روايات

رواية أزهار بلا مأوى الفصل الحادي عشر 11 بقلم نورا سعد

رواية أزهار بلا مأوى الفصل الحادي عشر 11 بقلم نورا سعد

رواية أزهار بلا مأوى الجزء الحادي عشر

رواية أزهار بلا مأوى البارت الحادي عشر

رواية أزهار بلا مأوى الحلقة الحادية عشر

“ماذا سيحدث للجميع؟”
#الحادي_عشر
كانت تراقب تعابير وجهه بتركيزٍ شديد، ولكنها لم تُبشر عندما لاحظت اقتطاب وجهه وعلامات عدم الرضا التي ظهرت عليه چليًا؛ وأيضًا عندما قال بنبرة متهكمة لاذعة:
– هو أنتِ أتجننتِ؟ خلاص للدرجادي مش عارفه تميزي بين اللي يصح واللي ميصحش؟ ولا الشغل خلاص بوّظ دماغك!
ختم كلماته بنفعال شديد، أُفزعت من رد فعله التي كانت تتوقعه، بُهِت وجهها ولكنها تماسكت وهي تحاول أن تقنعه بأي وسيلة:
– أسمع بس يا “عامر” أنا…أنا اكتشفت أن في ناس كتير زينا و…وكلهم بيعملوا كده، و وأحنا ممكن ن…
ـ “ليلى” قفلي عن الهبل ده!
قالها بنفعال شديد، جعلها تنكمش على حالها بخوفٍ؛ ولكنها حاولت أن تتمالك أعصابها لأخر لحظة وهي تنطق بنبرةٍ متلعثمة يتخللها التوتر:
– أسمعني بس…
– ما كفاية كلام فارغ بقى!
نطق بها وهو يدفع الطاولة بيده بعنف، مما جعل الأخرى ترتد للخلف بفزع مع شهقة فازعة منها، وقبل أن تنطق واصل هو قائلًا بانفعال:
– شكلي كنت غلطان لما قولت نبدأ صفحة جديدة، واضح أن السن قصر معاكِ ولا موضوع الخلفة ده هيعملك مشاكل نفسية وعقلية كمان يا “ليلى”
قال ما قاله ثم تركها تجلس بمفردها ورحل، كانت نظرات الناس تآكلها، كانت تشعر أنها عارية أمام الجميع! كانت تنظر لهم ودموعها مُحتبسة داخل مقلتيها؛ ترفض أن تتحرر لكي لا تشعر بالشفقة أكثر من ذلك! حاوطت رأسها بيدها وهي تفكر في كل شيء، هل هو للتو عايرها بسنها! أي سن ذلك الذي يعايرها بهِ! هل الفتاة عندما تصل لسن الثلاثينات تكون بها عيب أو هي هكذا كبرت وشابت! هل هي أصبحت في سن اليأس كما قال لها الطبيب! ولكنها تتذكر جيدًا أنه قال لها هكذا لأنها تواجه مشكلة في الإنجاب وهي تأخرت في حلها! ولذللك هو قال لها أنها دخلت في مرحلة يأسة! هل ما قاله لها الطبيب زوجها مقتنع بهِ إنه حقيقي! أليس هذا السن في الدول الأوروبية هو بداية الحياة والإنطلاق! إذن لماذا هو يشعرها أن خصلاتها شابت ووجهها ملئته التجاعيد! ولكن لحظة هل هو أتهامها أيضًا بالجنون! كل هذا لأنها أقترحت عليه إنهم يتكفّلوا بطفلٍ! وقبل أن تنخرط في البكاء تذكرت إنها ليست في غرفتها؛ هذا المكان لم يكن غرفتها لكي يسع أحزانها، لابد أن تتماسك حتى تصل لنقطة أمانها، رفعت رأسها ثم رفعت خصلاتها للأعلى بواسطة رابطة الشعر وكأن الحياة لم تصفعها على وجهها للتو، أخذت حقيبتها ثم فرّت بأقصى سرعة لكي تنهار كما تُشاء
********
بعد مرور سواد الليل على أبطالنا، استيقظت “ليلى” على صوت رنين هاتفها، وبعينان ناعستان مسكت هاتفها وهي تنظر لرقم المُتصل، تأففت بضجرٍ وهي تُجيب:
– في إيه يا “سلمى”؟ مش لسه فاضل ساعة على معاد الشغل .
