روايات

رواية أهداني حياة الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم هدير محمود

رواية أهداني حياة الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم هدير محمود

رواية أهداني حياة البارت الحادي والخمسون

رواية أهداني حياة الجزء الحادي والخمسون

رواية أهداني حياة
رواية أهداني حياة

رواية أهداني حياة الحلقة الحادية والخمسون

– تضاعفت طاقة الغضب الموجودة داخل سلمى واندفعت تقول بتمرد تفرضه عليها سنوات عمرها الصغيرة : لأ مش فاااهمة يا ابيه وأنا هقول ل بابا يرجعني مدرستي القديمة وانتا ملكش دعوة بيا تاني ومتتحكمش فيا أنا مش صغيرة و….

وقبل أن تكمل كلماتها الثائرة وجدت صفعة على وجهها جعلتها تصمت رغماا عنها لا من أثر اللطمة أو قوتها فهي لم تكن قوية بالقدر الذي يؤلمها لكن من صدمتها الشديدة لفاعلها فقد ظنت لأول وهلة أن شقيقها هو من فعلها لكنها في اللحظة التالية ادركت أن والدها هو صاحبها !!والدها مدللها وحبيبها هو من فعلها !! والدها الذي لم تمتد يده نحوها قط الآن يصعفعها على وجهها !!
وقبل أن تنطق بكلمة وجدت والدها ينظر لها بغضب شديد قائلا :
– قسما بالله يا سلمى لولا أن اكتر حاجة بكرهها ف حياتي أن البنت تضرب مكنتش اكتفيت بالقلم ده بس، ديه قرصة ودن عشان قبل ما تفكري تقلي أدبك او تردي بالشكل ده على أخوكي الكبير تفتكري اللحظة ديه مش معنى إني بحبك وبدلعك أنك تتمادي بالشكل ده ابداااودلوقتي اعتذري حالا لأخوكي واتفضلي على أوضتك متخرجيش منها النهارده خااالص
كانت سلمى مازالت تحت تأثير الصدمة فلم تتحرك إنشا واحدا ولم تنطق بحرف هنا صرخ بها والدها :
– يلا اعتذري حااالا يا سلمى وعلى أوضتك
– سلمى وقد اجفلت من صوت والدها العال فتمتمت بسرعة : آسفة ثم جرت مسرعة نحو غرفتها وأغلقت بابها خلفها
أما عمر وقف أمام والده مذهولا ف هذه أول مرة يراه فيها منفعلا هكذا كما أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها الضرب كوسيلة تربية لم يفعلها معه أو مع شقيقته قط !! هم بالتحرك ناحية غرفتها لكن والده أوقفه قائلا :
– رايح فين ؟؟
– عمر : مفيش يا بابا هدخل أتكلم معاها هي أكيد مصدومة من رد فعل حضرتك أنتا اول مرة ف حياتك تمد ايدك على حد فينا
– والده: سيبها تعرف غلطها يا عمر متدخلهاش دلوقتي خاالص أنا ضربتها عشان حاسس أنها بقالها فترة مش مظبوطة يمكن ساكت ومبتكلمش لكن باخد بالي كويس أوي من كل واحد فيكوا بيتصرف أزاااي وفرحااان أنك ابتديت تقرب منها ف الفترة الأخيرة أنا ضربتها عشان احيانا زي ما بنحتاج للين بنحتاج للشدة عشان تفوق اللي قدامك وتوقفه عن اندفاعه أنا عارف أنا ضربتها ازاي وعارف أن الضربة ف حد ذاتها موجعتهاش وأن اللي وجعها إني عملت كده أصلا بس كان لازم تعرف أن الايد اللي طول الوقت بتدلع وتحب مش ضعيفة ابدااا وأننا بنفوتلها بمزاجنا لكن لما الدلع يبقا قلة أدب لأ هنا لازم نقف وبعدين أن عملتها قبل ما أنتا تعملها لأنك لو كنت رفعت ايدك عليها وأنا شوفتك كنت هضربك أنتا مش هي وأنا شوفتك وأنتا بتحاول تتحكم ف ياانفعالاتك قدامها وكنت خلاص على وشك تمد ايدك عليها فلقتها مني أنا احسن ولا أيه
– نظر عمر لوالده باعجاب قائلا : أول مرة اشوفك كده يا بابا ثم هرش في رأسه وابتسم بحرج بس عارف أنا فعلا متهيألي كنت هعملها وكويس أنها جت منك انتا عشان عارف أنا ايدي تقيلة وساعتها مش بعيد تهدر دمي عشان ضربت دلوعه أبوها يعني مشيت بمبدأ بيدي لا بيد عمر ههههه ملعوبة يا ابو الخلد
– والده بجدية محذرا: ايااااك يا عمر ف يوم من الأيام سواء كنت عايش أو مييت تمد ايدك على اختك أنتا سندها وأمانها أوعى تخليها ف يوم تخاف منك خليها تخاف على زعلك مش منك ابدااا
– عمر : حاضر يا بابا متقلقش ربنا يبارك ف عمرك ويخليك لينا
– ربت والده على كتفه بحب قائلا : البركة فيك يا حبيبي يلا روح شوف امك بتعمل ايه عشان أنا وااقع من الجوع
– عمر : عنيا يا خلووود
…………..

