روايات

رواية أنين وابتهاج الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم هدير دودو

رواية أنين وابتهاج الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم هدير دودو

رواية أنين وابتهاج البارت الثالث والعشرون

رواية أنين وابتهاج الجزء الثالث والعشرون

رواية أنين وابتهاج
رواية أنين وابتهاج

رواية أنين وابتهاج الحلقة الثالثة والعشرون

_ قد دقت الطبول وأخيرا معلنة سعادة غارمة
سعادة لقلبين عاشقين وقف القدر أمامهما
لكنهما في النهاية حققا السعادة الحقيقية
بالعشق الصادق_
❈-❈-❈
بعد مرور اسبوعين…
علم الجميع بخبر زفاف عمر وآلاء، كان كل شخص منهما يشعر بمشاعر مختلفة عن الآخر، فقد كان عمر يشعر بالسعادة نـعـم هو سعيد بشدة، فزواجه منها كان الشئ الوحيد الذي ينتظره طوال حياته، ينتظر ذلك اليوم أن يأتي، على الرغم من أنه يعلم أنه جاء بطريقة أخرى وغير مألوفة ليس كما يتخيل، لكنه سيحاول أن يغمرها بحنانه ويعوضها عن ما حدث لها من قبل، ويبعد عنها أي أذ’ى من الممكن أن تتعرض له، سيفعل كل شئ لأجلها ولأجل سعادتها.
بينما آلاء كانت تشعر أنها كالتائهة التي سقطت في ذلك الطريق بالخطأ، ولا تعلم كيف؟!.. لا تعلم أيضا هل أمر زواجهما أمر صحيح أم لا؟ تدعي ربها ألا تكن العامل الخاسر في تلك التجربة، فمشاعرها لن تتحمل أن يأتي شئ ويكسرها مرة أخرى، هي تحب عمر وتعشقه على الرغم من كل ما حدث لها وفعله، لكنها أيضا تشعر ببعض من التردد والقلق، فيكفي ما حدث لها ولمشاعرها من قِبله اولا ثم جاء بعده عدى الذي علمت مؤخرا أنه كان هدفه الأساسي والحقيقي هو استغلالها وخد’اعها، واللعب على مشاعرها المُحطمة.
قطعت شرودها وخلوتها مع ذاتها وأفكارها الغير مُرتبة؛ بسبب عمر الذي ولج الغرفة للتو، عقد حاجبيه عندما راي شرودها الواضح، وغمغم يسألها بإهتمام
:- في إيه مالك، قاعدة كدة ليه، بتفكري في إيه كدة؟
لم ترد عليه ولم تعطِ لسؤاله أهمية، بل تعاملت وكأنها لم تراه من الأساس ولم تستمع الى ما تفوه به، مما جعله يتنهد بغضب في محاولة منه لتهدئة ذاته، قبض فوق يده بقوة حتى يهدأ، ثم استرد حديثه مرة أخرى، تمتم بهدوء مزيف وهو يضغط فوق كل
حرفٍ يتفوهه
:- مجهزتيش ليه يا آلاء هانم، مش عارفة أن انهارده حفلة كتب الكتاب، ولا الهانم ناسية وولا على بالها الموضوع أصلا.
تأفأفت عدة مرات هي الأخرى ثم ردت تجيبه باقتضاب وهي تتطلع نحو الجهة الأخرى متعمدة عدم النظر نحوه؛ حتى لا تضعف بسبب رؤية عيناه الساحرة المتيمة بهما
:- هجهز أهو هجهز، لو سمحت بقى من أولها كدة ملكش دعوة بيا أحسن، ولا تشغل نفسك بيا ولا تقلق عليا، أنا عارفة كويس اوي مكانتي عندك فمش محتاج تعمل كل دة اصلا وتضحك عليا.
وقف يستمع إلى حديثها بذهول وعدم تصديق، لكنه أسرع يقترب منها أكثر، مما جعلها تطالعه بدهشة تترقب فعلته بجهل، لكنه فاجأها عندما رد عليها بلهفة ونبرة عاشقة، حيث يشعر هو أن قلبه ينبض عشقها، هي مَن تتلاعب بأوتار قلبه بأكملها
:- يعني إيه مليش دعوة بيكي، وبضحك عليكي، وأنتِ متشغلنيش و متقلقنيش، والكلام الاهبـ’ل دة كله، أما أنتِ كدة امال الباقي إيه، لولي عاوزك تعرفي أني مستعد اسيب الكون كله عشانك ومش اسيبه بس لأ دة انا اد’مره لو حد ضايقك، وبعدين أنا فهمتك كل دة حصل ليه، وأني كان قصدي ابعد عنك أي حاجة ممكن تأذ’يكي، وبعدين حتى لو مش عاوزة تهدي دلوقتي، ماشي بس استمتعي بكل لحظة بتعدي علينا دلوقتي؛ لانها حاجة صعب تتكرر خاصة
انهاردة وبكرة.
توردت وجنتيها باللون الأحمر القاني الدال على خجلها، وزين وجهها بابتسامة هادئة من حديثه الذي يؤكد على أهميتها في حياته.
لكنها سرعان ما اخفت كل ذلك، أردفت تسأله بارتباك وتوتر جلي فوق جميع قسمات وجهها الذي شحب ما أن تذكرت ذلك الشئ الذي ستسأله عنه
:- عـ…عمر أنتَ اتصلت قولت لياسين صح، قالك إيه هيقدر يجي ولا إيه؟
كانت تسأله وهي تتمنى بداخلها أن شقيقها يأتي ويكون بجانبها في يوم مهم مثل ذلك اليوم، تريد أن تشعر بأهميتها في حياته وأهميته في حياتها، تريد أن يكون سندًا لها عندما تضعف.
لكن هيهات فكل ذلك يحدث داخل عقلها فقط، هو لم يهتم بها ولا بأخبارها من الأساس.
رد عليها بدون اكتراث وكأنه يريد أن يجعل الأمر طبيعي، زيخفي ضيقه من ياسين شقيقها الذي لم يستحق أن تعطيه ولو ثانية واحدة من تفكيرها، تذكر عندما تحدث معه وأخبره بأمر زفافهما كما طلبت، فقد أخبره ببرود أنه لم يهتم بما يخبره، وتعامل ببرود، لكنه بالطبع لن يريد أن تجعلها تحزن؛ لذلك أخفي الأمر عنها ورد بتلك اللا مبالاه
:- آه يا آلاء قولتله بس هو في عنده شغل مهم مش هيعرف يجي، سيبك بقي أنتِ من كل دة، وركزي في كلامي، حاولي تفرحي نفسك وتنسي كل حاجة أصلا، ماشي يا قلبي.
انهي حديثه بابتسامة هادئة ثم خرج من الغرفة بعدما اومأت له برأسها إلى الأمام بصمت، سيتركها لأجل لإعداد ذاتها للحفل الصغير الذي سيقام.
بينما هي رأت أن حديثه مُحق، فيجب عليها أن تستمتع ونفرح بكل لحظة تمر عليها، فهي كانت تحلم بتلك اللحظات منذُ دهر، حتى و إن كانت لم تسامحه على ما حدث حتى الآن، لكن ستفرح بما يمضي ويحدث لأجلها، ستفرح من أجل حلمها الذي تتمناه، قررت أن تعطي هدنة لقلبها حتي يرتاح ويفرح.
دلفت سريعا نحو الركن الخاص بالملابس داخل غرفتها ووقفت أمام الجزء الخاص بالفساتين تحديدا تطالعها بتردد وتوتر، لا تعلم أي فستان ترتدي منهم؟!..
تلعن ذاتها وأفكارها الخاطئة التي جعلتها ألا تعد شئ لذلك اليوم، تأافت عدة مرات بضيق من ذاتها، فهي طوال تلك المدة كانت تقنع ذاتها أنه يمزح وبالطبع لن يتزوجا على الرغم من بقينها أنه جاد في قراره، لكنها كانت تحاول إقناع قلبها وتطمئنه و لو بكلمة صغيرة كاذبة..
وصل إلى مسامعها صوت دقات فوق الباب فهمهمت تسمح لمَن يدق بالدخول بصوت جاهدت أن تجعله هادئ، فهي لا تعلم هوية مَن يدق الباب في ذلك الوقت.
تفاجات عندما رأت إحدي الخادمات أمامها وكانت تحمل شئ كبير مغطاه بالكامل، لكن من الواضح عليه أنه فستان جديد، وضعته لها فوق الفراش بهدوء وحرص، ثم تحدثت باحترام
:- عمر بيه باعت لحضرتك الفستان دة، وبيقول لحضرتك انه ميقدرش ينسى فستان كتب الكتاب طبعا، دة أهم حاجة.
اتسعت ابتسامتها بسعادة كالبلهاء، لم تتوقع فعلته نهائيًا، فهي لم تتحدث أمامه عن فستان لذلك اليوم حتى عندما نزلت معه قامت بشراء فستان لحفل زفاف لم تتحدث عن أي شي اخر، لكنها سرعان ما حاولت أن تتجاوز صدمتها وفرحتها البادية على قسمات وجهها بوضوح، و سمحت الخادمة بالانصراف من الغرفة؛ حتى لا تشاهد أفعالها الغير متوقعة أبدا.
فتحت الفستان سريعا لتراه، لكنها بالطبع تثق في رأيه وذوقه في اختيار الأشياء الخاصة بها، حـقـا ظنَّها لم يخيب عندما رأت الفستان، فكان فستان أنيق هادئ من اللون الرمادي اللامع الذي يتناسب بشدة مع لون بشرتها، مزين بطراز هادئ نال إعجابها بشدة، فبدأت تعد ذاتها وهي تشعر بالفرحة والسعادة، تروي قلبها الظمآن بسعادة بدلا من الحزن الذي كان به، وكأن الهدنة التي قررت أن تعطيها له اليوم وغدا ستريحه..
نزلت إلى أسفل بعدما انتهت من إعداد ذاتها، نزلت بصحبة عمتها وفريدة التي على الرغم من تعبها إلا أنها تصر دائمًا على البقاء بجانبها، بينما تامر شعر ببعض الراحة عندما ذهب إليها منذ يومان ليسألها هل وافقت على الزواج من شقيقه أم أنها مازالت مجبرة؟!..
لكنها أخبرته بموافقتها مما جعله يجلس بجانب شقيقه في ذلك اليوم سعيد فَرِح لأجله ولأجل السعادة المرسومة على وجه عمر.
بينما نغم فكانت تشعر بالضيق والغضب من تلك الزيجة، لا تتمنى أن تحدث، لا تعلم ما الذي جد ليتغير كل شئ في يوم وليلة وبتلك السرعة، حتى نهي لم ترد عليها نهائيا، كانت تجلس بوجه مقتضب الضيق يبدو عليها بوضوح، مما جعل والدتها تتوجه نحوها وتنكزها بخفة، تمتمت توبخها بنبرة مغزية هامسة وهي تبتسم؛ حتى لا تلفت الانظار عليهما
:- اضحكي يا نغم، عيب كدة، الناس هيقولوا إيه، وعمر لو حصل حاجة مش هيسكت، دة اخوكي و هي بنت خالك المفروض تكوني فرحانه، امال في خطوبته على الز’فتة التانية دي كنتي فرحانه ليه.
لم ترد عليها، بل بالاحر لم تجد الرد المناسب التي ترد به عليها؛ لذلك اومات لها براسها بصمت، ثم ابتسمت عنوة عنها ابتسامة مقتضبة لم تتخط شفتيها..
تمت اجرارءات كتب الكتاب على الرغم من سعادتها الواضحة على قسمات وجهها إلا انها كانت تتمنى وجود شقيقها بجانبها؛ لـيعوضها عن والديها لكنه لم يهتم بها و تخلى عنها هو الآخر لم يهتم بها وكأنه لم يعرفها ولم تقربه.
فاقت من شرودها عندما رأت عمر الذي كان يسيࢪ صوبها وباغتها باحتضانه لها، عانقها بشدة كأنه يريد أن يدخلها بداخله بين ضلوعه وقلبه، يريد أن يخفيها عن أعين الجميع، لا تعلم لماذا شعرت بالسعادة من عناقه لها؟ تشعر وكأنها امتلكت العالم بأكمله، دفء شديد اجتاح كل ذرة بداخلها وهي داخل حضنه وبين زراعيه، تريد أن تظل معه للأبد، ابتسمت بسعادة وهي تشعر بدقات قلبها تخفق بداخلها بسعادة غارمة، ثم مدت يدها بهدوء لتبادله عناقه بحر’ارة وعشق، همس داخل اذنيها بنبرة عاشقة
:- مبروك يا قلبي، حياتنا كدة ارتطبت ببعض على طول يا مدام عمر السنماري وقلبه وروحه عمر السنماري من غيرك اصلا ولا حاجة.
ابتسمت بسعادة بسبب ذلك اللقب الذي كانت تتمنى منذ دهر أن تستمع إليه، فهما حلما سويا بذلك اليوم، كان كل ذلك يدور تحت أنظار جميع الجالسين الذي كان بينهم السعيد لسعادتهما وبينهم الغير راضي لما يحدث أمامهم…
❈-❈-❈
في المساء…
جاءت فريدة تدلف غرفتها؛ لعلها ترتاح قليلا من المجهود الذي فعلته اليوم هي قد تعبت كثيرا، لكن قبل أن تدلف استوقفها صوت سناء التي هتفت باسمها، توجهت نحوها وأردفت تسألها بهدوء
:- نعم يا طنط سناء، في حاجة ولا إيه؟
همهمت ترد عليها نافية، وواصلت حديثها بهدوء وهي تبتسم أمام وجهها بحنو
:- مفيش يا حبيبتي متقلقيش، دة أنا عاوزاكي تاخدي بالك من نفسك بكرة عشان متتعبيش زي انهاردة كدة، حبيب تيتة اللي جاي في الطريق عاوز يرتاح شوية هو كمان.
اومأت برأسها إلى الأمام، ثم ردت عليها بهدوء
:- حاضر يا طنط متقلقيش، أنا كويسة دة تعب طبيعي الدكتورة كانت قايلالي عليه عادي.
أنهت حديثها ثم عادت مرة اخرى متوجهة صوب غرفتها، وهي تتذكر فرحتها ولهفتها عندما اخبر تامر الجميع بخبر حملها…كم كانت سناء سعيدة وكأنها ستطير في السماء من فرط لسعادتها، وأخيرا ستحمل حفيد لها بين يديها تتمنى تلك الأمنية منذُ زمن، وها ستتحقق أخيرا.
ولجت الغرفة بهدوء، لكنها تفاجأت بتامر الذي كان يجلس فوق الفراش بأريحية ينتظر إياها، هي توقعت أنه ذهب كما يفعل دائمًا، تحدثت بنبرة مغزية وكأنها تريد أن توصل له شئ خفي، وهي تلعن قلبها الذي لازال يحبه حتى الآن بالرغم من كل ما حدث يحاول أن يضع له مبررات
:- عمر كان فرحان أوي وآلاء كمان رغم اللي بيحصلهم بس حبهم لبعض واضح أوي، اتوقع أنها لما تحمل وتخلف بعد الجواز عمر عمره ما هيسيبها ولو يوم واحد حتى، وهيحاول يخفف عنها ووكدة أصل الحمل طلع متعب اوي، ربنا يديمهم لبعض.
ابتسم على حديثها بعدما وصل لها ما تريده من حديثها، ونهض من فوق الفراش يقترب نحوها، باغتها بإحاطة عنقها بزراعيه، ثم أردف بنبرة بحنان هامسة أمام شفتيها التي ارتعشت نتيجة اقترابه منها
:- آه عمر بيحبها أوي وهي بتحبه بس بيتعا’ركوا برضو ولا مش عارفة خلاها توافق على الجواز ازاي، بعدين سيبك من عمر ومن آلاء و ركزي في اللي واقف قدامك، يعني لما تعوزي تقوليلي حاجة قوليها على طول سيبك من آلاء اللي عملالي نفسها ذكية، ومن عمر االي بيقولك عنده أسباب خاصة بيه مش بيقولها لحد، كبري من كل دة وقوليلي الحمل تعبك فعلا؟
طرح سؤاله عليها لوهلة وهو يطالع عينيها كالمسحور بسحر عينيها التي أسرت قلبه عنوة عنه، من دون إرادته، عينيها ساحرة تسحره بين طياتها ذات اللون البنيّ الخلاب..
أجابته بنبرة خافتة شبه هامسة، وهي تشعر انها كالمغيبة أمامه، خاصة وهي واقفة بين يديه مثل الآن فكانت تحرك رأسها إلى الامام عدة مرات كالبلهاء
:- آاه بيتعـ..
ابتلع باقي حديثها داخل شفتيه، وقد باغتها بقبلته المفاجأة لها، لم يستطع أن يقاوم سحر شفتيها، بينما هي كانت مستسلمة تماما لم تفعل أي شئ، حتى وجدته يتعمق في قبلته فعلمت أن الأمر لن ينتهي، حاولت أن تجعله يتركها وتبتعد عنه لتنهي مشاعرهما الفياضة حتى نجحت في النهاية، تحدثت بصوت متحشرج خافت وهي تلهث بصوت مرتفع تحاول أن تلتقط أنفسانها وتنظمها، ثم رفعت سبابتها امام وجهه بعدما ابتعدت عدة خطوات للخلف
:- بقولك تعبانة على فكرة حس بيا شوية مش حاجة صعبة يعني، وبعدين مانا مش مهمة اصلا للدرجادي، تقدر تروح للي كنت معاها اسبوع قبل كدة، وأنا هسكت برضو مش هتكلم.
كور قبضة يده بغضب شديد، وقد انتفخت اوداجه من فرط الغضب الذي يشعر به الآن؛ بسبب كلماتها الحادة القاسية، ثم تنفس عدة مرات ممتالية في محاولة منه لتهدئة ذاته، وغمغم بجدية وصرامة
:- قولتلك الكلام اللي بتقوليه دة غلط ومحصلش، بطلي اوهامك دي شوية أنا لو عملت حاجة مش هخاف منك مثلا، لكن أنا استحالة اعمل اللي في دماغك طول ما أنتِ في حياتي أنا بحترمك وبحترم صورتك ومقدرش ابهدلها، طول الاسبوع اللي فات دة كنت بحاول ارتب نفسي لأني حاسس أني متلغبط مش عارف حاجة.
كان يتحدث معها بسرعة غاضبة، فوقف لوهلة من بين حديثه يلتقط انفاسه بصوت مسموع، ثم استرد حديثه مرة اخرى ولكن بنبرة هادئة بعض الشئ واقل حدة عن السابق؛ حتى لا يزعجها بحديثه ويجعلها تتعب
:- فريدة… عاوزك تعرفي اني مش خا’ين عشان اعمل اللي في دماغك دة، يمكن أنا مقصر معاكي جامد ومش قادر احدد مشاعري ناحيتك و اللغبطة اللي فيها، لكن إني اخو’نك دي حاجة مستحيلة لازم تبقي عارفاها، أنا بحترمك وبحترم وجودك في حياتي وعمري ما هعمل حاجة زي دي، و بعيدا عن وجودك دي حاجة تغضب ربنا، ولو على تعب الحمل دة بعد فرح آلاء وعمر بكرة بس يعدي وهاخدك للدكتور تطمنى عليه، كشفتي عند مين المرة الأولى عشان نروح تاني؟
كانت تستمع الى حديثه بهدوء تام من دون أن تبدي أي رد فعل عليها وعلى ملامح وجهها، لم تنكر أن حديثه قد ريحها لكنها تشعر بالاضطراب لا تعلم هل يجب عليها ان تفرح بعدما استمعت الى حديثه ام تحزن على حالتها، لكنها ردت عليه بتوتر وخفوت
:- ا.. اصل معرفش مكان الدكتورة آلاء االي ودتني ومش هينفع نروحلها أنا وأنتَ خالص، ممكن اسال آلاء وابقي اروح لوحدي لكن أنت لأ مش هينفع.
قطب ما بين حاجبيه باستغراب من نهج حديثها، وتتمتم بضيق ساخرا
:- ومش هينفع اروح معاكي ليه أن شاء الله، الدكتورة اللي روحتيلها قالت تامر لا ميجيش، ولا هتتكسف منى وأنا معرفش؟
ارتبكت لوهلة من حديثه الساخر، لكنها قررت أن ترد عليه مدعية اللا مبالاه والبرود في حديثها
:- لأ مش بتتكسف ولا حاجة بس ا.. اصل بصراحة لما عيطت هناك بعد ما قالتلي، هي شكت احسن اكون ﻤش متجوزة، فـ آلاء اتصرفت وقالتلها إني بعيط عشان جوزي لسة متوفي من قريب وكدة فمش هينفع تروح.
حدقها بذهول مما استمع إليه للتو، وغمغم بصدمة وعدم تصديق
:-جوزك لسو متوفي من قريب، جوزك دة المفروض إن هو أنا صح؟
اومات له برأسها إلى الامام ببطء تؤكد صِحة حديثه، فتابع حديثه مرة اخرى بحدة
:- دي آلاء بقى عارفة كل حاجة هي كمان، وهي اللي ممشية حضرتك، ويا ترى عارفة بحبوب منع الحمل ولا لأ؟… اكيد عارفة طبعا مش كدة، دة تلاقيها هي االي قالتلك توقفيها كمان، ما الهانم مش عارفة تحافظ على سر حياتنا وبتحكي كل حاجة و ملقتش غير آلاء اللي تحكيلها..
حركت رأسها نافية سريعا، وتمتمت بتوتر حاولت أن تخفيه وتظهر محله الجدية
:- ل.. لاا والله الاء مقالتش اوقف حاجة، هي كل اللي قالته ليا إني اعمل االي يريحني، هي معملتش حاجة والله وأنا بحكيلها عشان ببقي مخنوقة مش عشان حاجة تانية.
هدأ قليلا خاصة بعدما تسنمع إلى آخر جملة تفوهت بها، وأردف بنبرة هادئة حانية وهو يقترب منها أكثر
:- احكيلي عادي…لما تبقي مخنوقة تعالي احكيلي حتى لو أنا اللي مضايقك برضو احكي
اومأت له براسها إلى الأمام، توافق حديثه بينما هو حملها بهدوء فوق زراعيه، فشعرت بالخجل والدهشة معا من تغيره الغير مألوف معها، توجه بها صوب الفراش ووضعها فوقه بحذر وهدوء شديد، و هو يتمتم بمرح ومزاح
:- ادلعي بقى يا ديدا براحتك خالص، طول فترة الحمل عشان أنتِ تعبانة، وعد منى هعملك كل االي يعجبك، ونبقي نروح مع بعض نشوف دكتورة جديدة غير اللي جوزك ما’ت عندها دي.
ضحكت بخفوت بسبب حديثه، وقد صدر منها ضحكة صادقة حقيقية نابعة من قلبها الذي يرتوى بسعادة لم تشعر بها منذُ فترة، لمنها قررت أن تظل سعيدة من أجل طفلها فقط ليس هو، لكنها دفنت وجهها في عنقه بخجل وتمتمت بخفوت
:- بـس بقي يا تامر اسكت متضحكنيش.
اومأ لها براسه الى الأمام، وهمهم يرد عليها بهدوء، ووضع يده فوق خصر’ها يقربها نحوه أكثر لتصبخ داخل حضنه
:- حاضر يا ديدا حاضر هسكت اهو، يلا نامي أنتِ عشان متتعبيش بكرة.
نامت داخل احضانه وهي تضع رأسها فوق صدره، وهو يخاوط خصرها بزراعه بحنان، لأول مرة كل منهما يشعر بالراحة والهدوء وهو بجانب الآخر من دون حزن ووجع، بل هناك مشاعر جديدة تولد بينهما يعجز ويتهرب كل منهما عن تفسيرها بل تاركين حياتهما للحياة تسير بها كما تريد هي وبمخططها..
❈-❈-❈
في نفس الوقت…
كانت آلاء تجلس في غرفتها تشعر بمشاعر عديدة غير مرتبة بداخلها، تشعر بمزيج بين السعادة، الفرحة، الصدمة، والحزن لكل ما مرت به وستمر به، نـعـم قررت أن تعطي لذاتها هدنة؛ حتي تستطع أن تفرح وتستمتع بكل ما يحدث معها، تلك الاحداث لن تتعوض مرة اخرى، فاليوم ارتبط اسمها باسمه الحلم الذي كانت تحلم به منذ دهر قد تحقق فجأة، وغدا ستكتمل فرحتها وسعادتها، سوف ترتدي فستان ابيض معه، ستكون زوجته أمام الجميع.
تفاجأت به يفتح باب الغرفة عليها من دون ان يدق الباب، عقدت حاجبيها سريعا مدعية الغضب وتحدثت بضيق زائف
:- إيه يا عمر جاي ليه، هو في حاجة؟
اقترب منها مسرعا يقطع المسافة التي كانت توجد بينهما، ثم باغتها باحتضانه لها يحتضنها بكل قوة وعشق، يحتضنها وكأنه يريد أن يدخلها بين ضلوعه يحميها من الجميع داخل قلبه، فهذا هو موطنها الحقيقي، وغمغم بنبرة عاشقة
:- في حاجات مش حاجة واحدة يا قلب وروح و عقل وحياة عُمَر كلها، مش قادر اصدق يا آلاء بجد ان حلمي بيتحقق كنت فقدت الأمل، بقي بعد كل اللي حصل وبيحصل اخيرا وصلتلك، قلبي كان بيوجعني كل مرة بشوفك فيها ومش قادر احضنك او اكلمك ببقي حاسس أني هتجنن يا لولي، من انهاردة هرتاح بوجودك معايا وجنبي وهرتاح اكتر لما ادفع كل واحد تمن اللي حصل بس وأنتِ جنبي ومعايا،أنتِ القوة كلها بالنسبالي يا لولي.
كانت كالمغيبة داخل حضنه وبين حديثه العاشق الذي يشفي جميع جروحها، قلبها يرفرف عاليا بسعادة وعشق جارف، لا تعلم كيف جلس فوق الفراش ووضعها فوق ساقيه ويحاوط خصـ’رها بزراعه؟… هي تنسي ذاتها والعالم بأكمله داخل حضنه التي تتمنى أن تظل بداخله دائما، تشعر أنها كالفراشة التي تطير في السماء عاليا بسعادة..
حاولت عدة مرات أن ترد عليه لكن لم يسعفها صوتها، حتى نجحت اخيرا وتمتمت ترد عليه بخفوت، وقد خرج صوتها من حلقها بصعوبة
:- عمر أنا مش عاوزة افتكر أي حاجة عن اللي بتقوله دة، لغاية بكرة خلينا نعيش هاديين، وبعد كدة ابقي اعمل اللي يعجبك براحتك، وعلى فكرة عشان تبقى عارف أنا مسامحتكش على اللي حصل ولا الطريقة اللي كنت بتعاملني بيها ولا تهد’يدك ليا، بس بحاول افرح نفسي ولو بيوم واحد قبل ما نرجع لحياتنا تاني بعدها.
همهم بخفوت يؤيد فكرتها وهو لازال يتطلع نحو عيناها العسليتان كالمسحور بسحرهما، يشعر أنهما كالمغناطيس يجذبونه نحوها اكثر ينفصل عن العالم بأكمله بمجرد النظر نحو عنينها ذو البريق العسلي المضئ
:- معاكي حق يا قلبي، بعد الفرح نبقي نتكلم دلوقتي خلينيا براحتنا بقى.
جاء ليقبل شفتيها باشتياق جارف يلعب على جميع أوتار قلبه، لكنها كانت الأسرع منه ووضعت يدها سريعًا أمام شفتيه، تحدثت بخفوت ونبرة شبه هامسة بالكاد تصل إلى اذنيه
:- عـ…عمر اوعي لو سمحت عيب اللي بتعمله دة، اطلع برة الاوضة وياريت يبقي بينا حدود أكتر من كدة.
رمقها بنظرات معترضة كالسهام المصوبة نحوها تخترقها هي وحديثها الذي لم يرضيه، فزمجر بضيق معترضًا
:- حدود إيه اللي هتتحط دة من ساعة ما مشى المأذون واحنا لازم نلغي أي حدود اصلا، آلاء انا مش بس بقيت حياتك كلها لأ دة أنا بقيت جوزك واسمك بقى جنب اسمي وهيفضل طول العمر لأن أنا من غيرك ولا حاجة أصلا.
ابتسمت على حديثه الذي يعبر من خلاله عن أهميتها في حياته، لكنها ظلت تفرك بين يديه في محاولة منها أن تجعله يتركها ويبتعد عنها، لكنه كان محكم قبضته فوق خصر’ها، فأردفت تتحدث بتعقل وهدوء
:- طيب عمر أنا بقول أنك تعقل كدة الله يسترك، واطلع برة لو حد شافك هنا في الوقت المتأخر دة هنتفهم غلط خالص.
لمحت في عيناه الرفض، فهو لا يريد أن يبتعد عنها ولو لثانية واحدة، بالطبع لن يهتم لكل ما يحدث، فاسرعت تواصل حديثها مجددا، قبل أن يتحدث وهي تطالعه برجاء
:- عمر اطلع برة عشان خاطري ممكن.
انصاع لطلبها وتركها برفق ونهض من فوق الفراش وهو غير راضٍ لتركها بمفردها، لكنه قبل أن يتحرك طبع فوق جبينها قبلة حانية، وغمغم بهدوء
:- خاطرك غالي أوي على قلبي يا لولي بس متستغلهوش كتير.
انهي جملته وسار متوجه صوب الخارج بخطوات هادئة، بينما آلاء ظلت جالسة في مكانها لم تتحرك تشعر بالصدمة من فعلته الأخيرة، يراود عقلها سؤال هام، هل من الممكن أن يتغير كل شئ في حياتها، ويتحقق لها كل ما تريده في ليلة واحدة فقط؟..
❈-❈-❈
في الصباح…
استيقظت آلاء على صوت دقات فوق الباب وأصوات مرتفعة في الخارج، ضوضاء عالية تحدث، بالطبع تعلم ان كل هذا؛ بسبب انشغال الجميع في تحهيزات حفل زفافها الذي علمت من عمر أنه سيقيم في قاعة من أفخم القاعات الحالية.
كانت منزعجة بعض الشئ لأنه لم يعود إليها لتختارها معه، لكنه أخبرها أنه يريد أن تظل مفاجأة لتندهش بسببها وواثق بالطبع أنها ستنال إعجابها، بالفعل هو لم يكذب في ثقته فهو دائما يختار الاشياء التي تحبها وتفضلها هي، وحتى إن لم تعجبه لكن يكفي أنها تحبها.
همهمت بصوت ناعس تسمح لمَن يدق الباب أن يدلف، فدلفت فريدة التي طالعتها بعدم تصديق، وتحدثت بذهول
:- إيه دة يا آلاء أنتِ بتهزري صح، لسة نايمة انتِ عقلك مش مقتنع إنك العروسة ولا ايه، دة الميكب ارتيست جم والفستان اللي طلبتيه من برة أنتِ وعمر جه، والكل مشغول برة مفيش حد فاضي نهائي، وانتِ اللي المفروض العروسة نايمة، قومي يلا بسرعة عشان الميكب ارتيست المفروض يدخلوا و وعمر متوصي ومهتم جامد يعني.
ابتسمت بفخر وسعادة عندما علمت باهتمامه بأدق تفاصيل ذلك اليوم، وأشأرت على ذاتها ثم تحدثت بغرور مزيف
:- اكيد طبعا لازم يهتم جامد وهو أنا اي حد يا ديدا، دة يكفي إني تكرمت ووافقت عليه.
ضحكت على حديثها بخفوت، وتحدثت بهدوء وتعقل
:- لأ طبعا مفيش زيك يا ست آلاء، وبعدين أنتِ مقولتليش ايه اللي خلاكي توافقي وتغيري رأيك كدة مرة واحدة بس مش مهم دلوقتي، أنا رايحة اشوف تامر و اجهز وهدخلك الميكب ارتيست عشان تلحقي تخلصي أنتِ كمان ماشي يا قلبي
اومأت لها آلاء وهمهمت ترد عليها بهدوء، ثم بالفعل بدأت في تجهيزاتها مع الميكب ارتيست، وكان لها رونق خاص بجمالها الهادئ الجذاب واختيارتها البسيطة الرائعة.
وقفت أمام المرآه تطالع ذاتها بسعادة بعدما انتهت تمتمت وعينيها تلمع ببريق قوي من فرط الفرحة التي تشعر بها، كانت توجه حديثها الى إحدي الفتيات
:- بجد يا انسة دعاء الميكب بتاعك قمر أوي، وحقيقي يعني كلكم قمر يا بنات تسلم ايدكم.
ابتسمت دعاء في وجهها بهدوء، وردت عليها بتهذيب
:- شكرا بس أنتِ اللي قمر أصلا، عمر بيه محظوظ اوي بيكي.
همهمت آلاء ترد عليها بهدوء وهي تشعر بالعديد من المشاعر وأهمهم السعادة، توجهت مع احدى الفتيات حتى تساعدها في ارتداء الفستان الأبيض، لكنها تفاجات عندما رأت الفستان..
فهذا غير الذي اختارته من قبل مع عمر، نعم ذلك الفستان يشبه في التصميم بشدة بل من الممكن ان يكن هو نفس التصميم، ولكن الذي اختارته كان ذو حمالات رفيعة والذي امامها فستان ذو اكمام كاملة.
كانت تطالع الفستان بدهشة وحيرة، لكن قبل ان تتحدث وجدت ورقة مطوية مع الفستان ففتحتها مسرعا، لكنها تفاجأت أن تلك الاورقة من عمر يخبرها فيهأ الآتي
“من غير زعل بس يا لولي دة هو هو نفس الفستان بس دة محترم، ولا أنتِ هيعجبك لما كنت ابوظ الفرح بسبب غيرتي عليكي لما اشوف اي حد بيبصلك وبعدين دى هيبقي عليكي احلى يا قلبي”
تأفأفت بضيق عدة مرات وهي تلعنه بداخلها بسبب فعلته الغير متوقعة، نـعـم هي كانت تشعر أن هناك شئ ما سيفعله من دون أن تعلم، فهو حتى لم يعترض على الفستان الذي اختارته و لو بكلمة واحدة على عكس طبيعته، وعندما سألته رد عليها بهدوء أنه يريد أن تختار هي ما ينال اعجابها لن يتدخل لكي لا يزعجها، تمتمت بينها وبين ذاتها بضيق وعصبية
:- أنا اللي غبية أصلا، ازاي ممكن اصدق أنه وافق على الفستان التاني بكل سهولة كدة من غير ما يتكلم حتى
تحدثت الفتاة التي معها في غرفة الملابس الملحقة لغرفتها وهي تطالع الفستان بإعجاب شديد
:- ذوق حضرتك تحفة أوي بصراحة، الفستان جميل وهيكون أحلى عليكي طبعا.
ابتسمت آلاء تجاملها بهدوء، كان تبتسم ابتسامة رائعة حقيقية، فهي تشعر بسعادة تعجز عن وصفها، ثم ردت على الفتاة بخفوت
:- شكرا أنتي يا حبيبتي.
بدأت ترتدي الفستان، وهي لا تعلم كيف عدَّل الفستان ليصبح ذو اكمام لكن ما همها وجعلها تصمت هو أنه بنفس التصميم الذي قد اختارته.
وأخيرا قد وصلت آلاء القاعة بعدما أصرت على ان تذهب بمفردها ليس مع عمر، تريد أن عمر يذهب بمفردة حتى يتفاجا بها عندما يراها داخل القاعة.
دلفت القاعة بصحبة بعض اصدقاءها وفريدة التي حرصت على أن تكن بحانبها في يوم هام مثل ذلك اليوم، كانت تسير وابتسامتها الجذابة الساحرة تُرسم فوق وجهها بسعادة شديدة.
طالعها عمر بذهول وقد لمعت عيناه ما ان رآها ورأى ابتسامتها فهي كانت جميلة بشدة على عكس ما توقع نهائيًا، كان جمالها يعطي لكل شئ معنى، لها رونق خاص بها هي فقط، كانت ترتدي الفستان الأبيض الهادئ الذي كان يحلم أن يراها به، كان الفستان مطرز بتطريز هادئ قد اختارته هي كما تريد، ذو اكمام كما فضل وفاجأها به..
اقترب منها وتشابكت ايديهم سويا ثم هتف داخل اذنيها بنبرة عاشقة، وعيناه الزرقاء تلتمع بسعادة واعجاب لذلك اليوم الذي ظل يحلم به منذ سنوات ماضية، سنوات مضت عليهما وهما ينتظرانه بلهفة، لكنه تفاجا عندما رآها احلى مما تخيل في عقله
:- زي القمر يا قلبي، عمري ما تخيلت أن هيتحقق اليوم اللي بحلم بيه أخيرا وأنا جنبك وأنتِ معايا.
ابتسمت بسعادة وخجل بسبب كلماته العاشقة لها التي تحعلها ترفع راسها عاليا بكبرياء، وقلبها يرفرف بسعادة لم تتذكر متى آخر مرة قد شعرت بها، سعادة وفرحة من نوع آخر، تشعر بشعور الإبتهاج يجتاح كل ذرة بداخل قلبها، يعالج كل جروحه الماضية ويمحي الندوب الموجودة بقلبها.
جلست بحانبه في البداية بهدوء وآتى البعض يهنيهما، منهم مَن يتمنى لهم الفرح والسعادة،و منهم الحقد، فبالطبع ليس الجميع يحبوننا بصدق من قلوبهم، هُناك مَن يخفي حقيقة مشاعره خلف قناع آخر ولم يظهره لنا..
نهض عمر وهو يجذبها معه ثم أحاط خصرها بزراعه القوى، وسار بها متجه نحو الساحة الخاصة بالرقص في منتصف القاعة وهو يشير لبعض المنظمين بالقاعة أن ينفذ ما طلبه منهم.
ارتفعت فجاة الساحة بهما إلى أعلى ليتعلقا معا في الهواء مرتفعين عن الأرض، مما جعل آلاء تشعر ببعض الخوف وتشبتت سريعا في ثيابه و هي واثقة أن بقربه لها لن تهوى وتسقط أرضا كما يخيل لها عقلها، تحدثت قائلة لـ عمر بخوف، وصوت منخفض بالكاد يصل إلى مسامعه
:- عـ…عمر خليهم ينزلونا بجد، أنا بخاف من الأماكن العالية أنتَ عارف.
رد عليها بهدوء وهو يطالع قسمات وجهها بعشق وكأنه يحفر صورتها داخل عقله وقلبه، يغمرها بحنانه وحبه لها
:- متخافيش يا قلب عمر، طول ما أنتِ في حضني مفيش خوف نهائي.
حاوط خصرها بزراعه يقربها منه أكثر حتى تشعر بالأمان أكثر، ووضعت هي زراعيها فوق عنقه بخجل، ثم قامت بدفن وجهها في ثيابه، أشار لهم سريعا بيده
فانطلقت للموسيقي الذي اختارها هو خصيصا تدوى في القاعة بأكملها، تفاجات آلاء عندما استمعت الى نغمات الاغنية المفضلة لها التي تعشقها وتتمنى أن ترقص عليها معه، ها هو الآن يحقق لها أمنيتها..
ابتسمت بسعادة شديدة وقد نست كل شئ حولها، وبدأت تتمايل داخل أحضان عُمر على أنغام وكلمات الأغنية الذي كان يتفوهها عمر وكأنه بهديها لهة
“خليني في حضنك يا حـبـيـبي
دة في حضنك بهدى وبرتاح
أنا كل مشاعري معاك راحو وكمان قلبي لقلبك راح
وأنا بضحك وأفرح من قلبي
غير لو جنبي أنا كانو عينيك
لو تبعد عني ولو ثانية بتجنن يا حبيبي عليك
و بتحلى الدنيا في عيني وانا جنبك فمتبعدنيش
حبك فعلا بيخليني اتمسك بالدنيا وأعيش
وفي قربك بيروح خوفي…ودة وعد و ملزم انا بيه
مهما تكون يا حبيبي ظروفي
قــــلبـك عمري ما هاجي عليه”
بدأت تردد كلمات الأغنية معه وققد نست كل خوفها لأول مرة، فهي بالفعل لا تحب الاماكن المرتفعة وتخشاها بشدة، لكن بوجوده بجانبها يختفي خوفها نهائيًا فهو أصبح مصدر امانها الوحيد وسندها بعد وفاة والديها، على الرغم مما حدث لهما في الفترة الماضية لكنه سيظل أمانها وملجأها الحقيقي..
_تشعر أن السعادة قد عادت مجددا تفتح لهما أبوابها على مصرعيها، ليدلفا معا لسعادة عكس ما يريدونها_
ومع نهاية كلمات الأغنيه حملها عمر ودار بها، وهو يحتضنها بشدة كأنه يثبت للعالم بأكمله وللجميع أنها أصبحت ملكه وزوجته وكل ما يريده، ارتبط قلبهما ببعض أخيرا…
❈-❈-❈
انتهي حفل الزفاف، كانت تشعر هي بالسعادة في كل لحظة تمر عليهما، تتمنى ألا تنتهي وتظل تعيش في ذلك اليوم طوال حياتها الباقية، دلفت الغرفة الخاصة به الذي قد جدد هو في نظام الديكور الخاص بها لاا تعلم كيف و متى قد فعل كل ذلك وهي لم تشعر.
فقد كانت تشعر بالخجل الشديد، قلبها يدق بسرعة عالية كاد أن يتوقف عن النبض نهائيًا، لكنها سرعان ما حاولت أن تهدئ من ذاتها وتقلل الخوف الذي تشعر به، تحدث بهدوء ونبرة حنونة يقطع ذلك الصمت الذي ساد في الغرفة بينهما وخاصة بعدما استشعر الخوف الذي تشعر به
:- اهدي يا لولى في إيه يا قلبي مش عاوزك تقلقي طول ما أنا معاكي، كنتِ طالعة زي القمر انهاردة والفستان تحفة عليكي، لا قمر ايه كنتي مليون قمر يا قلبي كله.
ابتسمت بخفوت وخجل و قد توردت وجنتيها باللون الأحمر القاني، ثم فجاة فاقت على كلمة الفستان التي صدحت داخل أذنيها فتمتمت قائله له بضيق وغضب يتطاير من عينيها
:- والله الفستان….فكرتني بقى ازاي يا أستاذ عمر تغير الفستان اللي مختاراه من غير ما اعرف هو مين فينا اللي هيلبسه؟
ابتسم بعدما وصل لما يريد، حاول ان يشتتها حتي يقلل من الخوف الذي يقبض فوق قلبها، ثم رد يجيبها على سؤالها الذي طرحته بطريقة غاضبة، وهو يشير بسبابته نحوها من دون أن يتحدث فاستردت حديثها مرة اخرى
:- كويس أوى أنك عارف يا أستاذ عمر أن أنا اللي هلبسه بتغيره بقي ليه أن شاء الله.
اقترب منها اكثر من السابق حيث اصبح يلتصق بها ورد عليها بنبرة شبه هامسة وهو غير واعي سوى بها و بجمالها الذي يأسر قلبه وكأنه اول مرة يراها، فكلما يراها يشعر بذلك الشعور
:- يعني يرضيكي كنت ابوظ الفرح كله، عشان فستان مكنتش هستحمل حد يشوفك بيه، بعدين دة التعديلات اللي ضيفتها خليته احلى يا قلب عمر، وكمان عشان بحبك شغلتلك الأغنية اللي بتحبيها، بس تصدقي يا لولى حلو فكرة أن الزوجة تقول لجوزها يا أستاذ ابقي قوليها على طول يا آلاء هانم.
قال اخر جملته بنبرة ساخرة، ويده تعبث بسحاب الفستان الخاص به يريد أن يفتحه حتى نجح بالفعل في تلك المهمة، لكنها سرعان ما ذكرت ذاتها ما فعله معها حتى وإن كان عنوة عنه، فهي لاازالت لن تسامحه وقد انتهت الهدنة الهادئة التي وضعتها لقلبها..
فانتفضت مسرعة تبتعد عنه قائلة له باعتراض حاد وجدية شديدة في حديثها
:- عمر احنا اتفقنا خلاص أنا عملت اللي أنتَ عاوزه واتجوزنا بعد اسبوعين زي ما قولت، واوعى تكون فاكر أن الكلام اللي حكيتهولي هيكون مبرر للي عملته لا طبعا، كان في كذا حل يا عمر بدل من دة كله، يعني مثلا كان ممكن أنك تيجي تفهمني بهدوء بدل ما تجر’حني، بس ما علينا خليك قد اتفاقك لو سمحت وملكش دعوة بيا
_Don’t touch بقي يا بيبي
انهت حديثها الحاد الساخر وتوجهت نحو غرفة الملابس لتبدل ثيابها وهي تشعر أنها كالتائهة التي لا تعلم هل ما فعلته صواب ام لأ، و لكن قلبها مازال يؤ’لمها لن ينسى ما حدث بها، بالطبع لن تسامحه بكل تلك السهولة حتى وإن طلب منها السماح، مهما كانت تحبه لن تأتي عن قلبها لاجله ولاجل اي أحد فيكفي ما حدث، لن تتنازل عن كرامتها وحتى لو كان لأجله ولأجل قلبها المتيم بعشقه.
بينما عمر وقف مصدوم بعدما استمع إلى حديثها عن أي إتفاق تتحدث فهو فقط كان يثبتها كما يقال، يعلم أنها مازالت لم تصفو من تاحيته ولكنه لن يتوقع قط في خياله أن تفعل ما فعلته الآن.
حاول أن بالطبع لن يجبرها سيظل يحاول معها بهدوء حتى تسامحه وتهدأ، و الأهم تصفى من ناحيته، يعلم انه ليس من السهل أن تهدأ وتنسى ما حدث، لكنه سيظل معها وبجانبها للأبد من دون ان يمل ولو لثانية واحدة، سيعوضها بحنانه وعشقه لها عن كل ما حدث في الفترة الأخيرة.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أنين وابتهاج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!