روايات

رواية ملتقى القلوب الفصل الأول 1 بقلم زكية محمد

رواية ملتقى القلوب الفصل الأول 1 بقلم زكية محمد

رواية ملتقى القلوب الجزء الأول

رواية ملتقى القلوب البارت الأول

رواية ملتقى القلوب الحلقة الأولى

تجلس في غرفتها تلتزم الصمت كعادتها والدموع فقط هي من تتحدث، لقد تحولت إلى شبح لا حياة فيه وذبلت ملامحها وتحولت إلى شخص آخر، كلما وقفت أمام المرآة ونظرت لنفسها لا تصدق أن هذه هي نفسها التي كانت عليها منذ عدة أشهر وبالتحديد منذ أن دلفت إلى عرينه، لقد نسج خيوط الحب وزين لها فخ الاحلام الوردية، وعندما سقطت في غايابات حبه المظلم كشف عن وجهه الحقيقي المخادع، لقد حولها إلى حطام امرأة وتركها تعاني الويلات بمفردها، يا ليتها ما كانت من الأساس هكذا تمنت بداخلها، فهو أوصلها إلى مرحلة لا تستطيع أن تسترد فيها ذاتها .
وضعت يدها على بطنها المنتفخة قليلًا وقد ازدادت دموعها هطولًا على ذلك الجنين الذي سيخرج للنور في غضون شهور ووالده لا يعلم بوجوده من الأساس.
مسحت عبراتها سريعًا حينما سمعت طرق الباب لتقول بصوت حاولت أن يكون طبيعي قدر المستطاع:- أدخل.
ولجت والدتها للداخل وهي تبتسم لها بخفوت، جلست قبالتها ومسكت يدها قائلة:- إزيك يا تقى عاملة إيه دلوقتي ؟
أردفت بخفوت وبسمة هزيلة شقت وجهها الباهت :- كويسة يا ماما .
تنهدت بحزن قائلة :- مش باين يا قلب ماما،فيكي إيه يا تقى ريحي قلبي يا حبيبتي اتكلمي متوجعيش قلبي عليكي، من وقت ما جيتي بعد سفر سفيان وأنتِ حالك غير، اتبدل خالص مش تقى بنتي اللي أعرفها دة أنتِ حتى مش راضية تقوليله إنك حامل لحد دلوقتي وأنت أهو بادئة في الرابع، حتى أهله ميعرفوش بالخبر دة في حاجة يا تقى ؟ قوليلي يا بنتي علشان أساعدك، مالك ؟
وكأنها أعطت لها الضوء الأخضر وإشارة منها لتفرغ الأثقال والهموم التي بمثابة الجبال التي استقرت فوق صدرها فأثقلت ساعدها، انفجرت باكية بعنف وهي تحتضن أمها والتي أصابها الخوف من حالة ابنتها تلك، أخذت تقرأ عليها بعض الآيات القرآنية حتى هدأت وأغلقت عينيها وغفت بين ذراعي أمها.
عدلتها فريدة لتنام براحة على الوسادة، وقامت بتغطيتها وقد تصاعد القلق بشدة بداخلها وعزمت على معرفة ما تخفيه ابنتها ولتضع النقاط على الحروف، قبلت جبينها بحنو ثم غلقت النور وغادرت الغرفة وهي تدعو الله لها بالصلاح وراحة البال.
************************
يجلس طه بغرفته وهو شارد كعادته، يتذكر ذلك اليوم الذي انقسم فيه فؤاده إلى نصفين . في ذلك اليوم الذي حُكم عليه بالاعدام عندما سمعها تتحدث مع شقيقته صدفة، وهي تفصح لها عن مدى حبها لابن خاله وليد، والذي هو الآخر يبادلها نفس الشعور. وكم كانت سعيدة حينما أتى لخطبتها أما هو يشبه الحطب حينما تحرقه النيران، لقد تحطمت هذه الأحلام التي بناها في مخيلته وهي ترافقه في كل خطوة، طعنة عميقة تلقاها منها وما عاد يعرف له طريق للشفاء من هذه الندوب، شعر بالاخت*ناق الشديد وكأنه يقوم أحد بخن*قه، خرج من غرفته وتوجه للأعلى مباشرة حيث غرفة الرسم، جلس أمام أحد اللوحات يكمل رسمها بشرود .
