Uncategorized

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل السابع عشر 17 بقلم فرح طارق

 رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل السابع عشر 17 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل السابع عشر 17 بقلم فرح طارق

رواية منقذي وملاذي الجزء 2 الفصل السابع عشر 17 بقلم فرح طارق

وقفت بالمشفى أمام غرفته، تُطالعه من خلف الزجاج الذي يفصل بينهم..
تنهدت بحزن وهي تتذكر كيف مر عليها خمسة أشهر من دونه، خمسة أشهر مضت، وهو معها وليس معها، أمامها ولا تقدر على التحدث إليه وسماع صوته، امامها ولا تقدر على النظر لِداخل عينيه الزيتونية التي عشقتها وادمنت نظرة العِشق التي تُطالعها عيناه بها، معها وليس أمامها شئ سوى الإنتظار حتى يفيق من غيبوبته، تلك الغيبوبة التي تشعر وكأنه يِعاقبها بِها على ما جعلته يُعانيه بحياته معها..
أدمعت عينيها واردفت بصوت هامس حزين : أنت مش بتعاقبني صح؟ طب ولو ده عقاب يا جاسر ف كفاية كدة، اتعقبت منك وبزيادة على كل حاجة حصلت، اتعاقبت واتعلمت حاجات كتير أوي، اتعلمت لدرجة إني كنت بموت من غيرك وكان فاضلس خطوة وأرجع للإدمان تاني وكان ف أيدي خلاص، بس مقدرتش، مقدرتش اجرحك تاني، واظلم نفسي من تاني زي ما قولتلي، شوفت اتعلمت قد إيه يا جاسر؟..
اغمضت عينيها والدموع تنهمر منهما وهي تردد بهمس : اتعلمت خلاص، أرجوك قوم كفاية عقاب لحد كدة، أرجوك يا جاسر..
فتحت عينيها سريعًا على صوت الممرضة التي خرجت من غرفته وذهبت مسرعة لتنادي الطبيب، حتى تخبره بأن جاسر بدأت بؤرة عينيه تتحرك من أسفل جفونه..
ذهبت مسرعة نحوه وكادت أن تفتح باب الغرفة ولكن اوقفتها يد الممرضة وهي معها الطبيب واردفت : الدكتور هيشوفه الأول.
ابتعدت شيري و هي تنظر من النافذة الزجاجية وتتمنى أن يفيق الآن ويُلبي الله ندائها..
أغلقت الممرضة الستائر من الداخل، بينما رجعت شيري للوراء وكادت أن تقع وهي تتخيل ما يحدث بالداخل ودموعها تنهمر بغزارة..
جلست على الأرض وأخذت تبكِ، وف اللحظة ذاتها جاء ماجد وشروق، اللذان هرولا نحوها مُسرعين..
شروق : في إيه يا شيري؟ جاسر كويس؟؟
شيري بصوت مبحوح : م..معرفش، الممرضة قالت بيحرك عينيه ودخلت والدكتور معاها وقفلوا الستارة ومعرفش بيحصل إيه جوة..
ماجد : مش يمكن يكون فاق يا شيري، اهدي وإن شاء الله دكتور يخرج ويطمنا.
ثم مد يده ليُساندها لتقف معه، وحاوط ذراعيها واجلسها على المقعد..
أمسكت شيري بيده ونظرت لهُ واردفت بدموع : تفتكر يكون فاق خلاص؟ 
ابتسم لها ماجد واردف : إن شاء الله هيكون فاق، ادعيله.
صمتت ودموعها تتنهمر وهي تردد الأذكار والأدعية، بينما طالعها ماجد بحزن شديد، يرى بها زوجته حقًا، ببرائتها، بِما عانته، بقسوة الحياة عليها، بحبها الصادق لابنه، بانهيارها وهي وحدها وتحمل طفل بداخلها وتنتظر قدوم جاسر إليها، حقًا عرف الآن كم عانت زوجته أثناء الثلاثة أشهر الذي تركها بِهم، وأخذ يسأل نفسه هل حقًا نست كما أخبرته؟ أم أنها فقط تحاول النسيان؟
قاطع تفكيره خروج الطبيب من الغرفة، وذهب الجميع مُهرولًا إليه، واردف لهم مُتسمًا : حمدلله على سلامته، الحمدلله فاق، وهيتنقل غرفة عادية خلاص.
شيري بلهفة : بجد؟ بتتكلم بجد، خلاص فتح عينه وهيشوفني ونتكلم سوى صح؟
أبتسم لها الطبيب بِحزن عليها، خمسة أشهر تأتي يومًا وترحل بآخر اليوم، لم تمِل يومًا وهي تسأله عنه بكل لهفة هل هناك أمل أم لا؟ رأى الحب الكبير الذي تكنهُ لزوجها، وحسم أمره بأن يُخبر زوجها عن مدى عِشق زوجته لهُ 
: أيوة خلاص، هتيجي تكلميه وتشوفيه ويرد عليكِ، ويومين بالكتير ويروح معاكِ البيت كمان.
انهمرت دموعها بسعادة واحتضنت شروق واردفت بسعادة : بقى كويس خلاص يا ماما.
بعد وقت انتقل جاسر لغرفة عادية، وكان الطبيب يقف معهُ بالغرفة حتى يطمئن على صحته، وما إن انتهى من عمله اردف : حقيقي زوجتك أكتر حد تعب معاك يا جاسر، خمس شهور بتيجي من أول اليوم، وبتفضل قاعدة معاك برغم إن ممنوع تدخل الأوضة غير نص ساعة بالكتير ومش يوميًا، إلا إنها كانت بتيجي وتفضل واقفة قدام الازاز وباصة عليك..
ابتسم الدكتور وأكمل : ربنا يحفظكم لبعض يا جاسر، وأنا هخرج وهدخلها ليك الأول بعدين هدخل باقي عيلتك.
ابتسم لهُ جاسر واردف بصوت واهن : ماشي يا دكتور.
خرج الطبيب ودلفت بعده شيري التي هرولت ناحية جاسر واحتضنته واردفت ببكاء : جاسر، وحشتني أوي أوي، كل ده غياب عني يا جاسر؟
رفع يده وهو يضمها إليه أكثر ودفن رأسه بعنقها، وظل صامتًا، واغمض عينيه وهو يستنشق عبيرها وهي بأحضانه..
حاولت شيري الإبتعاد عندما لم تستمع منه رد واردفت بقلق : جاسر؟
تشبث بأحضانها أكثر بينما ابتسمت هي ودموعها تنهمر بسعادة، واحتضنته مرة أخرى..
جاسر بهمس : وحشتيني اوي يا شيري.
أجابته ببكاء : وأنت وحشتني يا قلب شيري.
ابتعدت عنه واحتضنت وجهه واردفت بدموع : مش مصدقة إنك بتكلمني دلوقت يا جاسر، مش مصدقة خالص..
احتضنته مرة أخرى واردفت : أرجوك متعملش كدة تاني، صدقني كنت بموت ومن غيرك.
جاسر بحنو وهو يربت على خصلات شعرها : بعد الشر عليكِ من الموت يا قلب جاسر.
أبعدها عنه، ومسح دموعها واردف بمرح لتخفيف الأجواء : بس فين الكيرفي الي كنت سايبها؟ ها؟ ده غِش على فكرة!
ضحكت شيري واردفت : هكون كيرفي إزاي والي كان بيخليني أضحك وأكل واعمل كل حاجة مخلية قلبي فرحان ومخسش، مكنش معايا؟
أبتسم لها بحب واردف بمرح وهو يضع يده على بطنها : أنا دلوقت عرفت فين الكيرفي الي سيبته، كله اتجمع هنا ف بطنك..
ضحكت شيري و وضعت يدها على يده واردفت : تعرف إنها بنت؟
لمعت عينيه بسعادة بينما أكملت هي : كنت باجي كل يوم وأفضل بصالك، وهفضل أعمل كدة علشان تكون شبهك، وتاخد نفس عينيك ولونهم.
– أه علشان لما أموت تلاقي نسخة تانية مني!
لكزته في كتفه بينما تأوه هو باصطناع، وشهقت هي بخوف واردفت وهي تضع يدها بالمكان الذي لكزته بِه : أنا آسفة آسفة مقصدش..
أمسك جاسر يدها وقبلها من باطنها واردف : بحبك.
– وأنا بعشقك.
قاطعهم دلوف شروق وماجد، وشروق تقدمت نحوه بلهفة واحتضنته واردفت : جاسر، حبيبي، وحشتني أوي يا قلب أمك، بقى كل ده يا جاسر؟ هونا عليك تسيبنا كدة!
جاسر بمرح : هبقى اخدكم معايا المرة الجاية
ضحكت شروق عليها بينما اردفت وهو ينظر لوالده : ابعدي كدة أحسن الحاج دلوقت يجي يدخلني ف الغيبوبة تاني وهو شايفك ف حضني دلوقت.
ضحك الجميع عليه وتقدم ماجد منه واحتضنه واردف : وحشتني يا إبن الـ ك**
ظل يتحدثوا مع بعضهم البعض بسعادة، وقاطعهم دلوف قاسم، الذي ما إن دلف حتى كان فوق جاسر..
جاسر وهو يحاول دفعه بعيدًا عنه : إيه يا بغل أنت.
رفع قاسم رأسه عن أحضانه واردف : شوف، مهما تشتم بردوا هفضل ف حضنك.
أبتسم لها جاسر وضمه هو الآخر، بينما ابتعد قاسم واردف بدموع : وحشتني أوي يا جاسر، متعودتش يوم يعدي كدة من غير ما اشاكس فيك وتتعصب عليا..
جاسر وهو يلكزه بكتفه : أه زي اليوم الي اضربت فيه بالنار، كنت عمال تضايق فيا..
شيري بمرح : تلاقيه كان حاسس، ف قال يعوض الأيام الي جاية..
مد قاسم يده بخفة ورفعها، وهو وشيري يصفقان يدهم بيد بعض واردف : مرات أخويا الي فهماني..
أمسك جاسر يده بغضب واردف : ما تتلم يا زفت انت!! 
قاسم بإبتسامة : بحب اشاكسك يا جاسر، بحب اضايقك يا أخي، بنبسط كدة لما بتتعصب وتقولي ما تتلم يا زفت أنت!! كلمة مبتتغيرش من واحنا صغيرين، كل ما اضايقك تقولي ما تتلم يا زفت أنت، وحشتني أوي الكلمة دي.
جاسر وهو يحاول دفعه : طب قوم كدة أبعد خنقتني..
قاسم وهو يفرض ذراعيه وهو نائم على ظهره فوق جاسر : مبسوط يا أخي، الله!!
ضحك الجميع عليهم، وشاركهم بالضحك جاسر وقاسم معًا..
مَـر يومان وعاد جاسر للڤيلا، ف قد رفضت شروق ابتعادهم عنها..
في يوم جديد في الفيلا..
جلس الجميع حول مائدة الطعام، يتناولوا الغداء وكانت العيلة كلها مُتجعة مع بعضنا، بِما في ذلك عمرو ورنيم معهم..
جاسر لأسر وليان بنبرة خبيثة : اطلقتوا ولا لسة؟ 
ضحك أسر بشدة عليه، ف قد فهِم مغزى صديقه، واردف : لسة، مستنيينك تقوم بالسلامة وهنطلق.
ليان لأسر : بتضحك ليه!! 
جاسر بضحك : أبقى فهمها بقى، بس بينك وبينها ها..
أسر وهو يحاول كبت ضحكته : جاسر بيهزر يا روحي بس، ف ضحكت على هزاره.
امأت ليان رأسها بتفهم، بينما اردف جاسر لزياد وصبا : وانتوا مش هتتجوزوا!! 
زياد : أيوة أنا قولت ما يجيبها إلا رجالتها، قولهم يا جاسر يا حبيبي، قولهم إني خلاص خللت وعايز اتجوز. 
ضحك جاسر والجميع عليه، واردف لهشام : ما تجوزهم يا عمي، كفاية عليهم كدة 
هشام : أنت عارف إننا كنا هنتفق خلاص على اليوم، بس جيت أنت بقى واتصابت ف محددناش حاجة 
جاسر : خلاص قومت أهو، وأنا الي هجهزلهم كل حاجة بنفسي، وفيه مفاجئة هتكون معاهم بس مش هقول هتكون لمين فيكم..
شيري : ودا إسمه إيه ده؟
أمسك جاسر بـ كوب اللبن واردف وهو يعطيه إليها : أنتِ متشغليش نفسك ب حاجة خالص، وكلي واشربي بس..
ثم همس بجانب أذنها : عاوزك ترجعي كيرفي تاني، وتجبيلي بنتي كيرفي زي أمها..
ثم غمز لها وأكمل : أحسن ابص برة!! 
لكزته شيري بخفة واردفت : علشان اخزوق عينيك يا جاسر.
ضحك جاسر عليها بينما اردف قاسم بصوتٍ عال : يا رب اوعدنا بـاشللي يضحكنا من قلبنا كدة..
جاسر : بحقدك ده، أنسى يا قاسم.
هشام : يا أبني أنت هو بطلوا نقار ف بعض!! مش كدة!!
قاسم : والله يا بابا هو الي بيفضل يضايقني طول الوقت، تحس إني ضُرته ولا حاجة!! 
ثم شرع بتناول الطعام وهو يردف : متغاظ مني أنا عارف.
ضحك الجميع عليهم، وانتهى الجو بمرح وضحك، وبعد الإنتهاء نهض هشام من مكانه واردف : ماجد عاوزك ف المكتب.
نهض الآخر واجابه : أنا كلت أهو يلا بينا..
ثم نظر لـ ليان واردف بإبتسامة : ليان، بقالي كتير أوي مشربتش قهوة من ايديكِ 
نهضت ليان من مكانها واردفت بإبتسامة : بس كدة من عيوني.
هشام : وأنا معاكِ بقى.
– حاضر يا حبيبي.
ذهبت ليان لِـ عمل القهوة، ونهضت شيري لتصعد لغرفتها لترتاح قليلًا، وجاسر وقاسم ذهبا للشركة، ونهض الجميع وذهبوا لغرفة الجلوس، وذهب عمرو لإجراء إحدى المكالمات.
أسر : أنا راح اشوف ليان..
نهض أسر، وذهب ناحية المطبخ لزوجته، واردف زياد لصبا : وأنا عاوز بس صبا ف كلمتين..
نهض الإثنان وسط ضحكات الباقي، واردفت رنيم : ربنا يسعدهم دايمًا، ثم نظرت لشروق واردفت بضحك : ويهدي ليان..
ضحكت شروق بشدة واردفت : ليان!! لأ هدايتها ف أيد ربنا ثم أسر، وهي معذورة يا رنيم، اتجوزت ف ظل ظروف وهي لسة ف بداية علاقتهم ببعض وبداية إنها تتعرف عليه!!
رنيم : عندك حق، أسر بقى يحاول يظبط علاقتهم ببعض، وبعدين أبني أه، بس أحسن خليه يدوق الي كان بيعمله فيها.
في مكتب ماجد وهشام..
ماجد بصدمة : قصدك يوسف الي ورا فاروق وفادي!! عمري ما شكيت لحظة ف كدة! يوسف!!!!! ده شريكنا ف كذا حاجة وأبوه فيه تعامُل كتير أوي بينا يا هشام!
– وكمان فيه حد ف الشركة، وقريب أوي من المكاتب الرئيسية بيوصله كل حاجة.
– تفتكر مين؟
– ممكن حسن!
ماجد : لأ مستحيل حسن، ده معانا بقاله خمس سنين يا هشام، وأبوه كان معانا مستحيل يكون هو.
– وأنت كنت تتخيل إن يوسف يكون ورا كل ده!!
صمت ماجد وهو يفكر بالأمر، ف هو يعلم أن أخيه على حق، ف هو لم يتخيل يومًا أن يوسف هو من يفعل ذلك بِه.
هشام : بص يا ماجد أنا مش بقولك إن حسن هو الي بينقل كل حاجة، بس بنحُط احتمالات علشان مينفعش دلوقت نثق ف أي شخص مهما كان.
– عندك حق.
هشام : ف إحنا دلوقت هنعرف جاسر وقاسم وزياد، وهما يكونوا حاطين عينيهم ويشوف مين قريب ليهم ف الشركة بردوا.
– تمام، كلم جاسر وقاسم وزياد، خليهم يجوا دلوقت.
بعد وقت، كان يجلس كلًا من..
عمرو، وقاسم، وزياد، وجاسر، وأسر، وماجد، وهشام..
جاسر بصدمة : يوسف!!
قاسم بغضب : يا إبن ال** وحياة أمي ما أنا سايبك..
ماجد : قاسم مش عاوز تهور!! أنا جمعت الكل لأن كلنا شغالين مع بعض ف الشركة دلوقت، وكلنا نحُط عنينا ف قفانا ونص وشنا، ونلاحظ كل حاجة بتحصل، ثانيًا مينفعش أي حد يشُك نهائي إن إحنا عرفنا فاروق وفادي وراهم مين، المجهول هيفضل مجهول، وكإن محدش عِرف حاجة.
نظر ماجد لأسر واردف : وأسر أنا جيبتك بردوا، لأن يوسف ليه شغل معاك ف شركتك، وأحنا كذلك فيه تعاقُد بينا وحاجات مُشتركة، ودلوقت بقى واضح أوي هو ليه عمل عقود معاك زينا.
عمرو : طب وأنت هتعمل ايه يا ماجد؟
أرجع ماجد رأسه للخلف وهو يضع يده خلفها واردف : هعرفوا اللعب مع عيلة المهدية بيكون عامل ازاي.
هشام بتأييد لحديث ماجد. : اللعب مع عيلتنا بيكون بالنار يا عمرو، الي بيفكر يعادينا من قبل ما يجي ف وشنا، بيتحرق بخطوط النار الي متحاوطة بيها عيلة المهدية، والي انتوا بقيتوا جزء منها.
بدأ الجميع بالاتفاق عما سيفعلونه..
في شقة أحمد وسجى..
دلف لغرفتها، و وجدها جالسة بجانب النافذة، تنظر للخارج بشرود، ومكة نائمة على قدميها..
حمحم أحمد والتفت سجى إليه بهدوء، ف هي عرفت إنه موجود بالغرفة من رائحته التي لا تغيب عن أنفها وقلبها يستشعر وجوده حتى لو كان بينهم أميال..
– نعم؟
أحمد بهدوء : جهزي نفسك علشان هنسافر أمريكا.
عقدت حاجبيها واردفت : ليه؟
– انتِ عارفة إني كنت عايش هناك، وشغلي هناك وكل حياتي بنيتها هناك، ف هنروح نعيش هناك.
– هنسافر امتى؟
– بعد يومين، هظبط شوية أمور هنا وهنسافر.
امأت برأسها وكاد أحمد أن يخرج ولكن استوقفه صوتها المدرف : هنفضل كدة يا أحمد؟ 
التف بها واردف : كدة إزاي يعني!!
نظرت لهُ بحزن بينما أكمل بهدوء : اتعودي على كدة لأن دي هتكون حياتنا سوى.
– وأنا مش هقدر أعيش بالطريقة دي!!
– اديتك حُرية الإختيار وانتِ اختارتِ الطريقة دي.
سجى بدموع : اديتني اختيارين أسوأ من بعض يا أحمد.
نظر لها باعيُن مُنكسرة واردف بحزن : اديتك الثقة من تاني برغم كل الي حصل بس انتِ خسرتيها بنفس الغباء بسبب نفس الشخص.
نهضت بهدوء حتى لا توقظ ابنتها واقتربت منه واردفت بدموع : وأنت مبتغلطش!! كل الناس بتغلط يا أحمد!! 
أحمد بنبرة هادئة : بيغلطوا بس بيتقرصوا من الغلط ويتعلموا منه، مش بيروحوا لنفس الغلط ويكرروه من جديد.
أمسكت يده واردفت ببكاء : ما روحتش لنفس الغلط صدقني، أنا كنت بحاول أصلح علاقتنا ببعض!
أحمد بغضب : بتصلحيها بأنك تدخلي الي خربها من الأساس فيها من تاني!!
– مكنش قدامي حل تاني.
– لأ كان فيه، كان فيه إني اديتك فرصة وكنت بدأت أحاول اصفالك وانسى ونعيش سوى، بس انتِ زي عادتك اختارتي الطريق الأسهل ومشيتِ فيه، طريق سهل كان ممكن أنا كمان اختاره ومفضلش أدور عليكِ ٦ سنين واعيش حياتي واتجوز وابني بيت واعمل عيلة واقول ما انتِ سبتيني ومشيتِ، بس استنيتك، استنيت وانتِ مع أول مطب بينا بعد عذابي لـ ٦ سنين من غيرك، مليتِ واختارتِ أسهل طريق ومشوفتيش ايه العواقب الي ممكن تحصل وتنتج عنه.
لم يعطيها فرصة للرد، وتركها وغادر الغرفة، وجلست هي على الأرض تبكي، وتفكر بحديثه، معهُ حق، هي اختارت ما هو أسهل لها رغم إنه ازداد صعوبة اصلاح علاقتهم، ولكنها باتت تهدء نفسها بأنهم سوف يبتعدون عن هنا، يبتعدوا عن زوجة أبيها، وسيكونوا معًا وحدهم، سيكون هناك أمامها الفرصة لإصلاح علاقتهم بنفسها، يجب أن تتعب لإصلاحها مثلما أردف الان..
مساءًا في شقة أسر وليان..”
كانوا يجلسون على الأريكة يشاهدوا إحدى الأفلام الأجنبية، إحدى الأفلام التي تحبها ليان، وطلبت منه أن يشاهدها معها بعدما جاءوا من بيت والدها..
ليان بتعب : أسر ممكن تجيبلي مياه؟
أسر : الازازة جمبك أهي.
– لأ دي من الصبح وأنا عاوة مياه ساقعة.
– حاضر .
اردف بجملته ونهض لإحضار زجاجة مياه..
بينما نهضت هي ببطئ شديد، واتجهت ناحية الأريكة التي كان يجلس عليها، ويستند على إحدى الوسادات.
ابعدت الوسادة، و وضعت مُسمارًا صغيرًا، وبلونًا وفوقهم الوسادة وتركت مسافة بينهم حتى لا تفُرق البالونة وعادت سريعًا للجلوس مكانها..
جاء أسر واعطاها المياه، وذهب للجلوس مكانها، وجلس براحة مثلما كان وما إن استند على الوسادة حتى سمع صوت فرقعة شئ خلفه، ونهض بفزع من مكانه، وسط ضحكات ليان..
ليان بضحك وعيناها قد أدمعت من كثرته : دي بالونة!!
اردفت بها ولم تستطع أن تكمل الجملة وظلت تضحك بشدة..
بينما طالعه أسر بغيظ واردف بتقليد : دي بالونة!!
ثم نهض ناحيتها ونهضت هي مهرولة وهي تجري مسرعة ناحية الغرفة ولم تلحق أن تغلق الباب، ودلف خلفها..
وقفت على الفراش واردفت : لأ أسر بص أنا بهزر بس، اعتبرني بنت أختك عيلة وغلطت خلاص..
لم يجيبها أسر بل تقدم ناحيتها وهو يحاول الامساك بها، ونجح بامساك قدميها واسقطها على الفراش..
ليان : لأ أسر أوعى تزغزغ، والله اعيط!!
ابتسم بخبث واردف : لأ زغزغة إيه يا روحي، إحنا كبرنا على الحاجات دي خلاص..
نظرت لهُ بتوجس واردفت : قصدك إيه؟
وما إن فهمت مقصده اردفت : لأ لأ أسر إحنا اتفقنا على إيه؟
– على إيه؟ خمس شهور سايبك أهو!! مخدتي عليا!!
– لأ ما أنا كنت قلقانة على جاسر ف محطتش ف بالي إني أخد عليكِ.
أسر وهو يقترب منها : طيب يا حبيبتي، دي فرصة وخلاص خلصت يا روحي، ودلوقت فُرصتي أنا..
همست بإسمه بتوجس : ا.. أسر.
اردف بهمس أمام ثغرها وهو ينظر لهُ بشوق شديد : قلب أسر.
انقض على ثغرها وهو يقبلها بشوق ونهم شديدان، ويدهُ تركت يدها، التي سُرعان ما تحولت بخجل وتردد، وهي تلتف حول عنقهُ، تقربهُ منها وتُبادله قُبلته بخجل واستحياء.
في فيلا ماجد، تحديدًا غرفة شيري وجاسر.
خرجت من المرحاض، وهي ترتدي رِداء ما بعد الإستحمام، وتمسك بإحدى المناشف وهي تجفف شعرها المُبتل بِها، ورفعت نظرها و وجدت جاسر نهض من مكانه، وهو يسير نحوها ببطئ شديد، كـ الصياد الذي يستعد لإصطياد فريسته، وعينيه تتجول حولها بجرأة اخجلتها..
شيري بتوتر : ن..نعم!
ضحك جاسر وهو يقترب منها واردف : نعم الله عليكِ يا روح قلبي.
كادت أن تفر من أمامه ولكنه لحق بالامساك بها، وحاوطها بيديه واردف : رايحة فين بس!!
– ه..هروح ألبس.
جاسر : وهي شُغلانة يعني!! 
انخفض برأسه ناحية ثغرها وقبلها بشوق جارف، وابتعد عنها بعد وقت واردف بلهاث : وحشتيني يا شيري، وحشتيني يا قلب جاسر.
حملها بين ذراعيه واتجه بها للفراش، ليبُث لها شوقهُ إليها، ويأخذها لعالمهم الذي اشتاق إليه بشدة، ذاك العالم الذي لم يعرفه سوى معها وبِها فقط، عالم ينعم بِه كـ نعيم الجنة، تِلك الجنة الي عاشها فقط بِـ قُربها.
في الشركة..”
كان يجلس قاسم بمكتبه، وهو يراجع كاميرات المُراقبة الخاصة بالشركة بأكملها، ولكنهُ صُدِم مما يُشاهده!
ف كانت هناك عِدة لقاءات بين لينا ويوسف بالشركة، وعِندما جاء فادي لمكتب جاسر، قد وقف للتحدث مع لينا اولًا و وجدهم يضحكون معًا، مشاهد كثيرة ظل يراجعها بصدمة شديدة، وهو يشعر بأن مع كل ثانية تمُر بمشهدٍ، هناك خنجر يطعن قلبه دون رحمة..
أغلق الحاسوب، و أمسك هاتفه وجاء بصور لينا الي التقطها لها بعشوائية، امسكها والدموع اجتمعت بعينيه واردف : انتِ يا لينا..! كل كلمة منك تطلع كذب!! دا أنا كنت بدأت أبعد عن كل العك الي كنت فيه علشانك! علشان أحسن صورتي قدامك واقدر اصارحك بحبي ليكِ!! 
نهض من مكانه، وأمسك بمفاتحيه وغادر مكتبه و الشركة بأكملها وركب سيارته واتجه لوجهةٍ ما..
بعد وقت توقفت السيارة، أسفل البرج الذي بِه شقته التي تقطن بها لينا..
ونزل من السيارة، ودلف للبرج، ودلف للمصعد قاصدًا الطابق الذي يحتوي على شقته..
وصل المصعد وغادره، و وقف أمام شقته وأخذ يرن الجرس مرارًا حتى فتحت لهُ لينا الباب واردفت بدهشة : قاسم!
دلف قاسم للداخل وسارت لينا خلفه بدهشة من مجيئه، بينما التف قاسم وقبض على شعرها واردف بغضب : انتِ!! انتِ تغفليني يا لينا..! كل ده بتغفليني وف الاخر يطلع فاروق هو الي باعتك!!
لينا ببكاء و الم من حدة قبضته : أه شعري سيبه، وأنت بتقول إيه؟ وفاروق مين !
قاسم : نعم يا روح امك!! هتستعبطيني!
لينا ببكاء : ط..طب سيبني لو سمحت، بتوجعني أوي.
تركها قاسم بألم لوجعها، لم يتخيل يومًا ما يفعله الآن، مثلما لم يتخيل أيضًا بأنها تكذب عليه! 
قاسم بحدة : هتحكِ دلوقت كل حاجة وإلا قسمًا عظمًا لادفنك حية و لا حد يعرفلك طريق.
حركت رأسها بخوف واردفت : لأ والله هقول كل حاجة 
جلس قاسم على الأريكة وجلست أمامه وبدات تقُص عليه الأمر..
: ي..يوسف هو الي ورا كل حاجة، وأنا أبقى حبيبته، وطلب مني المساعدة بأننا نضحك عليك علشان اخليك تحبني وتثق فيا وأقدر اقرب منك، وبكدة هقدر أقرب من الشركة أكتر. 
– ليه؟
لينا ببكاء : ع..علشان، ه..هو 
قاسم بغضب : انطقي.
لينا بخوف : حاضر حاضر هتكلم.
– سامع اتكلمي.
– ي..يوسف وهو صغير، أبوه اتحبس بسبب عمك وابوك ومات لأنه اتحكم عليه بالاعدام، وهما مكنش ليهم حد، ف يوسف فيه واحد شافه ف الطريق وخده ورباه، وهو عاوز ينتقم لابوه من أبوك وعمك.
نظر لها قاسم واردف بنبرة منكسرة : ف بعتك علشان توقعيني وأحبك صح؟
حركت رأسها بمعنى نعم بخوف، بينما ضحك قاسم بسخرية، ثم نظر لها بحزن واردف : ونجح يا لينا، وللأسف حبيتك، حبيتك لدرجة إني كنت مستعد أبعد عن كل العك الي كنت بعمله علشان أحسن صورتي قدامك، ونتجوز، حبيت وأول إنسانة تِلفت قلبي كانت هي انتِ يا لينا.
نهض من مكانه، بينما انهمرت هي دموعها بشدة، ومن ثم التف إليها وقبض على شعرها واردف : وحياة الحب الي حبيته ليكِ يا لينا، يوسف لو شم خبر إني عرفت أي حاجة أو عرفت إنك تبعه من الأساس لهخليه ما يعرف ليكِ طريق، ومتفكريش إنه ممكن يحميكِ مني، يوسف رماكِ ليا وهو عارف إني لو عرفت إنك تبعه ف لحظتها هموتك، شوفتي من البداية كان مضحي بيكِ إزاي؟ ف دلوقت هو الي هيموتك لو عرف 
لينا بخوف وبكاء : والله ما هقوله.
قاسم وهو يترك شعرها : جدعة، والي هقولك عليه يتنفذ، وخطتك بالنسبة ليوسف هتمشي زي ما هي، مفهوم؟
حركت رأسها بخوف واردفت : مفهوم، حاضر.
أبتسم بغموض واردف : برافو عليكِ.
يتبع…
لقراءة الفصل الثامن عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
للعودة للجزء الأول : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!