أما في منزل كريمة كانت حلا مازلت بغرفتها في انتظار نزول حمزة من البيت حتى يتسنى لها مهاتفة زياد لم يطل انتظارها كثيرا
وما إن تأكدت من رحيل شقيقها اتصلت على الفور بزياد الذي اجابها بتحفظ قائلا :
– أهلا بشمهندسة حلا خير ؟
– حلا باعتذار : اسفة جدااا يا دكتور على الموقف السخيف اللي حطيتك فيه مع حمزة أنا معرفش أنا قولت كده ازاااي وليه بس ديه أول حاجة جت عل بالي لما سألني خوفت تقوله الحقيقة عشان كده اضطريت اكدب عليه وأقول اللي قولته
– زياد بعقلانية : بس كده مش حل يا بشمهندسة تفتكري كدبة زي ديه هتعدي عليه أنتي مخدتيش بالك كان بيبصلنا أزااي هو مكنش مصدق الحوار أصلا
– حلا بضيق: عااارفة أنه مش مصدق ولما طلعنا البيت قالي كده بردو بس لازم نخليه يصدق
– زياد بعقلانية: بصراحة يا بشمهندسة أنا رأيي أنك لازم تعرفيه الحقيقة ده أفضل حل أنتي محتاجاه جنبك ومش معنى كلامي إني هسيبك أو مش هبقا معاكي لكن أنتي محتاجاه هوه
– حلا وهي تهز رأسها يمينا ويسارا وكأنه يراها : مش ممكن حمزة يعرف أي حاجة أرجوووك يا زياد أوعى تقوله أنتا مش متخيل أيه اللي ممكن يحصله لو عرف حاجة زي ديه أخويا شااف كتيير واستحمل اكتر لكن عندي أنا وماما لا يمكن يستحمل مجرد التفكير أنه يفقدنا
هزه صوتها المشحون بالعاطفة تجاه اخيها فهي تقلق عليه وتهتم بعدم اخباره اكثر مما تهتم بما قد يحدث لها فتحدث محاولا طمأنتها قائلا :
– يا بشمهندسة حقيقي الموضوع مفيهوش أي خطورة وإن شاء الله عملية بسيطة وهتبقي زي الفل مفيش داعي لكل القلق والتوتر ده
– حلا برفض : أنا أدرى بأخويا وباللي يقدر يتحمله واللي ميقدرش عليه لا يمكن اخليه يعيش لحظات خوف وقلق زي ديه تاني ثم بدأت في البكاء الخافت
– زياد ما إن وصله صوت نحيبها حتى زفر باستسلام قائلا: خلاص يا بشمهندسة اهدي واللي أنتي عايزاه أنا هعمله
– حلا برجاء :أنا عارفة أن اللي هطلبه منك حاجة غريبة لكن غصب عني مفيش قدامي حل تاني صمتت للحظات ثم اردفت دفعة واحدة لازم تيجي تخطبني من حمزة عشان يصدق اللي قولته وكمان أنا مش عايزة ابقا لوحدي واوعدك أن كل حاجة هتنتهي بمجرد ما اعمل العملية ومتقلقش ساعتها هقوله إننا متفقناش وإني أنا اللي عايزة افسخ الخطوبة
كان ما يسمعه زياد أكبر من استيعابه وكأنه في حلم جميل يخشى الاستيقاظ منه في أي لحظة لكن ما يعكر صفوه هو أنه يعلم انها تفعل كل ذلك من أجل شقيقها لا حبا فيه وبينما هو شارد في أفكاره تحدثت حلا قائلة:
– أنا عارفة إني فاجئتك يا دكتور بطلبي ده وطبعا ليك الحق توافق أو ترفض بس صدقني أنا مش شايفة حل تاني
– زياد بقلق : مش ديه الفكرة يا بشمهندسة الحكااااية إني ….
– قاطعته حلا بتساؤل : هو أنتا مرتبط بواحدة يعني بتحب حد أو معجب بحد وخايف تعرف لو الموضوع كده أنا ه….
– قاطعها زياد بنفي سريع قائلا : مفيش حاجة من ديه خاالص أنا لا بحب ولا مرتبط ولا أي حاجة من الكلام ده نهائي
– حلا بشك : أكيييد يا دكتوور ؟ لو في حاجة قولي بجد وأنا هتصرف مش عايزة اعملك مشاكل
– زياد مؤكدا : يا ستي مفيش حد والله ثم أردف في نفسه هامسا :إلا أنتي
– تنهدت حلا بارتياح قائلة: طب الحمد لله
– لكن زياد أردف قائلا : أما بقا من ناحية المشاكل هي هتحصل فعلا بس من اخوكي لو عرف الحقيقة وأننا كدبنا عليه
– حلا : إن شاء الله مش هيعرف حاجة على العموم خد وقتك وفكر ولما توصل ل قرار كلمني بس لو سمحت متتأخرش عليا ف الرد بس لو هتوافق هيكون الموضوع ده سر بينا أنا وأنتا بس يعني مينفعش تقول ل باباك أو مامتك
– زياد : أكيييد يا بشمهندسة خلاص هفكر وارجع أكلمك تاني