في نفس الوقت جاء عدى ودلف ليجده على هذه الحالة، ضم شفتيه بحزن على صديقه وابن خاله، فهو يشعر بكم الألم الذي يعتريه ويعلم تمام العلم أنه لن يكون بمثابة الألم الذي يسكن في صدره، رسم ابتسامة بسيطة وقال بمرح كي ينتشله من بئر الألم الذي يغرق فيه :- ها يا بيكاسو بترسم إيه المرة دي ؟
ولكن لا حياة لمن تنادي وكأنه انفصل عن العالم ونسج له واحدًا خصيصًا يسبح فيه بأفكاره وحده، هزه من ذراعه لينتبه له الآخر فيردد:- إيه يا عم أنت مش سامعني !
هتف طه بجمود :- قولت ايه ؟
أردف عدي بهدوء وتعقل :- بقولك امتى هتفوق من الوهم دة وتفوق لحياتك ؟
رد عليه بصلابة :- دي حاجة متخصكش.
هتف بانفعال :- لا تخصني لما ألاقيك بتضيع نفسك كدة يبقى يخصني يا طه، الدنيا مش هتقف عليها كفياك ضعف بقى .
صرخ بوجهه :- أخرس .
رد عليه بنفي :- لا مش هخرس أنت ضعيف مش قادر تواجه الحقيقة و …
لم يكمل حديثه بسبب اللكمة القوية التي سددها له طه وهو يقول بعنف :- قولتلك أخرس أنت ما بتسمعش .
مسح خيط الدماء الذي سال من فمه ونظر له مرددًا بعزم :- فوق بقى هتقعد تولول زي الستات، بكرة تلاقي الاحسن منها متوقفش عليها .
صاح بجنون :- مش عاوز مش عاوز .
قال ذلك ثم أخذ يرمي كل ما تطوله يداه والآخر يتابع ثورته هذه فهو كالطائر الذي أصابه الإعياء، جلس أخيرًا بعد أن نفث عن موجة غضبه العارم، وفعل عدي المثل إذ جلس بجانبه وهو يقول :- أنا مش زعلان منك ومقدر اللي أنت فيه، كله مجرد وقت صدقني بس الأهم أنت لازم تحارب علشان ما تخسرش إياك تبقى غبي وتفكر في حد أنت مش في باله، في ناس تستحق حبك دة وأنك تديلهم فرصة أقلع النضارة اللي عمياك دي وبص حواليك كويس هتعرف مين اللي بيحبك بجد يا طه . بقلم زكية محمد
نظر أمامه بدون أن ينطق بحرف والآخر يهز رأسه ييأس على الحالة التي وصل إليها رفيق دربه، والذي ذاق مرارة ووجع الحب .
*****************************
تمشي حسناء بخفوت كي لا يشعر بوجودها، ويجلس عاصم يكتب بحثًا مهمًا في القسم الخاص به في الجامعة، لم ينتبه لوجودها فهو يصب جام تركيزه على ما يفعله، اقتربت منه للغاية ووضعت البالونة المنتفخة ووقفت خلفه مباشرة دون أن تصدر أي صوت، وفجأة قامت بضربها لينتج عنها فرقعة بجانب أذنه جعلته يهب واقفًا وهو يقول :- في إيه أنبوبة البوتجاز فرقعت.
أخذت تضحك على منظره بشدة بينما نظر لها بغيظ ليقول بحدة :- إيه اللي هببتبه دة ؟ مش هتعقلي أبدًا !
رددت من بين ضحكاتها العالية :- منظرك يفطس ضحك .
ضيق عينيه بمكر ليقول :- والله، عجبتك أوي.
هزت رأسها بنعم ولم تلاحظ تقدمه منها حتى قبض على خصرها على حين غرة مما جعلها تصرخ بفزع لتقول برجاء خائف:- عصومي أنت هتعمل ايه ؟
ابتسم حتى ظهرت ضروسه الحادة لتقول بخوف :- بطل ضحك يا شرير سنانك زي الديب اللي بياكل ليلى .
توقف للحظة وهو يقول بغرابة :- ليلى مين ؟
أردفت بشهقة صادمة :- بجد ؟ أنت متعرفش ليلى اللي أكلها الديب !
هز رأسه بلا وهو يظن أن الأمر جدي ليقول بفضول :- مين ليلى دي بقى الله يرحمها ؟
أجابته ببساطة :- دي ليلى اللي في الكرتون هو أنت مشفتهوش ؟ هبقى أقولك عليه لما يجي تاني .
حدجها بنظرات نارية لو كانت رص*اصًا لانهت عليها في الحال، ازدردت ريقها بتوتر لتقول بخفوت :- عاصم حبيبي مالك ؟
أردف بوعيد مخيف لها :- عارفة يا حسناء أنا ممكن أعمل فيكي ايه ؟
حاوطت رقبته بدلال لتقول بمكر أنثوي اكتسبته مؤخرًا:- وأهون عليك يا عصومي يا بيبي ؟
ابتلع ريقه بصعوبة وكادت أن تنهار حصونه أمامها إلا أنه استعاد ثباته وهو يقول بخبث :- لا مش هتعرفي تأثري عليا انسي .
أردفت بترقب :- أنت… أنت هتعمل ايه ؟
ردد بمكر :- أنتِ عارفة كويس أنا هعمل ايه ؟
قوست شفتيها بتذمر قائلة:- عاصم علشان خاطري سماح المرة دي، مش هعمل كدة تاني.
هز رأسه بنفي وهو يقول بصرامة :- لا يعني لا وهتتعاقبي يعني هتتعاقبي ودلوقتي يلا .
قطبت جبينها بحزن وتوجهت للداخل لتغيب بضع دقائق خرجت بعدها وهي تحمل عصا ثم أعطتها له ليقول بنصر :- يلا يا حبيبتي علشان تتعاقبي مادام بتتصرفي زي العيال يبقى تتعاقبي زيهم .
جلست قبالته ومدت يدها قائلة باستسلام وحذر :- براحة يا عاصم .
أخذ يضربها كما يضرب المدرس تلاميذه، وبعد أن أن انتهى هتف بغيظ :- ها يا حبيبتي اتعلمتي من غلطك ولا لسة ؟
قفزت كالقرد عليه وأخذت تسدد له اللكمات في كل ناحية وهو يحاول أن يتفاداها قائلًا:- يا بنت المجنونة ابعدي .
وأخيرًا نجح في تقييدها وهو يقول بحدة :- بس اثبتي.
أخذت تبكي بصوت عالي ليقول بغيظ فهو لم يقسو عليها في الضرب :- بس اسكتي هتفضحينا.
رددت بنحيب :- أنا مخصماك وهروح عند بابا ومش هقعد معاك تاني، أوعى سيبني .
تمسك بها جيدًا وهو يقول :- بت بطلي جنان وهبل، أنتِ مش هتخطي رجلك دي عند أي حد مكانك هنا جنبي وبس .
أردفت بدموع :- بس أنت بتضربني وبتعذب*ني.
أردف بتهكم:- وبسحلك وبعلقك في السقف، صح ؟ قاعدة في سجن ولا إيه يا حجة هنا، ما تظبطي في الكلام .
لم ترد عليه وإنما عبست بملامحها بضيق وهي تقول :- قطيعة تقطع الجواز وسنينه، ما كنت مرتاحة يا ربي بلعب وانام وأكل.
نظر لها بصدمة ليقول :- ليه إن شاء الله مجوعك ولا مجوعك، وبعدين لعب إيه دة إن شاء الله مش اتكلمنا في الموضوع دة قبل كدة، لما تخلفي ابقي العبي مع عيالك .
وعلى ذكر السيرة لاحت سحابة حزن فوق عينيها وأمطرت دموعًا غزيرة، لينتبه لما قاله ليضمها بحنو وهو يقول بندم :- معلش يا حبيبتي مكنش قصدي، إن شاء الله ربنا هيرزقك كلها مسألة وقت .
ضمته هي الأخرى وهي تقول ببكاء :- نفسي في بيبي يا عاصم زي آية مرات معتصم، دي حتى تقى حامل و …
صمتت وهي تلعن غبائها ولسانها الذي أفصح عن سر لم ترد الأخرى بأن يظهر للعلن، انتبه لها ليقول :- بتقولي تقى حامل ! بس سفيان ولا حد من العيلة يعرف بحاجة زي دي .
ابتعدت عنه لتقول بهروب :- ما هو أصل أصل…
ضيق عينيه ليقول بشك :- ما هو أصل إيه ؟ مخبيه إيه يا حسناء ؟
أردفت بخفوت :- أصل دة سر وهي قالتلي ما أقولش لحد .بقلم زكية محمد
قطب جبينه بضيق ليقول بمكر في محاولة أن يعرف ما تخفيه تلك البلهاء :- هو أنا حد بردو !
أردفت بسرعة :- لا مش كدة بس هي هتزعل مني وهتقول عليا فتانة وأنا مش كدة .
ضم رأسها إلى صدره وهو يقول بتعقل :- حبيبتي دة مش هيبقى غلط علشان شكل كدة في مشكلة وواجبنا نحلها مش نداري عليها، ها قوليلي بقى ليه ماقلتش لسفيان ولا حتى أي حد مننا ؟
فكرت في صدق حديثه لتقول بغيظ من شقيقه :- بص بقى يا عاصم أخوك دة حمار وتور وجاموسة وبقرة و ….
وضع يده على ثغرها وهو يقول :- بس بس ماله بقى الحيوان من الآخر كدة ؟
قصت عليه كل شيء وتلك المشكلة التي بينهم، وانها علمت بخبر حملها مؤخرًا ولكن أخفته بسبب الظروف التي هي فيها، لتنهي قولها بحزن على تلك الفتاة :- حيوان ولا مش حيوان يا عاصم ؟
هز رأسه ليقول بغضب مكبوت من شقيقه :- لا حيوان ولازم يتربى بس يرجع من سفره الأستاذ.
هتفت بتحذير :- عاصم متعملش مشكلة .
أردف بإصرار:- حبيبتي دة موضوع مش سهل وأنا مش هقعد أقف وأتفرج على بيت أخويا وهو بيتخرب واجبي هنا أفهمه غلطه وأخليه يرجع لعقله يا إما أرجعهوله بمعرفتي، متشليش هم للموضوع دة .
هزت رأسها بموافقة على حديثه، بينما مال هو على أذنها ليقول بخبث :- نفسك في بيبي أنتِ صح ؟
هزت رأسها بحماس وبراءة غافلة تمامًا عن نظراته الثعلبية التي يرمقها بها، ليحملها على حين غرة وهو يقول :- بس كدة، غالي والطلب رخيص هو أنا عندي أغلى من حسن حبيبي.
وقبل أن تعترض اخرسها بطريقته الخاصة وغاصا سويا في بحور عشقهم اللامتناهي.
******************
في صباح يوم جديد استيقظت تقى بوهن شديد، وضعت يدها على بطنها تلقائيًا وكأنها تلقي عليه تحية الصباح، لتقول بأسى وكأنه راشد تشكو له ما يفعله أبيه بها :- إزيك يا حبيبي عامل إيه يا حبيب مامي ؟ شوفت بابي الوحش بيعمل في مامي إيه، خايفة يجي يوم ما ألاقيش حب ليه ورصيده يخلص من عندي .
فتحت الهاتف لتتصفح الصفحة الخاصة به، لتجد إشارة له من قبل تلك الشمطاء اللعينة التي هي سبب أساسي لما تشعر به، وجدت صورة تجمعهما سويا لتلقي الهاتف بغضب وتبع ذلك جسدها الذي ألقته على الفراش وهي تخفي وجهها بالوسادة كي لا يصل صوت بكائها لمن بالخارج .
رجعت بذاكرتها لذلك اليوم الذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، وقطرة المياه الزائدة التي أعلنت عن أن الإناء امتلأ لآخره وما عاد من مساحة متوافرة لتحمل المزيد من الأوجاع، إذ عادت من الطبيبة التي فحصتها لتكتشف أنها تحمل جنينا في بطنها وليس عند هذا الحد فقط بل هي حامل في ثلاثة أشهر، أصابتها الدهشة لذلك فهي لم تشعر بأي من أعراض الحمل طوال هذه الفترة، غمرتها الغبطة وكادت أن تطير كالفراشة من السعادة، توجهت للمشفى الخاص التي يعمل فيها سفيان لتخبره بهذا الخبر السار، وصلت في غضون دقائق ودلفت للداخل متوجهة لمكتبه الخاص لتفتح الباب على حين غرة لتصدم حينما رأت هذه الطبيبة قبالته وقريبة منه، قطبت جبينها باستياء لترد عليهم التحية باقتضاب، ردوها عليها لتسرع الطبيبة والتي تحمل اسم سالي قائلة بابتسامة متكلفة :- أهلًا يا مدام تقى المكتب نور .
رفعت حاجبها بتهكم ولم ترد عليها وإنما توجهت لسفيان تحتضنه من خصره، والغيرة قد اشتعلت بداخلها فهي تحبه وتغار عليه ولا تطيق أن تقترب أي أنثى منه، احتضنها هو بحب ليقول بدون قصد :- إيه الزيارة الغريبة دي ؟
ابتعدت عنه فجأة لتقول بضيق :- غريبة ليه بقى ؟
أردف بهدوء وهو يحاول أن يمتص غضبها الغير مبرر :- عادي يا تقى مجرد سؤال .
حدقت سالي فيها بغل ومكر فخطواتها منه باتت معدودة وتنتظر أقرب فرصة، فتقى تفتقد الثقة بنفسها وهذا ما تلعب عليه لتقول برقة مبالغ فيها :- أكيد زعلانة علشان الدكتور سفيان هيسافر بكرة معايا أقصد معانا كلنا يعني .
رفعت حاجبها باستهجان وهي تنظر له لتردد الأخرى وهي ترسم البراءة بإتقان عندما شهقت بصدمة مصطنعة:- سوري لو لخبطت الدنيا، كنت فاكرة إنك قولتلها بعد إذنكم .
رمت كلماتها ومن ثم غادرت وهي تبتسم كالأفعى التي حققت أول انتصار، بينما هتف هو باختصار :- يلا هنروح دلوقتي.
صمتت وغادرت معه حتى وصلا لمنزلهم وأبدلا ثيابهما، وها هما يجلسان على طاولة الطعام يتناولون وجبة العشاء، لم تستطع أن تتحلى بالصمت إذ هتفت بغضب :- تقدر تقولي ليه مقولتش إنك مسافر، يعني أعرف من الصفرا دي وجوزي لا .
زفر بضيق وهو يقول :- وطي صوتك يا تقى .
بانفعال تملكها جعلها تضرب بيديها على الطاولة وهي تقول :- لا مش هوطي صوتي، لما تعمل اعتبار لغيري وأنا زي الهبلة معرفش حاجة يبقى تسميه إيه دة يا دكتور ؟
نهض من مكانه وقد سطر الكمد حروفه بعينيه، جذبها من ذراعها بعنف وهو يضغط على يدها بقوة ومن ثم هتف بصوت جهوري جعلها تنكمش في نفسها :- صوتك ما يعلاش يا هانم ولما أقول كلمة تتسمع، عاملة مشكلة من مفيش ليه ؟ بقيتي خنيقة أوي الأيام دي . بقلم زكية محمد
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول بألم:- سيب أيدي يا سفيان .
أردف بحدة وهو مازال على حالته وهو مستمر في أن يلقي سهامه الجارحة صوب صدرها الذي سالت منه دماء فعلته :- في إيه لكل دة ؟ دكتورة وطبيعي هتروح معانا البعثة فين المشكلة في كدة ؟
أردفت بوجع وغيرة :- متروحش معاها خليك هنا .
ضحك بتهكم ليقول :- مروحش ! أنتِ بتهزري فرصة زي دي مستنيها بقالي كتير ولما تيجي تقوليلي ما أروحش ! دة مستقبلي يا ريت تفهمي دة وشيلي التفاهة دي من دماغك ويلا زي الشاطرة كدة أفردي وشك دة وروحي حضريلي الشنطة .
وعندما لم يجد منها رد ردد بصرامة :- يلا هتقعدي واقفة كتير .
ركضت من أمامه للداخل وهي تشعر بأن قلبها تهشم تحت قدميها، وضعت يدها على بطنها وسقطت دموعها الغزيرة، لم يعبأ برجائها وقد ضرب بطلبها عرض الحائط وها هو سيترك لغريمتها الفرصة للفوز عليها، فتحت الخزانة وبدأت في ترتيب ملابسه في الحقيبة وبعد أن انتهت من ذلك توجهت لترتيب الطاولة وتنظيف بقايا الطعام، تشكلت المرارة في حلقها فقد تبخر ما رسمته في ذهنها نحو كيفية إخباره بأنها تحمل طفلهما بداخلها، لقد تم سرق فرحتها وانتهت بهذا الفصل المأساوي .
وفي الصباح كان يستعد للرحيل وكانت ستودعه ولكنها وقفت متصنمة عندما سمعته يتحدث مع هذه الشمطاء في الهاتف، لا وليس عند هذا الحد فقط بل تسمع ضحكاته تملأ المكان، دلفت الغرفة وعلامات الغضب على وجهها، لتتغير ملامح وجهه للتجهم فيغلق المكالمة، وهتفت هي بكمد مكبوت :- كنت بتكلم مين ؟
حمحم بخشونة قبل أن يجيب بكذب :- دة دة عاصم بستعجله علشان يوصلني للمطار .
حدقت فيه بقوة وهي تراه يكذب عليها وجهًا لوجه، بينما ارتبك هو بداخله واضطر أن يعطيها ظهره وهو يقول :- أنا همشي دلوقتي عاوزة حاجة ؟
أردفت بثبات تحسد عليه :- لا مش عاوزة .
ولدهشته وجدها مكانها لا تتحرك قيد أنملة، لم تحتضنه وتغمره بحبها المعتاد منها ولا حتى ترجوه بأن يبقى وأن لا يذهب، نظر لها وقام بتقبيلها أعلى جبينها فجعدت وجهها بضيق، واحتضنها لبرهة لينهي هذا اللقاء بقوله :- خلي بالك من نفسك.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملتقى القلوب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى