Uncategorized

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فرح طارق

 رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فرح طارق

في صباح يومٍ جديد إجتمع الجميع حول مائدة الطعام في فيلا ماجد، ومعهم أسر وليان..
جاسر بجدية : أنا حجزت الفندق الي هنعمل فيه فرح زياد وصبا، والفرح بعد أسبوع ف الحقي يا صبا شوفي الفستان وهتعملي إيه وحاجات البنات دي، والفندق كان فيه معاد تاني بعد يومين بس خليته أسبوع علشان يكون قدامكم وقت..
قاسم بضحك : أسبوع! وهي حاجات البنات الي بتقول عليها دي هتاخد معاهم أسبوع؟ قول شهر اتنين تلاتة!
أسر : هو لو اتحدد بعد سنة بردوا مش هيلحقوا ف أسبوع أسبوع..
ثم نظر لزياد الذي كان يجلس مكانه وعيناه تلتمع بالسعادة : مبروك يا وحش.
انتفض زياد ناحية جاسر واحتضنه واردف بسعادة : أيوة بقى يا جاسر يا أبو الجسور كلهم..
رفعت مروة أناملها وهي تضعها أمام فمها وتطلق العنان لفرحتها لتزغرد فرحتًا بابنتها..
احتضن هشام صبا واردف بحنان أبوي : مبروك يا قلب ابوكِ.
صبا بخجل وسعادة بآنٍ واحد : الله يبارك فيك يا بابا.
ليان بضحك : إيه يا بت الكسوف ده! هو انتِ طلعتِ زي البنات بتتكسفي وكدة!
شروق بضحك : بس يا ليان متكسفهاش!
صبا بغضب : تصدقي إنك رخمة! وبعدين هو أنا مش بنت يعني!
طالعها زياد بعشق واردف بنبرة عاشقة بصدق : وست البنات كلهم.
صفق أسر بينما ضرب قاسم زياد خلف رأسه واردف : طب راعي إن أخوها وابوها موجودين!
زياد بغضب : مراتي ها مراااتي وأقوم احضنها قدامكم لو تحب.
– آه علشان ادفنك مكان ما أنت واقف.
ماجد : تدفن مين ياض أنت! ده جوزها أنت فاهم الي بتقوله!
– جوزها بس مش قدامي كدة! وأنا أخوها ودمي حامي بردوا.
هشام بحزم : بس انتوا الاتنين مش هتتخانقوا تاني دلوقت، ويلا نروح الشركة وهما يشوفوا هيعملوا إيه مع بعض.
في غرفة صبا..
“أصل الأفندي متلقح جوة قلبي، و ف قلبي لُه غلاوة..”
– يا بنتي بس بقى!
صدح صوت ليان بضيق وتأفف من صوت غناء صبا، بينما رمقتها صبا بغيظ واردفت : بس إيه؟ فرحي بعد أسبوع يا ماما، فوقيييييييي بقى فوقيييييي.
شيري بضحك : يا بنتي من يوم ما جاسر حدد يوم الفرح وانتِ مزهقانا كدة!
ليان بتأفف مصطنع : مش عارفة وكإن مكنش حد اتجوز قبلها..!
اقتربت صبا من شيري واردفت : لأ بس جوزك ده جامد، سكت سكت وجه رمى قنبلته وحدد معاد الفرح.
ثم قفزت بسعادة وهي تصفق واكملت : عاااا هطير م الفرحة إيه ده؟ لأ إيه ده بجد؟ مش مصدقة هلبس فستان أبيض!!!! بس هبقى أحلى منك يا ليان انتِ وشيري..
قالت جملتها الأخيرة بحماس شديد، ولم ترى تِلك الوغزة التي دُفعت بقلب شيري وهي ترجع بذكراها لوقت زفافها وعقد قرآنها بدون زفاف، وكانت ترتدي ذاك الفستان الأسود بسبب وفاة والدتها..
دلفت مروة للغرفة وتقدمت ناحية صبا وضمتها بحنان شديد، وعيناها تبكي من شدة فرحها بابنتها، واردفت بدموع : مبروك يا قلب أمك.
ليان : خلاص بقى يا مرات عمي، بتعيطي من دلوقت؟ أمال يوم فرحها هتعملي إيه؟
مروة وهي تمسح دموعها : هعيط أكتر، وبعدين دي دموع فرح، وهو شروق معيطتش يوم فرحك؟ ده لما كان حد يقولها مبروك كانت تعيط!
ضحك الجميع، بينما نهضت شيري واردفت : أنا هروح أشوف قاسم واريح شوية لأن ضهري واجعني أوي.