أغلق زياد الهاتف ثم جلس شاردا فيما حدث معه وما سوف يحدث إن وافق على اقتراح تلك الحمقاء حقا هذا كل ما يتمناه الآن هو أن يبقى بجوارها بأي صفة لكنه يخشى من حمزة هو لا يخافه لكن لا يحب أن يؤتمن فيخون لكنه عاد وذكر نفسه انها ليست خيانة ابدا بل أنه سيحافظ علي شقيقته حتى من نفسه وأن هذا هو الحل الوحيد الذي يمكنه من البقاء بالقرب منها في ذلك الوقت العصيب
وبينما هو في أفكاره المتخبطة سمع طرقا على الباب تبعه صوت والده فأذن له بالدخول وما إن ناظره الأخير حتى فهم انه هناك أمر خطير يؤرق بال ولده الوحيد وغالبا هذا الأمر يتعلق بتلك الصغيرة التي على ما يبدو انها ملكت قلبه وكيف لا وهي قد ملكت قلبه هو الآخر فمنذ أن رآها في المشفى وقد غزت قلبه وغمرته بحنان ابوي خالص تجاهها وكأنها ابنته التي يعرفها منذ ولادتها لا فتاة رآها مرة وحيدة بها شيء يـأسر القلوب
خرج من فورة مشاعره وجلس بجوار ولده ثم ربت على فخذيه برفق محدثا أياه:
– أيه يا حبيبي مالك ؟ قولت ل حلا ؟ ورد فعلها كان أيه ؟
– عايزاني أخطبها ..هكذا أجاب زياد على والده دون اية مقدمات وكأنه أراد أن يزيح الحمل عن كاهله فورا
– انتقلت الدهشة من زياد لوالده الذي ضيق عينيه وظن أنه ربما اخطأ السمع فسأله ليعيد عليه ما قال مجددا : نعم ! قولت ايه ؟ معلش قول كده تاني عشان وداني باين بقت بتخرف شكلي كبرت فجأة ثم أردف بمزاحه المعتاد وتلاقيني دوخت فجأة واندهشت أنا من المفاجأة ونزلت دمعتيييي
– ناظره زياد وهو يحرك رأسه بمعنى لافائدة ثم تحدث بيأس قائلا : مش مصدقك والله بجد ده وقت هزار بالله عليك وبعدين اندهشت بتغني شعبي باللغة العربية ، شوف أنا بقولك أيه وأنتا بتعمل أيه
– والده بجدية : ما أنا افتكرتك بتهزر أصلا صمت لثوان ثم تسائل بدهشة هو اللي أنتا قولته ده بجد ؟؟
– زياد : ايوه طبعا بجد وهي ديه حاجة أهزر فيها بس قبل ما أحكيلك فين نوجا الأول ؟
– والده وقد لوى شفتيه بامتعاض قائلا: نوجا نزلت تشتري طلبات
– زياد بنزق: ومن أمتا بتسيبها يعني تنزل تجيب طلبات لوحدها ده أنا بحس أنكوا توأم ملتصق
– والده بضيق طفولي: مهو أرك ده السبب الست منى جارتنا يا أخويا قالت انها هتنزل معاها وأمك طبعا مرضيتش أروح معاهم وسابتني ونزلت وقالتلي احتمال يتأخروا عشان هيتمشوا شوية معرفش طلعتلنا منين الست منى ديه
– زياد وهو يضرب كفا بكف محوقلا : لا حول ولا قوةإلا بالله غيران عليها من الست جارتنا وبعدين ما هي معاك طول اليوم مبتزهقش على الأقل خليها توحشك
– والده بعشق لوالدته : هي بتوحشني وهي قدامي أصلا وهي مش موجودةبحس إني يتيم ..عيل من غير أمه
– لوى زياد شفتيه بامتعاض : أنا والله مش عارف أعمل معاكم ايه انتو عقدتوني لا أر نافع ولا توقيع بينكم نافع الحل اتجوز واغور من هنا عشان طول الوقت حاسس إني عزول ف وسطكم
– احمد وهو يرفع كفه في وجه ابنه قائلا: قل أعوذ برب الفلق من عينك ديه هي اللي بتخلينا نتخانق
– زياد بدهشة :تتخانقوا ! أمتا حصل ده ؟؟أه قصدك على العشر دقايق اللي بتزعل فيهم ومجرد ما تندهلك تيجي مبتسم وبأعلى صوت نعم يا نوجااا يا حبيبتي ولا كأنكم أصلا كنتوا متخانقين ده لو ينفع أصلا نطلق على العشر دقايق صمت دول خناااق من أساسه يا جدع ده أنتا بتلكك عشان تتصالح
– أحمد : ايه يا بني السواد ده أعوذ بالله منك ومن لسانك ثم اردف ساخرا أما نشوفك بكره يا حبيبي لما تتجوز هتعمل أيه مع مراتك
– زياد وهو يصطنع التفكير : عارف المشكلة فين يا ابو حمييد أنكوا عليتوا سقف توقعاتي في الجواز ولو ملقتش كده هيجيلي احباااط
– احمد متذكرا : صحيح فهمني ايه موضوع حلا ؟؟وايه حكاية أنها عايزاك تخطبها ديه وليه ؟؟
– زياد وقد تنهد بضيق : هقولك ……
ثم بدأ في سرد ماحدث على مسامع والده وما إن انتهى حتى تحدث قائلا :
– بس ده كل اللي حصل وأنا مش عارف أعمل أيه
– أحمد وهو يهرش في رأسه بتفكير قائلا : واضح أن البنت بتحب أخوها جدا وخايفة عليه يمكن أكتر من نفسها بس بردو الجواز والخطوبة مش لعبة لكن وجودك جنبها ضروري وللأسف مش هيتم إلا بالطريقة ديه لكن لو ده حصل هل أنتا هتقدر تحافظ على حيادية مشاعرك بعد قربها منك وهتقدر بعد كده على بعدها ف حالة لو قررت متكملش ف الخطوبة بعد ما تعمل العملية
– زياد بيأس : هي أكيد مش هتكمل في الخطوبة هي قالتلي كده ده اتفاق لحد ما تعدي الفترة ديه
– احمد : مين قااال؟ محدش يعرف ايه اللي ممكن يحصل بعدين مش يمكن تحبك زي ما انتا بتحبها وأنا شايف إن في بوادر
– زياد متسائلا بلهفة : بوادر ايه ؟
– احمد موضحا مقصده : يعني هي بتثق فيك بنسبة كبيرة جدا وعل الأقل بتحترمك وتعزك وإلا مكنتش فكرت تعرض عليك عرض زي ده
– زياد : بس ده مش معنااه أبدا انها بتحبني أو ممكن تحبني الأهم دلوقتي من الكلام ده هو حمزة أزاي اكدب عليه بعد ما قالي أنه بيثق فيا
– أحمد بحيرة: سيبني أفكر فيها وليها حل إن شاء الله المهم متقولش حاجة ل نوجا
– زياد باستغراب : أنا فعلا كنت ناوي أقولك متقولهاش بس كنت متوقع أنك ترفض لكن الغريب أنك أنتا اللي تطلب مني كده .
– أحمد بتوضيح : مش عايزها تضايق من البنت أو تعاملها بطريقة وحشة من غير ما تقصد غصب عنها هي أمك وأنتا عارف غلااوتك عندها وبعدين نوجا مش بتعرف تخبي حاجة والبنت هتعرف أننا عارفين وهي طلبت منك محدش يعرف غيركم ف مش عايزين نحرجها
– زياد مؤيدا لوالده : عندك حق ده كان نفس تفكيري بردو
– أحمد متسائلا باهتمام: بس أنتا بردو مردتش عليا هل هتقدر تتحكم ف مشاعرك وتحافظ على البنت كأنها أختك
– زياد بابتسامة باهتة : متخافش يا ابو حميد أنا تربيتك حتى لو هي خطيبتي بجد وطول ما هي مش مراتي مشاعري الخاصة هتفضل جوايا ومش هيكون ليها أي تأثير على تعاملاتي معاها
– ربت والده على كتفه بفخر قائلا : راجل يا زيزو خلاص سبني شوية كده أكون فكرت بس وأقولك نعمل ايه
– زياد : ماشي ف انتظارك بس متتأخرش عليا عشان هي مستنية ردي ومش عايزها تفضل قلقانة
– أحمد بمشاكسة : حاااضر يا عم الحنين
……………..
طرق متواصل على باب حجرتها كانت تظنها والدتها التي جاءت إليها أكثر من مرة لتقنعها بتناول الغداء حتى سمعت صوت أخيها من الخارج وهو يستأذن بالدخول فاذنت له وما إن رآها منتفخة العينين محمرة الأنف حتى أشفق عليها فهذه أول مرة يراها تبكي منذ فترة طويلة وهي لا تفضل اللجوء إلى البكاء لأنها تراه ضعف وهي لا تحب أن تظهر بمظهر الضعيف وتكره أن يشفق عليها أحد حاول ألا يظهر تعاطفه حتى لا يثير غضبها فتنفعل فيثار غضبه هو فسألها بنبرة محايدة :
– الغدا جاهز وهنتغدا دلوقتي يلا يا سلمى
– سلمى برفض: لأ أنا مش عايزة اتغدا شكرا أنا شبعانة وهنام
– عمر بإصرار : وماله تعالي اتغدي ونامي وبعدين نوم ايه دلوقتي أصلا
– سلمى باصرار مماثل : مش عايزة اتغدا مليش نفس متهيألي أنا حرة ولا ديه كمان هتغصبوني عليها ولا يمكن حضرتك المرادي اللي هتضربني

حاول عمر التماسك حتى لا يغضب هو يعلم انها مؤكد غاضبة بسبب الضربة التي تلقتها من والده لأول مرة وتذكر كلمات حمزة فهدأت ناره وحينما اقترب منها وجلس على طرف فراشها مد يده نحو وجهها التي لم تقدر على رفعه أمامه وما إن تلاقت عيناهما حتى انفجرت داخله طاقة الحنان نحوها فوجد نفسه دون تفكير يجذبها ليضمها لصدره بقوة أجفلتها فهي من الأساس لم تعتاد أن يحضنها شقيقها ودوما تخجل منه لكن حينما ضمها لصدره تفاجئت من فعلته تلك وهمت بالابتعاد وهي تتملص منه لكنه لم يفلتها وأصر على ألا تبتعد فبكت بقوة وهي تمسك بتلابيبه بينما هو يمرر يده على خصلات شعرها المتمردة مثلها وظل هكذا حتى استكان الغضب بداخلها وشعرت كـأنه بفعلته تلك يهمس في أذنها برفق ويقول لا بأس لا بأس كل شيء سيمر بل انه بالفعل قد مر ….

وبعدة عدة دقائق من الصمت وبعدما تأكد انها استكانت وهدأ غضبها رفع وجهها إليه متسائلا :
– أنتي عارفة أنك غلطتي صح يا سلمى ؟

لم تجيب لكنها هزت رأسها بالايجاب فابتسم عمر لفعلتها ثم أردف قائلا

– بابا عمل كده عشان يفوقك وكمان عشان يحميكي مني لأنه عارف أنا لو اتعصبت عليكي هعمل فيكي ايه فقال أيده هو ارحم من ايدي ثم اردف بمزاح قائلا : ولا تحبي تجربي ايدي ؟؟
– هزت تلك المرة رأسها يمينا ويسارا برفض
– فتحدث شقيقها قائلا : طالما لا يبقا يلا بينا بقا عشان نتغدا سوا ولا تكوني عايزة ابوكي بنفسه يجيي يصالحك لأ متتعشميش كفاية عليكي أوي إني عبرتك
لم يكد يتم جملته حتى وجد باب الغرفة يفتح من جديد ولكن تلك المرة دون استئذان وقد كان والده الذي اقترب من ابنته التي مازالت قابعة بين أحضان شقيقها فابعدها عنه وهو يناظره بضيق قائلا :
– متلمسش بنتي تاني ياااض بنتي محدش يحضنها غير ابوها بس ويلا غووور من هنا عشان انتا أصلا سبب المصايب كلها
– ناظره عمر بدهشة وهو يشير على نفسه قائلا : أنااااا !! ماااشي ما طبعا هي الدلوعة بتاعتك وأنا ابن البطة السودة وبعدين هو المفروض تحب مين اكتر الولد ولا البنت مش أنا اللي ولادي هيشيلوا اسمك لكن اللي عمال تدلع فيها ديه بكره تتجوز واحد وولاده يشيله اسمه هو يعني أنا اللي بقيلك يا خلوود
– خالد وهو يشيح بيده قائلا : يا شيخ اتنيل مش لما تتجوز الأول شكلك قاعد ف وشي علطول وبعدين أنا مليش ف الخناشير أنا بحب الجنس الناااعم قالها وهو يضم ابنته لصدره
– تحدث عمر بغيظ قائلا : ياااارب ماما تسمعك
– خالد بمرح : ايه يعني امك تسمعني هو أنا بخااف
– عمر بصوت عااال : يا مامااااا يا ماماااا
– خاالد وهو يقذف ولده بالخف البيتي الذي يرتديه قائلا : ماااااشي يا ابن الكلب بتسلمني لأمك والله لأوريك
……………..

بعد عدة أيام وبينما كان حمزة في زيارة لصديقه حازم في مكتبه سأله الأخير عن نسمة قائلا :
– وهي الدكتورة أخبارها ايه دلوقتي احسن ؟
– حمزة وقد شعر بانقباضة في صدره ما إن تذكر حال نسمة الشاردة معظم الوقت بعدما كانت لا تتوقف عن الكلام أو المزاح زفر بضيق قائلا : والله يا حاازم للأسف مش كويسة ابدا حتى لو حاولت تظهرلنا غير كده نفسيتها وحشة جدااا خصوصا من ساعت ما سمعت الكلام اللي اتقال عنها في القسم وانها السبب في اللي حصلها بسبب طريقة لبسها وكده وعايزة ترجع اسكندرية
– حازم بتساؤل: هي من اسكندرية أصلا ؟
– حمزة :أه مامتها عايشة هناك وهي كانت عايشة معاها لكن بسبب ظروف حصلت جت تعيش معانا لحد ما تسافر بعثة دراسة ف ألمانيا عند خالها
– حازم : بص أنا متفهم جداا اللي هي فيه ومتخيل كم السخافات اللي سمعتها الناس للأسف بتفضل تنصب نفسها قضاة على غيرهم لو كل واحد يركز في نفسه وفي الأخطاء والذنوب اللي بيعملها ويحاول يصلح منها هنكون حاجة تانية خااالص متستغربش يا حمزة أنا مراتي عدى عليها كلام الناس ده وحتى أنا كنت للأسف واحد منهم ف وقت من الأوقات قبل ما نتخطب او نتجوز
– حمزة بدهشة متسائلا : ازااي ؟
– حازم بتوضيح: ليلة مراتي كانت عايشة بره مصر فترة طويلة أثرت على شخصيتها وطريقة لبسها وطبعا أنا ف أول علاقتي بيها اتبهدلت معايا وغلطت ف حقها بسبب حكمي عليها من مظهرها لكن لما قربت منها شوفت فيها أنسانة مختلفة تماما ولقيت أن مظهرها ده ممكن يتغير ف يوم من الأيام طالما الجوهر حلو طبعا بشرط أن الشخصية تكون عندها استعداد للتغيير ده ويمكن أنا مكنش ليا دور كبير ف تغيرها بصراحة لكن صحابها اللي هما يبقوا زوجات اصحابي دول اللي كان ليهم الفضل بعد ربنا طبعا وهي أصلا من جواها كان عندها الاستعداد بس محتاجة اللي ياخد بايديها
صمت للحظات ثم تحدث مقترحا :بقولك ايه بعد يومين عاملين حفلة ليا كده عشان الترقية مش حفلة بمعنى حفلة بس تجميعة حلوة كده يومها في النادي أنا وسيف وأدهم والعيال وكل واحد هيجيب مراته هات المدام وماما والدكتورة وهات الآنسة حلا والكابتن آدم يلعب مع الولاد هيبقا يوم حلو أوي كده كده الستات بيبقوا مع بعض واحنا مع بعض والدكتورة هتغير جو وأنا هسلط عليها ليلة مراااتي وما أدراك ما ليلة هااانم بص هتظبطهالك وأهو بالمرة يتعرفوا على المدام بتاعتك ويبقوا أصحاب
– راقت لحمزة الفكرة لكنه تحرج قليلا قائلا : بس يا باشا أنتو عاملينها عائلية وهما ميعرفوناش يمكن يضايقوا بلاش خليها مرة تانية
– حااازم بتأكيد: يا باشا يضايقوا ايه لما تعرفهم لما يمكن تقول كده بالعكس هيفرحوا جدا والله وبجد هيقضوا يوم حلو معانا والكل يغيروا جو واهو يمكن المدام بتاعتك تتلم على باقي الشلة
– صمت حمزة للحظات ثم تحدث قائلا : بص بصراحة بقا يا صاحبي أنا مش عايز أكدب عليك مراتي متبقاش مراااتي ولا حاجة
– صمت تردد صداه ف المكان لثوان كان فيها يحاول حازم استيعاب ما تفوه به صديقه ثم عقد حاجبيه متسائلا بدهشة : نعم !! أومال مراتك تبقا أيه ؟؟
– تنحنح حمزة وهو يمنع شبح ابتسامة من الظهور : تبقا أختي
– ظن حازم أنه صديقه يمزح فضحك قائلا : من أمتا بتقلش يا حمزة خضتني والله
– حمزة بجدية : بس أنا مش بهزر وبتكلم جد جدااا فعلا مرااتي تبقا أختي والله
– وقف حازم متفاجئا وهو يحك رقبته من الخلف ثم اردف متسائلا : مهو لو مبتهزرش تبقا مصيبة لأ مهو أكيد أنتا مش لامؤاخذة يعني اا…….
– أوقفه حمزة بأشارة من يده ثم قال وهو يضحك : اقعد اقعد يا باشا متخليش دماغك تروح لبعيد ندى تبقا أختي في الرضااعة مش أختي شقيقة و….
– قاطعه حازم بسخرية : لا والله هي فرقت أختك في الرضاعة ولا شقيقة م………
– حمزة مقاطعا اندفاع صديقه : استناااا بس هو أنتا لسه فيك الخصلة الهباب ديه اسمع للآخر الأول وأنتا هتفهم كل حاجة اقعد يا حااازم
– جلس حاازم ممتعضا: ادينا قعدنا أما نشوووف
بدأ حمزة في سرد ما حدث على مسامع صديقه من البداية حتى النهاية وحازم تتعاقب الانفعالات على وجهه وكأن أحدهم يحكي له فيلما سينمائيا لا يقر بحقيقة وقعت بالفعل
وما إن انتهى من قص كل الأحداث التي مرت عليه منذ اليوم الذي رأى فيه ندى حتى اليوم الذي علم فيه أنها شقيقته بالرضاعة حتى ناظره صديقه بدهشة قائلا :
– أيه الفيلم الهندي ده ؟؟ طب قول والله كده أن اللي حكيته ده حصل
– حمزة وهو يحرك رأسه يمينا ويسارا وقد لوى شفتيه بغيظ قائلا : تصدق بالله أنا غلطان إني حكيتلك حاجة أصلا
– حازم وهو يهرش في رأسه لعله يصدق كل ما سمعه للتو : مش الفكرة والله يا باااشا بس حط نفسك مكاني وتخيل الحكاية ديه أنا اللي بحكيهالك هتصدقني
– ضحك حمزة قائلا : بصراااحة أمممم لأ بس فعلا ده اللي حصل
– حازم وقد ضيق عينيه بتفكير متسائلا : بس أنتا قولتلي ليه مش المفروض زي ما فهمت منك أن محدش يعرف غيرك أنتا والوالدة ومراتك ولا أختك ديه
– حمزة بحيرة: مش عارف يمكن مش عايز أوسع الدايرة اللي تعرف أن ندى مراتي اكتر من كده يمكن محتاج مساعدتك أو يمكن لسبب تاني أنا معرفهوش
– حازم وهو يقترب من صديقه ليجلس على الكرسي المقابل له ويميل ناحيته قائلا بصوت خفيض حذر : أو يمكن عارفه بس مش عايز تقوله
– حمزة وقد رفع حاجبه بدهشة مستفهما : تقصد أيه ؟
– حازم بجرأة ودون مواربة : الدكتورة
– حمزة باستغراب : نسمة ! مالها ؟؟
– حازم وهو يعود للوراء مستندا على الكرسي خلفه : متهيألي أنها بالنسبالك مش مجرد اخت مراتك ولا اخت أختك ما علينا من العلاقة المش مفهومة ديه في مشاعر تانية مختفية وهي السبب ف أنك حبيت تقولي الحقيقة يمكن عايز تاخد رأيي ف الموضوع
– حمزة متسائلا بدهشة : أيه اللي خلاك تقول كده ؟
– حازم : الكام مرة اللي اتقابلنا فيهم وهي كانت موجودة شفت خوفك عليها اللي مكنش خوف على اخت خوف ممزوج بغيرة بص حاجة مش عارف اشرحها بس فاهمها وحاسسها كويس لأني مريت بيها مع مراتي بس حاولت اكدب نفسي وأقول إني اكيد غلطان لأني عارفك كويس وعارف أنك مش من النوعية ديه قولت جايز بيعزها حبتين تلاتة كأخت لكن فضل جوايا احساس مبهم ملوش تفسير لكن لما قولتلي دلوقتي أن اختها متبقاش مراتك وحكتلي قصة جوازكم بقا عادي مشاعرك ناحيتها وبقت اصدق بالنسبالي من مجرد مشاعر اخوية لاخت مراتك
– حمزة بصدق: وأنا مش هكدب عليك يا حازم ولا اقولك أن اللي حسيته غلط يمكن لأني مش حابب أكدب عليك أو يمكن عشان عايز اخد رأيك ومحتاج اسمع اللي يطمني
– حازم بتساؤل: وايه اللي مخوفك يا صاحبي ..قصدك مراتك اللي طلعت اختك م….
– قاطعه حمزة بغيظ: أيه مراتك اللي طلعت اختك اللي كل شوية تقولها ديه لو حد دخل علينا هيقول اتنين مجانين أو لا مؤاخذة بدل الجملة الغريبة ديه اسمها ندى مش عيب ولا حاجة اما تتكلم عنها باسمها
– حازم ضاحكا : خلاص يا عم أنتا هتضربني حاضر يا سيدي قصدي خايف ندى تزعل من ارتباطك باختها وتفكر مثلا أنك كنت بتفكر فيها وهي على ذمتك ؟
– حمزة موضحا: لأ خااالص ندى عمرها ما هتفكر كده وأنا اتكلمت معاها في الموضوع المشكلة مش فيها خاالص المشكلة فيا أنا أولا وف الناس اللي عرفت أنها اختي ثانيا ده غير طبعا حوار الزفت اللي حاطط ندى ف دماغه ومخليني مش عارف افكر ف أي حاجة غير حمايتها
– حازم : صحيح هو اسمه ايه ؟
– اجابه حمزة :زفت كريم مصطفى الرشيدي
– ضيق حازم عينيه للحظات ثم هب واقفا : كريم مصطفى الرشيدي طه صح ؟؟
– حمزة متسائلا بدهشة :ايوه أنتا تعرفه ؟؟
– حازم : طبعا وهل يخفى مستنقع الزبالة كان قبلي بكام دفعة ف الكلية بس ايه سمعته الوسخة كانت سابقاه وعلطول عامل مشاكل وكان هيطرد من الكلية اكتر من مرة بسبب القرف اللي كان بيجي من وراه وكنت بسمع وقتها انه ليه علاقات مع ستات استغفر الله العظيم بس الغريب أنه كان بيتجوزهم وبعدين يطلقهم معرفش ليه بس الحكاوي عن بلاويه مكنتش بتخلص متهيألي متعقد من حاجة المشكلة أن محدش كان بيعرف يمسك عليه غلطة متعرفش ازااي بيعرف يخفي كل مصيبة بيعملها أنا حضرته سنة واحدة قبل التخرج شوفته تقريبا مرة أو مرتين بس شخص خبييث لابعد درجة وغير مرييح بالمرة
– حمزة : أنا بدور وراه من وقت ما اتجوزت ندى وسمعت عنه مصايب بس للأسف بردو معرفتش امسك حاجة فعليه لكن في فكرة لو ظبطت هنخلص منه خاالص لكن للاسف فيها نسبة خطورة
– حازم متسائلا : فكرة ايه ؟
– حمزة : بعدين لما اظبطها هقولك ولما أتاكد من اهم طرف فيها انه هيقدر يساعدني ويكون ولاءه ليا ساعتها هقولك عشان تساعدني
– حازم : ماشي نرجع تاني لموضوع الدكتورة كنت بتقول أنك خايف ايه سبب خوفك ده ؟ومن أيه ؟
– حمزة وقد تنهد بعمق قائلا : هقولك …..
وبدأ يقص على مسامع صديقه مخاوفه من الارتباط بنسمة والتي سبق وقصها على ندى من قبل وما إن انتهى من سرد كل ما يجيش ف صدره علق حازم قائلا :
– بص موضوع الناس ده مش عايزك تقف عنده كتيير كده كده الناس مبتسيبش حد ف حاله وبيتكلموا على أي حاجة وكل حاجة وكل موضوع بياخدله شوية وقت والناس بتنساه خصوصا اللي يعرفوا بجوازكم عددهم قليل زي ما فهمت منك أما بقا بخصوص خوفك من شخصية الدكتورة واختلافكم وقلقك أنك تكرر تجربتك مع مراتك الأولانية متهيألي محدش يقدر يحكم في الموضوع ده غيرك أنتا لكن أهم حاجة أنك لازم تقرر بسرعة أنتا عايزأيه بالظبط ولازم الدكتورة تعرف بطبيعة علاقتك أنتا وندى ف أقرب وقت عشان الوضع كده مش مريح ليها ابدا ف كل الأحوال يعني لو هي حاسة بمشاعر ناحيتك هتكون حاسة بالخيانة ناحية اختها أو هتكدب مشاعرها وتنكر وجودها أصلا ده غير أنها لما تعرف هتضايق جداا منكم عشان سيبتوها ف حيرتها ديه ف لازم تحسم أمرك وتتفق أنتا وندى وتقولوها لأن حاجة زي ديه مش هتستخبى كتير ولو عرفت من أي حد غيركم مش هتسامحكم أصل أنا عارف نوعية الدكتورة ديه زي ليلة مراتي جدا عارف هي جدعة وطيبة ودمها خفيف بس….

قطع حديثه حين انفتح الباب بشكل مفاجيء……….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أهداني حياة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى