Uncategorized

رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل العاشر 10 بقلم نرمينا راضي

 رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل العاشر 10 بقلم نرمينا راضي

رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل العاشر 10 بقلم نرمينا راضي

رواية الدبش اللي خطفت قلبي الجزء 2 الفصل العاشر 10 بقلم نرمينا راضي

ظل يتأمل الشقه الواسعه للحظات وقد سيطر عليه الشعور بالضياع،الفقدان..أراد الصراخ والبكاء، ولكن محاجر عينيه قد جفت، ولسانه قد شُل… 
أراد النطق بإسمها ولكن بدا يتلعثم في الكلام، حتى شعر بأن قلبه يكاد يقف  عن الخفقان…. 
وكأنما إنشل فكره ليدرك بأنه وقت الرحيل الحتمي….. 
دقائق مرّت عليه وهو بتلك الحاله كأنها أعوام وكأنما يخنق القدر كل أمل لديه، ويكسر كل مجاديف النجاة ليغرق هذا العاشق في بحر من الضياع…
اهتز قلبه بين أضلعه خيفةً وتجمد الدم في عروقه وتخللت الظنون و الهواجس قلبه وهو يتخيل أبشع الأشياء التي من الممكن أن تفعلها ماجي لها.. فقد هيئ له وسواسه أنها  هي من أُختطفت نور…
تسارعت دقات قلبه في تلاحق عنيف لينادي عليها بصوتٍ مضطرب ضعيف
—نوور!!!…نوور…علا صوته قليلاً لينادي عليها وكأن في قلبه بصيص من الأمل أن تُجيبه 
—نووووور
لم يأتيه رد فقد رجحت ظنونه أنها أُختطفت بالفعل…
اتجه للمصعد سريعاً وقد تملك القلق والخوف منه تماماً…ولكن لسوء حظه كان المصعد منشغل..لذا لم يجد مفّر أن يستخدم الدرج..
ركض على الدرج سريعاً.. ومن قمة الخوف وهول الصدمه كانت تخطو قدماه بضع درجات ويقطع الأخرى دون أن يلمسها…ليصل سريعاً لأسفل البنايه الضخمه…استقل سيارته ليقودها بأقصى سرعه وقد ذاد الخوف في قلبه عن حده..
أخذ يسُبها في نفسها بغضب وخوف
—ماشي ياماجي…ورحمة ابويا لو لمستي شعره من مراتي لدفنك بالحيا..
أوقف السياره في نصف الطريق فجأه…ليتذكر أنه لم يحادث نور بالأساس… فقد عاد الأمل ينبت في قلبه وظن أنها قد تكون ذهبت لمكانٍ ما بإرادتها…. أخرج هاتفه ليتصل عليها 
….ولكن للأسف الشديد أن هاتفها مغلق….ظل يضرب بيده على مقود السياره وهو يتنفس بغضب شديد…
فكر قليلاً في نفسه…. قام بالإتصال عليها وهو يبتسم بخبث وتخطيط: 
— ألو.. ايوه ياماجي.. تعاليلي المكتب.. عايزك 
لم تستطيع ماجي أن ترفض طلبه بل  شعرت بالسعاده لذا لم تتردد لحظه وبالفعل أعدت نفسها للذهاب لمكتبه.. 
أما هو عادّ بسيارته متجهاً لمكتب المحاماه خاصته وعينيه ينبعث منها الشرار وهو يتوعد لها بالعذاب الشديد جراء مافعلته بنورهِ في ظنه…
____________
تفاجأت نور بااتجاه التاكسي لشارع مختلف تماماً غير الذي يسكن به عمها… 
بدا عليها الإرتباك والخوف قليلاً… أردفت بخوف
—حضرتك مش ده الشارع 
أجاب بخبث:  يامدام متقلقيش… مقلتلك هوديكي من طريق أسهل… 
مرّت دقائق أخرى وهي تشعر بالخوف الشديد.. أخرجت هاتفها لتُحدث باسم ولكن لسؤ حظها وجدت أن بطارية الهاتف فارغه.. أي أن هاتفها قد قُفل… تأففت بضيق مردفه
— أووف.. يعني ده وقته.. أنا محتجاك ياباسم ضروري.. أعمل ايه دلوقت… 
وجهت حديثها للسائق: 
— هو ممكن أستعير تليفونك دقيقه بس 
أومأ لها بمكر وخبث: أوي أوي يامدام…
اصطنع أنه يخرج الهاتف ليعطيها لها…ولكن تفاجأت نور وهي تمد يدها لتأخذه منه…
ابتسم لها بسخريه ليقوم بسرعة البرق برش ماده مخدره تجاه أنفهاا..مما جعلها غير قادره حتى على الكلام لحظات وبدأت جفونها بالتثاقل..لتفقد الوعي بعدها..
أما الرجل المدعو بعادل..اتجه بالتاكسي نحو شارع صغير ضيق..ليوقف السياره أمام مدخل بيت متهالك جداً ويبدو أنه من قديم الأزل…حيث أن جدرانه برزت بها الشقوق وبدا أنه سيقع في أي وقت…
ترّجل من السياره بكل ثقه وكأن تلك المنطقه العشوائية والقديمه تخصه فقط أو أن من يعيشون بها المجرمين وقطاع الطرق ومرتكبي الجرائم الأخرى..
فتح باب التاكسي الخلفي..لينحني ويحمل تلك التي فقدت الوعي وسُحب عقلها في عالم أخر… 
حملها ودلّف بها لداخل البيت القديم.. وضعها في إحدى الغرف الضيقه… ليأتي من ورائه رجلان يتمايلان في المشي من أثار الخمر.. 
تحدث واحد منهم بتمايل وهو مخمور وثمل تماماً 
— بس… حلوه.. الحته.. دي.. يا.. عادل 
أردف الأخر وهو مخمور أيضاً 
—بتعرف… تصطاد.. حلو.. ياريس 
أجاب عادل بخبث وتخطيط 
— فووقوا كده واصحوا معاياا.. البت دي غير كل اللي فاتوا.. المصلحه دي محتاجه تخطيط كويس عشان نعرف نخلص عليها صح من غير ماحد يشم خبر.. لان واضح من المكان اللي عايشه فيه.. انها مرات راجل مقتدر.. يعني بالبلدي كده.. عاوزين نتغدا بيها قبل ما جوزها يعرف ويتعشى بينا 
أردف أحد الرجال السُكارى وهو سمير 
— طب.. وهو.. يعني.. هي.. هيعرفوا…. ازااي.. يعني انت.. عاوز.. تغير.. الخطه.. ولا.. انت.. جايبها.. للكيف بس 
نظر لهم عادل بغضب.. ليذهب للمرحاض ويأتي بدلو ما.. ومن ثم سكبه عليهم.. ليشهق الاثنان برجفه.. 
صاح بهم عادل بغضب
— صحصحوا معااياا كده.. والا كلنا هنروح في داهيه… البت دي احنا خاطفنها بااوامر من عمتها نجيه.. وهنطلع بمصلحه كويسه.. يعني هنطلب فيها فديه بااتنين مليون.. احنا التلاته لينا فيهم خمسمية ألف.. وطبعاً عشان أنا اللي خطفتها واعتبر انا اللي بعمل كل حاجه.. فهاخد نص الخمسميه لوحدي وانتو كل واحد فيكم ميه خمسه وعشرين الف.. 
أومأ له الرجلان ومازالت علامات الثمل على وجههم قليلاً… تابع عادل بخبث وتصميم 
— بس أنا عاوز أغير الخطه دي 
أجاب سمير بخمول قليلاً ولكنه منتبه أكثر عن الاخر
— هتعمل ايه ياباشا 
عادل بتفكير وخبث
—أنا بقول نكنسل موضوع الفديه ده.. ونشتغل شغلنا الأصلي
جحذت عين سمير ليردف بذهول 
— أعضااء   !!! 
أومأ له عادل ليتابع بخبث وشر:
—هنكيف بيها احنا التلاته الاول… وبعدين نخلص عليها ونقلبها من جوا.. ونبيعها أعضاء.. وبدل نص مليون يبقوا ملايين 
أجابه سمير باارتباك: 
— طب.. طب والست نجيه لو عرفت 
عادل بثقه وابتسامه ساخره
—طب ماتعرف… هي أصلاً ميهمهاش البت.. هي عايزه فلوس والسلام… وأنا هديها اللي عاوزاه… والمكسب لنا في الأخر 
_____________
دلّف باسم لمكتبه وأخذ يجوبه ذهاباً واياباً.. وعقله كاد أن يجن من التفكير… اصبح هذا البطل في حاله لا يحسد عليها… 
رجّتْ الصدمة كُـلَّ كـيانه و أطبق عيناه ليستردَّ أنفاسه…فهو لم يتخيل في حياتها بعد زواجه منها..أن تبتعد عنه ثانيةً ولو لدقيقه واحده..
لقد ذاق مرارة البعد سابقاً عندما أجبرتها والدته على الزواج والسفر بعيداً عنه..لذا يدرك جيداً أن بعدها عنه سيزيد من الامه…هو لايخشي على قلبه من اذى..هو فقط خائف وبشده من أن يحدث لها مكروه…يدرك جيداً مدى رقة قلبها وأنها لاتستطيع التصرف في أتفه الأمور..حتى وهي معه..أحياناً تشعر بالخوف…فكيف حالها الان وكيف تشعر وهو ليس معها 
انتبه لصوت الباب يفتح…لتدخل ماجي بكامل أناقتها المعتاده…ابتسمت له بسخريه فقد ظنت أنه يشتاق لها..
اتجهت لإحدى المقاعد لتجلس عليها برقه وتضع قدم فوق الأخرى بـ تَكَبُّر وتَعَاظُم..
أظلمت عيناه وهو يتأملها بغضب وإِسْتِشَاطَة…اتجه ناحية الباب..ليغلقه جيداً تحت أنظار العَجْرَفَة منها ظناً بأنه يفعل ذلك ليتودد إليها…
اتجه باسم ليقف أمامها وقد اظلمت عيناه من شدة الغضب..حتى هي لمحت تلك النظره الساخطه في عينه فشعرت بالإرتباك قليلاً…
أردف باسم بحده وصوت أجش جعلها تبتلع ريقها بصعوبه من شدة الخوف ونظراته المتصلبه برعب تجاهها
— وديتي نور فين  !!
تاملته قليلاً بدهشه لتردف بتوتر
— مش فاهمه…ودتها فين ازاي 
أعاد السؤال عليها وهو ينظر لعينيها بقوه وإِنْفِعَال 
— مرااتي فيين ياامااااجي 
اجابت بخوف وارتباك 
—فين ازااي..والله العظيم انا مش فاهمه حاجه
في لمح البصر.. دوى صوت صفعته على وجهها في أرجاء غرفة المكتب… لم ينتظر أن تتفوه بكلمه أو حتى تتألم من قوة يده… مال عليها يجذبها من شعرها بشده حتى أوقعها في الأرض فاارتطم جسدها بقوه … 
كادّت أن تصرخ من شدة الألم ولكنه كتم صوتها واضعاً يده على فمها بشده… انحنى عليها يهمس بجانب أذنيها برعب
— اقسم بالله ياماجي ان ماقلتي خفيتي مراتي فين.. لاكون مخلص عليكي حالاً… انطقيييي… ودتيهااا فييين 
اردفت ببكاء وتألم: والله العظيم مااعرف انت بتكلم عن ايه 
ترك شعرها لينزل بصفعه اخرى على وجهها بقوه.. حتى بدا أثار يديه على خداها… صرخ بها بشده مهدداً
—يعني مش هتقوولي ودتيهااا فييييين….. مااااشي ياامااااجي… ماااشي ياابنت الرمااااح… أنااا هخليييكي تنطقيي 
ظلت تبكي وتتوسله بنحيب… لم يأبه لبكائها ولا لتوسلاتها… 
نزع عنه حزام بنطاله… وهو ينظر لها باِغْتِيَاظ وسُخْط
لينزل فجأةً بكل ماأوتي من قوه على جسدهاا… 
صرخت بشده وتألم..وقد شعرت بأن أنفاسها حُبست وشُل قوامها فما عادت تقدر على الحركه من شدة الألم 
صرخ باسم بحده وقد عماه الغضب
— مش هسييببببك يااماااجي غير لمااا تقوولي مراااتي فيييين 
نظرت له بضعف وارتجف جسدها ارتجاف اوراق الأشجار في مهب الريح..لتنطق بضعف وخوف شديد
—والله…والله..ماعملت حاجه ولااعرف انت بتكلم عن ايه 
لم ينطق ونزل بالحزام مرةً أخرى على كتفيها..حتى تسمرت في مكانها كعمود شُدّ إلى الأرض شدّاً…
ظلت للحظات تحدق فيه كتحديق الخائف المذعور ثم أحسست وكأن عموداً من الثلج قد جمدها في مكانها…لتثقل جفونها رويداً….حتى فقدت الوعي تماماً فلم تتحمل تلك الصدمه ولا جسدها تحمل الألم…
 مرّت الدقائق متثاقلة كأنّها السّاعات ،كان الدّم يغلي في عروقه ويكاد ينفجر من عينيه المحمرّتين من شدة الغضب والخوف أيضاً على نور…لم يأبه لتلك التي تستطحت الارض بجسدها من التعب ودخلت في فقدان مؤقت للوعي بسبب انخفاض في تدفق الدم إلى المخ….
بثق في وجهها وهو ينظر لها بغضب وعيون كادت أن تقتلع من شدة الحنق..
تنهّد بحزن وتعب شديد فبرغم مافعله بماجي إلا أنه لم يجد نور قلبه بعد…
شعر بأن قلبه سينفطر وكاد يتطاير شظايا من هول ما حلّ به…حتى هاله  عسر الموقف و بدأت أعصابه تنفلت….
يشعر وأنه فقد جزء منه…لايعلم أهي بأمان الأن أم أصابها شئ…
ألقى نظره أخرى على ماجي وهو مُنكسِرا حزينا يجرّ خطى الخيبة وقد تملكه الحزن شديد..كيف سيستطيع ايجادها الأن ومن اخفتها قد فقدت الوعي…
لايعلم لما يشعر وأن ماجي ليس لها دخل بإختفاء نور..وأيضاً شيئاً ما بداخله يخبره بأنها لها علاقه بالأمر…ربااه..أغثها أينما كانت  …
أنهكه التَّعبُ و أخذ منه كـلّ مأخذ و لمّا وصل إلى أقرب مقعد تهالك عليه…
شعر وأن يديه مكبلتين لايستطيع فعل شئ…زفر بضيق وهو يمسح بكفيه وجه ويتنفس بعمق وصعوبه…
حتى تملك منه الحزن تماماً ثم انخرط في بكاء مرير فانحدرت الدُّموع على وجهه وهو يتمتم بقلة حيله 
— ياترى انت فين يانور…
_____________
في ذلك البيت القديم والبسيط جداً… تجمع الثلاثة رجال حول تلك المسكينه.. ظل ثلاثتهم بحدقون بها بشغف… 
تحدث عادل وهو يتأملها بتلذذ وخبث 
— فوقولي الحته دي وكتفوها كويس 
ابتسم الرجلان بخبث ولمعت عيناهم بشده وكأنهم يستعدون للإنقضاض عليها في أية لحظه وهتك عرضها… 
تقدم نحوها.. حيث حمل واحد منهم دلو ماء بارد والأخر يحمل بيده الحبال واللصق لتقييدها… 
أصدر هاتف عادل رناتٍ عاليه…. أجاب على المتصل وهو يبتسم بخبث وتخطيط 
— متقلقيش.. كله ماشي زي ماانتي عاوزه 
________
على الطرف الأخر.. 
في بيت أيضاً متواضع بعض الشئ ويبدو عليه القِدم قليلاً…
كان فرج زوج نجيه خارجاً من دورة المياه بعد ان توضأ للصلاه.. وماا إن سمعها تتكلم بهمس في الهاتف، شعر بأنها تخفي عليه شيئاً ما… 
توَارى  بجانب المرحاض حتى يستطيع سماعها جيداً
 أخذت نجيه الهاتف واتجهت لزاويه من زوايا البيت حتى لايسمعها أحد… 
أجابت بهمس: 
—اييوه ياعادل.. اتصل بقا على جوزها واطلب منه الاتنين مليون 
عادل بخبث وذكاء: 
—عندي فكره احسن… احنا نبيعها اعضاء… انا عارف ناس حبايبنا هيتمموا كل حاجه في السر… احسن من ان نطلب فديه وجوزها يشم طريقنا ونروح كلنا في داهيه 
تناست نجيه نفسها وصاحت بغضب
— انت اتجننت ياعادل… لااا انا مليش في السكه دي… احنا اتفقنا من الاول هيبقا خطف ونطلب فديه بس… جوزها محامي وجوز اخته في الشرطه ولو حد عرف اننا ورا خطف نور.. هنروح كلنا في مصيبه…
عادل بإدعاء وكذب: 
— خلاص متقلقيش هنفذ اللي قلتيلي عليه… سلام 
________
اقشعر بدن فرج وسَرَتْ فيه رعشة من الخوف والهلع… حتى أن  ساقيه أصبحت غير قادرتين على حمله وشحب وجه مردفاً في صوت مضطرب:
— نوور  !!!!!  
*********************
ظلت مارينا تتأمل يوسف بنظرات تيه فهي لم تستوعب بعد ماحدث له… ولخبرتها الضئيله في الطب وأنها مازالت في العام الأول فلم تستطيع التفرقه جيداً مااإذا كان فارق الحياه أم فقط فقد الوعي… 
ارتجف جسدها وانتابها قشعريرة الخوف.. لم تعرف أتتركه وترحل وتنقذ نفسها منه إذا استفاق… أم تظل بجانبه حتى يأتي أحداً وينقذه… 
اغمضت عينيها بألم وهي تتذكر ماحدث لها منذ قليل على يده… لتقرر أخيراً أن تتركه وتذهب وتنجو بنفسه.. 
خطت عدة خطوات للخارج… لتقف فجأةً وقد غلبتها العاطفه فنزلت من عينيها دموع التأثر والشفقه وأحسست بعاطفه جياشه تدفعها لتقديم يد المساعده له
اتجهت إليه ثانيةً وما إن أبصرته حتى دبت في نفسها مشاعر الخوف ممزوجاً بالحنان أيضاً..
رفعت يده إليه تطمئن على النبض..فوجدته مازال على قيد الحياه ولكن يتسارع نبضه كأنه في سباق………. بدون وعي منها امتدت يدها لرأسه تمسح على شعره مسحة الحنان.. لترفع رأسه على ذراعهها.. تأملت وجه عن قرب و بدقه وكأنها تحاول التعرف على ملامحه من جديد…
اجتاحت الدهشه عينيها للحظات وهي تتأمله بنظرات جديده… ياإلهي..!  كم يبدو وسيماً لحد الفُرطه.. وكأن هدوء وبراءة العالم ارتسمت على وجه… 
أين تلك القسوه التي يتصنعها!!.. أين غضبه وحدة انفعاله… أين تقضيبة حاجبيه العابسه!!! 
كل ذلك تبخر كالماء حينما فقد الوعي!! 
أيعقل أن يكون بتلك البراءه والطيبه!!؟  أحقاً هو يتصنع القسوه والشده!! 
كل تلك الاسئله والظنون كانت تراودها وهي تتأمله بشفقه وحزن… وهي بداخلها تتمنى أن يكون حقاً ليس يوسف القاسي المنفعل الغاضب دائماً… تتمنى لو أن معاملته لها تبدو مثل وجه.. بريئه وهادئه… 
ولكن لما تتمنى ذلك!!؟… أما يحدث لها الان من تلك المشاعر المضطربه هو تصديقاً لمقوله “القط يحب خناقّه”  !!!! 
لاتعلم… هي فقط مضطربه وخائفه ولاتعلم كيف تتصرف… أردفت بحزن وهي تتأمله 
—ليه يايوسف… ليه تعمل في نفسك كده.. ايه اللي وصلك انك تتعاطى الزفت ده… ليه كده يايوسف.. 
وضعت رأسه بمهل ورقه على الأرض لتخرج هاتفها وتحادث رقم المشفى حتى يأتو وينقذوه…. وقبل أن تطلب الرقم الخاص بالمشفى… عادت المخاوف تتملك منها ظناً بأنهم من الممكن ان يبلغوا عنه الشرطه أنه يتعاطى المخدرات.. 
وضعت يدها على رأسها وهي تتأفف بقلة حيله… اردفت بتعب وضعف
— اووف.. طب اعمل ايه دلوقت… ظلت تفكر قليلاً حتى لمعت برأسها فكره وهي ان تهاتف الدكتور سعيد صاحب الصيدليه التي يعملون بها.. تعلم أنه طرد يوسف من العمل.. ولكن لاخلاقه المعروفه لن يتردد لحظه أن يساعده.. 
لذا كانت فكره صائبه أن تحادثه…. ليأتيها الرد بعد دقائق من الاتصال مرتين
—ايوه يامارينا… مجتيش الصيدليه انهارده ليه 
لم تستطيع ان تتمالك نفسها كلما نظرت ليوسف.. لتنفجر في البكاء مردفه
—دكتور سعيد… ارجوك تعالى على العنوان اللي هبعتهولك ده.. يوسف بيموت 
دُهش الدكتور سعيد ليردف بخوف قليلاً 
—اييه!! بيمووت!!.. طيب ابعتي العنوان حالاً
أرسلت مارينا عنوان الڤيلا في رساله نصيه… وحين استقبلها الدكتور سعيد.. لم يتردد لحظه في المجئ واستقل سيارته على الفور متجهاً للعنوان المُرسل… 
عادت مارينا ثانيةً لتجلس على الأرض بجانب يوسف.. ومن ثم رفعت رأسه على ذراعهها وهي تضع يدها على قلبه بين الحين والأخر لتطمئن عليه… 
ظلت هكذا لنصف ساعه تحمل رأسه على ذراعهها وتسند جسده عليها حتى وإن لم تنجح في ان تجعله يفيق.. فهي استطاعت بقدرٍ ما أن تمنحه الشعور بالراحه لحين مجئ الدكتور سعيد… 
خطرت ببالها فكره.. فهي قابلتها حالات اغماء كثيره.. نعم لم تكن مثل يوسف.. لأنه فقد الوعي بسبب تعاطيه للمخدرات دفعه واحده دون توقف… ولكن ظنت أن جميع حالات الإغماء يقوم فيها الشخص بنثر القليل من الماء على وجه المصاب.. فيفيق بعد لحظات… 
وضعت رأسه على الأرض برقه… وركضت نحو المطبخ… اخذت كوب وملأت نصفه من الماء.. ثم عادت ثانيةً… ولكن قبل أن تدلف لداخل الغرفه.. كان قد وصل الدكتور سعيد.. 
تهلل وجهها لتردف باابتسامه عريضه
— دكتور سعيد!!  الحمدلله.. انا كنت جايبه ميه عشان احاول أفوقه
أجاب بخوف 
—هو في ايه… هو فين 
أشارت بيدها تجاه الغرفه المقابله لهم.. مردفه بحزن
— مغمى عليه في الاوضه اللي قصاد حضرتك دي… تعلثمت في الكلام وقالت: 
— هو.. هو.. بصراحه…أخد مخدرات كتير لحد مااغمى عليه 
اتسعت عينان الدكتور سعيد بيردف بدهشه وعدم تصديق
— مخدرااات!!!  يووسف!!  الدكتوور يووسف!!! 
أومأت له وعادت الدموع لعينيها 
— هو ده اللي حصل 
اتجه سريعاً للغرفه.. ليشهق بدهشه عندما وجده يتسطح على الأرض وقد غُيب عن الوعي تماماً وبجانبه بقايا الحشيش والبودره المخدره… 
جث الدكتور سعيد على ركبتيه بجانب يوسف وهو يتأمله بفم مفتوح من الذهول والدهشه…. هزّ رأسه بعدم تصديق ليردف:
— ازاااي… ايوه هو عصبي ولسانه سابقه بس متوصلش بيه لدرجه.. انه.. انه يبقا بتاع مخدرات….!!!!
ده.. ده عيلة باترك ميخائيل دي من أشهر عائلات الاسكندريه المحترمه… كلهم تعليم عالي وناس في قمة الأدب….أنا أعرفهم من زمان.. وعمه الدكتور المشهور داود ميخائيل يبقا صديقي… اناا.. انأ مش مصدق… 
اردفت مارينا بحزن وتوسل 
— أرجوك يادكتور سعيد مفيش وقت للكلام.. اعمل اي حاجه.. انا معرفتش اتصرف وهو بقاله أزيد من نص ساعه كده.. 
أفاق الدكتور سعيد من شروده وهو يتمتم بقلة حيله
—لاحول ولا قوة الا بالله… انتي أول مااتصلتي كنت في المسجد عشان الصلاه… ركبت العربيه وجيت علطول.. كان قلبي مقبوض وكنت حاسس ان في حاجه مش كويسه حصلت… بس مكنتش اتوقع أنه عاوز ينتحر
جحذت عين مارينا لترتجف بخوف حتى أن كأس الماء اهتز من يدها من رعشة جسدها.. 
— ينتحر!!!! 
أومأ لها بحزن وأسف
— أي واحد بيتعاطي مخدرات دفعه واحده بيبقا عاوز ينتحر… بس هو شكله جسمه مش واخد على المخدرات او هو مكنش ببتعاطيها بااستمرار.. عشان كده الجسم مقدرش يتحمل الكم الهائل من السموم.. فده خلاه يدخل في غيبوبه مؤقته أقلها تلات ساعات 
أردفت بحزن وخوف
— يعني هيبقا كويس ولاايه… انا مش فاهمه 
هزّ رأسه بأسف: ان شاء الله…
تابع بحزن… في حالة تعاطي الحشيش لأول مرة بتصل مدة بقاء الحشيش في الدم إلى حوالي يومين او تلاته أو لو بيتعاطى على فترات متباعده من توقيت آخر جرعة… هو هيفوق بعد تلات ساعات زي ماقلتلك… لكن الماده المخدره هتفضل في الدم لمدة تلات ايام على الأقل.. ومفيش حاجه تفوقه دلوقت غير اننا نستنى التلات ساعات دول لحد مايفوق لوحده… لأن ده زي ماانتي عارفه اغماء مش عادي.. فمنقدرش ندخل ونفوقه غصب عنه… 
أومأت له بحزن وهي تتأمل يوسف بخوف… نظر لها الدكتور سعيد.. فاانتبه أنها ترتدي قميص رجالي ويبدو رهط جداً عليها.. إذاً فالقميص يعود ليوسف… أردف بتساؤول
— هو مش القميص ده بتاع يوسف!!  
ارتبكت مارينا.. ولكن اردفت سريعاً حتى لايظن بها سوءاً
— هو.. هو انا كنت في مشوار.. وبعدين يوسف اتصل عليا قبل مايغمى عليه.. عشان كان حاسس بتعب.. وانا رحتله.. ولما جيت اطلع على السلم.. البلوزه بتاعتي شبكت في طرف الباب واتقطع.. فااخدت قميص من يوسف 
تأملها للحظات مما ذاد ذلك من ارتباكها… ولكن لم يعقب على كلامهاا نظراً لأنهم في موقف حرج الآن.. 
استرسل الدكتور سعيد حديثه: 
— بصي يامارينا.. يوسف دلوقت في مرحلة اللاوعي اثناء تعاطي الحشيش وطبعاً انتي مدرستهاش لسه…. هنا المتعاطى بيبقا صاحي وبيسمع وبيشوف.. بس مش واعي للي بيحصل قدامه.. مش بيبقا شايف غير هلاوس سمعيه وبصريه بس.. وطول المده دي  بيبدأ القلب بالنبض بشكل أسرع.. وينخفض ضغط الدم،.. وتصل معدلات ضربات القلب إلى 20-50 ضربة في الدقيقة الواحدة.. وممكن تزداد أكتر لو تعاطى تاني في الوقت نفسه وهو لسه مفقش…. وده ممكن  يرفع خطر الإصابة بالنوبة القلبية… فعشان كده لازم بعد ماتمرّ التلات ساعات دول ويفوق.. نستنى بعدها حوالى تلات ساعات تانيين.. لأن اثار المخدرات هتظهر عنده زي.. 
خلل فى تقدير الزمن والميل إلى الزيادة بمعنى لما يعدي ساعتين هيحس بأنهم يومين…ده غير الشعور بالاكتئاب…
و تقلب في المزاج….وعينه مش هيقدر يفتحها من كتر الاحمرار وده نتيجة زيادة الشعيرات الدموية في العين وطبعاً
ضعف في الذاكرة قصيرة المدى لا يتخطى ثواني… يعني هيفضل شويه مش فاكره هو مين ولاعارف اللي حواليه…
فااحنا لازم نستنى لحد ماكل ده يبدا يهدى ويرجع لطبيعته..وبعدين ناخده على المستشفى 
هزّت رأسها بنفي وخوف لتتوسله
—لاا يادكتور لو سمحت…ممكن الشرطه تقبض عليه 
ابتسم على سذاجتها وطيبتها مردفاً
—ده يعتبر مريض ولازم يتعالج..اللي بيتمسك اللي بيبيع الحاجات دي أو اللي بيتعاطيها ومش عاوز يبطل…لكن يوسف اشك انه ليه في السكه دي أصلاً…يوسف مكنش حاسس هو بيعمل ايه….لازم لما يفوق…يروح مستشفى كويسه…لدكتور متخصص يشيل السموم من الدم…ولازم على الأقل حد يفضل جنبه يراقبه لمدة اسبوعين….عشان ميفكرش يرجعلها تاني..
أومأت له بأسى وحزن..لتنزل الدموع على وجنتيها…..ليتضح بالفعل أنه وبرغم مافعله بها..إلا انها خائفه عليه وبشده..
نهض الدكتور سعيد وهو يسند يوسف عليه…سارعت مارينا بمساعدته…ولأن يوسف ضخم العضلات وفارع الطول فكان صعب على الدكتور سعيد أن يسنده وحده…
أنزلاه برفق على أقرب أريكه..ليجعلوه يستريح أكثر…
جلست مارينا بجانبه وهي تتأمله بحزن وخوف عليه…تركها الدكتور سعيد مستأذناً أن يذهب للصيدليه لبضع الوقت لأنه وحده من يديرها…وطلب منها أن تهاتفه عندما يفيق…
وقبل أن يخرج من الغرفه..أدار وجه لها مردفاً بتحذير
— مارينا..اوعي تشربيه ميه اول مايفوق…عشان شربها  مع انخفاض ضغط فاقد الوعي.. بيؤدي إلى إصابته بتقلصات المعدة….استنى يعدي من الوقت نص ساعه..وابدأي تديله سوايل كتير عشان تساعده في خروج السموم بشكل أسرع…
أومأت له بحزن وظلت جالسه بجانبه تنظر في ساعتها بين الحين والاخر وتتأمله بتوتر خوفاً من أن يحدث له شيء..
ظلت هكذا حتى مرّ ساعه كامله و لم تتحرك إنشاً واحداً من جانبه…تحدثت بضعف وكأنه يسمعها 
— مش عارفه اقلك ايه يايوسف..ولاانا عارفه انا بعمل كده ليه معاك…أي واحده مكاني على اللي انت عملته فيها كانت انتهزت الفرصه وهربت…لكن انا مقدرتش…او معرفتش…حسيت بحاجه بتمنعني ان امشي واسيبك كده…
عارف يايوسف…انا ساعات بحس ان جواك طفل صغير برئ
وانت اللي بتتصنع القسوه والصلابه دي…انا…انا بجد مش عارفه اعمل ايه ولااتصرف ازاي…بس اوعدك ان مش هسيبك غير لما تتحسن…تتحسن بس يايوسف وتبطل الهباب ده..وهختفي من حياتك….
*******************
اتجهت يمنى لخارج الغرفه التي بها عمر وتناسته تماماً…ليتملك منها الغضب والغيظ والغيره…
الغيره وحدها فقط لا غير هي الشعور الوحيد الذي يحول المرأه من مخلوقٍ راقي بسيط..لوحشٍ مفترس…
من قال أن المرأه حينما تشعر بالغيره…تصمت وتظهر كبريائها فقط!! من قال أن  عندما تغار المرأة تبكي..!!
من الصعب جداً أن تتحدث المرأة عن غيرتها على عشيقها ولو كانت دماؤها مترعة بتلك الغيرة ومشاعرها تحترق ولكنها قد ترتكب أبشع الجرائم حينما تقترب أخرى من رجلها وسيد قلبها….فعندما تغار المرأه  يتشوش عقلها ولا يسمح بالتفكير المتعقل وكأنما تلتقي صوت العاطفه بداخلها بصوت العاصفه..
لحظات ظلت واقفه تتأمل الطرقه الواسعه تبحث بعينيها هنا وهناك لتجد تلك الممرضه الشقراء…ولكن رائحة المرضي والمشفى في الطرقه كانت منتشره بدرجه كبيره…مما جعلها تشعر بحاجتها للإستفراغ ثانيةً…وضعت يدها على أنفها تمنع استنشاق رائحه المشفى المتعبه لها والتي تجعلها تشعر بالغثيان…ولكن لعدم تحمل جسدها التعب ولاحتى الرائحه فهي لم تذق طعم الذاد منذ يومين وهذا جعلها تشعر بوعكه صحيه فوق تعبها الأساسي والذي يعد من الأعراض الأولى للحامل…
ركضت لدورة المياه تستفرغ بتعب..فكان تقيأها ماء فقط…
غسلت وجهها عدة مرات حتى تزيل اثار الإرهاق والتعب…
ف عمر أشدّ تعباً ومرضاً منها ويحتاجها قويه بجانبها…لذا كانت تجاهد الأ تظهر التعب أمامه حتى لايقلق عليها ويزيده هذا مرضاً…
شعرت بتثاقل وخمول في جسدها..فلم تعد تقدر على الوقوف معتدله…خطت بضع خطوات متمايله وهي تستند على الحائط بتعب شديد..وكادت بالفعل أن تقع من شدة الترنح والتمايل..ولكن لحسن حظها أن الممرضه ميرلين كانت متجها للمرحاض في ذلك الوقت وما ان وجدتها تتمايل بتعب هكذا..حتى سارعت بإسنادها واللحاق بها قبل أن تسقط أرضاً
نظرت له يمنى بنصف عين وهي تحاول التعرف عليها..فقد بلغ التعب عندها أعلى ذروته…
ابتسمت لها ميرلين برقه فقد تعرفت عليها سريعاً..إنها زوجة ذلك المصري الوسيم المدعو بـالمهندس عمر الرفاعي!! 
بادلتها يمنى الإبتسامه… بينما ميرلين أسندتها واتجهت بها لغرفه أخرى غير التي بها عمر…. مما جعل يمنى تفيق قليلاً وتنتبه بدخولها غرفه مخالفه عن غرفة زوجها.. 
نظرت لها يمنى بحده مردفه بغيظ
— انتي مودياني فين ياحيزبونه انتي… وديني عند جوزي ياوليه 
فهمت ميرلين استياء يمنى من تعبيرات وجهها الغاضبه ولكن لم تفهم كلامها.. أردفت بتعجب
— what!!? 
 يمنى بغيظ وغضب:  أزغط بط… وديني يابت انتي عند جوزي.. ومتعمليش فيها من يهود بني قريظه 
ميرلين بعدم فهم: 
_  I did not understand you (لم افهمك)
تأففت يمنى بضيق لتردف وهي تزيح عنها ذراعها التي تسندها به:
—هتقعد تعملي فيها بقا أجنبيه وهي أصلاً ضربه شعرها اكسجين..
تركتها يمنى واقفه تنظر لها بدهشه وعدم فهم..واستعانت  بالحائط تستند عليه بتعب..لتتجه لغرفة عمر..
أسرعت ميرلين بإسنادها ثانيةً مردفه بلهجه جاده
_Well, I understood .. I know you want to go to your husband..but you need a rest and there is only one bed in the room..!!
—حسناً لقد فهمت.. أعلم انك تريدين الذهاب لزوجك..ولكنك بحاجه للراحه ولايوجد إلا سرير واحد بالغرفه!!
ترجمة اللغه الانجليزيه ليس بأمرٍ صعب كباقي اللغات.. فجميعنا ندرسها بالمدارس والجامعات لذا لم يكن صعباً عليها أن تترجم في عقلها ما تفوهت به تلك الحمقاء في نظرها.. 
أزاحت يمنى يدها عنها ثانيةً وهي تصرخ بها 
—ياستي انتي مااالك…هو أنا هناام على رااسك… ده ايه الست الحشريه دي 
تركتها يمنى في حالة ذهول.. ودلفّت لداخل الغرفه التي بها عمر… ماإن رأها تستند على الحائط بتعب… حاول أن ينهض مراراً ليساعدها ولكن لم يستطيع بسبب شدة تعب جرحه.. 
تأملها بوجه خائف.. بينما هي تصنعت القوه قليلاً… لتستطيع الوصول إلى فراشه دون أن تستند على شئ… 
 جلست بجانبه وهي تبتسم برقه حتى تطمئنه… بينما هو احتوى وجهها بكلتا يديه وهو يتأمله بدقه كالمجنون مردفاً بقلق وخوف عليها
—تعبانه يايمنتي… حاسه باايه ياحبيبتي.. قوليلي ماالك
تحسست يده برقه لتضع بعدها قُبله دافئه على جبينه تجعله يهدئ قليلاً…. أردفت بهدوء
— متقلقش ياعمر… أنا كويسه والله… بس ريحة المستشفى تعباني شويه 
تنهّد بحزن وهو يتأملها بأسف
—ازاي بس مش تعبانه وانتي وشك أصفر كده… انا اسف يايمنى… اسف ياحبيبتي… اوعدك اني مش هخليكي تتعبي تاني.. 
ارجعت رأسه للوراء حتى تجعله يستريح وهي تلقي اللوم عليه بغضب مصطنع
—لو فعلاً مش عاوزني اتعب تاني.. متجبش البت الصفرا دي تغيرلك الجرح
ضحك بخفه وهو يداعب أنفها 
—غيرانه!! 
نظرت له بحده  لتردف بإستشاطه وغيظ 
—لاا طبعاً.. انا اغير من دي 
أجابها بمرح:  خلاص طالما مش غيرانه خليها تيجي تغيرلي عالجرح
انفعلت عليه وصرخت به بغيظ 
—عمرررر…. متستفزنيش عشان وربنا اروح اولع فيها قدام المستشفى كلها.. وانت اللي تتحمل النتايج
لامس شفتاها التي ابرمتهم كالأطفال من الغضب… ليردف بضحك ومزاح
— عاادي ماتولع.. مش هتحمل نتايج ولاحاجه… محدش يقدر يزعلك وانا موجود…. وبعدين بطلي هبل.. انتي عارفه كويس انك ماليه عيني 
رمقته بعيون دامعه لتردف بغيره
— مش معنى كده ان واحده غيري تقرب منك… حتى لو بحجة العلاج 
أومأ لها مبتسماً بحُب جاذباً اياها برقه حتى يجعلها تنام بجانبه 
— حقك ياحبيبتي…. تعالى ارتاحي على دراعي شويه.. نصايه كده وهنمشي.. أنا بعت مُهاب يحجزلنا أوضه في فندق لمدة اسبوع… لأن اللي هجموا عليا دول عرفوا مكان البيت… فلازم نغير السكن لحد ماننزل مصر
شعرت بالخوف ثانيةً وهي تتذكر ماحدث له على يد هؤلاء المجرمين…. أردفت بخوف وقلق
— عمرر… أنا خايفه يتهجموا علينا تاني 
ابتسم لها مجيباً بثقه
—ميقدروش… ومش عاوزك تخافي من حاجه… هي مره وعدت واوعدك مش هتحصل تاني.. لان زي ماقلتلك الشاطر ميقعش مرتين 
أومأت له وهي تتأمله بحب… تابع عمر بلهجه آمره
—يلاا ريحي جسمك شويه على مانيجي نمشي 
هزّت رأسها بنفي وهي تنظر للاصقه الكبيره على صدره بخوف
— لو نمت على دراعك.. هتتعب أكتر 
بسط لها ذراعه مردفاً بجديه
—ليه هو انا مضروب في دراعي… يلاا نامي شويه 
كانت حقاً تشعر بحاجتها للنوم فقد أثر عليها الإرهاق الشديد… لذا لم تجد مهرب من طلبه… وبالفعل وضعت رأسها بتعب على ذراعه.. وكورت جسدها بجانبه…لحظات وثقلت جفونها رغماً عنها.. لتغط في نوم عميق… وقد ارتخت ملامحها تماماً وشعرت بالدف والأمان بقربه ثانيةً 
أزاح الغطاء الرقيق من عليه ليغطي به جسدها جيداً.. حتى يجعلها تشعر بالراحه أكثر… 
ظل يتأملها بإشتياق وعشق شديد وهي نائمه كالطفل على ذراعيه… 
قبْلها من جبينها قُبله طويله يبث فيها كل إشتياقه لها…ليدخلها أكثر في أحضانه…ومن ثم أراح جبهته على جبهتها…حتى ينام هو الأخر ولكن بعقلٍ متفتح…أي أنه لم يستطيع النوم من كثرة التفكير فيمن فعل به هذا…
مرّت عشرون دقيقه كامله وهما على نفس حالتهم…هي نائمه بعمق..وهو يفكر في كيفية استرداد حقه…ومعرفة من أراد قتله واعتدى عليه بالسلاح…ولأول مره طيلة حياته يرفع عليه أحد السلاح….
صوت طرقات على باب الغرفه سمعه عمر..فأذن للطارق بالدخول..وكان مُهاب صديقه…وقبل أن يدخل مهاب…قام عمر بفرد الغطاء بالكامل على يمنى حتى غطاها جيداً فلم يظهر أي من ملامحها 
تنحنح مُهاب مردفاً بخجل قليلاً فقد أدرك أن تلك التي تتخفى تحت الغطاء بالكامل ماهي إلا زوجته…
—أنا حجزتلك أوضه واسعه في فندق راقي جاهزه من كله…وده قميص جبتهولك البسه وانت خارج…… الدكتور كتبلك على خروج امتى!؟
عمر بتعب: همشي دلوقت
رمقه مُهاب بعدم تصديق مردفاً
— انت بتستعبط يابني…هو خدش بسكينه 
زفر عمر بضيق ليردف بتصميم
— انا مش قاعد دقيقه واحده في المستشفى يامهاب…مراتي بقالها يومين لانامت ولاكلت…ذنبها ايه تتعب بسببي…
اطلع انت جهز العربيه وأنا هجيبها وأجي 
مهاب بدهشه: تجيب مين وتيجي…انت عاوز اللي يسندك 
رمقه عمر بنظره ناريه..جعله يرضخ لأمره…ليتجه بالفعل للخارج ويقوم بإحضار السياره لأمام درج المشفى 
أما عمر تأمل يمنى بشفقه وحزن…هو يعلم جيداً أن مُهاب معه حق فيما قاله..فهو بالفعل يحتاج لمن يسنده…ولكن ماذنب تلك المسكينه أن تراه ضعيفاً لتلك الدرجه…
هزّها عمر برقه هامساً لها
— يمنى…يمنتى….حبيبتي..قومي يلاا نكمل نوم في الفندق براحتنا…يمنى!!
فتحت عينيها ببطئ وصعوبه…تثائبت بنُعاس..لتردف بصوت نائم
— سيبني أنام شويه عشان خاطري 
شعر بالحزن والأسف تجاهها..فيبدو أنها مرهقه جداً….
طبع قُبله صغيره على خداها…لينهض من السرير بتعب…وهو يحاول جاهداً أن يضغط على نفسه ويتحمل الألم…
تحامل على نفسه وحاولاً مراراً أن يقف…ولكن عند وقوفه لثواني..يشعر بالألم كالرماح تغزو صدره…فيجلس ثانيةً بتعب وحزن…
نظر لها بضعف وأسى فوجدها مازالت نائمه… لم يُرد أن يقلقها… لذا قرر عن أن يتحامل على نفسه تلك المره بقوه ويقف رغماً عنه… وبالفعل فعل ذلك ولكن ماإن وقف دفعةً واحده.. حتى غزا الألم في أنحاء جسده… ليجعله يخرج صرخه تألم شديده… فزعت لها يمنى وانتفضت من مكانها… 
خفق قلبها بشده عندما رأته يقف ويستند على الحائط ويضع إحدى يديه على صدره… 
نهضت على الفور من مكانها واتجهت إليه بخوف وقلق… 
جعلته يجلس ثانيةً رغماً عنه… لتصيح به بحده
— حراام عليك… ليه بتعمل كده
تنفس بسرعه وغضب مردفاً 
— عشان أنا عمري ماكنت كده… أنا مش ضعييف يايمنى.. سمعتييي… أناا مش ضعيييف
أومأت له لتنزل الدموع من عينيها… اقتربت منه وأراحت رأسه على صدرها لتحتضنه بحنانٍ وبكاء مردفه
— معاش ولاكان اللي يقول عليك انك ضعيف… الموضوع مش كده ياحبيبي… انت تعبان ياعمر ومحتاج ترتاح عشان تخف بسرعه.. وكلنا بنتعب ودي حاجه خارج ارادتنا… 
أغمض عينيه بألم وظل يزفر بضيق… بينما هي شددت من إحتضانها له…. تابعت برقه 
— متجهدش نفسك ياعمر عشان تخف بسرعه… أنا محتجالك ياعمر.. محتجالك لاخر يوم في حياتي ومقدرش استغنى عنك… فلو بتحب يمنى متتعبش نفسك تاني والتزم بالعلاج لحد ماتخف وترجعلي أحسن من الاول 
ابعدت وجه عن صدرها لتنظر في عينيه بقوه وحنان 
— عشان خاطري ياعمر… عشان خاطري 
أومأ لها بحُب ليرفع يدها لفمه ويُقبلها برقه مردفاً 
— خاطرك ده بالنسبالي هو حياتي… حاضر يايمنى.. هصبر لحد مااخف
ابتسمت برقه وعادت لتضم رأسه لصدرها ثانيةً… بينما هو أحاط خصرها يُقربها اليه… فقد كان جالساً متكأً على الفراش بينما هي تقف أمامه… 
لحظات وطرق الطبيب الباب.. ابتعدت يمنى قليلاً  عن عمر.. 
أردف الطبيب مبتسماً 
— انت جسمك قوي وبيتحمل.. وقدرت تستحمل العمليه اللي هي أصلاً نادراً لما بتنجح لأن الرصاص كانت قريبه من القلب.. فمش عاوزك تقلق خالص… اقل من شهر جرحك هيطيب وهترجع كويس… بس في خلال الشهر ده.. متحاولش تبذل اي مجهود نهائي.. وتلتزم بالعلاج والراحه التامه.. 
أومأ له عمر بنصف ابتسامه.. ليتابع الطبيب 
—البس بقا حاجه غطى صدرك.. عشان ادخلك الترولي يطلعك لحد باب العربيه 
كادّ أن يرفض فهو لا يحب أن يراه أحداً وهو ضعيف وعاجز… ولكن نظره واحده توسليه من يمنى.. جعلته يوافق دون تردد
خرج الطبيب.. واخذت يمنى القميص الذي احضره له مُهاب بديلاً عن الذي تمزق واتسخ اثر الرصاصه والدماء 
ألبسته له ببطئ وبرقه كأنها تلبس طفلاً رضيعاً… 
أنتهت من تلبيسه القميص لتضع قُبله سريعه على شفتيه وهي تبتسم مردفه بسعاده
—بحبك أوي ياعمر… ودايماا شايفاك احسن واحد.. مهما حصل هتفضل في نظري احسن واحد والله وعمري ماشفتك ضعيف… صدقني أنا مبحسش بالامان غير في وجودك
ابتسم لها مداعباً لوجنتيها بأصابع يده برقه…. لحظات وجاء الطبيب ومعه بعض الممرضات والترولي… 
اتجهت ممرضتين يساعدوه على التسطح فوق الترولي… ولكن قبل أن تمد احداهما يدها.. أزاحتها يمنى سريعاً وهي ترمقهم بنظرات غيره وغيظ.. ففهم الطبيب أنها تغار وبشده.. لذا طلب من الممرضات أن يخرجن… بينما هو قام بمساعدة عمر الذي كان جالس يراقب تعبيرات وجه يمنى عندما تغضب ويبتسم بعشق كأنه يكتم صوت الضحك عليه… 
تسطح عمر على الترولي بمساعدة الطبيب بعد أن قام بفحصه جيداً  والتأكد أن نبضات قلبه على مايرام… 
لتقوم يمنى بعد ذلك بدفعه ببطئ للخارج…. ماان رأهُ مُهاب يقترب من درج المشفى.. حتى اسرع بإسناده وهو يخفض بصره قدر المستطاع حتى لا يبصر زوجته.. فينال لكمه من صديقه تنهي حياته.. 
اسنده مُهاب ليركب عمر في المقعد الخلفي للسياره… ركبت يمنى بجانبه.. بينما قاد مُهاب السياره متجهاً نحو الفندق.. 
مال عمر برأسه على كتف يمنى كأنه يستمد منها القوه والصمود… فوضعت يدها تتحسس ذقنه حتى تمنحه الشعور بالهدوء والراحه لحين الوصول… 
وبما أن الفندق لم يكن بعيداً عن المشفى.. فوصلا سريعاً 
ترّجل مهاب من السياره ليفتح الباب لصديقه ويقوم بااسناده ثانيةً… ليتجه به نحو مصعد الفندق ومعهم يمنى… 
وصل عمر للغرفه التي حجزها لهم مُهاب وقام باسناده حتى يُجلسه على السرير… بينما يمنى اسرعت في اعتدال باقي جسده ووضع وساده وراء رأسه… حتى تجعل جسمه يسترخى ويستريح… 
أردف مُهاب بتلقائيه: 
— أنا هاخد اوضه جنبك عشان لو احتجت حاجه
عمر بنفي: لاا.. انزل مصر انت واكتم على خبر اصابتي 
مُهاب بدهشه وتردد: 
— انا مش نازل مصر انا وسايبك كده… هننزل كلنا سوا 
رمقه عمر بنظره ناريه ليردف بحده
—كلنا مين يااروح اممك!! 
رغماً عنه ضحك مُهاب بقلة حيله مردفاً 
— يابني متفهمنيش غلط.. انا عمري ماشفت حد بيغير زيك اوي كده 
أجاب عمر بثقه وغرور 
— اييه.. نسيت اصلك وانك مصري… يعني الغيره دي بتجري في دمنا على أهل بتنا واللي يخصنا… ولا هناك في انجلترا كانت سداح مداح
ضحك مهاب ليجيب: لا عندك حق.. هي فعلاً سداح مداح 
أشار عمر تجاه الباب: 
عارف الباب ده.. تطلع منه وتاخد اول طياره لمصر… عشان الشركه محتاجه مدير وانا بقالي كتير اوي مرحتش ولاعملت صفقات ولازفت
فهم مُهاب أنه متضايق الان… بل هذا صديق طفولته يفهمه اكثر من نفسه.. ويعلم جيداً أن عمر لو يشعر بألام العالم اجمع في جسده فسيظل يتظاهر بأنه قوي وغير متأثر.. 
لذا لم يُرد مهاب أن يجادله كثيراً وهو بتلك الحاله… فرضخ لأمر أخيراً… وبالفعل سيطلب من كابتن الطائره الخاصه به.. أن يأتي ويقِله للأراضي المصريه… 
ودعه مُهاب وخرج تاركاً لهم الغرفه.. التي كانت واسعه ومنظمه بحق… بل أن رقة الأثاث بها وحداثته تخطف الابصار… 
جلست يمنى بجانبه ويبدو عليها آثار النوم والإرهاق… اردفت بتثائب
—أنا هدخل اخد دش عالسريع كده… عشان انا قرفانه من نفسي والهدوم اللي عليا بقالها يومين دي
أومأ لها مبتسماً.. بينما هي شهقت لتصفع جبهتها برقه مردفه
—هدومنا كلها في البيت اللي هناك
اتسعت ابتسامة عمر وهو يشير لخزانة الملابس
—الهدوم هتلاقيها في الدولاب ياحبيبتي… انا خليت مُهاب يجيبهم 
رمقته بعدم تصديق لتتجه للخزانة وبالفعل وجدت ملابسهم بها… أردفت بمرح
—لاا بس ذكي يااض مفيش حاجه بتعديك 
ضحك عمر بخفه مجيباً بإستنكار
—يااض!!  ماشي ياعم عبده.. ادخلي استحمي يلا وانا هطلب أكل 
أردفت بمرح: 
—اصيل والله ياابو رحاب.. أنا فعلاً كنت ميته من الجوع
ظل يضحك عليها فهو حقاً قد اشتاق لمزحاتها السخيفه والحق يقال أنه بدون مزاحها ومرحها الطفولي لن يستطيع الصمود أمام اي مصاعب تواجه… فعندما تزوج منها علمته هي أن الضحك والمرح ليس له علاقه بالحزن بل يضيف يجب على المرء الحزين أن يجلس في وسط جماعه يلقون المُزح والدعابات.. فذلك يؤثر بالإيجاب على حالته.. 
دلّفت يمنى لدورة المياه تتحمم وتغتسل من  الدماء التي مازالت اثارها على ملابسها… 
بينما عمر طلب وجبات سريعه تحديداً البيتزا فهي تُعتبر الطعام المفضل لديها… وقبل أن تخرج يمنى من الحمام كان نادل الفندق قد أتى بالطعام… وبأمر من عمر.. فقد ترك النادل الوجبات على المنضده أمام الغرفه نظراً أنه لن يستطيع الوصول للباب بسهوله.. 
انهت يمنى استحمامها… لتخرج بعد لحظات وهي ترتدي سلبوت من الچينز الازرق القاتم على هيئة تنوره… له حماله على الكتف على شكل فيونكه رقيقه.. مفتوحه من الجانبين تبرز فقط حمالة الصدر خاصتها وردية اللون.. بينما كُشفت تنورة السلبوت عن تناسق خصرها وجانبيها المنحوتان… مع الإبراز الدقيق لروعة قديها الممشوقتان بإمتلاء بسيط بهم…. وتركت لشعرها الأسود  الطويل العنان والذي مازالت اثار الماء به حتى بعد ماجففته… فااعطاها ذلك جمالاً مثيراً فوق جمالها الطبيعي.. 
اردفت بمرح: ايه يسطاا الاكل فين كلاب بطني بتنونو 
قهقهـ عالياً ليردف من بين ضحكه 
— بقى بعد الرقه والجمال ده وتقولي يسطا…. والله يابنتي ظلمت عم عبده البواب 
وضعت يدها في خصرها بدلال لتردف بغرور
— انا حلوه وزي الفل انا مزه في نظر الكل 
توقف عن الضحك لتظلم عيناه العسليتان وهو يفترس منحنيات جسدها بعشق وشوق… التمعت عيناه وهو يحدق بها بشده وكأنما تقول نظراته…. 
مُدِ يد الشوق واتركي العنان لفكرك.. أسرح في تلك الليالي الناعمه التي كانت ولاتزال تحيا بقلبي… اقتربي أيتها الجميله وأشعلي نار الشوق بداخلي.. فورب الكعبه لقد اشتقت…
أردف بحده وعشق 
— انتي حلوه في نظري انا وبس… اما الكل… يولع الكل… حتى لو بتقوليها بهزار.. مسمعهاش منك تاني… انتي ملكي أنا وبس… فهمتي 
أومأت له مبتسمه برقه.. لتقترب منه ببطئ ودون خجل.. طبعت قُبله رقيقه على شفتيه… ابتعدت عنه بعدها وهي تغوص في عينيه العسليتان بعشق… مما أربكه قلبه تلك النظرات الهائمه… فجذبها من شعرها برقه إليه ثانيةً… ليُقبلها بعشق وشغف أكبر…. وكأنما يثبت بقُبلاته التي وزعها على شفتاها وعنقها… أنه لم يرتوي بعد…. 
ابتعدت عنه بعد دقائق عندما شعرت بحاجتها للتنفس… لتريح جبهتها على جبينه وتحيط ذقنه برقه هامسه
—انا معاك دايماً… لاخر نفس فيا ولاخر يوم في عمري هفضل معاك… 
أراحته كلماتها فضمها إليه أكثر يستنشق عبيرها ويطفئ لهيب اشتياقه… 
ابتعدت بعد لحظات لتردف بمرح
— هااا.. الاكل فين بقاا
ابتسم بعفويه ليشير للباب مردفاً 
—غطى جسمك وهاتيه من قدام الباب 
أومأت له بسعاده طفوليه… لتستر جسدهاا بوشاح طويل.. ومن ثم فتحت الباب وتورات خلفه.. لتمد يدها تأخذ الطعام… ثم اغلقت الباب ثانيةً… 
اتجهت تجلس على السرير بجانبه وهي تعبث في اطباق الطعام…. أخرجت علبتين من البيتزا كبيرة الحجم…. 
شهقت يمنى بفرح مردفه
—اووه.. بيتزااا… وكماان من الكبييره… نيهاااع ده احنا ليلتنا فل.. 
صفقت بيدها وهي تنظر للبيتزا بطريقه مضحكه… مما جعل عمر يضحك عليها بشده حتى ادمعت عيناه مردفاً 
—ههههه صدقي بالله على قد مابتستفزني ضحكة الحيوانات بتاعتك دي بس وحشتني 
اجابت دون أن تنظر له وهي تستعد لتتناول البيتزا بشهيه
—يلااا انت سكه دلوقت عشان مش فضيالك 
أنهت جملتها لتبدأ في تناول البيتزا تحت نظرات السعاده التي تراقبها منه.. 
تناولت جزء من القطعه المثلثيه… لحظات وتركتها … لتضع يدها على فمها.. فقد شعرت بالإستفراغ ثانيةً… 
اضطرب قلب عمر وخاف عليها.. فقد سمعها تتقيأ بتعب 
حاول أن ينهض ليطمئن عليها ولكن وجدها تخرج وهي تمسك معدتها من التعب… جلست بجانبه على السرير.. لتضع رأسها على فخذه بإعياء
عمر بخوف وقلق: يمنى.. انتي استفرغتي اكتر من مره انهارده وده مش طبيعي.. لازم اكشف عليكي
اجابت بنفي: انا مش تعبانه وفي نفس الوقت تعبانه… من أول مادخلنا المستشفى وأنا مش طايقة ريحة أي حاجه… حتى البيتزا اللي بحبها قرفت منها… 
ظل يمسّد على شعرها بحنان… ليردف بعد لحظات بمرح
— طب وده مش بيفكرك بحاجه 
نظرت له بتعب:  حاجه ايه
غمز لها ليردف باابتسامه واسعه
— في حملك الاولاني كنتي كده برضه 
تأملته لثواني.. وقد تخلل الحزن ملامح وجهها وهي تتذكر تلك الحادثه الشنيعه التي أدت لإجهاض طفلها
شعر عمر ان كلامه أحزنها ولكنه حقاً لم يقصد ذلك… 
أردف بحنان وهو يمسّد على كتفيها وشعرها برقه
— بصي ياحبيبتي… لولا النسيان لمات الإنسان وده من كتر الحاجات الكتير اللي بتحصل في حياته وتتعبه… لو محاولش ينسى الهموم والعذاب والأفكار اللي بدور في راسه.. مش هيسلم ولا هيعرف يعيش حياته اللي جايه… 
أي حاجه راحت مننا فهي عمرها ماكانت لينا.. هحكيلك حاجه حصلت مع النبي عليه الصلاة والسلام.. 
رفعت وجهها تنظر له وتسمعه باهتمام…تابع عمر..
—مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة وهي عند قبر صبي لها مات..وكانت الست دي بتحب ابنها فوق ماتتصوري…. فلم تملك نفسها.. يعني مقدرتش تتحمل موته فكانت بتروحله كل يوم قبره تقعد تعيط وتنتحب… فلما شافها سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم أمرها بتقوى الله والصبر. فقالت: ابعد عني فإنك لم تصب بمثل مصيبتي…يعني انت مش هتحس باللي انا بمر بيه ولاحصلك زي….فالناس قالولها  إن ده رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فندمت وراحت لرسول الله… عند بابه، ومكنش فيه حد واقف عالباب يمنع الناس من الدخول..فالست استاذنته  وقالت: إنني لم أعرفك…مكنتش تعرف مين ده يعني… فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم، أن الصبر الذي يثاب عليه الإنسان هو أن يصبر عند أول ما تصيبه المصيبة…يعني الواحد مننا لما يصبر عن اول مصيبه حصلتله واحتسب ربنا فيها…ف ربنا سبحانه وتعالى بيكافئه على صبره ده وبيرزقه رزق مضاعف….فهمتي يايمنتي…مش عاوزك تزعلي على اي حاجه راحت..لو كان خيراً لبقى ياحبيبتي..
ابتسمت له بحنان ورقه..ونهضت من على فخذه..لتقترب من خده وتُقبله برقه مردفه
— مش بقولك انا لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي زيك
ابتسم لها بعشق فقبلته قُبله اخرى سريعه..ثم اندست سريعاً بجانب لتتثائب بنُعاس 
— سيبني بقا انام ياحنفي 
ضحك عمر عليها..ليميل على جبينها يُقبلها بحنان وهو يُعدل من نفسه ويبسط لها ذراعه ليجعلها تنام عليه
— حنفي!!! مااشي ياعم عبده…تعالي نامي في حضني 
لم تجيبه فهي بالفعل تشعر بالنُعاس الشديد ولكن أيضاً لم ترفض طلبه…وبالفعل نامت على ذراعه لتغط في نومٍ عميق يحتاجه جسمها..
بينما هو لم يغمض له جفن بل ظل يتأملها باابتسامه واسعه وعشق شديد..ليردف في نفسه
— والله شكلك حامل يايمنى..وبكره انتي اللي هتيجي تقوليلي في طفل منك ياعمر..
ظل يتأملها لدقائق ثم يمسّد على بطنها برقه وحنان دون ان تشعر وكأنه يتجاوب مع طفله وبرغم عدم معرفته انها حامل الا وأن غريزة الابوه لديه تجعله يشعر بل ويتأكد من ذلك
تأمل جرحه وتحسسه بتعب وضعف….ليتنفس بغضب ويغمض عينيه بضيق كلما تذكر ذلك الهاجس الذي يحوم حوله….
تمتم في نفسه متوعداً بغضب
—ااه لو طلع اللي بفكر فيه صح وانتي ورا اللعبه دي ياماما عشان تخلصي من يمنى..ساعتها ربنا يسامحني على اللي هعمله……
شهقت ريناد بصدمه مما سمعته.. وضعت يدها على فمها تمنع خروج صوتها… 
تسحبت ببطئ شديد لتعود ثانيةً لغرفة نومهما… بينما حمزه بعد أن انهى مكالمته مع نادر.. ظل واقفاً في الشرفه يستنشق نسمات الهواء وهو يفكر بذكاء وتخطيط فيما سيفعله مع ساندي.. 
نجحت ريناد في الهرب للغرفه قبل أن يسمع خطاها ويعرف أنها كانت تتصنت عليه واستطاعت فهم الحوار الذي دار بينه وبين نادر.. 
غطت نفسها بالكامل وجسدها يرتجف بشده من الصدمه…
أردفت في نفسها بخوف:
—يعني انا طول المده دي كلها عايشه مع شخص تاني
…ليه..ليه ياحمزه خبيت عليا  
لفت انتباهها صوت خطواته قادم للغرفه…فدفنت رأسها سريعاً في الوساده واغلقت عينيها بشده تتصنع النوم…
شعرت به يجلس على السرير.. ومن ثم اقترب منها وجذبها برفق لصدره.. فإذداد ارتجافة جسدها… شعر حمزه بذلك
.. قضب حاجبيه بااستغراب.. رفع وجهها يتأملها.. فوجدها تتصنع النوم وترمش باأهدابها بشده..
هزّها برقه يطمئن عليها…فلم تستطيع أن تتمالك نفسها من الخوف والصدمه وانفجرت في البكاء
حمزه بقلق وخوف: رينااااد… رينااد.. بتعيطي ليه ياارينااد.. في ايه ياطفلتي 
رمقته بعدم تصديق وهي تبكي بحراره… كأنها تريد وبشده أن تصرخ في وجه وتقول له كفـــى.. كفااك تصنعاً… كيف لقاتل أن يتصنع الحب والبراءه!!!
لم ينتظر حمزه منها اجابه فقد كانت تبكي بشده حتى تحول بكائها لشهقات.. فما كان منه إلا أن يحملها ويجلس بها على الفراش.. كأنما تحمل الأم رضيعها.. 
ذاد خوف عليه ليردف بقلق وهو يتفحصها بخوف
—ريناااد.. عشاان خااطري ياحبيبتي قوليلي ماالك… طب حاسه باإيه… ايه اللي بيوجعك ياريناد 
تأملته بدهشه من بين دموعها.. فلأول مره تشعر بالخوف وهي بالقرب منه… وكأنما الأمان الذي وجدته معه.. تبخر حينما سمعت تلك المكالمه… لقد أخفى عليها كونه يعمل بالمخابرات المصريه.. أخفى عليها صلة الأخوه التي تجمع بين زوجته السابقه وبين ساندي… 
وما ذادها خوفاً.. أنه يستطيع قتل أي شخص وبقلب بارد دون رحمه ودون أن ينكشف أمره…. حتى أنها ظنت بالفعل أنه كان جاداً عندما رفع مسدسه عليها… 
كان صادقاً عندما أخبرها أنها يجب أن تنجو بنفسها منه وتبتعد عنه… ولكن يبقا السؤال الوحيد الذي يشتت عقلها
لماذا إذاً قرر الزواج والإنجاب منها بل ويعاملها بمنتهى الحب والعشق وفي نفس الوقت يريدها أن ترحل…!! 
تصنعت ريناد أن طفلتها تتعبها حتى لايشك أنها علمت شيئاً من تلك المكالمه التي حتماً ستقطع حبل حبهم… 
وضعت يدها أسفل بطنها لتردف ببكاء 
— حسيت بوجع فجأه.. ولقيتك مش جنبي ومقدرتش انادي عليك.. صوتي مكنش قادر يطلع من التعب 
وضع يده مكان موضع يدها يتحسس بطنها بخوف بدا عليه
—طب.. طب اعمل ايه عشان تخفي.. هااه.. اعمل ايه ياريناد
تأملته بحيره ودهشه.. نعم يبدو خائفاً عليها وكأنه…
 وكأنه شخصاً آخر غير الذي سمعته يتحدث في الهاتف بتلك القسوه…!! 
أردفت ببكاء وبدون وعي 
—أنا خايفه 
قضب جبينه بإستغراب ليردف بقلق زائد
— خايفه من ايه… ريناد متقلقنيش.. في ايه مالك 
صححت كلامها سريعاً: 
— اصل سمعت أنه ممكن الواحده تولد في السابع.. وأحياناً الجنين مش بيبقا مكتمل وبيدخل الحضانه.. شهقت ببكاء لتتابع.. انا.. انا خايفه ده يحصل معايا.. مش عاوز بنتي تتولد ومتبقاش في حضني 
رق قلبه له.. ليقترب بشفتيه يجفف دموعها… اقترابه الشديد منها.. جعلها تفقد السيطره على نفسها واصاب عقلها بالتشتيت… من هو الآن!!!  .. كيف يمكنه التحول بهذه السهوله!! هل هو حقاً مصاب بمرض عقلي أو..او من المحتمل ان يكون مريض باانفصام الشخصيه!!..  لا لايمكن ان يصاب بمرض ويظل يعمل بالداخليه… ولكن ليس اي عمل.. ليس حتى مقدم!!  انما هو ظابط بالمخابرات المصريه ومن المعروف أن المخابرات العامة هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهوريه… اذاً كيف لمريض عقلي او حتى مصاب بمرض نفسي ان يكون في جهاز الرئاسه!!! 
تنهّدت بيأس وحيره لتستلم في النهايه لحبه ورقته حتى لو كانوا مزيفين في نظرها… 
مالت برأسها على صدرها.. لتدخل في موجه ثانيه من البكاء استغرقت الربع ساعه…. بينما هو كان عاجز تماماً عن اسكاتها…. فقام بااحتضانه بشده وادخالها في صدره يحتويها بحنان… هامساً لها بأسف وحزن
—اهدي ياريناد….بالله عليكي تبطلي عياط بقا..عياطك ده بيوجع قلبي انا والله…..طب انا اسف لو زعلتك في حاجه 
لم تجيبه وظلت تشهق ببكاء وتتمسك في قميصه بشده..ولكن تلك المره..تمسكت به وليس كأنه ملاذها..بل من شدة خوفها منه كانت تتمسك به وكأنها تتوسله بألا يأذيها 
أحس حمزه بالحزن والندم عليها ومن نفسه..ظناً بأنه أخطأ عندما كشف لها اوراق تعبه النفسه..وأن ذلك أثر عليها..
ظل يهدهدها كالطفل..حتى هدأت قليلاً…وتراخى جسدها بين يديه..
أردفت ريناد بخوف منه 
— هو انت كنت برا بتعمل ايه 
ابتسم لها كأنه لم يفعل شيئاً ليجيب ببساطه
—اللواء حسين كلمني على قضيه جديده هستلمها في التحقيق بكره 
أومأت له دون ان تجيب..وعادت تدفن رأسها في صدره…ضمها اليه بقوه…لتردف ريناد بصوت ضعيف
—حمزه 
أجاب بحنان: قلب حمزه انتي والله ياطفلتي 
تابعت متسائله بخوف:
—هو أنت ممكن تأذيني في يوم لو عصبتك 
تأملها قليلاً بدهشه…لتتخلل مشاعر الحزن والندم وجه ثانيةً ليظن أنها خائفه منه عندما علمت مكوثه في مستشفى الامراض العقليه كما ذكر هو..
أردف بسخريه قليلاً 
—خايفه مني!!!…ليكي حق تخافي…بس تأكدي انك الوحيد اللي بتخليني اضعف قدامك وبتقدري تسيطري عليا…متخافيش ياريناد..انا أذي نفسي ومأذكيش 
تأملته بحزن وشفقه…لكن شفقه على من..!؟ على نفسها..
.أم عليه!!
عادت تدفن وجهها في صدره…لتقرر أخيراً أن تتناسى أي شئ قد يشعرها بالخوف وتتناسي أيضاً تلك المكالمه التي أربكت قلبها وشتت عقله..وتقرر أن تتعايش معه على أي حال..وترضي بالأمر الواقع…
والشئ الوحيد الذي لن يتغير بقلب ريناد وتعترف هي به..هو أنها لن تستطيع العيش من دونه او الابتعاد عنه للحظات..هي تحبه..بل تعشقه وبشده…لذا ستحاول جاهده أن تنسى اي شئ سئ..وتبقى معه كما يريدها هو..طفلته وحبيبته وزوجته
ثقلت جفونها وشعرت بحاجتها للنوم…فنامت وهو مازال يحملها على فخذه…
 قُبله طويله دافئه على جبينها..ليظل على حاله..لم يتحرك ولم يضعها على الفراش..بل ظل يحتويها بين أضلعه وهو على وضعية جلوسه…لتثقل جفونه هو أيضاً رغماً عنه ويرخي رأسه مائلاً بجبهته على رأسها…
___________
أشرقت الشمس مُعلنه بولادة يومٍ جديد.. وكأن الصباح يرتدي  لون النقاء بعد عتمة الليل، فيبث أنفاسه بنسمات تنفث في الروح أملاً بأنّ القادم أجمل إذا واجهت الصعاب بصدر رحب وتفائلت خيراً…
تململت ريناد في نومها لتفتح عينيها ببطئ وتثاؤب…شعرت بحركة سريعه في بطنها..فاابتسمت برقه وحنان لتضع يدها مكان موضع ابنتها..تتحسسها وتداعبها بلُطف..
انتبهت عدم وجود حمزه بجانبها..وتذكرت أنها نامت وهي بين أحضانه…أدارت بصرها في أرجاء غرفة نومهم الواسعه كأنها تبحث عنه…تذكرت سريعاً أنه اخبرها أمس بذهابهت لقسم الشرطه لقضيه مهمه…تعلم جيداً أنه يكذب..ولكن مابيدها حيله…
حسمت قرارها أخيراً لتردف بتصميم 
—اهدي ياريناد…حمزه بيحبك ومستحيل يأذيكي وانتي عارفه كده كويس…سيبيه يشتغل اللي يشتغله ويعمل اللي يعمله…المهم انه كويس معاكي وبيحبك 
تنهّد براحّه وتنفست بهدوء لتفعل ماقررته وتتناسى أمر عمله الحقيقي تماماً وأيضاً تخرج ساندي من رأسها ولاتفكر بها ثانيةً..حتى لو تربطها بالفعل صلة قرابه بين زوجته السابقه او حتى حمزه نفسه…المهم أنه يحبها هي فقط..
مدت يدها للكومود تأخذ هاتفها…فتحته وظلت تتصفحه كأنها تبحث عن أي شئ يساعدها في النسيان 
لحظات واتسعت عينيها بدهشه وهي تحدق في الهاتف..لتدخل في موجه من الضحك بصوتها الذي يشبه العزف الموسيقيّ عندما تضحك..
في تلك اللحظه دخل حمزه الغرفه فاانتبهت له ريناد وتوقفت عن الضحك وهي تتأمله يحمل بيده صينية طعام بها بعض السندوتشان وكوباً من اللبن والفيتامينات الخاصه بحملها  وتلك ليست أول مره يفعل بها ذلك….. ابتسم لها بحنان ورقه 
ليضع الصينيه على الكومود..مردفاً بمرح
—طفلتي بتضحك على ايه 
عادت ريناد لتضحك ثانيةً وهي تشير للهاتف
—تعالى كده أوريك حاجه 
اقترب منها حمزه وجلس بجانبها وهو يضمها من كتفيها له…وضع قُبله رقيقه على شعرها…ليعود وينظر للهاتف معها بينما هي كانت مستمره في الضحك 
حمزه بدهشه: ايه ده!!!..مين دي!! اناا مش فاهم حاجه 
اجابت ريناد بضحك: دي رواية بتكلم عننا اللي كتبتها اسمها نرمينا وهي كانت كلمتني قبل كده أنها تعمل يومياتنا روايه يعني..وانا بصراحه وافقت…فهما عملوا جروب وفي ناس بتمثل شخصياتنا ومتقمصه دورنا..الجروب اللي عملوه.حطوا فيه اسئله يجابو عليها الاعضاء قبل الدخول…ومن ضمن الاسئله..بيسألوهم ريناد بتنادي حمزه باايه…توقفت ريناد عن الكلام ولم تستطيع أن تتمالك نفسها لتضحك بشده…تابعت من بين ضحكاتها…واحده كاتبه جحشي…يعني انا بناديلك ياجحشي ههههه
ابتسم حمزه نصف ابتسامه ليردف بغضب 
—يعني انا جحش!!
ريناد بضحك: هي اكيد مش عارفانا كويس..وبعدين انت سيد الرجال..متبقاش قفوش بقا 
تأملها ببرود قليلاً ليجدها تضحك مره أخرى وهي تتمايل عليه من كثرة الضحك…رغماً عنه ضحك على ضحكها…وجذبها لصدره مردفاً بجديه مصطنعه
—بطلي ضحك بقا عشان افطرك قبل ماامشي 
هزّت رأسها بنفي وظلت تضحك…تأملها قليلاً بسعاده..فعاد قلبه ينبض بفرح ثانيةً عندما رأها تضحك…ضيق عيناه لتتغير نظرته لخبث…فجذبها من شعرها فجأةً ليُقبلها بشده يخرسها عن الضحك…تفاجأت ريناد في بادئ الأمر…لتستسلم أخيراً له وتبادله القُبله بقوه أكبر ولأول مره تُقبله بنفس قوته…لتقوم بعض شفتيه فجأةً وتبتعد عنه سريعاً وهي تضحك بشده
تحسس حمزه شفتيه بألم ليردف بغيظ
— انتي مجنونه يابت…هو انتي في اخر الحمل هتشتغل في العض ولاايه 
أومأت له بضحك..لتنهض وتجلس على فخذيه ومن ثم تحيط رقبته بذراعها وهي تتحسس شفتاه بضحك
— معلش استحملني بقا يابابتي أصل بطلع سنان جديده
هزّ رأسه بقلة حيله ليأخذ سندويتشاً ويعطيه لها 
— طب يلاا كلي بقاا عشان متأخرش على شغلي 
غمزت له بضحك وخبث لتردف
— شغل برضه ولا هتقابل حريم…اوعا تجوز عليا والله اعلقك من رقبتك في ميدان عام 
قهقهـ بصوته الرجولي ليجيب وهو يزيح عنها خصلات شعرها المتناثره بإهمال على وجهها 
— مقدرش..عندي اللي مكفياني وماليه عيني 
نظرت ريناد له بنصف عين مما جعله يضحك أكثر…بينما هي بدأت في تناول فطورها بتلذذ ويبدو أنها تناست تماماً ماحدث البارحه…او أن تدليله وعشقه لها انساها مرارة الألم
انتهت ريناد من تناول فطورها واحتست كوب اللبن بتلذذ…ليعطيها حمزه الڤيتامينات ومن ثم قبْلها من انفها برقه
ليتجه لخزانة ملابسه يرتدي الزي الخاص بالشرطه..تحت انظار ريناد التابعه له…تتأمله بعشق ممزوجاً بالحزن قليلاً
نهضت ريناد وهي تضع يدها اسفل بطنها فقد برزت واتضحت اكثر..اتجهت نحو تلك المنضدة المنخفضة ذات الأدراج  التي تعلوها مرآة وتوضع فوقها أدوات التزيين يطلق عليها بلغة اخرى (التسريحه)
اخذت مشط لتمشط شعرها..انتبه لها حمزه فااتجه ليقف ورائه يضمها لصدره بحنان وهو يُقبل عنقها..ابتسكت برقه لصورته المنعكسه في المرآه…اخذ منها المشط وجعلها تجلس على المقعد أمامه..بينما هو مشط لها شعرها برقه مردفاً بخوف وحنان
—التعب بدأ يزيد ويبان عليكي..حاولي متعمليش اي حاجه الشهرين دول..عاوزك ترتاحي خالص واي حاجه أنا هعملهالك
اومأت له لتبستم بحُب مردفه بخوف وترجي قليلاً
—حمزه…انا مليش غيرك…متبعدتش عني 
انحنى على شعرها بعد ان مشطه لها وهندمه جيداً..ظل يبث قُبلات الدافىه على شعرها..مردفاً بتأكيد
—انتي روحي ياريناد..محدش بيعيش من غير روحه 
نظرت له بخوف وشك متسائله
—لو جتلك النوبه تاني ممكن تأذيني!!؟
أغمض عينيه بألم ليتنهّد بحزن…جث على ركبتيه امامها ليحتوي يديها في كفيه بحنان وينظر لعينيها الرماديه بقوه
مردفاً:
—كنت اذيتك اولاني…صدقيني ياريناد..انا ممكن أذي العالم ده كله باللي فيه ومايهمني حد…لكن اجي عندك انتي واستوب…انتي بالذات خط احمر…انتي مش بس مراتي..انتي عارفه كويس انك كل حاجه في حياتي..انتي حياتي كلها اصلاً…اتجنن على الناس كلها إلا انتي ياريناد..إلا انتي ياطفلتي..
فتح كف يدها ليطبع قُبله دافئه رقيقه في داخله.مما جعلها تشعر بالإطمئنان ويتلاشى الخوف من قلبها..
نهض ليطبع قُبله طويله اخرى على شفتيها….ليودعها بعدها متجهاً لقسم الشرطه كما يزعم…
__________
لم يتجه حمزه لقسم الشرطه كما قال… بل انحدر بسيارته لطريقاً آخر… تحديداً مبنى جهاز المخابرات المصريه السري
دلّف حمزه للغرفه الواسعه بشده كأنها منزل لوحدها… تتوسطها منضده مستديره كبيره أيضاً تليق بالغرفه… وحول هذه المنضده جلس فوق مايقارب العشر رجال يبدو عليهم النضج والاناقه منهم كبار السن ومنهم من بعمر حمزه او أكبر بقليل… لكن حمزه كان اصغرهم سناً.. 
حينما دخل حمزه الغرفه.. وقف الرجال جميعاً يرحبون به بود
واحترام… حياهم بفتور وهو يتجه ليجلس على الكرسي الأول في المنضده والذي تركوه فارغاً له.. أو أن هذا مكانه من الأساس… 
جلس حمزه بكبرياء وفتور وهو ينظرهم لهم ببرود لتعود شخصيته القاسيه ثانيةً… أردف بصوتٍ هادئ مهيب 
—في واحده شغال محققه في الشرطه وجايه من إطاليا… البنت دي أنا متأكد انها بتشتغل جاسوسه لصالح المخابرات الإيطاليه… بس انا مش همسكها دلوقت… انا عاوز اعرف كل تحركاتها وكل خطوه بتخطيها الاول… وده تخصصي انا… 
دي مسأله كبيره.. فيها خيانه للداخليه المصريه… المُراد مش البت دي… احنا لازم نوصل للراس الكبيره… اللي مدربنها كويس… عشان دول هما السبب.. والخونه دول طول ماهما موجودين في مصر.. البلد هتخرب…. العمليه دي محتاجه صبر وتخطيط كويس… دوري ان اراقب تحركاتها.. ودوركم تجبولي المعلومات الكافيه عن شرطة ايطاليا والجهاز الرئاسي  كله…. مفهوم يارجاله 
أومأو له جميعاً بااهتمام وطاعه: مفهوم ياباشا.. 
__________
شعرت ريناد بالملل من تصفحها لهاتفها.. فألقته بعيداً… وقررت أن تصنع بعض الكعك اللذيذ لحين عودة حمزه.. 
ولكن ماان نهضت من السرير واتجهت للمطبخ… انتفض جسدها وشهقت بخضه من ذلك الصوت العالي وكأن شيئاً قوياً ارتطم باارضية الطابق السفلي.. 
فتحت الباب ونزلت على الدرج بحذر وبطئ… لتشهق بخوف.. حينما ظهر أحد عُمال حديقة الڤيلا أمامها فجأةً…. 
تنفس الرجل بسرعه وبتعب وهو يحمل بيده قطعه من الحديد الغليظ مردفاً 
— انا اسف ياست هانم على الصوت… بس الباب اللي بيودي على البدروم مش راضي يفتح وانا عاوز ادخل كراكيب فيه
تأملته ريناد بدهشه لتردف 
—انت شكلك جديد في الڤيلا… بص هو حمزه مانع أي حد يروح البدروم وانا معييش المفتاح أصلاً 
أجابها ليعود ثانيةً ويدفع الباب بالحديده بقوه 
—ياست هانم البيه لو جه ولقى الكراكيب دي هيزعقلي انا.. واحنا عاوزين ناكل عيش ياهانم 
لم تجيبه ريناد ولم تعرف ماذا تفعل… بل ظلت واقفة لدقائق تتأمل الرجل وهو يحاول كسر القفل الغليظ…. ليستطيع بعد عشر دقائق كامله… أن يكسر القفل بالفعل…. 
فتح الرجل الباب لتنتشر الرائحه الكريهه بسرعة البرق مما جعل ريناد والرجل يضعوا أيديهم على انفهم يتحاشوا تلك الرائحه… 
ابتعدت ريناد قليلاً عن الغرفه وعقدت حاجبيه بإستغراب من تلك الغرفه المظلمه ذات الرائحه الكريهه.. 
بينما دلف الرجل للداخل.. ليشعل الضوء فااكتشف ان مكبس الكهرباء مكسور وتالف أي لا يعمل… أخرج هاتفه لينير بكشافه الغرفه… 
بينما كانت ريناد تقف بالخارج تتأمل الغرفه بخوف ودهشه حينما اضاء النور بها… فقد غطاها خيوط العنكبوت بالكامل… وامتلأ التراب بها مع تلك الرائحه الكريهه وظلمتها.. أضفى عليها جواً مرعباً قليلاً كما في الأفلام.. 
صاح الرجل من الداخل 
— ياست هااانم… تعاالي بسررعه… في بااب في الأرضيه… زي ميكون فيه اوضه تحت الأوضه دي 
دخلت ريناد وهي مازالت تضع يدها على انفها من تلك الرائحه البشعه… لتتفاجأ بالفعل بوجود باب صُمم في الأرضيه… لم تصدق عيناها مارأته… فهي في حياتها لم ترا باباً يصمم في الأرضيه!!!! 
نظرت للرجل بدهشه وتعجب… بينما هو أيضاً كان ينظر للباب ولها بدهشه…. ليقوم أخيراً بالطرق بقوه بتلك الحديده التي بحوزته على قفل الباب حتى يكسره ويكتشف مابداخله
لحظات مرّت عليهم ولم يستطيع بعد أن يكسر القفل… اوقف الطرق يرتاح قليلا بينما ريناد كانت تقف مصدومه وخائفه فقط.. 
انتبهوا لوجود ظل أسود لأحدهم بالخارج يقترب من الغرفه… ثواني واتضح هذا الظل… لتشهق ريناد والرجل بنفس واحد
— حمززه 
— حمززه بييه 
لم يجيبهم حمزه ولم يلتفت لهم.. بل كانت أنظاره معلقه على الباب المصمم في الارض وهو يبتسم بسخريه… اقتربت منه ريناد بخوف.. فنظر لها نظره جعلتها تقف مكانها ترتجف من الخوف… أردف بصوت أجش
— متقربيش 
أدار وجه للرجل وظل يحدق به بنظرات مرعبه جعلت لسانه يشُل عن النطق.. 
ليردف حمزه بسخريه وغضب 
— روحتوا للشر برجليكم وخبطوا على بابه..يبقا متزعلوش لو فتحلكم بوشه الحقيقي….!!!!!!
******************
في أحد البيوت المصريه البسيطه جداً والمتواضعه والتي تدل على الحاله الإجتماعيه البسيطه جداً لمن يسكنون بها.. 
كانت جالسه على أريكه بسيطه ومتهالكه بعض الشئ أمام التلفاز تتابع مسلسلها المفضل… انتفضت من مكانها فجأةً وهي تشهق بخضه.. 
— عاااا لااا لااا يااماماا الهي تنستري شالله يخليهملك.. كل الا حزاام الحج 
اقتربت منها والدتها وهي تمسك بيدها حزام بسيط…. لتصيح الأم بعصبيه: قوومي يابنت ال***… بقااا اناا سيبااكي ياافااشله متعمليش حاجه في البيت عشان تعرفي تزاكري… قااعده تتفرجيلي على التلفزيون يافااشله 
ركضت روضه من أمام والدتها صباح… لتهرب من ذلك الحزام الذي تمسكه صباح في يدها وتركض به وراء روضه… 
صاحت روضه بتوسل 
— عاااا… انتي ام انتي…. ده بدل ماتشجعيني عشان بتفرج على المسلسل واستفاد
صباح بنرفزه وغضب: 
—تستفاادي!!!  يختااي شوفيلك كتااب ينفعك… داانتي كلها سنه وتبقي في ثانويه عاامه 
روضه ببكاء مصطنع: 
—والله بتوع الثانويه دول مظلومين ظلم السنين… وبعدين ياست الحبايب ياحنانه انتي.. انا بتفرج على مسلسل في بيتنا روبوت.. وهستفاد منه في المستقبل لما اخصص شركه للإنسان الآلي
ضربت صباح بالحزام على الحائط وهي تصرخ
—ده انا اللي هخليكي انساان آلي دلوقت… مش هتحصلي حتى انسان… هتبقي آلي بس… مبتذااكريش ليه ياابت 
روضه بمزاح وهي تهرب من أمامها
—انا أصلاً من ساعة ما الدراسه اتأجلت وانا مذاكرتش 
شهقت صباح بغضب..لتتابع روضه بضحك
ههههه بهزر معاكي  انا مذاكرتش من اول الترم 
صباح بعصبيه وهي تلقي الحزام من يدها 
—لااا.. انتي مش هتسكتي غير اماا تجبيلي السكر
روضه بمرح وضحك
—وهو التموين قصر معاكي… الحكومه قصرت معاكي… مش هتسكتي انتي ياماما غير اما يمسكونه متلبسين بتهمه التحرش بالتموين… هيخهخوهخهو
رمقته بغضب لتردف: 
—ايه ضحكة الخنازير بتاعتك دي كماان 
روضه وهي تضرب كف على كف بطريقه مضحكه
—مش عارفه ياماما انتي متعصبه علي ايه… ده انا حتى بقعد في الدرس قدام المستر اول واحده عشان أبان ان شاطره… عاوزه ايه تاني… اطلعلك من الاوائل!!!  … هتروحوا من ربناا فين انتو الامهات.. عاوزين عيالكم يطلعوا الأوائل وهما مبيفهموش حاجه… ياماما احنا جيل عاوزين ندلع وننبسط ونتجوز ونتستت ونقعد في البيت… التعليم ده للناس الفاضيه
صباح بغيظ: التعليم للناس الفاضيه!!!  وانتي ايه اللي شاغلك يارووح اممك.. 
روضه وهي تستعد للهروب من أمام والدتها التي يتطاير الشرر من عينيها من افعالها الشقيه وثرثرتها المستمره
—لاء لاء لاء.. عيب.. طالما مغلطتش في مامتك متغلطيش في مامتي… وبعدين اللي شاغلني التلفزيون والنت والروايات هيكون ايه يعني… أما عجايب صحيح
تنهّدت صباح بقلة حيله لتردف 
—طب فين الطماطم اللي جبتيها… 
ابتسمت روضه كالبلهاء لتردف بحماقه
—مهو… ههه ماتضحكي ههه انتي مبتضحكيش ليه
صباح بتأفف ونفاذ صبر 
—ماتخلصي يابت.. الطماطم فين 
أخرجت روضه من جيبها ورقه اليورو وظلت تلوح بها وهي تضحك لتردف بمرح
—الطماطم تعيشي انتي…واحد جاي يسيح في اسكندريه او هربان من السيده ضرب الطماطم بعربيته… الطماطم تسكت.. لاا.. رااحت لزقه في الاسفلت وعملت صلصه تحت كوتش العربيه…. بس اييه.. اناا مسكتش.. خدت حقي منه… خدت ورقة يورور هيهخههخهوهخو
نزعت الأم نعلها لتركض به وراء روضه وهي تصرخ
—والله ماهسيبك ياروضه….. خدددي ياابت 
روضه بضحك وهي تجوب البيت ركضاً
— استني ياام روضه مكملتلكيش…. بس الوااد الساايح ده اييه… لووز اللوز… جطعه من الفراوله
جلست صباح على اقرب مقعد تنهك بتعب لتردف بقلة حيله
—اعمل ايه بس يارب في المتخلفه دي 
تسحبت روضه من خلفها ببطئ لتصيح بضحك جعلت والدتها تنتفض من مكانها
— جوزيني وانتي ترتاحي… انا واحده مش وش تعليم… انا عاوزه اتجوز واحد كده زي بتوع الروايات جنتل مان في نفسه… ولااقلك جوزيني ثري خليجي.. ولااقلك انا في واحد عاجبني في الدرس عنده شنب صغير كده تعالي معايا نتقدمله 
تنفست صباح الصعداء بنفاذ صبر لترمق روضه بغيظ مردفه
— امشي يامهززقه اغسلي المواعين 
تصنعت روضه التعب لتمسك رأسها 
—ااه رجلي… رجلي ياماما
صباح بضحك عليها رغماً عنها
—هي رجلك في راسك يابنت الهبله
روضه بتعب مصطنع وضحك
— اهو اي حاجه بتوجعني وخلاص.. وعلى رأي المثل رجلك في راسك تعرف خلاصك
لم تتمالك صباح نفسها لتضحك بشده… شاركتها روضه الضحك وهي تلقي نفسها في احضان والدتها مردفه بضحك
—ااه يافوزي من الاياام
صفعتها صباح على فخذها مردفه بضحك
—قوومي ياجذمه اغسلي المواعين وتعالى ذاكري
ابتعدت روضه عن والدتها وهي تشمر ذراعيها وتتجه للمطبخ مردفه بتذمر
—ادينا هنغسل المواعين… عالله اتجوز في سنتي دي واخلص بقا من التعليم وسنينه…. 
***************
لم تصدق دنيا ماقاله الرجل وسعدت بشده… لتستعد للخروج من هذا السجن الكئيب بالنسبه لها….
تحدثت بسعاده: 
—انت لسه قاعد ياوائل.. قوم يلاا هسندك واركبك تاكسي للبيت 
ضحك بسخريه وحزن ليجيب
—ليه.. انت مفكراني عيل صغير…. شكراً يادكتوره.. روحي انتي
دنيا بدهشه: يعني ايه اروح اناا.. وانت هتفضل هنا تعمل ايه
زفر وائل بضيق ليردف: 
—وأنا اهمك اوي كده… امشي يادنيا انتي روحي.. بلاش ننزل احنا الاتنين سوا عشان لو حد شافنا ميفكرش حاجه 
تأملته قليلاً.. فهو معه حق في كلامه… يجب أن تذهب هي قبله 
أومأت له بنصف ابتسامه.. لتستدير وتتجه للخارج… استوقفها وائل مردفاً بأمل
— هينفع اشوفك تاني!!؟ 
ابتسمت برقه لتجيب:  اه عادي… احنا مش مجرد اخوات احنا اكتر من كده.. وأنا حقيقي سعيده ان عرفتك ياوائل… كنت فهماك غلط.. بس انت شاب خلوق والدليل على كده انك عرفت تحافظ على نفسك وعليا في وجودي معاك لوحدنا 
بدت علامات الحزن على وجه وائل ليبتسم بتصنع مردفاً 
—تمام يادكتور.. يارب اكون عند حسن ظنك دايما… لو احتجتي أي حاجه كلميني في اي وقت تعوزيه 
أومأت له لتبتسم برقه ومن ثم تودعه للرحيل… 
الرحيل!.. يا له من شعور مؤلم أن يتعلق قلب أحداً بأخر فتشئ الأقدار بأن يفترقا، وعلى الرغم من الافتراق تبقى تَعشقه إلى الأبد، ولا زال الألم بداخلنا يتكرر عند رحيل من نحب فمتى سيحين الوقت ليتبعثر هذا الألم!! 
 أتدرون ما هو أصعب من الموت، هو فراق.. أي رحيل المحبوب حيث يصاب المُحب بحالة هستيريا من فراقه لا توصف ولا يمكن أن يشعر بها إلا من جربها….
وبالفعل رحلت دنيا من الشقه التى جمعت بضع ذكريات مع وائل حتى لو كانت قصيره ولكن أشعرته بالسعاده..وتمنى أن تبقى معه للأبد…ولكن لايصيب القدر آمالنا أحياناً….
اتجه وائل للشرفه يراقبها حتى تركب ويطمئن عليها…دقائق واستقلت بالفعل تاكسي..لتختفي دنيا من أنظاره ولكن لن تختفي من قلبه…
مسح وائل على وجه بتعب وضيق…ليتجه هو الأخر خارج الشقه ومن ثم نزل على الدرج وذهنه مازال شارداً معها.. 
استقل هو الأخر تاكسي لبيته.. 
__________
وصلت دنيا منزلها.. ترددت في بادئ الأمر أن تدخل.. خوفاً مما سيفعلوه أهلها بها على الغياب طيلة تلك المده 
طرقت على الباب بضع طرقات خفيفه… ليفتح لها والدها بعد لحظات… 
اتسعت عينيه بدهشه وظل يحدق بها لدقائق… نزلت الدموع على وجه دنيا وهي تحدق بوالدها هي الاخرى بإشتياق… لتندفع نحوه وتعانقه بشده وهي تبكي 
ربّت والدها على ظهرها ليجذبها للداخل وهو مازال غير مصدق وقوفها امامه…. 
أتى صوت لإمرأه من الداخل تقول
—مين اللي جه ياناجي 
أجاب ناجي ببكاء قليلاً فقد استوعب وجود ابنته امامه
—دي دنياا يافااطمه.. دنياا جات.. دنياا جاات يافااطمه
ركضت فاطمه تجاههم غير مصدقه… اندفعت دنيا تجاهها هي الاخرى تعانقها بشده 
فاطمه بعدم تصديق:  دنياا!! 
ابتعدت دنيا عنها لتجيب ببكاء: 
—ايوه ياماما.. متخافوش انا كويسه الحمدلله 
بكى والداها وعانقاها ثانيةً بشده… لتردف والدتها ببكاء وحزن
—كنتي فين ياضنايا… احنا فكرنا بعيد الشر حصلك حاجه وحشه.. ومردناش نبلغ ولانعرف الجيران… كنا بنقول انك عند خالتك اللي في القاهره… كان جوايا امل يابنتي انك هتيجي.. كنت حاسه انك كويسه.. عشان كده مرضناش نبلغ باختفائك للشرطه… عشان لما ترجعي محدش يفكر فيكي بطريقه وحشه.. 
قبْلت دنيا يد والدتها ووالدها… لتجعلهم يجلسوا وتجلس امامهم… اردفت بحزن وخوف 
— اناا.. انا فعلاً كنت مخطوفه 
شهق والداها بعدم تصديق… بينما دنيا أرادات أن تخبرهم الحقيقه… فالصدق دائماً منجي.. وهي اخفت عليهم امر سابقاً ومازالت تخفيه حتى الآن..! 
تابعت دنيا بصدق
— هحكيلكم على كل حاجه…. حكت لهم كل شئ منذ اختطافها من قبل رجلاً مجهول… لم تُرد دنيا الإفصاح عن يوسف… خوفاً من أن يفعل شيئاً لعائلتها… اخبرتهم بااختطاف طالب معها أيضاً ولم تفصح عن اسمه هو الاخر
مسح ناجي وفاطمه دموعهما…. ليردف ناجي
— الحمدلله انك بخير يابنتي 
ابتسمت لهم دنيا بسعاده وبداخلها تشعر بالحزن مما قالته لوائل قبل ذهابها… 
___________
وصل وائل منزله… ليتسحب ببطئ شديد عندما وجد باب غرفة الاستقبال مفتوح… 
دخل مرةً واحده ليردف بمرح وهو يصفق بيده
— وسع ياالااه البابا جه 
شهقت سناء ومعها سلامه بدهشه وخضه…
اردفت سناء بغضب 
— بقاا كده ياوائل متتصلش عليا طول المده اللي قعدتها مع صاحبك
نظر لها وائل بتعجب..لينظر لوالده..وجده يبتسم له بسخريه 
قضب جبينه بإستغراب مردفاً
—هو فيه اييه…انا مش فااهم حاجه 
نهض والده ليجذبه من ذراعه ويتجه به للغرفه…اغلق الباب عليهم…ليردف سلامه بغضب وعصبيه
— كنت فين يااد اانت 
كادّ أن يتحدث وائل..ليسكته والده مكملاً بحده
—واوعي تقولي انك كنت هرباان مع الدكتوره دي…اناا عاارف انك متعملهاش…بس عاوز اعرف كنت فين المده دي..وايه اللي معورك في وشك كده….انت هتبقا بلطجي على اخر الزمن يادكتور ولاايه 
وائل بدهشه: حضرتك جبتك الكلام ده منين يابابا
سلامه بغيظ وغضب:
— من صاحبك ياخوياا..من يووسف 
فتح وائل فمه بذهول ودهشه مردفاً
—يوسف..يوسف اللي قاالك كده!!!
وكزه والده في كتفه ليردف بغضب
—هو انا هضحك عليك ياالااه…كنت فين اخلص…وعلفكره انا اضطريت اكذب على امك واقلها انك مع واحد صاحبك…هااا كنت فين بقاا ياأمور 
وائل بمزاح ومرح:
— كنت ببيع بخور 
نظر له والده بحده ليردف بغيظ منه
— انت هتهزرر 
عبث وائل بشعره وهو يردف: الله..اوماال اسيبك تهزر لوحدك يااحج 
وكزه والده ثانيةً في كتفه مردفاً بغضب
—والله ماانت نافع..شكلك اتلميت على شله فاشله وهيودوك ورا الشمس 
أجابه بمرح وضحك
— يابابا الشله الفاشله بتودي ورا مصنع الكراسي مش ورا الشمس 
ألقى عليه والده الوساده وهو يردف بغيظ من حمقاته
— اخررس يااقليل الأدب…أدي دقني لو فلحت ياوائل…جاي تخيب قبل الامتحانات بكام يوم وانت عارف ان دي اخر سنه ليكي 
وائل بثقه وغرور مصطنع 
— العبد لله السلطان السلطان هيجيب امتياز ان شاء الله مع مرتبة النور 
رمقه والده للحظات بغيظ واستشاطه منه…ليضحك وائل من تحديق والده له…مما جعل سلامه هو الاخر يضحك رغماً عنه على افعال وائل المستفزه والمضحكه 
اتجه وائل لوالده وهو يضحك ليعانقه بشده…بادله والده العناق هو الأخر…ليتوقف وائل عن الضحك ثم ينفجر في البكاء الشديد…مما جعل سلامه يندهش من ردود افعاله المتناقضه…
ابتعد عنه سلامه مردفاً بقلق: في ايه يابني…انت عندك انفصام في الشخصيه ولاايه…يااوائل…ماالك يابني 
أجابه ببكاء: أنا تعبان اووي يابابا..حاسس بوجع في قلبي…أنا بضحك بس عشان اخفف عن نفسي..لكن انا من جوايا نار
..صعب..صعب عليا أفضل اتصنع الضحك والهزار كده وانا قلبي هينفجر من الوجع..
شعر والده بالشفقه والحزن عليه…ربّت على ظهره بحنان يهدئه…أجلسه على السرير وجلس بجانبه مردفاً بحنان
— احكي مالك ياوائل…لو الدنيا كلها جات عليك يابني..وابوك لسه عايش..فااطمن انت مخسرتش حاجه..تعال في حضن ابوك وفضفض بكل اللي جواك..لاحد هيستحملك ولاهيسمعلك زي ابوك وامك يابني….احكى ياوائل في ايه
توقف وائل عن البكاء..ليردف بحزن
—حاولت انساها زي ماقلتلي وبدأت ابص لنفسي وحياتي بعيد عنها…لكن القدر كان اقوى مني وجمعني بيها تاني…بس طلعت خسرانه كالعاده..
لم يستطيع ان يفهم والده مامعنى ان القدر جمعه بها ثانيةً..ولم يريد أن يسأله وهو بتلك الحاله…بل تناسى ماقاله..ليردف هو بجديه وهدوء
— بص يابني…. ‏مش كل الناس اللي بتدخل حياتنا بتدخل عشان تفضل فيها وتكمل معانا في ناس بتدخل تعلمنا شوية دروس و تطلع و في ناس بتغيرنا للأحسن من جهة معينة وبتطلع برضو..وفي ناس بتدخل حياتك تبوظها وبس وبتطلع في النهاية…. عشان محدش دايم لحد ياوائل كلنا بندخل في حياة بعض ندي لبعض شوية دروس نتعلم منها وتقوينا لحد ما يجي الشخص ال يليق بقلبنا ويعوضنا …. 
أومأ له وائل بتفهم ليردف بحزن 
— طب والزعل اللي في قلبي ده… بيطلع برضوا!! 
ابتسم له والده وهو يربّت على كتفه مردفاً 
—الحاجه الوحيده إللى تستاهل تزعل عليه ياوائل هي تقصيرك في حق ربنا …. غير كده كل زعل ملوش فايده… بالعكس هيأثر على نفسيتك وحياتك ويخليك دايماً منعزل عن الناس وكاره الدنيا… فـ ليه توصل نفسك للمرحله دي!!
في حكمه يابني بتقول… بدل أن تلعن الظلام.. أوقد شمعه
.. يعني بدل ماانت قاعد حزين وكاره الدنيا ونفسك… اتفائل… اتفائل ان اللي جاي احسن… خلى عندك أمل بالله… اشتغل واسعى وافرح واعمل اللي نفسك فيه.. وسيبها زي ماتيجي تيجي… وبدل ماتزعل على حد.. ازعل على نفسك اللي انت تاعبها معاك… 
أومأ له وائل دون اجابه… ربّت والده على كتفه وهو ينهض مردفاً:  قووم.. قوم صلي ركعتين لله.. خلى قلبك يرتاح من الهم اللي عليه… قوم يبني بص لنفسك وشبابك… انت لسه ابن امبارح ياوائل… لسه مدخلتش في الصعب يبني… الحياه لسه فيها كتير ومحتاج ناس عندها صبر تقاوم 
أردف وائل بتصميم: بابا… أنا هجوزها غصب عنها… العيل اللي يسيب حاجه بيحبها تروح منه… وأنا مش عيل.. أنا رجل وقدها… هجوز دنيا يابابا…. 
رمقه والده بدهشه.. ليردف بحنق: 
— وأنا مش مواافق ياواائل….. 
يتبع..
لقراءة الفصل الحادي عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!