ابتسمت لها مروة بحب واردفت : ماشي يا حبيبتي.
صبا وهي تعقد حاجبيها : هو انتِ مش ناوية تولدي؟ انتِ هتربيها جوة بطنك؟
شيري بضحك : آه بدل ما لسة أتعب واربي ف اجيبها متربية جاهزة.
ثم أكملت بجدية : أنا ف الآخر التامن خلاص بس مستنية أولد يوم فرحك.
شهقت صبا واردفت : نعم ياختيييي؟ يوم إيه؟ والله ما يحصل!
لكزتها مروة بخفة واردفت بضحك : يا بنتي اسكتِ ! تقوم بالسلامة بإذن الله وبنتها تنور البيت كلوا علينا.
اكتفت شيري بإبتسامة وخرجت من الغرفة وما إن أغلق الباب خلفها حتى خانتها دموعها وانهمرت على خديها..
مسحت دموعها وذهبت ناحية غرفتها، و وجدت جاسر أمامها ف الطُرقة..
عقدت حاجبيها واردفت بتساؤل : جاسر؟ رجعت من الشركة ليه؟
– مالك..؟
– مالي؟
اقترب منها حتى وقف أمامها واردف وهو يتفحص ملامحها : كنتِ بتعيطي صح؟
ابتسمت لهُ واجابته : لأ وهعيط ليه؟
– مش بسألك أنا عارف، بس ليه كنتِ بتعيطي ف ده الي انتِ هتجاوبي عليه مش أنا.
امسك بيدها وأخذها إلى غرفتهم، ودلف بها وأغلق الباب خلفهم واستدار إليها وابتسم لها واردف : حصل إيه؟
ارتمت بداخل أحضانه وأخذ بكائها وشهقاتها تعلو، بينما ضمها هو بحنان وترك لها العنان للانفجار بداخل أحضانه وهو يربت على ظهرها..
اردفت شيري وسط دموعها..
– ماما وحشتني أوي يا جاسر، كان نفسي ف حاجات كتير أعملها وهي معايا، غصب عني بتوحشني، غصب عني بتمنى إن كان يكون بينا ذكرى كويسة افتكرها بيها، بس هي مسابتش جوايا غير كل الوحش وبس، أنا مش وحشة ولا بحقد على حد بس غصب عني لما بشوف علاقة ماما وليان وعلاقة صبا بمامتها قلبي بيوجعني أوي..
ازداد بكائها، بينما ضمها جاسر لأحضانه أكثر وكأنه يخبئها بداخلها، يخبرها بأن أحضانه بيتًا لها، أحضانه وُجِدت لها حتى تسكُن بداخلهم، وتبكي بداخلهم، وتضحك بداخلهم، أحضانه وُجِدت لتكُ بيتًا لها مهما بدت حالتها..
أكملت حديثها ببكاء :
تعرف؟ وقت خطوبة ليان وصبا كنت تعبانة أوي يا جاسر، كان قلبي بيوجعني أوي، أنا قلبي بيوجعني كل ما أشوف علاقة أم ببنتها، لما أبقى فاتحة أي موقع ع السوشيال ميديا وأشوف صور أم وبنتها قلبي بيوجعني، هي سابت أثر جوايا كبير أوي يا جاسر، أثر مش قادرة امحيه ولا قادرة أتقبل وجوده واتعايش معاه.
اتبعدت عنه ونظرت لعيناه التي أدمعت لأجلها واكملت : كانت بتعذبني أوي يا جاسر هي وجوزها.
أرجعها لداخل أحضانه وانهمرت دموعه هو الآخر للمرة الثالثة بحياته، لثالث مرة يبكي بحياته وفقط لأجلها، لأجل معشوقته..
ابتعدت شيري عنه ونظرت لهُ وهي تعقد حاجبيها واردفت وهي تمسح دموعه : جاسر أنت بتعيط؟ أنا آسفة.
ابتسم لها بوجع بداخله ولكن ليس منها كـ كل مرة بكى بها وانما تلك المرة يبكي لأجلها واردف : وهي أول مرة يا شيري؟
استند بجبينه على جبينها واغمض عيناه واردف وهو يبتسم : مش أول مرة، وكل مرة بتكون علشانك، أول مرة أبكي ف حياتي كانت علشانك، يوم ما ولدتي قاسم، فاكرة يومها حصل إيه؟ وفاكرة فترت الحمل حصل إيه؟ كنت بحاول أكون معاكِ ولما ولدتِ قاسم بعدتِ عني أوي، كنت بقرب وانتِ تبعدي، وكنتِ تقربي وقت و وقت لأ، كنتِ بترفضيني كتير أوي يا شيري، يومها بكيت، علشانك، علشان وجع قلبي منك، ومرة تانية بعدها لنفس السبب لما قولتِ إنك بتكرهيني، قساوتي وإني قررت اتجوز غيرك دي كانت علشان ارضي كرامتي قدام نفسي تاني وفكرت إن ده الحل الي هيرجعها تاني قدام نفسي، بس مقدرتش.
احتضن وجهها بين يديه وأكمل : بحبك يا شيري، بحبك حُب انتِ مش مستوعبة ولا متخيلة هو قد إيه، بعشقك يا شيري من أول يوم عيني جت عليكِ فيه وأنا فيه حاجة كوايا انجذبت ليكِ..
ابتسم لها واردف وهو يحك رأسه
– كنت بقول انجذاب بس لأني كنت من النوع يعني الي بيميل للست الكيرفي شوية..
عقدت حاجبيها وكادت أن تتحدث ولكنه قاطعها : بس عرفت إنه لأ، شوفت كتير بعدك بس كنت عايزك انتِ، عايز شيري بنفس تركيبتها، مش عايز غيرها، اتجوزنا بشروطك لما قولتِ مش عايزة فرح ولا أي حاجة، وقتها اضايقت فوق ما تتخيلي، لأني كنت عاوز اطلع بيكِ قدام كل الناس واقولهم دي مراتي، بتاعتي، تخصني وبس، لكن ده كان شرطك وأنا كنت عايزك ف وافقت وخوفت ترفضي جوازي منك، أنا راجل يا شيري طبيعي هشوف رفض من واحدة ليا مهما كانت درجة حبي ليها هي إيه ف كرامتي هتكون أكبر بالنسبة ليا، حبي وصل ليكِ لدرجة كبيرة متتخيلهاش بس انتِ كنتِ أوقات بتكوني كويسة معايا وأوقات كنت بحس إنك مش طايقة وجودي معاكِ، وخصوصًا لما ولدتي قاسم وجبتِ مربية وقولتيلي إنك مش حباه علشان هو مني، كنتِ منتظرة مني ايه؟ عارف من بعدها أسلوبي معاكِ وطريقتي كانوا زفت، بس انتِ وصلتيني لكدة، وكل ما كان بيزيد حبي ليكِ كل ما كان الموضوع بيبقى أصعب جوايا.
أطلق زفيرًا وتنهد واحتضن وجهها وابتسم لها واردف : بصي أنا بقولك ده دلوقت علشان أعرفك انتِ عندي إيه، أنا يوم ما بتكوني معايا ف أي مكان وبحس إن فيه حد بيبصلك أنا بعدها بمحيه من على وش الدنيا، فاكرة لما جيتِ معايا حفلة بمناسبة عقد شراكة جديد بيني وبين شركة تانية؟ وتاني يوم الشركة دي أعلنت خسارتها وأنا نهيت الشراكة وبابا فضل شهر يحاول يعرف أنا نهيتها ليه برغم إني سعيت للشراكة دي وقت طويل أوي؟ وقتها لما جيتِ معايا الحفلة كنت ملاحظ نظرات صاحب الشركة دي ليكِ، اتجننت يومها ونهيت كل حاجة بينا وفلست شركته، ده غير إني ف الحفلة ضربته..
– بجد! ضربته علشان كدة؟
قالت جملتها وعينيها توسعت بصدمة كبيرة، ف هي تتذكر حينها كيف كان يلكمه ولم يستطع أحد أن يبعده عنه، وكيف كان يعمل على تلك الصفقة من الأساس!
ضحك جاسر عليها واردف وهو يأخذها بين أحضانه : ياه حاجات كتير أوي عملتها بسببك وكتير أوي ضربتهم..
ابعدها عنه وغمز لها واردف : ما أنتِ الي كيرفي ومجنناني وراكِ ومخلياني حاطط عيوني حتى ف قفايا..!
أخذها لاحضانه مرة أخرى واغمض عيناه واردف بحنو : أنا حكيتلك ده علشان تعرفي لما بتزعلي أو بيكون فيكِ حاجة أنا ببقى عامل إزاي برغم إنك مهما تتخيلي بس مش هيوصلك مدى الي بيكون جوايا.
تعلقت باحضانه واردفت ودموعها تنهمر : أنت جميل أوي يا جاسر، وأنا بحبك اوي اوي، ربنا رزقني بيك بعد كل الي شوفته ف حياتي، وانا غبية على كل لحظة ضيعتها بينا من لحظة جوازنا، وصدقني لو رجع بيا الزمن كنت سيبت ماما وهربت وجيتلك يا جاسر، وجيت لحضنك الي لما ببعد عنه بحس بغربة كبيرة أوي، بحس إني بردانة حتى ف عِز الحر، حضنك بقى بيت ليا لما بيغيب عني بحس إني طفلة يتيمة مرمية على الرصيف ف الشوارع ملهاش مأوى.
– لأ لأ مقدرش على الكلام ده!
اردف بكلماته بمرح حتى يخفف عنها، بينما ضحكت هي وهي تتعلق باحضانه أكثر..
في مكان آخر تحديدًا مبنى المخابرات..
صعد قاسم متوجهًا لمكتب كيان، ودلف سريعًا دون أن يطرق على الباب، واردف : لقيتها..؟ 
نظر له كيان بغضب واردف : فيه باب تخبط عليه!
– اخلص يا كيان لقيت البنت؟
– هلاقيها من إسمها وسنها؟ أنت اتهبلت يا قاسم! 
قاسم بغضب : وفيها إيه؟ مش ظابط؟ أمال فرحان بالنجوم دي على إيه! قولتلك اسمها براء وعندها ١٨ سنة ونص! فين الصعب ف إنك تلاقيها؟ 
– بلد فيها ملايين هدور عليها ف وسطهم؟ ما أمشي بمايكروفون وأقول عيلة تايهة إسمها براء عمرها ١٨ سنة ونص يمكن نلاقيها!
استدار الإثنان على صوت اللواء رفعت الذي لوهلة تناسى كيان وجوده 
– فيه إيه يا كيان؟
أشار كيان لقاسم واردف : فيه إن الاستاذ شاف بنت ف المستشفى وجاي يقولي ادورله عليها وهو ميعرفش عنها حاجة غير إنها كانت مع أختها بتغير ع جرح، واسمها براء عندها ١٨ سنة ونص! بذمتك اجيبها منين دي؟ أمشي بمايكروفون ادورله عليها!
نظر لهُ رفعت وهو يتذكر إحدى مواقفه مع ابنته حينما كان يخبرها بأن عمرها خمسة عشر عامًا وكانت تصرخ بوجهه وتخبره بأنهم خمسة عشر عامًا ونصف! 
تقدم رفعت ناحيته وعقد حاجبيه واردف بتساؤل : طب وأنت ليه بتدور عليها؟
لوى كيان فمه بسخرية واردف : حبها، آل إيه وقف عرف إسمها وسنها ف حبها..! طب ماشي حبيتها، طب ع الأقل كنت هات منها عنوانها أمشي وارها أعمل أي حاجة..! 
قاسم بغضب : يوه عليك.! فكرته اعجاب عادي معرفش إني هبقى كدة! وبعدين مش هتعرف تساعدني خلاص قولي وأنا هتصرف!
وقف رفعت بمنتصفهم واردف بنبرة حازمة : بس انتم الاتنين..
ثم طالع قاسم وهو يرفع هاتفه أمامه واردف : هي البنت دي؟
قاسم بدهشة : أنت تعرفها؟ أيوة هي! 
نظر رفعت لكيان الذي يطالعه بعدم فهم، واردف : أنا رايح مكتبي هخلص واجيلك..
ومن ثم أشار لقاسم 
– وأنت تعالى معايا.
في مكتب اللواء رفعت..
جلس خلف مكتبه وقاسم أمامه، وصمت لثوانٍ واردف رفعت : براء تبقى بنتي.
قاسم بجدية : أنا قاسم المهدي، ٣٠ سنة، خريج هندسة معمارية، وعمي يبقى ماجد المهدي، واشتغلت أنا وابن عمي جاسر إبنه على شركته وأكيد بتسمع عن سلسلة شركات المهدي سواء ف مصر أو برة مصر.
طالعه رفعت بهدوء مُتفحص واردف : أهلا بيك يا قاسم.
– شوفت براء ف المستشفى، خبطت فيها من غير قصد، و وقفت اعتذر لها وطلبت أعرف إسمها وعرفته وكمان عرفت عندها قد إيه، ومن بعدها مشوفتهاش تاني ومن يومها بدور عليها، ومش عارف إزاي ده يحصل بس صدفة تجمعني بيك كدة ف أنا مش مصدق والله، بس يسعدني جدًا إني اطلبها منك.
– مش شايف فرق السن بينكم كبير شوية؟ ١٢ سنة! 
قاسم بهدوء : لأ مش شايف فيه أي مشكلة، المشكلة الي ممكن أشوفها إن ميكونش فيه تفاهم، مقدرش افهمها، احتويها ف يوم، اديها الإهتمام الي هي محتاجاه، ادعمها ف دراستها، أقسى عليها ف يوم..
استند رفعت بيده على المكتب وطالع قاسم لعدة ثوانٍ وهو يرى ملامحه الهادئة، ونبرة صوته الواثقة في الحديث، ثقته بكل كلمة قالها مما دفعه هو الآخر لأن يثق بِكلامه..
– تمام يا قاسم، والكلام الي هقوله ليك دلوقت، مش هيناسب معاك هتفضل تقوم وتمشي بكل هدوء، وبدون أي شوشرة.
عقد قاسم حاجبيه بعدم فهم بينما أكمل رفعت : أنا لِوا وف المخابرات الخاصة، ليا أعداء بعدد شعر راسي، يمكن أعدائي أكتر من حبايبي، وصلت لمكانة كبيرة أوي ف شغلي، حققت كتير ومهام كتير ظباط رفضوها لصعوبتها وأنا انجزتها بفريقي، بس للأسف كل إنجاز عملته وكل حاجة حققتها براء هي الي دفعت تمنها..
– إزاي؟
– من سنتين ونص كنت ف مهمة انجزتها، وخدت ناس كتير رهن عندي، ومن ضمنهم حد كان واصل وبنتي اتخطفت قصاد الي كان عندي، رجعتها منهم بس كانوا اغتصـ
لم يكمل رفعت حديثه حتى قاطعه قاسم بجدية : وأنا بردوا بنفس كلامي وليا كل الشرف وهكون سعيد فوق ما تتخيل إنك توافق على طلبي بأني اتجوز براء.
– يومين وهرد على طلبك يا قاسم.
– وليه يومين؟ ما تروح بيتك دلوقت وشوف راي بنتك عقبال ما أجيب عيلتي واجي!
ضيق رفعت حاجبيه واردف : هو هاخد رأيها ف ترينج العيد! ده جواز يا أبني! أقولها وتصلي استخارة وتشوف هترتاح ولا لأ..!
زفر قاسم بضيق واردف من بين أسنانه : ماشي، وده الكارت بتاعي مستني منك الاتصال وتديني المعاد بأني اجي.
رفعت بتسلية : ما ممكن أتصل واقولك مش موافقة!
– لأ هتوافق، ولو موافقتش كلمني وأنا هقنعها توافق، بس فهمها أنت إنها ف كل الحالات هتوافق ف توفر وقت والوقت الي هتفكر فيه ونحاول نقنعها مثلا أهو نتجوز فيه! 
– أمشي يا قاسم.
قالها رفعت بضحك وسعادة داخلية، وسؤال واحدًا يتردد بداخله أهذا هو عوض ابنته؟ 
ذهب قاسم وطلب رفعت أن يأتي كيان حتى يتحدث معه بشأن قاسم..
بعد وقت كان يجلس كيان أمام رفعت بعدما أخبره بطلب قاسم..
كيان بهدوء : من غير ما تسأل عنه قاسم صاحبي وعارف كل تاريخه، بس الي هقوله لحضرتك دلوقت بأنه فعلا دلوقت غير الأول خالص وخصوصًا من بعد ما شاف بنت حضرتك، قاسم علاقاته كانت كتير جدًا، قطعهم كلهم دلوقت، بس جدع فوق ما تتخيل، خدوم جدًا وصاحب صاحبه، ياما وقعت ف حاجات وهو كان مساندني فيها، ومن وقت ما جيت القاهرة بفريدة وأنا بسافر وسايب عين قاسم عليها، وبسافر وأنا واثق كأن عيوني هي الي موجودة مش قاسم، ويمكن دي أقل حاجة ممكن أقولها ف حقه.
– أنت عارف براء عندي إيه يا كيان، وكمان..
قاطعه كيان مردفًا : وقاسم بيحبها، مشوفتش كان بيدور عليها إزاي وبيروح المستشفى قد إيه واقوله مش هتلاقيها يقولي أختها ممكن تيجي تغير تاني ولا حاجة وممكن أشوفها..
تنهد رفعت بحيرة بينما أكمل كيان بجدية : صلي استخارة أنت مش براء، وكمان براء، وصدقني قاسم اضمنه برقبتي، ده صاحب الطفولة بتاعتي وكبرنا سوى، آه زي ما قولتلك علاقته بالستات كانت كتيرة بس دلوقت اتقطعت، وكل شخص بيكون فيه شئ غلط ف حياته وبيجي يتوب عنها، وكلنا بشر وبنغلط بس المهم نعرف غلطنا ونتوب عنه.
زفر رفعت بحيرة واردف : ماشي يا كيان..
ثم نهض من مكانه وأكمل : أنا هروح البيت، أتكلم مع براء، هي اصلا حكيتلي عنه يوم المستشفى علشان كدة شبهت ع الموضوع من أول ما دخل المكتب واتكلم معاك، ف هروح أتكلم معاها وأشوف الدنيا.
نهض كيان هو الآخر واردف : تمام يا باشا.
في الشركة دلف قاسم لمكتب ماجد و وجد والده يجلس معه، واردف بجدية : أنا هتجوز.
ماجد : دي كدبة أبريل؟
جلس قاسم أمامهم واردف بجدية : لأ مش كذبة أبريل..
ثم قص عليهم الأمر ولكنه لم يذكر لهم الأمر الخاص ببراء، ف ذلك شيئًا لا يخص أحد سواه هو فقط، وهو تقبله وقرر بالنسبةٍ له أن يجهله، ولا يعطيه أي أهمية من حياتهم وكأنه لم يكن يومًا..
احتضنه ماجد بسعادة واردف : مبروك يا قاسم، أبني التالت هيتجوز!
لمعت أعين قاسم بسعادة ولكنه أجابه بمشاكسة : إبنك؟ دا أنا كنت فاكرك ضُرتي!
دفعه ماجد من أحضانه واردف : طب غور يا قاسم أنا غلطان!
ضحك هشام عليهم واحتضن إبنه وبارك له بسعادة..
بعد وقت اردف قاسم بتساؤل : هو جاسر فين؟
– مش عارف، قالي هروح مشوار وراجع.
ضرب قاسم رأسه بتذكر واردف : صح افتكرت أنا رايحله سلام.
في مكان آخر تحديدًا مبنى مهجور وصل قاسم إليه ونزل من سيارته واتجه لإحدى المخازن و دلف بها و وجد جاسر يقف أمام شخصً ليس واضحًا من أي ملامح من سيل الدماء من وجهه، ورجال جاسر يقيدونه وجاسر يلهث ويده ممتلئة بالدماء، ومن الواضح بأنه كان يضربه.
تقدم ناحية جاسر واردف : يخربيتك هتموته يا جاسر!
نظر جاسر لرجاله واردف : خدوه جوة وكتفوه، ظبطوه بس يفضل عايش مفهوم؟
رحل رجاله بينما التف جاسر لقاسم واردف بحقد : مش هموته متقلقش، لسة هسيبه عايش أطلع فيه كل الي شوفته ف حياتي، وبعدين اسلمه للبوليس ومعاه كل القذارة الي عملها ف حياته.
جلس جاسر على إحدى المقاعد واردف : كنت فاكر إن خلاص اتعالجت، وحياتنا بقيت طبيعية، زي أي أسرة تانية بس هي لسة، جواها لأ، لسة فيه سموم ف قلبها مخرجتش يا قاسم، لسة مخرجتش، لسة فيه سموم بتنهش ف قلبها بس وحياة حبي ليها لهطلعهم من جواها، والزفت ده لهاخد حقها منه وحق كل زفت هي شربته بسببه وحق إدمانها الي هو وصلها ليه وحق كل لحظة هي مرِت بيها..
بعض الأذية التي يسببها الأشخاص بِنا، تكُن كسهمٍ مسموم يُصيب بمنتصف القلب ف يُصبح كالداء ليس لهُ دواء..
في المساء.
في غرفة جاسر وشيري..
كان ينام على الفراش وزوجته بأحضانه، زفر جاسر بضيق وتساءلت شيري : مالك؟
– قاسم كل ده مجاش؟ عاوز أنام! اتعودت ينام ف حضني!
ضحكت شيري عليه واجابته : المربية الجديدة قاسم حبها جدًا وهي كمان حبته، وبقى بينام معاها.
– خلاص هجييه أنا ينام ف حضني.
تعلقت شيري به واردفت : جاسر حبيبي، قاسم مش عاوزة اعوده الفترة دي بالذات ينام معانا علشان لما أولد ميبقاش فيه غيرة بينه وبين البنت، لأنه هيتعود ينام معانا بعدين هيلاقيها جت وهي الي بتنام ف حضني ف هيبقى فيه شوية غيرة بينهم، ف خلي الأمر ماشي زي ما هو لحد ما أولد وأول فترة تعدي بخير، ماشي يا روحي؟
صمت بضيق كالأطفال ف حقًا اعتاد على نوم ابنه باحضانه، بل الشعور بأن أسرته تنام بجانبه قد اعتاد عليه، يريد تكراره كل يوم، يريد الشعور به كل ليلة قبل نومه حتى يقدر على النوم براحة كما كان..
– ممكن أطلب طلب منك؟
– أكيد يا روحي اطلبِ وأنا أنفذ.
نهضت وجلست أمامه واردفت بجدية : عاوزة نقعد ف شقة لوحدنا، وتكون شقة مش فيلا زي ما قولتلي.
عقد حاجبيه بدهشة واردف : اشمعنا؟
شيري بحماس : فاكر لما كنا قاعدين ف شقة؟ كانت جميلة أوي يا جاسر، صغيرة وحلوة، يا دوب على قدنا، كنت حاسة فيها بدفا كبير أوي، هي شقة أوضة ليا وليك واوضة لقاسم و واحدة لبنتنا ومش عاوزة مربية، أنا هربيهم وهسهر معاهم وهكون معاهم لحظة بلحظة، هتابعهم وهما بيكبروا قصاد عيني، اعوضهم عن كل حاجة كان نفسي فيها وأنا ف سنهم، علشان خاطري وافق يا جاسر.
ابتسم لها بسعادة من تفكيرها، واقترب منها وقبل رأسها واردف : حاضر 
– ومش عايزة الشقة الي كنا فيها.
– ليه؟
– مش عارفة، بس مبقتش أحبها، كنا بس بنروح فيها واحنا متخانقين ومبتكونش عاوز حد هنا يعرف ف كنت بتاخدني هناك ونفضل نتخانق وتسيبني هناك وتروح شغلك، ف بلاش هناك يا جاسر بحس بتشاؤم منها، وكمان متخلهاش، لأ بيعها خالص بالعفش بتاعها، واتبرع بتمنها إيه رأيك؟
أعادها لداخل أحضانه واجابها بهدوء وهو يقبل رأسها بعشق : حاضر هعمل كل الي قولتي عليه.
احتضنته بسعادة واردفت : بحبك يا احلى و أجمل وأغلى حاجة مرِت ف عمري وبقيت هي كل عمري يا جاسر.
وضع أنامله أسفل رأسها ورفعها إليه واردف وهو ينظر لاعينها بعشق : وأنا بعشقك يا أجمل حاجة مرِت على قلبي، وسكنت جواه، وبدل ما يكون قلبي المسكن، اتحول لساكن وبقى عايش جواكِ وبقيتِ انتِ المأوى بتاعه.
قبل شفتيها بحنو وابتعد عنها واردف : عاوز اوريكِ حاجة.
أحضر هاتفه و وضعه أمامها وفتح إحدى الفيديوهات التي ما إن رأتها شيري حتى شهقت و هي تضع يدها على فمها .
– ده جوز غادة، جبته النهاردة وضربته زي ما انتِ شايفة، جبت حاجات كتير أوي عنه أقلها ياخد فيها ١٥ سنة.
نظرت له شيري بدموع واردفت بتوسل : طب ايدها للبوليس ومتلوثش ايدك يا جاسر علشان خاطري، وخاطر ابنك وبنتك يا جاسر.
قبل رأسها بحنو وادرف بهدوء وهو يمسح دموعها : كنت هعمل كدة يا شيري، بس مكنتش هقدر اسلمه للبوليس وأنا معملتش فيه حاجة بنفسي، وبرغم الي عملته بس مرضاش ولا هدى النار الي جوايا بس مش هعمل أكتر، علشان وعلشان ابننا وعلشان الي جاي.
لفت يديها حول رقبته، واستكانت بين ذراعيه وهي تغمض عينيها براحة بعدما أخبرها بما سوف يفعله..
ولكن مالا تعلمه، احقًا راحتها تلك لأن جاسر لن يمسه بيده؟ أم لأنه فعل به ذلك وسيكون مصيره كما أخبره وتأخذ بحق ما مر على قلبها؟
في غرفة هشام ومروة..
هتفت مروة بسعادة 
– بجد يا هشام؟ هو قالك كدة؟
– أه والله، بس أبوها قاله يومين وارد عليك ومستنيين أهو.
هتفت مروة بثقة عالية : هيوافقوا كدة، وبعدين هما هيلاقوا زي قاسم فين!
هشام بضحك : فعلا بلوة مش متكررة ف الزمن خالص
لوت مروة فمها بحزن واجابته : بقى كدة! ابني مش بلوة يا هشام.
قبل هشام رأسها واردف بإبتسامة : هو مش بلوة فعلا، بس علشان هو إبنك.
ثم استرد حديثه بجدية : أنا هروح أتكلم معاه شوية وجاي..
ثم غمز لها وأكمل : استنيني متناميش.
مروة بضحك : حاضر هنام، قصدي مش هنام.
في غرفة شروق وماجد..
كان ينام ويأخذ زوجته بين أحضانه..
ماجد : اعملي حسابك يوم فرح زياد أنا هاخدك ونسافر.
عقدت شروق حاجبيها واردفت بتساؤل : هنروح فين؟
ماجد وهو يغمز لها : نجدد شهر العسل إيه رأيك؟ جوزناهم وارتحنا خلاص ف نشوف شهر عسلنا بقى.
دفنت رأسها بعنقه واردفت : وأنا موافقة، نفسي أوي أصلا نسافر أنا وأنت يا ماجد.
– وأنا هسفرك يا قلب ماجد، تعرفي أنا شايا هم فرح زياد من دلوقت!
ابتعدت عنه وجلست أمامه واردف بجدية : ليه؟
– انتِ ناسية ف كل مناسبة بتبقي عاملة إزاي؟ أنا بطلت اخدك معايا أي حفلة أو حاجة للشركة! الناس كلها بتاكلك بعنيها يا شروق وأنا مبستحملش، دا أنا مش بستحمل جاسر و زياد يحضنوكِ أو يهزروا معاكِ كتير قدامي!
اقترب منها وأكمل حديثه : عارفة إيه المشكلة؟ إنك بتكبري تحلوي! انتِ عارفة عندك كام سنة دلوقت؟ 49 سنة! دول 49 جمال وحلاوة وكل حاجة حلوة، لو أعرف إنك هتبقي بالجمال ده كنت نقبتك من زمان، كنت بدل ما اخليكِ تتحجبي كنت اخليكِ تتنقبي على طول.
احتضنت وجهه بكف يدها واردفت بنبرة خجولة : بعشقك.
ماجد بضحك : أهو كلوا كوم وإنك لحد دلوقت بتتكسفي مني كوم تاني خالص! 
أكمل حديثه بنبرة عاشقة : يا بنتي حرام عليكِ! عاوزة تجننيني يا شروق! 
شروق بضحك : بعد الشر عنك من الجنان يا قلب شروق.
طالعها بعشق شديد، عِشق استمر لسنوات وهو يكبر بداخله، عِشق ارهقه في صغره، وارهق عمره حتى أظهره وأصبح بمكانه الأصلي، ظهر من قلبه لقلبها هي، لقلب معشوقته..
في أمريكا..”
كانت تجري تلك الصغيرة وصوت صراخها يعلو بالمكان وهي تصرخ بابيها : لأ يا بابا، لأ ..
رفعها أحمد بالهواء بين يديه، وانزلها على الأريكة وصار يدغدغها بمعدتها وتحاول تلك الصغيرة دفعه عنها وعينيها تدمع من كثرة الضحك..
بينما على الجانب الآخر تقف سجى بأعين دامعة وهي تأنب ذاتها احقًا أبعدت ابنتها عن أحضان والدها لـ ٦ سنوات؟ أبعدتها عن كم الحنية النابعة من أعماقه تلك، وعن رؤية حب والدها إليها، ابعدتها عن أماته ومأمنه بلحظةٍ أنانية منها لم تحسب لها أي شئ؟
انتبه لها أحمد وحمل ابنته وذهب بها ناحيتها ورفع حاجبيه بتساؤل واردف : واقفة بعيد ليه؟ 
ثم نظر لمكة وأكمل : بنتك بتتحداني ف الكوتشينة متعرفش أنا حريف فيها إزاي! بس هي قالتلي لو أنا الي كسبتها ف هي هتخليكِ تبوسيني، صح يا مكة؟
مكة ببراءة : صح يا بابا.
نظر أحمد لسجى التي تطالعهم بإبتسامة واردف : يلا بوسيني بقى يا سجى.
نظرت لهم سجى بخجل واردفت : ب..بس يا أحمد!
أحمد بضحك وهو يغمز لها : ف خدي يا سجى دماغك راحت لفين بس؟ 
لكزته سجى بكتفه وتركتهم وذهبت تجاه المطبخ لتحضير الطعام لهم وسط ضحكات أحمد التي ضحكت ابنتهم عليها..
يتبع…..
لقراءة الفصل الثالث والعشرون والأخير : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
للعودة للجزء الأول : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!