روايات

رواية مهرة الفصل الأول 1 بقلم رحاب قابيل

رواية مهرة الفصل الأول 1 بقلم رحاب قابيل

رواية مهرة البارت الأول

رواية مهرة الجزء الأول

رواية مهرة
رواية مهرة

رواية مهرة الحلقة الأولى

أغلقت هاتفها بهدوء بعدما أجابت للمرة العشر على مكالمة والدها العزيز، فتلك هي المرة الأولى التي تبتعد عن والديها أو بالمعنى الأدق التي يسمح لها والدها فيها بالسفر دونهما
تذكرت الحوار الذي دار بينها وبين والديها عندما حاولت إقناعهما بالعمل الذي آتاها بعدما بحثت كثيرًا وسألت أصدقائها عن عمل في أقرب وقت بعد الأزمة المالية التي مر بها والدها، وقتها حدثتها صديقتها عن عائلة ثرية تحتاج إلى معلمة خاصة لأبنائهم تكون متفرغة تمامًا لهما وذلك هو شرطهما الوحيد ولها من الأجر ما تشاء.
فرحت كثيرًا بذلك الخبر لكن، كان هناك مشكلة الإقناع وذلك تم بعد محاثة دارت أكثر من ساعتين أو أكثر بقليل، وافق والدها وقتها على عملها وذلك بعدما ذهب بنفسه وتحدث مع كبير عائلة المنزل وتأكد بنفسه من المكان الذي ستحيا به ابنته خلال عملها
وصلت إلى وجهتها بعد غروب الشمس تقريبًا، ظلت تراقب الطريق ناظرة هنا وهناك علها تجد ضلتها لكن دون جدوى، تأففت في صمت ثم أخرجت هاتفها الجوال تهاتف صديقتها التي ردت بعد المرة الثالثة تقريبًا: مش بتردي ليه يا أستاذة؟
أجابت صديقتها عبر الأثير: ايه يا بنتي في ايه؟ كنت بعمل الأكل
لم تستطع كبح لجام غضبها لذا ردت بعصبية: أنا بقالي ربع ساعة واقفة في المحطة ماحدش عبرني، ما لو ماكنوش عايزين مدرسة بيطلبوها ليه؟
سهر: ايه ده؟ ماحدش جيه إزاي يعني، ده ايه التهريج ده؟ استني كده أنا هشوف الحوار ده
مُهرة: تمام
أغلقت المكالمة مع صديقتها وهي تسب وتلعن عدماء المسئولية الذين جروها من منزلها إلى الصعيد دون الإهتمام حتى بميعاد وصولها، لكنها تفاجئت بصوت رجولي بارد كالثلج: على فكرة مش من الذوق برضه أنك تشتمي حد في ضهره ماتعلمتيش أن كده حرام ولا ايه؟
نظرت خلفها بتعجب مما قاله لها ذلك الشاب الغريب لكنها لم تستطع الرد أما عنه فضحك على تعجبها مُشيرًا لها بأن تستمر في حديثها، وأخيرًا استطاعت الرد قائلة: وحضرتك بقى ماتعلمتش أن التنصت على الغير حرام برضه ولا ايه؟
رفع سبابته قائلًا: عندك، ماسمحلكيش أنا ماتصنتش أنا كنت جاي أقولك أن العربية وصلت بس لاقيتك بتشتمي
تلجلجت في حديثها: هو حضرتك..
اقترب منها ينحني بجسده قليلًا وهو مثبتًا نظره بنظرها قائلًا: أيوة هو حضرتي
سكتت قليلًا ثم قالت: متأسفة جدًا بس برضه أنت أتأخرت عليا
-متأسف ماكنتش أقصد ده، دلوقتي لو تسمحي تتفضلي معايا علشان ما نتأخرش
هزت برأسها إيجابًا، ثم خطت بضع خطوات ولكنه قطع طريقها عندما جذب منها حقائبها قائلًا: مايصحش حضرتك تشيليها وأنا معاكِ
ابتسمت له شاكرة إياه، أما عنه فقد بادلها ابتسامتها مُشيرًا لها بأن تكمل طريقها.
كانت تتابع الطرقات بسعادة فمنذ طفولتها وهي تعشق الخضار وهدوء الريف على المدينة وما زاد جمال المنظر هو ذلك الجو الغائم والمطر الخفيف ورائحة الأرض، شعرت وكأنها بالجنة، قاطع سعادتها صوته عندما سألها: حضرتك بتشتغلي مدرسة من أد ايه؟
نظرت له تجيبه: بقالي 12 سنة تقريبًا
غندهش مما قالته فهيئتها لا تدل على أنها تخرجت منذ زمن بعيد، بل أنه شعر من الوهلة الأولى بأنها ما تزال تدرس بمرحلتها الأخيرة: أنا افتكرتك خريجة من سنة ولا حاجة وقولت سهر بتسرح بينا لما شوفتك
ابتسمت على حديثه قائلة: لا مش بتسرح بيكوا ولا حاجة
ابتسم ثم نظر إلى الطريق مرة أخرى بعدها تنحنح قليلًا قبل أن يسألها السؤال الذي داهمه عندما استشف بأنها تعمل منذ فترة كبيرة: هو أنتِ اد سهر بقى كده؟
رمقته بنظرها قائلًا: لا
ابتسم عندما سمع إجابتها لكنها لم تدم طويلًا عندما أكملت حديثها: أنا أكبر منها بسنتين
يعني أنتِ عندك..
قاطعته: 35 سنة
لم يجب بل اكتفى برمقة سريعة ثم عاد ينظر إلى الطريق مرة أخرى، بعد ما يقارب الساعتان وصلوا إلى وجهتهما، نظرت إلى البيت الضخم أمامها لتدرك مدى ثراء تلك العائلة، لكنها لم تهتم كثيرًا بضخامة المنزل إلا أنها كانت خائفة من معاملة الأطفال لها، ماذا لو لم تستطع الإتفاق معهم، ماذا لو كان بهما الغرور مترسخ، ماذا ستفعل معهم وخصوصًا بأنها تريد الحفاظ على وظيفتها قدر إستطاعتها، هدأت من وتيرة توترها آخذة نفسًا عميقًا، هامسة بداخلة: أنتِ قدها يا مُهرة، ماتخليش العصبية تتحكم فيكِ
ابتسمت تُحفز نفسها على ما هي مقدمة عليه، لكنها أفاقت على صوته: هتفضلي واقفة كتير عندك ولا ايه؟
رمشت بأهدابها بضعة مرات ثم ابتسمت قائلة: لا
تعرفت على الجميع فور دخولها المنزل كان المنزل يعج بالكثير من العائلة، فهناك الجد كبير العائلة وذلك يكن له الجميع الإحترام ولا يرفض له طلب مهما كان، وهناك الجدة القلب الحنون على الجميع لكنها حازمة وقت الضرورة، ثم هناك الأبناء الأربع، حسين، مصطفى، ربيع، والأخيرة سلسبيلة
وتلك الأخيرة هي التي حضرت لأولادها مُهرة لتدرسهم، فبعد وفاة زوجها قرر الأب أخذها إلى بيته وتربية الأبناء خصوصًا وأن حما ابنته قد وافته المنية بعد ابنه الوحيد، أما عن الزوجة فهي طريحة الفراش لذا قرر الجد أن يبعثها إلى مستشفى بالقاهرة للإهتمام بصحتها
في اليوم التالي…
استيقظت بنشاط بعدما استقرت بغرفتها بالطابق العلوي، أبدلت ثيابها آخذة نفسًا عميقًا تحضر نفسها ليومها الأول لعملها، نزلت الدرج بإبتسامة بشوشة لكنها توقفت فور أن شاهدتهم وهم يتناولون طعام الإفطار وللحظة كانت تعطيهم ظهرها ذاهبة بعيدة عنهم إلا أن صوت الجدة أوقفها: على فين يا بتي؟
إلتفتت إليها تجيبها بهدوء: هخرج شوية أتمشى في الجنينة لحد ما تخلصوا
أجابتها بإندهاش: وه، ليه كده يا بتي أنتِ بخيلة ولا ايه؟
مُهرة: لا خالص يا طنط حضرتك ليه بتقولي كده بس؟
أجابتها الجدة: يبقى تقعدي تاكلي معانا، ونبقى نتكلم في طنط دي بعدين
ابتسمت بهدوء ثم جلست بإحراج بجانب نور الذي كان يتابع الحديث بفضول مبتسمًا بسخرية واضحة أما عن الجد فكان هو الآخر يتابع ما يدور دون إبداء أي مشاعر أما عن الجميع فكانوا يبتسمون لها هم الآخرون، أكلت على وجل ثم قامت من مكانها تشير إلى الأطفال لبداية درسهم ولكنها توقفت عندما نادها صوت الجد قائلًا: تعالي يا بتي معايا عايز أتكلم معاكِ شوية
انتبهت على حديث الجد: أنا ماعرفتش أتحدت معاكِ امبارح علشان خابر طول الطريق
أمأت رأسها بإيجاب تنتظر ما يريده: مش هطول عليكِ، أنا أصريت ولاد بتي يتعلموا في البيت هنا أفضل من مروحهم للمدارس علشان يبقوا تحت عيني وده بسبب مش لازم تعرفيه دلوقتي، بس كل اللي هقوله ليكِ أني عايزك تحطيهم في عنيكِ وبالأخص تيم الكبير
تعجبت من مطلبه لذا سارع في حديثه: أنا يهمني التنين التانيين أكيد، بس تيم بالخصوصي ليه وضع وحديه مش هقدر أقوله برضه فياريت..
وقبل أن يكمل حديثه أجابته بهدوء: مايكونش عند حضرتك فكرة التلت أولاد في عيني وهيبقوا زي أخواتي الصغيرين ومش هسأل عن حاجة ماتخصنيش
أمأ برأسه قائلًا: يبقى أتفقنا، تقدري تبدأي شغلك، وأنا بأكدلك ماحدش هيدخل في شغلك واصل مهما حصل
مُهرة: متشكرة لحضرتك
الجد: ما بلاش حضرتك دي مش لادة عليا
مُهرة: أمال أقول ايه؟
الجد: قوليلي يا جدي تبقى أحلى برضه
مُهرة: حاضر يا جدي
***********************************************************************
يا مريم بقالي ساعة بقولك أقعدي مش معقول كده
أجابتها مريم وهي تشير على أختها التؤام مرام: هي اللي بتقولي بصي السمكة اللي بطير
لم تجد ما تقوله سوى: ده بجد؟
ودون المتوقع الإجابة جائت من خلفها من صوت ذكوري ساخر: آه بجد صدقي، إذا كانت واحدة عندها 35 سنة بتقول على ولاد عمتي في سن أخوتها الصغيرين يبقى لازم تصدقي أن السمكة بطير ولا ايه؟
لم تستطع الرد عليه لبرهة لقد لُجم لسانها فور سماعها لتلك الكلمات وهي التي فرت هاربة عن الجميع بسبب تلك الأحاديث الواهية، لكنها ها هي ذا تسمعها ثانيةً وكأنها هي التي كتبت قدرها بيدها، أخذت نفسًا عميقًا قبل أن ترسم إبتسامة على ثغرها قائلة بهدوء: لما ابقى أتجوز إن شاء الله ابقى أقول عليهم زي ولادي ودلوقتي ممكن تسمحلي علشان أكمل شغلي
اقترب من أذنها هامسًا: وده اللي مش هطوليه
ثم تركها ذاهبًا دون الإستماع لحديثها، أما عنها فظلت تراقبه حتى اختفى عن ناظريها، قالت في نفسها: إنسان دماغه تعبانة، ثم استدارت إلى الأطفال تكمل ما بدأته.
**********************************************************************
في المساء…
جلست تفكر بما قاله لها وكيف سمعها وهي تعلم بأنه لم يكن أحد معهم منذ البداية، وضعت يدها على طرفي جبهتها تهز رأسها بنفي قائلة: فكك من كل الكلام ده يا مُهرة وركزي في اللي أنتِ فيه وبس و..
وقبل أن تكمل حديثها سمعت طرق خفيف على باب غرفتها وفور أن فتحته وجدته يدخل عنوة إلى الداخل وعيناه سوداء من كثرة الغضب وقبل أن تعترض على ما يحدث وجدته يقترب منها بسرعة كبيرة وقبل أن تدرك ما يحدث كان ظهرها لباب غرفتها ومن أمامها هو يمسك ذراعيها بقوة قائلًا دون مقدمات: افهمي كلامي ده كويس أوي واستوعبيه، بكرة وأول ما النهار يطلع تروحي بإحترامك تعتذري عن الشغل هنا وتاخدي بعضك وتمشي وإلا صدقيني هكرهك في اليوم اللي اتولدتي فيه

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى