روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثاني والثلاثون

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثاني والثلاثون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثانية والثلاثون

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته 💙
؛*************
يومان وانتهى شهر ديسمبر، أغلقت صحف عام مر بحلوه ومُره، أيام تلو الأخرى غادرت بكل ما مر خلال ساعاتها، أحداث منها غرست أثرها ومنها اختفى كأنه لم يحدث … في بداية أول يوم من العام الجديد، كانت جلسة الحكم على عز، الذي استطاع الفرار بعد مهاجمة سيارتين لرجال استأجرهم محاميه للسيارة التي ستنقل عز إلى الحبس ليقضي به عشرون عاماً وفقاً للتهم المنسوبة إليه،
انتهى المهندس من تجهيز الطابق الثاني في منزل عامر الجديد، عدد عمال لا بأس به استطاعوا نقل معدات المصنع إلى الطابق الأول الذي أصبح جاهز لاستقبال باقي الآلات للبدا في المشروع .. وكذلك نقل عامر أغراضه الشخصية ليصبح المنزل فارغ، وفي انتظار مجيء ساكنه القديم مساء اليوم،
اتصلت عليا على السائق الخاص بهم ليأتي للقرية بناءً على طلب موسى الذي تحسن إلى حد ما، وأصر على رحليهم بعد أن ذهبت عليا لمقابلة عمر للاعتذار منه، تمنى لو أن يحالفه الحظ ويرها، أو حتى تأتي لتوضيح سبب فعلتها فمن المؤكد أنها علمت بمرضه، لكن خاب ظنه وكأنها لا تهتم لأمره ولا تشعر بتأنيب الضمير على الأقل، لذلك قرر الرحيل وعدم البقاء لشعوره بالاستياء من تلك العلاقة،
؛***********
مسحت وجهها وهي تفرك عينيها بنعاس، دارت تبحث عنه في الغرفة الخالية، ومن ثمّ تطلعت إلى ساعة الحائط، لملمت خصلاتها بعشوائية وهي تهبط من أعلى الفراش.. لكنها تسمرت محلها وهي تحدجه بصدمة، رفرفت بأهدابها عدة مرات تحاول استيعاب أنه يمشي بسلاسة كإنسان طبيعي دون أن يستند على شيء يساعده لنقل قدمه، تحركت بنظرها معه وهو يسمح وجهه أمام المرأة .. فتعجب هو الآخر من وقفتها وهي ترمقه بدهشة :
مالك يا سميه ؟؟!
اقتربت منه وهو تنظر إلى قدمه :
أنا شوفتك ماشي كويس مش تهيأت صح
ألقى المنشفة بعيداً وهو يتحرك للخزانة يأخذ ثيابه، لم تتحمل سميه أكثر ولحقته مردده بذهول :
أنت بتمشي !!!
رمقها سعد بسخرية وغمغم بتهكم :
حد قالك إني بزحف لسا
: ازاي ؟؟ أنت امبارح كنت بتتسند على عجاز !! ازاي من كام من واحد مش بيعرف ينقل رجله لِكدا
رفع كتفيه ببراءة وتمتم بلامبالاة :
صحيت حاسس إني أقدر امشي كويس وزي ما أنتِ شايفه احساسي طلع صح
رمقته بعدم فهم فسألها باقتصار:
مالك ؟؟ شكلك مش مبسوط!!
حركت رأسها بالنفي وهي تتمتم بتعلثم :
لا مبسوطة طبعًا بس مستغربة منك، امبارح كنت بتنقل رجلك بصعوبة ودلوقتي بتقدر تمشي عادي
ابتسم بخفة وغمغم وهو يخرج من الغرفة بلا اكتراث:
الموضوع كان نفسية مش أكتر
ظلت تقف محلها تقنع نفسها بحديثه، لا تخفي سعادتها البالغة بتعافيه التي كانت تسعى إليه منذ البداية .. استطاع سعد أن يخلق مكانة خاصة داخل قلبها، تمكنت من إغلاق كل أبواب الشك وتثق فيه دون تردد،
في الخارج صدح صوت زغاريد رحاب عندما رأت سعد يتقدم منها بشكل طبيعي، احتضنته بقوة وهي تقبله بسعادة، بينما لوت سمر جانب شفتيها بتهكم وعادت إلى غرفتها قبل أن تفشي ذلك الكاذب … لم يبدي عبده أي مشاعر اتجاهه فهو أمره أن ينهي تلك اللعبة السخيفة بأي طريقة، أصبح الآن في حاجه إليه في العمل معهم بعد طرد محمود .. استأذن سعد منهم وولج يطرق باب غرفة سمر، التي سمحت إليه بالدلوف :
حمد لله على سلامتك يا سعد
قالتها بسخرية بالغة تجاهلها وجلس على المقعد متسائلاً بجدية :
وفقتي على خليل عشان سالم وبابا صح ؟؟!
تعجبت سمر من أسلوبه الجاد فقالت بمزاح :
ايه يا سعود الجو الجديد دا
فهم سعد أنها تقصد الهروب من الإجابة، فسألها مجددًا بوجه مقتضب :
ليه وفقتي ؟؟ أنتِ عارفه أن سالم عمره ما كان هيوافق أنك تتجوزي غصب عنك حتى لو كان وقف لأبوكي
ابتسمت سمر شبه بسمة وهي تردف بنبرة باهته :
وبابا يطرده زي محمود واقعد أنا من غير أخواتي
نظر إليه لبرهة وهتف بضيق جلي :
ومن أمته واحنا مع بعض عشان تعملي كدا
نهض يغادر متمتم بخفوت فوقفت تسأله بفضول :
رايح فين ؟؟!
