Uncategorized

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السابع والثلاثون 37 (الخاتمة) بقلم دعاء الكروان

 رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السابع والثلاثون 37 (الخاتمة) بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السابع والثلاثون 37 (الخاتمة) بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل السابع والثلاثون 37 (الخاتمة)

فى منزل مهند… 
بعد انتهاء الدوام، عاد إلى منزله و بدل ملابسه و قبع بغرفته على غير هدى، لا يستطيع الانتظار ليوم زفاف شقيقته حتى يفاتحها فى أمر خطبته لها، فهو يخشى ألا تحضر،  كما أنه يعلم أن رأسها يابس كالحجر و لن تخضع له بسهولة، لذلك عزم أمره أن يضعها أمام الأمر الواقع و يتقدم لخطبتها من أهلها… أخذ يفكر فى طريقة للحصول على رقم أحد أفراد أسرتها إلى أن اهتدى لأن يتصل بزميله أحمد خطيب رنا صديقتها… 
مهند: 
ازيك يا أبو حميد… كنت عايز منك خدمة صغيرة. 
أحمد: 
خير يا حبيبى أؤمر. 
مهند: 
ممكن تجيبلى من رنا خطيبتك رقم حد من قرايب سهيلة صاحبتها؟! 
أحمد: 
ايه يبنى اللفة دى كلها… ما تاخده من سهيلة علطول. 
مهند: 
مش معايا رقم لسهيلة يا فصيح.. و حتى لو معايا انت عارف انى مبكلمش بنات ف التليفونات. 
أحمد: 
طاب ثوانى يا مهند.. هى أصلا قاعدة معايا. 
انتظر مهند عدة دقائق إلى أن عاد له احمد مرة أخرى قائلا: 
بتقولك دا رقم خالها اللى هيا قاعدة عنده لأن هى من القاهرة أصلا. 
اومأ بتفهم مجيبا: 
تمام.. مفيش مشكلة… ملينى.. 
قام مهند بتسجيل رقم رفعت و اسمه و انهى المكالمة مع زميلة و اتصل برفعت فى الحال، انتظر قليلا إلى أن أتاه صوته قائلا: 
السلام عليكم.. مين معايا؟! 
مهند: 
احم.. حضرتك المهندس رفعت خال الانسة سهيلة؟! 
رفعت: 
أيوة أنا.. حضرتك مين؟! 
أجابه بتوتر ملحوظ: 
انا مهند زميلها فى السنتر… أنا كنت عايز آخد من حضرتك ميعاد عشان أزوركم ف البيت… احم.. يعنى كنت عايز أطلب ايد الآنسة سهيلة. 
ابتسم رفعت بسعادة: 
تشرفنا يا أستاذ مهند… مفيش مشكلة.. تعالى بعد صلاة العشا نشرب الشاى و ندردش شوية. 
فرح مهند برده المبشر و أجابه بسعادة: 
تمام يا فندم.. ممكن بس حضرتك تملينى العنوان؟! 
أملاه رفعت العنوان و اغلق الخط و خرج من غرفته بحال غير الحال الذى دخلها به، و انطلق إلى والديه ليخبرهما بالأمر فتحمسا كثيرا فلطالما انتظرا هذا اليوم طويلا، أخبرهما أنه سيذهب بمفرده اليوم للتعارف، و سوف يصطحبهما فى يوم لاحق إن تم القبول من قبل العروس و أسرتها.
لم يكذب رفعت خبر و أنهى دوامه بمصلحته الحكومية، و انطلق بحماسة باتجاه مركز الترجمة قاصدا مدير المركز و الذى يعرفه معرفة شخصية، فعن طريقه تم تعيين سهيلة به و لكن دون علمها.
رحب به مدير المركز بحرارة، و دخل رفعت فى صلب الموضوع مباشرة ألا و هو الاستقصاء عن مهند و أخلاقه و عائلته و سلوكه…إلخ.
سمع رفعت ما أرضاه و أسعده، و خرج من مكتب المدير فى حالة من الرضا التام و السعادة الغامرة، و تيقن أنها كم هى فتاة محظوظة لكى يرزقها الله بهذا العريس الوسيم قلبا و قالبا، و عزم أن يقنعها به بكل السبل الممكنة إن لاقى منها رفضا.
أثناء سيره بالسيارة فى الطريق المؤدى إلى مدينة بنها، أوقف السيارة أمام إحدى متاجر الملابس النسائية للمحجبات، فقالت له باستغراب:
وقفت هنا ليه يا يوسف؟!
رمقها بابتسامة جذابة مردفا بحب:
هننزل نشترى هدوم جديدة و شيك كدا عشان حفلة بليل.
رمقته بامتنان و ابتسامة عاشقة، ثم نزلا من السيارة و ولجا إلى داخل المتجر فرحبت بهما صاحبة المتجر ترحيبا حارا و سارت معهما إلى القسم الخاص بالمحجبات و أوصت إحدى العاملات بعرض أحدث صيحات الموضةعلى زينة، و اقترحت على يوسف أن ينتظر بمكتبها حتى يترك لها مطلق الحرية فى الاختيار و التجربة، فرحب بذلك الاقتراح بينما زينة رمقته بنظرات تحذيرية بألا يفعل، و لكنه رسم على شفتيه ابتسامة ماكرة و ألقى لها قبلة على الهواء و غمزها باحدى عينيه و أولاها ظهره و سار خلف صاحبة المتجر باتجاه مكتبها. 
