسائلاً هو الآخر :
وعمي مات مقتول!؟، والمعلم سالم سبب !!!
دار عزيز يوجهه حديثه إلي حسنيه بتحذير :
وقسم بالله ما أعلم أن السيرة انفتحت ما يكون ليكي قعاد في بيتي
اقتضبت حسنيه بين حاجبيها بضيق من تهديده أمام أولادها وخاصة زوجات علي وعبدالله، لم تنتظر لدلف إلي غرفتها تبعد عن نظرات أولادها المتسائلة، حتي لا تقع لبطش عزيز مره اخري، تارك للأيام توضيح كل الالغاز،
؛ ************* بقلم حسناء محمد سويلم
في منزل المعلم سالم
هبطت ناديه حاملة صندوق مزخرف كبير، ثم وضعته علي الطاولة مفرغة محتوياته التي كانت عبارة عن مصوغات ذهبيه مختلفة، جلسن حوله الطاولة أمام كل واحده صندوقها الخاص، بدأت صباح مردفه بحزن :
دا الدهب بتاعتي ودول قرشين الحاج كان شيلهم معايا عشان لو احتجنا حاجة
تابعتها ناديه التي بدأت في شلح الأسوار الضخمة من يدها :
ودا دهبي، كله تقيل يعني هيجب فلوس كويسه
وضعت نجاة علبتها الصغيرة مردده :
ودا كل العندي انتم عارفين مش بحب الدهب، لكن دول 50 ألف الـ سالم كان بيدهملي بدل الدهب
قدمت حسناء وخيريه ومروه وأمل صناديقهم بهدوء، ثم اخرجت مها حقيبتها بعد أن جاء بها مرتضى من منزلهم فلن يتردد يوم في مساعدة المعلم الذي يعتبر والده الثاني :
ودا دهبي ودول فلوس كانوا في الدفتر متشالين
وأخيراً كانت هند التي هتفت :
وانا دهبي وفلوس مرتبي من المصنع في البيت هروح اجبهم أو اكلم أحمد يعيدهم عليا
غمغمت ناديه بأمل طفيف :
طيب كويس دا كله مبلغ كبير هيساعد أن شاء الله
ابتسمت رحمه بسخريه قائلة :
شويه دهب علي شويه ملاليم، هيسدوا طلبيات ناس دفعين وهيستلموا كمان أسبوع ولا هيسدوا ثمن الآلات وتجديد مصنع وأدوات تغليف وهم كبير أكبر مننا إحنا
لمعت أعين صباح بالدموع، بينما هربت دمعه من ملقتي نجاة، بحديثها استطاعت إطفاء أمل طفيف في قسمات ناديه، تعجبت مروه من نبرة السخرية في صوت رحمه فقالت بضيق :
اومال أنتِ فين دهبك

 

 

