Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سهام صادق

ذرفت ما يكفي من الدموع على حلقة اليوم من مسلسلها الكئيب كما تسميه ولكنها كل يوم في موعيده تنتظره.. حقا هي غريبة الأطوار.
 ضحكت ساخرة من نفسها وسارت نحو الشرفة الواسعة فلعلا هواء البحر المنعش يعيد لها مزاجها.. اغمضت عينيها تستمتع بملمس الهواء على بشرتها تضم جسدها بذراعيها والزمن يأخذها لما مر من سنوات… 
ثلث سنوات وأشهر والمشهد لا يُنسي 
تحمل حقيبتها مغادرة بعدما رفضت ذلك القرار الذي اهانتها به السيدة فاطمة..السيدة فاطمة قبلت عملها حتى تجعلها زوجة مؤقته بعدما أوصلت لها الرساله ” أنها بلا عائلة ومأوي” 
تجمدت عينيها على تلك السيارة التي اوقفها سائقها أمامها
– عمي عزالدين 
الصدمة كانت مرتسمة فوق ملامحها وهي ترى عزالدين يهبط من سيارته.. التفت خلفها لتتعلق عينيها بعينين السيدة فاطمة التي أماءت برأسها لعزالدين كأنها كانت تنتظره .. الصورة أخذت تتضح لها رويدًا رويدًا 
وهي ترى إشارة السيدة فاطمة بعينيها نحوهم بأنهم يمكنهم الدلوف للمنزل والحديث بحديقته 
– ممكن يا بنتي نتكلم كلمتين 
وتعلقت عينيه بحقيبتها التي تحملها قبل أن يسحب ذراعها برفق لتتقدم أمامه 
سارت معه كالمغيبة.. نبضات قلبها أخذت تتسارع وهي تهوى بجسدها فوق احد مقاعد بحديقة المنزل
– أنتي أكيد فاهمه سبب وجودي هنا يا ملك 
لم يكن لديها سؤال أو جواب هي تنتظر سماع ما يريده وعن المنفى الذي سيخبرها به حتى لا يروا لها أثرا في عالمهم..
– أنتي عارفه إن عبدالله الله يرحمه 
انحدرت دموعها على خديها.. فاستطرد بحديثه
–  رسلان و مها اتجوزوا…
زفر أنفاسه وهو يتمهل في إستكمال حديثه.. يشفق عليها ولكن رحيلها من هنا وزواجها من أخر لا بد أن يحدث و إلا إبنه سيضيع كلما راءها حره.. لعلا ما سيحدث يريحه
– وجودك في نفس البلد وظهورك ليهم هيدمر حياتهم… رسلان بقى حلم مستحيل يا ملك 
” حلم مستحيل “! …
 انسابت دموعها على خديها تفتح عينيها تُطالع ظلام الليل تهتف ساخره بعدما فاقت من ذكرياتها التي تعيدها لما تخطته ومضت
– حلم مستحيل…؟ 
اخذ رنين هاتفها يتعالا برقم ميادة، ورغم كل شئ إلا أن صداقتها بميادة استمرت.. نعم ابتعدت عنهم كما نبذوها حتى عندما عادت من إيطاليا مع جسار منذ عام بعد وفاة السيدة فاطمة وصراعها مع المرض.. لم ترغب في العيش بالقاهره ومن حسن حظها أن جسار استقر بفرع شركته الأم بمدينة الاسكندرية
– يعني لو مسألتش أنا متسأليش عني يا ملك
عادت للداخل بعدما اغلقت الشرفة خلفها تهتف معتذرة 
– غصب عني يا ميادة.. الشغل واخد كل وقتي 
– يا سلام.. ما انا كمان بشتغل وبدرس وقاعده في الغربه ومش بنساكي يا ست ملك 
لم تجد ملك ما تخبرها به.. فقد ازدادت قوقعتها على نفسها واصبحت اكثر انطوائية 
– رايدن قالي إنه بيحبني يا ملك 
هتفت بها حالمة.. فابتسمت ملك وهي تستمع إلى الطريقه التي أجادها رايدن في التعبير عن حبه…البروفيسور العظيم المعقد الذي أرهق صديقتها الطموحه المشاغبه احبها ومن حسن الحظ إنه مسلم الديانة ولكن إختلاف العادات والبلدان كانت العائق ولكن رايدن اتخذ اول خطوه 
– انا فرحانه ليكي اوي يا ميادة 
وبعدما كانت ميادة غارقة في أحلامها وحماسها زفرت أنفاسها خائفه 
– متوقعش إن عزالدين بيه وكاميليا هانم هيوفقوا ولا حتى رسلان 
وعلى ذكر اسمه الذي لم تكن تقصده… خفق قلبها.. عضت ميادة على شفتيها بعدما أدركت ما تفوهت به 
–  عزالدين و عبدالله عاملين ايه.. بقالك كتير مبعتيش ليا صورهم 
ومشاعر الخالة كانت أكبر وأقوى من أي مرارة دفنها الزمن
– هبعتلك صورهم حالا.. بقوا شبه رسلان مخدوش اي حاجة من مها الله يرحمها 
والمزيد من الكلمات كانت تفتح جروحً ولكنها فور أن وقعت عينيها على الصغيرين اتسعت ابتسامتها 
– ذنبهم ايه يحرمهم رسلان من حنانه.. رسلان بقى صعب قوي وقاسي 
واستطردت في حديثها بعدما زفرت أنفاسها 
– استحاله تكون قسوة رسلان عليهم بسبب موت مها.. في حاجة حصلت غيرته اوي كده
اخذت تفضفض ميادة بما تشعر به واسترسلت في حديثها دون شعور ولكن ملك كانت غارقه في ابتسامة الصغار.. إنهم أبناء شقيقتها مهما حدث.. مها شقيقتها من والدها تلك الحقيقه التي لم ينكرها أحدا بعد أن تخلي عبدالله عن صمته قبل وفاته وصرخ بها
وبقلب محب لشقيقتها التي كانت تنساق خلف ناهد هانم كما أصبحت تنطق اسمها بعدما فاقت على الحقيقة التي تقبلتها هتفت بأعين دامعه 
– ربنا يرحمك يا مها.. 
