روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل التاسع 9 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل التاسع 9 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء التاسع

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت التاسع

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة التاسعة

بداية يوم جديد بطقس مائل للبرودة علي القرية، في منزل المعلم سالم بالتحديد داخل طابق الضيوف
وقفت كوثر وهي تمتم بضيق عندما خرج موسي من غرفته بصحبة عليا :
أنا لحد دلوقتي مش مقتنعه بكلامك، ووجودنا هنا ميصحش أبدا
مسح موسي وجه بنعاس، ورد عليها بهدوء :
يا كوثر دي عاشر مره أقولك أن معرفتش ارفض طلب المعلم سالم لما سمع أن ماسورة الغاز سربت في البيت وأصر نيجي اليومين دول هنا
حركت كوثر رأسها مردفه بحرج :
حتي لو كان أصر عليك كنت رفضت بأدب، إنما بدل ما كنا رايحين زيارة ليهم نيجي معاهم بيتهم فجأة كدا
علمت عليا السبب في وجودهم هنا، عندما قص موسي إليها ما حدث ليلة أمس، فإضافة كي تغير مجري الحديث وتندرج مع والدتهم لتزيح الحرج عنها :
أنا شايفه إننا نمشي دلوقتي لأنهم زمانهم مستنينا علي الفطار
حرك موسي رأسه يؤيدها، ثم تقدم في السير عنهم إلي الجهة الأخرى من الطابق …. خطي موسي داخل مجلس الرجال حيث ينتظره المعلم سالم، بينما أكملت كوثر وعليا طريقهن إلي الداخل للانضمام للنساء،
؛***********
في نفس التوقيت خرج سيف من المطبخ وهو يحمل كوبين من الحليب متجه إلي غرفة التلفاز، وضع الكوبين علي الطاولة وهو يقول بحزم :
يلا اشربوا دول لحد ما نشوف اي حاجه ناكلها
تقدم زياد ويزيد من الطاولة بهدوء واعينهم معلقة علي الرسومات الكرتونية علي الشاشة … زفر سيف بضيق وهو يأخذ هاتفه يجري اتصالاً عاجلاً، كلما بدأت الأمور في التحسن، جاء إليه خبر يدهور كل ما خطط إليه، دقيقة ربما وجاء رد عز المقتضب وهو يسأله بجمود :
: عملت ايه ؟!
رد عليه سيف بحده طفيفة :
روحت جبتهم من الشقة من وقت ما كلمتك
جاء صوت عز وهو يهدر بغضب جلي :
أنا عايز افهم أنت ليه اتصرفت من دماغك ؟؟؟
لم يفهم سيف مقصد أخوه، فسأله بعدم فهم :
عملت ايه ؟! مش أنت قولت اروح اخد عيالك !!
: بس مقولتش تتصرف مع هاديه دلوقتي يا سـيف
توسعت حدقتي سيف وهو يشير علي نفسه مردد ببلاهة :
أنا !! أنت هتجنني ليه يا عم، هو مش أنت الـ عملت كدا في هاديه
صمت عز لبرهه، ومن ثمّ جاء صوته متسائلاً باستنكار :
تقصد ايه ؟! يعني مش أنت الـ عملت كدا ؟؟؟
رد عليه سيف باقتضاب :
أنا من وقت ما اتصرفت في توفيق منزلتش المنطقة غير امبارح لما روحت اجيب عيالك
واسترسل ساخراً :
وبعدين طالما ولا أنا ولا أنت، يبقا جات من عند ربنا
لم يقتنع عز بحديثه، فتجاهل سبب الواقعة الأن، وسأله عن حالتها مستفسرا :
عرفت حصلها ايه ؟؟
مطت شفتيه وغمغم بتهكم :
للأسف لسا عايشه في العناية المركزة
قبل أن يغلق المكالمة قال بأمر :
بكرا بليل ناس حبايبنا هيطلعوا أبوك علي أول الطريق الدولي، تكون مستنيه أنت والعيال، وتيجوا علي هنا
نظر سيف إلي الهاتف بضيق في يده بعد أن أغلقت المكالمة …. ثم خطي إلي المطبخ مره ثانيه، ليري ما يمكن تحضيره كوجبة خفيفة إليهم، فتلك أول مرة يتعامل مع صغار في عمرهم …. من حسن حظه أنه اتبع سيارات المعلم سالم ليلة أمس، بعدما رأي موسي وعائلته يتجهون معه، وهكذا فسدت خطة الانتقام الآن … وما أن وصل وجد اتصالا يخبره أن هاديه وجدت فاقدة الوعي اسفل الدرج وتم نقلها للمشفى، والصغار وحدهم في الشقة ومن المؤكد لن يسأل أحد عمهم أين يذهب بهم،
؛************** بقلم حسناء محمد سويلم
كانت توليه ظهرها منشغله في تنظيف الأطباق بعدما انتهوا من تناول الفطور … دلف يضع كوب الشاي أمامها وهو يردد بهيام :
شوفتي البيت نور ازاي لما رجعتي
ابتسمت وهو تردف بمزاح :
قصدك كان زمانك مرتاح من زن مها
لم يفكر في رده ليقول بشغف :
ياريت حياتي كلها زن مها، وكلام مها، وضحكت مها
ظهرت بسمة أعلي ثغرها وهو تهمس بخجل :
ربنا يخليك ليا
مال مرتضي ليكون أمام وجهها وهمس بمكر :
لا مش هتنفع علي الناشف كدا
: بـابـا
شهقت مها بفزع هي تدفع مرتضي بعيداً، بينما اقتضبت ملامح مرتضي من تصرفها المبالغ به، ثم التفت إلي ابنه متسائلاً بحده :
نعم ؟!
نظر سامر إليهم وسألهم بفضول :
هي تغريد هتيجي أمته ؟!
قرص مرتضي علي وجنته وهو يهتف من بين أسنانه :
يعني قطعت لحظه مصيريه زي دي عشان كدا
واستطرد بحنق :
فين أخوك ؟!
فرك الصغير وجنته متألما وهو يتمتم بعبوس :
بيلعب في التاب لوحده ومش راضي يلعبني معاه
جففت مها يدها وهي تردف بصرامة :
روح قوله ماما بتقولك لعبني معاك يإما هتيجي تاخد التاب
ركض سامر للخارج ينفذ ما قالته، بينما اقترب مرتضي منها وهو يغازلها بعبث :
أحبك وأنت جامد كدا
ضحكت مها بخفوت ورفعت ذراعيها تحاوط عنقه، عندما حاوط خصرها بلطف :
أنت عارف الفرق بين سالم وسامر بيفكرني بيك وبين خليل
عقد حاجبيه بعد فهم، فاستكملت حديثها بتوضيح وهي تبتعد عنه تجلس علي مقعد طاولة المطبخ :
أنت وخليل أخوات لكن أسلوب وطريقة كل واحد مختلفه تماما عن التاني، وكذلك ولادك سامر هادي وبيسمع الكلام عكس سالم دايما بيعاند وبيرد بطريقة مش كويسه
جلس مرتضي مقابل لها مردد بجمود :
أنتِ بس الـ مدلعها عشان كدا سايق فيها العوج
قطبت مها جبينها باستغراب وسألته باستنكار :
حبيبي أنت بتتكلم علي ابنك ولا كأنه شاب، دا طفل لسا 8 سنين ؟!!
حرك رأسه بيأس وهتف بجديه :
عنده 8 سنين يعني واعي ولازم يعرف أن كدا غلط بدل أخوه الأصغر منه ما يتعلم هو كمان، وبعدين نلحقه دلوقتي بدل ما يكبر ويفوت الأوان
أمات إليه بتفهم، ثم سألته مستفسرة :
هو خليل لسا مرجعش شغله ؟!
حرك رأسه بالرفض وغمغم بهدوء :
مها أنتِ عارفه أن كل الـ عمله خليل عشان كان عايز يخطب حسناء، وتفكيره بس صورله أن كدا ممكن يكون في فرصة يخطبها تاني
واستطرد بحرج :
أنا مش ببرر كذبه لكن بفهمك قصده
رفعت مها ترتب علي كفه برفق وهو تهتف بحنو :
فهماك وأنا أصلا نسيت كل دا، وربنا وحده يعلم أن بعزه زي اخويا
ابتسم مرتضي مردد بحب :
ربنا يكملك بعقلك وتفضلي مهونه عليا الدنيا
دار الحديث المختلف بينهم فيما حدث الايام الماضية …. ولم يشعروا بالوقت الا حينما صدح أذان الظهر، فنهض مرتضي يتوضأ كي يذهب الي المسجد مع أولاده، ولحقتهم مها تؤدي فرضها، وتتجه إلي المطبخ تجهز وجبة الغذاء قبل ذاهبها إلي منزل والدها،
” لم أجد الحياة حياة إلا بوجودك، ولم أفهم معني السعادة إلا بظهورك، كانت الظلمات تحوم حولي، فجئت أنت وانتشلتني الي نورك ”
؛*************
تفاجأ جابر وعبده من رجوع المعلم سالم قبل موعده بيوم … وما ذاد شكوكهم وجود موسي معه في المسجد، ولكن لم يكن الوقت ولا المكان يسمح بالحديث …
بعدما انتهوا خرج الثنائي سالم من المسجد معا، ارتدي سالم جابر حذائه وهو يسأل ابن عمه قائلاً :
هو أخوك رجع ولا لسا ؟!
نظر سالم إليه ورد عليه بسؤال آخر :
هو مش المفروض كان معاكم ؟! راجع بعد الفجر ليه ؟؟
لوي سالم جانب شفتيه وغمغم بتهكم :
بعد الفجر، قوله عمك هيسويك علي نار بارده
واستكمل بتسأل :
صحيح ندي عامله ايه ؟؟
رد عليه بسخرية بالغة :
كل ما أقول هتنسي والايام هتمشي، الأمور بتتعقد أكتر ومش راضيه تبص في وشي أساساً
رتب علي كتفه برفق مردد بمزاح :
بكرا تتعدل يا ابو حسن بس أنت تقلت في الهزار شويه
بتر حديثهم فجأة عندما رأوا من يقف أمام الباب الحديدي الخاص بمنزل عمهم … ظهر الاستغراب علي وجههم أكثر عندما سمح المعلم سالم إليه بالدلوف الي منزله، وطلب من الباقية الانتظار حتي ينتهي معه،
علي الجهة الأخرى تقدم المعلم سالم إلي المجلس والآخر يتبعه في صمت … ارتبك عمر في جلسته ثم تحدث بتعلثم :
أنا عارف أن وجودي غير مرحب بيه
رفع المعلم سالم حاجبيه باستنكار وسأله بعدم فهم :
ومين قالك كدا ؟! أنت عارف إن مش بعتبرك منهم
تلجلج عمر وهو يردف بحرج بالغ :
أنا مش عارف اطلب المساعدة من مين غير حضرتك
رد عليه بتأكيد :
لو في ايدي مش هتأخر عليك، أكيد مش هخدك بذنب أهلك
حرك عمر رأسه بهدوء، وهو يرتب الحديث في عقله قبل أن يلقيه … علق نظره بثبات عليه وهو يردف بتوتر :
امبارح بليل رنوا عليا من المستشفى يبلغوني أن أمي موجوده هناك بعد ما الجيران لقوها وقعه من علي السلم، كلموني وكلموا سيف عشان ياخد زياد ويزيد
أعطاه المعلم سالم مساحته الكافية في إكمال حديثه الذي أضافه بصوت مختنق :
سيف اخدهم، وأنا استنيت معاها لحد ما دخلت العنايه المركزه، الدكتور بيقول حالتها صعبة ولو عدت اليومين دول من غير مضاعفات هتفوق ونصها الشمال مش بيتحرك وهيكون في صعوبة في الكلام
انتهي من حديثه بإخراج تنهيده حارة تبلغ كم المعاناة الموجودة حوله، شعر المعلم سالم بالاستياء علي حاله وسأله برفق :
أساعدك ازاي ؟! عايز تسفرها ؟؟
حرك عمر رأسه بالرفض وهو يهتف بخفوت :
حساب المستشفى
واستكمل بحزن عميق يضرب صدره :
مش هقدر اسيبها في الحالة دي بس مش معايا تمن الروشتة حتي
حرك المعلم سالم رأسه بتفهم، وأشار إليه بالمكوث حتي يأتي إليه …. خمس دقائق تقريباً كانوا كفلين بإهدار ما تبقي من أعصابه خوفاً من رفضه لمساعدته، ولكن دخول المعلم سالم جعله يشعر بصيص أمل، عندما لمح ظرف ورقي معلق بين يده،
وضع الظرف أمامه وهو يردد بجدية :
لو خلصوا أنت عارف العنوان
وقف عمر يتمتم بحماس :
أنا مش عارف اشكرك حضرتك إزاي، أن شاء الله هرجعهم اول ما اشتغل
ابتسم إليه بخفة وقال بترحاب :
أن شاء الله يا عمر
وضع عمر الظرف أسفل ملابسه وخرج راكضا، تحت نظرات جابر المتعجبة … بينما دلف عبده وهو يردف بضيق :
عايز تعالجها عشان ترجع تقرف فينا تاني
قطب جابر جبينه باستفهام وسأله بعدم فهم :
أنت بتتكلم عن ايه ؟!
أشار عبده علي سالم وهو يردد بحده :
مسمعتش ابن هاديه وهو واخد فلوس عشان يعالج العقربة أمه
توسعت ملقتي جابر بدهشة، لقد كان يقف بجانب عبده خارجاً، كيف لم يستمع إلي حديثهم في الداخل مثل عبده … بينما تهكم سالم مردفاً :
عيب عليك في السن دا ولسا بتلمع أوكر
انكمش بين حاجبيي عبده وهو يردف باقتضاب :
صوتكم كان عالي
لوي سالم شفتيه بسخرية، بينما جلس جابر وهو يهتف بعدم تصديق :
سبحان الله علي حالهم كان فين وبقا فين
واستكمل بتذكر :
صحيح يا معلم بما أنك رجعت عايزين نحدد يوم كتب كتاب سعد علي بنت عزيز، وبالمره نشوف موضوع أكرم وخلود
نظر إلي عبده وهو يقول بجمود :
وأبوه ميحددش ليه
كاد عبده بأن يرد فقطع جابر عليه الحديث وهو يردف بحكمة :
وهو ينفع حد يقرر غيرك هنا يا معلم
: الـ يناسبكم اعملوه
ابتسم جابر وهو يقول بسلاسة :
يبقا إن شاء الله نكتب كتاب يوم الجمعة بعد العصر ولو حصل نصيب لخلود نقرا الفاتحه يومها بالمره
قطب عبده جبينه بتعجب، وهتف باستنكار:
أنت مالك مستعجل علي بنتك كدا ليه؟!! ولا عايز تكتب كتابها وتطلق تاني ؟!!
اختفت بسمة جابر وبهتت ملامحه بخيبة أمل … بينما نظر سالم إلي عبده بحده وهدر بضيق :
اعرف أنت بتقول ايه، واختار الفاظك وأنت بتتكلم
دلف سالم عبده وهو يلقي التحية، ثم جلس بجانب عمه وهو يقول باحترام :
كنت عايزك يا عمي دقيقتين
نهض جابر دون أن يتحدث وخرج متجه إلي منزله، نجح عبده في تعكير صفوه بامتياز … اتبعه عبده إلي الخارج بضيق عندما وجد سالم ينظر إليه باقتضاب …
: عمي أنا ..
بتر جملته وأكمل هو بثقة :
جاي عشان اكلم ندي تعفو عنك
فرك سالم وجهه ثم هتف بقلة حيلة :
عملت كل حاجه في ايدي عشان ترضي
رفع المعلم سالم كتفيه مردد ببرود :
بسيطه كمل أنت باقي الحمل بدلها وكدا هتكون خفيت عنها كتير
تغاضي عن السخرية منه، أخفض سالم نظره مغمغما بشرود :
فكرة حسيت أنها ممكن تكبر أسرتي لما هي كانت رافضة، ومفكرتش صح، وطلعت غلط، وندمت، وبحاول اصلح بيني وبينها لكن هي مش متقلبة
اعتدل في جلسته وهو يرد عليه بجدية :
مش معني أنك معترف بغلطك وندمان، أن الطرف التاني مجبر يسامح أو ينسى
واستطرد بهدوء موضح إليه :
كل إنسان وليه طاقة تحمل يقدر يستعيب بها المواقف في حياته، سواء كان ليه أو عليه، ومحدش يعرف يتحكم في مشاعره عشان يحدد يصفي أو يسامح أمته
زفر سالم بصوت مسموع متسائلاً بضيق :
وهو من العدل أنسي كل الحلو وأمسك في غلطة واحدة ؟!!
أراد عمه أن يخفف عنه فقال :
سيبها علي راحتها دلوقتي علي الأقل لحد ما تولد
شخصت أعين سالم وهو يردد بفزع :
افضل شهرين و13 يوم بتعامل مع ندى كدا
نظر إليه بحده وهو يهتف بجمود :
لو عايز نضغط عليها ونولدها قبل معادها ومالو
ونهض يمسك عصاه مسترسل بوعيد :
وبلغ أخوك أن حسابه تقل معايا
لم ينتظر وخرج مغادر المجلس، فلحقه سالم معتقد أنه سيدخل إلي المنزل، لكنه توقف عندما رآه يخرج من المنزل …. خرج سالم هو الآخر ولكن اتجه إلي منزلهم، كي يعلم ماذا فعل محمود كي يسأل عنه الجميع منذ الصباح،
؛**************
في المنزل المجاور
خرجت خلود من غرفتها وهي تتفحص حقيبتها اليدوية، ثم رفعت نظرها تسأل والدتها الجالسة علي الأريكة :
خلصتي يا ماما ؟؟
أشارت زينب علي الحقائب الضخمة وهي تردف بحيرة :
مش عارفه أنا نسيت حاجه ولا لا
وضعت خلود هاتفها في الحقيبة وهي تتمتم بملل :
يا ماما هو أنا مسافرة ولا مي بعيد عننا، دول هما شارعين
نهضت زينب وهي تردف بصرامة :
ليه عايزه جوزها يقول علينا دخلين وادينا فاضيه
واستكملت وهي تشير علي الحقائب :
تفضيهم معاها وتعرفيها كل واحده فيها ايه
انضم إليهم جابر بعد أن آتي من المرحاض يجفف يده، ثم اتجه إلي الطاولة يرفع مفرشها يأخذ مبلغ النقود الموجود :
اديها الفلوس دي يا خلود وشوفيها لو محتاجه حاجه تانيه
أخذت خلود النقود تضعها في الحقيبة، في نفس الوقت دلوف أخوها …. جال سالم بنظره علي الحقائب، ومن ثمّ حدق بوالده مردفاً بغيظ :
كل دا عشان ست الحسن والجمال
ابتسمت زينب وهي ترد عليه بحنو :
كله من خير ابوك يا ضنايا
اقتضبت ملامح سالم وهو يهدر بغضب :
والـ زيها مش يستاهل كدا ياما
: ســالم
التفت سالم الي والده الذي صاح بحده :
أتعدل وأنت بتتكلم عن أختك
ضحك سالم بسخرية مردد بحنق :
بعد كل الحصل بدافع عنها يابا
واستطرد بجمود :
علي العموم أنا معنديش أخوات غير خلود وغير كدا مات بالنسبالي
نفذ صبر جابر من حديثه الفظ فقال بغضب :
ودا بيتها وخير أبوها وطول ما أنا عايش مش هخليها تتحوج لحد حتي أنت
ثم نظر إلي خلود مسترسل حديثه :
ومش عايزه يوديكي، أنا هلبس واوصلك
واختفي من أمامهم بعد أن ألقي نظرة عتاب تلومه علي سخافته… بينما اقتضبت ملامح سالم واتجه للأعلى كي يجلس منفرداً، لا أن هناك حرب ستقام خلال صعوده لا محال،
؛************ بقلم حسناء محمد سويلم
كانت واجهته الأولي الذهاب لمصنعه، ود أخذ جولة سريعة مع مرتضي لتتأكد أن الأمور تسير كما يجب … وكالعادة لم يخلف مرتضي توقعه يوماً، إتقانه في إتمام العمل لا يضاهي التزامه بالقواعد ومخطط سير العمل بالمصنع، فكان كفيل بتركه لأعوام بأسلوبه الحريص …
بعدما انتهي اتجه إلي واجهته الثانية، وبمعني أدق الأهم … مقابلة لن تتأجل أكثر، فقد انتهي الوقت الإضافي لتلك اللعبة، قرأ اللافتة بثبات ” مستشفى ؟؟؟ للأمراض النفسية والعصبية ”
اتبعه أحد الأشخاص إلي الغرفة المبتغاة في ذلك الممر، وأمام باب معلق عليه لافتة صغيرة رقم (31)، أشار الشخص إليه بالدخول …
غرفة صغيرة يسودها اللون الأبيض، ونافذة صغيرة مغلقة بقضبان من الحديد …. لا يوجد بها سوي فراش معدني، يسع الفرد الموجود أعلاه، مكبل يده بحواجزه الحديدية…
وقف في منتصف الغرفة بشموخ طغي من طلته وهو يستند علي عصاه … تأمله لثوان ثم هتف بجمود :
ملهمش حق حبايبك يسبوك في اوضة زي دي
فتح أعينه المغلقة بصدمة وهو ينتفض في فراشه .. بدت الصدمة كبيرة علي استيعابه، فظل يحدق به بعدم تصديق …. تقدم المعلم سالم خطوة ليكون مقابل الفراش تماما، ثم سأله بتهكم :
هو جو الخلل النفسي نقح عليك بجد لا ايه ؟!
ضغط منصور علي فكه بغيظ، وهو يردد من بين أسنانه بشراسة :
جاي تشمت فيا يا سالم
رمقه بثبات لثوان وقال بضيق :
خلاص يا منصور انتهت اللعبة
ضحك منصور بهستيريا ومن ثمّ أردف بخبث :
خايف لما أخرج تخسر صح
ظهرت شبه بسمة علي شفتي المعلم سالم وغمغم بدهاء :
تفتكر بعد ما وقعت هنا تعرف تطلع تاني !!
واستكمل بنبرة حادة :
اوعي تفتكر الـ عملته معايا ومع عيلتي هيعدي بالساهل، لكن الحساب كان بيجمع يا ابن عزب
ظهرت حبيبات العرق علي جبهته بوضوح، وبدى التوتر يلعب علي أوتار أعصابه من كلماته المبهمة، تشبث منصور في اخر تماسك بداخله وهتف بفتور :
أنت عايز ايه ؟! مش عملت الانت عايزه ووقعتني يبقا خلصين
مال المعلم سالم للأمام وهو يغمغم بهدوء جعل الآخر يفقد ما تبقي من تماسكه :
لسا بدري علي كلمة خلصين
واستطرد بمكر :
صحيح نسيت اقولك أن الدكتور الكان مزور تقريرك اتمسك وحالياً محول للتحقيق، وحبيبك الكان مفروض يساعدك في الخروج من هنا اتنقل وجه مكانه واحد ملوش في حبك، يعني كلها كام ساعة وترجع تنور زنزانتك تاني لباقي حياتك بعد ما اعترفت علي نفسك يا منصور
بهتت ملامح منصور وهو يجول بنظره في المكان غير مستوعب ما وقع علي سمعه، أخذ يتنفس بعصوبة وهو يراه يبتسم إليه بخبث …
دار المعلم سالم يخرج من الغرفة، تاركه في دوامة الظلمات الذي وقعت عليه للتو …. ما أن خرج وتحرك في الطرقة استمع إلي صوت صراخه بشكل جوهري، يرفض تصديق مصيره الذي أصبح عليه، ود أن يثبت أنه يعاني من مرض نفسي، حتماً إذا ظل علي صراخه لم يخرج من المشفى طيلة حياته ….
؛**************
هبطت الدرج بعد أن هاتفتها سميه وأخبرتها بوجودها في الأسفل …. كانت ترتدي منامة من الستان بأكمام شيفون، باللون الأسود اللامع، ولملمت خصلاتها علي هيئة سنبلة ..
وجدت سميه تقف اول الدرج تتحدث مع أحد، فعادت للخلف مجدداً خوفاً من رؤية أحد الي هيئتها تلك، عقدت حاجبيها باستنكار وسألتها بصوت مرتفع :
بتكلمي مين ؟؟!
دارت سميه بوجهها ترمقها بضحك وهو تردف :
مفيش، ثواني وجيالك
هبطت حسناء عدة درجات حيث تستطيع الاستماع ألي حديثها وفي نفس الوقت لا يرها ذلك المجهول ….
: انجزي ولا اخلي عبدالله يجيلك هو
” يعقوب ” نظرت سميه إليها بخبث تأكد إليه صحة سمعها، فهتفت بسخرية :
ما أنا قولت برده محدش بيفسد اللحظات السعيدة غيره
: ما توريني نفسك كدا وتسمعيني بتبرطمي بتقولي ايه
وضعت حسناء يدها علي فمها بفزع، لم تتوقع أن يشعر بوجودها …. ولكن كان رأي سميه اخر عندما ردت عليه بعبث :
للأسف مش هتعرف لأنها بلبس البيت
ظهرت ضحكته الساخرة إليها بوضوح وهو يتمتم ببرود :
وايه يعني جعفر في كل حالتها
شخصت أعينها بصدمه وهي تتأمل هيئتها، زفرت بضيق وصاحت بصوت مرتفع كي يصل إليه حديثها :
عرفي اخوكي أن معندناش حد بيكون جعفر
لم يكبح ضحكاته الرجولية وهو يقول بمراوغة :
طيب وريني كدا وأنا أحكم
شاركته سميه الضحك عندما ضربت حسناء بقدمها الارض غيظا، يستطيع دائماً إثارة غضبها متلذذ بمضايقتها … لم ترد عليه وتمتمت بهمس تقصد سميه :
أنتِ هتيجي ولا هتفضلي واقفه عندك
ظلت سميه محدقة في اتجاه الباب بصدمة، ورفعت يدها تأشر الي يعقوب بأن ينظر خلفه … تعجب يعقوب من تغيرها المفاجئ، التفت خلفه بعدم فهم يري ماذا أفزع أخته هكذا ….. آخر شخص توقع وجوده هنا، كان يقف خلفه يترنح بشكل غير متزن حامل سلاح ناري في يده المرتعشة ….
علي الجهة الأخرى لوت حسناء جانب شفتيها وهي تردد بضجر :
متحاوليش تخضيني، لان هزارك رخم زي اخوكي
كانت تعتقد أنها مزحه سخيفة من سميه، ولكن تسمرها أصابها بالقلق … حاول يعقوب إيقافه بهدوء، لكنه تخطاه ودلف إلي الطرقة المؤدية إلي الدرج …. عادت سمية الي الخلف بذعر من ذلك المختل، وعلي حين غرة ظهر أمام حسناء التي شهقت بخضة وهي تردف بتعلثم :
أ..أحمد
انقض عليها يمسكها من معصمها وهو يتمتم بخفوت :
فين هند
ارتعبت أوصالها من أعينه المكسوة بحمرة الانتقام وهو يردد اسم أختها … لم يكترث أحمد إليها ودفعها خلفه، ثم صعد الدرج وهو ينادي علي هند باعلي صوته …
تماسكت حسناء بقوة في حافة الدرج كي لا تسقط، واعينها معلقة علي الأعلى بخوف، تقدم يعقوب يعاونها علي الوقوف متمتم بهمس :
أختك فين
أشارت حسناء للطابق الأعلى بتوتر، حرك رأسه بهدوء ثم صعد خلف أحمد بسرعة قبل أن يمسك بهند، في ثوان كانت حسناء تركض الي الخارج تستغيث بأولاد اعمامها …
؛**********

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!