بعد مرور ما يقرب من ساعة مرت على زينة كأنها دهر، اختارت أخيرا فستان فضفاض كما يحب يوسف أن يكون، و لكنه كان فى منتهى الجمال و الأناقة و اختارت معه حقيبة يد صغيرة و حجاب من نفس ألوان الرداء، و سارت مع العاملة باتجاه مكتب المديرة و نار الغير تتوهج بصدرها كالجحيم المستعر، أخيرا دلفت المكتب بملامح واجمة، بينما يوسف استقبلها بابتسامة مستفزة فردت عليه بابتسامة مصطنعة و هى تتوعد له بداخلها و تصتك أسنانها غيظا من تظاهره بالبرود و الاستفزاز و كأن شيئا لم يكن.
خرجا من المتجر و استقلا السيارة مرة أخرى، و بمجرد أن استقر كل بمقعده، انفجرت به مردفة بعصبية:
من امتى يا أستاذ يوسف يا محترم بتقعد مع ستات فى مكاتب لوحدكم…ها؟
أجابها ببرود يقصده:
الباب كان مفتوح على فكرة.
أجابته بنفس النبرة و هى ترفع سبابتها فى وجهه قائلة:
بردو مهما يكن…ميصحش اللى انت عملته دا…
اصتكت أسنانها بشدة و تحدثت من بين أسنانها المطبقة على بعضها:
و بعدين…و بعدين مكنتش شايفها بتبصلك ازاى…دى كانت هتاكلك بعنيها.
حاول يوسف أن يكبت ابتسامته و أجابها بثبات:
أومال كنتى عايزانى أستنى معاكى أكتر من ساعة و انتى بتقيسى دا و تختارى دا و أفضل أنا بقى كل شوية أقولك انجزى، و انتى تقوليلى استنى بس لحد ما  ضغطى يعلى و أنا قاعد مستنيكى؟!
اجابته بسخرية و تهكم:
لا ازاى؟!..تقعد مع الهانم اللى هتاكلك بعينها تسليك و تضحكو و تهزروا شوية بدل كآبة الست زينة بتاعتك…مش كدا بردو؟!
رد بحدة مصطنعة:
لا..لحد الست زينة بتاعتى و ستوب…لو سمحتى متغلطيش فيها…مسمحلكيش تقولى عليها كئيبة…انتى متعرفيش انها خط أحمر عندى محدش يقدر يقربله؟!
كبتت ابتسامتها بصعوبة، فقد استطاع أن ينسيها ما أثار حنقها و غيرتها بسهولة، و لكنه لم يكتفى بذلك و انما استرسل بنبرة عاشقة و ابتسامة عذبة:
زينة دى حبيبتى و بنتى و مراتى و صحبتى و قلبى و حياتى و….أقول كمان و لا وراكى حاجة؟!
لم تستطع كبت ابتسامتها أكثر من ذلك و سقط قناع الجمود و الغضب و انفجرت ضاحكة أخيرا، فضحك هو تباعا، و بعدما هدأت نوبة الضحك أمسك كفها و شدد من قبضته عليه بحب و هو يقول بجدية:
مكنتش أعرف إنك عبيطة اوى كدا…حد يبقى معاه القمر و يبص للنجوم…و بعدين انتى تعرفى عنى كدا…المفروض يكون عندك ثقة فيا أكتر من كدا…أنا بعون الله لو اتحطيت فى وسط حفرة ستات و لا يهزو فيا شعرة…واحدة بس هى اللى ممكن تقلب كيانى كله و تحرك قلبى من مكانه…بتهيألى كدا انتى تعرفيها..و لا إيه؟!
كان صمتها و خجلها الظاهر على محياها جوابها الذى أغناه عن أى إجابة منها، فرد عليها بابتسامة متيمة و عاد مرة أخرى ليركز بطريقه.
وصل راشد إلى منزل رفعت عند الغروب و دلف المنزل و بيده كعكة مزينة و عدة صناديق من الجاتو حتى يكتمل الإحتفال المنتظر، فأخذت منه سهيلة ما أحضر و وضعته بالمطبخ لحين وصول يوسف و زينة، و جلسوا جميعا بغرفة الجلوس يتسامرون و يتجاذبون أطراف الحديث إلى أن وصل الثنائى العاشق و أبدلت زينة ملابسها للرداء الجديد و ساعدت سهيلة فى اعداد طاولة الاحتفال، و التفت الأسرة الدافئة حول الطاولة يغنون و يصفقون و يتناولون الحلوى بنهم، إلى أن دق شخص ما جرس الباب، فاستغرب الجميع عدا رفعت بالطبع، فهو وحده من يعلم هوية الطارق.
تقدم من الباب و فتح له و عرف مهند نفسه له و رحب به رفعت بحرارة و أدخله حيث طاولة الإحتفال، فتفاجأت سهيلة و جحظت عيناها و جف حلقها، فهى لم تتوقع قدومه، كما أن عشرات الأسئلة تدور بخلدها الآن إلى أن قال رفعت:
أعرفكم يا جماعة بالأستاذ مهند زميل سهيلة ف السنتر، كلمنى النهاردة و كان حابب يزورنا و يتعرف علينا، و أنا طبعا رحبت بيه و أديته الميعاد و العنوان.
أومأ باحترام قائلا:
متشكر جدا لذوق حضرتك.
استرسل رفعت قائلا:
دا يا سيدى راشد بيه والد سهيلة، و دا يوسف ابن عمها، و دى الحاجة صفية جدتها، و دى زينة أختها، و دى طبعا سهيلة.
كانت سهيلة تقف فى ذهول تام من مفاجأة مهند، لا تعلم ما يجب عليها أن تفعل أو ماذا تقول فى هذا الموقف الحرج، فقط تقف و تشاهد دون ابداء أى رد فعل أو كلام.
جلست العائلة مع مهند بغرفة الجلوس عدا زينة و سهيلة اللتان تقفان الآن فى المطبخ تعدان الحلوى و المشروبات لتقديمها لهم.
كانت سهيلة تساعد زينة فى حالة شديدة من التوتر و الارتباك الذى كان واضحا فى ارتجافة يدها أثناء صب العصير، فلاحظتها زينة و ضحكت بخفوت و قالت بنبرة ذات مغذى:
دا احنا شكلنا هنفرح قريب و هيبقى فى عندنا عريس و عروسة جداد.
أجابتها بنبرة يشوبها التوتر و القلق:
عريس ايه و عروسة ايه بس يا زينة…أنا أصلا قولتله كذا مرة إن أنا مش ناوية ع الارتباط دلوقتى، بس هو اللى مصمم و فاجئنى باللى عمله النهاردة. 
اقتربت منها بشدة و وضعت يدها على كتفها و مالت برأسها إليها قائلة بابتسامة واسعة: 
بس شكله بيحبك اوى يا سولى و واخد الموضوع جد، و بعدين طالما دخل البيت من بابه يبقى أكيد شاب محترم و ابن أصول، و كمان شكله حلو و وسيم، هتعوزى ايه أكتر من كدا بقى؟! 
زاغت ببصرها فى الفراغ مجيبة بشرود: 
مش عارفة يا زينة… حاسة ان أنا مش مستعدة للموضوع دا دلوقتى.. 
قالت زينة بجدية فى محاولة منها لإقناعها: 
يا حبيبتى ادى لنفسك فرصة و اتعاملى معاه و شوفى نفسك هتحسى بإيه… اومال هما عملو فترة الخطوبة ليه؟! 
دخل يوسف عليهما المطبخ قائلا بضجر طفيف: 
ايه؟!.. بقالكو ساعة بتعملو ف كوبايتين عصير. 
أجابته زينة: 
اعمل ايه للست سهيلة اللى سايقة علينا الدلال و مش مقتنعة بالعريس. 
رمقها يوسف بأسى و هو يقول: 
دا عريس يترفض يا سولى؟!…  بصراحة بسم الله ما شاء الله انسان فى قمة الأدب و الاحترام و التدين و خالو رفعت سأل عليه مدير المركز بتاعكم بعد ما كلمه علطول و قعد يقوله فيه شعر…أنا عن نفسى حبيته و مرتاحله جدا.
ضحكت سهيلة و أجابته بسخرية و تهكم:
خلاص طالما حبيته و مرتاحله اتجوزه انت.
ضحك يوسف بتمثيل و اجابها بغيظ:
ظريفة أوى حضرتك…أنا قولتلك وجهة نظرى و انتى حرة.
تنهدت بحيرة و هى تقول:
مش عارفة يا يوسف بجد….مش عارفة آخد قرار.
أجابها بجدية:
على العموم هو طالب يقعد معاكى…و دا حقكو طبعا علشان تتعرفو على بعض أكتر…يلا خلصو اللى بتعملوه و تعالو على الصالون، نشرب العصير و نسيبك انتى و هو تقعدو براحتكم و كل واحد يقول اللى عنده للتانى… تمام يا سولى؟! 
اومأت بشبه ابتسامة: 
حاضر يا يوسف اللى تشوفوه. 
أجابها بارتياح: 
تمام متتأخروش بقى.  
شربوا العصير و تناولوا بعض الحلوى فى جو من المرح و الفكاهة مما زاد من إعجاب مهند بتلك العائلة و أشعره أنه وسط عائلته و جعله لديه عزيمة و إصرار أكبر على إتمام هذه الزيجة، و بعدما انتهوا تركهما الجميع بمفردهما فى الغرفة و تركوا الباب مفتوحا و انصرفوا.
جالسين بمقعدين متقابلين، فأدار مهند دفة الحديث مردفا بجدية:
أنا طبعا آسف إنى فاجئتك بزيارتى النهاردة، بس أنا عارف إن دماغك ناشفة و لو كنت قولتلك كنتى هترفضى، و كمان كنت ناوى أتقدم رسمى بعد فرح أختى، بس بصراحة مقدرتش أستنى، و قولت أخلى الفرحة فرحتين و….
قاطعته سهيلة قائلة بتهكم:
انت بتتكلم كدا و كأنى خلاص وافقت و بقيت خطيبتك رسمى.
أجابها بنبرة رقيقة عاشقة:
و ليه لأ يا سهيلة…طالما انتى مش مرتبطة و لا بتحبى حد تانى و لاقيتى اللى يحبك و يهتم بيكى و يتمنى يكمل معاكى اللى باقى من عمره، ما توافقيش ليه؟!…قوليلى ايه اللى مش عاجبك فيا أو ايه المواصفات اللى بتتمنيها تكون ف شريك حياتك و أنا هقولك موجودة فيا و لا لأ.
ابتلعت ريقها بصعوبة، فقد استطاع بحنكته و لباقته فى الحديث أن يلجمها و يصعب عليها أمر الرفض، فقالت له بعد وهلة من الصمت:
انت كويس يا مهند و أنا متأكدة من كدا…المشكلة فيا أنا…أنا مش مستعدة أرتبط و أحب و أتجرح و أتوجع…أنا مريت بتجربة صعبة ما صدقت إنى خرجت منها و مش عايزة أعيشها تانى.
أجابها بصدق:
أنا أكيد عندى فضول أعرف اللى انتى مريتى بيه…بس أكيد دا مش وقته..بس الحياة تجارب و احنا هنجرب بعض فى فترة الخطوبة و نشوف هنقدر نكمل مع بعض و لا مش هيكون فى تفاهم لا قدر الله…ها ايه رأيك.
صمتت لبرهة تفكر فى كلامه و من قبله كلام يوسف و زينة حتى كلام صديقتها رنا يتردد الآن فى أذنيها، فعزمت أمرها على شيئ ما ثم قالت:
خلاص ادينى فرصة أصلى صلاة استخارة و بعدها هيوصلك ردى.
اتسعت ابتسامته و تجدد الأمل بداخله و سألها:
يعنى مدة قد ايه كدا؟!
ابتسمت بعذوبة ثم قالت:
هرد عليك فى فرح أختك….تمام كدا؟!
اتسعت ابتسامته أكثر و أنارت الفرحة وجهه قائلا بسعادة:
تمام أوى…و ان شاء الله لو فى قبول هجيب الأسرة الكريمة و نيجى نتقدملك رسمى.
أومأت بابتسامة:
تمام…بس من هنا لحد ما أرد عليك المعاملة بينا تبقى عادية جدا ف السنتر…كأن محصلش حاجة..اتفقنا.
أومأ بسعادة:
اتفقنا…يلا نطلع نعرفهم آخر التطورات.
نهضت من مقعدها و هى تقول:
أوكى يلا..
فرحوا جميعا من التقدم الذى أحرزه مهند معها و أيدوا رأى سهيلة مستبشرين منها كل الخيى، و انصرف مهند إلى منزله فى حالة من السعادة البالغة.
التموا مجددا فى غرفة الصالون و وقف يوسف و أوقف زينة بمحاذاته و قام بلف ذراعه على كتفها و هو يقول بمرح:
الظاهر كدا الليلة دى بشرة خير لينا جميعا، و هتبقى حفلة بجد يعنى، و بمناسبة الاحتفال بقى انا عامل مفاجأة لزينة حبيبتى و هى طبعا لسة معرفتش طبعا ايه هى.
ردت زينة بحماس:
ايه المقدمة الطويلة دى كلها..ما تقول بقى يا يوسف شوقتنى.
ضحك راشد بصخب و هو يقول:
الحقها يا يوسف أصل دقيقة واحدة كمان و هتجيبك من شعرك.
أجابه من بين ضحكاته:
حاضر..حاضر.
المفاجأة هى فسحة أسبوع انا وانتى ف لندن عند يحيى.
ابتسم الجميع بسعادة بينما زينة لم تصدق ما سمعت فهى طيلة حياتها لم تخرج من الحيز الذى تربت فيه و لم تتخيل يوما أن تذهب لمدينة شهيرة مثل لندن، فطالعته بذهول و هى تقول:
انت بتتكلم بجد يا يوسف…لندن لندن؟!
أجابها بتأكيد:
أيوة يا بنتى…لندن لندن.
رمقه راشد بنصف عين يسأله بمكر:
امممم…لوحدكو يعنى يا يوسف؟!
أجابه بتأكيد:
أيوة يا عمى لوحدنا…و….
سكت قليلا عندما وصله مغذى سؤال عمه، ثم استرسل بحرج:
احم…يحيى معانا هناك.
هز راشد رأسه بايجاب عدة مرات ثم سأله بخبث:
اممم…و هتقعدو فين بقى و ازاى؟!
رد يوسف و مازال يكسوه الحرج:
أنا كنت هحجز جناح فى فندق، و بعدين قولت نخرج و نتفسح بالنهار و بعدين نبات مع يحيى ف شقته، انا هنام معاه فى اوضة، و زينة تنام ف الأوضة التانية.
رد عليه راشد بجدية:
يعنى انت مجهز كل حاجة و عارف ان انا هسألك ف الموضوع دا…صح؟!
رد مؤيدا:
أيوة طبعا يا عمى…انا مفيش حاجة بتفوتنى..و بصراحة كنت خايف حضرتك ترفض عشان موضوع المبيت دا، بس انا عندى عشم فى حضرتك إنك توافق، و أنا وعد منى مش هعمل أى حاجة غلط، عاوزك بس تكون واثق فيا…و أظن ان حضرتك عارف إنى مبخلفش وعدى أبداً.
نهض راشد من مقعده و وقف قبالتهما و ربت على كتفه و هو يقول مبتسما:
يا حبيبى أنا واثق فيك جدا…أنا بثق فيك أكتر من نفسى يا يوسف..و بعدين زينة مراتك يعنى بقت حتة منك و تخاف عليها أكتر منى كمان….أنا بس اللى كنت عايز أناغشك شوية.
أجابه بابتسامة ممتنة قائلا:
متشكر جدا يا عمى…و ان شاء الله هكون قد الثقة دى.
ارتمت زينة بحضن أبيها و هى تقول بسعادة:
حبيبى يا بابا…ربنا ميحرمنى منك يا رب.
ربت على ظهرها بحنان أبوى قائلا:
و لا يحرمنى منك و لا من أختك يا رب.
الفسحة الجاية ان شاء الله لسهيلة و مهند فى شهر العسل ان شاء الله.
ضحكت سهيلة و وقفت بجانبه و تشبثت بذراعه و هى تقول بغنج:
ايه دا بقى يا سى بابا…انت خلاص جوزتنا و عملتلنا شهر عسل كمان.
ابتسم لها بحب قائلا:
أنا متفائل خير فى مهند و ان شاء الله هيكون من نصيبك يا قلبى و سفرية لندن هتكون هديتى ليكو…أنا قررت و قضى الأمر الذى فيه تستفتيان.
ضحك الجميع بصخب و قضوا ليلة من أجمل الليالى التى مرت بهم جميعا حيث المفاجآت السعيدة و الأفراح المنتظرة و النهايات الإيجابية.
بعد مرور يومين سافر يوسف و زينة إلى لندن حيث استقبلهم يحيى بالمطار بسعادة بالغة و ركبوا سيارة إجرة أقلتهم إلى العقار الكائن به شقته، صعدوا بالحقائب الى الشقة و دخلوها و ارتمى كل من يوسف و زينة على أقرب أريكة من فرط الإرهاق و الإعياء الذى أصابهما من طول مدة السفر و فرق التوقيت. 
طالعهما بدهشة و قال ممازحا: 
ايه يا شباب مالكم مفرفرين كدا ليه؟!… دا أنا كنت ناوى أخدكم و نخرج نروح الكافيه بتاع والد ديما عشان أعرفكم عليهم. 
أجابه يوسف بصوت متعب: 
لا يا حبيبى طريقك أخضر… أنا مش متحرك من مكانى… مش بعيد أنام هنا كمان. 
رد يحيى بسخرية: 
لما انت يا يوسف بجلالة قدرك تقول كدا.. أومال زينة تقول ايه بقى؟! 
رد زينة بنبرة منهكة للغاية: 
انا أصلا نمت خلاص…. أنا بالشكل دا عايزالى يومين تلاتة عشان أفوق… آه يا دماغى. 
طالعهم بنظرات حائرة و هو يقول بتهكم: 
دا انتو طلعتو سيس أوى… خلاص هرأف بحالكم و أديكم بكرة لحد المغرب كدا أجازة… و بعدين نطير على الكافيه اول حاجة نقضى سهرة محترمة مع الجالية العربية. 
ضحكت زينة بضعف و هى تقول بمزاح: 
الجالية العربية مرة واحدة؟! 
أجابها يحيى بنفس النبرة: 
أيوة طبعا… هو انتو شوية و لا ايه؟!… و لا انتو كل يوم جايين لندن؟!.. لازم تستغلو الفرصة أسوأ استغلال. 
ضحك يوسف قائلا بتهكم: 
طاب يا صوت العرب انت ورينى الأوضة اللى هنام فيها. 
أشار يحيى على غرفة ما و هو يقول: 
أهى الأوضة بتاعتكم… جاهزة و نضيفة و زى الفل. 
طالعه يوسف باستنكار و هو يقول:
بتاعتكم مين يا عم يحيى…انت عايز عمك راشد يعلقنا؟!
هز كتفيه لأعلى و زم شفتيه بعدم اكتراث مردفا:
و دى فيها ايه؟!..ما انتم متجوزين.
أجابه بجدية:
لا أنا وعدت عمى اننا مش هنبات ف أوضة واحدة و أنا مش ناوى إخلف و عدى معاه لمجرد إنه مش شايفنا.
هز يحيى رأسه بتفهم مردفا:
خلاص براحتك…كنت عايز أخدم بس.
أجابه يوسف من بين ضحكاته:
ربنا ما يحرمنى من خدما…
و لم يكد يكمل كلمته حتى انفجر بنوبة من الضحك فرمقه يحيى باستغراب فأشار له يوسف على زينة التى نامت مكانها من فرط الإرهاق حتى أنها أصدرت صوت شخير خافت، ابتسم يحيى على شقيقه و زوجته و قال باشفاق:
لا حول و لا قوة إلا بالله…قوم يبنى دخلها الأوضة خليها تنام براحتها.
نهض يوسف و هو مازال يضحك و حملها بين ذراعيه و سار بها الى الغرفة التى فتحها له يحيى و أغلقها خلفه بعدما دخل.
وضعها على الفراش برفق بالغ و قام بخلع حذائها عنها، و فك حجابها و نزعه برفق، و دثرها جيدا بالغطاء ثم طبع قبلة على وجنتها و أخرى على جبينها، و ألقى عليها نظرة أخيرة و تركها و انصرف متجها لشقيقه المنتظر ببهو الشقة.
قال يحيى بجدية:
يوسف انا بكرة الصبح ان شاء الله هخرج بدرى هاروح الجامعة، و انتو بقى ابقو اصحو براحتكم، و عندك التلاجة مليانة أكل، و هجيب معايا الغدا و أنا جاى..و انا هكلمك قبل ماجى علشان لو عايزين اى حاجة أجيبها معايا…تمام؟
ابتسم له بحب و ربت على كتفه قائلا:
تمام يا حبيبى…انا هعتبر ان بكرة راحة من السفر و بالليل بقى نروح الكافيه علشان نتعرف على ديما.
اومأ بتأييد:
خلاص تمام…روح خدلك شاور و نام بقى و أنا هقعد أذاكر شوية.
أجابه بحب:
ماشى يا حبيبى…ربنا معاك..تصبح على خير.
فى مساء اليوم التالى….
اجتمع يوسف و زينة مع يحيى و ديما و عمار و صفوت والد ديما بالمقهى العربى بعدما تعرفوا جميعا على بعضهم البعض، قال يوسف بمرج:
شد حيلك بقى يا يحيى ف موضوع الرسالة دى…عايزين نلم الشمل.
ضحك يحيى و هو يقول:
هانت يا يوسف…مش باقى غير شهر تقريبا هفنيش فيه الرسالة و أناقشها آخر الشهر إن شاء الله
ابتسم يوسف بسعادة مردفا بحماس:
حلو أوى…طاب طالما احنا متجمعين كدا ما تيجى نحدد ميعاد الفرح….
ثم نظر لصفوت قائلا باحترام:
و لا إيه رأى حضرتك يا صفوت بيه؟!
أجابه صفوت بتأييد:
و الله أنا موافق…الحمد الله ديما انتهت من الاختبارات تبعها و ما عاد عنا شى يعطلنا.
رد يحيى بسعادة بالغة:
خلاص يبقى بعد شهرين بالظبط من النهاردة 
رد يوسف:
حلو أوى…و أنا اول ما نروح هبلغ عمى و هنحجز قاعة فى فندق و نجهز الفيلا و نقسمها نظام أجنحة، جناح ليا انا و زينة و جناح ليك انت و ديما.
تدخلت زينة فى الحوار قائلة بتردد:
تسمحلى يا يوسف أقول رأييى ف حاجة.
يوسف:
طبعا يا حبيبتى قولى.
زينة:
بصراحة أنا مش مرتاحة لموضوع الأجنحة دا…مش هيبقى فى خصوصية و كدا…خاصة ان انا و ديما متحجبين، يعنى مش هينفع نفضل قاعدين احنا الاتنين بالحجاب أغلب الوقت ف وجودكم انتو الاتنين…عشان كدا أنا رأييى تشترى بيت كبير و كل واحد يبقى ليه شقة مستقلة و بابا طبعا يبقاله شقة لوحده و سهيلة تقعد معاه لحد ما ربنا يكرمها و تتجوز، و نبقى نتجمع مع بعض كل ما نكون فاضيين ف شقة بابا…و لما تكون انت ف الشغل هقعد معاه…ها ايه رأيك؟!
سكت مليا يفكر ثم أجابها بجدية:
وجهة نظرك تحترم طبعا يا زينة…بس خلى الموضوع دا نبقى ندرسه لما نخلص فسحتنا و ننزل و نفكر كدا مع بعض و نشوف هيبقى فى موافقة بالاجماع و لا لأ….تمام كدا؟!
أومأت بابتسامة:
تمام…معاك حق.
مرت عدة أيام قضاها يوسف و زينة فى زيارة معالم المدينة الملكية، و قضاء أجمل الأوقات و السهرات بمختلف المقاهى و المطاعم، أحيانا بمفرديهما و أحيانا أخرى بصحبة ديما و يحيى.
جاء يوم زفاف شقيقة مهند، و كان ينتظر سهيلة على أحر من الجمر، ينظر بساعة يده كل دقيقة و أخرى، فمن المفترض أن تخبره اليوم بقرارها النهائى حيال أمر الارتباط…
تقف أمام المرآة تلف حجابها على رأسها بتوتر ملحوظ، حتى انها فشلت فى احكامه عدة مرات، إلى أن انتهت أخيرا و جلست بفراشها تفكر كيف ستخبره بقرارها و ماذا ستكون ردة فعله.
استقلت سيارة والدها بصحبته هو و خالها رفعت متجهين لقاعة الزفاف، و ما ان وصلوا حتى وجدوا مهند فى استقبالهم و أوصلهم إلى إحدى الطاولات، طلب من سهيلة أن تذهب معه لكى يعرفها على شقيقته العروس و لكى تبارك لها الزواج ايضا.
استغل فرصة انفراده بها بهذه الحجة و استوقفها على مسافة بعيدة إلى حد ما عن صخب الموسيقى و قال لها بتوجس:
ها يا سهيلة فكرتى؟!
توترت أوداجها و اخذت تفرك كفيها بارتباك قائلة:
ها.؟!..ألف مبروك لأختك.
أجابها بطريقة سريعة مترقبا جوابها:
الله يبارك فيكى..عقبالك…بقولك فكرتى؟!
أجابته بمراوغة:
احم…ما شاء الله أختك زى القمر.
تنهد بنفاذ صبر و قال بحدة طفيفة:
سهيلة انتى بتتهربى من سؤالى ليه؟!…ما تعرفينى قرارك ايه علطول.
عبس وجهها بغتة و أطرقت رأسها بحزن و هى تقول:
الحقيقة يا مهند أنا مش عارفة أقولك ايه…يعنى إنت شاب ممتاز و أى بنت تتمناك بس أنا…
قاطعها قائلا بتجهم:
خلاص وصلنى ردك…مالوش لزوم الاحراج و التوتر اللى انتى فيه دا…و انا كمان بتمنالك كل خير مع الانسان اللى هتختاريه…عن اذنك.
اولاها ظهره متأهبا للمغادرة فجذبته من كم حلته الرسمية و هى تقول:
استنى بس أنا لسة مخلصتش كلامى.
التفت بمواجهتها مرة أخرى يرمقها بأسى و خيبة أمل، فبادلته النظرة بابتسامة و هى تقول:
أنا كنت هقولك بس أنا موافقة.
جحظت عيناه و اتسعت ابتسامته و هز رأسه بقلة حيلة و هو يقول:
طاب لازمتها ايه الدراما اللى انتى عملتيها دى.
ضحكت لنجاح خدعتها ثم قالت:
كنت عايزة أشوف شكلك هيبقى ايه لو كنت رفضت.
سألها مبتسماً:
و شوفتى؟!
هزت رأسها بإيجاب و ما زالت الضحكة مرتسمة على شفتيها:
أيوة شوفت…بصراحة صعبت عليا أوى.
أجابها بتهكم:
ميصعبش عليكى غالى يا سهيلة هانم….
تعالى بقى أعرفك على أختى و عريسها و ماما و بابا و اخواتى و العيلة الكريمة كلها…هيتبسطوا اوى بخبر الموافقة.
كانت تطالعه بتأمل، ترى أمامها رجلا شهما طيبا، يحبها و يهتم بها و يتمنى قربها، شعورا لم تختبره من قبل، فعلمت وقتها كم هى فتاة محظوظة لكى يرزقها الله بذلك الانسان الذى هو رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
تم التعارف بين العائلتين و اتفق والد مهند مع راشد على زيارته فى القريب العاجل للاتفاق على التفاصيل و تحديد موعد لحفل الخطبة.
انتهت إجازة يوسف و زينة بلندن و قام يحيى و ديما بتوصيلهما إلى المطار و توديعهما ببالغ الحزن، فقد كانا يتمنيان أن تطول إجازتها أكثر من ذلك، حيث قضوا معا أياما لا تنسى، و لكن ما شفى عليلهم تلك الصور و مقاطع الفيديو التى قاموا بتصويرها فى مختلف الأماكن كذكرى دائمة و تشاركوها على هواتفهم المحمولة. 
قبل أن يستقلا الطائرة أخذ يوسف يحيى على مسافة بعيدة قليلا عن الفتاتان و همس له بأمر ما جعل يحيى فى غاية السعادة، و عادا للفتاتان مرة أخرى راسمين على محياهما ابتسامة سرور و فرح، فنظرت كل منهما للأخرى باستغراب، و سألت زينة يوسف: 
انتو قولتو ايه لبعض مخليكو مبسوطين أوى كدا؟! 
زم يوسف شفتيه و هز كتفيه لأعلى بعدم اكتراث مجيبا: 
عادى.. مفيش حاجة مهمة. 
قالت ديما باستنكار: 
شو يعنى حاجة مش مهمة و راح تضحكون هيك؟! 
أجابها يحيى بنفاذ صبر: 
يا الله على فضول البنات… عادى يا ديما كنا بنهزر و بنضحك.. فيها ايه دى؟! 
أومأتا بعدم اقتناع و قامت ديما باحتضان زينة و توديعها، و قام يحيى باحتضان يوسف و توديعه و ذهبا لفحص أوراقهما و بعد مدة استقلا الطائرة عائدين لأرض الوطن. 
وصل يوسف و زينة ارض الوطن فى صباح اليوم التالى، و كان فى استقبالهما سهيلة و راشد، بالطبع كانا متعبين للغاية و بمجرد وصولهما الفيلا، اتجه كل إلى غرفته قاصدين الفراش الوثير. 
اجتمعت الأسرة بغرفة الصالون يحتسون الشاى، و قامت زينة بسرد أحداث رحلتهم الرائعة بحماس و سعادة، كما أطلعتهم على الصور و مقاطع الفيديو.
كما أخبرتهما سهيلة باتفاق والدها مع أسرة مهند على استقبالهم للاتفاق على التفاصيل و تحديد موعد الخطبة فوجه لها يوسف الحديث يهنئها بحبور:
ألف مبروك يا سولى..ربنا يتمم بخير.
اومأت بابتسامة:
الله يبارك فيك يا يوسف و عقبال فرحكم.
استرسل يوسف بجدية:
نستقبلهم هنا بقى ف الفيلا فى مسقط رأسك…و لا ايه رأيك يا عمى؟!
اومأ موافقا:
دى الأصول بردو…المفروض يطلبها من بيت باباها…عامة أنا هكلم مهند و أديله معاد بكرة على الغدا ان شاء الله و هديله عنوان الفيلا… تمام يا سولى.
اجابته بابتسامة ممتنة:
ماشى يا بابا اللى حضرتك تشوفه.
رد راشد:
خلاص على خيرة الله.
استرسل يوسف بجدية:
عمى كنت عايز آخد رأيك انت و سهيلة ف موضوع كدا..
راشد:
اتفضل يا حبيبى قول..
استرسل بنبرة مترددة:
احم…أنا كنت ناوى أجهز جناحين ف الفيلا ليا أنا و يحيى و بعدين زينة اقترحت اننا نشترى بيت كبير و كل واحد مننا يقعد ف شقه لوحدة علشان يبقى فى خصوصية أكتر و حضرتك طبعا هتكون معانا ف البيت فى شقة مستقلة بردو….ايه رأى حضرتك؟!
اجابه راشد بابتسامة ودودة:
يا حبيبى دى حياتكم و من حقكم تعيشوها بالطريقة اللى تعجبكم…و أنا شايف إن رأى زينة أفضل و هتكونو براحتكو أكتر.
ابتسمت زينة بسعادة و هى تقول:
يعنى حضرتك متأكد إنك موافق و مفيش عندك اعتراض و لو واحد ف المية؟!
هز رأسه بنفى و هو يقول:
لا يا حبيبتى معنديش أدنى اعتراض بس انا مش هتخلى عن الفيلا دى و مش ناوى أبيعها.
أجابه يوسف بتأييد:
لا الفيلا مش هنبيعها…فى حتة أرض كنت شاريها من كام سنة و كنت ناوى أبنى عليها شركة نتوسع بيها، بس ربنا ما أرادش…و مالهاش لازمة دلوقتى…هبيعها و نشوف بيت مساحته كويسة و قريب من هنا و نشتريه.
سهيلة:
فعلا دى أحسن حاجة هتعملوها.
فى اليوم التالى حضر مهند و أسرته إلى فيلا راشد سليمان، فانبهروا بفخامة المنزل، فهو لم يكن يتوقع أن سهيلة تنتمى لعائلة ثرية، و انتابه القلق الشديد حيال مسكن الزوجية، حيث أن شقته تعتبر متواضعة إلى أقصى حد بالنسبة لهذا المنزل الفخم ذو الحديقة الواسعة و حوض السباحة الكبير و الأسوار العالية و النظام الأمنى المتكامل، و ليس بامكانه امتلاك نصف هذا المنزل.
جلس الرجال بغرفة الصالون و النساء بحديقة الفيلا.
بغرفة الرجال يجلس مهند و والده و زوج أخته على أريكة و فى الأريكة المقابلة يجلس راشد و يوسف و رفعت.
أدار والد مهند دفة الحديث بتعريف الحضور على بعضهم البعض ثم دخل فى صلب الموضوع طالبا يد سهيلة لولده مهند و بمجرد أن انتهى من سرد طلبه أسرع مهند قائلت بملامح واجمة:
بعد اذنك يا بابا فى حاجة بس عايز أأكد عليها قبل ما اسمع رد راشد بيه…
رد راشد بترقب:
قول يابنى اللى انت عايزه.
أجابه بوجوم و لمحة حزن تظهر على ملامحه:
الحقيقة أنا شقتى شقة عادية جدا من تلات قوض و صالة و مطبخ و حمام و مساحتها مش كبيرة حوالى ١٠٠ متر بس…و انا مشطبها و مجهزها و شكلها حلو بس طبعا مش بمساحة و لا جمال فيلة حضرتك، فياريت حضرتك تاخد النقطة دى فى اعتبارك قبل ما ترد علينا…و صدقنى مش هزعل لو رفضت لان أى أب بيتمنى إن بنته تفضل عايشة ف نفس المستوى اللى اتربت عليه.
هز راشد رأسه بعد رضا عن كلامه مجيبا بعتاب:
ايه الكلام اللى انت بتقوله دا يا مهند…يابنى احنا بنشترى راجل يحب بنتى و يقدرها و يصونها، و ميفرقش معانا أبدا فيلا و لا شقة…الحمد لله ان فى سكن موجود و أهم حاجة يابنى الرضا و الحب و التفاهم، لو دول موجودين يبقى أى حاجة تانية تبقى تافهة قدامكم.
استرسل يوسف قائلا:
على فكرة بقى احنا هنسيب الفيلا و هنقعد فى شقق بردو بعد الجواز…الفيلا دى مجرد بس مكان واسع جامعنا و انت عارف بقى نظرة الناس لرجال الأعمال…احنا متفرقش معانا الحاجات التافهة دى يا مهند…احنا أهم حاجة عندنا انت كشخص بشخصيتك و تدينك و حبك لبنتنا…مش عايزين أكتر من كدا.
اتسعت ابتسامة مهند و رحل عنه القلق، و شعر بسعادة عارمة من ردودهم التى أثلجت صدره و إزاحت عن كاهله هما ثقيلا.
بعد حديث طويل عن التفاصيل لم يخلو من المرح و المزاح، اتفقوا على اقامة حفل الخطبة مع حفل زفاف يوسف و يحيى.
بعد مرور شهر تقريبا انتهى يحيى من رسالة الدكتوراه و تمت مناقشتها و نال درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف.
أيضا تم الانتهاء من تشييد المجمع الخيرى المقام على أرض الملهى الليلى، و تم افتتاحه فى احتفال مهيب جمع عدد من مسؤلى وزارة التضامن الاجتماعى و موظفى شركات آل سليمان و بالطبع عائلة آل سليمان.
عاد يحيى من لندن بصحبة ديما و والدها، تم تجهيز جناح لهما فى الفيلا للاقامة به حتى يتابعا تجهيزات الحفل و الشقة الجديدة التى سوف ينتقلون للعيش بها بعد الزفاف.
و أخيرا بعد مرور شهر آخر تم خلاله التجهيز لحفل الزفاف بكل تفاصيله أطل الثلاث ثنائيات على ضيوف الحفل بمشهد يخطف الأنفاس قبل الأنظار، حيث يطل كل منهم بحلة أنيقة متأبطا ذراع عروسه المزينة بعناية، تطل كل عروس بفستان اقل ما يقال عليه انه رائع، بحجاب محتشم و مزركش فى قمة الأناقة مع التيجان التى زينت رؤسهن.
كانت سهيلة ترتدى فستان من اللون الذهبى بخلاف ديما و زينة اللاتى أطلتن بالأبيض.
انتهى حفل الزفاف على أروع ما يكون و توجه الجميع إلى المطار فى مفاجأة تم اعدادها من قبل يوسف و يحيى لعروسيهما.
كانت العروسان طيلة الطريق يتسائلان إلى أين نحن ذاهبون، و لكن لم يلاقين إلا الصمت و الغموض.
قام راشد و سهيلة و مهند و صفوت و زوجته السابقة والدة ديما و رفعت بتوديع يوسف و يحيى و زوجتيهما و هم على علم بوجهتهم و لكن لم يصرح أحد منهم للعروسين.
إلى أن استقروا أخيرا بمقاعدهم فى الطائرة، و وجه يوسف حديثه لزينة و ديما قائلا بابتسامة واسعة:
أولا ألف مبروك لينا كلنا، و بمناسبة إن الحمد لله ربنا من على كل واحد فينا بالجواز من اللى بيحبه رغم كل العقبات و المعاناة اللى شوفناها، وجب علينا اننا نشكر ربنا و نحمده على نعمته طالما فى استطاعتنا، علشان كدا أحب أقولكم إن احنا بفضل الله فى طريقنا للكعبة المشرفة و طبعا هنعمل عمرة، عايزين نبتدى حياتنا بطاعة، و دا الموضوع اللى كنت بتكلم فيه مع يحيى فى مطار لندن و انتو كنتو هتموتو و تعرفو احنا بنقول ايه…بس كنا عايزين نعملها مفاجأة.
صرخت العروسان بخفوت من فرط السعادة، و من جمال المفاجأة التى لم تخطر ببالهما أبدا و قامت كل منهما باحتضان زوجها بشدة، و دموع الفرح تتلألأ فى عينيهما، يشكرون الله فى قلوبهم أن أتم عليهم نعمة الزواج الصالح.
تمت بحمد الله…..
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى