روايات

رواية نقطة فارقة الفصل الأول 1 بقلم سلوى ابراهيم

رواية نقطة فارقة الفصل الأول 1 بقلم سلوى ابراهيم

رواية نقطة فارقة الجزء الأول

رواية نقطة فارقة البارت الأول

رواية نقطة فارقة
رواية نقطة فارقة

رواية نقطة فارقة الحلقة الأولى

-والطالبة اللي ورا، خدي حاجتك واطلعي برة.

فضلت أشخبط في الكشكول بدون ما أرفع عيني أو أرد عليه، فكمل بزعيق:

-لو ماطلعتيش برة هعملك مشاكل، أنا لحد دلوقتي مُتحكم في أعصابي.

مسحت دمعة نزلت على خدي بسرعة بإيد والإيد التانية ما زالت مستمرة في الشخبطة لحد ما الورق اتقطع، رجلي بتتهز بعنف وكإني داخلة امتحان ثانوية عامة! سمعت صوته للمرة التالتة وهو بيقرب من البنشات بالمايك:

-قوليلها تشيل حاجتها وتخرج برة محاضرتي، لو ماخرجتش في خلال عشر ثواني هعملها مشكلة.

البنت اللي جنبي حطت إيديها على كتفي عشان تقولي أخرج، فميّلت كتفي وسحبت شنطتي وقمت عشان أخرج، قلبي مخضوض، عقلي مليان كلام كتير مش قادرة أفهمه وأعصابي باظت ومابقتش قادرة تستحمل، وقفني صوته وأنا على باب المدرج:

-ماتحضريش ليا أي محاضرة تاني بعد كده، واحمدى ربنا إني زعقت بس.

كانت عيني للأرض، بعد ما خلص كلامه مشيت من غير ما أرد رد واحد على كل حاجة قالها، قعدت على استراحة من استراحات الجامعة وبدأت أعيط، أخرج حزني وأبين ضعفي اللي ظهر للبعض تكبر أو عدم مبالاة!

-ليلى! بتعيطي ليه؟ وليه سايبة محاضرة دكتور عبد المنعم وقاعدة هنا؟!

مسحت دموعي بكُم البلوزة بسرعة، بصيت في اتجاه تاني وحاولت أرد بثبات وقلت:

-جيت متأخر يا دكتور.

-وبتعيطي ليه؟

رجفة إيدي ظهرت فسندت على الاستراحة عشان ماياخدش باله، لكن ماقدرتش أسيطر على هزة رجلي اللي في كل موقف مشابه بتكون دليل على عدم ثباتي، قرب مني أكتر وكمل:

-في حاجة حصلت جوة المحاضرة؟

هزيت دماغي بآه ورجعت أعيط من تاني وكإني طفل صغير، رديت بصوت مهزوز يغلبه الضعف:

-دكتور عبد المنعم طردني من المحاضرة..

قاطعني قبل ما أكمل بصدمة وهو بيشاور بإيديه كسؤال:

-ازاي؟ ده إنتِ من أكتر الطلبة المتفوقين في الكلية، وأنا أشهد بده.

-عشان..

قاطعني صوت شهقاتي، فمدلي إيده بمنديل وقال:

-طب اهدي يا ليلى، ممكن تفهميني إيه اللي حصل؟

مسكت المنديل من إيده الممدودة تجاهي، مسحت دموعي واتنفست بعمق تلات مرات عشان أهدى ورديت:

-كان في بنات جنبي بيتكلموا وهو طردهم، وكان فاكرني بتكلم معاهم فقالي أخرج برة، بس أنا ماخرجتش عشان ماتكلمتش وماردتش عليه عشان كنت خايفة ومتوترة وحضرتك عارف إني بتكسف، بس هو زعقلي أكتر من مرة وقالي ماتحضريش ليا أي محاضرة تاني بعد كده.

بلعت ريقي بصعوبة من مرارته وكملت:

-حضرتك الوحيد اللي تعرف إني متفوقة وتعرف إني بتكسف، محدش من الدكاترة يعرفني أصلًا، ولو ماكنتش أعز أصدقاء بابا ماكنتش هتعرف زيهم.

ملامح وشه كانت توحي بالدهشة، الخضة والانفعال الشديد، شاور لطالب على بعد مترين مننا ورد عليا:

-طب اقعدي دلوقتي.

خلص جملته وكان الولد جه فقاله يجيب إزازة مياه واداله الفلوس بعد محايلة إنه مايدفعش من معاه، قعدت مكاني وأنا بفرك في صوابع إيدي وكإني في قفص المتهمين!

-اشربي مياه يا ليلى وتعالي معايا عشان أكلم دكتور عبد المنعم.

مسكت الإزازة من إيديه وشربت، قفلتها ورديت:

-أنا مش هدخل مع حضرتك، ومش حابة إن حضرتك تكلمه..

-لازم يفهم، وبعدين إنتِ لازم تتغيري يا ليلى..

ضرب كفوف إيديه في بعض وزفر بغُلب وكمل:

-يعني إنتِ مش صغيرة، ولا هو صغير عشان يتصرف معاكي كده، حتى لو اتكلمتي يعني!

-أنا آسفة لحضرتك، بس مش هعرف أروح معاك ولا هعرف أتكلم..

مسكت شنطتي وأنا بضغط عليها وكملت:

-أنا هروح دلوقتي.

بصيتله بنظرة أسف ورجاء، رجعت كام خطوة لورا وقلت:

-أنا آسفة.

مشيت من قصاده وأنا بأنب نفسي وبعتذرلها عن كل مرة خليتها تعاني بسبب ضعفي وخوفي من الناس، وقفت قصاد العربيات واستنيت العربية عددها يكمل عشان أركب اللي بعدها، شكلها يخض وكل اللي فيها لازقين في بعض عشان ضيقة!

-تعالي واحد يا آنسة.

رديت عليه وأنا ببص لباقي العربيات:

-لا هستنى اللي بعدها.

علّى صوته وهو بيشاور بإيديه:

-ما تبطلي دلع يا آنسة ويلا خلينا نمشي..

بص للسواقين اللي وراه وكمل:

-يلا يا آنسة خلينا نخلص.

غرزت ضوافري في كف إيدي وأنا بضغط عليها من التوتر، بلعت ريقي بمرارة واتقدمت بخطواتي تجاه العربية، بصيت للكرسي الفاضي لقيته مكسور وفي شاب قاعد وراه، قعدت ومسكت بإيدي في الباب عشان ماسندش على اللي ورايا ويضايق.

-خدي راحتك أنا مش مضايق ولا حاجة.

طلعت لقدام أكتر وضغطي على الباب زاد خوفًا من إني أسند على الكرسي فالشاب يضايق، وماردتش عليه رغم إنه اتكلم باحترام.

وصلت البيت ودخلت أوضتي وقفلتها بالمفتاح، قفلت الشباك بعنف ورميت الشنطة على الأرض، زقيتها برجلي بعيد وبدأت أخرج غضبي في إني أكسر أو أرمي كل حاجة حواليا، المخدات، الكتب وحتى الموبايل! بعد ربع ساعة من الخناق مع نفسي قعدت على الأرض وبدأت أعيط بضعف..

-أنا بكرهك، إنتِ أكتر إنسانة ضعيفة في الدنيا..

رميت المخدة باتجاه الشباك المقفول وكملت:

-ياريتك ماكنتي أنا، وياريتني كنت حد تاني غيرك.

مسحت على وشي بعنف وأنا بضغط على كل جزء فيه وزعقت بصوت عالي:

-أنا بكرهك، بكرهك يا ليلى بكرهك.

-الطالبة ليلى خالد..

رفعت عيني ليه من غير ما أرد، فكمل:

-دكتور عبد المنعم عايزك.

بصيت حواليا لما صوتهم عِلي، همهماتهم زادت وحتى ضحكهم زاد! ومع كل ضحكة كان غضبي بيزيد أكتر، مش دكتور لسه متعين جديد هو اللي هيخليني بالمنظر ده قدامهم، من كام شهر كان لسه معيد ومن كام سنة كان لسه طالب زينا كلنا، وقفت ومشيت وراه عشان يوصلني ليه، خبط على الباب تلات خبطات ودخلت، وقفت قدامه وبجرأة أول مرة ألمسها في شخصيتي قلت:

-حضرتك طلبتني؟

شاورلي على الكرسي ورد:

-اقعدي يا ليلى.

-عندي محاضرة بعد شوية، فلو حضرتك محتاجني في حاجة مهمة ممكن تقولها بدون مقدمات عشان مش حابة حاجة تفوتني.

ابتسم ورفع حاجبه ولف وشه لليمين، بصلي كام ثانية ورد:

-دكتور مُراد فهمني اللي حصل وقالي إنك بتتكسـ..

قاطعته قبل ما يكمل:

-لو حضرتك دكتور شاطر بالفعل كنت هتعرف مين الطالب المتفوق ومين لا، وكنت هتاخد بالك كويس مين اللي ممكن يتكلم أثناء المحاضرة ومين اللي هيلتفت للشرح وبس..

خبط بإيديه على المكتب وقام وقف وهو بيزعق:

-دكتور شاطر؟ واضح إنك بتتكسفي وجبانة فعلًا، إيشمعنى قوتك دي ماظهرتش وقت ال..

قربت أكتر من مكتبه وأنا أعصابي مهزوزة وقلبي هيخرج من مكانه، لكني ضغط بصوابع إيدي على كفي عشان مايبانش عليا وثبت عيني في عينيه عشان هو اللي يتوتر ورديت:

-أنا مابخافش بس ماكنتش حابة أحرج الدكتور قدام الطلبة، لكن الدكتور هو اللي ظهر ضعفه لما أحرج طالبة قدام دفعتها كلها وبدون وجه حق..

كملت وأنا برجع لورا وقلت:

-وبعد كده مش هحضرلك أي محاضرة زي ما قلت، بس صدقني أنا مش هتنازل عن حقي ولو تعمدت إنك تلعب في درجاتي أنا أكيد مش هسكت، وهعرف أتعامل وأرجع حقي تاني.

قفلت الباب ومشيت من قدام مكتبه، وقفت في مكان مايشوفنيش فيه وخرجت نفس عميق وابتسمت، ضربت على قلبي بقبضة إيدي وقلت:

-خليكي شجاعة، واجهي خوفك وماتخليش حد يستغلك أو يشوفك ضعيفة.

دخلت المدرج وأنا رافعة راسي لفوق، خطواتي ثابتة رغم إني من جوايا مهزوزة، لكن قررت إني مش هبقى ضعيفة بعد كده وقراري هيمشي عليا حتى لو اللي جوايا عكس كده، قعدت في تالت بنش وطلعت الكشكول عشان أسجل المحاضرة، بعد كام دقيقة كان دكتور عبد المنعم دخل، بصلي وابتسم إني هحضر، بس أنا قمت من مكاني وخرجت من المدرج وسط ذهول كل الطلبة من اللي عملته، كنت بصاله وأنا بتحرك عشان أخرج ومع كل خطوة كنت بلاحظ إن توتره بيزيد وثقتي في نفسي بتزيد، ابتسمت وأنا واقفة على الباب وعيوني ما زالت عليه والطلبة ملهمش أي صوت لدرجة تحسسك إنك في صحرا!

وقفت قدام الكلية وأنا ببتسم، بضحك بصوت عالي وكإني سمعت نكتة من ثواني بس، وشي مبسوط وقلبي بيدق، عقلي مش مستوعب لكن ده مش وقته! وقفت قدام العربيات واستنيت عربية شكلها يريحني تبدأ تحمل، سواق من اللي بيحملوا نده عليا أركب فرفضت عشان الكراسي ضيقة ومش هكون مرتاحة، كان هيزعق فالسواق اللي زعقلي امبارح لاحظ وجودي، ابتسم وقال:

-إنت تاني يا آنسة! ما تركبي بطلي دلع.

وقفت بعيد عنه ورديت بثبات زائف لكن هو أكيد هيبقى أول نقطة تحول ليا، قلت وعيوني على العربية:

-العربية اللي ماتعجبنيش مش هركبها، ولو اتكلمت معايا بالأسلوب ده تاني مش هسكتلك.

قرب مني فصاحبه مسكه ورجعه لورا، لفيت ضهري ووقفت أبص للطريق وأنا مرعوبة، يمكن يإذيني! مش مهم، المهم إن محدش يستغلني أو يلمس نقطة ضعف واحدة فيا.

-أنا مش هخليكي تركبي أي مواصلة تانية.

ريقي نشف من الخضة ووشي قلب ألوان، لكن مالفتش تجاهه ولا بينتله أي ردة فعل ليا، بعد دقيقتين العربية اللي بعدها بدإت تحمل، اتجهت ليها وركبت ومحدش منهم قدر يقولي انزلي، إلا هو كان كل شوية يتخانق مع حد منهم عشان ينزلني!

وصلت البيت ودخلت أوضتي وقفلتها بالمفتاح، رميت شنطتي على الأرض والمرة دي كنت بتحرك بعشوائية من فرحتي، أنا دلوقتي قوية! حتى لو ظاهريًا بس، لكني أقوى حد في الدنيا في اللحظات دي، رميت نفسي على السرير وبدأت أضحك بصوت عالي مع كل موقف أفتكره منهم، موبايلي رن برقم دكتور مُراد، مسكته بخضة واستنيت أنفاسي تنتظم من أثر الضحك وبعدها رديت:

-ليلى دكتور عبد المنعم عملك مشكلة، بكرة لازم تيجي الكلية بدري عشان نتصرف..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية نقطة فارقة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى