روايات

رواية ونس الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سارة مجدي

رواية ونس الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سارة مجدي

رواية ونس الجزء الثالث والعشرون

رواية ونس البارت الثالث والعشرون

رواية ونس الحلقة الثالثة والعشرون

لم تكن تتوقع أن يأتي إليها الأن وكأنه خرج من أفكارها … ظل الموقف ثابت لعدة لحظات كل منهم يتأمل الأخر والأفكار تدور في رأسه
لكنه كان يفكر لماذا حضر إلى هنا … أنه لم يستطع البقاء في القصر كان يشعر أن القصر يجثم على صدره وكأنه قبر صغير بلا نوافذ أو أبواب ولا يوجد به هواء … إحساسه أن هذا المكان لم يعد مكانه … كان يخنق روحه … ورغم إنها من المفترض أن تكون آخر شخص يلجىء إليها إلا أنه لم يستطع فأخذ مفاتيح سيارته وهاتفه وغادر سريعًا … لم يكن يعي إلى أين سيذهب حتى وقف أمام البناية لم يفكر كثيرًا وصعد إليها … عله يجد معها بعض الراحه أو الهدوء … عله يستطيع أن يغمض عينيه لبضع ساعات براحه
خرج من ذكرياته على صوتها القلق وهي تقول
-أديم أنت كويس؟
رفع حاجبيه وحرك كتفيه عدة مرات … ثم أجلى صوته وقال
-أنا كويس بس القصر هناك بيتجهز علشان كتب كتاب أختي نرمين .. ومش عارف أنام فقولت أجي أقعد هنا شوية
شعرت بالتوتر والقلق … ومن داخل قلبها صوت يهمس بأنه ليس بخير لكنها قالت بأبتسامة مرتعشة
-مبارك .. ربنا يتمم لها على خير
ثم تراجعت خطوه للخلف وقالت بحزن فاليوم لن تستطيع أن تنام في سريرة ولن تستطيع أخذ منامته بين ذراعيها حتى تملىء صدرها برائحته
-طبعًا ده بيتك … وتيجي وقت ما تحب
نظرت في إتجاه المطبخ وقالت
-أنا هنام في المطبخ
ليقطب جبينه وهو يقول بغضب مكتوم فهو لم يعد يحتمل أي شيء
-مطبخ أيه إللي تنامي فيه؟ ما في أوض جوه
وخطى عدة خطوات حتى أصبح في منتصف الصالة … ثم وقف ونظر إليها وقال بألم
-ليه غدرتي بيا يا ونس … أنا كنت شايفك بر أمان … كنت شايفك الراحه بعد كتير من التعب … كنت شايفك البيت إللي مكنش ليا في يوم … ليه غدرتي … ليه … لو تعرفي أنا محتاجك دلوقتي قد أيه؟ لو تعرفي أنا مدمر من جوايا إزاي مكنتيش عملتي إللي أنتِ عملتيه ده أبداً … ومهما قولتي من مبررات هيفضل نفس السؤال … ليه عملتي فيا كده؟ أذيتك في أيه علشان تدبحيني بسكينه تلمه كده؟ ليه؟
وظل سؤاله معلق في الهواء دون إجابه … لكن دموعها كانت تغرق وجهها وتجعلها تريد أن ترتمي بين ذراعيه تعتذر منه … تتوسله أن يغفر لها ذنبها و خطيئتها لكنها تعلم جيدًا أن ذلك الإعتذار لا يفيد بشيء ولن يغير من الآمر شيء بل بالعكس … قد يفتح الجرح من جديد … عندما أعطاها قلبه دون تردد وهي أخذته ووضعته أسفل قدميها ودعست عليه بحذائها دون مبالاه حتى أدمته ظل ينظر إليها والألم يتجلى على ملامحه بوضوح … لكنه تركها ودلف إلى غرفته وأغلق الباب خلفه بالمفتاح … وكأنه يريد أن يخبرها ألا تقترب …
ألقى بأغراضه فوق الطاولة الصغيرة … وخلع الجاكيت وحذائه وألقى بنفسه في وسط السرير يبغى بعض الراحه ….. لكن عطرها كان ينتظره هناك بين وسادته والشرشف
ليغمض عينيه بقوة .. وهو يروي شوقه إليها .. بأستنشاقه عبيرها الذي يسكن ألام روحه وقلبه … ورغم عن كبريائه وكرامته أنحدرت دموعه .. وكأنها شلال لا يتوقف .. وصوت بداخله يقول بألم
“الكل لفظك .. الكل لا يريدك .. الكل لا يراك ..أنت نكره يا أبن الصواف .. نكره”
ويبكي كطفل صغير تائه من أمه في مولد كبير مزدحم … ولا أمل له في أن يجدها أو يعود إلى بيته يومًا ما.
حتى غلب النوم همه .. وأغمضت عينيه رغم أنها لم تتوقف عن البكاء
وبالخارج كانت تجلس ونس على الأريكة هي الأخرى تبكي وكلماته تترد بداخل أذنها ((ليه غدرتي بيا يا ونس … أنا كنت شايفك بر أمان … كنت شايفك الراحه بعد كتير من التعب … كنت شايفك البيت إللي مكنش ليا في يوم … ليه غدرتي … ليه … لو تعرفي أنا محتاجك دلوقتي قد أيه؟ لو تعرفي أنا مدمر من جوايا إزاي مكنتيش عملتي إللي أنتِ عملتيه ده أبداً … ومهما قولتي من مبررات هيفضل نفس السؤال … ليه عملتي فيا كده؟ أذيتك في أيه علشان تدبحيني بسكينه تلمه كده؟ ليه؟))
وظلت هي بينها وبين نفسها تكرر نفس السؤال .. ليه؟ ماذا أستفادت الأن .. لا شهرة ولا مجد ولا ترند .. والشرطة تبحث عنها .. وخسرت القلب الكبير الملقب ب “أديم الصواف” لكن بماذا يفيد كثرة الأسئلة .. وما حدث قد حدث .. ولن يتغير شيء .. وليس بيدها إعادة الزمن والتوقف قبل كل هذا … وظلت هي الأخرى تبكي حتى غلبها النوم على الأريكة.
…………………..
يشعر بغضب شديد أن ما قالته شاهيناز لأديم مؤلم ولا يتحمله أي رجل .. وخاصه أنه قيل أمام الجميع .. أنها لم تهتم للفضيحه أو لجرح الكرامه والرجوله التي سوف تسببه له .. كم هي سيدة أنانية لا تفكر إلا بنفسها فقط .. هل حفاظها على لقب عائلة الصواف يستحق كل هذا الألم التي سببته لنفسها ولبناتها و لأديم .. لماذا أذًا هو من أجل سالي مستعد أن يضحي بأسمه .. وماله وعمره؟ .. لماذا دائماً المظاهر الخداعة وحديث المجتمع عنا هو ما يفرق معنا أكثر ممن نحب حتى وأكثر من أنفسنا
دلفت سالي إلى الغرفة بعد أن أفتقدت وجودة بالأسفل .. هي تعلم أنه لم يتركها إلا بعد أن أطمئن لصعود والدتها إلى الغرفة لكنها أصبحت تشتاق لوجوده .. لا تشعر بالأمان إلا وهي ترى عينيه .. وألا تريد أن تعرف هل نجحت في أختبار اليوم؟ هل أحسنت التصرف ؟ خاصه بعد حديثها مع والدتها
ظلت واقفه في مكانها تتذكر ما حدث بعد أن أنهت حديثها مع دادة مجيدة .. وأتفقا على كل شيء.. أقتربت سالي من والدتها وقالت بهدوء
-مامي من فضلك .. إحنا محتاجين إننا نعمل كل حاجة على الأصول .. نرمين تستحق ده .. حضرتك فكري في الموضوع زي ما ديماً بتفكري فيه أسم الصواف مش عايزين حد يتكلم علينا خصوصاً بعد الأخبار إللى أتنشرت في الجرايد ومواقع التواصل .
نظرت إليها شاهيناز بعيون حزينه لكنها تحمل الكثير من الغضب .. ثم وقفت تنظر إليها وهي تقول
-أنا مبقاش عندي بنات .. وعمري إللي ضاع .. ضاع هدر .. سراج خسرني كرامتي .. وأنتو ضيعتوا كل تعبي ومكنتوش دوى لجروحي … أعملوا إللي أنتوا عايزينه ومتقلقوش أنا هكمل لكم الصورة ولأخر مرة .. ومن بعد جواز نرمين مش عايزة أي حد منكم
وغادرت بعد أن ألقت على نرمين نظرة جعلت دموع الأخيرة تنحدر بحسرة لتضمها سالي إلى صدرها وهي تقول
-متعيطيش أنتِ عروسة ولازم تبقي أسعد بنت في الدنيا
-بنت
قالتها نرمين ببعض السخرية .. لتقول سالي بتأكيد
-أيوة طبعًا وأحلى بنوته في الدنيا
ثم دفعتها حتى تصعد إلى الأعلى وهي تقول
-يلا أطلعي بقى مسكاتك وأملي البانيو كده وأسترخي
أومأت بنعم وصعدت إلى غرفتها وحين ألتفتت إلى الخلف لم تجد حاتم فصعدت إلى غرفتها
عادت من ذكرياتها على لمسة يده لوجنتها وهو يقول
-مالك يا حبيبتي؟
أبتسمت إبتسامة صغيرة وقالت بأستفهام
-أخد كام من عشرة النهاردة
-100 من عشرة … أنتِ النهاردة كنت الأخت الكبيرة إللي نرمين محتاجها .. ودعمتي أديم إللي والدتك ظلمته بدون سبب .
أومأت بنعم وهي تقول
-أنا خايفة عليه جداً ومن ساعة ما دخل الأوضة مخرجش وبجد نفسي أروح أطمن عليه .. بس مش عارفة هيبقى تصرف صح ولا لأ.
ربت على كتفها وهو يسير بجانبها حتى يجلسها على السرير وقال بعد عدة ثوانِ من التفكير
-سِبيه لوحده وبكرة كلنا نطمن عليه
ثم دفعها برفق حتى تذهب إلى الحمام وقال برفق
-خدي دش سريع وتعالي نامي شوية علشان وراكي يوم طويل بكرة
أومأت بنعم ونفذت ما قاله بصمت … وحين غادرت الحمام بهيئتها المهلكة التي تجعل جسده يستجيب لتلك الأنوثة دون أي مجهود منه… تمددت جواره في السرير وهي تقول
-أنا حاسة بتعب جامد أوي في بطني يا حاتم تفتكر من الفول
ليضمها إلى صدره بحنان وقال بمرح
-أكيد يا حبيبتي … الفول ده قاهر للمعدة الرقيقة إللي زي معدتك إللي متعودة على الكرواسون والباتونساليه … والخضار السوتيه.
كانت تنظر إليه بتكشيرة طفولية ليضحك وهو يقول من جديد
-معلش يا قلبي لو فضلت توجعك لحد الصبح نروح للدكتور … ماشي
أومأت بنعم وهي تخبىء وجهها في صدره وهي تقول بصوت ناعس
-تصبح على خير
-وأنتِ أهل الخير يا حبيبتي
أجابها وهو يقبل رأسها وأغمض عينيه مستسلم لسلطان النوم رغم عقله المشغول بأديم
~~~~~~~~~~~~~~
فتح عينيه بتثاقل … وكأنه ينتزع نفسه من أحضان السعادة والراحه بين رائحتها … والتي بسببها كانت هي بطلة أحلامه الوردية طوال الليل … كان يتنعم بين ذراعيها بالحب والراحه والأمان … والأن يفتح عينيه على الواقع المرير … المؤلم … أخد نفس عميق محمل برائحتها وأعتدل جالسًا … يفكر فيما سيقوم به اليوم … عليه اليوم أن يقوم بواجبه نحو أخته وبعد ذلك سوف يبتعد تماماً هو لم يعد له مكان هنا .. لا يريد تلك الحياة المليئه بالأكاذيب والخداع .. لا يريد ما يذكره بمن هو ومن أين أتى أو يعايره أحد مره أخرى بوالدته الذي لا يعرف حتى أسمها .. غادر السرير ومباشرة إلى الحمام .. أخذ حمام ساخن .. فتح الخزانه ليخرج طقم جديد يرتديه من الملابس التي تركها هنا ولم يأخذها معه إلى قصر الصواف
صفف خصلات شعره ووضع العطر وظل ينظر إلى نفسه عبر المرآة لعدة ثوانِ ثم غادر الغرفة . كان قلبه يسابق خطواته حتى يراها ويا ليته لم يفعل .. وجدها نائمة على الأريكة بوضع غير مريح والدموع مازالت فوق وجنتيها وكأنها كانت تبكي في نومها .. لم يعد يحتمل .. لا البقاء جوارها يريح قلبه ولا الإبتعاد عنها يهدء غضبه .. أطلق ساقيه للريح وغادر الشقه . غير منتبه إنها كانت تتابع خطواته المسرعه وتتمنى أن تتشبث بقدميه ترجوه ألا يرحل لكن لم يعد من حقها سوا الدموع فقط ولذلك هي أخذت القرار سوف تذهب اليوم إلى حفل الخطبه .. وتعترف أمام الجميع بخطأها .. أغمضت عيونها لعدة ثوانِ ثم فتحتها والإصرار والثقه مما ستفعل يطل من عينيها بوضح .. سوف ترد له أعتبارة أمام الجميع كما ذبحته أمام الجميع
……………………
لم يعد طارق إلى القصر ولم يعلم حتى الأن ما يحدث هناك .. هو منشغل بالبحث عن ذلك الرجل الذي أتفق معه على تنفيذ الخطة ولكنه لم يجده في أي مكان .. لذلك قرر التنفيذ بنفسه سوف ينتظره في مكانه المعتاد ويتمم ما يريد .. وتلك المرة لن يتراجع أبداً .. سوف ينتهى منه ويعود بقوة حتى يقتنص ما كان له من البداية .. “نرمين” .. أبتسم بأنتصار وثقة ونظر إلى من تغط في نوم عميق بعد حرب قوية بينهم وعاد إليها يضمها إلى صدره وهو يهمس
-تعالي أحقق أنتصار تاني فوق جسمك قبل ما أحقق أنتصاري الكبير في الواقع
وأستجابت هي بكل ذرة في جسدها وروحها
……………………………
قامت سالي بالإعداد للحفل وعلى أكمل وجه بمفردها .. حتى أن أديم حين عاد إلى القصر وجدها تكتب الأسماء على الدعوات .. وترسل بها الحرس الشخصي للقصر .. حتى تصل الدعوات إلى أصحابها في وقت مبكر فيستطيعوا الإستعداد .. رفعت عيونها إليه حين قال
-تعبتي يا سالي
-بالعكس أنا مبسوطة أوي وأنا بجهز فرح نرمين .. مش قادرة أوصفلك يا أديم أحساسي .. خصوصاً وأني بعمل كل حاجة بنفسي
أجابته بأبتسامة واسعه .. ثم رفعت يدها له ببعض الدعوات وقالت
-حاتم راح يوصل لفيصل الدعوات علشان لو عايز يبعت لحد .. وأنت شوف عايز تبعت لمين دعوات
أخذ من يدها الدعوات وظل ينظر إليها لعدة ثوان ثم أبتسم بسخريه وهو يكتشف أن ليس له أحد يرسل له دعوة لكنه أخذ واحدة فقط وأعاد لها الباقي وكتب على الظرف … ” السيد\ همام يزيد المصري” .. ومد يده بها لأحد الحرص وأخبره بعنوان قسم الشرطة وأمره بالذهاب مباشرة دون تأخير
عاد بعينيه إلى أخته التي يظهر على وجهها معالم الألم لكنها تحاول أخفاء الأمر .. فأقترب منها وهو يقول
-سالي مالك؟ إنتِ تعبانه؟
رفعت عيونها له وقالت بألم
-بطني وجعاني أوي من أمبارح .. تقريباً معدتي مستحملتش الفول والطعمية
أبتسم لها بحب أخوي وقال
-هتصل بالصيدليه تبعت ليكي دوى حلو أوي هيريحك جداً
أومأت بنعم .. ليتركها وتحرك في إتجاه السلم لكنه وقف حين سمع همسها بالشكر لينظر إليها بحب وغمز لها بشقاوة … ثم قال بأستفهام
-نرمين فين؟
-في مركز التجميل .. عروسة بقى
أومأ بنعم وصعد إلى غرفته .. تتابعه بعيونها وبداخلها تود أن تركض إليه تضمه بحنان وتربت على قلبه وتعتذر منه على كل هذا الوجع الذي أصبح يسكن عينيه وأثقل روحه.. لكنها عادت تكمل عملها وهي تتذكر كلمات حاتم لها قبل خروجه “بلاش تفتحي مع أديم أي كلام عن إللي حصل أمبارح ..نخلص ليلة نرمين وبعدين نقعد ونتكلم معاه” و ها هي نفذت ما قاله وتجاهلت ما حدث بالأمس وكأنه لم يحدث وساعدها في ذلك أعتكاف والدتها داخل غرفتها منذ الأمس
أنهت ما كنت تفعله وسلمت الدفعه الأخيرة من الدعوات للحارس وتحركت حتى ترى ما قامت به دادة مجيدة وباقي الفتايات .. حتى وصول منظمة الحفل .. والتي لم تتأخر وباشرت في عملها بسرعة وأحتراف هي وكل فريق العمل.
……………………
جلس حاتم أمام فيصل الذي يرتسم على وجهه إبتسامة بلهاء تملئها السعادة جعلته هو الأخر يبتسم وهو يقول
-أيه يا ابني مالك عامل كدة ليه؟
أخذ فيصل نفس عميق وقال بصدق
-إنت عارف الحلم إللي بيتحقق النهاردة ده بقالي كام سنه بحلمه 8سنين .. إنت قادر تفهم أنا حاسس بأيه دلوقتي
أبعد عينيه عنه ونظر إلى الفراغ وأكمل
-أول مرة شوفتها فيها كانت شبه الأطفال .. أول يوم ليها في الجامعة .. وماسكة في أيد أديم كأنه أبوها .. وخايفه يسيب إيدها ويتوه منها في وسط الزحمة .. نظرة عيونها لما عرفها علينا واحنا وقفين كلنا مع بعض وقالها حاتم، وطارق، وفيصل .. لو أنا مش موجود هما موجودين ولو احتجتي أي حاجة تعالي ليهم وأطلبي منهم إللي إنتِ عايزاه .. وقتها حسيت أني محتاج أحضنها .. أحميها أو أخبيها جوايا .. أبعد عينك وعين طارق عنها .. إيدي أنا إللي تبقى حاضنه إيدها مش إيد أديم
أبتسم أبتسامة صغيرة وهو يقول بأقرار
-أنا سافرت علشان أكون نفسي وأرجع معايا فلوس تخليني أقدر أفتح شركة .. وأشتري شقه فخمه علشان خاطرها هي بس .. كنت كل يوم بصلي وأقف بين إيدين ربنا علشان أدعيه يحفظها ليا ولما أرجع ملقيهاش أتجوزت .. أنت متخيل أحساسي .. عايزني أكون عامل أزاي دلوقتي وبعد كام ساعه نرمين هتبقى مراتي .. حلالي هيبقى من حقي أبص في عنيها .. وأمسك أديها .. أحميها من الناس والزمن .. وعمري كله أعيشه ليها يستمع إلى كلماته وهو يشعر بكم المعناه التي عاشها صديقه طوال ثماني سنوات .. ويفكر لماذا دائماً الحب مؤلم .. لماذا علينا دائما أن نشعر بالألم .. أن تبكي قلوبنا وتسجن أرواحنا داخل أروقة صعوبه الحب .. لكنه أبتسم وقال بصوت مسموع
-إللي بيخلي لحبنا قيمة كبيرة جوانا هو كم الألم إللي بنحس بيه علشان نوصل ليه .. كل ندبه بتترسم فوق قلوبنا .. بتكون ذكرى جميلة لما نوصل للحلم
رفع عينيه ينظر إلى صديقة وقال
-نرمين محظوظة بيك يا فيصل .. وأتمنى منك أنك تحافظ عليها فعلاً .. ولو في يوم حسيت أن إللي حصل زمان عبئ فوق قلبك وروحك ورجولتك .. أرجوك متجرحهاش حتى بنظرة .. رجعها لينا من غير
أ-نت أهبل يا حاتم .. بقولك دي دعوة 8 سنين في كل سجدة .. وأنت تقولي تجرحها
لم يدعه يكمل كلماته وقال بصوت قوي أخرس حاتم لكنه جعله يبتسم براحه .. ثم وقف وهو يقول
-ماشي يا عريس .. أنا هروح بقى .. علشان أشوف لو في حاجة ناقصه في القصر وأنت متتأخرش
وربت على كتفه وغادر ترافقه عيون فيصل السعيدة .. وحين أغلق حاتم الباب .. همس فيصل برجاء وتوسل ” اللهم إني أسألك بأسمك الأعظم الذي إذا سألك به أحد اجبته وإذا أستغاثك به أحد أغثته وإذا أستنصرك به أحد أستنصرته أن تيسر كل عسير وتكمل ساعدتي اليوم بزواجي من نرمين وتجعلها قرة عين لي .. وتقر عينها بي .. وترزقنا السعادة والفرح وتجعل بيننا مودة ورحمة .. وترزقنا من فضلك بالذرية الصالحه .. يا ذا الجلال والإكرام”
…………………….
طرقات على باب مكتبه سمحا لصاحبها بالدخول .. ليقدم العسكري التحيه وهو يقول
-في واحد برة من قصر الصواف عايز حضرتك يا فندم
بلهفة قلبه قال
-دخله يا ابني بسرعه
دلف الحارس إلى المكتب وقال
-أديم باشا باعت لحضرتك الدعوة دي
ومد يده بالدعوة ليأخذها همام بلهفه وهو يقول
-طيب شكرًا
ليغادر الحارس دون كلمه أخرى .. وأبتسم همام وهو يقرأ الدعوة ها هي الفرصة تأتي إليه دون مجهود منه .. سوف يراها اليوم .. ولن يضيع الفرصه سوف يتقرب منها دون تردد .. هو قد كسر كل قواعده القديمة .. ولن يعود إليها من جديد .. سوف يحارب حتى نفسه حتى يصل إليها .. حتى الأن لا يعرف سبب تلك الحالة التي تلبسته منذ رأها لكنه أبداً لا يريد أن يتخطاها ويريد أن يظل داخل هذا الإحساس .. إحساس أنه مسحور وفي عالم وردي سعيد
……………………..
في المساء كان قصر الصواف وكأنه نجمة تتلئلئ في السماء بالأضواء التي تشع منه ..وكذلك الموسيقى … كان الجميع يتوافد على القصر ليس فقط من أجل الحضور لحفل زواج نرمين الصواف .. لكن الفضول هو السبب الأول .. الكل يبحث عن هوية العريس .. وأيضا يتسألون عن سبب السرعه والمفاجئة .. لذلك الجميع حضر رغم ضيق الوقت
كان أديم يقف في بداية البهو بحله سوداء مميزة .. تزيد من وسامته وتجعل جميع الفتايات لا يستطيعوا أبعاد عيونهم عنه .. والشباب يشعرون بالغيرة .. كذلك حاتم الذي إنضم إليه بعد أن ترك سالي تكمل أرتداء ملابسها .. وقف بجانب أديم وهو يقول
-حاولت أوصل لطارق ومعرفتش
لينظر إليه أديم بقلق .. وقال بهدوء رغم كل شيء
-أنا مش مرتاح لطارق يا حاتم .. وغيابه ده بيقلقني أكثر من حضوره .. والشك جوايا مش عارف أعمل فيه أيه
رفع حاتم عيونه إليه .. وقال بقلق
-من وقت أخر مرة وكلامه إللي قاله وأنا عندي نفس الشك .. بس قسماً بالله لو طلع إللي بنفكر فيه حقيقة لَخليه عبره لمن يعتبر
أخذ أديم نفس عميق حاول فيه أخماد تلك النيران التي أشتعلت داخل قلبه من التصور والإحتمال .. لكنه شمخ برأسه وهو يستقبل الضيوف الذين يهنئونه .. ويجيب بدبلوماسية على تسألاتهم عن كُنية العريس .. أو سبب السرعة في أتمام الزواج
نزلت شاهيناز دراجات السلم بشموخ كعادتها تحي الجميع بأنف مرفوع .. وتبتسم في وجه كل من يسألها عن العريس .. ولا تجيب
وصلت كاميليا إلى الحفل متألقه في ثوب أحمر ناري مميز أظهر قدها الممشوق وجمالها الخلاب .. وقفت أمام حاتم وأديم وهي تقول
-أنا فرحانه أوي لنرمين .. ألف مبروك يا أديم وعقبالك
مد أديم يده لها وهو يقول بود
-الله يبارك فيكِ يا كاميليا .. أطمن عليكِ الأول
أقترب حاتم خطوة وهو يقول
-أيه الجمال دة .. انتِ كدة جاية تنافسي العروسة ولا أيه؟!
ضحكت بدلال أُنثوي هو جزء من طبيعتها وقالت
-نرمين مفيش حد ينافسها في الجمال .. وبعدين الليله ليلتها ..أنا مليش دعوة
في تلك اللحظة دلف همام وعينيه تبحث عنها هي .. وكأن قلبه كان يشعر بوجودها .. وحين وقع نظره عليها قفز قلبه داخل صدرة دون هواده .. وبأقدام من هلام من تأثير جمالها عليه .. أقترب من مكان وقفوها .. وقدم التهاني لأديم وحاتم .. ثم مد يده لها وهو يقول
-أزيك يأ أنسه كاميليا .. عقبالك قريب أن شاء الله
كان حاتم وأديم يتابعوا ما يحدث بعيون متفحصة وخبيرة .. وحدثهم يخبرهم أن هناك عرس جديد على الأبواب
بخجلها الأنثوي مدت يدها وهي تقول
-الله يبارك فيك … ميرسي
ثم نظرت لحاتم وقالت
-سالي فين؟
-فوق في أوضه نرمين .. أطلعي ليهم
أومأت بنعم وتحركت وهي تقول
-بعد أذنكم
وغادرت المكان ليقول همام مباشرة
-أنا طالب أيد الأنسه كاميليا
ليضحك أديم وحاتم بصوت عالي ليشعر همام ببعض الحرج .. لكن أديم قال بصدق
-أنا عن نفسي معنديش مانع .. بس القرار قرارها … أوعدك بعد الفرح هكلمها في الموضوع
ليبتسم همام بسعادة ليقترب منه حاتم وقال بشر مصطنع
-أوعى تفتكر علشان أنت ظابط أننا مش هنعمل عنك تحريات ونسأل عليك .. اه أحنا بنتنا غالية أوي وإللي هياخدها لازم يكون يستاهلها بجد
أبتسم همام بثقة وقال بثبات
-أسال زي ما تحب .. الحمدلله السيرة طيبه .. والأصل طيب .. والشرف والأمانه هما عنوان حياتي .. ومكنش في حياتي قبلها غير شغلي ومش هيكون بعدها برده غير شغلي
ليقول أديم بمرح
-الكتاب بيبان من عنوانه يا همام باشا .. لكن الأصول أصول .. وده جواز ولازم نسال اه لحسن تكون ظابط كده وكده
ليضحك الجميع بمرح
لينتبه الجميع لبعض الهرج حين حضر فيصل ومعه بعض من أقاربه .. وسبب الهرج هو ترحيب أديم وحاتم به على طريقتهم أيام الجامعة .. وبعد ثوانِ صدحت موسيقى ناعمة تدل على وصول العروس ليقف الجميع ينظر إلى تلك الملاك التي تقف أعلى السلم بفستان من الستان يلف جسدها بشكل مميز يظهر جمالها ورقتها دون مبالغه وجوارها سالي التي ترتدي فستان ذهبي يشبه خصلاتها التي تجعل قلب حاتم يقفز من مكانه بعشق يتجدد كل لحظة لتلك الرقيقة التي تزهله كل يوم أكثر من اليوم الذي يسبقة … ومن الجهه الأخرى تقف كاميليا برقتها وأنوثتها الطاغية في عيون همام .. والذي لم يستطع رفع عينيه عنها
ليصعد أديم سريعاً درجات السلم ووقف جوراها بعد أن قبل جبينها وقال بحب أخوي
-مبارك يا حبيبتي .. ربنا يسعدك .. حطي فيصل في عينك لأنه يستاهل
أومأت بنعم ليرفع لها ذراعه لتضع يدها عليه وبدأت في نزول السلم بهدوء .. وهي ترسم أبتسامة رقيقة .. أرتسمت حين وقعت عيونها على فيصل الذي ينظر إليها وكأنها كل نساء الأرض وحين وصلوا أمامه ضمه أديم بقوة وهو يقول
-نرمين أمانه في رقبتك يا فيصل ويوم ما تزعلها هطيرها
ضرب فيصل على رقبته وصدره وهو يقول
-بعمري وحياتي ودمي يا صاحبي .. أختك في عيني وفوق راسي
ليربت أديم على كتفه بتشجيع لينظر إليها فيصل ومد يده أمامها لتضع يدها في حضن يده لينحني بحب يقبل ظهر يدها ثم باطنها وهو يقول
-مبروك عليا السعادة والفرح وكل الخير .. يا حب عمري
لمعت عينيها بدموع السعادة .. ليقترب وقبل جبينها وأكمل قائلاً
-أوعدك من النهاردة مفيش دموع .. إلا دموع الفرح
وسار بها حتى وصل إلى منتصف البهو الخالي تماما أمام أنظار الجميع وخلفهم سالي تتأبط ذراع حاتم وجوارهم أديم وكاميليا وخلفهم همام .. والجميع منهم المنبهر .. ومنهم المصدوم .. ومنهم الحاقد .. ومنهم من لم يستوعب بعد كل تلك الصدمات .. لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن هيناً أبداً لكن لم يستطع أديم وحاتم إلا ان يشاركوا فيه .. وسالي التي رغم شعورها بالصدمة إلا أنها كانت سعيدة جداً .. وكاميليا كانت لا تصدق ما يحدث داخل قصر الصواف العريق أرتسمت الصدمة على وجه شاهيناز حين أشار أديم لمشغل الموسيقى الذي أومأ بنعم وبعدها صدحت نغمات شعبية لحكيم ((بحبك بحبك .. بحبك بحبك))
وبدء فيصل في الحركات الرقصة الشعبية
((الليله ليلتك يا معلم .. يلا بقى يا قلبى أتعلم الليله ليلتك يا معلم أتعلم يا قلبى تحب .. ده إللي مبيعرفش يحب ويشوف جماله ده هيتعلم))
كان فيصل يشير إلى نرمين وهو يردد كلمات الأغنيه ويحرك كتفيه بحركاته المميزة الذي زادته وسامة في عيونها .. وجعلتها هي الأخرى تتمايل معه في محاوله لتقليد حركاته
((يلا قوله على إللي فيها .. كل حاجه قوله عليها يلا قوله متخبيش .. وان رضي رضي مرضيش مرضيش المهم أن أنت تقوله ))
كان حاتم وأديم يرقصون كما فيصل وشاركهم الرقص همام .. حتى أن بعض الشباب الذي في الحفل شارك معهم في تلك الرقصه التي من وجه نظر البعض ضرب من الجنون
((قوله وأنا عيني شايفه عنيه .. بيوحشنى أوي أبن الأيه بحبه … هو وفى قلبى جوه .. ده حبيبى هو أنشاالله حتى ميحبنيش .. أحبه تاني ..تاااااني .. اه منه ياني .. يااااني لو غاب ثواني ياني .. ومشوفتهوش مبعرش أعيش قوله قوله قوله .. لازم أروح أقول على كله بما أنه مفيش منه .. مبعرفش أبعد عنه جماله مش زي العادي .. لما بيعدي قصادي أنا بنسى الكلام كله بحبك بحبك .. بحبك بحبك مليش غيره ده من غيره .. حالتي متبقاش تمام ده أدى كله لازم أقوله .. ده أنا مبعرفش أنام وكل إللي أنا شايله فى قلبي .. لازم أروحله وأقوله عليه))
أنتهت الأغنيه ووقف الجميع بين ضحك وسعادة لتعود الموسيقى الهادئة مرى أخرى وبدء فيصل ونرمين بتمايل عليها بأرستقراطية .. جعلت بعض التوازن يعود إلى شاهيناز التي كادت أن تصاب بنوبه قلبيه مما يحدث أمامها
بعد عدة دقائق كانت نرمين وفيصل بين الغيوم الورديه يحلقون في سعادة وفرح .. أقترب أديم منهم وقال
-نكتب الكتاب الأول يا حلوين
أومأت نرمين بسعادة وقال فيصل
-ياريت بقى لقد هرمت من أجل تلك اللحظة
ليضحك الجميع على ذلك العريس العاشق .. وجلس أديم في إحدى الجهات جوار المأذون ومن الجهه الأخرى جلس فيصل وجواره نرمين وبدء مراسم عقد القران وحين قال الشيخ
-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم في خير
وقف فيصل سريعاً يضم نرمين بقوة وهو يقول
-وأخيراً وأخيراً يا حب عمري يا كل دنيتي
كان الجميع يتابعهم بين نظرات محبه ودعوات صادقه وبين حقد وكره .. وبين لا مبالاه
لكن الصمت خيم على المكان فجأة … حين أقتربت فتاه مميزة الشكل بشعر غجري وملابس راقيه لكنها لا تناسب المناسبه التي تقف في منتصفها … قطب أديم حاجبية وهو ينظر إلى ونس تقف أمام مشغل الموسيقي تمسك بالميكرفون .. وهي تقول
-بعتذر عن مقاطعتي للحفله ومبروك طبعاً للعروسين لكن عندي كلام مهم لازم أقوله .. وعلشان كده أنا جيت النهاردة
تحرك أديم ليقترب منها يمنعها مما تفعل لكنها أشارت له بيدها وهي تقول
-خليك مكانك يا أديم أنا أخدت قراري ومش هرجع فيه … أنت تستحق رد الإعتبار ده .. ودي أقل حاجه أقدر أقدمها ليك .. قبل ما أسلم نفسي للبوليس
كان الجميع ينظر إليها بصدمة بين من يعرف تلك الفتاة جيداً ويشعر بالكره تجاهها .. وبين من لا يفهم كل ما يحدث .. لكن تحفزت كل خليه في همام حين قالت جملتها الأخيرة … لتكمل كلماتها بهدوء
-أنا ونس .. الصحفية إللي كتبت الخبر الكاذب عن عيلة الصواف .. وعن حقيقة نسب أديم الصواف .. أنا ونس إللي مثلت دور البنت الغلبانه إللي محتاجة شغل ومساعدة علشان تدخل بيت أديم ..وتكشف أسراره .. من غير ما تهتم بمشاعره الإنسانيه .. وأنه أنسان بكل ما تحمل الكلمة من معنى .. فضلت أتمسكن علشان أكسب تعاطفه معايا خصوصاً بعد ما أكتشفت طيبه قلبه .. وأنه عكس تماما ما كنت متخيلاه شاب متعجرف ومغرور .. لكن الحقيقة كانت صدمة .. لاقيت شاب متواضع بسيط .. وعنده حنيه قلب ورحمة مشفتهاش في حد .. لكن شيطاني فضل يوزني وغروري الصحفي والتريند يزينوا ليا لحظة نزول الخبر إللي هيخلي الكل يشاور عليا ويقول دي إللي كشفت حقيقة أديم الصواف .. مختش بالي وقتها أنه حبني وشاف فيها باب أمل وونس حقيقي يشبه أسمي إللي مستحقوش .. ومخدتش بالي برضو أن قلبي سلم كل حصونه ليه من غير قيد أو شرط لكن غروري برده رفض يعترف بمشاعري دي .. وأرتكبت الغلط إللي مينفعش معاه لا رحمه ولا شفقة
صمتت ثواني لكن دموعها لم تتوقف .. ظلت تنهمر على وجنتيها وهي تنظر إليه بأعتذار .. وكان هو ينظر إليها بنظره لم تستطع تفسيرها هل هي لوم وعتاب؟ أم غضب؟ لكنها أكملت كلماتها
-أنا جاية النهاردة علشان أعتذر عن الغلط إللي إرتكبته في حقك يا أديم .. وفي حق عيلة الصواف .. كل إللي كتبته كذب وملوش أي أساس من الحقيقة .. أنا ونس الصحفية الهربانه بعترف قدام الجميع أني كذبت ولفقت الحقايق .. علشان أكسب تريند وشهرة .. أنا أسفه يا أديم رغم أن الإعتذار مش هيغير حاجة من حقيقة جرحي ليك .. ولا هيداوي كسرة قلبك .. وأحساسك بالخذلان
تركت الميكرفون لمشغل الموسيقى وأقتربت منه حتى أصبحت أمامه مباشرة وقالت بصوت ضعيف من أثر البكاء
-أنا كما حبيتك يا أديم .. أنا كما خذلت نفسي .. أنا دلوقتي بتألم جربت شعورك وأحساسك .. عارفه أن كلمة أسفه مش هتغير حاجة .. لكن أنا أسفه .. ولو بأيدي أرجع الزمن والله ما كنت عملت كده … أنا عرفت دلوقتي .. بعني أيه جنة قربك وحبك .. ويعني سقر عشقك .. وجحيم فراقك .. أنت فضلت جنتل مان حتى في خصومتك معايا ولو تعرف ده وجعني قد أيه
كان الألم يرتسم على ملامح أديم وهو لا يستطيع قول شيء أمام كل ما تقوم به الأن .. لكنها أقتربت منه أكثر وهمست جوار أذنه
-أنا بحبك يا أديم .. بجبك أوي
وأبتعدت تنظر إلى عينيه التي تلمع بها الدموع .. كما دموعها .. لكن صوت تصفيق جعل الجميع يلتفت إلى مصدره ليجدوا طارق يقف عن باب البهو ينظر إلى الجميع بشر .. خاصه فيصل الذي يحاوط خصر نرمين بتملك .. لتشتعل نيران الغيرة والتملك في عينيه
جعلت الجميع يشعر بالصدمة .. إن هذا اليوم الذي بدء مميز ومليء بالفرحه إلى يوم مليئ بالمفاجئات والصدمات
-ما شاء الله ده فيه فرح هنا فعلاً .. وفي كمان ناس بتحب وتتحب وإعتذرات من القلب
أقترب حاتم خطوه وهو يقول
-في أيه يا طارق ؟ أيه الداخله دي؟
لينظر إليه طارق وهو يقول بأستهزاء
-داخلة أيه .. ده لسه الداخله جايه يا حاتم باشا أصبر بس
تحرك أديم خطوه لكن أخراج طارق لمسدسه جعله يعود للخلف وأوقف ونس خلف ظهره وركض حاتم يحمي سالي التي تشبثت بقميصه بخوف .. ونفس الموقف قام به فيصل الذي تصدر المشهد جوار أديم وحاتم .. وخلفه نرمين
أقترب همام عده خطوات لم يلاحظها طارق .. لكن مع أخر خطوه إنتبه له فأخرج مسدس أخر ووجهه في أتجاه وقال
-أقف مكانك وبلاش تخليني أزعل منك .. متعملش ناصح
وقف همام مكانه لكنه بدون أيرادة منه مد يده يسحب كاميليا حتى تقف خلفه والتي أستجابت له من كثرة الخوف
-أيه إللي أنت بتعمله ده يا طارق أعقل
قال أديم بغضب ليضحك طارق بصوت عالي وهو يقول
-أعقل .. هو أنتوا خليتوا فيا عقل .. يعني أنا زمان أغتصبها علشان تكون ليا .. ودلوقتي إسمه أيه ده يخدها مني .. عايزني أزاي أفضل بعقلي
لتعلوا الشهقات وأرتسمت الصدمه على وجه الجميع وأنحدرت دموع نرمين التي عادت إليها ذكريات ذلك اليوم وذلك الصوت البغيض الذي كان يخبرها أنها أصبحت ملكه الأن وأنها أصبحت دميته .. أنتفخت أوداج فيصل من الغضب وتحرك خطوه واحده ليطلق طارق رصاصه في الهواء وهو يقول
-أقف مكانك يا عريس .. وبلاش تتهور .. هو أنت كده كده ميت لكن أصبر شويه لسه في كلام كتير لازم تسمعه … صحيح هي بقت مراتك بس أنا إللي قطفت أول قطفه .. ومش قادر أقولك كانت طعمه أزاي
صرخ الثلاث رجال في صوت واحد وكأنهم أسود عملاقه حبيسة أقفاص حديدية .. ليضحك طارق بصوت عالي وهو يقول
-أهدوا شويه .. متقلقوش محدش فيكم هيعيش علشان يقدر ينتقم أنا نويت أخلص منكم كلكم … وتركة الصواف كلها تبقى ليا .. لوحدي .. أبقى أنا إمبراطور عيلة الصواف .. مش الجبان إللي إسمه أديم
تحركت كاميليا خطوه واحده من خلف همام وقالت
-أيه إللي أنت بتعمله ده يا طارق أرجع لعقلك .. هو أنت بعد إللي أنت بتعمله ده هيكون مصيرك حاجه تانيه غير السجن
ليطلق مره أخرى طلقه مرت من جوارها وأستقرت في أحدى المزهريات التي تحولت إلى قطع صغيرة جداً لتصرخ بخوف وتعالت الصرخات والشهقات المصدومة .. ليقول همام بغضب
-إللي أنت بتعمله ده مش هيفيدك بحاجه يا طارق .. أنا بعدت رساله للشرطة وفي دقايق هيكونوا هنا
-يبقا أخلص إللي أنا جاي علشانه
ورفع سلاحه وبدء في الضرب حتى أنتهت طلقاته .. وسقطت تلك الأجساد التي طالتها الرصاصات .. والتي كانت مقصودة .. وأيضا أجساد لم يكن لها ذنب سوا إنها تحب

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ونس)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى