روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الجزء الرابع والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية البارت الرابع والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الرابعة والثلاثون

واصل عزام الغوص في بحور ذكرياته إلى أن وصل إلى الفترة التي استغرب بها جميع المحيطين به من تبدل حاله من الفقر إلى الغنى بهذا الشكل المفاجئ.
شعرت والدته حينها بالقلق الشديد وذات يوم انتظرت عودة ابنها من الخارج ووقفت أمامه تسأله بحزم:
-“اسمع يا عزام، أنا مش هسيبك ولا هسكت غير لما أعرف أنت جيبت الفلوس دي كلها منين؟”
ارتبك عزام قليلا فهو يعلم جيدا مدى صرامة والدته بشأن الأموال وأنها يجب أن تكون من مصدر حلال لا يوجد به شبهة حرمانية:
-“أنا اشتغلت مع سلطان في فندق بيجي فيه سياح كتير وهناك بناخد بقشيش كتير من الزباين ده غير أن بيكون لينا عمولة على حاجات تانية”.
شعرت والدته بعدم الراحة بعدما جلب عزام سيرة سلطان وذلك لأنها عندما رأته للمرة الأولى أخبرها قلبها أن هذا الشاب ليس محترما على الإطلاق ولكنها كانت واثقة من تربيتها لابنها وتدرك أنه لن يخالف مبادئه ويسير في طريق الحرام.
استمر حال عزام على هذا الوضع لمدة أربع سنوات إلى أن تفوق على سلطان وصار هو الذراع الأيمن لزعيم تجارة المخدرات في المحافظة التي يقطن بها.
شعر سلطان بالغيرة الشديدة بعدما رأى بعينيه أن الشاب الساذج الذي أحضره قبل أربع سنوات إلى هذا المستنقع قد تفوق عليه وأصبح المفضل لدى الزعيم، وصار الجميع يحسب له ألف حساب.
عقد سلطان العزم، وبيت النية داخل قلبه، وقرر أن يتخلص من عزام حتى يستعيد مكانته لدى الزعيم وجميع التجار الذين كانوا يخافون منه قبل أن يحل عزام محله.
استغل سلطان ذات يوم فرصة تواجده بمفرده مع عزام داخل المقر الذي يجتمعان فيه مع بقية التجار، ثم حمل عصا حديدية وسار نحو عزام الذي كان يعطيه ظهره بخطوات بطيئة لم يشعر بها الأخير وكان على وشك أن يضربه بالعصا ولكن أوقفته تلك الرصاصة التي اخترقت قلبه.
التفت عزام فوجد سلطان ينزف الدماء وفي يده عصا حديدية ومن خلفه الزعيم يمسك مسدسًا وبرفقته اثنان من رجاله.
استطاع عزام أن يدرك ما كان سيحدث له إذا لم يصل الزعيم وينقذه في اللحظة الأخيرة.
أشار الزعيم لرجليه أن يحملا جثة سلطان كي يقوما بدفنها خلف المبنى، ثم تقدم نحو عزام قائلا:
-“أنا بقالي فترة كبيرة ملاحظ غيرة سلطان منك وعشان كده أنا خليته يحس أنكم لوحدكم وزي ما توقعت هو حاول يخلص منك بس أنا اللي خلصت عليه”.
أشار عزام نحو نفسه هاتفا بصدمة:
-“أنت قتلت سلطان اللي كان مُخْلص ليك عشان خاطري!!”
ضحك الزعيم وأشار بسبابته اليمنى بعلامة تنفي كلام عزام قائلا:
-“سلطان مكانش مخلص زي ما أنت مفكر، هو كان بيلعب بديله كتير أوي وأنا كنت بعمل نفسي مش شايفه بس أنت يا عزام مختلف عنه وعندك ولاء ليا والدليل على كده أنك رفضت تبيعني لبيومي النورماندي لما هو عرض عليك تعمل كده مقابل الفلوس وعشان كده أنا خليتك دراعي اليمين”.
انفرجت شفتا عزام من شدة الدهشة، فهو لم يكن يتوقع على الإطلاق أن يكون الزعيم على علم بالموقف الذي جرى بينه وبين بيومي النورماندي ومساعده مهران فهما من ألد أعداء الزعيم.
هتف عزام ممتنا لكل تلك الأمور التي فعلها الزعيم من أجله:
-“أنا مستحيل أخونك أو أبيعك يا كبير لأن لحم كتافي من خيرك، وعمري أصلا ما هنسى أيام الذل اللي عيشتها قبل ما أنول الشرف وأكون واحد من رجالتك”.
صارت مكانة عزام ترتفع شيئا فشيئا بعدما أوكل له الزعيم منصبا كبيرا في شركته التي يتخذها ستارًا يخفي خلفه أنشطته غير القانونية.
في هذه الفترة تعرف عزام على سيدة أعمال خمسينية تدعى “نوال الكاشوري” والتي تمتلك ثروة طائلة ولكنها وحيدة ولا يوجد أحد بجوارها بعدما مات زوجها قبل خمس سنوات.
استطاع عزام أن ينسج شراكِ الحب الكاذب حول نوال التي سقطت بسهولة في فخه وصدقت بمنتهى السذاجة أن شابًا في الخامس والعشرين من عمره قد وقع في حبها وهي في الأساس أكبر من والدته.
عندما علمت والدة عزام أن ابنها يريد الزواج من امرأة مسنة اعترضت على هذا الأمر وأقسمت ألا تجعله يصرف عليها، ولا يدخل إلى بيتها، ولا يشارك في جنازتها بعدما تموت، ولكنه لم يهتم بتهديدها ظنا منه أنها تقول هذا الكلام في لحظة غضب وسوف تتراجع عنه في وقت لاحق.
تزوج عزام من نوال وصار هو الآمر الناهي في كل ما يتعلق بها، ومر ست سنوات على زواجه بها وخلال هذه الفترة توفيت شقيقته الصغرى في حادث مروع وبقيت والدته وحيدة رافضة تدخله في حياتها بعدما عصى أمرها وتزوج من امرأة أكبر منها في السن.
حاول عزام بشتى الطرق أن يتصالح مع والدته ولكنها بقيت مصرة على موقفها خاصة بعدما علمت من مهران أن أموال ابنها المصون ليست حلالا وإنما هي ناتجة عن تجارته في الممنوعات.
ظلت الأمور تسير على هذا الوضع إلى أن أتى يوم استيقظ به عزام من نومه واستقبل خبر وفاة والدته التي رحلت وهي غاضبة عليه.
وصل عزام إلى منزله القديم، ووجد هناك فتاة شابة يجلس بجوارها طفل في العاشرة من عمره، وعلم فيما بعد أن تلك المرأة تدعى “إلهام” وأنها قد جاءت قبل عامين إلى الحي وسكنت به برفقة زوجها وابنها الصغير “رامز”، وكانت تقوم بخدمة والدته ليلا ونهارا إلى أن وافتها المنية.
شعر عزام بغصة في قلبه بعدما رحلت والدته قبل أن تسامحه، وشكر إلهام على كل ما قدمته لأمه، وأخبرها أنه لن ينسى هذا المعروف طوال حياته.
وبالفعل ظل عزام متذكرا لمعروف إلهام ولهذا السبب لم يفكر في قتل رامز عندما أراد الزواج من داليا وإنما قرر أن يدمر تجارته بدلا من إزهاق روحه.
هذا هو السبب الذي جعل عزامًا يُبقي على حياة رامز رغم كرهه له، وكلما فكر في التخلص منه تراجع على الفور وذلك حتى لا يحترق قلب إلهام ويكتوي بنار الحسرة على رحيل ابنها البِكر.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أخذت شمس تبكي بشدة أمام سمية التي ذهبت لزيارتها وتفقد أحوالها وسؤالها عن سبب خلافها مع محمد.
-“أرجوكِ يا شمس، اتكلمي وقوليلي إيه اللي حصل بينكم عشان أقدر أساعدك وأقف معاكِ”.
قالتها سمية برجاء فنظرت لها شمس بتردد ثم استجمعت شجاعتها وأخبرتها بحقيقة معرفتها بآدم وأنهما كانا يحبان بعضهما ولكن تدخل مأمون هو الذي فرق بينهما والآن قد عرف محمد بهذا الأمر ولا يريد التحدث معها.
رمشت سمية بعينيها عدة مرات قائلة بذهول:
-“الكلام اللي أنتِ بتقوليه ده بيفسر سبب تعامل نادين معاكِ يوم كتب كتابك واللي واضح من خلال تصرفها أنها عارفة كويس الموضوع ده وكانت حاسة بالغيرة على جوزها منك”.
هتفت شمس بتوضيح تستجدي من خلاله عطف سمية بعدما رأت أنها الوحيدة التي ستساعدها في حل المشكلة التي حدثت بينها وبين محمد:
-“مفيش أي حاجة دلوقتي بيني وبين آدم يا سمية، الموضوع ده انتهى من زمان وأنا نسيته أصلا وبطلت أفكر فيه بعد ما عرفت بجوازه من نادين وشوفت هو قد إيه بيحبها”.
نظرت لها سمية بإشفاق قبل أن توجه لها سؤالا مباشرا لا يحتمل المراوغة:
-“جاوبيني بصراحة يا شمس، هو أنتِ بتحبي محمد؟”
أخفضت شمس رأسها، واحمرت وجنتاها خجلا، فاستشفت سمية من هذه الحركة إجابة سؤالها وقررت أن تتصل بأخيها صاحب الرأس الصلب الذي يضع كرامته دوما فوق أي اعتبار.
استغرب محمد من اتصال شقيقته في هذا الوقت ورد عليها قائلا:
-“أيوة يا سمية خير؟ في أي حاجة حصلت عندك أنتِ وطنط جميلة؟”
هزت سمية رأسها بنفي وقالت:
-“اطمن يا محمد، أنا وماما كويسين جدا وسبب اتصالي بيك مش متعلق بيا من الأساس”.
استغرب محمد من حديثها وهتف بدهشة:
-“أمال أنتِ اتصلتِ بيا ليه؟!”
نظرت سمية إلى شمس وأعطتها الهاتف ثم نهضت وخرجت من غرفة الصالون حتى تمنحها مساحة من الخصوصية تجعلها على راحتها أثناء الحديث.
اتسعت عينا محمد وخفق قلبه بشدة بعدما سمع صوت شمس وهي تقول بنبرة متهكمة:
-“إزيك يا أستاذ محمد عامل إيه؟! بسم الله ما شاء الله عليك موبايلك شغال كويس وبترد أهو على كل المكالمات اللي بتجيلك ما عدا رقمي، بتسيبني أفضل أرن عليك لحد ما أزهق وأبطل رن”.
كز محمد على أسنانه وأخذ يتوعد لأخته لأنها وضعته في هذا الموقف المحرج، وتمنى لو كانت أمامه في هذه اللحظة حتى يأكلها بأسنانه، ولكن لا بأس، سوف يمسك بها ويشبعها ضربا بعدما يعود إلى مدينته.
طال صمت محمد فاحتدت نبرة شمس وهي تهتف:
-“روحت فين يا أستاذ؟! مش معقول تكون القطة أكلت لسانك بمجرد سماعك لصوتي!!”
حمحم محمد قائلا بحرج:
-“أهلا بيكِ يا شمس، إزيك عاملة إيه؟!”
انهمرت الدموع من عيني شمس وهي ترد بعصبية ناتجة عن المهانة التي شعرت بها خلال الأيام الماضية بسبب تعنته وإصراره على عدم التواصل معها ظنا منه أنها ستقضي حياتها تتوسل له حتى يرضى عنها:
-“الله يسلمك يا أخويا!! الحمد لله أنك لسة فاكر اسمي لحد دلوقتي بعد ما فضلت تتهرب مني كأني غولة هتاكلك!!”
لكم محمد حافة الكرسي الذي يقف بجواره قائلا ببرود:
-“ممكن لو سمحتِ تهدي شوية وتستني لحد ما أرجع ووقتها هنقعد مع بعض ونتفاهم”.
هبت شمس واقفة قائلة بصراخ جذب انتباه سمية وجعلها تعود إلى غرفة الصالون مرة أخرى:
-“أنا مش عايزة أشوفك ولا أقعد معاك لأني كرهتك وأنا خليت أختك تتصل بيك عشان أكلمك وأقولك تيجي تاخد حاجتك وتنهي كل حاجة بيننا أول ما ترجع من عند ابن خالتك”.
أغلقت شمس الخط في وجه محمد تحت نظرات سمية التي انتشلت منها الهاتف وهي تصيح بذهول:
-“يخرب بيتك!! إيه اللي أنتِ عملتيه ده يا غبية؟! هو أنا اديتك الموبايل تكلميه عشان توضحيله الموضوع وتتصالحوا ولا عشان تهزقيه وتقوليله تعالى خد حاجتك!!”
جثت شمس أرضا تبكي بحرقة وهتفت من بين شهقاتها:
-“كنتِ عايزاني أعمل إيه يا سمية وأنا شايفاه بيذلني وبيتعامل معايا بالأسلوب البارد ده؟! أنا تعبت وزي ما أخوكِ بيحط كرامته فوق أي حاجة فأنا كمان كرامتي غالية أوي عندي ومستحيل أفرط فيها حتى لو عشان خاطر الحب”.
في هذه اللحظة رن هاتف سمية برقم محمد فصرخت شمس في وجهها بحزم:
-“إياكِ تردي عليه يا سمية، أنا مش طايقة دلوقتي أسمع صوته ولو رديتِ هروح أرمي نفسي من البلكونة وأهو أرتاح منه ومن الدنيا كلها”.
رفضت سمية مكالمة أخيها وأغلقت الهاتف حتى لا يتصل بها، ثم جلست بجوار شمس واحتضنتها قائلة بعطف:
-“خلاص يا حبيبتي هدي نفسك وبالنسبة لمحمد فهو صحيح أخويا بس هو فعلا يستحق أنك تبهدليه لأنه بصراحة بارد ومش هيحترم نفسه ويعرف أن الله حق غير لما تسحليه وتمرمطيه وتخليه يتمنى ليكِ الرضا ترضي”.
ضحكت شمس من بين بكائها وقالت:
-“بسم الله ما شاء الله عليكِ يا سمية، اللي يشوفك يا حبيبتي وأنتِ بتتكلمي كده على محمد هيقول أنه مش أخوكِ وأنكم لقيتوه على باب جامع!!”
شاركتها سمية في الضحك قائلة:
-“أعمل إيه بقى في نفسي يا شمس، أنا واحدة حقانية جدا ومعنديش في الصراحة حاجة اسمها يا أمي ارحميني”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
-“أنت متأكد من الكلام ده يا حسام؟!”
سأل رامز بنبرة مليئة باللهفة فأكد له حسام الأمر قائلا:
-“أيوة يا أستاذ رامز، أنا سمعت عزام وهو بيأكد أن الشحنة هتوصل كمان يومين والكلام ده كله اتسجل وأنا هبعتلك التسجيل”.
اتسعت ابتسامة رامز بعدما سمع التسجيل وتأكد أنه قد أتت اللحظة التي لطالما انتظرها وهي لحظة الانتقام من عزام والتخلص منه ومن أفعاله الشيطانية.
اتصل رامز على الفور بوسام وأخبره بهذه البشرى السعيدة، ولم يصدق الأخير أذنيه عندما تم إخباره بهذا الأمر إلا بعدما سمع المقطع الصوتي الذي أرسله رامز قبل أن يتصل به.
كاد وسام يرقص من شدة الفرح ولكنه تمالك نفسه بصعوبة وهتف بامتنان:
-“متشكر جدا يا رامز، لولاك أنت وحسام كان زماني دلوقتي داير حوالين نفسي ومش عارف أمسك دليل على عزام”.
ابتسم رامز وعبر عن سروره بالأخبار التي وردته من حسام قائلا:
-“العفو يا حضرة الظابط، أهم حاجة دلوقتي هي أنك تستغل الفرصة دي أحسن استغلال وتتمكن المرة دي من القبض على عزام وهو متلبس عشان ميبقاش قدامه فرصة تخليه يهرب بعد كده من خلالها”.
هتف وسام بعزم وقد لمعت عيناه ببريق التحدي الذي أكد أنه لن يسمح لأي شخص بالوقوف أمامه وعرقلة طريقه:
-“هيحصل إن شاء الله، وأوعدك أني مش هسيب عزام يفلت المرة دي من إيدي حتى لو كانت حياتي هي الثمن اللي هدفعه عشان أحقق الهدف ده”.
اتصل وسام مباشرة برئيسه “اللواء شاكر” وأبلغه بالمستجدات المتعلقة بعزام، فهتف شاكر بجدية:
-“تمام يا وسام، جهز نفسك وتعالى عندي دلوقتي عشان نحط الخطة المناسبة، واستعد لأن أنت اللي هتتولى عملية المداهمة زي ما طلبت مني قبل كده”.
مر ساعة وصل خلالها وسام إلى مكتب رئيسه وشكره؛ لأنه سيجعله يقود المداهمة قبل أن يهتف برجاء يشوبه الكثير من الغيظ بسبب فشله في القبض على عزام أثناء العمليات السابقة:
-“لو سمحت أنا عايز أطلب من حضرتك طلب بسيط جدا”.
رد شاكر على الرغم من استغرابه:
-“اتفضل يا وسام، طلب إيه اللي أنت عايز تطلبه؟”
أجاب وسام بنبرة صارمة:
-“اسمحلي أنا اللي أختار العناصر اللي هتشارك معايا لأن مفيش عندي استعداد أرجع من المهمة قفايا مقمر عيش زي ما حصل معايا في المرات اللي فاتت وعشان كده أنا هستأذن معاليك في أن المهمة تكون على أكبر قدر من السرية وياريت ميوصلش عنها أي معلومة للمقدم شعبان ولا الرائد غسان”.
اقترب شاكر برأسه متسائلا:
-“أنت شاكك أن ليهم علاقة بعزام؟!”
أومأ وسام مجيبا على هذا السؤال بقوله:
-“أنا شِبه متأكد من نقطة أنهم بيتواصلوا معاه وبيعرفوه لما إحنا بيجي لينا معلومات عن مواعيد الشحنات بتاعته”.
اقتنع شاكر بحديث وسام بعدما شرح له الأخير بعض الأسباب التي جعلته يشك في عدد من زملائه وقرر أن يرسل الضباط الذين تم ذكر أسمائهم في مهمة أخرى في محافظة بعيدة حتى يتثنى لوسام وفريقه تنفيذ مهمتهم بسلام ومن ثم سيتم فتح تحقيق عاجل للتأكد من مسألة خيانة هؤلاء الضباط.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
اتصل مهاب بداليا وأخبرها أنه ينتظرها داخل إحدى الاستراحات وأرسل لها العنوان وطلب منها أن تأتي على الفور وإلا سوف يغادر ويقوم بحظر رقمها حتى لا تتمكن من التواصل معه مرة أخرى.
ارتدت داليا ملابسها بسرعة وخرجت من المنزل تحت نظرات والدتها التي شعرت بانقباضة غريبة في قلبها لا تعلم سببها ولكنها تشعر أن هناك شيئا سيئا سوف يحدث مع ابنتها.
زفر مهاب بحنق أثناء جلوسه داخل الاستراحة وأخذ ينظر إلى ساعته وهو يتمتم بضيق:
-“بني آدمة باردة ومفيش عندها احترام للمواعيد، دي لو كانت راكبة جمل كان زمانها وصلت”.
في هذه الأثناء أتاه اتصال من عزام فأجاب على الفور قائلا باحترام:
-“أيوة يا باشا، خير؟”
هتف عزام بحزم وهو ينظر من نافذة مكتبه:
-“سيب كل اللي في إيدك وتعالى عندي دلوقتي يا مهاب عشان نظبط أمورنا؛ لأن الشحنة هتوصل بعد يومين ولازم نأمن نفسنا عشان محدش من الداخلية يشم خبر بالموضوع”.
رد مهاب برفض فهو لا يهمه أي شيء في هذه اللحظة أكثر من معرفته لحقيقة قاتل والديه:
-“مش هينفع أجيلك دلوقتي؛ لأن ورايا ميعاد مهم جدا بس لما أخلص هجيلك على طول”.
استغرب عزام كثيرا؛ حيث إن مهابًا لا يرفض له طلبا إلا إذا كان يشغله أمر في غاية الأهمية:
-“ميعاد إيه ده اللي وراك دلوقتي يا مهاب؟!”
أجابه مهاب بصدق وبحسن نية غير مدرك لفداحة الخطأ الذي يرتكبه في هذه اللحظة:
-“داليا اتصلت بيا وقالت أنها تعرف مين اللي قتل أهلي وأنا بصراحة مستغرب من الموضوع ومش مصدقها بس قولت أمشي بالمثل اللي بيقول: (خليك مع الكداب لحد ما تشوف أخره)”.
استحوذت الصدمة على عزام الذي لم يكن يتخيل أن تعلم داليا بحقيقة هذا الأمر، وطالما أنها اتصلت بمهاب فهذا يعني أنها تمتلك دليلا قاطعا يمكنها من خلاله أن تثبت صحة حديثها لمهاب الذي سيكذبها على الفور عندما يسمع كلامها.
حاول عزام أن يمنع مهابًا من لقاء داليا ولكن فات الأوان فقد أنهى الأخير المكالمة بعدما رأى داليا التي دخلت إلى الاستراحة وجلست أمامه على الطاولة وهي تبتسم بلؤم.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
رتب محمد حقيبته واتصل بخالته يودعها وأخبرها أنه سيعود إلى مدينته لإنجاز أمر طارئ وأنه سيكون في خدمتها في حال احتاجت منه إلى أي مساعدة.
ظل محمد يتصل بكل من سمية وشمس ولكن لم ترد عليه أي منهما فتمتم بتوعد وهو يجلس في المحطة:
-“ماشي يا سمية أما وريتك، استني عليا بس أما أرجعلك وشوفي أنا هعمل فيكِ إيه، ودي دقني أهي لو ما خليتك تقولي حقي برقبتي”.
اتصلت جميلة بمحمد وعندما أجاب هتفت بتساؤل:
-“أنا لقيتك اتصلت بيا من شوية بس أنا كنت في المطبخ والتليفون كان على الشاحن”.
همس محمد بغضب وهو يوزع نظراته على كل ركن من أركان المحطة:
-“قولي لبنتك أن يومها معايا هيكون أسود ومنيل على دماغها عشان هي فعلا فلتت منها المرة دي خالص، أنا على طول بقول لنفسي أنها هبلة وعلى نياتها بس توصل بيها أنها تتحالف مع شمس ضدي فهي كده هتشوف مني وش عمرها ما شافته في حياتها كلها”.
شعرت جميلة بالقلق وكادت تستفسر من محمد عن تفاصيل ما حدث ولكنه أنهى المكالمة فحاولت أن تتصل بابنتها عدة مرات ولكن في كل مرة كان يأتيها الجواب:
“الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح”
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
اتصل عزام بأحد رجاله بعدما فشل في التواصل مع مهاب بسبب أن الأخير قد فعَّل وضع “صامت” في هاتفه.
هتف عزام بصرامة بعدما أجاب الرجل:
-“أنا عايزك دلوقتي تعرف مكان داليا بأي شكل من الأشكال وتعمل اللي هقولك عليه بالحرف”.
أومأ الرجل قائلا بطاعة:
-“معاك يا عزام بيه، قولي أنت عايزني أعمل إيه وأنا خدامك”.
بدأ عزام يتحدث ويملي أوامره على الرجل وشدد عليه أن يقوم بتنفيذها بالحرف وألا يحيد عنها ويصنع شيئا من تلقاء نفسه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هتف مهاب بضيق وهو ينظر إلى داليا التي تستفزه بنظراتها الماكرة:
-“أنا سمعت كلامك ووافقت أقابلك، ممكن بقى تقوليلي مين اللي قتل أهلي”.
اشتد صوت مهاب وتحول إلى الحدة وهو يتابع:
-“لو اكتشفت أنك بتسرحي بيا وأن الحوار ده كله فنكوش فصدقيني أنا هبهدلك أخر بهدلة وهخليكِ تكرهي حياتك وتتمني الموت ومتعرفيش تطوليه”.
ضحكت داليا قائلة باستخفاف:
-“اهدى شوية على نفسك يا مهاب، أنا مش جاية ألعب ولا أسرح بيك وكل الكلام اللي هقوله عليه دليل يثبت صحته”.
سألها مهاب بصرامة بعدما استشف من تعبيرات وجهها أنها صادقة ولا تتلاعب به مثلما كان يعتقد:
-“ادخلي في الموضوع على طول وقولي مين اللي قتل أهلي؟”
-“اللي حرمك من والدك ووالدتك يبقى هو نفسه عزام قدوتك ومثلك الأعلى”.
هكذا أجابت داليا بتشفي وهي تنظر باستمتاع إلى الصدمة التي احتلت كيانه وجعلته يُسقط بدون قصد فنجان الشاي الذي كان يمسك به.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!