لم تهتم الأخرى لنبرتها الغاضبة، تجاهلتها وهتفت هي بحماسٍ:
– فوّقي معايا كده بس، أنا ظبطتلك مكان هننزل فيه للولاد المُتشردين زي ما طلبتي، وكمان جبتلك طريقة حلوة أوي عشان ندخل وسطهم ونعرف نتكلم معاهم.
طار النوم من عينيها، أستقامت في جلستها وسألتها باهتمام شديد:
– أزاي؟؟
– هنعمل ليهم وجبات ونروح نوزعها عليهم، وبكده هنعرف نتكلم معاهم.
راقت لها الفكرة كثيرًا، ابتسمت باتساع وهي تقول لها:
– براڤو عليكِ بجد، طب يلا روحي ألبسي عشان نعرف نستأذن ساعة بدري النهاردة.
وافقتها “سلمى” وهمّت لغلق الهاتف، ولكن قبل أن تنهي المكالمة قالت لها بهدوءٍ:
– على فكرة يا “ليلى” أنا قررت أعمل بنصحتك، أنا مش هتنازل عن حقيقي، ولا عن الحاجات اللي أنا عايزاها وكان نفسي فيها، مش هتنازل عن حقوقيزي ما قولتِ!
كلماتها أصابتها في صميم قلبها، وكأنها أتت لكي تقول لها أفعلي ما تنصحي بهِ غيرك! حقوق، أليس ما طلبته من حقها؟ أليس حُلمها الذي كانت تتمناه وهي طفلة لا تتعدى التسع سنوات ليس من حقها، شعرت أن حديث “سلمى” لها بمثابةٍ أشارة، ابتسمت باتساع وهي تنهض من أعلى فراشها وتتجِه للمرحاض؛ بدلت ملابسها وهي تشعر أنها ولأول سوف ترتدي ما يناسبها ويناسب روحها!
***************
كانا الفتاتان وصلوا منذ وقتٍ قصير لدار ” أزهار المستقبل”
كانت وجهة “سلمى” مكتب السيدة “سهام” طرقت على الباب ثم دلفت للداخل، رحبت بها الأخرى ثم بدأت “سلمى” في الحديث موجه يدها “لسهام” ببعض الورقيات:
– دي تحاليل “سمير” الدكتور بعتهالي الصبح وطبعتها أنا وجاية.
أخذتها منها السيدة بيدٍ ترتجف، خائفة من ما ينتظرها، بعد النظر في الورقيات بجهلٍ شديد رفعت عينيها لها وقالت:
ـ بس أنا مش فاهمة!
أومأت لها “سلمى” بتفهم ثم هتفت موضحه لها تحتوي عليه التحاليل:
– الحمد لله مفيش أي جهاز أتأذى من نسبة التعاطي اللي خدها.
أخذت أنفاسها وهي ترى ملامح السيدة تُلين تدريجيًا ثم واصلت:
ـ الجهاز التنفسي والكبد والرئة بخير الحمد لله، بس دلوقت محتاجين نسحب من جسمه المخدر ده تمامًا.
الكلمات ثقيله عليها، مخدر! صغيرها الذي ترعاه يتعاطى نوع من المخدرات! وبملامح باهتة سألتها:
– إيه المطلوب يا “سلمى”
كانت الأخرى تقدر مدى رهبتها؛ فهي تعلم أن تلك المرة الأولى التي تـُضع فيها السيدة في مثل ذلك الموقف، شبكت كفي يدها على سطح المكتف ثم هتفت قائلة:
– لازم أولًا نحطه في أوضة لوحده، ومحدش يدخله ولا هو يقابل حد، وأنا هدخله كل يوم أديله العلاج اللي كتبه الدكتور.
تنهدت بثقلٍ وهي تستطرد:
– الموضوع مش سهل ، ولكننا لازم نتعامل معاه.
وفور انتهائها من حديثها دخلت عليهم مُربية الأطفال وهي تقول لهم في عجلًا:
– سمير تعبان أوي، عايز يخرج من الأوضة مع أن ظه مش وقت اللعب، وهمال يقول عايز “عليّ”
تيبثت أجسادهم، ما كانوا يتحدثون عنه حدث بالفعل، أول من فاق من تلك الحالة التي تلبستهم كانت “سلمى” ركضت من الغرفة سريعًا مُتجه نحو غرفة سمير…
دخلت غرفته ولم تتوقع ما رأته؛ فهي كانت تتوقع أنه يكون هائج، ثأر، أي شيء من هذا القبيل، ولكن أنه يكون مُتشنج بهذا الشكل! لم تتخيل أبدًا، اقتربت منه سريعًا وحاولت مساعدته، كانت تحاول أن تحفف عن آلمه بكلماتٍ لينة،ولكنها لم تكن في وقتها المناسب على الإطلاق، لم تلبث أن تنطق بحرفٍ واحد غير وكان الطفل يدفع يدها بعنف ويمسك معدته بألم يريد أن يتقئ ولكنه فشل حتى وصل لعُصارة المعدة، كانت تشعر أنها مُقيدة، لا تعلم ماذا تفعل في مثل ذلك الموقف، ولكنها استجمعت قوتها سريعًا وتذكرت ما قرأته عن حالته، الخطوة الأولى هو أن تسيطر على حالة هياجه أو ما شابه، إذن لابد الأن أن تسيطر على حالة التشنج التي أصابته هذا، كانت تقف بجوار “سمير” الذي ارتمي على الأرض وأصبح جسده متصلب وهو يصرخ عليهم أنه لا يريدهم! كان يصرخ ويضرب وجهه بيده بعنف، وجسده يرتجف بشكلٍ يُفزع، وقبل أن تقترب منه صاحت على المُربيه لكي تأتي لها؛ وبالفعل أتت لها على عجلًا، كست ” سلمى” على ركبتيها بجوار الطفل ثم بدأت في تقيد يده لكي تمنع تشنجهم، أشارت للسيدة على قدمه لكي تفعل فيها كما فعلت، استجابت لها وبدأت ” سلمى” تُهدأه قائلة بصوتٍ حنون هادئ غير متأثر بما يفعله:
– “سمير” أنا عارفه أنك قوي وهتساعدني، أفتكر أنك عايز تكون كويس، أفتكر أنك قوي وعايز تتغلب على اللي أنت فيه، أنت تقدر يا “سمير” أنا متأكدة.
انتهت من كلماتها مع ملاحظتها أرتخاء جسده تدريجيًا، فلتت يدها من قبضتها على يده الصغيرة وأشارت للسيدة أنها تفعل مثلها، جلست بجواره القرفصاء وهي تبتسم له بهدوء، كان مازال يستلقى على ظهره وينظر للأعلى بشرودٍ، كانت تعلم أنه الأن في مرحلة الأسترخاء من حالة التنشجنات هذه، كانت تعلم أنه الأن يشعر بألم يفتك بأرسه، أقتربت منه ببطئٍ وتخللت بأصابعها داخل خصلاته شعره وهي تقول له:
– أنت هتكون أحسن، هديك دلوقت حقنة هتخلي الصداع والألم اللي في دماغك ده يروح، مش أنت حاسس أن في ناس بتخبط جوه دماغك دلوقت؟
سألته بنبرةٍ ضاحكة مشاكسة، ابتسم لها وأومأ لها بإرهاق، داعبت خصلاته ثم نهضت من مكانها، طلبت من السيدة أن تجلب لها الحقيبة البلاستيكية التي تقبع في مكتبها؛ فهي ذهبت “للصيدلية” قبل مجيئها للدار لكي تجلب له العلاج الذي وصّى بهِ الطبيب، ثوانٍ معدودة وأتت لها بالعلاج، أخذت الحقنة الطبية وأعطتها للطفل برفق؛ فهي مارست مهنة التمريض لمدة ثلاث سنوات؛ لذلك هي تعلم فيها الكثير، بعدما أنتهت من حقنه بالمُهدئ ساعدته لكي يُريح جسده على الفراش، كانت تعلم أن بعد قليل جسده سيرتخي ويذهب في نومٍ عميق، جلست بجواره على الفراش ثم سألته له بابتسامة بسيطة:
– أنت أحسن دلوقت صح؟
وبصوتٍ يُكاد يُسمع أجابها:
– حاسس أن جسمي بدأ ينمّل، أنتِ هتموتيني!
المرحلة الثانية؛ الهلاوس، من الواضح أن جسده قرر استخدام جميع أعراض الأنسحاب في يومٍ واحد! ربتت على خصلاته برفق ثم قالت له:
– أنت هتنام دلوقت وهتكون زي الفل.
انتهت من كلماتها وهي تطبع قبلة رقيقة على جبينه، نهضت من مكانها ثم إتجهت نحو السيدة التي كانت جلست على أقرب مقعد لهم تتابع ما يحدث بهدوء، أقتربت منها ثم قالت لها بهدوء لكي لا تزعج ذلك المسكين:
– عايزاكِ تفضلي معاه، هو ممكن يصحى في نص يومه يهلوس بكلام، لو عمل كده هديه وخليه ينام تاني وهو هينام.
أومأت لها السيدة بهدوء، نظرت ” سلمى” في ساعة يدها ثم قالت لها بأسف:
– أنا لازم أمشي عشان عندي مشوار أنا و”ليلى” مهم، هتصل بيكِ أتطمن عليه، ولو حصل حاجة كلميني فورًا.
– متقلقيش، ربنا يباركلك زي ما أنتِ قلبك على الولاد كده.
أعطتها الأخرى ابتسامة هادئة ثم تركتها وغادرت المكان، ترجلت للأسفل للحديقة الخاصة بالدار لكي تنتظر “ليلى” ، كانت تجلس على العُشب تفكر فما حدث، وتفكر في كمية الأشياء التي أكتشفها منذ قدومها لذلك المكان ، ابتسمت باتساع وهي تتذكر أن كل هذا بفضل كُليتها العظيمة، لم تستمتع بالأجواء كثيرًا؛ فقاطع صفو ذهنها صوت رنين هاتفها ولم يكن سوى “حسين” بالتأكيد يُريد أن يتشاجر، وعلى عكس المتوقع؛ فهي ابتسمت باتساع وهي تضغط على زر الرد،وكأنها تريد أن تفرغ شحنة توترها من اليوم فيه هو! بالطبع استقبلت المكالمة بصوتٍ هائج متشنج يصيح عليها بغضب:
-هو أنتِ في يا “سلمى”؟ وأزاي مامتك تقولي أنك روحتي الشغل؟؟ هو أحنا مش بنا معاد النهاردة والمفروض أننا هنتقايل؟ ولا أنتِ عايزة تيجي من الشغل تكوني تعبانة وتروحي معايا مفرهدة يعني!
كانت تستمع له بفمٍ يكاد يلامس الأرض! بماذا يهرتل ذلك الأبله! هل هو يعنفها لأنها ستكون مُرهقة وهي معه وهو لا يريد ذلك! إذن إذا أكتملت تلك الزيجة ورأها في يومٍ وهي مُتعبه سوف يُقيم عليها حد الله أو سيلقيها في أقرب صندوق للمهملات لأنه سيظن إنها أنتهت الصلاحية! فاقت من تخيلاتها على صوت صياحه عليها باسمها، وببرودٍ عكس ما يحدث بداخلها كانت تقول له:
– هو أنت بتزعق ليه؟ أولًا أنت متصلتش بيا تاخد مني معاد، يعني أنت حطيت معاد يناسبك ونسيت تاخد رأي فيه وده مش ذنبي!
– مش لما شوفت المعاد اللي يكون مناسب ليا ولشغلي!
قالها بنبرة مُتهجمة وكأنها يرد على إهانة توجهة له للتو! قطبت جبينها بتعجب من ذلك الرجل، تقسم إنه إذا كان يريد أن يفسد تلك الزيجة لم يفعل ما يفعله للتو! هل هو حقًا تلك الشخصية المريضة؟ أم هو المريض؟ طرقت كل ذلك جانبًا ثم اجابته بعصبية ظهرت جليًا في نبرة صوتها:
– والله وبالنسبة لشغلي يعني؟ بقولك إيه أنا عندي شغل مش فاضية هقفل وهكلمك لما اخلص سلام.
لم تنتظر لرده، غلقت الهاتف وهي تتنفس بعنف، تقسم إنها ستجعله هو من يريد الفرار من تلك العلاقة وليس العكس، نظرت للهاتف بشرٍ وهي تفكر له على طريقة مناسبة لكي تجعله يرحل وهو يحمد الله على نجاته منها! انتشلتها من مستنقع افكارها السوداوية صوت صديقتها “ليلى” وهي تقول لها:
– هنعمل الوجبات أمتى؟
وبشرودٍ قالت لها:
– دلوقت، يلا عشان معادنا مع الأطفال النهاردة.
تعجبت منها؛ فهي تعلم أنها على موعد مع خطيبها، لذلك قطبت جبينها وسألتها:
– و”حسين” يا بنتي؟
ـ هفكسله.
ـ أزاي يعني؟
هكذا هتفت بضجر، ولكن الأخرى لم تهتم لها، أشاحت بيدها في الهواء وهي تتحرك من أمامها، ووسط نظرات “ليلى” المتعجبة لحقتها وهي تصيح عليها أن تصمت ويكفي جنون! ولكن لا حياة لمن تنادي.
– عايزين نخلص بسرعة عشان نلحق نوزعها قبل الليل ما يدخل علينا يا “سلمى”
أخذت سلمى الحقائب التي بها الخضروات والمأكولات وإتجهت للمطبخ، نظرت على ساعة الحائط ثم هتفت قائلة:
– لسه الساعة ٥ ، لو خلصنا على ٧ هنيجي بدري ، بس شدي حيلك معايا.
ومع مرور ساعتين من تحضير الوجبات، كانا الفتاتان يجلسون في سيارة أجرة ومعهم الوجبات التي سوف يوزعونها على الأطفال المُشردين، سكنت السيارة أمام إحدى الشوارع الجانبية في منطقة عشوائية، وبتردد ترجلوا الفتيات من السيارة ومعهم الحقائب، كانا خائفين من المنطقة؛ فهم ظاهر عليهم جليًا عدم أنتمائهم لتلك المنطقة، وأيضًا هم لا يدرون ما يجب أن يفعله، و”سلمى” توترها تضاعف عندما لحظت رنين هاتفها يعلن عن أتصال من والدتها، غلقت الهاتف وهي تأخذ نفسها، تحاول أن تفكر كيف سيبدأون، ولكن سابقتها “ليلى” عندما قلت٦لها بحماسٍ:
– تعالي بسرعة في شلة ولاد قاعدين هناك عند السلم ده.
وبالفعل تحركت معها نحو مجموعة من الأولاد الصغار، بابتسامة صغيرة مهتزة كانا يقدمون لهم الوجبات وهم يقولون لهم:
– الأكل ده عشانكم.
– عارفين، شكرًا.
فاجأهم رد الطفل! وكأنه اعتاد على ذلك! نظرت له “ليلى” بتفحص ولم تعلًق، فقط ظلت تُقيمه وتتفحصه بعينيها، هيئته كانت يُرثى لها، وملابسه كانت مُهلكه بشدة، خصلاته كانت مبعثرة، وزّعت الباقي من الوجبات على الأطفال، كانت مترددة ولا تعلم ماذا تفعل؛ ولكن “سلمى” تدخلت وهي تجلس بجانب الأطفال وتقول لهم:
– هو أحنا ممكن نتكلم معاكم؟
نظروا الأفطال لبعضهم ولم يرد أحد منهم، ابتسمت لهم “سلمى” وقالت:
– اسمكم إيه؟
وأخيرًا رد طفلًا منهم، وكان هو الطفل الأكبر بين ثلاثتهم.
– صلاح.
جلست “ليلى”بجانبها وسألته هي هذه المرة:
– عندك كام سنة بقى؟
– معرفش، بس كبير يعني.
بعد التعرف على الأولاد جميعهم، وتعرفهم هما بنفسهم للأولاد، بدأت “سلمى” في عصر رأسها لكي تتذكر أيّ سؤال تسأله لهم، وأخيرًا تذكرت:
: هو أنتوا بتناموا فين يولاد؟
ابتسم الولد الأكبر بسخرية، نظر لزملائه ثم هتف:
– هو مش باين علينا أننا بننام في الشارع؟
– طب ليه مش بتشتغلوا وبالفلوس تأجروا أوضة تناموا فيها؟
هكذا سألت “ليلى” بعفوية، وبتهجم أجابها أصغر طفل بينهم:
– ما أحنا شغالين! ومع ذلك مفيش في جيبنا قرش واحد! تقوليلي أوضة!
– شغالين مع مين؟؟
– مع….
لم يلبث الطفل أن بنطق بحرفٍ واحد إلا وقاطعه صوت غليظ يظهر عليه العصبية والغضب! وهو يصيح عليهم بغضب:
-إبه اللي بيحصل هنا؟؟؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أزهار بلا مأوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى