روايات

رواية ونس الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سارة مجدي

رواية ونس الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سارة مجدي

رواية ونس الجزء الرابع والعشرون

رواية ونس البارت الرابع والعشرون

رواية ونس الحلقة الرابعة والعشرون

كان الموقف صعب تخيله ووصفه والجميع يشعر بالخوف والتجمد أيضاً فلم يستطع أي شخص التحرك وأخذ أي موقف أمام جنون طارق خوفاً من تهوره وأصابة أي شخص .. لكن الغضب بالفعل قد أعماه وأنتفض الجميع حين بدء طارق في أطلاق النار بعشوائية ..وبدأ الرجال في حماية النساء قدر أستطاعتهم .. وأخذ ساتر وأرتفعت الأصوات تصم الأذان بصرخات الخوف والهلع تخبر العالم أجمع أن هناك خساره كبيرة تحدث خاصه وأن طلقات طارق كانت تعرف جيداً من تصيب .. حاول حاتم أن يحمي سالي لكن حركته كانت غير موفقه فحين ألتفت حتى يحميها بين ذراعيه .. وصلت إليها أحدى الطلقات لتصرخ من الألم وصرخ هو الأخر بخوف ورعب بأسمها وجحظت عينيه وهو يرى الدماء تغرق ثوبها ليضمها إلى صدره وهو يصرخ بأسمها دون توقف لكن الموقف بأكمله كان عبثي .. فالطلقات كانت كثيرة وصوت الصرخات عاليه كذلك نرمين وكاميليا فأصوات صرخاتهم كانت مليئه بخوف ينفطر له القلب .. أما ونس فكانت تضم أديم بذراعيها وكأنها تحاول إبعاد الطلقات عنه .. لكن حين أنتهى الأمر بأنتهاء الطلقات من مسدسات طارق أكتشف حاتم أن تلك الطلقات أصابت أيضا أديم الساقط أرضا ورأسه على قدم ونس التي يغطيها الدماء وأسفله بركة دماء كبيرة ولا يصدر عنه أي حركة .. وكذلك فيصل الذي كان ممداً أرضا جوار نرمين الشاخصه ببصرها في الفراغ والدموع تغرق عينيها .. لكن الذي كان أسرع من الجميع في أستعادة وعيه ورباطة جئشه هو همام الذي أقترب سريعاً من طارق وكيِّل له اللكمات .. حتى سقط أرضاً لينزع همام حزام بنطاله وقيد يد طارق بها خلف ظهره وكذلك نزع حزام بنطال طارق وقيد قدمية .. وأخرج هاتفه يطلب الدعم من الشرطة وسيارات أسعاف فالاصابات كثيرة .. لكن كل هذا حدث بعد أن أطمئن أن كاميليا بخير
كان المشهد عبثي لدرجة عدم التصديق فبدء جميع الموجودين في الخروج من قصر الصواف بسرعه وخوف ورغبه في النجاه بأرواحهم .. وكانت شاهيناز تقف في إحدى الأركان تنظر لكل ما حدث بعيون جاحظة غير مستوعبه وهي ترى كم الدماء التي تُغرق الأرض والأجساد لتسقط بعدها فاقدة للوعي .. كيف كان اليوم مليئ بالسعادة والفرح .. والرقص وتحول إلى فضيحه مدوية وكارثه لا وصف لها .. والخسائر لا أحد يستطيع وصفها .. نظرات الجميع تحمل دموع وخوف .. وخسارة .. وكأن ما مروا به قديماً لم يكن شيء حتى تؤلمهم الحياة بتلك الطريقة
كان حاتم ينظر إلى الجميع بصدمه وقلة حيله وبين يديه سالي التي قد غابت عن الوعي
……………………….
وصل الجميع إلى المستشفى بين مصاب وبين المصدوم .. دخلت سالي وأديم وفيصل إلى غرفة العمليات مباشرة .. ونرمين أخذها الأطباء فقد كانت في حالة صدمة عصبية وأنهيار رغم صمتها وكذلك شاهيناز التي لم تستجيب لإفاقة المسعفين لها .. أما ونس فكانت تبكي بصمت .. لاحظه الجميع لكن ما لفت إنتباه حاتم هي كلماتها التي تقولها لنفسها منذ سقط أديم مصاب بمعظم طلقات طارق وكأنه كان يقصده هو بالتحديد . . ولم يكن يعرف ماذا يشعر تجاهها .. هل يشعر بالشفقه أم بالغضب؟ خاصة وهي لم تترك أديم لحظه وكانت معه في سيارة الإسعاف.
أقترب منها خطوه واحدة ليتضح له همسها وعيونها معلقه بباب غرفة العمليات المغلق “أنت قولتلي أنك زي ما كان نفسك تدوقني نعيم حبك .. وتعيشني في جنة عشقك .. هتوريني سقر عشقك .. وجحيم فراقك .. بس بلاش يكون الفراق ده يا أديم .. بلاش ”
أغمض عينيه بقوه فهو يشعر بالعجز .. حبيبته وصديقه وأبن عمه الثلاثه في غرفة العمليات .. ونرمين في حالة صدمة بعد ما تم كشفه اليوم و أمام الجميع .. فضيحه مدوية لا يعلم كيف ستتعامل معها نرمين وتواجه المجتمع .. وكذلك فيصل .. لكن ليطمئن عليهم أولاً وبعدها لكل حادث حديث .. طارق هو من أغتصبها يا له من حقير يستحق الذبح دون رحمه .. كيف لم ينتبه أي منهم لتلك الحقيقة .. أختفاء الحارس .. وسهولة الأمر ..أصرار طارق على الزواج منها رغم كل شيء ورغم ذلك كان متعدد العلاقات .. كيف أستطاع أنتهاك حرمة أبنة عمه بتلك السهولة وبدم بارد .. كيف لم يفكر أي منهم في إحتمالية أن من فعل بها هذا الشيء هو من دمائها .. أحد الأشخاص المفترض أن يكون حامي لها .. أقترب من باب غرفة العمليات ووقف ينظر من تلك النافذة الصغيرة يحاول أن يرى أي شيء .. يريد أن يطمئن .. قلبه يتمزق من الخوف .. مرت ساعات وساعات ولم يخرج أحد من غرفة العمليات يطمئنهم .. والإنتظار في تلك الأوقات قاتل لو تعلمون .. تمر الثوانِ وكأنها سنوات .. وبالداخل أغلى الناس .. وخسارتهم بخسارة الحياة .. ومع مرور الدقائق يزداد الخوف .. خرج حاتم عن طوره وصرخ بصوت عالي يطالب أن يخرج أحد ويخبره بما يحدث بالداخل .. ليتجمع بعض الأطباء وحاولوا السيطره على حاتم .. لكن التوتر والقلق وصل إلى أشده على الجميع .. وكانت ونس تتابع ما يحدث وهي تتمتم بالكلمات منذ وصولها .. وكاميليا تجلس على إحدى الكراسي لا تعرف ماذا عليها أن تفعل الأن .. أخيها دمر الجميع .. لم يترك لها أحد .. أغلق لها أبواب الرحمة من الجميع .. أذا حدث شيء لأي منهم كيف ستواجه باقي العائلة .. كيف ترفع عيونها في وجه أديم الذي وقف بجانبها وساعدها وأحترمها .. كيف تتعامل مع فيصل وتعمل معه بعد معرفة حقيقة ما قام به أخوها مع نرمين .. وسالي كيف تتوقع أن يساعدها حاتم أو يشفق عليها إذا خسر زوجته .. كانت تنحدر دموعها بصمت ليقترب منها همام وجلس بجانبها وقال
-أنا حاسس بيكي .. لكن من معرفتي الصغيرة بأديم وحاتم محدش فيهم هيشيلك ذنب أخوكي
لم يظهر عليها أنها أستمعت إليه .. ليشعر بألم حاد داخل قلبه .. لكن ذلك الألم لم يكن شيء بجانب الألم الذي يشعر به الأن من أثر كلماتها
-طارق قفل أبواب الرحمه كلها في وشي .. وبعدني عن عيلتي .. حتى لو هما بكرم أخلاق ميحملونيش تمن غلطه أخويا .. لكن أنا أزاي ممكن أتعامل مع نرمين وجوزها بعد إللي عمله أخويا فيها .. والدم بقى في بينا دم .. أنا مبقاش ليا حد خلاص .. ولا بقى ليا مكان بينهم أصلاً.
لم يستطع قول أي شيء .. فهو من لا يعرف أبعاد القصه بالكامل .. لكن مجرد تخيل أن طارق قد أغتصب إبنة عمه تجعل الدماء تفور في عروقه ويشتعل الغضب به .. فما بال أخوها. وزوج نرمين.
عاد حاتم يصرخ من جديد حتى يطمئنه أحد عن من بداخل غرفة العمليات منذ ساعات ..
وبعد دقائق فتح الباب ليخيم الصمت على الجميع وركض همام يقف جوار حاتم الذي كان في حاله يرثى لها وقفت الممرضه تقول بهدوء
-الحاله هتتنقل العناية .. والحمدلله قدر الدكتور يخرج الرصاصه
-راجل ولا ست
سأل حاتم بقلق وخوف .. لتجيبه الممرضه وهي تعود إلى الداخل
-راجل
ليردد خلفها بشرود
-راجل يعني أديم ولا فيصل .. طيب وسالي
رفع يديه يجذب خصلات شعره بقوه .. لكن همس ونس جعله يشهق بصدمه
-أديم أخد أكثر من خمس طلقات .. حسيت بيهم طلقه طلقه وكأنهم دخلوا جسمي أنا
لم يستطع أي من الرجلين النطق بكلمه .. وهم يتخيلوا المنظر .. فتح باب غرفة العمليات مره أخرى وخرج الطبيب ليقترب منه حاتم سريعاً وهو يقول
-أنتوا قرايب المدام إلى في العمليات؟
-سالي أيوه مراتي
قال حاتم بلهفه وخوف ليقول الطبيب بحزن واضح
-المدام أخدت طلقه في البطن .. وللأسف كانت حامل .. أحنى قدرنا نخرج الرصاصه لكن للأسف مقدرناش ننقذ الجنين
ترنح حاتم في وقفته ليدعمه همام سريعاً قبل أن يسقط أرضاً وشهقت كاميليا بصوت عالي .. وأغمضت ونس عينيها بقوه … ورغماً عنه أنحدرت دموعه وهو يقول
-إنا لله وإنا إليه راجعون .. لله ما أعطى ولله ما أخذ
ثم نظر إلى الطبيب وقال بصوت ضعيف
-المهم سالي .. طمني عليها
ليأخذ الطبيب نفساً عميقاً وهو يقول بتوضيح
-للأسف الحاله مش مستقره وممكن بسبب المضاعفات نضطر نشيل الرحم لكن لحد دلوقتي أحنا بنحاول أن الأمر يعدي على خير وكفايه الخساير إللي حصلت
ليغمض عينيه من جديد بقوة .. وتحرك حتى يجلس على أقرب كرسي ليكمل الطبيب كلماته
-هي هتتنقل العناية دلوقتي .. وان شاء الله خير .. بعد إذنكم
وعاد إلى الداخل من جديد .. لتهمس كاميليا لكن بصوت وصل إلى الجميع
-دم جديد في رقبتك يا طارق .. دم جديد
لم يستطع أن يعلق على كلماتها فماذا سيقال في موقف كهذا .. مرت عدة ساعات أخرى صعد خلالها حاتم إلى غرفة الرعاية وأطمئن على وضع فيصل وسالي .. وذهب أيضاً ليعرف ماذا حدث مع نرمين وشاهيناز .. وقال الطبيب له موضحاً
-مدام نرمين في حالة أنهيار عصبي حاد .. هي دلوقتي نايمة بسبب المهدئات .. لكن مدام شاهيناز عندها صدمه عصبيه وعقلها الباطن هو إللي فارض عليها حاله النوم دي .. هي إللي رافضه تصحى
ماذا ينتظرهم بعد كل هذا .. هل هناك ما هو أصعب من ذلك وأقسى؟ أهل أكتفى القدر السيء منهم أم مازال هناك ألم لم يتذوقوه
عاد حاتم إلى مكان غرفة العمليات ووقف أمام همام يسأله
-لسه مفيش أخبار؟
هز همام رأسه بلا .. ليلقي حاتم نظره لكاميليا التي تنظر أرضاً .. لكنه لم يكن في وضع يجعله يشعر بشيء أو يفكر في أحد .. ليطمئن على أديم الذي مازال داخل غرفة العمليات رغم مرور أكثر من ست ساعات
وقف أمام ونس التي مازالت على جلستها منذ حضورهم إلى المستشفى .. تلاقت عيونهم لثوانِ قليله لكنه لم يحتمل نظرتها التي تخبره بشيء يرفضه تماماً
بعد مرور نصف ساعه أخرى فتح الباب وخرج الطبيب وجه غير مفسر .. لتقف ونس وأقتربت منه وقالت قبل حاتم
-أديم كويس؟
ظل الطبيب صامت ينظر إلى الوجوه التي تتوسله أن يطمئنهم .. .. فرك ذقنه وهو يقول
-أنا أسف .. البقاء لله
صمت كل ما تلقاه هو الصمت وكأنه لم يقل شيء ولم يسمعه أحد .. وبعد مرور دقيقه قال حاتم
-أديم كويس مش كده
ظل الطبيب صامت لا يجد كلمات يقولها .. ليمسك حاتم مقدمه قميصه وهو يقول بصوت عالي
-أديم كويس .. وأتنقل العنايه مش كدة .. أنطق
-أنا أسف والله إحنا عملنا إللي علينا لكن الحالة كانت مصابه بخمس طلقات نارية ..كان صعب أنقاذه لكن إحنا حاولنا نعمل إللي علينا .. أنا أسف ربنا يصبركم
لتصرخ ونس بصوت عالي
-لاااااااااااااااااااااا أدييييييييييييييييييييييم لاااااااااااااااا ..ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه أديييييييييييييييييييم
تراجعت كاميليا عدة خطوات إلى الخلف وهي تقول
-لا لا مش ممكن .. أديم لا .. أديم لا .. لا .. لا يا طارق لا .. مش أديم لا ميستحقش منك كده لا .. حرااااام … حرام
سقط حاتم أرضاً على ركبتيه ينظر إلى الباب المغلق أمامه دموعه تغرق عينيه .. يبكي بصمت .. لكن قلبه يصرخ .. يصرخ بحصره فقدان أخ وصديق .. سند كان يوم كبير العائلة .. الداعم للجميع .. الأخ الذي لم يأتي به أباه وأمه .
عقله يرفض تصديق ما يحدث .. فلم يعد يحتمل صوت الصراخ من حوله
ليقف وأقتحم الغرفة يبحث عنه .. سوف يتحدث معه .. يخبره أن يعود أن الجميع بحاجه له .. حين وقعت عينيه على جسد ممدد فوق السرير مغطى بشرشر أبيض بغيض مليئ بالدماء .. ركض إليه يرفع الغطاء عن وجهه ويدفع جسده بقوه وهو يقول والدموع لا تتوقف عن الهطول
-قوم يا أديم .. قوم .. قوم بلاش هزار تقيل قووووم .. قوم يا أديم بقولك .. قوم علشان ننتقم من طارق .. علشان ناخد تار نرمين منه … علشان نربيه من أول وجديد .. طيب قوم علشان خاطر ونس .. ونس بره بتصرخ سامعها يا أديم سامعها
وعاد يهز جسده بقوه وهو يقول
-قوم يا صاحبي مش هقدر أعيش من غيرك .. هعمل أيه من بعدك .. سالى ونرمين وطنط شاهيناز .. طيب المؤسسة .. أديم قوووووم .. قوم يا أديم
لم تعد قدماه تحملانه ليسقط أرضاً وهو يبكي
-اااااااااااااااااااااه يا وجع القلب .. وجع قلبي عليك يا صاحبي .. يوجع قلبي عليك
طان همام يقف عند الباب ينظر الي حاتم بشفقه ودموعه تسيل من عينيه دون توقف .. والأطباء يبكون من هول ما يرونه أمامهم
وكأن الألم لا يريد أن ينتهي دلفت ونس تسير بصمت رغم أن شهقاتها عاليه ودموعها تغرق وجهها .. أقتربت من السرير ووقفت أمامه تنظر إلى وجه أديم الذي أصبح خالي من الحياة .. والدماء التي تغطي جسده والجروح الظاهرة لعيونها وقالت
-هو ده إنتقامك مني يا أديم .. هو ده عقابك أنك تسيب ليا الدنيا الغدارة دي وتمشي .. هو ده الجحيم إللي وعدتني بيه .. قوم .. قوم موتني أنا بأيدك .. أنا موافقه .. أنا راضيه بالسجن أنا راضيه ببعدك عني وأشوفك بتتجوز غيري .. لكن تبقى موجود و أشوفك حتى لو من بعيد .
مدت يدها تهز قدمه بقوة .. وتضربه عليها وهي تقول
-قوم .. يلا قوم بلاش تمثيل .. خلاص وجعت قلبي أوي .. أوي وجعتني أوي العقاب ده صعب أوي يا أديم قوم بقى .. قووووم .. قووووم
وأنفجرت في البكاء من جديد … أقتربت كاميليا منه تنظر إلى ملامحه المحببه .. وقالت بصمت مختنق
-عمرك ما أذيت حد … عمرك ما فكرت تجرح حد .. حتى لما محبتنيش عمرك ما جرحتني .. أديم أنا أسفه .. أسفه على إللي عملوا طارق .. والله لو كنت أعرف كنت قتلته بأيدي .. أديم
لم تستطع أن تكمل كلماتها فالغصه التي بحلقها مؤلمه حد الموت كما هي لدى حاتم وونس
((يا وجع القلب يا دنيا و واخذة مني كثير وسايبة لي جرح وجعه كبير أشوف وشك خلاص على خير يا فرحة في قلبي مكسورة يا حلم حلمته وما طولتوش كلام جوايا ما نطقتوش يا بر أمان وما وصلتوش حياتي ع الهم مجبورة وزيد ع الهم هم كمان وع الدمعة بحور أحزان أنا فيَّ ما عادش مكان يتحمل فراق غاليين يا وجع القلب ملازمني وقاطم ظهري وكاسرني في مين في الحزن يقاسمني يشيل عني اللي حاسس بيه يا واخذ مني أغلى الناس وكاسر فيَّ أنا الإحساس هموم الدنيا لو تتقاس هتبقى أقل من اللي أنا فيه يا وجع القلب إيه مالك ما فيش غيري يعني قدامك عليّ حلفت حلفانك ما شوفش الراحة لو ليومين))
……………
لم يكن حاتم في حاله تسمح له بعمل الأجرائات اللازمه .. وأخر شيء يستطيع تقديمه لصديقه .. لذلك قام همام بكل شيء .. أبلغ الشرطة بما حدث .. وبالتهمه الجديدة .. وطلب سرعة أرسال الطب الشرعي حتى يتم الدفن .. وسأل أيضا عن سير التحقيق مع طارق .. وصدم حين عرف أنه أعترف بكل شيء .. لكنه شعر ببعض الراحه فهكذا سينال أقصى عقوبه .. وهو لن يتخاذل عن تقديم كل الأدله
نظر إلى حاتم الذي يجلس صامت … بعد سقوط ونس مغشي عليها بعد كل ما حدث والطبيب أخبرهم أنها في حالة أنهيار حاده .. وتم وضعها في غرفه أخرى جوار غرفة نرمين وشاهيناز .. وكاميليا لا يعلم أين أختفت من بعد حديثها لأديم و إنشغالهم مع ونس حين عاد إليها لم يجدها ولا يعلم ماذا عليه أن يفعل؟ يذهب للبحث عنها .. أم يظل جوار حاتم الذي يشعر بالخوف الشديد عليه
أقترب من مكان جلوسه أمام غرفة الرعاية التي تضم زوجته .. وجلس جواره لعدة لحظات صامت ثم قال
-حاتم تعالى أرتاح شويه .. أنت محتاج ترتاح علشان تقدر تواصل للي جاي
لم يرد عليه .. وكأنه لم يستمع إليه من الأساس .. ليقول من جديد
-أديم مش هيدفن قبل بكره الصبح .. لسه الطب الشرعي
-هيتشرح
قاطعه حاتم قائلاً بصدمه … ليصمت همام غير قادر على الإجابة بالنفي أو بالإيجاب ليصرخ فيه حاتم من جديد
-مش كافيه الخمس رصاصات إلى في جسمه والجروح .. كمان تشريح حرام عليكم حرام
نفخ همام الهواء من صدره وقال
-لازم تقرير الصفحه التشريحيه في القضيه يا حاتم علشان المحكمه تاخد بيه .. ويتحكم على طارق بأشد عقوبه
ظهر الغضب جلياً على ملامح حاتم الذي ظل صامت تتأرجح مشاعره بين غضب شديد وحصره .. وألم .. وخوف من فقدان جديد .. أنه من شدة المصائب لم يستطع الحزن على طفله الذي خسره .. ولم يستطع أمام حزنه على خساره أديم … أن يشعر بالخوف لخسارة سالي
أن كل هذا لشديد وبلاء عظيم .. لكنه نظر للسماء عبر النافذة الصغيرة وقال
-لله الأمر من قبل ومن بعد … إنا لله وإنا إليه راجعون
……………………..
في صباح اليوم التالي كان همام قد أنهي كل شيء .. توجه إلى مكان وقوف حاتم الذي غفى رغماً عنه لعدة ساعات ليستيقظ بعدها وهو في حاله من الهلع والخوف … وكان يبحث عن أديم وهو يتخيل أن كل ما حدث مجرد حلم
لكنه عاد لصمت مقبض بعد أن تأكد أن كل هذا حقيقة لم ولن تتغير .. وقف بجانبه ينظر لتلك الأجساد الممدده بالداخل .. لا تعلم عن ما حدث شيء .. وقال
-كل حاجه بقت جاهزة يا حاتم .. وقت ما تحب نتحرك .. نتحرك علشان نوصل الأمانة
-من غير ما أودعه .. ولا أخواته يودعوه
قال حاتم بشرود ليربت همام على كتفه وقال
-حاتم أسمعني أرجوك أنا عارف أن إللي بتمر بيه مش سهل .. لكن رغم كل الألم إللي جواك لازم تتماسك .. مراتك وأختها ووالدتهم مبقاش ليهم حد غيرك لحد ما فيصل يقوم بالسلامة .. ويسند معاك
صمت لثواني ثم قال
-فيه حاجه كمان عايز أقولك عليها .. ومش عارف
نظر إليه حاتم بأستفهام ليقول همام بقلق واضح
-كاميليا مش عارف هي فين مختفيه من أمبارح
لينتفض حاتم واقفاً وهو يقول
-يعني إيه مختفيه من أمبارح؟ راحت فين؟
-مش عارف .. لو في مكان ممكن ندور فيه .. بس بعد يعني ما نخلص موضوع أديم
أومأ حاتم بنعم وهو يقول
-هلاحقها منين ولا منين بس يارب
التفتوا الأثنان حين سمعوا صوت واهن يقول
-عايزه أشوف أديم
كانت تستند على الحائط وجهها أصفر وعيونها دامعه .. قال همام بصوت مختنق
-مبقاش ينفع يا أنسه ونس .. مبقاش ينفع
لتغمض عيونها وهي تصرخ بصوت ضعيف
-اااااااااااااااااااه يا وجع قلبي .. الصبر يارب .. الصبر يارب
أقترب منها حاتم وهو يقول
-تمَّسكي أرجوكي وأرجعي أوضتك ولو قادرة خلي بالك من إللي هنا على ما نوصل الأمانة ونرجع
ظلت تنظر إليه بعدم تصديق ورفض ثم أومأت بنعم ليغادرا وفوق كتفي كل منهم هم ثقيل ثقل الجبال .. لتجلس أرضاً على ركبتيها وهي تبكي بقهر وحسرة حتى سمعت صوت سيارة الإسعاف تدوي تخبر الجميع عن أخر رحله لجسد رجل كان ونعم الرجال ..أبن بار رغم كل شيء .. و أخ حاني وسند لأخوته.. وصديق مخلص .. وحبيب نادر الوجود … ورجل ندر وجودة .. لتصرخ بكل ما أستطاعت
-أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأادييييييييييييييييييييييييييييييييييم
………………………………………….
تجلس في شقتها الذي ساعدها في تأجيرها فيصل .. فيصل الذي أصبح الأن بين الحياة والموت بسبب أخيها .. ظلت تبكي وهي تفكر في أديم الذي لم يرتكب ذنب يستحق عليه كل ما حدث له … ماذا فعل لأخيها حتى يقتله بتلك الطريقة البشعه؟ ونرمين كيف أستطاع الإعتداء عليها .. أغتصبها وهي مجرد فتاة صغيرة لا تفقه شيء .. خان ثقة عمه وصلة الدم وأعتدى عليها حتى تصبح له .. أي حب هذا .. أنه مرض .. طارق مريض بحب التملك … بالأنانيه … ليتها ماتت ك أديم .. لأستراحت من عذاب الضمير الذي سيرافقها من الأن فصاعداً وطوال حياتها
…………………
في ذلك الوقت كان حاتم و همام يبحثون عن كاميليا في كل مكان قد تكون فيه .. فهو لم يعرف من أديم عنوان البيت التي أستأجرته وكم شعر بغبائه في التغافل عن ذلك الأمر .. حاول الإتصال بشركة فيصل ولكن من سيسأل وعلاما سيسأل .. ظلوا يبحثون في الفنادق حتى أنهم ذهبوا إلى القصر وشقه طارق لكنهم لم يجدوها .. ليخبره همام أن يعود إلى المستشفى وسيذهب هو إلي قسم الشرطة وسيكمل بحث عنها بطريقته … وأذا وصل لشيء سيخبره
فأومأ بنعم وبالفعل صعد إلى سيارته عائداً إلى المستشفى .. وأخذ همام سيارة أجره إلى قسم الشرطة
……………….
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات
فتح باب المنزل وطل منه حاتم يسير بهدوء وبطئ شديد وحذر .. ويغلق الباب خلفه بهدوء ودون أن يصدر ضجة .. وحين صعد إلى سيارته زفر الهواء من صدره بقوه من أثر كتمه لأنفاسه حتى يستطيع الهرب من أبنته ..ضحك براحه … أن أبنته متعلقه به بشدة ..ودائمة البكاء كلما غادر المنزل متوجهاً لعمله .. ورغم أنه دائم الجلوس معها ولا يذهب إلى أي مكان دونها .. وأنه متعلق بها حتى أكثر من تعلقها به وخصوصاً بعد ما حدث قديماً .. إلا أنه لا يستطيع أخذها معه إلى الشركة فذلك مستحيل .. أدار محرك السيارة وأنطلق بها لكنه أبتسم حين سمع النغمه المخصصه لحبيبة قلبه وزهرة حياته
أجاب الإبتسامة تزين ثغره
-حبيبة قلبي صباح الفل
-بتهرب زي كل يوم وتسيب لي بنتك وزنها
قالت سالي بمرح ليضحك بصوت عالي وهو يقول
-طيب أعمل أيه بس .. تعرفي أنا بفكر أعمل لها ركن كده مخصوص في مكتبي وأخدها كل يوم معايا
ليكون الدور عليها هي في الضحك .. وقالت بسعادة
-ربنا يباركلي فيك وفيها
-ويباركلنا فيكي يأم حياة
صمتت لثواني ثم قالت
-هتعمل أيه النهاردة؟
ليجيبها بهدوء وهو يأخذ طريقه للعمل
-على معادنا هو منتظرنا كلنا
أغلقت الهاتف وعادت أدراجها حتى غرفة أبنتها.. وقفت أمام سرير صغيرتها التي لم تكمل عامها الأول بعد .. تنظر إليها بحب وهي تتذكر ما حدث قديماً
حين فتحت عيونها أول مره بعد ما حدث لم تستوعب أين هي أو ماذا حدث .. لكن وبعد عدة لحظات .. بدأت الذكريات تعود إليها بقوة لتصرخ بصوت عالي بأسم حاتم
لتركض إليها الممرضه وضغطت على ذر أستدعاء الأطباء ليركض إلى هناك الطبيب سريعاً .. في ذلك الوقت كل هذا وحاتم يقف خلف الزجاج ينظر إليها بقلب ملتاع يود أن يقتحم الغرفة ويأخذها بين ذراعيه يضمها إلى صدره بحنان … يحميها من كل شيء .. يمحو عن ذاكرتها ما حدث وما سيحدث …. لكنه ظل واقف مكانه لا يعرف ماذا عليه أن يفعل .. لم تهدء إلا حين وقعت عيونها عليه عبر الزجاج لتمد يدها له وهي تصرخ بأسمه .. لم يعد يحتمل ليقتحم الغرفه ودلف إليها .. أبعد الطبيب وضمها إلى صدره بقوه لتبكي بحرقه وبكائها يحمل الكثير من الصرخات .. صدمة كلمات طارق .. وصوت طلقات الرصاص الذي يصم أذنيها حتى الأن .. ألم ذلك الجرح في معدتها .. وأيضاً ذلك الشعور بالخواء التي تشعر به .. رغم عدم عرفتها بسببه
ظل الموقف متجمد لعده لحظات .. تبكي وتصرخ بين ذراعيه ويشاركها هو الدموع بصمت .. لكن يده لم تتوقف عن الربت على ظهرها .. وصوته المختنق بالبكاء يهمس لها بأن تهدء وأنه جوارها.. مرت عدة دقائق ثم أبتعد عنها قليلاً حتى يستطيع رؤية وجهها وقال بألم
-عارف أن كل ده صعب .. أختبار شديد من ربنا يا سالي .. لكن لازم نكون قده يا سالي .. أنا وأنتِ علينا مسؤليه كبيرة .. رغم مصيبتنا
كانت تنظر له بتشتت وضياع والدموع تغرق عينيها .. زهرته ذبلت .. وأوراقها النديه يبست .. لكنه لن يسمح بذلك .. سوف يخفي حزنه ويدفنه داخل قلبه من أجلها ومن أجل الباقين
لكنها أغمضت عيونها وذهبت في إغمائه جعلته ينتفض ينظر إلى الطبيب الذي أقترب سريعاً يتفقدها .. ليخبره إنها في غيبوبه .. لكن الأمور مستقره وتلك الغيبوبه .. متوقعه
كان حاتم يتذكر كل هذا أيضاً وهو يقود سيارته متوجها إلى شركته .. وأكملت الذكريات تنهمر على عقله .. حين خرج من الغرفة متهدل الأكتاف بعد أن أطمئن عليها إنها نائمه ولن تستيقظ الأن .. ما يحدث معهم الأن شديد وصعب .. مؤلم حد الموت .. كيف يتحمل ذلك .. موت صديقه وأبن عمه الذي دفنه بيده .. وقف وسط جمع غفير من الناس .. موظفين المؤسسه .. عمال القصر .. عمال المستشفى .. وبعض المارة بالشارع الذين سمعوا في مكبرات الصوت الخاصه بالمسجد الذي يجاور المستشفى أن هناك حالة وفاة وسوف يتم الصلاة عليها الأن .. عدد كبير وقف خلفه الجثمان يصلي من يعرفه ومن لا يعرفه .. كان حاتم يبكي طول صلاته على صديقه الوحيد المقرب والغالي .. وحين حمل النعش حتى يوصله إلى مثواه الأخير لم يكن يستطيع التحكم في دموعه .. ولا حديثه الذي لم يكن أحد يفهم منه شيء سوا همام أقربهم له
-رايح فين وسايبني يا أديم .. هُنا عليك تسيبنا وتمشي .. هان عليك تسيب تار نرمين .. طيب ونس هتسيبها كده وتمشي من غير كلمه وداع ولا لوم ولا حتى حب .. طيب وأنا يا أديم أعمل أيه من بعد يا صاحبي .. قولي . أعمل أيه من غيرك .. المسؤليه تقيله أوي يا أديم أوي .. اااااه يا صاحب العمر والأخ والسند .. اااااه يا كل حاجة حلوه في حياتي مرتبطه بيك
صمت لثواني يحاول أيجاد صوت من بين شهقاته أكمل قائلاً
-متخفش يا صاحبي أخواتك أمانة في رقبتي .. هشيل سالي جوه قلبي وراسي وجوه عيني .. ونرمين أختي وفي ظهرها ومش هسيبها أبداً .. وهجيب تارك من طارق وتارها .. أطمن يا صاحبي أطمن أنا موجود وهسد في غيابك .. غيابك إللي دبحنى .. وهيموتنا كلنا من بعدك
كان همام يبكي على كلمات حاتم .. هو لم يتعرف على أديم من وقت طويل لكنه حقاً شخص مميز وذلك الحزن الظاهر على حاتم قليل على خسارة شخص مثله
حين فتح النعش وحملوا الجسد من داخله أنهار حاتم في البكاء وهو يتشبث به بقوه ويصرخ بكل ألم قلبه
-هتوحشني يا صاحبي .. هتوحشني يا أديم هتوحشني أوي أوي يا صاحبي
ليربت همام على كتفه وقال
-مينفعش كده يا حاتم حرام عليك متعذبوش
ليبتعد حاتم منتفضاً وهو يقول
-حقك عليا يا صاحبي
وضمه للمره الأخيرة وهو يقول
-في أمان الله ورحمته يا صاحبي
وبدء العمال في عملهم .. وكان صوت تحطم قلب حاتم مع كل لحظه تمر .. وتلك الحفره تغلق على أبن عمه تصم أذنه وتجعله يود أن يكون معه الأن … داخل تلك الحفره .. أو يعود الزمن ولا يحدث كل هذا
و على جلوس همام جواره بوجه لا يفسر خرج هو من أفكارة .. ليغمض عينيه بقوه هو لا يتحمل كل هذا .. لا يتحمل كل تلك المصائب
لكن همام قال
-حاتم أنا محتاج منك تيجي معايا علشان تتعرف على جثة كاميليا
لينظر إليه حاتم بصدمه .. لتنحدر دموع همام وهو يقول بوجه حاد
-في واحده بلغت عن حدوث حالة وفاة .. روحنا الشقه وعرفنا أنها بتشتغل عندها من أسبوع واحد بس .. وأن ده معاد حضورها كل يوم الصبح .. وبعد ما بدأت في ترتيب البيت حست أن صحبة الشقه في أوضتها .. فسابت تنظيف الأوضة أخر حاجه .. لكن لما فات أكثر من ساعتين وهي مخرجتش خبطت عليها ولم مسمعتش رد .. دخلت ولقتها واقعه على الأرض وغرقانه في بركة دم .. وأنها قاطعه شاريين أيديها الاتنين
صمت يحاول تمالك نفسه .. كل هذا وحاتم ينظر إليه بصدمه ألجمته .. لا يعرف ماذا عليه أن يفعل أو يشعر الأن .. ليكمل همام
-لما روحنا المكان عرفتها على طول وأتاكدت من البطاقه كمان .. لكن لازم حد من أهلها يأكد إنها هي .. ويستلمها
ماذا فعلت عائلة الصواف لتعاقب بكل تلك العواقب؟ ما هذا الذنب الذي يجب التكفير عنه بكل هذا الألم؟ كل هذا كان يدور داخل عقل حاتم الذي يسير جوار همام جسد بلا روح .. حتى وصل إلى المشرحه التي وضعوا بها الجثمان .. وحين رفعت الممرض الغطاء عن وجه كاميليا .. أنحدرت دموعه وهو يقول
-ليه يا كاميليا ليه؟ ذنبك دلوقتي في رقبة مين؟ في رقبة أخوكي إللي دمر العيله كلها؟ ولا في رقبتي أنا ؟ ليه يا كاميليا ليه؟ الله يرحمك ويغفرلك ذنبك الكبير ده
والمشهد يتجدد من جديد .. الصلاة والجنازة والدفن . والدموع والحصره والألم .. كل ذلك كيف يتحمله قلبه .. كيف .. لم يعد هناك مكان لجرح جديد وصدمه جديدة .. عاد إلى المستشفى لكنه لم يستطع الصعود توجه إلى المسجد توضئ ووقف بين يدي الله يتوسله الرحمه والمغفره والمواسه والقدره على التحمل .. طلب الدعم والرحمه .. طلب السند وأن يربط على قلبه بالصبر والسلوان
حين عاد إلى المستشفى جلس مكانه من جديد أمام غرفة الرعايه ينتظر أن يطمئن علي الباقين من عائلته .. خرجت الممرضه ووقفت أمامه تقول
-مدام سالي عايزه حضرتك
لم ينتظر أن تكمل كلماتها ودلف سريعاً إليها .. ليجدها مغمضه العينين واضعه يديها فوق بطنها ودموعها تنحدر من عيونها دون توقف
فهمس بأسمها لتنفتح عيونها تنظر إليه بحزن وقالت
-كنت حامل .. أبني مات يا حاتم .. ثمره حبنا .. ونتيجة تحسن علاقتنا مات و راح
أقترب منها وجلس على السرير جوارها وقال
-قولي الحمدلله .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. لله ما أعطى ولله ما أخذ .. اللهم أأجرني في مصيبتي وأخلفني خيراً منها
رددت خلفه ودموعها لا تتوقف .. ليقول من جديد
-أحنا لسه مع بعض والحياة قدامنا ونجيب بدل العيل عشرة … المهم أنت يا سالي .. المهم أنتِ تبقي بخير .. المهم أنك معايا
ظلت تبكي بين ذراعيه وهي تومئ بنعم .. وبسبب حالتها لم يستطع أن يخبرها عن أديم وكاميليا .. وكذب عليها وقال إن الجميع بخير لكن كله في حالة صدمه .. و إللي متنيم بسبب الأدوية و إللي في غرفة الرعاية علشان العمليات إللي خضعوا ليها .. لتدعوا لهم جميعاً بالشفاء وغفت بين ذراعيه
وحين علمت بالخبر بعد فتره كانت هي الأخرى على موعد مع الأنهيار العصبي الذي ظلت نائمه بسبب مفعول الأدوية لعده ايام أخرى
كانت الذكريات تتولى على رأس حاتم دون توقف خاصه مما حدث مع كاميليا حين مر من أمام المبني التي كانت تسكن به .. والذي حدثت به الحادثه .. خاصه ما حدث بعد ذلك بعدة أيام لم يَقِل ألم عما سبقه وكأن هناك في قدر تلك العائلة مكان لجرح جديد .. أو مصيبه جديدة .. أو فضيحه جديدة
بعد أربع أيام من يوم الحادث .. وحين فاقت شاهيناز كانت في حالة هياج شديدة .. أستطاع الأطباء السيطرة عليها بشق الأنفس لكن ذكاء ودهاء شاهيناز هانم السلحدار كان حاضراً أيضاً حتى بعد أن فقدت عقلها بالكامل .. من أثر الصدمة .. فاقت بعد يوم كامل من نومها بالمهدئات بسبب هياجها الشديد .. علم الجميع أنها خرجت من المستشفى ولم يكن أحد يعلم إلى اين ذهبت وكاميرات المستشفى .. جعلتهم يرونها وهي تغادر غرفتها بحزر شديد ثم المستشفى .. والغريب في الأمر أنها أكملت طريقها على قدميها الحافيتان من حذائها الغالي الذي تركته في المستشفى …. لكن ولأن أكتشاف غيابها حدث بعد ساعات من حدوثه الأصلي .. كان من الصعب معرفة طريقها .. لكنه تم أبلاغ الشرطه بذلك ليتم البحث عنها .. وهل أصبح هناك فضيحه أكبر من فضيحة أغتصاب نرمين الصواف من أبن عمها .. وزوجها الذي صدم من هذا لأنه لم يكن يعلم كما أنتشر … وتوقع طلاقهم القريب .. إذا نجى رجل الأعمال الشاب من أصابته بطلق ناري على يد المغتصب
.. أسهم الشركات التي سقط أرضا .. الخسائر التي أصبحت بالملايين .. فهل هناك شيء أصعب من هذا .. فماذا سيحدث أذا أنتشر خبر هرب شاهيناز السلحدار حافية القدمين من المستشفى وهي في حالة انهيار تامه .. تصل حد الجنون
عاد من ذكرياته وهو يتنهد بهم .. أنهم حتى الان لم يستطيعوا الوصول إلى شاهيناز .. لقد فقدوا أثرها بالكامل والشرطة لم تستطع العثور عليها رغم أن هناك بعض الأخبار وصلت لهم أن أكثر من شخص شاهدها تشحث في الإشارات في أحدى الأماكن الراقيه .. ولكن حين يصلون إلى المكان لا يجدون لها أي أثر .. والذي أكد لهم الأمر أن هناك رقم غريب أرسل لهم فيديو لها .. بملابس متسخه وشعر مشعث .. تقف جوار أحد السيارت تحاول أخذ شيء ما من سائق السيارة والذي في نهايه الأمر ألقاه لها أرضاً لتسقط على ركبتيها تأخذه وبدأت في ألتهامه بشراهه.. وذلك ما يسبب حزناً حاداً لسالي وكذلك نرمين .. اااه نرمين جرح كبير لم يطيب بعد .. وسيظل هو الجرح النازف الأكبر رغم خساير الموت والفضائح فحالتها كانت صعبه لدرجة كبيرة .. أخذ نفس عميق وهو يتذكر يوم حضر الطبيب إليه يخبره أن فيصل قد عاد إليه وعيه ويطلب لقائه .. حمد الله على أنه أستعاد وعيه قبل نرمين .. حتى يعرف موقفه من كل ما حدث .. وقراره
دلف إلى الغرفة ليجده يجلس بشكل جيد ونظراته سارحه .. أقترب منه وجلس على الكرسي الموجود بجانب السرير وهو يقول
-حمدلله على سلامتك يا فيصل عامل إيه دلوقتي؟
نظر له فيصل ببعض التشتت وقال بحزن
-الحمدلله .. نرمين عامله أيه؟ وأديم .. والكل
أخفض حاتم رأسه أرضاً وذلك أقلق فيصل بشده وقال ببعض الخوف
-فيه أيه؟
-البقاء لله في أديم وكاميليا
ليشهق فيصل بصدمه وهو يقول بحزن
-لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون
ثم رفع عينيه إليه قائلاً بخوف
-نرمين
-إنهيار عصبي حاد والدكاترة منيمنها بالأدوية
أبعد الغطاء عن جسده وبدء في فك الأسلاك الموصوله بجسدة وهو يقول
-عايز أشوفها
أوقفه حاتم وهو يقول
-أهدى يا فيصل .. هنادي الدكتور وأسأله لو ينفع تقوم ولا لأ .. وبعدين في كلام مهم لازم نقوله قبل ما تشوف نرمين
-حاجة أيه؟
قالها فيصل بنفاذ صبر .. ليأخذ حاتم نفس عميق وأخرجه بهدوء عله يهدء من قلقه وتوتره .. وقال
-إللي حصل يوم الفرح صدمه للكل .. موت أديم وأنتحار كاميليا .. وأجهاض سالي وجنون شاهيناز هانم وهروبها من المستشفى ومش عارفين نلاقيها لحد دلوقتي .. كل ده في كوم وأعتراف طارق بأنه الندل إللي أذى نرمين كوم لوحده
كانت نظرات فيصل تزداد جحوظاً مع كل كلمه يقولها حاتم وتحولت لغضب مع آخرها .. لكنه قرب وجهه من وجه حاتم وقال
-هقتله بأيدي .. هخليه يندم على كل لحظة عاشها بعد ما فكر يعمل فيها كده
ليعتدل حاتم ونظر إليه بتفحص وهو يقول بتوضيح
-فيصل أنا عارف إنك راجل حقيقي وموقفك إللي عملته مع نرمين يشهد عليك .. لكن الموضوع كان في أطار العيلة ومحدش غريب كان يعرف بيه لكن دلوقتي العالم كله عرف بيه واتكتب في الصحافه .. وطارق اتقبض عليه .. وبقى
ليوقف فيصل سيل كلمات حاتم وقال بحسم
-نرمين مراتي .. شرفي وعرضي وإللي هيجيب سيرتها بحرف واحد هقتله بأيدي
– يا حاتم
ليسحب السلك العالق بسرعة وكذلك المغذي في يده .. وهو يقول
-أنا رايح أشوف مراتي
وقف حاتم لثواني يتابع سيره المتخبط وعلى وجهه أبتسامة سعادة .. لقد وجد من يحمل معه بعض من المسؤليه .. وذلك جعله يشعر بالراحه .. ليتحرك يساعدة ويسنده
أوصله حتى الغرفة ووقف عند الباب ينظر إليه وهو يتقدم منها حتى جلس بجانبها وأمسك بيدها ليتحرك حاتم حتى يبحث عن الطبيب ويخبره بما قام به فيصل ويطمئن عليه ويسأله إذا كان في أمكانهم أعادتها إلى وعيها
ذهب الطبيب معه ليطمئن على فيصل أولاً الذي كان يجلس صامتاً تماماً جوار نرمين لكن يده ظلت تضم يدها بقوه رافضاً أن يتركها وقبل أن يغادر الطبيب سأله فيصل بقلق
-هتفضل نايمه كتير؟
-المدام عندها حاله أنهيار عصبي حاد .. أحنى منيامنها علشان نهدي أعصابها علشان لما تفوق نقدر نكشف عليها ونحدد خطة العلاج . لكن من الأفضل أنكم تتكلموا مع دكتور نفسي عن الحاجة إللي حصلت معاها ووصلتها للي هي فيه ده .. علشان أول ما تفوق يبدء العلاج فوراً
شرح الطبيب الأمر بكل وضوح وتفصيل .. ليعود فيصل ينظر إلى وجه نرمين الشاحب .. وشكر حاتم الطبيب ليرحل وأقترب حاتم من فيصل وقال
-قرارك
-تعرف دكتور أو دكتورة نفسيه كويسين
ربت حاتم على كتفه بدعم وغادر وهو يقول
-أنا هتصرف
…………………..
بعد ثلاث شهور قرر حاتم عمل أجتماع طارق للجميع حتى يخبرهم بالوضع المالي الجديد للمؤسسه ويطلب منهم تنفيذ وصية أديم في أنهاء قضية ونس والجميع وافق على عمل توكيل له حتى يتنازل عن القضية … وطلب من المحامي عمل الازم
ثم قال
-بعد إللي حصل أسهم المؤسسة نزلت للأرض ودلوقتي إللي قدمنا إننا نبيع المؤسسه والقصر ونوزع الفلوس على الجميع .. وبكده كل واحد فينا يقدر يعمل مشروع لنفسه .. أو لو حابين نفتح شركه واحده مع بعض .. شوفوا إللي يريحكوا بس عرفوني قراركم في أسرع وقت علشان نلحق لأن كل لحظة بتمر علينا أحنا الخسرانين
ظل الصمت يخيم على الجميع لعدة دقائق .. حتى قالت سالي
-أنا معاك في أي قرار يا حاتم
ليبتسم لها وهو يمسك يدها يقبلها بحب
وقالت نرمين موجهه حديثها لفيصل
-رأيك أيه؟
ظل فيصل صامت يفكر في حال شركته الذي توقف تماماً منذ ما حدث ورحل معظم الموظفين .. فقال بهدوء
-أنا كمان هصفي شركتي وممكن يكون موقعها بدايه لينا نغير الأسم ونعمل أوراق جديدة لشركة جديدة ونشتغل فيها كلنا .
ليبتسم حاتم وهو يقول بتشجيع للجميع
-على بركه الله
ليقف كل من فيصل ونرمين التي قالت
-خليهم كمان يجهزوا توكيل عام علشان يسهلك البيع يا حاتم .. وبعد ما تخلص نقعد ونتفق على كل حاجة
أبتسم حاتم على الثقه التي منحتها له نرمين دون قيد أو شرط وأيدها بها فيصل دون حديث
وبالفعل خلال أيام كانت التوكيلات جاهزة .. وبدء حاتم في التحرك السريع
………………….
كان يجلس في مكتب الضابط ينتظر حضورها .. فبعد رحيل همام تم تحويل القضية لضابط أخر والمميز في الأمر أنه لا يختلف كثيراَ عن همام .. ضابط بدرجة إنسان ومتفهم لأقصى درجه … همام الذي لم يستطع تحمل الحياة بعد أنتحار كاميليا فقرر ترك وظيفته والعودة إلى بلده والمكوث هنا
أنتبه من أفكاره على صوت فتح الباب .. ودخول ونس منه .. بوجه شاحب .. نحلت بشكل كبير .. نظراتها الكسيرة ألمت قلبه .. رغم غضبه الذي لم ينتهي بعد إلا أنه أشفق عليها لذلك وقف سريعاً يدعمها في مشيتها وهو يقول
-عاملة إيه يا ونس؟
نظرت له وأبتسمت أبتسامة حزينه وقالت
-ميته رغم أني بتنفس
أجلسها على أحد الكرسي وجلس أمامها على الكرسي الأخر وهو يقول
-مينفعش إللي أنت عملاه في نفسك ده يا ونس .. الحياة مش بتقف على حد
نظرت له بألم ليكمل كلماته
-صحيح أديم يتحزن عليه العمر كله .. لكن الحياة لازم تستمر وعلشان كده أنا قدمت طلب تنازل عن القضية جنائياً ومدنياً .. وان شاء الله الطلب هيتقبل والإجرائات تخلص بسرعه
-أنا مش عايزاك تتنازل عن القضيه .. سيبني أخذ جزائي
قالت بألم وتوسل والدموع تجرى فوق وجنتيها .. ظل حاتم صامت ينظر إليها بنظره هادئه لا يتضح معنى لها ثم قال:
-أنا بنفذ وصية أديم يا ونس .. يوم فرح نرمين الصبح قالي أنه ناوي يتنازل عن القضية ويعلن للصحافه أنه تم التراضي والأعتذار وعلشان ميضيعش مستقبلك كبنت يعني .. وأظهار المستندات إللى تثبت عدم تورطه مع المافيا .. وتحليل Dna يثبت نسبه لعيلة الصواف وشاهيناز تكون أمه .. لكن طارق مسمحلوش يعمل إللي كان عايزه
صمت لثواني يتابع نظرات عيونها ودموعها التي تسيل فوق وجنتيها .. ثم قال بصدق
-وبعدين هنحاسبك ليه وأنت في الأول والأخر واحدة غريبة عن عيلة الصواف .. بعد إللي طارق عمله أنتِ طلعتي ملاك يا ونس و كفاية حب أديم ليكي ده لوحده يشفعلك
شهقت بصوت عالي وهي تقول
-وأنا بحبه بحبه أوي .. مش قادرة أتخيل حياتي من غيره .. مكنش يستحق يموت .. أنا أنا إللي كان لازم أموت .. هو يستحق يعيش ويفرح ويحب ويتحب .. يستاهل أنه يلاقي العوض عن كل إللي حصل له
وقف وظل ينظر إليها بشفقه .. وبداخله شخصان يتنازعان أحدهم متمسك بالصمت والآخر يريد أن يخبرها بما داخل قلبه
لكنه قال بأستفهام
-قررتي هتعملي أيه بعد ما تخرجي من هنا؟
هزت رأسها بلا .. ليقول هو بأقرار
-الشركة عندي محتاج فيها مدير علاقات عامه مميز ذو خبره .. بس بيشتغل بضمير
رفعت عيونها إليه ليقول هو بأبتسامة صغيرة
-مستنيكي
وتركها وغادر بعد أن وضع الكارت الخاص بشركته أمامها .. لتبتسم أبتسامة حزينه وهي تقول بصدق
-لسه حنانك بيحاوطني يا أديم .. وحشتني .. وأنا اسفه يا حبيبي .. أسفة
………………….
خرج من الغرفة وهو يبتسم .. ها هو كل شيء يتم كما يريد .. لذلك ألحت ذكرى المحكمه على عقله ليبتسم وهو يتذكر ما حدث
يجلس في قاعة المحكمه ينظر إليه بغضب .. ينتظر النطق بالحكم .. إن تلك الجلسه كانت دواء لبعض الجروح … كان يجلس بجانب سالي التي تحاوط كتف أختها والتي يمسك يدها من الجهه الأخرى فيصل .. جميعهم حاضرين حتى يروا القصاص في من تجبر وطغى
صرخ الحاجب تنبيها لدخول القاضي
-محكمه
ليقف الجميع أحتراماً وحين جلس القاضي في مكانه جلس الجميع ليقول القاضي مباشرة
” بعد سماع مرافعة النيابة . والدفاع وسماع الشهود وأعتراف المتهم .. حكمت المحكمه حضوريا على المتهم طارق حداد الصواف .. أولاً في قضية أغتصاب أبنة عمه والتي كانت في ذلك الوقت قاصراً .. وبأثبات أنه واقع أنثى بدون رضاها .. بالأشغال الشاقه لمده خمسة عشر سنه
ثانياً في قضية الشروع في قتل كل من سالي سراج الصواف وفيصل زيدان بالسجن عشر سنوات مع الشغل
ثالثاً قضية القتل العمد للمجنى عليه أديم سراج الصواف مع سبق الإصرار والترصد حكمت المحكمه بالإعدام شنقاً ..و قد رأت المحكمة تنفيذ لمبدأ توقيع العقوبة الأشد على المتهم عند تعدد الجرائم .. لذلك حكمت المحكمه بتحويل أوراق المتهم إلى فضيلة المفتي .. رفعت الجلسة”
لتنحدر دموع نرمين وهي تضحك بهستيريا ثم سقطت مغشي عليها .. لكن طارق كان يصرخ بصوت عالي
-خرجوني أنا مكاني مش هنا .. أنا إللي لازم أكون كبير أمبراطوريه الصواف .. أنا مكاني برة على كرسي مجلس الإدارة .. أنا قتلت أديم علشان أنا أبقى مكانه .. ده مش مكاني .. خرجوني خرجوني
كان فيصل قد حمل نرمين وخرج من القاعة ولحقت به سالي .. لكن حاتم ظل واقف في مكانه يشاهد كل ما يقوم به طارق ويستمع إلى حديثه الذي كان ينزل على قلبه برداً وسلاماً .. الأن أخذت الحقوق … وتم دفع الثمن
…………………….
بعد مرور أكثر من عامين .. كانت نرمين تنزل درجات سلم عمارة الطبيبه وهي تقول ببعض الخجل
-مزهقتش بقا يا فيصل أحنا بقالنا سنين .. أنا بتعالج وأنت صابر عليا .. بالأسم بس مراتك
ليقف أمامها وقال
–عمري كله فداكي يا نيمو .. أيامي وسنيني من غيرك ميسوش حاجة .. وبعدين كفاية وجودك في حياتي .. أنا بحبك .. وأنتِ بتحبيني يبقى أيه إللي فاضل بقى .. العلاقة الجسديه هتحصل بس لما أنتِ تبقي جاهزة ومستعده وحابه وراضيه .. وإلا مش عايزها .. كفايه أني بصحى كل يوم الصبح على عيونك الحلوين دول
أقتربت منه خطوه و أمسكت يده وهي تقول
-خلينا نجرب يا فيصل .. أقتحم حصوني .. حطم خوفي .. علمني الصح .. صحح مفاهيمي .. خليني أشوف جمالها بين أيديك
ليبتسم بسعادة وضمها إلى صدره بحب
وقال بصدق
-أنا بحبك أوي .. بحبك …. بحبببببببك
لتضحك بسعادة رغم الخوف بداخلها لكنها لن تتراجع ستحارب أشباحها من أجله .. وستصل معه لبر السعادة والأمان
………………
تجلس في مكتبها تقوم بعملها .. اليوم تكمل عامها الثاني هنا .. منذ خروجها من السجن وهي لا تقوم إلا بالعمل في شركة حاتم وتذهب لزيارة قبر أديم وأخراج صدقات من أجله .. والنوم .. هذه هي حياتها بلا أي تجديد أو خلل
حتى أنها أصبحت تخبئ خصلات شعرها تحت حجاب صغير .. لا يوصف بالحجاب بالشكل الطبيعي لكن لأنه كان يعشق خصلاتها الغجريه أصبحت تلمها دائماً وتخبئها عن العيون .. رفعت عيونها عما كانت تفعله حين وصلها صوت مميز لتنظر للواقف أمامها شاب طويل أسمر البشرة بشكل مميزه وكأنه كان يعمل تحت أشعه الشمس لفترات طويله حليق اللحيه لكن له شارب مميز وخصلات شعره قصيرة بشكل واضح يقول
-الأنسه ونس .. أنا المهندس إسلام علي الدين علام
ظلت تنظر إليه وعيونها تلتمع بها الدموع .. وضربات قلبها داخل صدرها تشبه طبول الحرب .. التي توشك على الإندلاع .. وتنذر الجميع أن هناك خسائر كثيرة .. لكن أبتسامته جعلتها تقول بصوت مرتعش
-أهلا بحضرتك … أتفضل
وأشارت على الكرسي الموجود بجانب المكتب ليجلس بشموخ هو في طبعه منذ كان صغير .. وقال بهدوء
-الباشمهندس حاتم طلب مني أتواصل معاكي علشان نتفق على شكل الإعلانات إللي ٠هتم بخصوص المشروع الخاص بشركتي ADWA للمعمار والهندسة
أرتعشت يدها وسقط القلم من يدها وهي تهمس
-أديم
ليبتسم أبتسامته الجانبيه الجذابه وقال بحب
-وحشتيني يا ونس
لتنحدر دموعها وأرتعشت شفتيها وهي تلتهم كل أنش فيه وجهه وجسده بشوق وألم وقالت بصوت ضعيف
-طيب ليه؟ كنت فين؟ أنت…
لم يدعها تكمل أسئلتها وقال بهدوء بعد أن وضع ورقه صغيره أمامها
-هستناكي في العنوان ده وهناك هشرحلك كل حاجة
ووقف حتى يغادر لتهمس بأسمه بلوعه
-أديم
ألتفت ينظر إليها بأبتسامة حانيه .. لتقول بشك
-أنت حقيقي؟!
ليعود إليها ووقف أمامها مباشرة ينزع عن رأسها ذلك المنديل الذي يحجب خصلاتها عن عينيه وقال وهو يرفعه أمام عيونها
-هتخديه مني لما تيجي .. يمكن كده تصدقي أني حقيقي
وأهداها أجمل أبتسامة ممكن أن تراها في العالم .. وغادر .. لتلملم أغراضها وغادرت خلفه لكن حاتم كان في إنتظارها وهو يقول
-أصبري شويه علشان متثريش الشكوك حوليه
نظرت له بغضب ليقول موضحاً
-هو هيفهمك كل حاجة ولازم تعرفي أني أتعذبت زيك لشهور لحد ما أكتشفت كل حاجة
تنهد ببعض الراحه وأكمل قائلاً
-المهم أنه بخير
أومأت بنعم والدموع تنحدر من عيونها لكن ترافقها أبتسامه رقيقه تملئها السعادة .. نظر حاتم في ساعته وقال
-تقدري تخرجي
دون كلمه تحركت سريعاً يسبقها قلبها
لتقترب نرمين منه والتي أصرت على حضور هذا الموقف وقالت
-لميت الشمل؟
لينظر إليها بنصف عين وقال بشك
-هو أنتِ بتغيري على أديم؟
نظرت له بفم ملوي وعيون مقلوبه وغادرت .. ليقول بمرح
-هقول لفيصل على فكره
رفعت له يدها تشير بالسلام دون أن تنظر إليه .. ليبتسم بسعادة وأخذ نفس عميق فلقد عادت الحياة إلى طبيعتها من جديد ولولا الخسائر التي حدثت .. لكانت السعادة أكبر
………………
في فيلا مميزة في إحدى الشوارع الراقيه .. يزينها لوحه كُتب عليها بوضوح(( إسلام علي الدين علام)) وقفت أمامها تبتسم .. أنها أحبت أسم أديم .. وذابت في عشق إسم إسلام
دفعت الباب الخارجي الذي كان مفتوح بالفعل ودلفت إلى الداخل لتجد حديقه متوسطة مميزة بزهور خلابه ورائحتها ربتت على قلبها بحنان .. وفي أحد الأركان أرجوحه كبيرة .. وبالجهه الأخرى حديقة أطفال بألعابهم المميزة … قطبت جبينها بحيرة وقلق .. والسؤال يضرب عقلها بلا رحمه .. جعل روحها تتألم .. هل تزوج أديم وأصبح لديه أطفال أيضاً؟ .. لتغمض عيونها وهي تحاول أبتلاع تلك الغصه .. لكنها قالت لنفسها بأقرار .. حقه بعد إللي أنتِ عملتيه.
سارت الباقي من الخطوات حتى الباب الداخلي للفيلا ..بأقدام من هلام وقلب كسير .. رغم سعادتها بعودته التي لن يضاهيها شيء في هذا الكون
وقبل أن تطرق الباب فُتح أمامها .. وطل أديم بجسده الضخم الذي أكتسب بعض الوزن والعضلات أيضاً .. ينظر إليها بشوق .. لتعود إبتسامتها تزين وجهها من جديد
أشار لها بالدخول .. خطت إلى الداخل خطوتان فقط .. أغلق هو الباب ولم يعد يتحمل ليجذبها بقوه يضمها بين ذراعيه .. يزرعها بين ضلوعه .. يستنشق عطرها المميز الذي رافقه لأيام وأيام بين أحلامه ويقظته .. وكانت تلك اللحظة هي الأمل الوحيد الذي يجعله يتحمل كل ما حدث له
ظلت بين ذراعيه لا تريد أن تغادر ولتذهب كل أفكارها وأسئلتها إلى الجحيم إنها بين ذراعيه يضمها بشوق وحب .. لقد عاد إليها أديم .. ولا يهم أن أصبح إسلام .. يكفي أنه هو .. جسده، وجهه، .. عطره، نظرات عينيه، .. أنفاسة، وحبه .. حتى لو تزوج يكفي أنه حي .. يتنفس .. تستطيع أن تراه أن تلمسه .. أن تشعر به
ظلوا هكذا عدة دقائق لم يحسبها أي منهم .. ولم تفرق معهم يكفي انه وأخيراً وبعد أكثر من عامين يراها بعينه يضمها إلى صدره يستنشق عبيرها .. يلامس خصلاتها الغجرية التي لم تفارق خياله لحظة
أبتعد عنها ينظر إلى عيونها وقال بصدق
-وحشتيني .. وحشتيني أوي يا ونس .. وحشتيني يا حبيبتي
-وأنت كمان وحشتني ووجعتني وعاقبتني
قالت كلماتها بلوعه ودموع .. ليضع يده فوق فمها يسكت سيل كلماتها وقال
-هحكيلك كل حاجة .. وبعدها نتحاسب .. ونشوف هنعاقب بعض أزاي
أمسك يدها وسار بها إلي أحد أركان المنزل وأجلسها على كرسي ثنائي حين يجلسون عليه يجعل كل شخص منهم مواجه للأخر .. يصبح بسبب مكان جلوسة ينظر إلى الأخر رغماً عنه
-أنا جبت الكرسي ده مخصوص علشان يبقى هو الركن الخاص بينا وقت ما تحبي تلوميني تتكلمي معايا .. تتخانقي معايا تعملي معايا إللي أنتِ عايزاه
أومات بنعم وهي تنظر إلى الكرسي بأبتسامة صغيرة .. لكنها أسعدته .. وبدء في سرد كل ما حدث
-شوفي يا حبيبتي .. اليوم إللي حصل فيه الحادثه يوم فرح نرمين .. طارق فجر قنابل كرهه ليا إللي كنت عارفه لكن مكنتش متخيله وأنها توصل للقتل حاجه كانت فوق الخيال .. كمان صدمتي في أن هو إللي خان الثقه والأمانة وأغتصب نرمين .. أختي وبنت عمه أنتِ متخيله قادرة تتصوري كل ده
صمت لثواني وكانت هي تنظر إليه بشفقه ليكمل كلماته
-ضيفي على ده صدمتي أني أبن حرام .. أمي الحقيقة معرفهاش .. وكل إللي أعرفه عنها أنها كانت من حضن راجل للتاني .. وأنها بالنسبه لأبويا مكنتش أكثر من نزوه زيها زي غيرها حتى مفرقش معاه أنه يكرمها علشان خاطري .. وقبل ده كله صدمتي فيكي
لتخفض عيونها أرضا بخجل وحزن وحرج .. ليكمل كلماته
-أنا فعلاً قلبي وقف في العمليات والدكاتره كانوا فعلاَ أستسلموا لفكرة موتي لكن بعد خروجك أنتِ وحاتم من الأوضة حصلت المعجزة .. أن قلبي رجع يدق .. وصدمه الدكاتره خليتهم ميتكلموش ولا يعرفوا أهلي أي حاجة لحد ما يتأكدوا من حالتي علشان ميرجعوش ليكم الأمل وبعدين أموت تاني والوجع يبقى وجعين
-بعد الشر عليك
قالت سريعاً وبلهفه.. ليبتسم بسعادة وأكمل كلماتها بعد أن ربت على يدها المستريحه فوق يد الكرسي .. وأكمل قائلاً
-نقلوني لغرفة رعاية غير اإللي أتنقل ليها فيصل وسالي .. علشان أبقى بعيد عن عيونكم لحد ما يزول الخطر أو يطمنوا أن فيه أمل بنسبه كويسه .. لكن المشكله أن همام كان عايز ينهي الموضوع بسرعه عشان حاتم يفوق للي وراه .. مراته وفيصل ونرمين .. حتى شاهيناز هانم .. وعلشان كده الدكتور كان مطر يعرفه .. لكن إللي حصل شيء ورى الخيال .. قلبي وقف .. للمره التانية والدكاترة حاولوا ينعشوه بكل الطرق .. وقبل ما يفقدوا الأمل صرخ فيهم واحد وقال ” زود شحنه الكهربا طلاما هو كده كده ميت زود شحنه الكهربا وفعلاً زودوها ورجع قلبي يدق من تاني .. ولما أستقرت الحاله خرجوا كلهم إلا الدكتور إللي كان مسؤل عن حالتي ساعتها فتحت عيني .. والدكتور حكالي كل إللي حصل .. والقرار طلع في ساعتها .. أنا هفضل ميت في حسابات الجميع .. وساعدني بقى في كل ده همام ومن غير ما يقصد أو يعرف .. لأن كان لازم يحصل تشريح للجثه لكن هو طلب منهم الرئفه بحالي
صمت لثواني ينظر إلى ملامحها المصدومه وفمها المفتوح وعيونها الجاحظه وأبتسم أبتسامه صغيرة وهو يكمل كلماته
-وفعلاً إللى حصل أنه تم فصلي عن الأجهزة ودخلوني ثلاجة الموتي .. وحصل فحص شامل للجسد والجروح وأطلعوا على تقرير المستشفى وسبب الوفاة ووافقوا على الدفن .. وكأن القدر كان كاتب ليا أن أديم الصواف فعلاً يموت .. ويولد من جديد شخص أتوفى بالفعل أسمه إسلام علي الدين علام .. شاب أتوفي قبل الحادثه بتاعتنا بيوم .. وللأسف وحيد وملوش أي حد في البلد وملقوش حد يستلم الجثه ولا حد يدفع حساب المستشفى .. ووقتها الدكتور أدخل وسلم همام جثه إسلام .. والأوراق أختفت .. خصوصاً بعد ما الدكتور أخد كل الفلوس إللي كانت معايا .. وإللي كانت مبلغ مش قليل
صمت قليلاً يأخذ نفس عميق عده مرات ثم قال
-فضلت في المستشفى تقريباً ثلاث شهور وبعدها كنت محتاج فلوس ووقتها أتصلت بحاتم
ظهر الإهتمام على ملامحها من جديد .. وقالت
-أنت عارف أنت عملت كام جريمة وأنت في المستشفى؟
-عارف .. بس قدام أن طارق ياخد أعدام .. ونرمين تشوفه وهو بيتحاكم وبيدفع ثمن كل إللي عمله وترجع لحياتها الطبيعيه .. كنت مستعد أقتله بـأيدي
صمتت تطلع في ملامحه بتعابير غير واضحه ليتجاهل هو كل ذلك وأكمل قائلاً
-حاتم دفع فلوس المستشفى وخرجت منها وأكتشفت كل إللي حصل .. عرفت أن طارق أتحكم عليه بالإعدام وإن التنفيذ تم من شهر .. وإن نرمين في حالة صدمه من وقت أكتشاف الحقيقة وأنها بتتعالج نفسياً وأحتمالية دخوله المصحه وارده .. لكن إللي طمني وقوف فيصل جمبها وتمسكه بيها .. واهو دلوقتي بقوا زي الفل .. وأتصدمت لما عرفت إللي حصل لشاهيناز وإللي حكهولي حاتم عنها وجعلي قلبي .. لكن من جوايا ورغم غضبي منها إلا أني مقدرش غير إني أشفق عليها .. أتصدمت طبعاً لما عرفت أن سالي أجهضت لكن كمان كنت مطمن عليها مع حاتم وعارف كويس جداً أنه هيصونها ويحافظ عليها .. وأنه هيقدر يظبط حياتهم .. لكن الصدمه إللي بجد كان أنتحار كاميليا .. مش قادر أقولك أتوجعت عليها قد أيه … وحاسس أن ذنبها مش في رقبة طارق بس .. لا ده في رقبتي أنا كمان .. الشخص الوحيد إللي كنت مشغول بيه هو أنتِ يا ونس .. طلبت من حاتم يعمل توكيل من أخواتي ويقدم طلب تنازل عن الحق الجنائي والمدني في القضية ويخرجك ويشوفلك شغل .. علشان تبقى جمبه ومعاه .. ومبقاش خايف عليكي
صمت لثواني .. ثم أخذ نفس عميق وأكمل أخر تفاصيل قصته قائلاً
-وبأوراق إسلام سافرت كان ليا صديق في أحد الدول العربية وأشتغلت معاه .. ولما جمعت شويه فلوس .. رجعت .. ووقتها كان حاتم أتأكد أن همام إللي من صدمته على كاميليا مقدرش يكمل شغل في البوليس قدم أستقالته وسافر .. راح هو وسالي بيت فيصل وقدام نرمين حكلهم كل حاجة .. وأني لسه عايش والخبر ده كان أول بشاير بدايه علاج نرمين وتحسُنها وأتكلمنا فيديو .. ولما رجعت .. أجتمعنا كذا مره لكن بطريقه متثيرش إنتباه حد .. علشان الصفحات القديمه إللي أنطوت مترجعش تتفتح تاني .
صمت ينتظر رأيها في كل ما قاله .. لكنها صدمته حين قالت
-أنت أتجوزت وخلفت؟!
ليقطب جبينه بعدم أستيعاب لعده ثواني ثم ضحك بصوت عالي .. لتكمل قائلة
-أصل بره في الجنينه في ركن أطفال و..
-أنا عملته علشان حياة بنت سالي .. وفي الأساس علشان ولادنا .. أنا وأنتِ .. أنتِ ناسيه إنك لازم تتعاقبي عن إللي عملتيه فيا وتتجوزيني
لتضحك بخجل لكنها قالت بمشاغبه
-طيب وأنت هتتعاقب إزاي على اللي عملته فيا كل السنين إللي فاتت دي؟
-هتجوزك .. هو فيه عقاب أكثر من كده
لتضحك بصوت عالي وشاركها هو الأخر الضحك
لكنه صمت وظل ينظر إليها بحب وقال بصدق
-بحبك يا ونس .. بحبك أوي
-وأنا كمان بحبك يا أديم .. أقصد بحبك يا إسلام
*لحظة قبل ما نقول تمت .. عارفه أنكم زعلتوا على إللي حصل لأديم ورغم أن القصه دي النهاية إللي كنت مفكره فيها من أول لحظه من قبل حتى ما أكتب القصتين الأولى قدر والثانيه حلم .. لكن أنا نفسي تعبت نفسياً وأنا بكتب كل إللي فات ده وعلشان كده حبيت أعوضكم .. والمشهد الأخير ده هديه صلح .. يارب تكون الروايه عجبتكم
تمت بحمدالله

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ونس)

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!