اجابتها بـلامبالاة :
فوق لما اطلع هبعته
كادت بالرد عليها ولكن استمعوا لصوت والدهم اتي من الخارج، وقفن بسرعة لاستقباله علي أحر من الجمر للاطمئنان عليه فلم يعود منذ ليلة أمس، ألقي التحية دون أن يلتفت إليهن وأكمل خطاه لغرفته، أشارت صباح إليهن بالتزام الصمت وجلسن منتظرين خروجه،
؛**’*******
يجلس متكأ علي مرفقة شارد الذهن في مستقبله الخفي، حاول بقدر استطاعته السعي وراء حلمه للحاق بوظيفة في أحدي البنوك، الا أن الحظ لم يكن حليفه للمرة الثالثة، يمسح اسمه مقابل اسم آخر دفع رشوة ضخمه ويفوز هو بمكانه، لن يفقد الأمل ولكن شعوره بالخوف بأن تتزوج قبل أن يستطيع طلب يدها للزواج يسيطر عليه، كم تمنها أن تصبح زوجته ويكمل بقية حياته معاها، جال بنظره يتأمل منزله المتهالك الذي إيل للسقوط، ثم رفع زرقته إلي الجدران التي تأكلت مع مر الزمن، ابتسم بسخريه علي حال قلبه الذي وقع في حب باهظ عليه، تأمل والدته المنشغلة في تقطيع الخضار أمام التلفاز الذي لا تري منه شيئاً بسبب الإشارة السيئة لعدم قدرتهم علي تجديد طبق الإرسال،
( ماما)
تطلعت إليه بإنصات فأكمل بتعلثم :
أنا عايز اتجوز
ألقت السكين من يدها مهللة بسعادة :
يا ألف بركة يا حبيبي أخيراً هتجي واحدة تشيل همك، أنا هكلم خالتك تشوفلك احلي عروس…
قاطعها بعجلة :
لا أنا في واحدة بحبها
تسألت بفضول:
ودي من البلد
أخذ نفس عميق ثم اجابها بتلجلج :
بنت المعلم سالم
شهقت بذعر مردفه وهي تضرب علي صدرها بفزع :
عايز تتجوز الانت شغال عند ابوها شيال
؛************** بقلم حسناء محمد سويلم
في منزل جابر بالحديد في الطابق الثاني، مشيت علي أطراف اصابعها بحرص شديد حتي وصلت لأول باب الغرفة، مالت بجانبها كي تحاول الاستماع بإنصات،
في الداخل وقف سالم في الشرفة يتحدث في الهاتف بضيق :
متبقيش ذنانه قولتلك مش هعرف انهارده أقابلك
جحظت أعين نيرة بفزع، صدمة وقعت علي رأسها كحجر ضخم صوب عليها زوجها يهاتف امرأة أخري، حاولت استجماع قواه كي تتأكد من حسها، انصتت إليه يقول بحنو مزق قلبها :
والله وأنا كمان علي الأقل الواحد بيروق في الساعة دي بعيد عن القرف الأنا عايش فيه، بس اليومين دول مش هينفع
ابتعدت بسرعة عن الباب تجلس علي المقعد، تمثل الانشغال في برنامج الطهي أمامها، لمعت عينيها بوميض ألم لم تشعر به حتي بعدم اقدرتهم علي الإنجاب،
خرج سالم بعد أن أبدل ثيابه، تعجب من هدوئها الغريب وسكونها الهادئ، ولكن لم يبدي كثيراً ليخرج من الشقة دون اهتمام، لم تستطيع التحمل أكثر لتترك لنفسها العنان وتعبر عن مدي حزنها بشهيق مؤلم، لم تعرف كم مضي عليها وهي علي تلك الحالة، وقفت تتأمل صورتها المنعكسة في المرآة لدقائق عازمة علي اتخاذ قرار سوف يغير مجري حياتها للأبد،
؛ **************
انتفض من مكانه بخضه عندما وجد من يجلس بجانبه فجأة، هتف بحنق :
مش تتنحنح يا عم أنت
امسكه سالم من وجنته بسخرية مردد :
بتتخض يا بيضه
نفض محمود يده بقوة، مردف بضيق :
مصدقت اقعد لوحدي شويه لقيتك نططلي
تنهد سالم بهدوء يتأمل المكان بحنين لذكرياته السعيدة معه، رمقه محمود بطرف عينيه متسائلا :
مالك
اجابه بشبه بسمة :
فاكر الأرض دي أول ما ابوك اشتراها

 

 

لم يستطع محمود إخفاء ابتسامته لأفعالهم الصبيانية، ومرحهم في تلك الأرض بالتحديد فكانت بعيدة عن القرية، وسط الأراضي الزراعية ليستغلوا تلك الفرصة في افتعال مصائب لا عدد لها :
تفتكر لو عمك سالم عرف وقتها كان عمل فينا ايه
فتح سالم عينهم على وسعهم فقهقه محمود بشدة وشاركه الآخر ليتوقف عندما استمع لمحمود يقول :
فاكر أول مره شوفت نيره وهي مروحه من هنا
هتف بحب :
يومها مهتدش غير لما ابويا خد معاد من أبوها ومرتحتش غير لما بقت في بيتي
ولكن سرعان ما اختفت ابتسامته لشرود في أعوام زواجهم والمشاحنات الدائمة، ليتها تعلم مقدرة حبها في قلبه قبل أن تحوله لنفور يصعب شرحه بداخله،
: هتتعدل صدقني
رفع سالم حاجبيه بسخريه مغمغم :
مين الـ بيتكلم
اردف محمود بضيق :
لا يا سالم أنت مش زي، أنت بتحب نيره ونيره بتحبك، وهي مسألة وقت بينكم وأن شاء الله ربنا هيرزقكم
بالذرية، إنما أنا مش عارف ايه مصيري ومش قادر أكمل
اعتدل سالم يأنبه بحده :
أنت الـ بدمر حياتك بايدك وفي الاخر تقول مش عارف، يا محمود ربنا رزقك واتجوزت وخلفت ومراتك صيناك ليه تبص لنص الكوبايه الفاضي، مين فينا بياخد كل حاجه في الدنيا
شرد محمود لبرهه ثم همس بحزن :
انا طلقت ميادة غيابي
تطلع إليه لدقائق بذهول ظهر علي ملامحه، فزاد ضيق محمود قائلاً :
متبصليش كدا هي السبب
ردد سالم حديثه بصده :
طلقتها غيابي
ثم صاح بغضب :
أنت اتجننت، أنت فاكر عمك هيوافق يجوزك بيته بالطريقة دي
هربت الكلمات من عقله لم يجد رد فهو يُقين صحة حديثه، ضرب سالم كف علي كف بعدم استيعاب :
لا حول ولا قوة الا بالله، في حد يعمل عملتك السودا دي
حسنا قد طفح كيله، يكفي تأنيب ضميره منذ أن أول
أمس، نهض يرحل بعجلة فصاح سالم بتهكم :
اهرب يا محمود خاليك لحد ما تفوق بعد فوات الأوان
ظل يتأمل وهو يبتعد عنه بيأس فقد ساء الوضع الي أبعد الحدود، اخرج هاتفه ثم اتي بقائمة الأسماء ليجد صورة نيره المبتسمة حقا تصبح جميلة الجميلات عندما تبتسم، ابتعد سريعا يأتي برقم آخر يهاتفه يخفف عنه وينتشله من مشاكل الحياة بضحكاتها المايعة، وحديثها الجريء، اختار طريق الضال بالرغم من وجود حلاله بين يديه،
” أحيانا تضعنا الحياة بين طريقين لنختار اي نسلك، طريق مظلم ينتعش برائحة جذابة، وآخر مضيء يوضح سبلة، هناك من ينخدع بتلك الرائحة ويسير خلفها مكفوف العينين لينغرس وسط ظلام مجهول، ويرسى حسب أمواج حظه، واخر يعرف أن يضع قدمه ليكن الحظ في يده”
؛ *********** بقلم حسناء محمد سويلم
عودة لمنزل المعلم سالم
ما إن انتهي من صلاة العصر نهض يهندم من جلبابه، ثم اتجه للخارج ليجدهن مازالوا يجلسن في هدوء، نهضت صباح ما إن رأته قائلة بابتسامتها المميزة :
نحضرلك الأكل يا حاج
أشار إليها بالرفض ثم جلس علي المعقد يتأمل محتويات المنضدة، خرج صوته متسائلاً :
ايه دا
إجابته تلك المرة نجاة بحنكتها :
دا خيرك علينا يا سالم
تأملها لثوان ثم قال بأمر :
كل واحده تلم حاجتها
قاطعته صباح بهدوء :
عنينا هنلمهم ويوم منحتاجهم فداك ويجي غيرهم
صاح بنفاذ صبر :
هي كلمة كل واحده تلم حاجتها

 

 