…………..
طالعت وقفتها المرتكبة فتركت ما تفعله واقتربت منها تضم كفيها 
– اتقبلتي في الوظيفه مش كده 
اماءت جنات برأسها وهي تشعر بالخجل منها.. فكيف لها أن تعمل ضمن موظفين ذلك الدنئ وهي تعلم حقيقته 
– جنات ده مستقبلك.. أنا بسمع إن شركاتهم حاجة واصله يعني فرصه متتعوضش.. وانتي شايفه حال البلد.. 
– صدقيني يا فتون لولا فعلا قلة الفرص في البلد مكنتش قبلت اشتغل عنده
أطرقت عينيها  تخبرها بمرارة بما أخفته رغمًا عنها
–  الجمعية اللي  اتولت مشكلتي وساعدتني اكمل حلمي ومشواري ومتولية مشروع المطعم وهتدعمني خديجة النجار هي اللي مأسساها 
رمقتها جنات مندهشة فالأول مرة تصرح لها فتون عن ذلك الأمر 
– إزاي يا فتون.. الجمعية مموله من رجال الأعمال ومدام سحر هي اللي بتديرها 
وسرعان ما اتسعت عينين جنات تربط الأحداث ببعضها.. مقتطفات قد مرت زيارة السيدة سحر لها بعدما توفي والديها في إنهيار إحدى المباني السكنية منذ أشهر لم أحد يتحرك لدعمها ولكن كل الدعم أتى إليها بعدما وجدت فتون في ذلك الطريق الزراعي تسير حافية هاونة الجسد بهيئة كانت لا تفسر إلا شيئًا واحدًا
” محاولة إغتصاب ” 
– يعني مساعدتهم ليا كانت إشارة من خديجة النجار 
واردفت وقد فهمت سبب رفضها للتبليغ عن ذلك الحادث وخاصة عائلتها وكيف أصر والد فتون على رفضه 
” إحنا ناس غلابة يا بنتي.. خلينا متدارين جانب الحيط ” 
– ليه محكتيش ليا يا فتون… ليه خبتي كل ده 
اشاحت عينيها تمسح دموعها التي أخذت تنساب على خديها 
– أنتي كنتي محتاجه مساعدتهم زي يا جنات… كنتي هتفضلي عايشه مع عمتك اللي جوزها مش طايقك ولا ابنها اللي بيحاول يتحرش بيكي… انتي وانا كنا محتاجين مساعدة خديجة النجار. 
وعبارة خديجة تتردد في أذنيها عندما التقت بها لأول مره في الجمعية 
” الفرصه مبتجيش غير مرة واحده يا فتون..مكنتيش هتخدي حاجة لو كنتي بلغتي عن سليم… في الأول والأخر أنتي خدامه عنده.. أنا اسفه أني بقولك كده بس ديه الحقيقه وأنا عايزه اساعدك مش عشان سليم لا عشانك أنتي ” 
ارتجف جسدها بعدما أخذت تنفض الذكريات من عقلها لتلتقط كف جنات 
– الماضي انتهى يا جنات مش ده كلامك ليا.. لازم تتخطى الماضي بحلوه ومره.. سليم النجار صفحة واتقفلت خلاص 
” صفحة وانتهت “؟ هتفت بها جنات شاردة فعلى ما يبدو أن الصفح عادت تنفتح من جديد
وها هي تخطو داخل الشركة وتوقع على بعض الأوراق المطلوبة منها.. واصبحت إحدى موظفينه بل وقلبها يخفق بسعاده بتلك الوظيفة التي يحلم بها الكثير 
…………. 
يعرف تماماً كيف يجعلهم يلهثون أمامه يقدمون له اجسادهن.. يرى نظرات الرغبة والتوتر في عينيها منذ أن فتح لها باب شقته 
ودلفت بخطوات مرتبكة 
– مش بقدم مشروبات كحولية يا صوفيا أعذريني..
اماءت برأسها فنسابت بعض خصلاتها الناعمه على جبينها تلتقط منه المشروب الغازي ترتشف منه 
– لا أشرب الخمر 
تمتمت عبارتها بلكنتها الإنجليزيه فأبتسم وهو يرمق خلجات وجهها 
– جميل 
طالعته وهو يتحرك أمامها.. فاسرعت في النهوض خلفه 
– دكتور رسلان 
التف إليها… ينظر نحوها بتلك النظرة التي تجعل ضربات قلبها تخفق بجنون.. فمنذ أن أصبح يرتاد المطعم الذي تعمل به ويخصها ببعض البقشيش والمعامله البشوشة وتلك النظرة الساحرة لم تعد تلك الفتاه التي لا تفكر إلا في تخرجها من الجامعه والبحث عن وظيفها بمجال تخصصها 
– سأحضر لكِ الكتاب وأعود على الفور صوفيا 
ولكنها كانت أسرع منه وهي تُقدم له البداية… قبلة فجأته بها وكأنها تخبره بها إنها طوع بنانه.. يفعل ما يُريد 
لهثت أنفاسها وابتعدت عنه تخفض عينيها…انتظرت أن يقدم هو الخطوة الثانية..ولكن سرعان ما انتبهت على خطواته وهو يبتعد عنها ثم عاد لها بذلك الكتاب الذي كانت تبحث عنه ولديه نسخة منه 
– تفضلي صوفيا.. اعتبري هدية مني لكِ
التقطت منه الكتاب بيدين مرتجفه وعينين متسائلة 
– الكتاب؟ 
ابتسم وهو يرى صدمتها 
– بالتأكيد صوفيا.. يجب أن اكون بالمشفى بعد نصف ساعة 
انصرفت تحت نظراته بعدما رمقته بنظره أخيرة خائبة.. فزفر أنفاسه يتمتم لحاله 
” هكذا نحن نربح … وليست تلك المثالية التي كنت تعيشها رسلان.. ” 
………… 
تعلقت عينيها بصدمة بتلك التي تجلس جواره ملتصقة.. رحبت الخادمة بها فطالع نظراتها يبتسم إليها بوهن وهو يرى الملفات التي تحملها من أجل توقيعه 
– أكيد جبتي أوراق الصفقة عشان أمضيها يا ملك.. مش بتضيعي أي وقت 
قالها دون أن ينتبه نحو تلك النظرات التي تصوبها ملك نحو جيهان 
– مش معقول يا جسار حتى وانت تعبان شغال..خد كمل شربتك 
وبدلال تجيده كانت تكمل إطعامه دون أن تترك فرصه للأخري أن تسأل عن حاله أن تقدم إليه يدها كما كانت تفعل… يومًا كانت عكازه.. عامين إستمر فيهم زواجهم كانت خير رفيقة له ولكن زوجة حقيقة لم تكن.. رغم إنه كان ينسجم بعض الشئ معها ولكنها لم تسمح ويا للحسرة إنه مازالت تحب ذلك الذي تزوج شقيقتها وانجب منها ” رسلان ” الرجل الذي قبله عاشت مكسورة الفؤاد وبعده أصبحت حطام أنثى.. 
الرجال فحياتها يبحثون عن راحتهم… يقدمون لها القربان ثم يتركونها في المنتصف او في الحقيقه هي الخائبة لا تفعل كما يفعلون الأخريات 
– أنتي لسا واقفه يا ملك.. 
هتف اسمها فاقتربت منه تسأله 
– انت كويس يا جسار.. امبارح مكنش فيك حاجه 
طالع جيهان ينظر نحوها بحب يهتف مازحًا 
– يا سيتي جيهان النهاردة عدت عليا عشان نخرج نفطر سوا.. لقتني بعطس كام عطسه عملتلي حكاية
– كده يا جسار.. انت مش شايف نفسك تعبان..
تذمرت حانقة وتركت الطبق من يدها غاضبه ولكن سرعان ما التقط يدها يلثم راحة كفها 
– حببتي شكرا إنك معايا… حقيقي يا جيجي وجودك غير حياتي
ويا لها من حسرة وهي تنظر نحوهما
– هاتي يا ملك الورق امضي لأن شكل جيجي هتفضل معطلانا كتير
قالها بمزاح فابتسمت جيهان بنصر.. ها هي تظهر بصورة المرأة التي يرغبها الرجال كأمثال جسار.. مرأة محبه، لطيفة، مرحه ، تبحث عن راحته
– وادي الورق يا ستي.. في حاجه تانيه محتاجه توقيعي
لململت الأوراق تنفي برأسها
– انت كويس دلوقتي يا جسار.. مش محتاج مني حاجة
– انا موجودة معاه
هتفت جيهان عبارتها تضم نفسها نحوه بقلة حياء.. فلم تعد عينيه تتعلق ب ملك كما كان يفعل من قبل إنما عينيه كانت مع تلك التي لفت خيوط لعبتها بإحكام
انسحبت من أمامهم بعدما شعرت أن وجودها ليس مرحب به
– ملك هانم.. ملك هانم
– في حاجة يا فهيمة 
أطرقت الخادمة عينيها 
– أنتي والبيه مش هترجعوا لبعض يا هانم
واستطردت في حديثها تخبرها عن مخاوفها 
– الست ديه قلبي مش مريحني ليها يا هانم.. ديه استغفر الله العظيم بقت اغلب الوقت مع البيه حتى أوضة نومه بقت تدخلها وحضرتك اكيد فاهمه يا هانم 
………….. 
طالعت السيدة سحر سعادتها وهي تجول بعينيها بينها وبين عقد الإيجار 
– يعني من بكره اقدر افتح المطعم… 
اماءت السيدة سحر برأسها سعيدة لسعادتها 
– ايوه يا فتون.. ده عقد إيجار المطعم.. طبعا الجمعيه متكفله بكل حاجة لحد ما تقفي على رجلك.. 
سعادتها اليوم لا توصف وهي تحلم بغد افضل لها ولاشقائها دون الحاجة لأحد 
– بكره في حفله الجمعية عملاها يا فتون… الحفله ديه مهمه .. رجال أعمال وصحافه ناس كتير هتكون موجوده وهيكون في تكريم ليكم منهم
– حفله؟ 
تسألت برهبة… فالتقطت السيدة سحر رهبتها من رجفة نبرتها فنهضت عن مقعدها تقترب منها تطمئنها 
– الحفله ديه عشان تثبتوا ان كل ست تقدر تقوم وتواجه من تاني.. وإن حياتها من غير الراجل ممكن تكمل.. حكاية كل ست فيكم يا فتون هتكون دافع لكل ست مظلومه 
……… 
تعلقت عينيها بشقيقتها بعدما وقفت جوارها طبيبتها تصف لها حالتها 
– مدام ناهد بقت رافضه أى تحسن.. لدرجة إنها بقت تشوف واحده من الممرضات في صورة بنتها 
تنهيدة طويلة مثقلة خرجت من شفتي كاميليا… فانصرفت الطبيبة وظلت كاميليا كما هي تطالع شقيقتها
  تحركت نحوها لا تعرف أتبكي عليها أم تبكي على ابنة شقيقتها التي توفت في رعيان شبابها وتركت طفلان أم تبكي على رسلان الذي يرفض العودة للبلاد 
– بتعملي في نفسك كده ليه يا ناهد… 
كلما جاءت لزيارتها كان نفس السؤال الذي تسأله لها ولكن لا إجابه كانت تحصل عليها ولكن اليوم 
– رسلان فين 
هتفت بها ناهد بعينين شاردتين فارتسم الحزن على وجه كاميليا وتنهدت بحسره 
– رسلان في إنجلترا… بقاله سنتين هناك 
– عايزه رسلان يا كاميليا
طالعتها كاميليا دون أن تستوعب طلبها..وسرعان ما وجدتها تنكمش على حالها تردد بصوت هامس 
– عايزه رسلان… ملك 
………. 
تعلقت عينيها بالمقاعد المصطفه والاستعدادت التي تمت في تلك القاعة المخصصة لندوات الجميعة.. تقدمت نحو رفقاءها اللاتي جمعهن هذا المكان.. حيّتها السيدة سحر بإماءة من رأسها بسبب إنشغالها مع البعض… تمنت تلك اللحظة لو كانت جنات معها تشاركها تكريم اليوم 
زفرت أنفاسها ببطء تستمع إلى حديث البعض من ثرثرة..
 عدد الوافدين اخذ يتضاعف… فتعلقت عينيها بتلك الطاوله الموضوعه فوق المنصة التي اكتمل عدد جالسيها إلا مقعد واحد منتظر صاحبه 
الأصوات بدأت تتعالا بالثرثرة اكثر فأكثر.. تشعر بتوتر شديد لا تعرف سببه ولكن كما اخبرتها السيدة سحر وجنات إنها مثال للفخر والتحدي 
عادت تزفر أنفاسها مجددًا ببطء
– ممكن رجلك عشان اعرف اعدي 
ابتسمت وهي تزيح ساقيها من أجل أن تسمح لتلك السيدة بالمرور 
انتبهت على سقوط حقيبة يدها فانحنت تلتقطها وتضعها على ساقيها 
تعالا تصفيق الحضور فرفعت عينيها نحو المنصة ويديها تتحرك كي تصفق مثلهم فعلى ما يبدو أن الندوة ستبدء وقد جاء الضيف المتبقي 
– خلينا نرحب يا حضرات بأستاذ سليم النجار.. اكبر داعم ومساهم في الجمعية 
الظلام، تلك البرودة التي تحتل قدميها، صرير السيارة، وفتاه تجلس جوارها تهتف بها راجية بأنها لم تقصد
، تتوسلها أن تفتح عينيها
” ارجوكِ افتحي عينك… مكنش قصدي والله.. مكنش قصدي”
وعندما فتحت عينيها كانت تلك الشابه الجميلة شاحبة الوجه تناسب دموعها على خديها 
والماضي عاد لينسحب فلم يعد مكانه الآن… التصفيق يتعالا بعدما انتهت مديرة الجمعية من إلقاء خطابها
– سليم بيه ممكن تقول كلمتك يا فندم
عيناها كانت جامدتين خاوية من الحياة.. والصوت يتردد داخل أذنيها 
” اوعي تفتكري إنى رحمتك عشان صعبتي عليا…أنا رحمتك عشان قرفان… سليم النجار ملهوش في الخدامين “
التصفيق يتعالا مجددًا بصخب والأصوات جوارها يتهامس أصحابها بخفوت بالإنبهار والمدح 
” بيقولوا إنه متجوز… يا بختها مراته.. الفلوس والعز فعلا بيخلوا الناس ولا نجوم السينما” 
– كل ست فيكم فخر لأي ست بتتحدي ظروفها… إنتم أثبتوا لينا ولغيرنا إن لولا الظروف كنتوا هتوصلوا لكن كنتوا محتاجين الفرصه.. مافيش ست ناقصه عن غيرها “
التصفيق يتعالا بقوة وإنبهار الجالسين يزداد 
” بقى حتت خدامه تضحك عليا..”
وهكذا كان النقيض! 
حاولت النهوض عن مقعدها ولكن قدميها لم تسعفها.. رغم بشاعة ما عاشته مع حسن إلا أن تلك الليلة ظلت مرسخة داخلها فقد سقط الإقناع واكتشفت الحقيقة
” ف رب عملها لم يكن بطلًا ” 
– شكرا سيد سليم على كلمتك.. وشكرا على دعم مؤسسة النجار لينا 
توالي ضيوف الشرف كلمتهم… وهي تشاهد وتسمع تريد الإنسحاب ولكن جسدها يأبى الحركة.. حان وقت التكريم و وقت الهروب فقد فاق عقلها أخيرًا من غفوته
نهضت عن مقعدها وتخطت أقدام الجالسات يمينها.. لكن توقفت مكانها وإحداهن تقبض على ذراعها 
– أنتي رايحه فين يا فتون.. ده أحنا هنتكرم.. اقعدي جانبي اقعدي 
اجلستها عنوة تحتضن ذراعها تخبرها عن مشروع مشغلها الذي تكفلت به الجمعية وكم هي سعيدة 
واسم وراء اسم كانت تهتف به السيدة سحر… 
اخذت دقات قلبها تتسارع تنظر نحو المنصة ثم تدور بعينيها نحو باب الخروج
تعالت الأصوات مجددًا ومن حظها قد أنسحب سليم.. اغمضت عينيها وقد عادت دقات قلبها لمعدلها الطبيعي 
– فتون عبدالحميد 
نهضت عن مقعدها تُسرع في خطواتها تخبر حالها إنها ستلتقط شهادة تكريمها وتلك الهدية الرمزية وسترحل على الفور 
اتسعت ابتسامة السيدة سحر تنظر لنقطة ما خلفها وقد توقفت يدها عن إعطائها شهادة تكريمها 
– لا أنتي بالذات لازم سليم بيه النجار هو اللي يديكي هديته
ارتجف جسدها وشحب وجهها وتلاحقت أنفاسها مع إتساع بؤبؤي عينيها والسيدة سحر تردف 
– سليم بيه محامي معروف ومن أشهر محامين مصر …
ابتسم وهو يستمع إطراء السيدة سحر ورغم إنه لم يعد يترافع عن قضايا واتجه لعالم المال إلا إنه يظل فخورًا بمهنته المحبه 
– اتفضل يا سليم بيه.. كرمها بنفسك فتون تستحق التكريم 
تجمدت عينيه وهو يسمع الاسم..ويتمتمه دون وعي 
– فتون 
فلم يعد هناك مفر للهرب وقد صدقت جنات ” الماضي ما انتهاش من حياتك ولا خرجتي من عالم سليم النجار طول ما خديجه النجار بتدعمك يا فتون” 
التفت نحوه ببطء بعدما عاد ذلك الصوت يصدح داخلها 
” لم تعدي خادمته.. لم تعدي فتون القديمه” 
………… 
ركض خلفها بعدما فاق أخيراً من صدمته… لقد كانت قريبة منه لتلك الدرجة.. طالعته السيدة سحر متعجبه ما حدث تتسأل داخلها هل يعرف فتون من قبل؟ 
عادت السيدة سحر لضيوفها بعدما رمقت أخر طيف له داخل القاعة
دار بعينيه على الطريق يزفر أنفاسه بعدما اهلكه البحث عنها 
وضعت بيدها على فمها تكتم صوت أنفاسها خلف السيارة التي يقف جوارها وتختبئ خلفها 
اسرع سائقه إليه يسأله بعدما رأي سيده يقف في الطريق دون هدف 
– في حاجه بتدور عليها يا بيه 
التف سليم خلفه لعلا عينيه تلتقطها 
– في بنت خرجت قبلي مشوفتهاش 
حرك السائق رأسه نافيا فهو للأسف لم يكن منتبهاً نحو باب الدخول 
– لا يا فندم 
زفر أنفاسه يقبض على كفيه بقوة ومازالت عينيه تدور بالمكان 
غادر أخيرًا بسيارته.. فخرجت من مخبأها تسرع بخطواتها 
– مالك يا فتون… مال وشك مخطوف كده 
تهاوت بجسدها فوق الاريكة فاقتربت منها جنات تنتظر أن تلتقط أنفاسها وتخبرها 
– شوفت سليم النجار 
– ما ده المتوقع يا فتون… انتي مخرجتيش من عالم سليم النجار.. انتي لسا في دايرة العيله ديه لسا متحكمين فيكي 
وأطرقت جنات رأسها بعدما رأت تلك الكسرة في عينيها 
– متزعليش مني يا فتون… ما أنا كمان زيك بقيت بشتغل عنده
– مش زعلانه منك يا جنات .. ديه الحقيقه 
ودمعت عينيها وهي تتذكر أن اليوم كانت تلتقط منه شهادة التكريم ومفتاح المطعم الذي سيكون بداية مشروعها
– أحلامي بتتحقق بفلوسهم… لسا باخد منهم حسنتهم… فتون الخدامة
أسرعت جنات في ضم كفوفها تنهرها 
– أنتي مش لسا فتون القديمه… انتي واحده تانيه ناجحه قويه..اتحملتي حاجات محدش يتحملها
واردفت بحقد نحو اشباه سليم النجار 
– لو النهاردة البدايه الحقيقيه لدخول سليم النجار حياتك.. يبقى جيه الوقت اللي تاخدي فيه حقك 
………… 
قبض على هاتفه بقوه بعدما لم يتلقى إجابة من خديجة… عمته تلاعبت به والرجل الذي جعله يبحث عنها كان ولاءه لها.. يعطيه المعلومات التي تُريدها خديجة لا أكثر 
– عرفتي تضلليني يا خديجة… واتفقتي مع الراجل بتاعي يوصلي معلومات غلط 
واغمض عينيه يعود بذاكرته لذلك اليوم 
” اعمل اللي قولتلك عليه يا محسن.. دور عليها وعلى أهلها” 
أندفعت خديجة لداخل الغرفه تنظر نحو الرجل الواقف بترقب 
أشار إليه سليم بالإنصراف… لتتعلق عينين خديجة به بعدما قطبت ما بين حاجبيها بتسأل 
” مشيت الراجل بتاعك أول ما دخلت عليك ليه.. في حاجه بتعملها من ورايا”
التقط من جواره كأس الماء يرتشف منه القليل 
” هطلع أمتي من المستشفى… زهقت” 
” انت لسا تعبان يا سليم… مش كفايه عِنادك وبقيت تضغط على رجلك بالعافيه عشان تتحرك” 
وكالعادة كانت تشعر أن حديثها ليس له معنى ومدام قرر أن يخرج من المشفى سيخرج مهما فعلت وحاولت 
” حامد مانع شهيرة تخليني اشوف بنتي مش كده..؟” 
والجواب كان واضح على ملامح خديجة… التي أخذت تلعن حامد وتهتف بمقت
” سيبت كل الناس وملقتش غير شهيرة تتجوزها في السر وتخلف منها.. اه خليت حامد يتحكم فينا…” 
واردفت دون رغبه في حدوث تلك الزيجة ولكن وجود طفله بين العائلتين يحتم ذلك الأمر 
” مقدمكش غير تتفق انت وشهيرة وتتجوزوا لكن المرادي في العلن عشان بنتكم… “
زواج!!! إنه كان يريدها هي وحدها ليعوضها عن ما اقترفه بحقها ويظل بطلها المغوار كما كانت تراه ويربي معها إبنته … ولكن الواقع كان غير ذلك 
وها هو يعود للحاضر وشهيرة تدلف إلى مكتبه بغلالتها الحريرية القصيرة تقترب منه بخطوات هادئة 
– مستنياك في أوضتنا بقالي كتير من ساعه ما وصلت
طالعها بعينيه والتقط ذلك الملف الذي اراده أن يكون حجة 
– عندي شغل يا شهيرة… ف اطلعي نامي انتي 
تمايلت نحوه بعدما اخذت تمسد كتفيه 
– بكره بليل مسافره الغردقه عشان أمضي عقود الصفقة الجديدة..
وهمست إليه ببضعة كلمات راغبه.. لم يعد ذلك الرجل الذي يريد متعته لا أكثر حتى علاقته بشهيرة هي تفهم تماما أن زواجه منها مجددا لم يكن إلا من أجل أبنتهما 
ابتعدت عنه بعدما لم تجد أي إستجابة منه تعزز أنوثتها
– سليم أنت بقالك كتير مقربتليش.. مبقتش أعجبك يا سليم مش كده… بقيت محتاج واحده غيري أصغر واحلى 
امتقع وجه من تلك العبارة الدرامية التي أصبحت معتادة عليها مؤخرًا
– بلاش الدراما اللي بتسمعيها من دينا مرات حامد أخوكي يا شهيره…سليم النجار بتاع زمان انتهى ومبقاش في حياته غير بنته وشغله 
– وأنا يا سليم امتى هكون حاجه في حياتك… كل الحب اللي حبتهولك برضوه لسا شايفني مجرد ست كانت من ضمن الستات اللي اتجوزتهم مش اكتر ولا أقل 
– أنتي ام بنتي يا شهيره صورتك زي ما هي ست بقدرها وبحترمها لكن الحب مقدرش اكدب فيه 
اغمضت عينيها تخفي ذلك الشعور الذي يطعن أنوثتها ولكن سرعان ما تلاشته فما الجديد في علاقتهما منذ أن تزوجها ثانية من أجل أبنتهما 
– عجبك لون شعري الجديد… حاولت اكون في صوره مختلفه 
ومالت نحوه ثانية 
– الدكتور قالي فاضلي فرصه أخيره قبل ما اوصل لمنتصف الأربعين والموضوع يكون صعب.. عايزة طفل منك تاني يا سليم 
………….. 
استيقظ على قبلات صغيرته التي استيقظت بسعاده ونشاط اليوم في أحضان والدها 
– بابي.. أصح بقى كفايه نوم 
تمطأ برفق على فراش صغيرته يفتح عينيه بصعوبه ينظر نحو ساعة معصمه فلم يغفو إلا ساعتين تقريبا بعدما قضى ليلته بالخارج بعد إنتهاء حديثه مع شهيرة في أمر إنجاب طفلا أخر… يعلم إنه كان قاسي معها حينا رفض ولكن شهيرة لا تصلح أن تكون أم…كان يتمنى ان يجد فيها صوره أخرى غير صورة والدته ولكن للأسف شهيرة كل يوم تثبت إليه إنها نفس الصوره
– ديدا شربت اللبن النهاردة وهتكبر.. صح يا بابي 
الصغيره تخلق حديثً معها… هو عالمها وهي عالمه.. لثم وجنتيها بقبلات عميقه فعبست بملامحها وتذمرت وابتعدت عنه تمسح وجنتيها 
– بتمسحي بوستي يا ديدا هانم.. 
وعاد يقبلها ويدغدغها فتعالت ضحكاتها.. وقفت شهيره تطالعهم وتتذكر حديثه معها 
” أنتي مش عارفه تكوني ام لطفله واحده يا شهيره.. هتعرفي تكوني أم لطفلين.. بنتك طول اليوم مع الخدم.. قوليلي تعرفي بقت تحب أيه وتكره ايه… فكريني اخر مره اشتريتي ليها فستان جديد أو اخدتيها في حضنك و نامت” 
تلاقت عيناهم فانسحبت على الفور من أمامه… تمنى أن تأتي إليه تخبره إنها ستحاول أن تكون أم.. ستعطي حياتهم وقتً كما تعطي لأعمالها ومنافستها القويه لشقيقها ولكن ثيابها العملية أخبرته بوجهتها… العمل في المقام الأول
 …………….. 
تعلقت عينيها به بصدمه 
– أنت قصدك أيه بكلامك ده يا جسار… إن أنا السبب في ضياع الصفقتين من ايدينا 
اشاح عينيه بعيداً عنها يلتقط سيجارة ويدسها بين شفتيه حانقًا من نظرتها للأمر كأتهام 
– ملك أنا مش بتهمك وانتي عارفه كده كويس… أنا بفكر معاكي… محدش بيطلع على أوراق الصفقه غيري وغيرك  والمستشار القانوني استاذ عبدالرحيم وإحنا عارفينه كويس من أيام والدي الله يرحمه… اكيد في حد بيسرب المعلومات من عندك 
تجهم وجهها تنظر نحوه وقد احتلت الصدمه كيانها 
– بتلف وتدور وتتهمني يا جسار مهما حاولت تغير في الكلام… مافيش تفسير غير إن الخيانه من عندي أنا 
القى عقب سيجارته أرضًا يضغط عليه بحذاءه ويلتقط أخرى يشعلها بقداحته التي أخذت تعانده 
– يييه يا ملك أنتي بقيتي حقيقي صعبه كل حاجه بتفسريها غلط… مش معقول كده.. أنا غلطان أني بتكلم معاكي واناقشك
انسابت دموعها تنظر نحوه وهو يغادر مكتبه.. فما الذي تغير بينهم… لقد وعدها سيكون أوفى رجل بحياتها.. سيكون عائلتها وعكازها كما كانت هي يومًا 
ازدادت دموعها إنهمارًا على خديها وهي تتذكر كيف مضت السنوات التي جمعتهم، اكثر من ثلاث أعوام كل منهم واجه خوفه كل منهم رفض الأخر ثم تقبله… هو عاد له بصره وهي عادت لها حياتها 
– أرجوك يا جسار متتغيرش زيهم 
…………
طالع الملف الذي أمامه.. كل شئ أراد أن يعرفه عنها أصبح بين يديه.. تلك الفتاة التي انتشلتها من على الطريق منذ تلك الليلة عندما صدمتها بسيارتها.. مقر سكن والديها الأن ومكان إقامتها مع تلك الفتاه التي أصبحت تعمل الأن في شركته.. المطعم المستأجر من أملاكه… إلتحاقها بكلية الحقوق…
 وزفر أنفاسه متنهدًا وصورتها تعود لتقتحم عقله.. اشتاق إليها اشتاق لصغيرته المبهورة به كبطل جميل.. اشتاق لنظرة عينيها اشتاق لأشياء لم يكن يظن إنه سيشتاق لها..
 ظن إنها نزوة ومجرد شهوة تقوده ولكن رغم مرور الوقت إلا إنه مازال يشعر بنفس ذلك الإحساس الذي كان يشعره معها..شعور لا يعرف له وصف.
صدح رنين هاتفه فانتشله من حالته تلك… نظر نحو رقم المتصل ساخرًا.. فأخيرًا تذكرته خديجة بعد يومين 
– اسفه يا سليم.. المشروع الجديد واخد كل وقتي… 
وابتلعت باقية حديثها تستمع لسؤاله 
– أنتي اللي منعتي أي معلومه توصلي عنها.. مش كده يا خديجة 
صمتت دون أن تعطيه إجابة واغمضت عينيها تستمع إلى صراخه وإتهامه .. تشير لمديرة مكتبها بالإنصراف وتلعن حظها إنها من جعلته يذهب للجمعيه لتكريم السيدات اللاتي ساعدتهم الجمعية ونجحوا في تخطوا ازماتهم
– كنتي عارفه مكانها.. مش كده يا خديجة.. كنتي بتمنعي أي معلومه اعرف اوصلها بيها.. خليتي أهلها يسيبوا بلادهم وكل ده ليه ردي عليا
خرج صوتها أخيرا بعدما إستعادة رابطة جأشها تزفر أنفاسها متمهله
– عشانها يا سليم.. عملت كده عشانها.. شوف دلوقتي فتون بقت إيه
وهل بقيت فتون كما هي.. واردفت حديثها
– عندك فتون جديدة مش الخدامة اللي حاولت تغتصبها عشان صدقت شوية كلام من جوزها اللي كنت عارف ومتأكد إنه زباله
وهل أخطأت في شئ خديجة.. الحقيقه تظهر مع الزمن وهذا ما علمه.. حسن اضله وهو اضاعها
– شكلي هبدء احاول أصدق إنك فعلا حبيتها يا سليم.. لكن اوعي تنسى في شهيرة وفي بنتك!! 
……………… 
ابتسم بمهنية يطالع المريض الراقد على فراش المشفى 
– لا النهاردة أنت تمام خالص.. واقدر ابلغك إنك خلاص تقدر ترجع مصر 
تهللت اسارير الرجل كما كان حال زوجته التي ترافقه 
– بجد يا دكتور 
انبسطت ملامح رسلان أكثر.. فهو مع تلك العائلة عادت له مشاعر كادت أن تضحمل 
– بجد يا مدام… اهم حاجه بلاش تزعليه
قبضت المرأة على كف زوجه بقوة
– عمري ما اقدر ازعله ده شريك عمري وابو ولادي 
قلبه خفق وهو يري كيف أضاءت عينين الرجل بحديث زوجته.. تعالا رنين هاتف الزوجة فانسحبت معتذره تخبره أن أحد ابناءهم يتصل 
رمق الرجل زوجته وعاد يسترخي بجسده على الفراش مبتسما
– لو تعرف يا دكتور حكايتنا هتستعجب 
أراد الرجل الحديث خاصة وهو يري شخصًا من موطنه و طبيبه الخلوق الماهر كما أخبرته زوجته 
– أنا ونهال ولاد خاله… حبتها من وإحنا أطفال صغيرين… لكن للأسف أخويا حبها وكان لازم اضحي… اخويا الصغير اللي مربيه كبر وحب وعايز يتجوز… كان اسعد يوم في حياتي وهو بيقولي عايز اتجوز ولقيت شريكة حياتي 
واغمض عينيه والزمن يعود به لذلك اليوم 
– فرحتي ضاعت وبقي أتعس يوم في حياتي لما قالي مين هي اللي عايزني اخطبهاله … سافرت بعيد وحاولت اكمل حياتي لكن مقدرتش.. اتجوزت وطلقت…بقيت اشتغل زي الآله 
تعلقت عينين رسلان به بعدما قبض فوق التقرير الطبي الذي مازال يمسكه بين يديه يتذكر حكايته… صمت الرجل ولكن قلب رسلان لم يصمت.. القلب يريد أن يعرف كيف اصبحوا الآن معا 
– عايز تعرف ازاي بقينا لبعض… القدر يا دكتور… محدش بيحارب المكتوب… نصيبنا نفترق في البداية… هي تتجوز وأنا اتجوز… هي كانت نعمة الزوجه لأخويا رغم إنها محبتهوش واتقبلت طريقها معاه.. وأنا كملت حياتي ووصلت لطموحي
– وبعدين 
ابتسم الرجل وهو يرى تفاعل رسلان معه.. وكيف نسي نفسه في غرفة مريضه 
– أخويا مات… حصلتله حادثه.. اوعي تفتكر أني سعيت عشان أتجوزها بالعكس أنا مقدرتش أفكر فيها تاني ك ست عايز امتلكها بعد ما اتجوزت أخويا.. لكن كل حاجه كانت مترتبه.. تدبير ربك.. نهال صغيره واترملت ولسا شابه وكانت حامل ف ابن اخويا… اخواتها بعد ما ولدت وعدت سنه حاولوا يجوزوها وراجل كل يوم بيتقدم.. لحد ما واحد من أخواتها قالي بطريقه تهكمية ما تتجوزها انت وتربى ابن أخوك واه من لحمك و دمك بدل ما أنت معترض أوي على جواز حد من رجالة العيله منها ولا ستات بره بقوا عجبينك..
ولمعت عينيه وهو يتذكر تلك اللحظه التي أصبحت فيها زوجته 
– بقالنا عشرين سنه متجوزين… وبقي عندنا 4 ولادك.. تلت ولاد وبنت 
– ربيت ابن اخوك 
اعتدل الرجل في رقدته مبتسم بفخر
– حضرت الظابط عمر ده ابني البكري… وسند اخواته  وأمه من بعد ربنا وبعدي 
وانقطع الحديث مع دلوف إحدى الممرضات تخبره بضروره وجوده في مكتبه 
عاد لمتابعة مرضاه وها هو اليوم ينقضي وحديث الرجل عالق في أذنيه وسؤال واحد كان يسأله لنفسه اليوم 
” أنت بتعاند مين يا رسلان..؟” 
قطع أفكاره رنين هاتفه ينظر لرقم المتصل متعجبًا فوالده لا يتصل به إلا إذا كان هناك أمرًا متعجلًا 
– لازم تنزل مصر بسرعه… ابنك تعبان يا حضرت الجراح العظيم… ابنك محتاج عمليه قلب مفتوح 
…………. 
منذ أسبوع يأتي لهنا… يأتي ليُطالعها في مطعمها الصغير من خلف زجاج سيارته… يُطالع إحباطها ويأسها من قلة الزبائن ومحاولتها هي وصديقتها في أن تجعل وجهت المطعم جذب للزبائن 
أراد الخروج من سيارته ولكن كلما تحركت يده نحو الباب تراجع وتمالك مشاعره.. فتون لن تتقبله في عالمها بتلك السهوله عليه أن يخطط ويفكر كيف يعيدها لحياته ثانية 
تعالا رنين هاتفه فهتف بالمتصل متسائلا 
– عملت اللي قولتلك عليه 
– ايوه يا فندم… كل مدراء فروعنا وحفلاتنا هيتم التعاقد مع المطعم… غير معارفنا يا فندم 
والنتيجة التي أخبره بها رجله كان يراها بعينيه من بعيد… صديقتها تحتضنها بسعاده وهي تهلل بيديها 
اتسعت ابتسامته وخفق قلبه يتمتم لحاله دون وعي 
– المرادي هتدخلي عالم سليم النجار مراته مش خدامه يا فتون 
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!