: هخرج شويه اشم نفسي من البيت واللي فيه
جلست على فراشها تتذكر كلمات ندى المحفزة إليها، لا تنكر أن سالم وندى الثنائي الوحيد بعد مرتضى ومها يجعلها تهدأ روعها في فكرة الزواج، وبالرغم من ظروف مياده ومحمود إلا أنها لم تبخل عليها بالحديث الإيجابي، وأن الحياة ليست بذلك السوء المصور إليها… ربما تحل أوقات عصيبة على المرء لكنها لا تدوم ويأتي اللين واليسر ليثبت إليك أن مرحلة لا أكثر،
؛***********
: وأنت من أمته مهتم بأمر عز عشان تروح جلسته؟؟
وضع سالم ابنته على الأرض تاركها تأخذ راحتها في اللعب حولهم وهو يردد بثبات :
عادي أكون متابع جلسة عز واي حد من عيلته
نظر المعلم سالم إلى الصغيرة وهو يغمغم بحده طفيفة:
والأهمية دي مخلصتش لما روحت زورته يا سالم
ابتسم سالم بخفة وقال بحكمة وهدوء :
لما منعت اي حد فينا يدخل في أمر العيلة دي مكنتش فاهم ليه وخاصة أننا مش أضعف وأقل منهم، بس لما فكرت في الموضوع بوجهة نظر المعلم سالم عرفت ازاي بيحاول يبعدنا عن طريق الأذى وفي نفس الوقت حقنا يرجع لينا واحنا على رجلينا
استطرد بنبرة حادة :
لكن عز خصني لما طلع برجالته عليا وضربني في ضهري عشان كدا كان لازم أرد ليه جزء بسيط بس قدام عينه مش بالغدر
أشار المعلم سالم على الصغيرة وهو يسأله بضيق :
دي وأخواتها مهمين عندك ؟؟! ندى ؟ أبوك وأمك ؟؟
قطب سالم جبينه باستفهام فاسترسل المعلم حديثه بكدر :
أنت عندك اللي تخاف عليهم ويخافوا عليك هو لا يا ابن عبده
حرك الآخر رأسه بتفهم وأردف ببسالة :
اللي متعود على الضلمة صعب يقف في النور يا معلم
ظهرت شبه بسمة على شفتيه وغمغم ساخراً:
وطبعاً سمعته الكلمتين دول منك
: لا خالص دا أنا كنت بنصحه
رفع حاجبيه باستنكار فضحك سالم ومال يحمل صغيرته، ولكن قبل أن يأخذها أمره بأن يرحل ويتركها معه … ما أن خرج سالم أجرى اتصالاً هاتفياً كان يأجله، شعر بالضيق يحتل صدره وهو يفكر في موقفه مع أخيه الذي رد بسخرية بالغة وكأنه على صواب وهم على خطأ:
لسا فاكر تعبرني والله فيك خير
تغاضى سالم عن لهجته وهتف بصرامة:
هما كلمتين تسمعهم عشان أكون عملت اللي عليا معاك
أردف محمود بغيظ بنبرته العنيفة :
عملت ايه يا سالم دا أنا بكلمك من أسبوع ولا أنت معبر ولا حتى هان عليكم تعرفوا أنا عايش ولا ميت
: أنت لسا في بيت البنت دي ؟؟!
إذا مضى في طريق الكذب لن يعاني في وجود إجابة، لكن كيف سيصبح وضعه بعدها خاصة أن نقوده نفذت تماماً، تعلثم في رده وهو يقول باضطراب:
البطاقه والفيزا عندكم في البيت ومفيش مكان تاني أروح ليه بعد أبوك ما حلف
احتد صوت سالم وعنفه بضيق شديد:
مش مكسوف من نفسك وأنت قاعد عند واحده مفيش بينك وبينها علاقة قرابه أساساً
واستطرد متسائلاً باستنكار:
فين أهل البنت دي ؟!! ازاي تأَمن لواحد متعرفش غير اسمه يدخل ويقعد معها بدل اليوم أسبوع ؟!
لم يجد إجابة منه فسأله مجددًا بشك :
ايه بينك وبينها يا محمود ؟؟؟
هتف الآخر عندما فهم مغذى السؤال :
لا دماغك راحت بعيد يا خويا، رنا قاعدة مع صاحبتها ومش موجوده في الشقة وسيبها ليا لحد ما أشوف هتصرف ازاي
استكمل بتوضيح عندما طال صمت سالم :
هو يوم ما قبلتها في كافيه ولما اتاخرت روحت نمت ليله وتاني يوم الصبح عمك طب عليا وهو دا كل اللي حصل
زفر سالم بصوت مسموع ثم أردف باقتصار:
هبعتلك مبلغ تشوف بيه مكان تقعد فيه لحد ما أبوك يهدى وتحاول معاه يسامحك
: وعمك ؟؟؟
لوى سالم جانب شفتيه مغمغمًا بتبرم :
ولا بيجيب سيرتك ولا كأن ليك وجود من أصله
احتقن وجه محمود عندما أغلق سالم المكالمة بدون سابق إنذار، ود أن يسأله عن أطفاله ويطمأن عن أحوالهم .. في تلك الفترة القصيرة شعر بالاشتياق إليهم وكأن غيابه طال لأشهر، ربما لأنها أول مرة يمكث أكثر من يومين بعيد عن منزله، لكن ما زاد استغرابه هو شعوره بمعرفة أحوال مياده !!
؛***********
استأذن من مرتضى بأن يعود لمنزله ربع ساعة فقط يرى أولاد أخته ويعود على الفور، في أثناء صعوده على الدرج المؤدي إلى غرفته في سطح البناية، استمع إلى صوت ضوضاء تخرج من الطابق الأول .. هبط مجددًا وطرق الباب برفق، ثوان ووجد زياد يفتح إليه وهو يمسك شطيرة كبيرة الحجم يأكل منها :
أنت بتعمل ايه هنا ؟؟! فين أخوك!!
لم يقدر زياد على الإجابة لوجود طعام في فمه، فأشار إلى الداخل وهو يأخذ قطعة أخرى من الشطيرة .. قطب عمر جبينه بتعجب مردفًا بدهشة :
براحه يا بني أنت مش بتشوف أكل ولا ايه !!
شعر بخروج والدة منير من الغرفة فقال بحرج :
معلش يا أم منير أنا مش عارف هما ليه نزلوا مع إني منبه عليهم محدش يتحرك غير ما أرجع
: لا ما أنا اللي طلعت نزلتهم معايا يقعدوا يسلوني، واهو أخد بالي منهم لحد ما ترجع
ابتسم عمر بامتنان وأردف بسعادة :
مش عارف أشكرك ازاي بس مش عايزين نتعبك
ظهر الحزن على تعابير وجهها وهي تتمتم بأسى :
تشكرني ايه بس دا أنت بتفكرني بـ منير ابني
قبل أن يشاركها عمر حزنها استكملت بسخرية :
موكوس شبه
ابتسم عمر بكدر ودفع زياد من أمامه للداخل :
أدخل يا حبيبي أقعد مع تيتا وسيب خالك الموكوس يشوف شغله
أغلق الباب بعنف وهو يبرطم بسخط على وصفها، تحرك خطوتين واستمع إلى صوت رنين هاتفه، وقف بجانب الطريق وأخرج الهاتف، كان رقم مجهول فظن أنه أحد العمال في المصنع … لكن عندما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، تكون النتيجة مضاعفة عكس توقعك، وكأن ذلك المجهول جاء يهدم فوق رأسه كل محاولاته على التأقلم لحياة جديدة..
: ماما !!!
خرجت من شفتيه برجفة مؤلمة شقت صدره، تمنى لأنه يتوهم أو يستيقظ إذا كان كابوس بشع :
كويس أنك مغيرتش رقمك
حسنا ليس كابوس مزعج ولا توهم من عقله الذي اعتاد غيابها، سألها بنبرة مهزوزة :
أنتِ فين ؟؟ ليه اختفيتي المدة دي ؟!!
سرعان ما تذكر الحديث السائد في القرية منذ الصباح، تحولت نبرته المرتعشة إلى صوت حاد وهو يقول بغضب :
آه كنتي مستنيه لم شملك مع ابن أخوكي وبعدين تظهري
لم تفهم هاديه مقصده فأردفت بحده :
لم شمل ايه وهبل ايه، اسمع كلامي ..
قاطعها عمر بحده مماثلة :
مش سامع ومش عايز أعرف عنك حاجه
ابتلع غصته وأكمل يتمتم بصوت محشرج:
أنا مصدقت وقفت على رجلي وولاد أختى رجعولي ومش مستعد أضيع كل دا
: عارف يا عمر من يوم ما خلفتك وأنا بسأل نفسي ازاي أنت ابني
كان متيقن أن اتصالها لهدف ما، فكل شيء تفعله يدرس قبل تنفيذه، وتأكد من ظنونه عندما استرسلت بأمر:
هبعتلك عنوان تيجي عليه في أسرع وقت
جمع زمام أموره وهدر بحنق :
ودي خطه جديدة ومحتاجة حد ينفذها
ردت عليه بصوت لا يحتمل النقاش :
لو مجتش هترمي في الشارع أو هتحبس لحد ما أموت
أغلقت المكالمة بعد أن ألقت أخر وسيلة لإنقاذها من دوامات الطمع .. أخذ الآخر الهاتف منها وهو يضحك باستفزاز :
أنت فاكره العيل دا هيعرف يتصرف
رمقته بضيق وهي تردف بتهكم :
على الأقل مش هيكون جبان زيك
ابتسم بسماجة وجلس بالقرب منها مردد بتشفي :
كلها ساعات ومصيرك هيكون في ايدي يا هاديه
: عملتلك ايه ؟؟؟! طول عمرك عايش في الخليج ومفيش بينا غير اسم أننا ولاد عم
حدجها بهدوء ثم نهض يخرج دون أن يرد عليها، تجاهل صياحها قبل أن يغلق الباب بالأقفال، وابتعد بقدر كاف عن الغرفة وهو يبحث في شاشة هاتفه على اسم ما .. كرر الاتصال عندما لم يجد رد فكان عليه معرفة القرار الأخير بخصوصه :
أنا مش قولت متتصلش بيا وأنا هكلمك
قطب جبينه متعجباً من أسلوبه ثم أردف بصرامة :
البلد ملهاش سيرة غير هروب عز ولازم أعرف أنا فين بعد كدا
: أنت مالك إذا عز موجود ولا هرب !! ليك اتفاق وفلوس بتاخدها كل شهر عشان تنفذ كل حرف
ابتلع لعابه بتوتر متمتم بخفوت :
هاديه كلمت ابنها من شويه وعايزه يجي عشان يساعدها في مكان الشنتطين
صدح صوت ضحكاته الساخرة ثم هتف بتهكم :
وأنت صدقتها ؟!! الشنط عز خدها وهرب يعني خلاص مفيش دهب ولا فلوس
واستكمل بضيق قبل أن يغلق المكالمة :
وآخر مره هقولك تتصرف من دماغك مفيش فلوس وابقا وريني هتعمل ايه في الست هاديه اللي عندك
ألقى الهاتف على المكتب بحده فسأله مساعده بشك :
هو حضرتك ضامن إن عز مش هيغدر بينا بعد مطلع من مصر
تطلع المحامي إلى مساعده وهو يردد بحنق :
دا لو عملها أنا مش هروح ورا الشمس بس، أنا هختفي
واستطرد بتفكير :
المشكلة دلوقتي لحد أمته هنفضل حابسين هاديه
وضع مساعده بعض الملفات أمامه :
وهو ليه بيعمل كدا في عمته ؟؟ وليه بدل كل الفلوس دي اللي بتندفع لقريبه عشان يحبسها في بيته كان قتلها وريح دماغه ؟!!
طرق المحامي فوق سطح المكتب مغمغمًا بريبه :
حبسها عشان تكون تحت ايده ودا يإما يتقي شرها، يإما ليها عوزه بس مش دلوقتي
لم يكن المساعد بخبرة رئيسيه، فذلك المحامي المتمرس للمهنة قضى أكثر من ثمان سنوات مع عز، ويدرك جيدًا تفكيره المسموم، وألاعيبه الماكرة .. فرصة لن تتكرر للإفلات من تهديد عز ببعض الأوراق التي قد تسبب في حبسه مدة طويلة وانهاء مسيرته للعمل كمحامي لم يخسر قضية قط، ولكن كل ما يقلقه هو عدم التزام عز بالاتفاق التي نشأ على بحث المحامي لمجموعة من الرجال لمهاجمة سيارة الشرطة أثناء ترحيله كي يسافر إلى إيطاليا وبعدها يحرق عز الأوراق ويصبح المحامي خارج سيطرته،
؛***********
أخذت نفس عميق تهدأ توترها المفرط، ثم طرقت الباب برفق وولجت مردده التحية بصوت منخفض .. رد التحية وهو يشير على المقعد المقابل لمكتبه مبتسمًا بهدوء، تطلع باستغراب إلى حركة يدها العشوائية ونظراتها الزائغة… نهض من مقعده يجلس كي يخفف من قلقها، ومن ثمّ سألها بمزاح قاصد كسر الحاجز بينهما :
مالك يا سمر زي ما تكوني متكهربة ؟؟!
حركت رأسها بالنفي دون أن ترد، فضحك قائلاً بهدوء :
سبحانه في حد من عيال عبده ورحاب ملوش صوت
ابتسمت بخفة وهتفت بتعلثم :
مش عارفه ابدأ ازاي
: زي ما هتبدأي مع أبوكي
يعلم أن العلاقة بين سمر وأفراد العائلة محدودة جدًا، ربما لا تختلط بأحد سوى في المناسبات نتيجة أسلوب رحاب الفظ ولسانها السليط الذي لا يرحم منه صغير ولا كبير، ومن الطبيعي أن يتجنبوا أي شخص يقرب إليها .. رفعت رأسها وهي تسأله بتلجلج :
هو حضرتك موافق على خليل ؟
حدجها بثبات مردد باقتصار :
أبوكي مسبش فرصة لرأي حد يا سمر
رمشت بأهدابها مرات متتالية وهي تردف بنبرة مهزوزة :
بابا مصدق بس اني غيرت رأي عشان كدا رد على ابو خليل وكله قاعد
استرسلت بشرود :
هما اقنعوني إن خليل مناسب وكويس وهكون مرتاحة زي مها بحكم عِشرة مرتضى، وأنا وفقت بس محدش استنى يسمع شروطي ومش عارفه لو قولت لي بابا هيوافق ولا يقولي مش مشكلة
حرك رأسه بتفهم وهو يغمغم مبتسمًا :
أنا أسمع شروطك وانفذها غصب عن أبوكي
توسعت بسمتها التي أنارت وجهها بأريحية وهتفت بارتباك :
يعني قصدي يكون ليا بيت لوحدي زي مها، أكيد الراحة هتكون وأنا بعيدة عن مشاكل بيوت العيلة
أومأ بهدوء وردد بحنكة :
أولاً متقرنيش نفسك بحد حتى بينك وبين نفسك، لازم تكوني قدام عينك أغلى من أي حد وأي حاجه
استكمل حديثه الرزين :
ثانياً قبل ما تفكري في بيت ودهب والحاجات المادية دي، تقعدي الأول مع خليل وتشوفي أنتِ قادره تتقبليه، تدوري إيه المميز في كلامه، وايه مش عجبك ودا لو محصلش من مرة تطلبي تقعدي معاه تاني وتالت لحد ما تقرري ودا كله بعد ما تصلي استخارة، وقتها تيجي وتعرفيني قراراتك وأنا أعرض شروطك وربنا يقدم اللي فيه الخير إن شاء الله
ما أن أنهى حديثه وجد الباب يطرق بعنف وبعدها ظهر عبده بوجه عابس وهو يسألهم بحنق :
خير يا ست سمر لتكوني جايه تشتكيني لاخويا
أشار المعلم سالم إلى سمر وهو يقول بسخرية :
لو ظبط نفسه على المعاد مكنش طب علينا كده
تطلع عبده إلى سمر متسائلاً باستنكار :
مش قولتي رايحه لي خلود !!
إجابته سمر وهو تنقل نظرها بينهما :
لقيت عمي موجود فقولت اتكلم معاه
: تتكلمي معاه في ايه ؟؟
رفع المعلم سالم حاجبيه وهو يردف بجمود :
وأنت هتحقق معاها
رمق سمر مسترسل بصرامة :
اطلعي يا سمر اقعدي مع بنات عمك، هتتغدي معايا وبعدين امشي
تحركت تحت نظرات والدها المقتضبة، فانتظر المعلم سالم خروجها وسأله بحده طفيفة :
هو ايه اللي جايه ليه وبتتكلم في ايه ؟؟؟
ضيق عبده بين حاجبيه وتمتم بكدر :
أنا عارف عيالي مش بيجي من وراهم غير مصايب
واسترسل بتبرم :
جابر كلمني وبيقول أننا هنروح بعد المغرب بيت صبري
رد عليه بعدم فهم :
وايه الغريب في كلامه
فتح عبده عينيه بقوة وهو يسأله باستهجان :
نروح لحد بيته ؟!! لما هو مقدرش عزومتك ليه يوم دهب البنات ولا حتى جه الغدا احنا نروح عادي كدا ؟؟؟
تنهد المعلم سالم مردفًا بهدوء :
هو برحته يجي أو لا الباب مفتوح، إنما أنت رايح لأختك تقف معاها يوم دهب بنتها
لم يعطيه المجال للاعتراض عندما نهض متجه لخارج الغرفة وهو يخبره بأن عليه الذهاب للمصنع .. بينما اتجه عبده يبحث عن جابر يكمل معه رفضه التام لأسلوب المعلم سالم في التعامل مع صبري، وأنه بتلك الطريقة يهين مكانتهم الذي تعمد صبري على خدشها آخر فترة،
؛***********
في الأعلى خرجت هند من غرفتها بعد أن بدلت ثيابها استعداد للخروج، وجدت والدتها تشاهد التلفاز وبالقرب منها تجلس مها تدرس بهدوء :
ماما أنا رايحه عند عمي جابر زي ما قولتلك
ردت عليها دون أن تنقل نظرها من شاشة التلفاز :
متتأخريش قبل ما أبوكي يجي تكوني رجعتي
: حاضر
وقفت أمام باب شقتهم ترتدي الضمادة برفق ومن ثمّ لفت شاش طبي على يدها المصابة بالكامل، فإن رأتها صباح لن تتركها تخرج ومن المؤكد أنها ستخبر المعلم سالم، حاولت مراراً التكيف مع أثر إصابتها ولكنها دائمًا تفشل، وخاصة إن كانت خارج المنزل، تشعر بنظرات النفور والاشمئزاز من بعض أفراد عائلتها إذا جلست أمامهم دون أن تخفي يدها، فكيف ستواجه من بالخارج !!!
من حسن حظها أن أكمام العباءة الخليجية ذات طراز واسع فلم يظهر سوى أصابعها .. بطريقة عفوية رفعت الهاتف أمام وجهها تتأكد من هيئة حجابها وهي تقف في منتصف البهو
: مهلبيه في كل الحالات
سقط الهاتف من قبضتها وهي تشهق بفزع، ومن ثمّ وضعت يدها على شفتيها وهي تلتفت على يسارها بخضة … لم يتمالك الآخر نفسه وقهقه بصوت مسموع وهو يميل بجزعه يلتقط الهاتف، اعتدل في وقفته ثم رفع يده يرتب خصلاته تحت نظراتها المتعجبة، قدم إليها الهاتف مردد بمراوغة :
سلامتك من الخضة
أخذت الهاتف بعنف بعد أن ادركت ما حدث وقالت بحده :
أنت ازاي دخلت من غير ما تستأذن، وبتعمل ايه هنا وازاي تسمح لنفسك تعمل اللي أنت عملته
وضع موسى يده في جيب سرواله مغمغمًا ببرود :
أولاً بطاقتي وقعت من المحفظة في اليومين اللي كنت فيهم هنا وابن عمك جوه بيجبها، ومفيش ثانياً لاني معملتش حاجه عشان اسمح لنفسي
حركت رأسها بسخرية وهي تهتف بتهكم:
آه وأنت واخد الطريق من هنا للقاهرة رايح جاي بقا، كانوا بيقولوا أنك تعبان بس سبحان الله زي القرد بسبع أرواح
لوى جانب شفتيه مغمغمًا بسخرية مماثلة :
مش كانت قط بسبع أرواح
واستطرد يسألها بدهشة :
وبعدين شغاله بالك ليه أسافر ولا استنى ؟!! مش الأفضل تعتذري على جردل المايه المتلج اللي وقع فوق راسي!!
: قولتلك وقتها مخدتش بالي منك
ضيق عينيه وأردف باستهجان :
مخدتيش بالك برده ولا عايزه تخلصي حسابك أول بأول
فهمت أنه يقصد المحادثة بينها وبين ريم فقالت بحده :
وأنت مين عشان يكون في حساب بينا
لفت نظره الشاش الطبي فسألها بقلق وكأنه غير مبالي بشيء آخر :
مالها ايدك ؟؟ في حاجه حصلت تاني ؟؟؟
قطبت جبينها باستغراب من تغيره لمجرى الحديث عندما ظهر القلق على نبرته، لكنها تذكرت كلمات ريم فتمتمت بضيق :
شكرًا لسؤالك بس بلاش تدخل في شيء ميخصكش مش محتاجه منك شفقه وياريت تركز مع حبيبتك
خرج سالم جابر من الجهة الأخرى وهو يحمل البطاقة الشخصية فقال موسى قبل أن يتقرب منهما :
أنتِ انسانه انانيه
تعلق نظره بعينيها وهي تحدجه بصدمه على قسمات وجهها .. أما هي فظلت ترمق تعابيره الجامدة بثبات، كي لا يلاحظ سالم شيء دارت برأسها وهي تهتف باضطراب :
كويس اني لاقيتك
قدم سالم البطاقة إلى موسى :
لقيتها وقعه بين الاوض
أخذها موسى وهو يردد بجمود :
كويس لأن في حاجات في الشغل واقفه وموضوع بدل فاقد دا بيزهقني
واستطرد حديثه وهو يدخل البطاقة في محفظته :
أشوفك بليل عند عامر مع الشباب
صافحه سالم وتحرك معه يوصله للخارج، عندما عاد تعجب من نظرات هند المثبتة على الفراغ فسألها بشك :
أنتِ طلعتي أمته ؟؟ ومالك كدا !!
إجابته وهي تجلس على الأريكة :
لسا خارجه من ثواني
نظرت إليه واستكملت تسأله بشرود :
أمته الإنسان يكون اناني يا سالم ؟؟!
قطب سالم جبينه باستفهام ثم جلس بجانبها وهو يهتف بتفكير :
لما يكون مش بيفكر غير في نفسه
ألذلك وصفها بالأنانية ؟؟ يراها لا تفكر إلا في نفسها، صفة تبعد كل البعد عن طبيعتها من وجهة نظرها .. بعض مواقف جمعتهم لا تذكر وبناءً عليها يحكم على شخصيتها!! شعرت هند أنها تود اللحاق به وزجره بعنف عن فظاظته، تردعه عن كم الكلمات القاسية التي تلاحقها منه أو من أقاربه … أفاقت من شرودها على صوت سالم وهو يسألها مستفسرًا بانزعاج :
في ايه يا هند ؟؟ موسى ضايقك ؟؟
نظرت إليه وهي تحرك رأسها بالنفي :
لا أنا طلعت قبلك بثواني، وقالي سبب وجوده
: ولو كنت اتاخرت جوه ترجعي لحد ما اطلع يإما هو يمشي
رمقته بطرف عينها ومن ثمّ سألته بضجر :
وراك حاجه؟؟ عايزه اتكلم معاك شويه
ابتسم بسماجة وهو يردد بحنق :
من قبل ما تتكلمي عارف إن أمي وخلود قاموا بالواجب
تنهدت بصوت مسموع وابتسمت بهدوء وهي تردف بحكمة :
سالم لازم تفهم أنك بتضيع أسعد لحظات حياتك مع نيره في أسباب تافهة ملهاش معنى وكلها كلام فاضي، انتو دلوقتي المفروض تكونوا بتستعدوا للشخص الجديد على اسرتكم مش كل واحد قاعد في مكان وبيفكر في نفسه
تحكم في غضبه وسألها باستنكار :
وأنا اللي بضيع كل دا ؟!!
لم يعطيها فرصتها واستكمل بضيق احتل صدره :
عارفه حسيت بأيه لما رمت الهدايا ولا هان عليها تبص في وشي، طيب فاهمه يعني ايه أكون زي الغريب مش عارف هي في الشهر الكام ولا حتى هي حامل في ولد ولا بنت، لما بشوف ازاي ندى سامحت سالم ورفضت تمشي بسأل نفسي انا عملت ايه عشان نيره تعاملني كدا ؟؟
لم ترد هند عليه كي يكمل ويفرغ كل ما في قلبه، فسمح سالم إلى آلامه بالخروج وأكمل وكأنه يتحدث مع نفسه :
كنت رايح فرحان ومبسوط إني شايل هدايا ممكن تبسطها، عمري مصدق أنها كان ممكن تكسر بخاطري قدام أهلها كدا، قولت مناسبه زي دي والكل متجمع مينفعش اسيبها لأنها واحده مننا، تعبت من عتاب نفسي وتعبت من خلق ألف عذر لطريقتها
أخفضت هند رأسها وهي تشعر بالاستياء للحالة التي وصل إليها أخيها وصديقها، فقالت بخفوت تحاول أن تخفف عنه:
سالم فترة الحمل بتكون تعب وهرمونات متلغبطه ومش لازم تاخد كل تصرف منها بمحمل الجد
تطلع إليها مردد بكدر :
نيره بتلوي دراعي بحملها
ظهر الاستغراب على ملامح هند وهي تهتف بدهشة :
ازاي دماغك وصلتك لكدا ؟!! بصراحه فكرة غلط تمامً يعني هتستفاد ايه لما تستغل الفترة دي وتبوظ العلاقة بينكم
ابتسم سالم مغمغم بحنو :
ياريتها زيك يا هند
بدالته البسمة وهي تهتف بأسى :
شوف أنت بتقول ايه وأحمد كان دايما يقولي نفسي أشوفك زي باقي الستات
استرسلت بهدوء :
ودا يخليك تتأكد إن الإنسان مش بيشوف المميزات في شريكه دايما بتكون العيوب في الصفحة الأولى بينهم
: مش يمكن أحمد مكنش بيفهم ودا الأكيد لأن اختي مفيش زيها
ضحكت وهي تدفعه في كتفه برفق :
ويمكن أنت مش بتفهم زيه
ابتسم بخفة فقالت برجاء :
فكر بعيد عن أي مواقف كانت بينكم، فكر في نيره وبس
انتبهت على خيريه التي تتقدم نحوهم، فأخبرته أن الحديث لم ينتهي ولكن لاحقاً بعيدًا عن ضوضاء أخواتها التي خرجوا واحدة تلو الأخرى .. وقفت خيريه أمام سالم وهي تردف مبتسمة :
بقولك يا سلومي
: لا
قالها دون أن ينظر إليها فصاحت خيريه بغيظ :
هو ايه اللي لا مش لما تسمع هقول ايه الأول
عقدت مروه ذراعيها مردده بتهكم :
ما هو الحاضر مش بتطلع غير لي هند وبس
حرك سالم رأسه بتأكيد فأضافت رحمه بسخرية :
وهو من أمته بنطلع منه بحاجه مفيدة
نظر سالم إليها بحده ثم تطلع إلى باقي الفتيات وهو يشير على رحمه :
اعملكم اللي انتو عايزينه بس هي لا
ضحكت خيريه ومروه على وجه رحمه المحتقن بغيظ، بنيما تقدمت حسناء منه وهي تردف بحماس :
ومالو ميضرش، هبعتلك عنوان في حاجات لينا كنا طلبناها ووصلت الصبح
نهض بعد أن كتب العنوان في هاتفه فإن لم يذهب الآن لن يستطيع إحضار طلبهم إلا غداً، لا يريد التأخر على موعده مع الشباب في منزل عامر الذي أصر على تحضير عزيمة تليق بهم ترحيب بمنزله الجديد … بينما نظرت هند إلى رحمه وعاتبها بضيق طفيف :
أظن مش هعرفك أن طريقتك مش لطيفه مع سالم
ضربت رحمه بقدمها في الأرض وهي تهتف بتذمر :
انتو كده مفيش حاجه بتعجب من رحمه
أوقفتها هند قبل أن تغادر ونهضت أمامها مغمغمه بوجوم :
كبرتي على تصرفات العيال دي يا رحمه ومش معقول كل ما تكلم معاكي تتقمصي بالطريقة السخيفة دي
تدخلت خيريه بعد أن توتر الوضع :
محصلش حاجه لكل دا يا جماعه
ردت رحمه عليها بسخرية بالغة :
ليه ما لازم الست هند تكوني الكبيرة علينا زي أمها ما كبيرة البيت
توسعت أعين مروه من وقاحتها وهدرت بنبرة حادة :
احترمي نفسك شويه واعرفي كلامك يا رحمه
تطلعت رحمه إلى هند من أسفل إلى أعلى والتفت تغادر بتمخطر، اقتربت خيريه من هند وتمتمت باعتذار :
متزعليش يا هند ما احنا كلنا عارفين طريقتها
أومأت هند دون أن تُعقب فأردفت حسناء بملل :
تعالوا نطلع عند أمل أحسن سمر تفكرنا مش عايزين نقعد معاها
؛************ بقلم حسناء محمد سويلم
وضع يعقوب أكياس بلاستيكية ممتلئة بأنواع مختلفة من الخضار والفواكه وبعض من مستلزمات المطبخ .. وفي أحد الأكياس وضع ظرف به مبلغ نقود، كي لا يشعر بحرج إذا أخذته منه وجه إلى وجه.. خرجت والدة منير على طرقه، أخذت تسأله عن أحوال منير وهي تبكي فقال بقلة حيلة :
صدقيني أنا بعمل كل اللي أقدر عليه، ولو أقدر اخليه يرجع في كلامه أنا مستعد
واستكمل بحرج شديد :
عمري ما هقبل على نفسي حد يشيل مكاني ولو أعرف مين عمل كده مش هسيبه دقيقه بره ومنير محبوس
مسحت والدة منير وجهها مردفه بصوت محشرج :
من غير ما تقول يا ريس يعقوب عارفه اللي عندك، ربنا يجازي اللي كان السبب
قدم الأكياس مردد باقتصار :
كل يومين هعدي عليكي ومعاكي رقمي لو محتاجه حاجه
: كتر خيرك بس دا كتير
ابتسم مغمغمًا بهدوء :
كلميني في أي وقت
استأذن منها ورحل باتجاه منزل عمه، ضيق احتل صدره كلما شعر بالعجز باتجاه تلك السيدة، والثقة التي انعدمت لديه من الأشخاص حوله تزداد سوأ، من يريد أذيته قريب منه ومن المحتمل أن يكون يخطط الآن بعد أن فشل أول مرة… وجد عمه يخرج من منزله، بعد أن صافحه والسؤال عن الأحوال، أردف يعقوب بحذر :
عمي جاي عشان افكرك أبويا اكيد هيسألك عن حوار الأرض
رمقه عمه باستغراب متسائلاً بعدم فهم :
أنت بس لو تفهمني ليه عايزيني أقوله إني اشتريت الأرض منك ؟؟! وفيها ايه لما يعرف أنك سالف مني مبلغ !!
زفر يعقوب بحده ثم هتف باستياء :
لأن ابويا عايزني أبيع الأرض وأنا مش هبعها
: يا بني وهو دا هتخبيه لحد أمته
رفع يعقوب كتفيه بقلة حيلة :
مش عارف بس أن شاء الله محلوله، والمبلغ اللي اخدته هرجع قريب برده
اقتضبت ملامح عمه وهو يعنفه :
دا الكلام اللي يزعل وهو في ابن يقول لابوه كده
أخفى حزنه العميق من تلك الجملة، فقد فعل معه ما رفضه والده أن يفعله.. اقترب يعقوب يقبل رأسه متمتم بحنو :
لا مفيش ابن يقول لابوه كده، تعيش ونتسند عليك
شعر عمه بأمر ما يدور بين عزيز ويعقوب ولكنه اكتفى بعدم التدخل، فـ يعقوب ذكي ورزين ليكسب عزيز في صفه، لا يعلم أن عزيز أغلق جميع الصفوف في وجه يعقوب عندما كان في أشد وقت لوجوده …
؛****
أما في منزل عزيز
كانت مايسه تجلس تقطم أظافر يدها وهي ترمق شريف بامتعاض، وكأنه يقصد استفزازاها بتجاهله ما فعله .. وضعت حسنيه كوب العصير أمام شريف وهي تقول بتبرم :
دي عين وحسدتكم
ضحك سليمان بخفة فوكزته فايزة في مرفقه برفق، تجاهلها سليمان ونظر إلى شريف وسأله بتعجب :
تفتكر مين حسدكم يا شريف ؟؟؟
تحدث عبدالله بضجر من أسلوب سليمان الساخر :
بقولك ايه لو عندك كلمة عدله قولها معندكش اسكت
أمسك سليمان كف فايزه وسحبها قائلاً بتهكم وهو يرمق عزيز الجالس في سكون :
عن اذنك يا عمي هطلع شقتي، ما الواحد مش هيضيع يومين اجازته في وجع دماغ
خجلت فايزه من طريقته فسحبت يدها من كفه ووقفت على الدرج وهي تهدر بهمس :
ايه اللي أنت عملته دا ؟؟ بدل ما نقعد نهدي بينهم
لف سليمان يده حول خصرها متمتم بمراوغة :
يا شيخه أنا لو من شريف كنت طلقت مايسه من تاني يوم
وضعت فايزه يدها على شفتيه :
وطي صوتك حرام عليك منظري قدامهم
رفع سليمان حاجبيه وهو يسألها بحنق :
هو احنا جايين يومين عشان تشوفي أهلك ونروق على نفسنا ولا عشان مايسه تنكد علينا زي ما هي منكده على الراجل الغلبان ؟؟؟
لم يمهلها أن ترد وسحبها مستكملًا بعبث :
تعالي بس نتناقش في الموضوع فوق
استمعت فايزة إلى حمحمت يعقوب ففزعت بخضة، مما جعل سليمان يهتف بصوت مرتفع :
يا بنتي أنتِ مراتي احلف بأيه عشان تصدقي
التفت يعقوب يرمقه باشمئزاز، فوضع سليمان ذراعه على كتف فايزه وضمها إليه بقوة وهو يلاعب حاجبيه مردد بمكر :
يعني برحتنا يا حبيبتي
تطلع يعقوب إلى فايزه التي أزاحت يد سليمان :
مستحمله انسان سمج زيه ازاي
رد عليه سليمان غامزًا :
على قلبها زي العسل
أشار إلى الطابق الأول مسترسل بتشفي :
ادخل في معركة جوه مستنياك
مسح يعقوب وجهه متمتم بهمس قبل أن يدلف :
أنا عايش في مرستان
وجد والده يجلس بين شريف ومايسه، وعلى وعبدالله وحسنيه يتفرقوا في الغرفة، ألقى التحية وجلس هو الآخر على أحد المقاعد في هدوء … من الطبيعي أن تفجر مايسه رأس شريف أن استطاعت بعد أن أصر على سفرها قبل يوم ذهاب يعقوب مع حسناء ليأتي بالذهب، وتتفاجأ بعد وصولها أنه أخذ إجازة لمدة أسبوعين من عمله، ولكن الصدمة أنها رفضت المكوث معه فترة الإجازة وعادت إلى القرية مع طفليها دون أن تنتظره، وحينها ود يعقوب أن يعانق شريف على مساعدته المجهولة في يومه المميز، التي لو كانت مايسه تحضره لم تتم الزيجة من الأساس،
: لو سمحتي يا أمي لو الولاد جهزوا يلا عشان منتأخرش
رد عليه مايسه بطريقه شرسة :
مش هتاخدهم يا شريف
بكل هدوء سألها شريف مستفسرًا:
ليه ؟؟ مش رفضتي تقضي معايا أسبوعين اجازة نفسح فيهم الولاد ونخرج شويه واصريتي ترجعي البلد !!!
رفعت صوتها وهي تقول بغضب :
عشان كذبت عليا وخلتني أسافر غصب عني وفي الاخر تطلع واخد اجازه
رمقها لبرهة بثبات وقال بحده :
لو مش محترمه وجودي، احترمي وجود أبوكي وأخواتك ووطي صوتك وأنتِ بتتكلمي
واستطرد بنبرة لا تحتمل النقاش :
اقعدي برحتك وأنا هاخد ولادي واقعد بيهم الأسبوعين افسحهم وابسطهم وبالمره يشوفوا جدهم وجدتهم
ركض الطفلان يحتضنوا والدهم بعد أن انتهت منال من تبديل ثيابهم، وقف علي يساعد شريف في إخراج الحقائب، تطلع عزيز إلى مايسه شزرًا وزمجر بغضب :
لا احترمتيني ولا عملتي حساب لقعدتي
انكمشت مايسه على نفسها عندما صاح بحده :
تنجري تقعدي في الاوضة ومشوفش خلقتك يا عديمة الرابية
ركضت مايسه للداخل وهي تصيح بتذمر، تبعتها حسنيه فعاد عزيز يجلس بعنف وهو يبرطم بسخط.. لكن ربما لم تكن الأمور كما يحسبها دائمًا، اندفعت ميمونه زوجت عبدالله للغرفة ومن الواضح أن أختها تحاول إمساكها لتعود لوعيها، ولكنها دفعتها وهي تقول بغضب :
أنا خلاص تعبت ومش هسكت
انتفض عبدالله من جلسته ووقف أمامها قبل أن تفضح أمره :
ادخلي واتمسي يا ميمونه
نظرت ميمونه إلى عزيز وهتفت بعناد :
مش دخله غير لما أعرف عمي عمايلك يا عبدالله
واسترسلت وهي ترمق يعقوب :
العمايل اللي زعلت أخوك الكبير عشانها
امسكها عبدالله من مرفقها فوقف يعقوب يفصل بينهما وهو يقبض على يد عبدالله :
لا قبل ما تكون مراتك دي بنت عمي وأختي
صاح عزيز بغضب متسائلاً بضيق :
ايه مش مالي عينيكم ؟؟ تعرفيني ايه يا ميمونه ؟؟!
اختبأت ميمونه خلف يعقوب وهدرت ببسالة :
عبدالله مش مكتفي بالسجاير بس يا عمي هو وابن المعلم عبده سويلم وباقي صحابهم
جال عزيز بنظره بينهم وهو يتمتم بعدم فهم :
يعني ايه مش مكتفي بالسجاير
حاول عبدالله امساك ميمونه من خلف يعقوب وهو يصيح بوعيد :
دي هبله ومش فاهمه حاجه يابا
لم تكتفي ميمونه بذلك بعد أن فاض كيلها وقالت بجرأة غير مبالية بنظرات زوجها :
لا مش هبله والحاجات اللي فوق في التلاجه ومكتوب عليها أنها في نسبة كحول وشيلها قدام بناتك دي ايه
تعلقت النظرات المذهولة على عبدالله الذي أردف بتلجلج:
كذابة ومفيش اي دليل على كلامها
: مفيش دليل لأنك خفتهم امبارح لما اتخانقنا
نظر عزيز إلى ميمونه وهو يهتف بأمر :
ادخلي جوه دلوقتي
ولجت ميمونه ومنال للداخل، نقل عزيز نظره إلى يعقوب متسائلاً بجمود :
دا السبب اللي قلبك عليه صح ؟؟
لم يرد يعقوب وظل يرمق عبدالله بحده، فتيقن عزيز من صحة حديث ميمونه .. حدجه شزرًا مردد بصرامة :
اطلع بره ومشوفش وشك
حاول علي التدخل ولكن عزيز لم يعطي أحد فرصة وخرج من أمامهم، ومن ثمّ تبعه عبدالله بعد أن نظر إلى يعقوب بحنق متجاهل نداء علي … ولج يعقوب إلى غرفته يبدل ثيابه ويذهب لموعده مع الشباب، فعلت ميمونه ما طلبه منها بعد أن جاءت تشتكي عبدالله إليه وأنها وجدت مشروبات غريبة داخل الثلاجة، وبدلا من ذهاب ميمونه إلى منزل أهلها من سوء معاملته قرر يعقوب أن يساعدها مقابل أن تفعل ما يأمرها به، وبعدها سيتكفل والده بالتصرف مع عبدالله وفي كل الأحوال ما يحدث لصالحه قبل أن يكمل في طريق الظلام،
؛*********
وقف يتأمل المنزل بأعين تملأها فرحة العودة، تنهد براحة وهو يضع مفتاح الباب الحديدي في القفل، ولكن قبل أن يفتح الباب وجد المعلم سالم يقف أمامه بشموخ :
معلم سالم
أومأ إليه مردد بصرامة :
رجعت يا ابن عباس للبلد
رمقه ممدوح بعدم فهم، فاسترسل المعلم سالم بجمود :
هما كلمتين تحفظهم كويس ملكش في البلد غير بيتك، ولا ليك دعوة بحد ولا كأنك موجود معانا
ظهر الوعيد في نبرته المهيبة مستكملًا :
لو فكرت تشغل مخك، زي ما رجعتك هخرجك بس المرة دي خرجه ابديه
كان عبده وجابر يقفان على بعد كاف، فقد خرجوا من بيت صبري بعد الانتهاء من مراسم خطبة ريهام ومحمد وتحركوا باتجاه منزل عباس .. أما هانم فعادت لمنزل أخيها سريعًا وطلبت من ضياء لحقها، وجود ساره اليوم قلل من مكانتها واهان كبريائها أمام السيدات، ولكن كانت ساره الأسرع وطلبت من ضياء الذهاب معها لتناول وجبة العشاء مع والدتها، وقضاء وقت ممتع حتى منتصف الليل ثم يعود للمنزل للنوم،
لم يجادل جابر المعلم سالم في أمر عودة ممدوح عباس أو حتى سأله، بينما عبده أبدى ضيقه من دخول أي شخص يحمل إليهم الشر، وكالعادة ينتهي النقاش بنفاذ صبر كبير العائلة ويقطع الحديث بصرامة،
؛*************
جهز عامر العصائر والمشروبات الغازية المتنوعة، وأطباق فواكه مختلفة، بالإضافة إلى بعض التسالي، حرصت والدته على تحضير إليه كل شيء قبل أن تعود للإسكندرية مع هاجر في الصباح، انتظرت حتى جاء رد صباح بموافقة خيريه المبدئية، وسيقرر المعلم سالم موعد لمقابلة عامر لتقرر نهائيا … كان أول الحاضرين من الشباب موسى لأنه جاء باكرًا بعد مقابلة سالم جابر، كانت العلاقة بينهما في بداية الأمر حساسة للغاية، وبعد أن أخذ عامر وقته الكافي للتعافي من أمر موسى تاجر الآثار، تقبل وجوده وكان أول من اتصل به للحضور، ورغم أنه قد أوشك على مهاتفة يونس لكنه تراجع في آخر لحظة، مازال يشعر بالغضب الشديد من فعلته، حتى أنه لا يستطيع التحدث معه الآن…..
بعد ربع ساعة جاء يعقوب ومرتضى، وتبعهما سالم جابر، وعندما تأخر سالم عبده اتصلوا به، فوجوده يقف أمام المنزل ينتظر أحد ما يجلب علبة حلويات مخصصة من أشهر محلات الحلويات في المدينة التابعة لها القرية، أخذ عامر منه العلبة وهو يردف بحماس :
الذوق كله يا أبو حسن
علق مرتضى بسخرية ممزوجة بمزاح :
إنما يا عامر قولنا هنيجي نلاقي مائدة من هنا لآخر البلد بس مش شايف ورك فرخة بيجري حتى
ضحك موسى واضاف بتهكم :
وأنا اللي جاي من القاهرة على لحم بطني من الصبح
وجدهم عامر سيبدأن الليلة في مشاكسته فقال ببرود :
دي غلطتي إني فكرت اعزمكم في بيتي الجديد
هتف يعقوب باستنكار :
مبسوط ولا كأنه صارف ومكلف
عقب سالم جابر على حديث يعقوب بغيظ :
أخد بيت يجري فيه الخيل ولسا مبني جديد وهيصه
فتح عامر عينيه على وسعهم وهو يدفعه بوسادة الأريكة:
هتنق عليا وأنا واقف
ساعتين مروا سريعًا بين ضحكاتهم ومزاحهم بين بعضهم وكأنهم نشأوا سويا منذ الصغر، ألفة وأنس وراحة بال ألهت كل واحد همه .. نسى مشاكله مع زوجته، والأخر أراح عقله من التفكير في محبوبته، والثالث خرج من ضغوطات عائلته، ومنهم من كان يحتاج وقت كهذا بعيدًا عن العمل والمنزل، وذلك الحائر في قرار يغير حياته العاطفية، وأخيراً غفل قليلاً عن أخيه وتصرفاته،
؛************
عودة إلى منزل المعلم سالم
انتظرت هند رحيل سمر وخرجت تبحث عن رحمه، لم تنسى طريقتها ولن تستهين بقلة آدابها، وجدتها تمسك الهاتف وتركيزها معلق بين شاشته، لم تهتم بوجود والدتها مع ناديه ونجاة، وخطت تقف أمامها وهي تأخذ الهاتف من يدها … رفعت رحمه نظرها بصدمه وهي تتساءل:
في ايه ؟؟؟!
أمسكت هند الهاتف بين قبضتها وقالت بأمر :
اعتذري عن تصرفك الصبح
انتبه جمع النساء من نبرة هند، بينما أردفت خيريه برجاء :
خلاص يا هند عديها عشان خاطري
الجميع يعلم إذا حضر المعلم سالم الآن لن ينتظر حتى يعرف ما حدث، وحينها لن تجد رحمه مخرج من بطشه .. جالت رحمه بنظرها بين أخواتها وأمهاتهم بتوتر، فعادت هند تغمغم بحده :
اعتذري يا رحمه فوراً
ضغطت ناديه على شفتيها بغيظ واقتربت من هند ترتب على كتفها برفق :
حقك عليا أنا يا هند عن اللي مقصوفة الرقبة عملته
تساءلت صباح بشك :
في ايه بينكم ؟؟
نظرت هند إلى ناديه وقالت باقتضاب :
ايه يا ماما ناديه اللي بتقوليه دا
ضربت ناديه على يدها وهي تهتف بكدر :
أصل عارفه لسانها الطويل
حدجت هند تلك الساكنة وقالت بإصرار :
يبقا هي اللي تعتذر مش حضرتك
رمقت باقي أخواتها وهي تهدر بهيبة :
واوعوا واحده فيكم تفتكر أنها تقلل مني، ايوا أنا الكبيرة فيكم وهتحترموني غصب عنكم
عند إذًا سألتها صباح بنفاذ صبر :
لا أنا عايزه افهم ايه اللي بيحصل ؟؟ وايه لازمته كلامك !!
ردت عليها هند باقتصار وهي ترمق رحمه :
لو سمحتي يا ماما دي حاجه وبيني وبين أخواتي
شعرت رحمه بالضعف أمامها فقالت بهمس :
أنا آسفه
لم ترتخي قسمات هند الجامدة وهي تردف بحده :
آخر مره تتعدي حدودك معايا أو مع حد من إخوتك
عم السكون مع ولوجه فجأة، ألقى التحية وطلب من نجاة صنع كوب نعناع قبل وجبة العشاء، في نفس الوقت جلست كل واحدة تصطنع مشاهدة التلفاز كي لا يشعر بشيء .. مما جعله يتعجب من سرعة تغير حالهن في ثوان، استمع إلى صوت هند وهو يصعد الدرج، لكنه لن يتدخل إلا إذا جاءت احداهن لتخبره بما يحدث، من الأفضل تركهن يتصرفون بتلقائية مع بعضهن بعيدًا عن الخوف من شخصه .. وإذا كان الأمر بخصوص رحمه فذلك دافع أكبر لعدم تدخله،
؛*******
الثانية بعد منتصف الليل
في أثناء عودته من المرحاض اتجه لباب الشرفة يغلقه، لكنه وجد شخص ما يحوم حول منزله .. لم ينتظر وخرج بعجلة إلى سطح المنزل يبحث عنه، تفاجأ به خلف المنزل يركض في الأراضي الزراعية بشكل مريب، هبط يرتدي جاكيت فوق ملابسه الداخلية، وأغلق أبواب منزله بحرص، ثم فتح المصباح الموجود بهاتفه واتجه داخل الأراضي،
ظل يمشي تقريباً ثلث ساعة بين الأراضي، لا يوجد سوى الظلام حوله وصوت نقيق الضفادع وحشرات الليل، أنار بجهة الترعة يجول بنظره في المكان، كل شيء طبيعي تماماً، فقرر العودة لعله شاب ارعن من خارج القرية ..
: أنت بتعمل ايه هنا
أخذ مرتضى وضع الهجوم ولكنه اعتدل سريعاً مغمغم بلفظ بذئ :
يا عم وقفت قلبي
أشار يعقوب حوله متمتم بسخرية :
دا على أساس أننا على شط النيل
واستطرد متسائلاً بضجر:
بتعمل ايه دلوقتي هنا ؟؟!
تطلع مرتضى حوله وهو يقول بحيره :
شوفت واحد بيلف حولين البيت وجري بين الأراضي بس اختفى ابن العفاريت
قطب يعقوب جبينه متعجباً وهو يهتف بتفكير :
غريبة أنا جاي من المحجر القبلي ومحدش قابلني
سأله مرتضى بعدم فهم :
بتعمل ايه في المحجر الساعة اتنين بليل
تحرك الاثنين باتجاه القرية :
بفضل بين المحجر دا وبين التاني طول الليل يمكن ألاقي السبب في اللي حصلي
توقف مرتضى فجأةً مردد بصدمة :
أنت شايف اللي أنا شايفه ولا دي هلاوس
تطلع يعقوب بالجهة المعلقة عليها نظر مرتضى، جحظت أعينه متمتم بهمس :
لا دي هلاوس
؛******

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!