التزموا الصمت فنهضت أمل تنفذ أمره، ولكن لفت نظرها كمية المصوغات في إحدى الصناديق فتسألت بفضول :
هو دي علبة مين
إجابتها ناديه بحنق :
علبة امك ومش عارفها يا آخرة صبري
هتفت أمل وهي ترمق العلبة باستفهام :
ماما دهبك دا بطلعي عليه زكاة
انتبه المعلم لحديثها فنهض من مقعده متقدم الي الطاولة يتأمل محتويات كل واحده، احتدت نبرته متسائلاً :
دهبك معدي النصاب
تلجلجت ناديه من نبرته مردفه بعدم فهم :
وأنا أعرف منين يا معلم
انتفضن من صوته الحاد:
يعني ايه متعرفيش، وازاي مفيش ولا حده فيكم نبهتني أن حاجتها عدت 85 جرام
غمغمت صباح بتعلثم :
سُهي علينا يا حاج
رمقها بحده مردد بصوت مرتفع :
فلحين عايزين وخلاص، استغفر الله العظيم
أشار الي بناته :
قوموا احسبوا كل حاجه لوحدها واكتبوهم في ورقه
همست ناديه بامتضاض :
يا خويا أنت في ايه ولا ايه هو احنا بقينا لقين
دار إليها هادر بصوت مرتفع :
دلوقتي مبقناش لقين، إنما لما تلبسي وتشخللي يبقا كويس، ما يمكن ربنا أراد يولع في مالي عشان نسيت اطلع زكاته
( ماما مقلتش حاجة غلط عشان تستاهل الزعيق دا)
تطلع الي صاحبة الصوت بالرغم من صوتها المهزوز إلا أنها تطلع إليه بثقة، نظرت نادية إلي رحمه بغضب وكادت أن تتحدث ولكن قاطعها صوت رحمه مره أخري :
يعني لو كانت ماما صباح ولا مانا نجاة حضرتك مكنتش زعقلتهم كدا
وبختها صباح خوفاً من غضب سالم :
اهو دا الناقص من شويه عيال، يلا امشوا كل واحده علي اوضتها
بلعت رحمه لعابها بتوتر من نظرات والدها المصوبة إليها، ارتعشت اوصالها عندما استعمت لنبرته الجامدة :
أصل مصتقصد أمك صح يا رحمه
رفعت نظراتها إليه مردده بكسره :
ما هي مش صباح صاحبة الكلمه في البيت، ولا هي نجاة مسك الختام، زينا كدا بالظبط ولا احنا زي الكبار ولا احنا زي حبيبة قلبك الصغيرة
تمعن في نظراتها التي أكدت نبرتها الحزينة، تقدمت نادية بغضب وصفعتها بقوة تعنفها بغضب :
ما أنتِ لازم ما تكونيش زيهم يا قليلة الرباية
شهقة خرجت من الفتيات بينما لطمت صباح علي وجنتها بفزع من ردت فعل سالم، وضعت رحمه يدها علي وجنتها ثم هتفت بضيق :
أنا مقولتش حاجه غلط أنتِ دايما بتقوليلنا كدا
نقلت ناديه نظرها إلي سالم الواقف في صمت، خرجت الحروف من فمها بتعلثم :
دا.. دا بيكون هزار مقصدش

 

 

خرج صوته الهادئ الذي دب الرعب في قلوبهم :
شوفتي كلامك واستهتارك ربيتي بناتي علي ايه، زرعتي جواهم سم وأنتِ الـ هتحصديه
حاولت نادية التحدث ولكن قطعها بأمر صارم :
تطلعي شقتك وممنوع تنزلي هنا نهائي ولا ألمح ضيك قدامي لغيت مماتي وأنا يحرم عليا ادخل مكان أنتِ فيه، لو مكنتش عيبه في حق بناتك بعد العمر دا كنت وديتك بيت أهلك
ثم خرج من المنزل يصعد الدرج لسطح البناية لإيجاد إجابة لتلك الأسئلة التي بدأت تترابط مع بعضها أمام عينه، ربما كانت هناك حيه تنشر سمها في منزله وراء ظهره،
؛*******
حاولت ناديه إمساك رحمه ولكن مناعتها صباح بصعوبة محاولة تهدأتها بأنها مسألة وقت، بينما أمسكت أمل مرفق رحمه تسحبها خلفها بعنف وأما إن دخلت الغرفة دفعتها بقوة، اعتدلت رحمه تصيح بغضب :
أنتِ اتجننتي
أشارت أمل عليها قائلة :
انتِ الحقدك جننك لدرجة أنك مش عارفة بتقولي ايه
هتفت رحمه بغضب :
لا عارفه بقول إيه كويس
حركت أمل رأسها بيأس مغمغمه بحزن :
ماما مصعبتش عليكي
حركت رأسها بالنفي مردده :
هي دايما كانت بتقولينا كدا
صاحت أمل بحده :
هزار واحنا كلنا عارفين انه هزار

 

 

رمقتها بضيق مردفه :
لا مش هزار، انتم أصلا مش فاهمين حاجه
وأكملت بشرود أصاب امل بالريبة :
بس هانت
تسألت امل بخوف من تفكيرها الاهوج :
هانت إزاي
نظرت إليها مجيبه بهدوء :
في واحد طلب ايدي وأنا اديتله رقم بابا والعنوان وهوافق عليه وارتاح منكم

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى